أهمية تقنيات التفاوض في التعاقد

مقال حول: أهمية تقنيات التفاوض في التعاقد

أهمية تقنيات التفاوض في التعاقد

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

بقلم ذ كريم الرود

باحث قانوني و وسيط في حل النزاعات
يعتبر فن التفاوض أو تقنية المفاوضات أحد أهم التقنيات التي تمكن الأطراف المتفاوضة في المجال التعاقدي من إبرام تعاقدات مرضية لجميع أطرافها ، حيث تبرز أهمية التفاوض في حاجة الإنسان اليومية إليه من أجل الحصول على حاجياته

بشكل توافقي، علما أن تقنية التفاوض لا تنحصر فقط في المجال التعاقدي بل يعتبر تقنية فعالة في تسوية المنازعات حيث يصنف ضمن الوسائل البديلة لحل المنازعات.

إذن يعتبر التفاوض :

. عملية يمارسها الإنسان بشكل يومي لتلبية حاجياته –

. عملية تشاركية بين طرفين يرغبان في تحقيق مصلحة مشتركة-

عملية حوار و تبادل وجهات النظر و الآراء بين طرفين أو أكثر حول موضوع يشكل بينهما مصلحة مشتركة بهذف الوصول إلى اتفاق مرضي للطرفين.

و تمر المفاوضات بعدة مراحل تتباين حسب موضوع التفاوض و أهميته و سياقه إلا أن أهم هذه المراحل هي مرحلة الإعداد و اختيار مفاوض محترف أو فريق تفاوضي الذي سيتولى عملية التحضير للمفاوضات و مباشرتها.

و تجدر الإشارة إلى أنه لا مانع يمنع المعني بالأمر من مباشرة المفاوضات بنفسه دون الاعتماد على فريق تفاوضي أو مفاوض محترف إلا أن ذلك متوقف على مدى تمكنه من تقنيات التفاوض من جهة وحسب أهمية موضوع التفاوض من جهة أخرى.

فبعد تعيين فريق التفاوضي يتولى هذا الأخير عمليات الاتصال بالطرف الآخر و التحضير لجدول أعمال المفاوضات بشكل موازي مع عملية التحضير للمفاوضات التي تستلزم من الفريق التفاوضي الإعداد لها بشكل جيد حتى يتوفر على عدة تقنيات لإدارة المفاوضات و تجاوز الصعوبات التي تعترضها دون إضعاف موقفه التفاوضي .

و من بين أهم ما يستلزم الفريق التفاوضي الاعداد له قبل مباشرة المفاوضات و هي وضع استراتيجية التفاوض و التكتيكات المصاحبة لها من أجل تنزيها بشكل محكم مع وضع استراتيجيات احتياطية من أجل الاستعانة بها كلما فطن المتفاوض الآخر بالأسلوب المعتمد في إدارة المفاوضات و هذه العملية هي المحدد الرئيسي في تجاوز صعوبات المفاوضات و العراقيل التي قد تعترض المفاوض في مباشرها.

و أود أن أشير أن وضع استراتيجيات التفاوض و تكتيكات المصاحبة لها يتم في ضوء التنبؤ بالصعوبات التي يمكن أن تواجه المفاوض ووضع استراتيجيات بديلة حيث أن توفر المفاوض على بدائل متعددة يخول له إدارة المفاوضات بنجاج و كسب ثقة المفاوض الآخر.

و بعد أخد العناصر السابق ذكرها بعين الاعتبار في اختيار الفريق التفاوضي و تحضير استراتيجيات التفاوض و دور تلك العناصر في تجاوز صعوبات التفاوض، ينيغي التأكيد على دور المقومات الشخصية للمفاوض في تجاوز العراقيل التي قد تعترض هذه العملية حيث ينبغي على المفاوض أن يتوفر على استقرار نفسي خلال إدارة المفاوضات بالشكل الذي يمكنه من تفادي الانفعال الغير المدروس لأن ذلك سيؤدي إلى توثر في مناخ المفاوضات بدون تحصيل أي فائدة سواء بالنسبة للموقف التفاوضي أو في تقوية المركز التفاوضي للطرف .

كما ينبغي على المفاوض التحلي بخاصيتين أساسيتين و هي تحقيق قدر ملائم من توفير مناخ من الثقة للطرف الآخر و افتراض حسن النية من جهة و الأخد بسياسة الحيطة و الحذر من جهة أخرى، فالتمادي في أحد الخاصيتين أو إظهار الأسلوب المعتمد من المفاوض في اعتمادهما سيؤدي حتما إلى إضعاف الموقف التفاوضي للطرف و الدخول في مرحلة صعوبات التفاوض.

و تجدر الإشارة إلى أهمية دور رئيس الفريق التفاوضي في توزيع الأدوار داخل الفريق ووضع استراتيجيات التفاوض و اختيار أعضاء الفريق التفاوضي و كذا صياغة جدول أعمال المفاوضات إلى جانب المعني بالأمر و الفريق التفاوضي الآخر، علما أن لرئيس الفريق التفاوضي السلطة التقديرية الواسعة في تغير استراتيجية التفاوض بالشكل الذي يمكنه من تجاوز أي صعوبات قد تقف أمام استمرار المفاوضات حيث يتم ذلك في إطار الصلاحيات المخولة له من الطرف الذي ينوب عنه أو الذي يفاوض لمصلحته و في ضوء المقومات الشخصية و الموضوعية المتوفرة لديهفي إدارة المفاوضات.

بالإضافة إلى ما سبق ذكره المفاوضات أو فن التفاوض كما تعرفت عليها بشكل دقيق من خلال الدراسات المعمقة في التقنيات البديلة لحل المنازعات تقتضي من المفاوض الذي يسعى للوصول إلى اتفاق أن يتيح للفريق التفاوضي الآخر مساحة ربح يتفاوض من أجلها، علما أن المفاوضات لا يمكن أن تنجح أو حتى أن تبدأ إذا لم تكن هناك مصلحة مشتركة للفريقين المتفاوضين ..

كما تجب الإشارة إلى أن فقدان المتفاوض لموقفه التفاوضي سواء الأصلي أو المعدل ينتج عنه إما توقفه عن التفاوض أو إعلان قبوله للحل المعروض عليه، و في هذه الحالة لا يمكن القول أن الحل المتوصل إليه قد نتج عن مفاوضات لكن ناتج عن تنازل كلي مبني على أسباب لا يمكن لصاحبها أن يقبلها في الأحوال العادية نظرا لأن المفاوضات يشترط لسلامة سيرها أن تحتفظ بعناصرها الأساسية و هي الفريق التفاوضي و الموقف التفاوضي و الهدف التفاوضي و المصلحة المشتركة محل التفاوض.

و في الأخير أود أن أشير إلى أن المفاوضات لا تشترط لإعلان نجاحها أن يكون الحل متوازن بين الأطراف المتفاوضة بل يشترط فقط أن يكون الحل مبني على تنازلات مدروسة و نابعة من الإرادة الحرة للفريق التفاوضي من أجل الوصول إلى حل متفق عليه يستجيب لمتطلبات الموقف التفاوضي و الأطراف المتفاوضة.

بقلم ذ كريم الرود
باحث قانوني و وسيط في حل النزاعات

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.