من أجل تلافي الأخطاء التي يمكن أن تقع من قبل القضاة وهم بصدد نظر الدعاوى، ومن أجل بعث الثقة في نفوس المتقاضين، وحتى تتمكن محاكم الدرجة الأعلى من الوقوف على صحة أو عدم صحة الأحكام الصادرة من المحاكم ذات الدرجة الأدنى، من اجل ذلك فقد تم تشريع طرق الطعن، وهي الوسائل المقبولة قانوناً والتي يلجأ اليها الخصوم عند عدم قناعتهم بالأحكام الصادرة بحقهم وذلك اما لإبطال أو تعديل أو فسخ تلك الأحكام. ان التبليغات القضائية إن كانت تمثل حلقة مهمة من حلقات نظر الدعوى، فان هذه الأهمية تبقى كذلك حتى في مرحلة الطعن بالأحكام فلكي يمكن الحكم بصحة طرق الطعن، لابد وأن تمارس التبليغات على الوجه المحدد قانوناً وإلا كانت طرق الطعن تلك عديمة الجدوى. والقاعدة العامة أن طرق الطعن تقسم إلى قسمين رئيسيين، طرق الطعن العادية وطرق الطعن غير العادية(1). ويندرج تحت طرق الطعن العادية، الاعتراض على الحكم الغيابي والاستئناف، أما طرق الطعن غير العادية فتشمل طرق إعادة المحاكمة والتمييز وتصحيح القرار التمييزي واعتراض الغير. وسنتناول التبليغات القضائية في طرق الطعن العادية وهي الاعتراض والاستئناف، أما طرق الطعن غير العادية، فسيقتصر موضوعنا على طريق التمييز لكونه من الطرق المهمة والأكثر شيوعاً في الواقع العملي من جهة أخرى لكون التبليغات في طرق الطعن الأخرى تتشابه إلى حد كبير مع إجراءات التبليغ في التمييز. عليه، سيكون تناولنا للتبليغات القضائية في طرق الطعن العادية وغير العادية من خلال المقاصد الآتية:

المقصد الأول: التبليغات القضائية في الاعتراض على الحكم الغيابي.

المقصد الثاني: التبليغات القضائية في الاستئناف.

المقصد الثالث: التبليغات القضائية في التمييز.

المقصد الأول : التبليغات القضائية في الاعتراض على الحكم الغيابي :

ان الاعتراض على الحكم الغيابي، هو عبارة عن طريق طعن عادي في الأحكام الغيابية يتقدم به من صدر الحكم عليه غيابياً، وذلك من أجل إبطال الحكم الغيابي أو تعديله، ويقدم طلب الاعتراض إلى ذات المحكمة التي أصدرته، وتبدو الحكمة من طريق الطعن هذا للقضاء على ادعاءات الخصم من أن الحكم قد صدر في غيبته مما قد يدعي أن حقه سُلِبَ ولم يمنح فرصة الدفاع عن نفسه(2).أما من حيث الأحكام القابلة للطعن بطريق الاعتراض، فقد أجاز المشرع للمحكوم عليه الحق في الاعتراض على الأحكام الغيابية الصادرة عليه من محكمة البداءة ومحكمة الأحوال الشخصية ولا يشمل هذا الطعن القرارات الصادرة في المواد المستعجلة، لكون طبيعة هذه القرارات لا تتحمل التأخير في الإجراءات(3). وفيما يتعلق بإجراءات الطعن بطريق الاعتراض فهي لا تختلف كثيراً عن تلك الإجراءات التي تتبع في طرق الطعن الأخرى، والتي تشكل فيها التبليغات حجر الزاوية، إذ بدون إجراء التبليغات على الوجه المقرر يكون طريق الطعن هذا قابل للإبطال. إذ يتوجب الأمر تبليغ المعترض والمعترض عليه للحضور في الزمان والمكان المعينين للنظر في الطعن الاعتراضي للوقوف على صحة أو عدم صحة الحكم الغيابي، ومن ثم الحكم إما لإبطال أو تعديل الحكم الصادر في تلك الدعوى(4).

إن المحكمة ملزمة باتباع القواعد العامة في التبليغات القضائية، وذلك عندما يقتضي الأمر إجراء التبليغات في طرق الطعن ومنها الاعتراض على الحكم الغيابي وإلا كان حكمها معرضاً للنقض، فضلاً عن وجوب مراعاتها للمدد القانونية المقررة للطعن لكونها من النظام العام، وتطبيقاً لذلك فقد جاء في قرار لمحكمة استئناف نينوى بصفتها التمييزية(5).: “لدى التدقيق والمداولة وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية لذا قرر قبوله شكلاً، ولدى النظر في الحكم المميز الصادر في الدعوى الاعتراضية وجد أنه صحيح وموافق للقانون وجاء اتباعاً لما ورد بقرار هذه المحكمة بصفتها التمييزية عدد 358/ت.ب/2001 في 4/7/2001 حيث أن التحقيقات الواسعة التي أجرتها محكمة الموضوع توصلت إلى أن المميز (المدعى عليه) قد ارتحل من محل سكناه المعلوم في الموصل/ حي الرسالة إلى جهة مجهولة وعليه فان تبليغه بالحكم الغيابي إعلاناً بصحيفتين محليتين الحدباء والقادسية بتاريخ 29/11/1999 جاء تطبيق سليم لأحكام المادة (21/1) من قانون المرافعات المدنية وحيث أن الطعن بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي ودفع الرسم عنه كان بتاريخ 26/2/2002 وحيث أن مدة الاعتراض على الحكم الغيابي هي عشرة أيام عملاً بأحكام المادة (177/1) من القانون المذكور وحيث أن محكمة الموضوع قد ردت الاعتراض شكلاً لعدم تقديمه في مدته جاء منسجماً وأحكام المادة (179/1) من القانون سالف الذكر، لذا قرر تصديق الحكم المميز ورد الطعون التمييزية…..“.وبعد قيام المحكمة بتحديد اليوم المعين لنظر الطعن الاعتراضي، تبلغ كل من المعترض والمعترض عليه لحضور المرافعة، لكن قد يحدث عدم حضور المعترض والمعترض عليه يوم المرافعة، وإزاء هذا الأمر قرر المشرع أن تترك الدعوى للمراجعة، فاذا ما بقيت دعوى الاعتراض على هذه الشاكلة لمدة عشرة أيام دون مراجعة من الطرفين فان دعوى الاعتراض تسقط ولا يجوز تجديدها(6).ويبدو جلياً أن تخلف أطراف الطعن الاعتراضي لم يعد له مبرر وذلك بعدما تم تبليغهما على النحو المقرر، ومن اجل أن لا يبقى ذلك الطعن في حلقة مفرغة، فقد اتخذ المشرع العراقي موقفاً سليماً عندما اعتبر انقضاء العشرة أيام سبباً لسقوط الدعوى وعدم إمكانية تجديدها. فضلاً عما تقدم لم يشأ المشرع العراقي أن يجعل من غياب أحد طرفي الطعن الاعتراضي سبباً لإعاقة حسم ذلك الطعن إما تأييداً أو إبطالاً أو تعديلاً(7). وهذا بلا شك يختلف عن القواعد العامة في نظر الدعوى، حيث يضيق العمل بقواعد الحضور والغياب المتبعة في القواعد العامة بالنسبة لطرق الطعن والسبب في ذلك أن التأخير لا يخدم مطلقاً فترة نظر الطعون، إذ يتوجب على المحكمة المضي قدماً في نظر الطعن الاعتراضي وذلك بحسب الأحوال.

المقصد الثاني : التبليغات القضائية في الاستئناف :

من طرق الطعن العادية الاستئناف، وهو الطريق الذي يلجأ إليه الخصم للطعن بالحكم الصادر ضده من محكمة البداءة، ويهدف الطاعن من الاستئناف إصلاح الخطأ أو إكمال النقص في الحكم البدائي، حيث تقوم محكمة الاستئناف بصفتها الاستئنافية بتلافي كافة الأخطاء التي تضمنها الحكم الصادر من محكمة البداءة(8).وقد أجاز المشرع العراقي(9). للخصوم حق الطعن بطريق الاستئناف في أحكام محاكم البداءة الصادرة بدرجة أولى والتي تشمل الدعاوى التي تتجاوز قيمتها ألف دينار، كذلك الأحكام الصادرة منها في قضايا الإفلاس والأحكام الصادرة في تصفية الشركات. أما بخصوص إجراءات الطعن استئنافاً، فيتوجب أن يكون الاستئناف بعريضة تقدم إما إلى محكمة الاستئناف أو إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، فاذا ما قدمت العريضة الاستئنافية إلى محكمة الاستئناف، عندها تقوم بتسجيل العريضة مع استيفاء الرسم ويتم تحديد جلسة للنظر فيها، ويجب تبليغ كل من المستأنف والمستأنف عليه بموعد الجلسة، أما إذا قدمت العريضة إلى المحكمة التي أصدرت الحكم فعليها استيفاء الرسم مع تسجيل العريضة وإرسالها مع إضبارة الدعوى إلى محكمة الاستئناف مباشرةً(10)..فضلاً عما تقدم يجب أن تشتمل العريضة الاستئنافية على المحل الذي يختاره المستأنف لغرض التبليغ، وذلك لمخاطبته وتوجيه التبليغات على ضوء ذلك المحل، كما يتوجب على المستأنف ابلاغ المحكمة بكل تغيير يطرأ على المحل المختار(11).ينبغي التنويه أنه في حال إذا اجتمع خطأ يتعلق بالبيانات الخاصة بعريضة الاستئناف، كأن لم تجرى التبليغات على النحو المقرر أو خلل شكلي يتعلق بالمدة المقررة للطعن بالاستئناف فانه يتعين تقديم الخطأ الشكلي على الخطأ في بيانات العريضة، وفي ضوء ما تقدم جاء في قرار لمحكمة التمييز العراقية(12).: “لدى التدقيق والمداولة وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً ولدى النظر في الحكم المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف لأحكام القانون لأن محكمة الاستئناف قضت بحكمها المميز إبطال الاستئناف استناداً لأحكام المادة (50) من قانون المرافعات المدنية لتعذر تبليغ المستأنف عليه الثاني وعدم إمكان المستأنف من بيان عنوانه دون أن تلاحظ أن الحكم المستأنف قد صدر حضورياً بحق (المدعيين) بتاريخ 5/5/1992 وأنهما طعنا بالحكم المذكور استئنافاً ودفعا الرسم عنه في 23/5/1992 بعد مرور المدة القانونية المنصوص عليها في المادة (187/1) من قانون المرافعات المدنية مما يتعين رد الاستئناف شكلاً عملاً بحكم المادة (189) من القانون المذكور وحيث أن المحكمة خالفت مما تقدم مما أخل بصحة الحكم المميز فقرر نقضه….“.

ويجب لصحة إعلان (تبليغ) العريضة الاستئنافية أن تتبع نفس القواعد العامة فيما يتعلق بالإعلان من حيث توجيه أوراق الإعلان لنفس الخصم أو في موطنه طبقاً للقواعد العامة، وإذا ما تعدد المستأنف عليهم وجب أن يعلنوا جميعاً بالطعن وإذا ما تعدد المستأنفون وجب أن يقع الإعلان بناءً على طلبهم جميعاً، ومهما يكن من أمر، إذا اشتملت صحيفة الطعن بالاستئناف على أسماء جميع المستأنف عليهم، ولم يعلن المستأنف الطعن إلا لبعضهم يظل الطعن بالنسبة لمن لم يعلنوا به واعتبر كأن لم يكن(13). ان اعلان (تبليغ) صحيفة الاستئناف وأن كان يشكل اجراءاً لازماً لانعقاد الخصومة إلا أنه يتوجب التمسك به قبل أي طلب آخر وإلا سقط الحق فيه ، فهو لا يتصل بالنظام العام، حيث جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية(14).”إذا كان اعلان صحيفة الاستئناف إلى المستأنف عليه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يعتبر اجراءاً لازماً لانعقاد الخصومة بين طرفيها يترتب على عدم تحققه بطلانها ، إلا أن بطلان اوراق التكليف بالحضور لعيب في الاعلان لا يتصل بالنظام العام ، إذ هو مقرر لمصلحة من شرع لحمايته فلا يجوز التصدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويجب التمسك قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى وإلا سقط الحق فيه عملاً بنص المادة (108) من قانون المرافعات ، لما كان ذلك وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه ان الطاعن الثاني قدم بعد الأجل المصرح به في فترة حجز الدعوى للحكم مذكرة ضمنها طلب الحكم أصلياً برفض الاستئناف وتأييد للحكم المستأنف واحتياطياً إعادة الدعوى إلى المرافعة لبطلان إعلانه بصحيفة الاستئناف في غير موطنه الأصلي الثابت بمستنداته وبحكم محكمة أول درجة الذي قضى ببطلان عمل الخبير المنتدب لعدم إخطاره فيه ، فإن حق الطاعن المذكور في التمسك بالبطلان يكون قد سقط لابدائه بعد طلبه رفض الاستئناف…“. وبعد قيام المحكمة بتحديد موعد الجلسة للنظر في الطعن الاستئنافي ، يفترض حضور كل من المستأنف والمستأنف عليه اليوم المحدد للنظر في صحة أو عدم صحة الحكم البدائي الصادر. لكن ما يمكن توقعه في هذا الفرض هو احتمال تغيب كل من الطرفين او تغيب أحدهما يوم المرافعة. فإذا ما حدث وتغيب كلاً من المستأنف والمستأنف عليه اليوم المحدد لنظر الطعن رغم تبلغهما، عندها تترك المحكمة الدعوى الاستئنافية للمراجعة أملاً في أن يحل الطرفان نزاعهما بطريق ودي وتوافقي ، فإذا ما بقيت الدعوى الاستئنافية على هذه الحالة لمدة ثلاثين يوماً دون ان يراجع الطرفان مأأمأأو أحدهما لتعقيبها عندها تبطل عريضة الدعوى الاستنئافية ولايجوز تجديدها(15). لكن إذا رأت المحكمة ان سبب غياب الطرفين راجع إلى عدم اجراء التبليغات وفق النحو المقرر ، عندها تتبع القواعد العامة بهذا الصدد إذ تقوم بإرجاء النظر في الدعوى الاستئنافية إلى حين إكمال التبليغات بالشكل المحدد من أجل ضمان حقوق الخصوم في هذه المرحلة. أما إذا حضر احد طرفي الدعوى الاستئنافية وتغيب الاخر رغم تبلغه ، عندها تمضي المحكمة قدماً في نظر الدعوى وصولاً إلى اصدار الحكم فيها طبقاً للقانون(16). حيث ان غياب أحد الطرفين لا يكون عائقاً دون حسم الدعوى إذ يكون متنازلاً عن حقه في الحضور.

المقصد الثالث : التبليغات القضائية في التمييز :

يعد التمييز بوصفه من طرق الطعن غير العادية ، الوسيلة التي يلجأ اليها الخصم لإصلاح ما قد يشوب الحكم او القرار من أخطاء والتي تكون مخالفة للقانون وسواء تعلقت تلك المخالفات بالوقائع أو بالإجراءات(17).والأصل ان الجهة التي تتولى النظر في الطعون تمييزاً ، هي محكمة التمييز والتي مقرها في بغداد ، وهي الهيئة القضائية العليا في الدولة والتي تمارس الرقابة على عمل المحاكم في عموم محافظات القطر من حيث التدقيق في الاحكام والقرارات الصادرة عنها ، إلا أنه توجد إلى جانب محكمة التمييز هيئة قضائية اخرى لها حق النظر في الطعون تمييزاً وتتمثل بمحكمة الاستئناف بصفتها التمييزية والتي تهدف إلى التخفيف عن كاهل محكمة التمييز فيما يتعلق بنظر الطعون التمييزية. وقد أجازت المادة (203) من قانون المرافعات العراقي للخصوم حق الطعن تمييزاً لدى محكمة التمييز في الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف او تلك الأحكام الصادرة عن محاكم البداءة أو محاكم الأحوال الشخصية ، كذلك يحق لهم الطعن تمييزاً لدى محكمة استئناف المنطقة في الأحكام الصادرة عن محاكم البداءة كافة ، إلا أن حق الطعن بطريق التمييز ولكونه من طرق الطعن غير العادية يوجب توافر حالات(18).معينة حتى يكون الطعن صحيحاً ومنتجاً لآثاره. مهما يكن من أمر ، فإن ما يهمنا من التمييز كطريق طعن غير عادي ، وبقدر تعلق الأمر بموضوع التبليغات القضائية هي في بيان دور وعلاقة التبليغات بالتمييز والتي تبدو من نواح عدة .ففيما يتعلق بإجراءات الطعن بطريق التمييز، نلاحظ ان دور التبليغات فيها لا يمكن تجاهله ، إذ يتوجب ان تشتمل العريضة التمييزية على جملة بيانات متمثلة بأسماء الخصوم وشهرتهم ومحل اقامتهم فضلاً عن ذلك يجب ان تتضمن المحل الذي يختاره الخصوم لغرض التبليغ وأسم المحكمة التي اصدرت الحكم المميز كذلك تاريخ تبليغ الحكم المذكور مع بيان اوجه مخالفته للقانون(19).

وعليه ، فمن واجب المحكمة التأكد من صحة اجراء التبليغات القضائية وإلا كان حكمها مشوباً بالخلل والخطأ ، فقد جاء في قرار لمحكمة التمييز العراقية(20) “لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً ، ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف للقانون لأن الدعوى تركت للمراجعة في جلسة 10/5/1998 وقد راجع المدعي المحكمة يوم 12/5/1998 وطلب تعيين يوم للمرافعة فقررت المحكمة تعيين يوم 24/5/1998 وإصدار دعوتيه للمدعى عليها ، إلا أن المحكمة وفي جلسة 24/5/1998 سارت بالمرافعة حضورياً دون ان تتأكد من تبلّغ المدعى عليها بموعد المرافعة مما أخل بالحكم لأنه بعد ترك الدعوى للمراجعة وتحديد موعد جديد لها ، لابد من تبليغ المدعى عليها بالموعد الجديد وليس للمحكمة السير في المرافعة دون تبليغ المدعى عليها لذا قرر نقض الحكم وإعادة إضبارة الدعوى إلى محكمتها للسير فيها …” واستثناءاً من القاعدة القائلة بعدم إمكانية الطعن بالقرارات الصادرة أثناء سير المرافعة(21). فقد أجاز المشرع العراقي الطعن بطريق التمييز في تلك القرارات التي تصدر من القضاء المستعجل وفي الحجز الاحتياطي والقرارات الصادرة في التظلم من الأوامر على العرائض والقرارات الصادرة بإبطال عريضة الدعوى او بوقف السير في الدعوى واعتبارها مستأخرة حتى يفصل في موضوع آخر ، وكذلك تلك القرارات الصادرة برفض توحيد دعويين مرتبطتين أو برفض الإحالة لعدم الاختصاص القيمي أو المكاني أو القرار الخاص برد طلب تصحيح الخطأ المادي في الحكم أو قبوله وقرار رفض طلب تعيين المحكمين وردهم وكذلك قرار تحديد أجور المحكمين ، ويحق للخصوم الطعن في القرارات السالفة الذكر، حيث تكون مدة الطعن في هذه القرارات سبعة أيام من اليوم التالي لتبليغ القرار أو اعتباره مبلَّغاً(22).ويجب على المحكمة المختصة بنظر الطعن إدراج البيانات اللازمة لصحة الأحكام في قرارها، فضلاً عن بيان الأسانيد التي بني عليها مع مناقشة أسباب اللائحة التمييزية وما يوجب منها نقض الحكم او ما يوجب ردها عند تصديقه ، ويأتي بعدها الاجراء البالغ الاهمية والمتمثل بوجوب تبليغ القرار إلى الخصوم(23). إذ لابد من إعلام الخصوم بفحوى القرار حتى يتمكنوا من التهيؤ التام لمرحلة ما بعد الطعن بطريق التمييز ألا وهي مرحلة الطعن بطريق التصحيح لتلافي ما قد يقع من أخطاء في القرار التمييزي.

يتضح مما تقدم ، أنه لا مجال للاستغناء مطلقاً عن التبليغات القضائية في مرحلة اصدار الاحكام ، إذ تشكل التبليغات في هذه المرحلة الحلقة الاساسية فيها ، كذلك فإنها تشكل حلقة وصل ما بين صدور الاحكام وما بين طرق الطعن ، بحيث ان هذه التبليغات ما هي الا نقطة الشروع لطرق الطعن، فالخصوم في الوضع المألوف لا يلجأؤن إلى طرق الطعن الا إذا تم تبليغهم بالاحكام الصادرة بحقهم.

_______________________________

1- هناك معايير يمكن بموجبها التمييز ما بين طرق الطعن العادية وطرق الطعن غير العادية منها:

أولاً. طرق الطعن العادية لم يحصر المشرع أسبابها بحالات معينة، إذ يمكن للشخص اللجوء اليها بمجرد عدم قناعته بالحكم الصادر وذلك على عكس طرق الطعن غير العادية والتي حدد المشرع أسبابها على سبيل الحصر.

ثانياً. يترتب على مراجعة طرق الطعن العادية تحديد النزاع وإعادة الحكم في الدعوى من جميع الوجوه، أما طرق الطعن غير العادية فلا يترتب عليه إلا النظر في العيوب التي استند عليها الطعن في الحكم.

ثالثاً. ان ممارسة طرق الطعن العادية يؤدي كمبدأ عام إلى ايقاف التنفيذ إلا إذا كان مشمولاً بالنفاذ المعجل، في حين أن طرق الطعن غير العادية لا تؤدي إلى تأخير التنفيذ.

راجع أستاذنا د. عباس العبودي، شرح أحكام المرافعات، مصدر سابق، ص400.

2- د. أحمد أبو الوفا، أصول المحاكمات المدنية، مصدر سابق، ص711. أستاذنا د. عباس العبودي، شرح أحكام المرافعات، مصدر سابق، ص405. مدحت المحمود، شرح قانون المرافعات، ج2، طبع بغداد، 2000، ص63.

3- راجع الفقرة (1) من المادة (177) مرافعات عراقي.

4- راجع الفقرة (1) من المادة (178) مرافعات عراقي.

5- القرار التمييزي المرقم 132/ت.ب/2002 في 2/5/2002، غير منشور.

6- راجع الفقرات (1-2) من المادة (180) مرافعات عراقي.

7- نصت المادة (181) مرافعات عراقي: “إذا حضر أحد الطرفين معترضاً كان أم معترضاً عليه ولم يحضر خصمه في اليوم المعين للمرافعة رغم تبليغه تمضي المحكمة في نظر الاعتراض وتحكم بتأييد الحكم الغيابي أو إبطاله مع رد الدعوى أو الحكم بها أو تعديل الحكم على حسب الأحوال”.

8- مدحت المحمود، مصدر سابق، ج2، ص84.

9- راجع المادة (185) مرافعات عراقي.

10-راجع الفقرة (1) من المادة (188) مرافعات عراقي.

11- راجع الفقرة (2) من المادة (188) مرافعات عراقي.

12- قرار محكمة التمييز المرقم 1328/مدنية أولى/1992 في 2/12/1992، أشار إليه المشاهدي، معين القضاة، ج4، مطبعة الزمان، بغداد، 2001، ص228.

13- د. أحمد أبو الوفا، المرافعات المدنية، مصدر سابق، ص842-843. عبد المنعم حسني، الاستئناف في الأحكام المدنية والتجارية، دون مكان طبع، 1989، ص208 وما بعدها.

14- الطعن المرقم 1945 لسنة 53 ق، جلسة 27/11/1989، أشار إليه الفكهاني، مصدر سابق، ملحق (8)، ص736.

15- راجع الفقرة (1) من المادة (190) مرافعات عراقي.

16-راجع الفقرة (2) من المادة (190) مرافعات عراقي.

17- مدحت المحمود، مصدر سابق، ج2، ص 109.

18- لقد حددت المادة (203) من قانون المرافعات الحالات التي يجب توافرها لإمكانية الطعن تمييزاً وهي كالآتي:

“1. إذا كان الحكم قد بني على مخالفة للقانون او خطأ في تطبيقه او عيب في تأويله.

2. إذا كان الحكم قد صدر على خلاف قواعد الاختصاص.

3. إذا وقع في الإجراءات الأصولية التي أتبعت عند رؤية الدعوى خطأ مؤثر في صحة الحكم.

4. إذا صدر حكم يناقض حكماً سابقاً صدر في الدعوى نفسها بين الخصوم أنفسهم او من قام مقامهم وحاز درجة البتات.

5. إذا وقع في الحكم خطأ جوهري ، ويعتبر الخطأ جوهرياً إذا أخطأ الحكم في فهم الوقائع او اغفل الفصل في جهة من جهات الدعوى او فصل في شيء لم يدع به الخصوم او قضى بأكثر مما طلبوه او قضى على خلاف ما هو ثابت في محضر الدعوى او على خلاف دلالة الأوراق والسندات المقدمة من الخصوم او كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه لبعض أو كان الحكم غير جامع لشروطه القانونية”.

19- راجع الفقرة (2) من المادة (205) مرافعات عراقي.

20- القرار التمييزي المرقم 1422/م3/98 في 4/8/1998 – أشار إليه مدحت المحمود ، مصدر سابق ، ج2، ص 122.

21- راجع المادة (170) مرافعات عراقي.

22- راجع الفقرة (1) من المادة (216) مرافعات عراقي.

23- راجع المادة (218) مرافعات عراقي.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .