ملاحظات حول عقود العمل في القانون الجزائري

مقدمة :
إن الانتقال من نظام اقتصادي يعتمد على تدخل الدولة في جميع أوجه النشاط الاقتصادي إلى آخر تنسحب فيه الدولة منه، يتطلب اعتماد واستقبال كل الأنظمة القانونية الضابطة لمختلف النشاطات من بينها النشاط الاجتماعي من خلال تكريس قواعد السوق في تنظيم العلاقات الاجتماعية خاصة علاقات العمل.

وهو الأمر الذي ينطبق على وجه التحديد على الجزائر التي تخلت عن .ج الاشتراكية متوجهة إلى تطبيق قواعد السوق على علاقات العمل، وهذا من خلال تنازل الدولة عن تنظيمها تاركة المهمة وإلا للشركاء الاجتماعيين والأعوان الاقتصاديين. بمعنى آخر، ترك الدولة الجزائرية لمفهوم “التنظيم” لعلاقات العمل واستقبالها لمفهوم “العقد” لعلاقات العمل من خلال إلغاء النصوص الصادرة في ظل النظام الاشتراكي وتعويضها بنصوص جديدة مسايرة لقواعد السوق 1990 ، معدل ومتمم يتعلق بعلاقات العمل.

حيث تضمن عقد العمل من حيث /04/ 11 مؤرخ في 21 – أهمها قانون رقم 90
شكل إبرامه وحقوق العمال وإ.اء علاقة العمل.

لم ينته الأمر عند إصدار نصوص خاصة بعلاقات العمل كأصل، وإ.نما امتد الأمر إلى تكريس عقود جديدة في عالم الشغل كمرحلة أولية أو تمهيدية لإدخال الشباب في نظام العمل النهائي أطلق عليها عقود ما قبل التشغيل الهدف منها الإنقاص من مشكل البطالة.

انطلاقا من هذه المعطيات، وفي إطار هذه المداخلة سيتم طرح إشكالية أساسية حول مدى استجابة عقود العمل المكرسة في القانون الجزائري لآليات اقتصاد السوق؟ وكذا النقائص التي تكتنف تنظيم عقود العمل في القانون الجزائري؟

من أجل ذلك سيتم التطرق إلى عقود العمل وقواعد اقتصاد السوق (المبحث الأول) ثم فعلية عقود العمل في ظل اقتصاد
السوق (المبحث الثاني).

المبحث الأول: عقود العمل وقواعد اقتصاد السوق
يع.رف عقد العمل على أ.نه اتفاق يلتزم بموجبه شخص بأداء خدمة لشخصآخر مقابل الحصول على أجر( 1).

و يخضع من حيث التنظيم11 المعدل والمتمم( 2) والنصوص – إلى نصوص قانونية خاصة تتمثل على وجه التحديد، وفي القانون الجزائري، في كل من القانون رقم 90
التطبيقية له( 3)، وهو مفهوم جديد في المنظومة القانونية الجزائرية كرس نتيجة تغير النظرة إلى تنظيم الاقتصاد ككل من الاقتصاد المخطط إلى
الاقتصاد الحر. وقد ّ تم إدخال مفهوم “عقد العمل” إلى الجزائر لمتطلبات اقتصاد السوق يجد ذكرها والمتمثلة أساسا في: تكريس الحرية الفردية في
ممارسة النشاط الاقتصادي (المطلب الأول).

– تطبيق مبدأ سلطان الإرادة عند اللجوء إلى التعاقد (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تكريس الحرية الفردية في ممارسة النشاط الاقتصادي
من أهم القواعد والأحكام التي يقوم عليها اقتصاد السوق هو تشجيع وترك المبادرة للخواص في تنشيط الحياة الاقتصادية من حيث
السماح لهم بأن يمارسوا أي نشاط يرغبون فيه بشرط أن يكون في إطار مشروع، سواء كان نشاطا صناعيا أو تجاريا.

هذا المفهوم فأي 61 شخص يمكن له أن ينشأ مشروعا أو مؤسسة اقتصادية من خلال توفير الأموال والآلات والتجهيزات، ويمتد الأمر إلى اختيار الأشخاص الذين يرغب في تشيلهم في تلك المؤسسة دون أي قيد أو شرط. أي أن صاحب المؤسسة الاقتصادية هو الذي يمتلك السلطة الكاملة
Les ” ” والمطلقة في تحديد العمال الذين يشتغلون فيها من حيث خاصة العدد بواسطة إبرام عقود معهم تسمى ب”عقود العمل
ويطلق على هذه السلطة بمبدأ الفصل بين الشق الاجتماعي وبين الشق الاقتصادي في تنظيم علاقة .”contrats de travail
العمل من حيث منح الصلاحية لصاحب المؤسسة في ترشيد نفقات هذه الأخيرة وتحقيق المردودية الإنتاجية والاقتصادية لها( 4)، بعدم
الاهتمام أكثر بتشغيل أكبر قدر ممكن من العمال.

أي أن صاحب العمل يجب أن يهدف من وراء إنشاءه للمؤسسة إلى خلق الثروة
وليس إلى مجرد تشغيل عمال ودفع لهم أجور على عكس ما تقوم به الدولة في إطار المرافق العمومية.

لكن هل ّ تم تكريس هذه الحرية
في القانون الجزائري؟
استنتاجا على نصوص قانون العمل الصادر سنة 1990 لا نجد أي نص يقر صراحة بأ ّ ن صاحب العمل هو الذي يختار العمال
الذين يعملون لديه وفق معايير معينة، فالمادة الأولى منه اكتفت بذكر أ ّ ن هذا القانون الهدف من إصداره هو ضبط العلاقة الفردية
والجماعية بين العمال الأجراء والمستخدمين.

لكن هذا لا يجب أن يفهم على أنه لم يتم الاعتراف بتلك الحرية، حيث يمكن
استخلاصها وبصفة ضمنية من نصوص متفرقة داخل القانون نذكر منها:

أ – النص المتعلق بتعريف الأجير: فهذا المضمون يؤكد على أ ّ ن العامل الأجير هو الذي يعمل لصالح شخص إ.ما طبيعي أو
معنوي يدعى “المستخدم”( 5). هذا المعنى يفهم من أ ّ ن هناك تبعية وخضوع والذي لا يتجسد إلا إذا كان المستخدم هو الذي اختاره
مسبقا.

ب – النص المتعلق بواجبات العامل الأجير: حيث يقر أ.نه من واجبات العامل المساهمة في مجهودات المؤسسة لتحسين الإنتاج
والتنظيم، وكذا تنفيذ التعليمات التي .تصدرها( 6). فهذه الواجبات تؤكد أي . ضا أ ّ ن صاحب العمل هو الذي يختار العامل الذي سيعمل
على تحقيق الإنتاج وفق معايير يختارها أو يراها مناسبة، فهو سوف لن يختار العامل غير الكفء وغير المؤهل للعمل.

ج – النص المتعلق بكيفية إنشاء علاقة العمل: فهذه العلاقة تنشأ بموجب عقد العمل والتي مقتضاه أ ّ ن العامل إذا أراد أن
يعمل يجب أن يعمل لحساب مستخدم ما( 7)، إذن هذا الأخير هو الذي يختاره بكل حرية.

د – النص المتعلق بالعقد المحدد المدة: فهذا النوع من العقود هي تلك التي يبرمها صاحب العمل لمدة محددة، وهي استثناء
للقاعدة العامة، حيث أ.نه من الناحية القانونية، فعقود العمل تبرم لمهلة غير محدودة( 8). فوجود هذا النوع من العقود المحددة المدة تعبير
واضح عن سلطة صاحب العمل في اختيار العمال الذين يود تشغيلهم في مؤسسة.

ه – النص المتعلق بتقليص عدد العمال: فالقانون يعترف صراحة لصاحب العمل بإمكانية اللجوء إلى الإنقاص من عدد
العمال الذين يعلمون داخل المؤسسة خاصة إذا كان السبب اقتصادي( 9). فهذا تأكيد صريح على حرية المستخدم في التفكير في
مردودية مؤسسته على حساب فئة العمال إذن الفصل الواضح بين الجانب الاقتصادي والاجتماعي لتنظيم علاقة العمل.

و – النص المتعلق بالتوقيت الجزئي: فصاحب العمل يمكن له تشغيل عمال في مؤسسته لمدة غير محدودة لكن بأوقات عمل
تقل عن المدة المحددة بصفة معتادة للعمل.

ويمكن اللجوء إلى هذا الأسلوب في العمل من قبل صاحب العمل إذا كان السبب له علاقة
بنقص حجم العمل( 10 ).

فهذه النصوص تؤكد مرة أخرى الحرية التي يتمتع .ا صاحب المؤسسة في اختيار العمال الذين يرغب
بتشغيلهم.

لكن هذه الحرية التي يتمتع .ا صاحب العمل في اختيار العمال مقيدة في إطار السياسة الجديدة المنتهجة من قبل الدولة والمتمثلة
في عقود ما قبل التشغيل.

ويتجلى ذلك من خلال تدخل الدولة في سوق العمل لمعالجة إشكالية البطالة بتوفير فرص العمل لطالبيها،
62
والتيسير على أصحاب العمل الحصول على احتياجا.م من العمال، وهذا من حيث إنشاء أجهزة متخصصة برسم وتنفيذ السياسة
التشغيلية بوضع نصوص قانونية منظمة لتلك الأجهزة والتزامات مفروضة على كل أصحاب العمل والعمال( 11 ).

فهذه الآلية تع.بر عن الوساطة في إنشاء علاقة العمل الفردية من خلال مكاتب التشغيل التي تقدم خدمات با.ان إلى كل من أصحاب العمل والعمال.
19 الخاص بتنصيب العمال – وقد تم التأكيد على هذا الأمر في القانون الجزائري بصريح عبارات نصوص القانون رقم 04
تضمن الدولة صلاحيات التنظيم في ميدان التشغيل، لاسيما في مجال: » : ومراقبة التشغيل( 12 ). فالمادة الثالثة منه تنص على

– المحافظة على التشغيل وترقيته،
– الدراسات الاستشرافية المتعلقة بالتشغيل،
.« … – المقاييس القانونية والتقنية لتأطير التشغيل ومراقبته
يقصد بالتنصيب النشاط الذي يهدف إلى إقامة علاقة بين طالبي العمل والمستخدمين لتمكينهم » : وتضيف المادة الخامسة
.« من إبرام عقود عمل وفق التشريع والتنظيم المعمول .

ماورد في تجسيد هذه النصوص تم إنشاء الوكالة الوطنية للتشغيل التي أسندت لها مهمة الوساطة بين طالبي العمل والمؤسسات
الوطنية( 13 ). باعتبارها مؤسسة عمومية ذات تسيير خاص تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي تحت وصاية الوزير المكلف
.( بالعمل( 14

وتعتبر إنشاء هذه الوكالة قيد على حرية صاحب العمل في اختيار العمال في كون أنه ملزم بالتعاقد مع العمال الذين تأهلهم
19 على إلزامية قيام المستخدم بإبلاغ الوكالة بالمناصب – وترشحهم الوكالة. فعلى سبيل المثال تنص المادة 18 من القانون رقم 04
الشاغرة لدى المؤسسة والتي يريد شغلها. أي . ضا المادة 19 التي تلزم أي . ضا المستخدمين بإرسال المعلومات المتعلقة بالاحتياجات من اليد
العاملة و بالتوظيفات التي قاموا .ا إلى الوكالة. فهذه النصوص قواعد آمرة من النظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، إذن هي قيد
على حرية المستخدم في اختيار العمال، ومن ثمة إعادة الاعتبار لتدخل الدولة في سوق العمل وعدم ترك المبادرة لصاحب العمل
لوحده، والحد من مرونة تشريعات العمل المنظمة لعلاقات العمل.

في ضوء هذه المعطيات، نصل إلى نتيجة أساسية وهي أ ّ ن صاحب العمل هو الطرف القوي في سوق العمل على أساس اختياره المسبق للعمال الذين يرغب في تشغيلهم في المؤسسة، وبالمقابل يعتبر العامل هو الطرف الضعيف في سوق العمل على أساس خضوعه
لإرادة صاحب العمل في تشغيله من عدمه. وهذا من شأنه أن يخلق عدم التوازن بين أطراف سوق العمل بالنظر إلى عدم التكافؤ، وهو
الأمر الذي استدعى إيجاد قواعد أخرى في السوق تعيد إلى حد ما هذا التوازن وهو ما سيتم إبرازه في المطلب الموالي.

المطلب الثاني: مبدأ سلطان الإرادة عند التعاقد
يع.بر مبدأ سلطان الإرادة على حرية الأفراد في إبرام مختلف التصرفات القانونية دون أي ضبط أو قيد في ا.ال الاقتصادي يعتبر
من المبادئ الأساسية لقواعد السوق التي قوامها ترك الحرية للأفراد في الدخول للسوق.

ويتجسد الأمر في علاقات العمل من خلال
الحرية التامة التي يتمتع .ا كل من العامل وصاحب العمل في إتمام صفقة التشغيل كل في مركزه، وذلك باتفاقهما المسبق والرضائي.

ويتم إبرام العقد وفقا القواعد العامة في إبرام العقود والمنصوص عليها في التقنين المدني باعتباره الشريعة العامة، وهذا في غياب
نصوص في قانون العمل.

وعليه، فعقد العمل يبرم عند تلاقي إرادتي كل من صاحب العمل والعامل تترتب عليه مجموعة من
الالتزامات.

ولا يشترط القانون شكلية معينة لإبرامه كأصل ولا لمدة معينة، وهو ما يضفي على هذا العقد صفة الرضائية والاستمرارية
والاستقرار للعلاقة المنشأة المتمثلة في علاقة العمل.

أي أ ّ ن المشرع الجزائري لم يع.رف عقد العمل ولم يضع أمام أطرافه شروط مسبقة
يجب الخضوع لها وعليه الإحالة الضمنية إلى القواعد العامة في تعريف العقد باعتباره اتفاق بين طرفين على إنشاء التزام قانوني بقيام
63
بعمل مقابل الحصول على ألأجر.
لكن ما يلاحظ على تطبيق مبدأ سلطان الإرادة في عقود العمل في القانون الجزائري أ.نه محاط بمجموعة من القيود يمكن
حصرها في:

1 – شرط الكتابة: كأصل عام فالعقود في مجال العمل لا يشترط فيها المشرع أن تكون كتابية، ولم يضع شكل نموذجي
لإبرامه وفق ما هو سائد في النظام القديم عن طريق لوائح تنظيمية.

إ ّ لا أ ّ ن ذلك لا يكون في جميع الأحوال، فعندما يتعلق الأمر بالعقود
يعتبر العقد مبرما لمدة » : 09 التي ينص على – محددة المدة، فالقانون يشترط أن يكون كتابة بتصريح عبارات المادة 11 من قانون 11
غير محددة إ ّ لا إذا نص على غير ذلك كتابة.

.« وفي حالة انعدام عقد مكتوب، يفترض أن تكون علاقة العمل لمدة غير محدودة
هذا الشرط يقلص من مبدأ سلطان الإرادة خاصة بالنسبة للعمل، لأ ّ ن وجود عقود محددة المدة والمكتوبة لا تضمن له الاستقرار
في عمله وتمنح الصلاحية الكاملة لصاحب العمل في اللجوء إلى إبرام عقد العمل، ومن ثم تغليب مصلحته على مصلحة العامل، هذا
من جهة، ومن جهة أخرى، هذا النوع من العقود يعبر عن عدم المساواة بين الأطراف حيث تجعل دائما صاحب العمل في مركز أقوى
بالمقارنة مع العامل، وهذا رغم كونها كاستثناء الأصل إذن فصاحب العمل له السلطة الكاملة في اللجوء إلى إبرام العقود المحددة المدة
في حالة تحقق إحدى المعطيات المذكورة في المادة 12 ، لك.نه خاضع لرقابة مفتشية العمل وهو ما من شأنه الحد من تعسف صاحب
العمل في مواجهة العامل.

2 – الالتزام بأحكام القانون عند تحديد الأجر: إذا كان قانون العمل لا يحدد لأطراق العقد الشروط الواجب توافرها لإبرام
العقد خاصة بالنسبة للالتزامات، وبالتالي ترك ا.ال للأطراف لتحديدها، فهذا لا يمنع من أ.نه عندما يتعلق الأمر بالأجر ليست لديها
الحرية الكاملة في تحديده لأ ّ ن المسالة تتعلق بالقدرة الشرائية للعامل وبظروف معيشية، ومن ثمة يمكن لصاحب العمل أن يلجأ إلى
أسلوب الاستغلال والتعسف في تحديد الأجر الذي يمنح للعامل. فالأجر يعتبر عنصر من عناصر عقد العمل ومحل له من جهة، كما
يعتبر كلفة أحد عناصر الإنتاج، فبارتفاعه أو انخفاضه تتأّثر فرص صاحب العمل في المنافسة وفي الربح من جهة أخرى.

لذا تحديده لا يجب أن يترك لآليات السوق الاقتصادية وإ.نما يترك للتفاوض الجماعي بين الدولة والعمال وأصحاب العمل والذي يظهر خاصة، وفي
القانون الجزائري، بالنسبة للأجر الأدنى على أن يبقى الحد الأقصى متروك لأصحاب العمل وفق مردودية المؤسسات الاقتصادية.

يحدد الأجر الوطني الأدنى المضمون المطبق في قطاعات النشاط » : 11 على – وفي هذا الإطار تنص المادة 87 من قانون 90
وعمليا يتم بين الحكومة والمركزية ،« … بموجب مرسوم بعد استشارة نقابات العمل والمستخدمين والتنظيمات النقابية الأكثر تمثيلا.

( النقابية للإتحاد العام للعمال الجزائريين وممثلي أرباب العمل المؤسسات الاقتصادية، ويقدر حاليا بمبلغ 15.000 دج( 15

3 – الخضوع لأحكام القانون عند تحديد أوقات العمل: لمنع صاحب العمل من استغلال العمال، تد . خل القانون لتحديد
أوقات العمل في المؤسسات الاقتصادية كقيد آخر على أصحاب العمل في إبرام عقد العمل.

وفي هذا الإطار فقد تم نوعين من أوقات العمل:
– الأوقات الكاملة: ويقصد .ا المدة القانونية المحددة للعمال خلال الأسبوعي والمقدرة بأربعين ساعة في ظروف العمل العادية
والتي تو . زع على خمسة أيام عمل على الأقل.

فهذا التحديد لم . دة العمل من النظام العام لا يمكن لصاحب العمل التعدي عليه خاصة برفعه. لك .

ن هذا لا يمنع من اللجوء إلى الساعات الإضافية لك . ن بشرط أن يكون ذلك لضرورات الخدمة وبصفة استثنائية وأن لا تتعدى
نسبة 20 % من المدة القانونية أي لا تزيد عن ثمانية ساعات.

11 الحجم المتوسطي للمدة القانونية – – الأوقات الجزئية: يقصد بالتوقيت الجزئي، وبمفهوم المادة 13 من القانون رقم 90
العادية للعمال دون أن يصل الأمر إلى أقل من النصف، أي أقل من 20 ساعة في الأسبوع. لك . ن استعمال هذا التوقيت محاط بجملة من
الشروط تتعلق أساسا بنفس حجم العمل أو إذا طلب العامل ذلك لأسباب عائلية ولاعتبارات شخصية.

64
– 4 – التزام صاحب العمل بشروط ومعايير التوظيف: يتعلق الأمر بسن العمل المحدد للعمل والمقدر كحد أدنى بين 16
نلاحظ هنا أ ّ ن القانون لم يعتد بسن الأهلية المقدر ب 19 سنة كاملة والمقرر لإبرام التصرفات القانونية.

فسن 16 سنة يعتبر طبقا للقواعد العامة سن التمييز ويعتبر العامل فيه قاصرا، لذا أضاف القانون حكما آخر يتعلق بالحصول
على رخصة مسبقة من الولي الشرعي، مع عدم تشغيله في الأعمال الخطيرة والمرهقة له.

كما يتعلق الأمر بمبدأ عدم التمييز بين العمال عند الشغيل من حيث الحقوق والواجبات مادام الهدف الأخير هو تحقيق مردودية
المؤسسة من حيث الإنتاج وبقاءها في السوق.

وهذا بأن يبتعد صاحب العمل عن المحاباة والقرابة العائلية والانتماء السياسي عند
تشغيل عامل معين.

أيضا عند التشغيل لعامل معين يجب إخضاعه لمدة تجريبية لا تقل عن ستة أشهر.
5 – إبرام بعض عقود العمل وفقا لشكليات محددة سالفا: يتعلق الأمر بكل العقود التي تبرم من قبل مسيري المؤسسات (أ)

وتلك العقود التي تبرم من قبل المستخدمين الملحين لسفن النقل البحري أو التجاري أو الصيد البحري (ب) يضاف عليها عقود ما قبل
التشغيل (ج).

أ – عقود العمل الخاصة بمسيري المؤسسات: هذا النوع من العقود هي تلك التي تبرم بين مسيري المؤسسة كأجير وبين
جهاز الإدارة التابع للشركة ذات رؤوس الأموال.

فإبرام هذا النوع من العقود لا تطبق بشنه مبدأ سلطان الإرادة من حيث أسلوب
التعاقد، حيث أ ّ ن نصوص العمل حدد سالفا الشروط التي يجب أن يتضمنها العقد، وهذا رغم اعتراف القانون بأ.نه يدخل ضمن خانة
باقي العمال من حيث تمتعه بالحقوق وأداة الالتزامات( 16 ). وتتمثل نلك الشروط في:

– أجر المسير الأجير.
– سلطات المسير الأجير.
– أهداف تعيين المسير الأجير.
– م . دة مراجعة العقد.
– إبرام العقد يكون في شغل تفاوقي مع إدارة المؤسسة( 17 ). وهو ما يفي الخضوع المسبق لهذا المسير الأجير لرغبة وإرادة
صاحب المؤسسة وهو خروجا عن قواعد العقد شريعة المتعاقدين.

ب – عقود المستخدمين الم ّ لاحين لسفن النقل البحري أو التجاري أو الصيد البحري: فهذا النوع من العقود يشترط فيها
القانون إضافة إلى الرضائية شرط الكتابة( 18 ) والذي يعتبر خروجا عن الأصل وهو أن تكون العقود بشكل غير مكتوب يمكن إثبا.ا
بأية وسيلة. كما يعتبر أيضا قيدا على مبدأ حرية الأطراف في إبرام العقد بعيدا عن الشكلية، مع الإشارة أ ّ ن العبارة المستعملة في وصف
هذا العقد هو “عقد التوظيف” وليس “عقد العمل” وهو ر.بما خطأ من قبل المشرع لأ ّ ن مصطلح التوظيف أكثر بالمرافق العمومية وليس
بالمؤسسات الاقتصادية، وبالنسبة لشكل إبرام العقد فيجب أن يتضمن المعطيات التالية:
– اسم مج . هز السفينة وعنوان الشركة وموطنه.

– تعريف المستخدمين، وفترة التجربة وتاريخ التوظيف بالنسبة للعقود المحددة وغير المحددة وتاريخ الانتهاء بالنسبة للعقود
المحددة المدة.
– الأجور والتعويضات، على أن تحدد نتائج هذه العقود بقرار مشترك بين الوزراء المكلفين بالبحرية التجارية والصيد البحري
.( والعمل بالنسبة للمستخدمين الم ّ لاحين الصيادين( 19
ج – عقود ما قبل التشغيل: يطلق عليها أيضا “عقود الإدماج”( 20 ) أو “عقود التشغيل الأولية”( 21 ) وهي عقود، الهدف منها
امتصاص البطالة خاصة بالنسبة لفئة الشباب خ.ريجي الجامعات والمعاهد الوطنية للتكوين المهني والذي تتراوح أعمارهم بين 18 و 35
سنة. فهي عقود لا تخضع للقواعد التي تحكم عقود العمل النهائية، ومن ثمة لا تطبق عليها “مبدأ سلطان الإرادة” سواء بالنسبة

للمستخدم أو المستفيد من العقد، ويمكن إعادة الأسباب إلى:
65
أ – عقود ما قبل التشغيل يمكن تكييفها على أ.نها عقود مؤّقتة وهو ما لا ينطبق على عقود العمل التي تتميز بالاستمرارية، هذا
من جهة، من جهة ثانية هي عقود محددة المدة مقدرة بسنة واحدة قابلة للتجديد وهذا كالأصل العام.

فلا يمكن أن تكون هذه العقود غير محددة المدة، وهو ما ينطبق على عقود العمل، إذن لا يمكن أن تك.يف على أ.نها “عقود
عمل” بالمعنى الصحيح لانتفاء عنصر هام وهو الرضائية والمساواة بين الأطراف خاصة بالنسبة للمستفيد من عقد الإدماج.

ب – هذا النوع من العقود تخضع من حيث الإبرام إلى النص التنظيمي الصادر بشأ.ا كعقد نموذجي محدد سالفا يتضمن جملة
من الالتزامات عن المستخدم وعلى المستفيد منها والتي يجب مخالفتها. وهو ما يقضي تماما على الأحكام الخاصة بعقد العمل النهائي
.( أين تترك الحرية للأطراف لتحديد أغلب الالتزامات( 22

ج – في عقود الإدماج، لا يلتزم المستخدم بدفع الأجر بالنسبة للمستفيد( 23 )، وهو ما ينفي عليها وصف عقد العمل الذي
يقوم به من خلاله دفع الأجر من قبل المستخدم كالتزام على قيام العامل بتنفيذ التزامه بالقيام بعمله. فالأجر يدفع من قبل الخزينة
العمومية بواسطة مدير التشغيل لولاية ما، وكأ.نه بطريقة غير مباشرة هو عقد مبرم بين الدولة وحامل الشهادة، لأ ّ ن لا يمكن اعتباره
عقد العمل لأ ّ ن الهدف الأساسي من عقود الإدماج هو تأهيل و.يئة حامل الشهادة للمستقبل.

والدليل على ذلك، أ.نه يمنع على
24 ) ودون العلم المسبق للهيئات المعنية ويتعلق الأمر بك ّ ل من الوكالة الوطنية )% المستخدم أن يستخدم هؤلاء الشباب بنسبة تفوق 25
للتشغيل وجهاز المساعدة على الإدماج.

د – ما يلاحظ على عقود الإدماج اعتبار مدير التشغيل على المستوى الولائي طرف في العقد إلى جانب المستخدم، وهو ما
يستنتج من نماذج العقود المنشورة في القرار الصادر في 2008 تحت العبارات التالية: … بين:

– مدير التشغيل للولاية:
والمستخدم (ذكر تسمية المستخدم)
المسمى أدناه “المستخدم”.

وهو ما لا ينطبق تماما مع عقود العمل النهائية التي تكون أطرافها “العامل” و”صاحب المؤسسة”. إذن ال.تأكيد على فكرة عدم
انطباق مفهوم “عقد العمل” على “عقود الإدماج”.

في الأخير يمكن القول أ ّ ن عقود العمل في الجزائر تتطابق تماما مع قواعد اقتصاد السوق، لك.نها ستسير كّلها في زاوية الحد من
تعسف صاحب العمل في مواجهة العامل، والذي يظهر من خلال الالتزامات الكبيرة الملقاة أكثر على صاحب المؤسسة بالمقارنة مع
العامل الذي اكتسب أكثر الحقوق إلى درجة يمكن القول أ ّ ن العامل فد استرجع توازنه في عقد العمل في مواجهة صاحب المؤسسة وأ ّ ن
هذا الأخير أصبح يشتكي أكثر من العامل.

المبحث الثاني: فعلية عقود العمل
بالنظر إلى المعطيات المذكورة آنفا في مدى تك.يف عقود العمل في القانون الجزائري مع قواعد اقتصاد السوق نجد أ.نها تتجه نحو
تكريس الموازنة بين أصحاب المؤسسات وبين العمال في صيغة التعاقد وفق أحكام أكثرها متروكة لإرادة الأطراف وأهمها وأخطرها
منظمة في القانون خاصة حقوق العامل من حيث الأجر وم .

دة العمل.
غير أ.نه إدا كانت النصوص تتبعه نحو تطبيق إذن قواعد السوق في مجال علاقات العمل فإ ّ ن الأمر مرهون بمدى تطبيقها في أرض
الواقع وهي مسألة فعلية هذه النصوص والذي يظهر في مدى تأقلمها مع المناخ الاقتصادي العملي السائد في الجزائر (المطلب الأول)
والعقبات التي تقف أمام تكريس هذه العقود في أرض الواقع خاصة السوق غير النظامية السائدة في الجزائر (المطلب الثاني).

المطلب الأول: عقود العمل والمناخ الاقتصادي السائد في الجزائر
بالنظر إلى الأحكام التي يتضمنها قانون العمل نستنتج أ.ا أحكام تتلاءم تماما مع ما هو معروف في تنظيم علاقات العمل في باقي التشريعات خاصة التشريع الفرنسي كونه يحتوي على جملة من الضمانات تنصب أكثر في خدمة طائفة العمال، إ ّ لا أ ّ ن تطبيقها66

يصطدم بواقع اقتصادي غير ملائم يمكن حصره في جملة من العوامل:
1 – ثقافة إنشاء المؤسسات الاقتصادية: إ ّ ن المشكل الذي تعرفه السوق الجزائرية هو انعدام الثقافة لدى المتعاملين الاقتصاديين
المتعلقة بإنشاء وتطوير المؤسسات الاقتصادية، فمعظم المؤسسات المنشأة لا يه . مها الوضع الاجتماعي للعامل ولا تلتزم بدفع الأجور إلى
العمال في أوا.ا، ضاربة عقود العمل جانبا، وما وجود إضرابات يومية في المؤسسات الاقتصادية بما فيها الكبرى إ ّ لا دليل على ذلك.

فالعمال يبقون لشهور دون أجور دون أن يتحرك صاحب العمل مخالفا بذلك التزاماته العقدية والقانونية، وبذلك تغليب مصلحة على
حساب مصلحة العامل، إذن التعسف في استعمال الحق والذي يعتبر في الحقيقة كسر للمؤسسة قبل أن يكون تع . ديا على العامل.
وعليه، فكيف يمكن التطرق إلى عقود عمل تحتوي على مزايا وضمانات، وأصحاب المؤسسات لا تلتزم بتنفيذ بنودها، إذن
عدم فعلية عقود العمل في أرض الواقع.

2 – إذا كان مضمون قانون العمل هو تطبيق المساواة بين العمال داخل المؤسسات الاقتصادية وتطبيق معايير شفافة عند إبرام
عقد العمل من حيث انتقاء العمال المؤهلين، فإ ّ ن الواقع العملي يثبت العكس. فإ ّ ن كيفية إبرام عقود العمل وتشغيل العمال في الجزائر
يحكمها المحاباة وتفضيل العامل عن الآخر يضاف إليها القرابة العائلية ولو كان ذلك على حساب مردودية وفعالية المؤسسة الاقتصادية،
وهو الأمر الذي لا يكفل نجاح هذه الأخيرة على المديين المتوسط والطويل.

والدليل على ذلك أ ّ ن الحصول على العمل لدى مؤسسة اقتصادية في الجزائر أمر شبه مستحيل، نفس الوضع ينطبق على
الإدارات العمومية، وهو ما جعل الشباب الجزائري يبحث عن أماكن عمل في أي مكان في تراب الجمهورية وحتى التنقل إلى الخارج.

وامتد هذا الوضع إلى عقود الإدماج التي من المفروض تخضع لقواعد صارمة خاصة من خلال وجود أجهزة تسهر على تنفيذ برامج
تشغيل الشباب من خلال الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب.

3 – بالنظر إلى المعطيات السابقة أصبح العامل في الجزائر لا يثق في العمل لدى المؤسسات الاقتصادية للخواص، إذن انعدام
الثقة بين العامل والمتعامل الاقتصادي الخاص، وهذا رغم أ ّ ن قوانين العمل تحتوي على مزايا وتفضيلات لفائدته، مفضلة العمل لدى
الإدارات العمومية التي في الحقيقة تعرف نفس الإشكال.

ّ ثم أ ّ ن الثقافة السائدة لدى العامل الجزائري هي “ثقافة العمل عند الدولة” رافضا إلى حد الآن “ثقافة العمل لدى الخواص”،
إذن رفضه الكلي لقواعد اقتصاد السوق التي تسير عليها علاقات العمل، والسبب يعود إلى التصرفات التي يلجأ إليها العديد من
الخواص وهي استغلال العمال على حساب مؤسسته وعدم تأمين معظمهم والتصريح .م لدى الهيئات المعنية، وعدم احترام الأجرة
المنصوص عليها في القوانين خاصة الحد الأدنى المضمون.

4 – عدم تطور المؤسسات المستقطبة للعمال، فالجزائر تعرف عجزا كبيرا في وجود المؤسسات الاقتصادية المستقطبة لليد
العامل وهذا سبب ضعف ا.ال الصناعي والزراعي في الجزائر بشكل عام ومن ثم كيف يمكن تص. ور وجود عقود عمل. وهو السبب
ربما الذي جعل الجزائر تلجأ إلى سياسة تشجيع الاستثمار خاصة الأجنبي والمباشرة كآلية لاستقطاب وتشغيل العمال من خلال تطبيق
المزايا الواردة في قوانين الاستثمار وقوانين العمل.

أيضا تشجيع إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كآلية أيضا لجلب اليد العاملة في ظ ّ ل احترام القوانين السارية المفعول من
خلال توفير الظروف اللازمة لإنشائها.

المطلب الثاني: عقود العمل والسوق غير النظامية
يقصد بالسوق غير النظامية تلك السوق التي تعمل خارج الأطر القانونية مستعملة فيها كل الوسائل غير المشروعية .دف
الوحدات الصغيرة جدا التي تنتج وتوزع السلع والخدمات، وتتأّلف أساسا » تحقيق الربح في مجال علاقات العمل تعرف على أنها
من منتجين صغار مستغلين يعملون لحساب الخاص في المناطق الحضرية في البلدان النامية، وبعضهم سيخدمون كذلك عمل
.(25)« الأسرة، أو عددا قليلا من العمال بأجر أو التلاميذ الصناعيين
67

فهذا النوع من النشاط يتميز بمجموعة من الخصائص هي:
– استخدام رؤوس أموال صغيرة للقيام بالنشاط التجاري.
– استخدام مهارات بسيطة لا تستدعي التكنولوجيا العادية.
– المهم توفير أموال ولو كانت قليلة ومنخفضة.
– تشغيل عمال بأجر بسيط وأحيانا بدون أي عقد.

– العمل خارج القانون من حيث أ ّ ن الهيئات لا تعلم بوجودها.
من خلال هذه المعطيات نلاحظ أ.نه لا وجود لعلاقات عمل حقيقة كما هو منصوص عليه في قوانين العمل، إذن لا وجود
لعقود العمل.

تعتبر السوق غير النظامية هي الأكثر استقطابا لليد العاملة بالمقارنة مع السوق النظامية ويمكن إرجاع السبب إلى الظروف

والعوامل التالية:
1 – عجز السلطات على توفير مناصب الشغل، وهذا رغم ا.هودات المذكورة آنفا في إطار سياسة دعم التشغيل، وهو الأمر
الذي جعل العمال هم الذين يبحثون عن العمل بأية طريفة ولو كان في إطار غير مشروع. وهو ما نلاحظه يوميا في السواق المنتشرة
في ك ّ ل مكان مع.رضة ك ّ ل أنواع السلع والخدمات من خلال استغلال ك ّ ل الفئات دون استثناء.

– 2 سلبيات التسريح لأسباب اقتصادية للعمال التي يلجأ إليها أصحاب العمل بحجة الحفاظ على مردودية وبقاء المؤسسة
الاقتصادية في السوق.

والذي ظهر أكثر في الجزائر من خلال اللجوء إلى بيع المؤسسات الاقتصادية التابعة سابقا للدولة إلى الخواص في
إطار عمليات الخوصصة والذي نتج عنه فقدان العديد من العمال لمناصب عملهم بصفة لا إرادية جعلتهم يلجئون إلى أية وسيلة
لتحسين ظروف معيشتهم، ومن ّ ثم اللجوء إلى السوق غير النظامية، فأين موضع عقود العمل في هذا الإطار والمنصوص عليها في
القانون.

3 – لجوء أصحاب العمل أيضا إلى السوق غير النظامية على حساب السوق النظامية وف تحقيق الربح، بالنظر إلى مميزات
تلك السوق النظامية خاصة فيما يتعلق بوجود اليد العاملة الرخيصة والقابلة لأن تعمل في أي وقت وبأي ثمن وبأي أسلوب، بغض
النظر عن الزمان والمكان، وحتى السن، والدليل على ذلك عمل الأطفال، وحتى النساء، وهي مفاهيم تقضي تماما على ما تحتويه عقود
العمل من عنصر التبعية واحترام السن القانونية وهذه العمل يضاف إليها العنصر الأساسي المتمثل في الأجر القانوني وعدم استفادة من
العطل والراحة القانونية.

ومن ثمة أين هي الحماية القانونية التي هي جوهر علاقات العمل والتي من المفروض تحتويها عقود العمل؟

4 – الاستثناءات التي يعرفها تطبيق عقود العمال بالنسبة لطائفة من الأشخاص والمنصوص عليها في القوانين، ويتعلق الأمر
بالأشخاص الذين يعلمون لحسا.م الخاص، فهم الأشخاص عادة لا يخضعون لأية تبعية وعقود، إذن نجاحهم يكون أكثر بالانشغال في
السوق غير النظامية وليس في السوق النظامية.

وبالنظر إلى كل هذه المعطيات، يمكن القول أن عقود العمل في الجزائر هي في أزمة، لأنها لا تجد تطبيقا كبيرا وملائما في أرض
الواقع، إذن هي غير فعلية، فالمشكل ليس في النصوص القانونية بقدر ما هي في تطبيق تلك النصوص.

خاتمة
من خلال ما تمت دراسته يمكن التوصل إلى حقيقة أساسية هي أن عقود العمل في القانون الجزائري تخضع إلى تنظيم محكم
تحتوي على مزايا أكثرها في صف العامل تبقى بعض النقائص يمكن تداركها في المستقبل. لكن المشكل الحقيقي أن استقبال مفهوم
عقد العمل في الجزائر لم و لا يلقى الترحيب و التطبيق في الميدان و السبب يعود إلى عدم تكيف الواقع العملي معه بالنظر إلى الوضع
الانتقالي الذي يعرفه الاقتصاد الجزائري. فالخروج من نظام تتحكم فيه الدولة في كل مجالات الاقتصاد و الدخول في نظام تعطى فيه
الحرية للأفراد في تسيير الاقتصاد و اكتفاء الدولة بالتنظيم ليس بالأمر السهل و الهين.

ثم أن استقبال هذا المفهوم جاء لضرورات حتمية
68
مسبقة بالنظر إلى التزامات الجزائر الدولية لاسيما اتفاقات المساندة المبرمة مع صندوق النقد الدولي و اتفاق الشراكة المبرم مع الإتحاد
الأوروبي والمفاوضات الجارية مع المنظمة العالمية للتجارة التي تملي جملة من الشروط القاسية على الاقتصاد الجزائري من خلال تغيير
المفاهيم في جميع القطاعات بما فيها علاقات العمل من حيث تكريس الليبرالية في الاقتصاد.

إذن كنتيجة نهائية يمكن القول أن الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر و أثارها على علاقات العمل نعمة من جانب المحافظة على حقوق العامل و تكريس الموازنة بينه وبين صاحب العمل، هذا من جهة.

و من جهة ثانية هي نقمة لأنها أصبحت تقضي تماما على القدرة الشرائية للعامل و تفرض أكثر استغلال و تعسف صاحب العمل. لذا فنجاح عقود العمل في الجزائر لا يمكن لها أن تنجح في الوقت الراهن بالنظر إلى الوضعية الاجتماعية و الاقتصادية للمجتمع الجزائري.

الهوامش:
1 – DUQUESNE Français, Droit du travail, 4ème édition, Gualino éditeur, Paris, 2007, p 37.
1990 ، معدل ومتمم، يتعلق بعلاقات العمل، دار بلقيس، الجزائر، . 2007 /04/ 11 مؤرخ في 21 – 2 – قانون رقم 90
– 290 المتعلق بالنظام الخاص بعلاقات العمل الخاص بمسيري المؤسسات، ج ر العدد 42 . والمرسوم التنفيذي رقم 97 – 3 – نقصد .ا كل من المرسوم التنفيذي رقم 90
102 المحدد للنظام النوعي لعلاقات عمل المستخدمين – 474 ، المحدد للنظام الخاص بعلاقات العمل التي تعني العمل في المترل، ج ر العدد 82 . المرسوم التنفيذي رقم 05
140 المحدد النظام النوعي لعلاقات العمل المتعلقة بالصحفيين، ج – لسفن النقل البحري أو التجاري أو الصيد البحري، ج ر العدد 22 . وأخيرا المرسوم التنفيذي رقم 08
ر العدد . 24
4 – عجة الجيلالي، الوجيز في قانون العمل والحماية الاجتماعية، النظرية العامة للقانون الاجتماعي في الجزائر، دار الخلدونية، الجزائر، 2005 ، ص . 153
11 ، مرجع سابق. – 5 – المادة 2 من قانون رقم 90
6 – المادة 7 من القانون نفسه.
1 من القانون نفسه. / 7 – المادة 8
11 ، مرجع سابق. – قانون رقم 90 .« يعتبر العقد مبرما لمدة غير محدودة إلا إذا نص على غير ذلك كتابة » : 8 – المادة 11 التي تنص على
11 ، مرجع سابق. – قانون رقم 90 .« يجوز للمستخدم تقليص عدد المستخدمين إذا بررت ذلك أسباب اقتصادية » : 9 – المادة 69 التي تنص على
1997 يتعلق بالعمل بالتوقيت الجزئي، ج ر العدد . 82 /12/ 473 مؤرخ في 08 – 10 – المادة 3 من المرسوم رقم 97
11 – إلياس يوسف، أزمة قانون المعاصر بين .ج تدخل ومذهب اقتصاد السوق، دار وائل للنشر، الأردن، 2006 ، ص . 101
2004 يتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل، ج ر العدد . 83 /12/ 19 مؤرخ في 25 – 12 – قانون رقم 04
2006 ، يحدد مهام الوكالة الوطنية للتشغيل وتنظيمها وسيرها، ج ر /02/ 77 مؤرخ في 18 – 13 – وهو ما يستنتج من مضمون المادة 5 من المرسوم التنفيذي رقم 06
العدد . 9
14 – ويأتي تأسيس هذا النوع من الأجهزة تطبيقا لقواعد منظمة العمل الدولية في مؤتمرها الأول المنعقد سنة 1919 الخاص بالبطالة، حيث ألزمت كل دولة عضو
. تصادق عليها بأن تنشئ شبكة من مكاتب التشغيل عامة أو مجانية تحت إشراف هيئة مركزية. إلياس يوسف، مرجع سابق، ص 102
( يحدد الأجر الوطني الأدنى المضمون، الموافق لم . دة عمل قانونية أسبوعية قدرها أربعون ( 40 » : 11 التي تنص على – 15 – المادة الأولى من المرسوم الرئاسي رقم 09
مرسوم رئاسي رقم .« ساعة، وهو ما يعادل 173.33 ساعة في الشهر، بخمسة عشر ألف دينار ( 15.000 دج) في الشهر، أي ما يعادل 86,54 دينار الساعة عمل
2009./12/ 2009 يحدد الأجر الوطني المضمون، ج ر، العدد 75 ل 20 /12/ 416-09 مؤرخ في 16
تكون لمسيري المؤسسة المذكورة في المادة 2 أعلاه، نفس الحقوق والالتزامات المعترف .ا للعمال » : 290 تنص على – 16 – فالمادة 6 من المرسوم التنفيذي رقم 90
1990 يتعلق /09/ 290 مؤرخ في 29 – مرسوم تنفيذي رقم 90 .« الأجراء بمقتضى التشريع المعمول به، ما عدا الأحكام الخاصة المرتبطة بالنظام النوعي لعلاقات عمله
بالنظام الخاص بعلاقات العمال الخاصة بمسير في المؤسسات، ج ر، العدد . 42
17 – المادة 08 من المرسوم نفسه.
تبدأ علاقة عمل المستخدمين لسفن النقل البحري أو التجاري أو الصيد البحري ابتداءً من إبرام عقد » : 102 التي تنص على – 18 – المادة 8 من المرسوم رقم 05
2005 ، يح . دد النظام النوعي لعلاقات المستخدمين الم ّ لاحين لسفن النقل البحري أو التجاري أو /09/ 102 مؤ . رخ في 26 – مرسوم تنفيذي رقم 05 .« توظيف مكتوب
الصيد البحري، ج ر، العدد . 22
69
102 ، مرجع سابق. – 19 – المادة 12 من المرسوم التنفيذي رقم 05
126- مرسوم 08 .« … يتر.تب على إدماج فئة حاملي العمل المذكورين في المادة 3 أعلاه إبرام عقود إدماج » : 126 التي تنص على – 20 – المادة 4 من المرسوم 08
2008 ، يتعلق بجهاز المساعدة على الإدماج المهني، ج ر، العدد . 22 /04/ مؤرخ في 19
1998 يتضمن الإدماج المهني للشباب الحاملين شهادات التعليم العالي والتقنيين السامين، /12/ 402 مؤرخ في 02 – 21 – المادة الأولى من المرسوم التنفيذي رقم 98
خ.رجي المعاهد الوطنية للتكنولوجيا، ج ر، العدد 91 . وهو مرسوم ملغى.
2008 يحدد نماذج عقود الإدماج وعقود تكوين تشغيل وعقود العمل المدعم، الملحق الأول، الملحق الثالث، الملحق 8، الملحق 9 والملحق /07/ 22 – قرار مؤرخ في 24
10 ، ج ر، العدد . 49
2008 ، مرجع /07/ قرار مؤرخ في 24 ،« … يدفع الجر الشهري مدير التشغيل لولاية » : 23 – المادة 4 من الملحق الأول من القرار الصادر في 2008 حيث تنص
سابق.
126 ، مرجع سابق. – 24 – المادة 7 و 8 من المرسوم التنفيذي رقم 08
. 25 – إلياس يوسف، مرجع سابق، 247