بحث ودراسة قانونية موسعة حول مُنازعات التنفيذ أمام المحكمة الدُستورية العُليا

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أثناء الدراسة فى دبلوم الدراسات القضائية بكلية الحقوق – جامعة المنصورة ؛ كُلِفت بعمل بحث فى منازعات التنفيذ أمام المحكمة الدستورية العُليا ؛ وقمت بعمل البحث المطلوب فى أبسط صورة ؛ وقمت بعد ذلك بعمل دراسة موسعة ؛ إن شاء الله سوف يتم إيداعها بدار الكُتب للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية ؛ وبعد توثيقها إن شاء الله سوف أقوم برفعها على النت لمن يشاء .

عند تجوالى فى النت ؛ صادفت بحثا مُصغراً حول الموضوع ؛ وهو بحث جيد ؛ ويعطى تعريف للمنازعات المتعلقة بالأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا .

ومنازعات التنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا لا تتناول أحكام المحكمة ذاتها فهى عصية على المنازعة فيها ؛ فالأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية وكذلك أحكام التفسير ملزمة للكافة للسلطات والأفراد ولا تقبل الطعن بأى طريق .

فإلى بحث الأستاذ / محمد السعودي أحمد تقي الدين

وأنا على إستعداد للتعليق بالشرح لأى مسألة تكون غامضة لإحاطتى بموضوع البحث بشكل كبير
والله الموفق

المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا

بقلم: محمد السعودي أحمد تقي الدين

1 – مقدمة:

المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا تعتبر من أدق المسائل القانونية التي لم توف حقها من الدراسة و البحث ، و ذلك على الرغم من أهمية هذه الوسيلة التي سنها المشرع لتكون احدى الوسائل التي يمكن استخدامها لإستيفاء الحقوق على النحو الذي سيرد شرحه في هذا البحث.

و سنعتمد في هذه الدراسة على أحكام المحكمة الدستورية العليا التي صدرت في قضايا منازعات التنفيذ التي تم الفصل فيها حتى جلسة 2/12/2007 ، و التي حُكِم فيها كلها إما بعدم القبول أو بالرفض أو بعدم الإختصاص ، فيما عدا عدد قليل فقط نجح فيها المدعي في التوصل إلى استصدار حكم من المحكمة الدستورية العليا بمطلوبه في دعواه (1). مما يدل على الحاجة الماسة إلى دراسة المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا ، كي يتحقق هدفين : أولهما و أهمهما أن يكون المتقاضين و السادة الزملاء من المحامين على بينة من هذه الوسيلة الإجرائية الهامة من وسائل التقاضي التي قد تكون ، في أحيان غير قليلة ، هي السبيل الوحيد إلى استيفاء حقوقهم أو حقوق موكليهم. و الهدف الثاني أن يكون هؤلاء على بينة و دراية بالأنموذج القانوني لمنازعة التنفيذ التي مآلها إلى القبول حتى لا تُتْخَم ساحة المحكمة الدستورية العليا بمنازعات لا حاصل من ورائها سوى تضييع وقت المحكمة الدستورية العليا .

2 – نص قانوني :

اختصاص المحكمة الدستورية بنظر المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها مقرر بموجب نص المادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، و قد جرى نص هذه المادة على النحو التالي :
“تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها.
وتسري على هذه المنازعات الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.
ولا يترتب على رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى الفصل في المنازعة. “

3 – الخلط فيما بين المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا و منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية و التجارية:

أول ما تنصرف إليه الأذهان عند بداية القراءة في هذا الموضوع هو إستجلاب مفهوم منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية و التجارية ، و إنزاله على المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا التي هي نطاق دراستنا في هذا البحث . و بالتالي يجب أن نبدأ هذا البحث ببيان المقصود بكل منهما حتى يتضح جوانب الإتفاق و الإختلاف فيما بين هذين النوعين من منازعات التنفيذ .

4 – تعريف منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية و التجارية:

اختلف الفقه في تحديد معنى منازعة التنفيذ ، و لكننا نرجح الرأي القائل بأنها: “المنازعة التي يصدر فيها الحكم بصدد أي عارض يتصل بالتنفيذ الجبري” ، فيصدر فيها حكم بجواز التنفيذ أو بعدم جوازه ، بصحته أو ببطلانه ، بوقفه أو باستمراره ، بالإعتداد به أو بعدم الإعتداد به ، بالحد من نطاقه أو بالإبقاء على هذا النطاق. و للمنازعة التنفيذية – أيا ً كان موضوعها أو أطرافها – مميزات تتمثل فيما يلي (2):
أ. هي خلافات في وجهات النظر حول شرط من الشروط الواجب توافرها لإتخاذ إجراءات التنفيذ ، أو حول أي عارض من عوارضه.
ب. هي عقبات قانونية ، إذ هي منازعة تطرح خصومة أمام قضاء التنفيذ. فتختلف بذلك عن العقبات المادية المتمثلة في اعتراض التنفيذ بالقوة على سبيل المثال ، أو عدم ملائمة التنفيذ من الناحية الأمنية.
ج. هي منازعة تتضمن اعتراضا ً على التنفيذ و منازعة فيه ، و ذلك دون المساس بحجية السند التنفيذي.
د. المنازعة التنفيذية تطرح على القضاء و يصدر فيها حكم موضوعي أو حكم وقتي بحسب طبيعتها ، و بحسب ما إذا كانت منازعة موضوعية في التنفيذ أو منازعة وقتية. و قد يصدر فيها أمر ولائي.
هـ. منازعة التنفيذ لا تعتبر من قبيل التظلم في الحكم المراد التنفيذ بمقتضاه ، إذا كان التنفيذ يتم بمقتضى حكم قضائي. و بالتالي لا يكون لمنازعة التنفيذ في ذاتها أثر موقف للسند التنفيذي ما لم ينص القانون على غير ذلك ، مثال الأثر الموقف للتنفيذ المترتب على رفع الإشكال الوقتي الأول.
و. منازعة التنفيذ لا تثير الموضوع الذي حسمه الحكم المعتبر سندا ً تنفيذيا ً.

5 – تعريف المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا:

قضت المحكمة الدستورية العليا في حكم لها بأن: ” قوام منازعة التنفيذ التي تختص هذه المحكمة وحدها بالفصل فيها وفقاً للمادة 50 من قانونها – وعلى ما جرى عليه قضاؤها- أن تعترض تنفيذ أحد أحكامها عوائق تحول قانوناً – بمضمونها أو أبعادها –دون اكتمال مداه وتعطل بالتالي ، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره بتمامها ، أو يحد من مداها، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل دعوى منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها ، وهو ما لا يتسنى إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها حتى يتم تنفيذ الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة تنفيذاً مستكملاً لمضمونه ومداه ، ضامناً لفاعليته وإنفاذ فحواه.” (3)

كما قضت في حكم آخر بأنه: “من المقرر ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أن قوام منازعة التنفيذ ألا يكون تنفيذ الحكم القضائى الصادر عنها قد تم وفقاً لطبيعته ، وعلى ضوء الأصل فيه ، بل يكون قد اعترضته عوائق حالت قانوناً دون اكتمال مداه ، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان ، وبشرط أن تكون هذه العوائق ـ سواء بطبيعتها أم بالنظر إلى نتائجها ـ حائلة دون تنفيذ أحكامها تنفيذاً صحيحاً مكتملاً أو مقيداً لنطاقها .” (4)

و في حكم ثالث كان أكثر تفصيلا ً في ذات النقطة ، قضت المحكمة بأنه : “إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام “منازعة التنفيذ” أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقاً لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونا – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل بالتالى، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها، وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها، وكلما كان التنفيذ متعلقا بحكم صادر فى دعوى دستورية، فإن حقيقته مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازماً لضمان فاعليته، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها يفترض أمرين – أولهما: أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها او بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيهما: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقياً بها، ممكناً. فإذا لم تكن لها بها صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.” (5)

كما قضت المحكمة الدستورية العليا بأنه : ” منازعة التنفيذ التى يدخل الفصل فيها فى اختصاص المحكمة الدستورية العليا وفقاً للمادة 50 من قانونها، قوامها أن يكون التنفيذ قد اعترضته عوائق قانونية تحول دون إتمامه، أو تحد من جريانه وفقاً لطبيعته. وعلى ضوء الأصل فيه، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ أو عقاباته القانونية هى المسألة الكلية التى يدور حولها طلب إزالتها بقصد إنهاء الآثار القانونية الملازمة لها أو المترتبة عليها. ولايكون ذلك إلا بإسقاطها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. ” (6)

من جماع هذه الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا ، يمكن تعريف منازعة التنفيذ المتعلقة بالأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا بأنها : “المنازعة التي تختص بها المحكمة الدستورية العليا طبقا ً للمادة 50 من قانونها ، و تطرح على المحكمة العوائق التي تحول قانونا ً دون اكتمال تنفيذ أحكامها ، و تستهدف المنازعة انهاء الآثار القانونية الناشئة عن هذه العوائق أو المترتبة عليها ، و ذلك باسقاط مسببات هذه العوائق و إعدام وجودها.”

6- مميزات منازعة التنفيذ المتعلقة بأحكام المحكمة الدستورية العليا :

كما أوردنا مميزات منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات ، نورد مميزات منازعة التنفيذ المتعلقة بأحكام المحكمة الدستورية العليا :
أ. هي خلاف في وجهات النظر حول وجود عائق يؤدي إلى الحيلولة دون اكتمال تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية . و هي في ذلك تختلف بالكلية عن منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات ، و التي يتغيا صاحبها في الغالب الأعم من الأحوال أن يطرح على المحكمة المختصة عوائق يتمسك بها من أجل عرقلة تنفيذ الحكم المتنازع في تنفيذه. أما منازعة التنفيذ المتعلقة بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا فيقصد بها أن يُطرح على المحكمة الدستورية العليا العوائق التي تعرقل تنفيذ أحكامها بغية ازالة هذه العوائق.

ب. موضوعها عقبات قانونية تماما ً كمنازعات التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية و التجارية. إلا أن طبيعة هذه العقبات القانونية تختلف في طبيعتها عن تلك التي تطرحها منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات . إذ من المتصور أن تكون هذه العقبة متمثلة في عمل تشريعي صادر من السلطة التشريعية أو من السلطة التنفيذية في شكل قانون أو لائحة حلت محل نص تشريعي تم القضاء بعدم دستوريته أو بسقوطه بالتبعية لنص حُكِم بعدم دستوريته ، و انطوى هذا العمل التشريعي على ذات مضمون الحكم الذي تضمنه النص السابق الذي قُضي بعدم دستوريته أو بسقوطه ، إذ يعتبر هذا العمل التشريعي اللاحق بمثابة تحايل من المشرع على حكم المحكمة الدستورية الذي أعدم النص السابق ، و يعتبر هذا التشريع اللاحق بمثابة عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية ذي الصلة تستوجب اختصاص المحكمة الدستورية بالتدخل لإعدام هذا العمل التشريعي اللاحق ، و الإجراء الذي يطرح المسألة على المحكمة الدستورية العليا هو إقامة دعوى مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا كمنازعة متعلقة بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية المعني. و قد تتمثل هذه العقبة في قرار إداري لائحي يتم القضاء بعدم الإعتداد به . و أما الأعمال غير التشريعية كالقرارات الإدارية الفردية أو الأعمال التي تتم في نطاق القانون الخاص فهي لا يمكن أن تكون عقبة أمام تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية ، إذ تعتبر مخالفة للنظام العام و يمكن التوصل للقضاء ببطلانها عن طريق حكم صادر من المحكمة المختصة بحسب الأحوال ، حيث تكون هذه المحاكم ملزمة بإعمال الأثر القانوني لأحكام المحكمة الدستورية العليا. فإذا ما صدر حكم قضائي نهائي يثبت أركان هذا العمل القانوني (العائق) الذي تم في إطار القانون الخاص ، ففي هذه الحالة يعتبر هذا الحكم القضائي نفسه عائقا ً أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا ذي الصلة ، و يجوز ان يكون ذلك سببا ً لرفع دعوى منازعة تنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا بطلب عدم الإعتداد بهذا الحكم القضائي.

ج. يهدف المدعي بدعوى منازعة التنفيذ المتعلقة بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا إلى التوصل إلى إستكمال تنفيذ حكم المحكمة الدستورية. و لا تعتبر منازعة في التنفيذ و اعتراض عليه كما هو الحال بالنسبة للمنازعة في التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات، بل ادعاء بوجود عائق قانوني يحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية ابتداء أو يحول دون استكمال تنفيذه بعد الشروع فيه ، أو يهدد بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل تمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية ذي الصلة.

د. لا يتصور و نحن بصدد منازعة تنفيذ تعلقت بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا أن يصدر أمر ولائي مثلا كما هو الحال بالنسبة لمنازعات التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات. إلا أنه لايوجد ما يمنع المحكمة الدستورية العليا من إصدار قرارات وقتية لحين الفصل في موضوع المنازعة ، و ذلك تطبيقا ً لنص المادة من قانونها. فمثلا لو كان العائق القانوني موضوع المنازعة المرفوعة إلى المحكمة الدستورية العليا عبارة عن قرار إداري – فردي أو لائحي – فإنه يجوز للمحكمة الدستورية العليا – متمثلة في رئيسها – أن تصدر قراراً وقتياً بوقف تنفيذ هذا القرار الإداري لحين الفصل في موضوع المنازعة.

هـ. منازعة التنفيذ المتعلقة بأحكام المحكمة الدستورية العليا لا تعيد بحث المسألة التي حسمها حكم المحكمة الدستورية ذي الصلة ، فلا يجوز إعادة بحث مسألة سبق و أن حسمها حكم من أحكام المحكمة الدستورية العليا ، ذلك أن قانون المحكمة نفسه نص على أن أحكامها وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن (7). فموضوعها هو بحث مسألة وجود العائق المدعى بوجوده و ما إذا كان هذا العائق في ذاته هو سبب عدم اكتمال تنفيذ حكم المحكمة الدستورية . و لكن من المتصور أن يتم التعرض لحكم قضائي نهائي أثناء نظر المنازعة المتعلقة بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية ، فإذا ما تيقنت المحكمة من أن هذا الحكم القضائي يعتبر في ذاته عائقا ً يحول دون استكمال حكم المحكمة الدستورية على النحو الوارد في التعريف الذي انتهينا إليه و على النحو المستقر عليه في قضاء المحكمة الدستورية العليا ؛ كان نتيجة ذلك هو إهدار هذا الحكم القضائي و اعدامه من أجل افساح المجال لإستكمال تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية.

7- ندرة القضايا التي صدر فيها الحكم بطلبات المدعي – القضية النموذج:

بالبحث في جميع أحكام المحكمة الدستورية العليا منذ تاريخ نشأتها و حتى جلستها المنعقدة في 2/12/2007 (8) ، تم العثور على عدد قليل من القضايا التي طرحت على المحكمة الدستورية العليا منازعة تنفيذ متعلقة بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا ، و صدر فيها حكم بالإختصاص بنظرها و بقبولها و القضاء بالطلبات التي التمس المدعي من المحكمة أن تقضي له بها . أما باقي القضايا فقد حكم بعدم قبولها أو برفضها أو بعدم الإختصاص بنظرها.

و لذلك ، فسنتخير هذه الدعوى لتكون النموذج المثالي الذي نستظهر منه مناط اختصاص المحكمة الدستورية بنظر منازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامها ، و كذلك شرائط قبول هذه المنازعات ، و موجبات عدم القضاء برفض الدعوى و موجبات استجابة المحكمة لطلبات المدعي ، مع امكانية مقارنة هذه القضية بغيرها من القضايا التي قُضِي فيها بعدم الإختصاص أو بعدم القبول أو بالرفض ، حيث أن المقارنة بين الأضداد تبين صحة النتائج التي ننتهي إليها.

8- القضية النموذج الأولى :

القضية النموذج الأولى هي القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 22 قضائية “منازعة تنفيذ” ، و المحكوم فيها بجلسة 4/8/2001 (9) . و في هذه هي القضية ادُعي بأن العائق أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية هو عبارة عن عمل تشريعي . و سنعرض إليها ببيان موضوعها ، ثم سنعرض لما يحويه الحكم الصادر فيها من مسائل .

أ- موضوعها:
و يتلخص موضوعها على ما يبين من حيثيات الحكم الصادر فيها – يتلخص فيما يلي:
(1) أصدرت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 6/5/2000 حكمها في القضية المقيدة رقم 193 لسنة 19 قضائية “دستورية” (10) و الذي قضى بعدم دستورية نص المادة (25) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 فيما تضمنه من إسناد الفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء هيئة قضايا الدولة وطلبات التعويض المترتبة عليها للجنة التأديب والتظلمات.
(2) على أثر صدور ذلك الحكم وفي 8/5/2000أصدر رئيس تلك الهيئة القرار رقم 1 لسنة 2000 الذي نص في مادته الأولى على وقف انعقاد جلسات لجنة التأديب والتظلمات المحددة لنظر الطلبات المقدمة من أعضاء الهيئة الحاليين والسابقين لحين صدور التشريع المنفذ لحكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، وفي مادته الثانية على استمرار اللجنة في نظر الدعاوى التأديبية.
(3) أعقب ذلك صدور قرار رئيس هيئة قضايا الدولة رقم 2 لسنة 2000 ناصاً على إلغاء قراره السابق رقم 1 لسنة 2000.
(4) من جهة أخرى كان المدعى قد أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 11135 لسنة 54 قضائية طعناً على قرار تخطيه في الترقية. كما أخطرته أمانة اللجنة المشار إليها للحضور أمامها في 18/9/2000 لنظر تظلمه رقم 295 لسنة 1999.
(5) رأى المدعى أن قرار رئيس هيئة قضايا الدولة رقم 2 لسنة 2000 يشكل عقبة تعوق تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 193 لسنة19 قضائية “دستورية” المشار إليه.
(6) أقام المدعي دعواه أمام المحكمة الدستورية العليا كمنازعة تنفيذ طالباً الحكم بوقف تنفيذ قرار رئيس هيئة قضايا الدولة رقم 2 لسنة 2000 فيما تضمنه من إلغاء قراره رقم 1 لسنة 2000 بوقف انعقاد جلسات لجنة التأديب والتظلمات بالهيئة للنظر في الطلبات المقدمة من أعضاء الهيئة الحاليين والسابقين وذلك لحين صدور التشريع المنفذ لحكم المحكمة الدستورية العليا، وفي الموضوع بعدم الاعتداد بالقرار رقم 2 لسنة 2000 المشار إليه، والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 193 لسنة 19 قضائية “دستورية”، وما يترتب على ذلك من آثار.

ب- دعوى المنازعة في التنفيذ ترفع مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا بـخلاف دعوى الدستورية:
دعاوى منازعة التنفيذ التي تختص بها المحكمة الدستورية العليا طبقا ً للمادة 50 من قانونها مثلها مثل دعاوى فض التنازع بين الأحكام القضائية النهائية التي تصدر من جهتين قضائيتين مختلفتين. فهذان النوعان من الدعاوى يختلفان عن دعاوى الدستورية في أن الأخيرة يلزم لقبولها أن ترفع إلى المحكمة الدستورية بعد الدفع بعدم الدستورية في النزاع الموضوعي ثم تقدر محكمة الموضوع جدية هذا الدفع و تصرح لمبديه بأن يقيم الدعوى الدستورية. و أما منازعة التنفيذ – و كذلك دعاوى التنازع – فيتم رفعها مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا ، و مثلهما أيضا ً دعاوى تفسير الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا.

ج – في مسألة الإختصاص :
كعادتها في مثل هذا النوع من القضايا ، دفعت هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية بالفصل في الدعوى الراهنة، تأسيساً على أمرين، أولهما: أن القرار المطعون فيه لا يعتبر عملاً تشريعياً مما تمتد إليه الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية، وثانيهما: أن إعمال أثر الحكم بعدم الدستورية هو مما تختص به محكمة الموضوع ولا تمتد إليه ولاية المحكمة الدستورية العليا.

و قد ردت المحكمة الدستورية على هذا الدفع في بضع سطور جاء فيها : ” أن الدعوى الماثلة ليست – في أصلها – طعناً بعدم الدستورية، وبالتالي فلا محل فيها للتفرقة بين العمل التشريعي وغيره، وإنما أقيمت باعتبارها منازعة تنفيذ في حكم أصدرته المحكمة في دعوى دستورية، ومن ثم فإن ما تثيره هذه الدعوى هو مدى توافر الشروط المتطلبة في منازعات التنفيذ التي تختص بها المحكمة الدستورية العليا طبقاً للمادة 50 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.”

و المادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا تنص على ما يلي:
” تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها.
وتسري على هذه المنازعات الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.
ولا يترتب على رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى الفصل في المنازعة.”

د – لا يشترط في المدعي في منازعة التنفيذ المتعلقة بحكم أصدرته المحكمة الدستورية أن يكون طرفا ً في الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم :

و هذه النتيجة مستفادة من الدفع بعدم القبول الذي أبدته هيئة قضايا الدولة و من رد المحكمة الدستورية على هذا الدفع :

حيث أن هيئة قضايا الدولة خلطت بين منازعات التنفيذ و الدعوى الدستورية و دفعت بعدم قبول الدعوى تأسيساً على انتفاء مصلحة رافعها بمقولة أنه يشترط لقبول دعوى منازعة التنفيذ أن تعود على رافعها منفعة يقرها القانون ويرتبط ذلك بمصلحته في الدعوى الموضوعية التي أثيرت منازعة التنفيذ بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيها على الحكم في الدعوى الموضوعية، وأن المدعى لم يكن طرفاً في الدعوى الدستورية المطلوب الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر فيها بل رفض تدخله فيها، كما لم يرفع أي دعوى يتطلب الفصل فيها البت في منازعة التنفيذ الماثلة.

إلا أن المحكمة الدستورية قضت بأن هذا الدفع مردود عليه بأن المدعى يستهدف من دعواه ألا تفصل لجنة التأديب والتظلمات في طعنه على قرار تخطيه في الترقية لينعقد الفصل في ذلك الطعن للمحكمة المختصة – على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن – مما يوفر له مصلحة في إقامة الدعوى الماثلة؛ ومن جهة أخرى فليس ثمة تلازم بين منازعة التنفيذ وبين دعوى موضوعية حتى يقال أن تلك المنازعة قد ثارت بمناسبتها، فهذا الربط بين الأمرين ليس إلا خلطاً بين منازعات التنفيذ والدعاوى الدستورية.

هـ – العائق أمام التنفيذ قد يكون عملا ً تشريعيا ً ، و هذا يستنهض اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالرقابة على دستورية هذا العمل التشريعي:

بعد أن ردت المحكمة الدستورية على الدفوع التي أبدتها هيئة قضايا الدولة ، أوردت في حيثيات الحكم أن : “منازعات التنفيذ تتعدد صورها وتتنوع تطبيقاتها وإن كان جميعها أنها تطرح عوائق التنفيذ سواء كانت معطلة له أو مقيدة مداه، ويندرج ضمن هذه المنازعات أن يتبنى المشرع بتشريع جديد ذات أحكام نص تشريعي سبق لهذه المحكمة القضاء بعدم دستوريته أو أن تستمر السلطة التنفيذية في إعمال حكم نص تشريعي سبق للمحكمة – استناداً للأحكام الموضوعية في الدستور – إبطال نص مطابق له في النطاق عينه وموجه للمخاطبين به أنفسهم بحجة أنه نص جديد مستترة في ذلك وراء فكرة استقلال النصوص القانونية؛ إذ لا يعدو أن يكون ذلك تحايلاً على أحكام الشرعية الدستورية، ومن ثم يعتبر هذا التشريع الجديد أو ما يصدر من قرارات تنفيذاً له عقبة من عقبات التنفيذ.”
و لأن المادة 27 من قانون المحكمة الدستورية العليا تجيز للمحكمة في جميع الحالات أن تقضي بعدم دستورية أي نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة اختصاصاتها ويتصل بالنزاع المطروح عليها وذلك بعد اتباع الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية. فقد أعملت المحكمة الدستورية مقتضى هذه المادة و قررت أنه إذا كان العائق أمام التنفيذ عبارة عن عمل تشريعي و كان مخالفا ً للدستور ، تصدت لبحث مدى دستوريته ، و القضاء بعدم دستوريته إذا تحققت من مخالفته للدستور . حيث جاء في حيثيات الحكم الصادر في القضية النموذج التي نحن بصددها بعد أن اوضحت مقومات الحالة التي يكون فيها العائق أمام تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية تشريعا ً أصدره المشرع بما يطابق حكم نص سبق القضاء بعدم دستوريته – أوردت أنه في هذه الحالة ” يجوز لهذه المحكمة عندئذ أن تعمل ما خولته إياها المادة 27 من قانونها من التصدي لدستورية النص الجديد الذي عرض لها بمناسبة نظرها منازعة التنفيذ المطروحة عليها لاتصاله بها، وذلك بعد إتباع الإجراءات المقررة لتحضير الدعوى الدستورية.”
و – مقتضى ممارسة المحكمة الدستورية اختصاصها في إزالة العوائق التي تحول دون تنفيذ أحكامها – عدم دستورية العمل التشريعي إذا كان عائقا ً – عدم الإعتداد بالقرار الإداري إذا كان عائقا ً:

جاء في حيثيات الحكم الصادر في القضية التي نحن بصددها ، و بناء على ما سبق و أن أوردناه من هذه الحيثيات ، جاء فيها أن : ” وحيث إن هذه المحكمة سبق أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/5/2000 حكمها في الدعوى رقم 193 لسنة 19 قضائية “دستورية” الذي قضى في منطوقه بعدم دستورية نص المادة (25) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 فيما تضمنه من إسناد الفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء هيئة قضايا الدولة وطلبات التعويض المترتبة عليها للجنة التأديب والتظلمات، فبادر رئيس الهيئة المدعى عليها بإصدار القرار رقم 1 لسنة 2000 بتاريخ 8/5/2000- مشيراً في ديباجته إلى الحكم آنف الذكر- متضمناً وقف انعقاد جلسات لجنة التأديب والتظلمات فيما يتعلق بنظر الطلبات المقدمة من أعضاء الهيئة وذلك لحين صدور التشريع المنفذ لذلك الحكم،بيد أنه جرى النكوص عن ذلك بالقرار رقم 2 لسنة 2000 الصادر بتاريخ 18/6/2000 الذي ألغى القرار رقم 1 سالف الذكر، ومن ثم استمرت اللجنة المذكورة في نظر طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء تلك الهيئة وطلبات التعويض المترتبة عليها.
وحيث إن الإشارة في ديباجة القرار رقم 2 لسنة 2000 سالف البيان إلى القانون رقم 88 لسنة 1998 الذي تضمن تعديل نص المادة25 من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 75 لسنة 1963، بمقولة أنه استبقى ذات الحكم المتضمن اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون أعضائها وطلبات التعويض عنها، لا تنهض مبرراً يسوغ إصداره وذلك بعد أن اتضح لتلك الهيئة بجلاء أن هذا الحكم الذي قرره مجدداً القانون رقم 88 لسنة 1998 قد انتظمه نص سابق ظاهر البطلان قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته وهو نص المادة 25 المشار إليها قبل تعديلها بالقانون رقم 88 لسنة 1998، وما كان للهيئة أن تعود لتتبنى ذلك النص وتستند إليه بعد أن كانت قد هجرته في قرار سابق، خاصة وأن حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر قد أورد في أسبابه المكملة لمنطوقه صراحة أن لجنة التأديب والتظلمات ظلت تجمع بين اختصاصاتها سالفة الذكر – ومن بينها إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون أعضاء الهيئة وطلبات التعويض عنها – بل أضاف إليها القانون 10 لسنة 1986 ومن بعده القانون 88 لسنة 1998 المعدلان لقانون هذه الهيئة طائفة أخرى من المنازعات هي تلك المتعلقة بالمرتبات والمكافآت والمعاشات الخاصة بأعضاء الهيئة أو بورثتهم، ومن ثم يكون القرار الجديد رقم 2 لسنة 2000 الصادر من رئيس الهيئة، عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا السالف الإشارة إليه بحيث يجوز لكل من أضير من إعماله في حقه أن يتقدم إلى هذه المحكمة طالباً إزالة هذه العقبة. “

و نستخلص من ذلك نتيجة مهمة أخرى ، مفادها أن الطعن على القرار الإداري رقم 2 لسنة 2000 المذكور كانت تختص به إيضا ً المحكمة الإدارية العليا ، إلا أن المحكمة الدستورية قررت أنه يجوز لكل من أضير من إعماله أن يتقدم إلى المحكمة الدستورية العليا طالبا ً عدم الإعتداد به . و لو كانت قد صدرت قرارات فردية إعمالا ً له و تحصنت هذه القرارات ضد الطعن بالإلغاء ، ذلك أن هذه القرارات الإدارية الفردية صدرت تطبيقا ً لهذا القرار اللائحي ، و هذا الأخير معدوم لكونه عقبة في سبيل تنفيذ حكم أصدرته المحكمة الدستورية ، و لما كان الثابت أن ما بني على باطل فهو باطل ، فإن ما بني علة المعدوم فهو معدوم مثله لا يتحصن بفوات مواعيد .

و انطلاقا ً من هذه الحيثيات صدر الحكم بعدم دستورية النص التشريعي و كذلك بعدم الإعتداد بالقرار الإداري اللذين كانا عقبة في سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية سالف البيان . و تأكيدا ً لما انتهينا إليه من نتائج ، نورد منطوق هذا الحكم: ” حكمت المحكمة : أولاً- بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 25 من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 75 لسنة 1963 معدلاً بالقانون رقم 88 لسنة 1998 فيما تضمنه من اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالهيئة بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون أعضاء الهيئة وطلبات التعويض عنها. ثانياً- بعدم الاعتداد بقرار رئيس هيئة قضايا الدولة رقم 2 لسنة 2000.”

9- القضية النموذج الثانية:

القضية النموذج الثانية هي القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 21 قضائية “منازعة تنفيذ” ، و المحكوم فيها بجلسة 4/8/2001 . (11) و سنعرض إليها ببيان موضوعها ، ثم سنعرض لما يحويه الحكم الصادر فيها من مسائل .

أ- موضوعها :
تتلخص وقائع هذه القضية فيما يلي:
(1) المدعية كانت تشغل وظيفة وكيل نيابة بهيئة النيابة الإدارية.
(2) بتاريخ 8/3/1993 صدر قرار مجلس الصلاحية بالهيئة بنقلها إلى وظيفة غير قضائية.
(3) طعنت هي فى هذا القرار بالطعن رقم 4468 لسنة 39 قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا، التى قضت برفضه، فأقامت المدعية الطعن رقم 94 لسنة 41 قضائية ابتغاء القضاء ببطلان ذلك الحكم أمام ذات المحكمة، التى تراءى لها من وجهة مبدئية مخالفة بعض نصوص قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية – التى حددتها – لأحكام الدستور ؛ ومن ثم فقد قررت بجلسة 28/3/1998، وقف الدعوى وإحالة المسألة الدستورية المثارة إلى المحكمة الدستورية العليا.
(4) قيدت الدعوى الدستورية برقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية، وبجلسة 5/12/1998 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نصوص المواد 38 مكرراً (3) و 39 و 40 من قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989، وذلك فيما تضمنته من أن يرأس مجلس التأديب رئيس الهيئة الذى طلب إقامة دعوى الصلاحية أو الدعوى التأديبية •
(5) عُجَّل السير فى الدعوى الموضوعية، و قضت المحكمة الإدارية العليا فى 27/9/1999 برفضها ؛ تأسيساً على أن الحكم بعدم الدستورية لاينسحب أثره على المدعية، بعد أن استقر مركزها القانونى بالحكم المطلوب إبطاله .
(6) المدعية إلى إقامة دعوى منازعة التنفيذ المشار إليها طالبة الحكم بتفسير حكمها الصادر بجلسة 5/12/1998 فى القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية المشار إليها (12)، وذلك لبيان نطاق أثره من حيث الزمان ، ومدى سريان هذا الأثر فى دعاوى بطلان الأحكام النهائية الصادرة قبل صدوره •(13)

ب- طلبات المدعية تعلقت بالتفسير ، إلا أن المحكمة أعطت الدعوى وصفها الحق باعتبار أن الدعوى منازعة تنفيذ مما تختص به المحكمة الدستورية العليا:

رأينا أن المدعية في دعواها التي نحن بصدد دراسة الحكم الصادر فيها ، كانت قد طلبت الحكم بتفسير حكما المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية المشار إليها ، وذلك لبيان نطاق أثره من حيث الزمان ، ومدى سريان هذا الأثر فى دعاوى بطلان الأحكام النهائية الصادرة قبل صدوره.

إلا أن المحكمة لم تلتزم بتكييف المدعية لدعواها ، إذ رأت المحكمة – بما لها من هيمنة على الدعوى – أنها هي التى تعطي الدعوى وصفها الحق، وتكييفها الصحيح، متقصية فى سبيل ذلك الطلبات المطروحة فيها ؛ مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها . و أنه لما كانت المدعية إنما تهدف من دعواها إلى المضِّى فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا – رقم 83 لسنة 20 ق دستورية- وعدم الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بتاريخ 27/9/1999، “باعتبار أنه يشكل عقبة تحول دون تنفيذ مقتضى الحكم الصادر فى الدعوى الدستورية رقم 83 لسنة 20 قضائية بالنسبة للمدعية ” ؛ ومن ثم، فقد كيفت المحكمة الدستورية العليا دعواها و أدخلتها فى عداد المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى مفهوم المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.

ج- المدعية هنا كانت طرفا ً في خصومة الحكم الذي تعلقت به دعوى منازعة التنفيذ –مقارنة مع القضية النموذج الأولى – نتيجة المقارنة:

إذا كان المدعي في القضية النموذج الأولى لم يكن طرفا ً في الخصومة التي صدر فيها حكم المحكمة الدستورية الذي تعلقت بتنفيذه دعوى منازعة التنفيذ التي أقامها أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن المدعية في هذه القضية النموذج الثانية كانت طرفا ً في خصومة حكم المحكمة الدستورية الذي تعلقت بتنفيذه دعوى منازعة التنفيذ الماثلة. و رأينا أن المحكمة قد قضيت بقبول الدعويين رغم هذا التباين ، و بالتالي ننتهي إلى نتيجة في غاية الأهمية ، مفادها أن كون المدعي في المنازعة المتعلقة بتنفيذ حكم سبق و أن أصدرته المحكمة الدستورية العليا طرفا ً في الخصومة الدستورية التي صدر فيها هذا الحكم أو لم يكن طرفا ً فيها ، فإنه لا أثر لذلك على توافر شرائط قبول دعوى المنازعة محل البحث.

و تأكيدا ً على ذلك فإن المدعي في القضية النموذج الأولى كان قد طلب التدخل في الخصومة التي صدر فيها الحكم بعدم الدستورية المتصل بموضوع دعوى منازعة التنفيذ التي أقامها ، و تم رفض طلب تدخله ، و بالرغم من ذلك لم ينقض حقه في أن يرفع إلى المحكمة الدستورية العليا دعوى موضوعها منازعة تتعلق بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية الذي صدر في خصومة دستورية رُفض تدخله فيها.

د – عندما يكون العائق أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية حكما ً قضائيا ً – اعتباره عقبة مادية و عدم لا يعتد به:

الثابت من الحكم الذي نحن بصدد دراسته أن إقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا موضوعها منازعة تتعلق بتنفيذ حكم صدار منها ، و اختصاصها بها طبقا ً للمادة 50 من قانونها ، يترتب على ذلك استنهاض ولاية هذه المحكمة للتخل لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها فى الدعاوى الدستورية ؛ وتنال من جريان آثارها ؛ و ذلك طالما كانت هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – قد حالت فعلا، أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذاً صحيحا مكتملا، أو مقيدة لنطاقها. على أن يكون مفهوماً أن التنفيذ لايبلغ غايته إلا إذا كان كافلاً انسحاب أثر الحكم إلى يوم صدور النص المقضى بإبطاله ؛ فإذا أعاق انسياب تنفيذ حكم المحكمة ذي الصلة أى عارض، ولوكان تشريعاً أو حكماً قضائياً ؛ جاز لهذه المحكمة التدخل لا لإعمال هذا الأثر بنفسها، وإنما لترفع من طريقه ذلك العارض، وسبيلها إلى ذلك الأمر بالمضى فى تنفيذ الحكم بعدم الدستورية، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذى عطَّل مجراه، لأنه لايعدو – وإن كان حكماً قضائياً باتاً – أن يكون عقبة مادية هى والعدم سواء . و يترتب على هذا البطلان المطلق الذي انعدم بسببه هذا الحكم القضائي الذي اعتبرته المحكمة الدستورية عائقا ً أمام تنفيذ حكم لها ، أن تسترد محكمة الموضوع ولايتها فى إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية على كل ذى شأن ؛ ولايَصُدَّنها عن ذلك عمل سابق لها، كان مُحدِّداً لأثره على غير جادة القانون، أو حائداً به عن استقامته، بعد أن أسقطه الحكم الآمر بالمضى فى التنفيذ، إذ الساقط لايعود .

و قد جاء في حيثيات الحكم الصادر في القضية الماثلة أنه : “متى كان ذلك، وكانت النصوص المقضى بعدم دستوريتها من قانون النيابة الإدارية سالف الذكر، والتى انبنى عليها قرار مجلس الصلاحية بنقل المدعية إلى وظيفة غير قضائية – وهو ماينحل فصلاً لها من وظيفتها السابقة ذات الطبيعة القضائية – لاتزال تنتج أثرها فى حقها، بما يقيم مصلحتها الشخصية والمباشرة فى منازعة التنفيذ الراهنة، فقد بات متعيناً القضاء بالمضى فى تنفيذ الحكم الصادر من هذه المحكمة فى القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية، وترتيب آثاره كاملة بلا أمْت ولاعوج، بما فى ذلك عدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 27/9/1999 فى الطعن رقم 94 لسنة 41 قضائية، بحسبانه عقبة مادية أعاقت تنفيذ الحكم الصادر فى المسألة الدستورية وانحرفت بجوهره، وحَدَّت من مداه .”

ثم جاء في حيثيات هذا الحكم في مواجهة صريحة – و لاذعة – لحكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه : ” ولاينال مما تقدم، سبق صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا فى الدعوى رقم 4468 لسنة 39 قضائية ؛ برفض الطعن على قرار مجلس الصلاحية بنقل المدعية إلى وظيفة غير قضائية، بعد أن غضّت المحكمة التى أصدرت ذلك الحكم طرفها عنه بقرارها الآمر بتاريخ 28/3/1998 بوقف دعوى البطلان الأصلية الرقيمة 94 لسنة 41 قضائية، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا، تربصاً لقضائها الفاصل فى دستورية المواد سالفة الذكر، ليستبين على هديه مدى سلامة تشكيل مجلس الصلاحية الذى أبرم الحكم السابق قراره، حتى تحدد المحكمة المحيلة نصيب حكمها ذاك من الصحة أوالبطلان، ولتنجلى بالبناء عليه حقيقة المركز القانونى للمدعية، وماإذا كان القرار الصادر بفصلها صادراً من سلطة تملك من زاوية دستورية إصداره أم أنها سلطة غاصبة ومنتحلة ؛ سيما وأن المشرع حين أوجب هذا الوقف إنما تغيا – وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة – توكيد حقيقة أن الترضية القضائية المتمثلة فى الحكم بعدم الدستورية، باعتبارها الفائدة العملية الناجمة عن الدعوى الدستورية، يتعين أن يجنيها كل ذى شأن من أطرافها، ضماناً لفعالية حق التقاضى ؛ بمالايستقيم معه أن تنقض المحكمة المحيلة غزلها بيدها، أو أن تحرم المدعية – من دون الناس كافة – من قطف ثمرة استعمالها حقها الدستورى فى اللجوء إلى القضاء، وإلا استحال هذا الحق لغواً ؛ ولغدت الإحالة – من محكمة الموضوع – إلى هذه المحكمة بدورها عبثاً ، وهو مايناقض أحكام المادتين 68 و72 من الدستور .”
ثم حكمت المحكمة الدستورية ” بالمضِّى فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1998 فى القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية، ومايترتب على ذلك من آثار.” و حتما ً فإن المقصود بهذه الآثار هو انعدام حكم المحكمة الإدارية العليا الذي كان قد صدر في الطعن الذي أقامته المدعية قاضيا ً ضدها برفض طعنها ؛ تأسيساً على أن الحكم بعدم الدستورية لاينسحب أثره على المدعية، بعد أن استقر مركزها القانونى بالحكم المطلوب إبطاله ، لكون هذا الحكم عدم لا يعتد به ، و كذلك من هذه الآثار أن تلتزم المحكمة الإدارية العليا بإعادة نظر موضوع طعن المدعية على ضوء حكم المحكمة الدستورية الذي تمسكت به المدعية على النحو سالف البيان.

10 – القضية النموذج الثالثة :

القضية النموذج الثالثة هي القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 25 قضائية “منازعة تنفيذ” ، و المحكوم فيها بجلسة 13/2/2005 . (14) و ما يميز هذه القضية أنها تتعلق بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا في نص جنائي ، و أن الحكم الذي تتعلق به كان قد قضى في منطوقه بعدم القبول بخلاف الحكمين الذين تعلقت بهما القضيتين النموذج السابقتين. و يميزها أيضا ً أن المدعي فيها متهم تمت إدانته بارتكاب جريمة و عوقب بالحبس ، و استنفذ جميع طرق الطعن ، حتى أن محكمة النقض لم تنصفه ، فكانت دعوى المنازعة التي نحن بصدد دراستها هي سبيله إلى الزود عن حقه. و سنعرض إلى هذه القضية كما سبق و صنعنا و نحن بصدد عرض القضيتين السابقتين ، ببيان موضوعها ، ثم سنعرض لما يحويه الحكم الصادر فيها من مسائل .

أ- موضوعها :

تتلخص وقائع هذه القضية فيما يلي:
(1) النيابة العامة قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية فى الجنحة رقم 6561 لسنة 1993 قسم بنها متهمة إياه بأنه إبان عامى 1991 ، 1992 وهو مالك للعقار تقاضى من المستأجرين مبالغ كمقدم إيجار يزيد عن الحد المقرر قانوناً .
(2) بجلسة 2/11/1994 قضت محكمة الجنح بحبسه سنة مع الشغل وكفالة 50 جنيه ، وألزمته برد ما تقاضاه وهو مبلغ 45340 جنيهاً وتغريمه مثلى هذا المبلغ ، ومثليه لصندوق الإسكان الاقتصادى بالمحافظة – وذلك عملاً بالمواد (1 ، 26/1) من القانون رقم 49 لسنة 1977 ، 6 ، 25/3 من القانون رقم 136 لسنة 1981 .
(3) بجلسة 4/5/1995 قضت محكمة الجنح المستأنفة فى الجنحة رقم 9605 لسنة 1994 جنح مستأنف بنها بتأييد الحكم مع إيقاف عقوبة الحبس .
(4) بجلسة 15/1/2003 قضت محكمة النقض فى الطعن رقم 12956 لسنة 65 ق بعدم قبوله وصار الحكم باتاً .
(5) بعد الفصل في الإستئناف و قبل حكم محكمة النقض المذكورين ، قضت المحكمة الدستورية العليا فى 22/2/1997 بعدم قبول الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية ” دستورية ” (15) وأسست قضاءها على أن الواقعة محـل الاتهام الجنائى إذ لـم تعد معاقباً عليها بصدور القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها ، فقد تعين الحكم بانتفاء مصلحة المدعى – فى الدعوى الدستورية المشار إليها – بعد أن غض المشرع بصره عن بعض التدابير الاستثنائية للعلائق الإيجارية التى انبنى التجريم عليها وخرج من صلبها ، وأن قضاءها باعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 أصلح للمتهم وقد انبنى على التطبيق المباشر للقواعد الدستورية التى تناولها ذلك الحكم ، يسبغ عليه الحجية المطلقة المقررة قانوناً للأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية بما تعنيه من إلزام للناس كافة ولكل سلطة فى الدولة بما فى ذلك جهات القضـاء على اختلافها .
(6) رأى في الحكم الصادر ضده فى الجنحة المشار إليها عقبة فى سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان ، فأقام الدعوى الراهنة طالباً بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر ضده فى الدعوى الجنائية رقم 6561 لسنة 1993 جنح قسم بنها والذى تأيد بالحكم الصادر فى القضية رقم 9605 لسنة 1994 جنح مستأنف بنها ، والقرار الصادر من محكمة النقض بعدم قبول الطعن رقم 12956 لسنة 65 قضائية . وفى الموضوع الحكم بالاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 22/2/1997 فى القضية رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية فيما قضى به من اعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 قانوناً أصلح للمتهم ، مع ما يترتب على ذلك من آثار .

ب – عن الحكم الدستوري الذي تعلقت به منازعة التنفيذ محل الدراسة:

هذه هي المرة الأولى التي نجد فيها منازعة التنفيذ قد تعلقت بحكم صادر بعدم القبول ، و لكي نفهم الكيفية التي يمكن أن تتعلق بها الحقوق بالتمسك بأحكام المحكمة الدستورية في حيثياتها التي انبنى عليها قضاؤها ، و لو كان هذا القضاء صادر بالرفض أو لنتهاء الخصومة أو بالرفض ، فإننا سنعرض بإيجاز إلى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية و الذي تمسك المدعي في قضيتنا النموذج الماثلة بتنفيذه . آملين من القارئ أن يقرأ هذا الحكم بالتفصيل ليكتمل إلمامه بالفكرة التي نود أن نشرحها و نؤكد عليها.

و تتلخص وقائع القضية التي صدر فيها الحكم الذي تعلقت به المنازعة محل الدراسة في أن النيابة العامة، قدمت المدعى – و هو غير المدعي في قضيتنا النموذج طبعا ً – للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 255 لسنة 1992 جنح أمن دولة، متهمة إياه بأنه -وبصفته مؤجراً- تقاضى من المستأجر مقدم إيجار يجاوز أجرة سنتين، وطلبت النيابة عقابه بمواد الاتهام المنصوص عليها بالقانونين رقمى 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر و136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. و لكن تم القضاء حضوريا بحبس المتهم سنة مع الشغل، فاستأنف هذا الحكم و دفع بعدم دستورية المادتين 26 و77 من القانون رقم 49 لسنة 1977، والمادتين 6 و 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد صرحت له برفع دعواه الدستورية، فأقام الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية التي صدر فيها الحكم الذي يستمسك صاحبنا في القضية النموذج بإزالة العقبات أمام تنفيذه.

و لكن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم قبول الدعوى الدستورية رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية ، و لكن هذا القضاء لم يكن ليعني أن رافعها قد خسرها ، فهو إذ لم يقض له بمطلوبه ، إلا أن حيثيات الحكم كانت كفيلة بتحقيق مصالحه المشروعة في القضية الجنائية التي حكم فيها بحبسه أمام محكمة أول درجة.

إذ جاء في حيثيات هذا الحكم أنه :” وحيث إن البين من القوانين التى نظم بها المشرع العلائق الإيجارية – وبقدر اتصال أحكامها بالنزاع الراهن – أن المشرع انتقل بحق المؤجر فى تقاضى مقدم الأجرة، من الحظر الكامل، إلى الحظر المقيد، إلى إطلاق هذا الحق من كل قيد ضمانا لأن يكون حقا مكتملا لامبتسرا 0 فقد حال المشرع بالفقرة الثانية من المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، دون أن يتقاضى المؤجر – تحت أية صورة من الصور – مقدم إيجار على أى نحو . واقترن هذا الحظر الكامل بنص المادة 77 من هذا القانون التى تقضى بمعاقبة كل من أخل بحكم المادة 26 منه – سواء أكان مؤجرا أو مستأجرا أو وسيطا – بالحبس مدة لاتقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة تعادل مثلى المبلغ الذى تقاضاه بالمخالفة لأحكام هذه المادة، متوخيا بذلك ألا يفاضل المؤجر بين المتزاحمين على وحدة يملكها، على ضوء أكثرهم قدرة لدفع مقدم أجرتها . ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 136 لسنة 1981 منظما بعض الأحكام الخاصة للعلائق الإيجارية، وكافلا بالفقرة الأولى من مادته السادسة، حق المؤجر فى أن يتقاضى – بالشروط التى حددتها هذه الفقرة – مقدم إيجار لايزيد على أجرة سنتين. وصار هذا الحظر المحدود مُقَيدا بالتالى من حكم الفقرة الثانية من المادة 26 من القانون السابق، ومانعا من تطبيقها فى شأن مقدم الإيجار الذى يتقاضاه المؤجر وفقا لأحكام القانون اللاحق. وتلا هذين القانونين، صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 فى 30 من يناير 1996، الذى أعاد المشرع بمقتضاه إلى حرية التعاقد صورا بذاتها من العلائق الإيجارية، هى تلك التى نظمتها مادته الأولى بنصها على ألا تسرى أحكام القانونين رقمى 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، و 136 لسنة 1981 ببعض الأحكام الخاصة ببيع وتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلهما، على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها، ولاعلى الأماكن التى انتهت عقود تأجيرها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهى بعده لأى سبب، دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها.”

ثم انطلق الحكم من بعد ذلك إلى نتيجة مفادها أنه : ” وحيث إن القانون رقم 136 لسنة 1981، وإن شرط لتطبيق العقوبة التى كان القانون رقم 49 لسنة 1977 قد فرضها فى شأن تقاضى المؤجر لمقدم إيجار، أن يكون الحصول عليه بما يجاوز أجرة سنتين ، إلا أن القانون اللاحق – وهو القانون رقم 4 لسنة 1996 – أعاد من جديد تنظيم هذا الموضوع فى شأن الأماكن التى حددتها مادته الأولى، مقررا سريان قواعد القانون المدنى -دون غيرها- فى شأن تأجيرها واستغلالها، وملغيا كل قاعدة على خلافها، مؤكدا بذلك استئثار أصحابها بها، …….، فلايكون الجزاء الجنائى …. إلا منهدما بعد العمل بالقانون الجديد. ” . و أوردت الحيثيات أيضا ً أن ” الأفعال التى أثمها القانون السابق بالشروط التى فرضها، هى ذاتها التي أطلق القانون الجديد الحق فيها، فلايكون امتداده إليها إلا ضمانا لصون الحرية الشخصية التى منحها الدستور الرعاية الأوفى والأشمل توكيدا لقيمتها . بل إن هذا القانون – وباعتباره أصلح للمتهم – يعتبر متمتعا بالقوة ذاتها التى كفلها الدستور لهذه الحرية، فلايكون القانون السابق حائلا دون جريانها، بل منجرفا بها “. و أنه ” من غير المتصور أن يظل قائما، التجريم المقرر بالقانون السابق فى شأن تقاضى مقدم الأجرة لأكثر من سنتين، إذا كانت الأماكن التى يشملها هذا القانون مؤجرة قبل نفاذ القانون الجديد، فإذا خلا مكان منها وقت سريان هذا القانون، تحرر المؤجرجنائيا من كل قيد يتعلق بالمدة التى يقتضى عنها مقدم الأجرة .وليس مفهوما أن يكون للفعل الواحد معنيان مختلفان، ولا أن تحتفظ الجريمة التى أنشاها القانون القديم بذاتيتها، وبوطأة عقوبتها، بعد أن جرد القانون الجديد الفعل الذى يكونها من الآثام التى احتضنها ” . و أوردت الحيثيات أيضا ً في هذا السياق أن ” القانون الجديد صرح بإلغاء كل قانون يتضمن أحكاما تناقض تلك التى أتى بها، بما مؤداه اطراح النصوص المخالفة للقانون الجديد – فى شأن يتعلق بالتجريم – سواء تضمنها تنظيم عام أو خاص. ذلك أن القوانين لاتتنازع إلا بقدر تعارضها، ولكنها تتوافق من خلال وسائل متعددة يتصدرها -فى المجال الجنائى- القانون الأصلح، فلايكون نسيجها إلا واحدا. والجريمة التى أنشأها القانون السابق هى ذاتها التى هدمها القانون الجديد. ووجودها وانعدامها متصادمان، فلايستقيم اجتماعهما ” .

و بناء على ما جاء في هذه الحيثيات التي أكدت على أن النص الذي عوقب على أساسه الطاعن قد ألغي بموجب قانون آخر جديد على النحو الوارد تفصيلا ً في تلك الحيثيات ، فقد اعتبرت المحكمة القانون الجديد في هذه الحالة هو القانون الأصلح للمتهم ، و أن ” إعمال الأثر الرجعى للقانون الأصلح – يعتبر انحيازا من القاضى لضمانة جوهرية للحرية الشخصية، تبلورها السياسة العقابية الجديدة للسلطة التشريعية التى تتحدد على ضوء فهمها للحقائق المتغيرة للضرورة الاجتماعية . وهى بعد ضرورة ينبغى أن يحمل عليها كل جزاء جنائى، وإلا فقد علة وجوده . وحيث إنه متى كان ماتقدم، وكانت الواقعة محل الاتهام الجنائى لم تعد معاقبا عليها، فقد تعين الحكم بانتفاء مصلحة المدعى فى الدعوى الماثلة، بعد أن غض المشرع بصره عن بعض التدابير الاستثنائية للعلائق الإيجارية التى انبنى التجريم عليها، وخرج من صلبها . وحيث إن قضاء هذه المحكمة باعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 أصلح للمتهم، قد انبنى على التطبيق المباشر للقواعد الدستورية التى تناولتها على النحو المتقدم، فإن حكمها باعتبار هذا القانون كذلك، يكون متمتعا بالحجية المطلقة التى أسبغها المشرع على أحكامها الصادرة فى المسائل الدستورية، وملزما بالتالى الناس كافة وكل سلطة فى الدولة، بما فى ذلك جهات القضاء على اختلافها . “.

و على ذلك نكون قد أدركنا أن حكم المحكمة الدستورية قد قضى بعدم القبول لإنتفاء المصلحة في طلب الحكم بعدم دستورية النص الطعين ، حيث أن هذا النص قد ألغي بموجب نص قانوني آخر رفع صفة التجريم عن الفعل الذي كان يضفيها النص الطعين على الفعل الذي عوقب الطاعن بسبب ارتكابه ، و أن مصلحة الطاعن لا تتحقق بالإستجابة إلى طلباته في هذه الدعوى ، بل تتحقق بقيام محكمة الموضوع بتطبيق القانون الجديد باعتباره القانون الأصلح للمتهم ، مع ملاحظة أن هذه المحكمة ملتزمة بالنزول على مقتضيات ما انتهت إليه المحكمة الدستورية على النحو الوارد في الحكم.

ج – عودة إلى منازعة التنفيذ محل الدراسة:

و نعود إلى صاحبنا المدعي في المنازعة المتعلقة بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية الذي فرغنا توا ً من عرض مضمون ما حواه من قضاء . و نقول إن المدعي في القضية النموذج الماثلة قد عوقب تأسيسا ً على نفس النص الذي عوقب به صاحبه المدعي في حكم المحكمة الدستورية سالف البيان ، إلا أن الأخير قد لجأ إلى طريق المحكمة الدستورية العليا و هو في مرحلة الطعن بالإستئناف على الحكم الجنائي الصادر بحبسه ، في حين أن صاحبنا قد استنفذ كل طرق الطعن حتى طريق الطعن بالنقض ، فلما قررت محكمة النقض عدم قبول طعنه ، رغم علمها يقينا ً بحكم المحكمة الدستورية سالف البيان . قرر المدعي – و أعتقد أن الفكرة لمحاميه غالبا ً – أن يستخدم الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامه ، و ماذا عساها تكون هذه الوسيلة التي تبز حكما ً صادرا ً من محكمة النقض سوى دعوى منازعة يتم طرحها أمام المحكمة الدستورية ؟!!

د – الفصل في موضوع المنازعة يغني عن الفصل في الشق المستعجل – التقتير في تقرير الحماية الوقتية نراه معيبا ً:

رأينا أن صاحبنا قد أقام المنازعة التي نحن بصددها طالبا ً بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر ضده من محكمة جنح بنها والذى تأيد استئنافيا ً بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف بنها ، و كذلك وقف القرار الصادر من محكمة النقض بعدم قبول الطعن بالنقض الذي كان قد أقامه. و حتما ً استند في طلبه هذا إلى عنصري الضرورة و الإستعجال اللذان هما عماد هذا النوع من الطلبات. و نلاحظ أن المدعي قد أقام المنازعة في 20/4/2003 ، و أن الحكم الفاصل فيها لم يصدر إلا في 13/2/2005 ، أي بعد عامين تقريبا ً .

إلا أن المحكمة الدستورية العليا لم تستجب للطلب الخاص بالشق المستعجل . إذ استهل الحكم الصادر في القضية النموذج الراهنة حيثياته بالتأكيد على أن ” الفصل فى موضوع الدعوى يغنى عن الخوض فى الشق العاجل منها ” . فلماذا لم تستجب المحكمة الدستورية للطلب الخاص بالشق المستعجل؟

قد يقال أن ذلك مرجعه إلى أن حكم محكمة النقض المطلوب وقف تنفيذه و الصادر بعدم قبول الطعن المقدم من المدعي (المتهم) قد صدر قبل ثلاثة أشهر من رفع المنازعة الماثلة ، و بعد ثمان سنوات من الحكم الإستئنافي . إلا أن ذلك في رأيي أيضا ً لا يمنع من مد ظل الحماية الوقتية لتشمل المدعي الذي استجار بالمحكمة الدستورية العليا من حكم جنائي استنفد جميع سبل الطعن عليه. و أعتقد أن لتقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا ، الذي تم إعداده بشأن الشق المستعجل ، له دور في حرمان المدعي من هذه الحماية التي طلبها. و أرى أنه كان يجب على المحكمة أن تبين في حكمها سبب عدم قبول الشق المستعجل حيث أن المدعي قد طلبه قبل عامين بدلا ً من أن تكتفي بالقول بأن الفصل في موضوع الدعوى يغني عن نظر الشق المستعجل.

هـ – الحكم يبين بعض جوانب المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية :

أكد الحكم على أن قوام ” منازعة التنفيذ ” أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقاً لطبيعته ، وعلى ضوء الأصل فيه ، بل اعترضته عوائق تحول قانوناً – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه ، وتعطل بالتالى ، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان ، ومن ثم تكون عـوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق ، أو الناشئة عنها ، أو المترتبة عليها ، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها ، وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها . وكلما كان التنفيذ متعلقاً بحكم صادر فى دعوى دستورية ، فإن حقيقة مضمونه ، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها ، والآثار المتولدة عنها ، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ ، وتبلور صورته الإجمالية ، وتعين كذلك ما يكون لازماً لضمان فعاليته ، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها ، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة دون تمييز ، بلوغاً للغاية المبتغاة منها فى تأمين الحقوق للأفراد ، وصون حرياتهم ، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – حائلة فعلاً دون تنفيذ أحكامها تنفيذاًَ صحيحاً مكتملاً أو مقيدة لنطاقها .

و – كيف أزال الحكم الصادر العقبة التي تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية – عدم الإعتداد بقرار محكمة النقض:

انتهى الحكم الصادر في القضية النموذج الماثلة إلى أنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد شيدت حكمها بانتفاء مصلحة المدعى – فى الدعوى الدستورية سالفة البيان – فى الطعن بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (6) من القانون رقم 136 لسنة 1981 وما يرتبط به من نص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 على انهدام الجزاء الجنائى الذى فرضه النص الأخير – من منظور دستورى – منذ العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 المشار إليه ، فإن حكمها هذا يكون مرتبطاً بهذين النصين فى الإطار الذى حددته لهما بما مؤداه وجوب القضاء – فى أية منازعة متعلقة بذلك الحكم – بإهدار جميع أشكال العوائق التى يكون من شأنها إعادة إحياء العقوبة المقررة بنص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 ، وهى تلك العقوبة التى انتهى الحكم سالف الذكر إلى سقوطها فى مجال تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 ، وإذ عاد سيف الاتهام يتهدد المدعى – فى الدعوى الماثلة – بالحكم الصادر ضده من محكمة الجنح والمؤيد من محكمة الجنح المستأنفة وقرار محكمة النقض بعدم قبول الطعن عليه ، فإنه تبعاً لذلك تتوافر لـه مصلحة شخصية ومباشرة فى إقامة منازعة التنفيذ الدستورية المعروضة باعتبار أن هذا الحكم الجنائى يمثل عقبة تعوق تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه آنفاً يلزم إزاحتها وإسقاط مسبباتها التزاماً بأحكام الدستور والقانون ، وإعمالاً للحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية ، بما يلزم كل سلطة فى الدولة – بما فيها مختلف الجهات القضائية – باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على وجهه الصحيح امتثالاً للمادتين ( 72 ، 178 ) مـن الدستور ، والفقرة الأولى من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، وبما مؤداه عدم الاعتداد بأى عقبة تكون قد عطلت من هذا التنفيذ أو انحرفت بجوهره أو حدت من مداه .

و بناء على ذلك حكمت المحكمة بالمضىّ فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى الدعوى الدستورية رقم 48 لسنة 17 قضائية فيما فصل فيه من اعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها والأماكن التى انتهت عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها قانوناً أصلح للمتهم ، مع ما يترتب على ذلك آثار . و لا ريب أن مؤدى هذا الحكم إعدام القرار الصادر من محكمة النقض بعدم قبول الطعن الذي كان قد أقامه المتهم ، و إلزام المحكمة بإعادة نظر الطعن على أساس أن القانون سالف البيان هو قانون أصلح للمتهم.

11- القضية النموذج الرابعة :

القضية النموذج الرابعة هي القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 25 قضائية “منازعة تنفيذ” ، و المحكوم فيها بجلسة 15/1/2006 . (16) و هذه القضية تتعلق أيضا ً بأحكام جنائية مثلت عائقا ً أمام تنفيذ بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا ، و لكن ما يميز هذه القضية النموذج أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية المتصل بالمنازعة لم يتعلق بالنص العقابي. و يميزها أيضا ً – كسابقتها – أن المدعي فيها متهم تمت إدانته بارتكاب جريمة و عوقب بالحبس ، و قد تأيد الحكم الصادر بحبسه استئنافيا ً. و سنعرض إلى هذه القضية كما سبق و صنعنا و نحن بصدد عرض القضايا النموذج السابقات .

أ – موضوعها :

تتلخص وقائع القضية الماثلة فيما يلي:
(1) المدعى كان قد أحيل إلى المحاكمة الجنائية لاتهامه بتبديد المحجوزات المبينة وصفاً وقيمة بمحضر الحجز الإدارى والمحجوز عليها إدارياً لصالح البنك الأهلى فرع الفيوم ، وقد طلبت النيابة العامة عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات .

(2) قضت محكمة جنح طامية غيابياً بحبسه ثلاث سنوات وعارض فى الحكم وتأيد فاستأنفه بالاستئناف رقم 15760 لسنة 2000 أمام محكمة استئناف الفيوم التى قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف ، عارض المتهم فى الحكم إلا أنه قضى بتأييده رغم دفاعه وطلبه البراءة المستند إلى صدور الحكم فى الدعوى 41 لسنة 19 قضائية دستورية بتاريخ 9/5/1998 بعدم “دستورية” البند (ط) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى!!

(3) أقام المدعى دعوى التنازع التي نحن بصددها طالبا ً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى الجنحة رقم 5173 لسنة 1996 جنح طامية والذى تأيد بالاستئناف رقم 15670 لسنة 2000 الفيوم ، تنفيذاً للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 41 لسنة 19 قضائية دستورية (17) الصادر بتاريخ 9/5/1998 بعدم دستورية البند (ط) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى .

ب – المحكمة كيفت دعوى المدعي تكييفا ً صحيحا ً – منازعة تنفيذ و ليست دعوى دستورية :

يبدو أن المدعي في القضية النموذج الماثلة لم يكن يدري أنه بصدد إقامة منازعة تتعلق بتنفيذ حكم صادر من المحكمة الدستورية العليا . فالحاصل من طلب المدعي في موضوع الدعوى أنه يطلب القضاء له بعدم دستورية النص المشار إليه ، و لكن لأن المحكمة الدستورية العليا هي المهيمنة على الدعوى ، و هى التى تعطيها وصفها الحق ، وتكييفها الصحيح وفقا ً للطلبات المطروحة فيها ، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها ، و لما كان المدعى يهدف من دعواه إلى المضى فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا – رقم 41 لسنة 19 قضائية دستورية – وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح طامية والمؤيد من محكمة استئناف الفيوم ، من جماع ذلك كله ؛ فإن تلك الدعوى كيفتها المحكمة تكييفها الصحيح و جعلتها تندرج فى عداد المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى مفهوم المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 .

ج – الأحكام الجنائية التى صدرت بالإدانة استناداً إلى نص أعدمته المحكمة الدستورية تعتبر كأن لم تكن :

بداية نؤكد أنه كان على محكمة الموضوع – محكمة جنح مستأنف الفيوم – أن تستجيب لدفاع المتهم الذي تمسك أمامها بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا ، أو على الأقل كان عليها وقف نظر الإستئناف لحين فصل المحكمة الدستورية العليا في المنازعة الماثلة بعد أن تكلفه بإقامتها . إلا أن المحكمة المذكورة أدارت ظهرها لهذا الدفاع الجوهري ، و أيدت حكم الإدانة الصادر من محكمة الجنح في أول درجة. و مبرر لذلك في القول بأن هذا غالبا ً بسبب كم القضايا الهائل التي تنظره هذه المحاكم ، حيث أن إصدار أحكام هي في حكم القانون باطلة بطلانا ً مطلق ، و تعتبر من قبيل الأعمال المادية التي لا يجوز الإعتداد بها كأحكام قضائية ، هذا كله يترتب عليه أضرار بالمحكمة نفسها قبل ان يضار به المتهم أو أصحاب الشأن .

و لننظر إلى حيثيات الحكم الصادر في القضية النموذج الرابعة الماثلة حتى نتبين كيف أزالت المحكمة الدستورية العليا العقبة التي رأت أنها تحول دون تمام تنفيذ حكم سبق و أن أصدرته ، و كيف ان هذه العقبة عندما تكون حكما ً قضائيا ً ؛ فإن هذا الحكم لا يعتد به ، حيث جاء في حيثيات الحكم أنه ” لما كان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 41 لسنة 19 قضائية “دستورية” قد قضى بعدم دستورية البند (ط) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى . وهو نص أول كان يجيز للبنوك التى تساهم الحكومة فى رؤوس أموالها بمايزيد على نصفها إتباع إجراءات الحجز الإدارى لاستيفاء المبالغ التى تستحقهـا . وكان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر بإبطال نص قانونى لمخالفته للدستور ينسحب إلى الأوضاع والعلائق السابقة على صدوره طالما قد مسها وأثر فى بنيانها ، فهو تقرير لزوال ذلك النص نافياً لوجوده منذ ميلاده ، سيما إذا كان ذلك النص جنائياً حيث يكون الأثر الرجعى كاملاً وفقاً للمادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا ، وتعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن . وإذ كان ذلك وكان الاتهام الذى أسند إلى المدعى يقوم على افتراض صحة الحجز الإدارى الموقع من البنك الأهلى استناداً إلى البند (ط) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 ، إلا أنه وقد أبطل ذلك النص فقد انهار الأساس الذى قامت عليه المسئولية الجنائية للمدعى. “

و أكدت المحكمة الدستورية العليا على أنه كان على محكمة الاستئناف أن تعمل أثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بإبطال النص المشار إليه وتقضى على أساسه . أما ولم تلتزم بذلك ، فقد أضحى حكمها عقبة عطلت تنفيذ ذلك الحكم متعيناً القضاء بإزالتها .

و من ثم حكمت المحكمة بالمضى فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 9/5/1998 فى القضية رقم 41 لسنة 19 قضائية “دستورية” ، وعدم الاعتداد بالحكم الجنائى الصادر فى الجنحة و المؤيد استئنافيا ً بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف الفيوم .

12 – منازعات تنفيذ حكم فيها بعدم الإختصاص :

في جميع القضايا التي عرضنا أحكامها كان المدعين موفقين في استصدار أحكام في موضوع المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحد أحكام المحكمة الدستورية العليا ، و قد تضمنت هذه الأحكام معنى القضاء باختصاص المحكمة بنظر هذه الدعاوى وفقا ً للمادة 50 من قانونها. إلا أنه يلزم ، حتى تضح ضوابط اختصاص المحكمة في مجال منازعات التنفيذ محل الدراسة ، أن نعرض لعدد من أهم الضوابط المستخلصة من القضايا التي قُضي فيها بعدم الإختصاص.

أ- لا تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام صادرة من جهات قضائية أخرى :

انتهينا إلى أن منازعات التنفيذ التي تختص بها المحكمة الدستورية العليا وفقا ً للمادة 50 من قانونها ، هي تلك المنازعات بالمتعلقة بتنفيذ أحكامها هي نفسها ، أي أن تتعلق المنازعة بتنفيذ حكم من أحكام المحكمة الدستورية العليا نفسها ، و بالتالي لا تختص المحكمة الدستورية العليا بالنظر في المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام صادرة من جهات قضائية أخرى غير المحكمة الدستورية العليا نفسها.
إذ قضت المحكمة الدستورية العليا بأن منازعات التنفيذ التي ينعقد الاختصاص بالفصل فيها للمحكمة الدستورية العليا قد حددتها المادة (50) من قانونها التي تنص على أن “تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها….”، ومن ثم فإن اختصاص هذه المحكمة لا يمتد إلى الفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من جهات قضائية أخرى، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. (18)

ب – عدم الإختصاص عندما تكون العقبة أمام التنفيذ عملا ً من أعمال السيادة:

عندما تصدر المحكمة الدستورية العليا حكما ً ، و يعرض عليها منازعة تتعلق بتنفيذ هذا الحكم ، و عندما تكون العقبة التي تحول دون تمام تنفيذ هذا الحكم ؛ فإن المحكمة الدستورية العليا تكون غير مختصة بإزالة هذه العقبة ، أي غير مختصة بنظر تلك المنازعة اختصاصا ً ولائيا ً .

و هذه النتيجة مستفادة من اثنين من أكثر الأحكام إثارة للمناخ السياسي المصري ، أحدهما صدر في قضية دستورية ، و الثاني صدر في منازعة تعلقت بتنفيذ الحكم الأول.

إذ كانت المحكمة الدستورية قد أصدرت حكما ً في القضية رقم 37 لسنة 9 ق “دستورية” قضت فيه بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 فيما تضمنته من النص على أن يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن طريق الانتخاب الفردى ويكون انتخاب باقى الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية. و بطلان تكوين مجلس الشعب الذي تم تأسيسا ً على هذا النص. (19)

و على أثر هذا الحكم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 404 لسنة 1990 بشأن دعوة الناخبين فى يوم 11 أكتوبر 1990 إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب . فأقيمت أمام المحكمة الدستورية العليا الدعوى رقم 4 لسنة 12 ق ” منازعة تنفيذ ” بطلب الحكم بصفة مستعجلة بقبول هذا الإشكال شكلاً وبوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية الصادر بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب فى يوم 11 أكتوبر 1990 شاملاً كافة آثاره مع الحكم تبعاً لذلك باستمرار تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 37 لسنة 9 ق “دستورية” سالف البيان ، و القاضي بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من قانون مجلس الشعب متضمناً قضاءه ببطلان عضوية أعضائه وتشكيله.

إلا أن المحكمة الدستورية العليا حكمت في منازعة التنفيذ هذه بعدم الإختصاص بنظر الدعوى (20) ، و ذلك تأسيسا ً على أنه إذا كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساساً لها فى مبدأ الشرعية وسيادة القانون الذى أرساه الدستور، غير أنه يرد على هذا الأصل ما استقر عليه الفقه والقضاء من استبعاد “أعمال السيادة” من مجال الرقابة القضائية على أساس أن طبيعتها تأبى أن تكون محلاً لدعوى قضائية، وإذا كانت نظرية “أعمال السيادة” فى أصلها الفرنسى قضائية المنشأ إلا أنها فى مصر ذات أساس تشريعى يرجع على بداية التنظيم القضائى الحديث الذى أقرها بنصوص صريحة فى صلب التشريعات المتعاقبة المنظمة للسلطة القضائية ومجلس الدولة على السواء.

و استطردت في هذا السياق مقررة أن استبعاد “أعمال السيادة” من ولاية القضاء إنما يأتى تحقيقاً للإعتبارات السياسية التى تقتضى – بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسى اتصالاً وثيقاً أو بسيادتها فى الداخل والخارج – النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية وذلك لدواعى الحفاظ على كيان لدولة فى الداخل والذود عن سيادتها فى الخارج ورعاية مصالحها العليا ، ومن ثم تبدو الحكمة من استبعاد هذه الأعمال من ولاية القضاء متمثلة فى اتصالها بسيادة الدولة فى الداخل والخارج وفى أنها لا تقبل بطبيعتها- على ما سلف بيانه – أن تكون محلاً للتقاضى لما يحيط بها من اعتبارات سياسية تبرر تخويل السلطة التنفيذية سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقاً تحقيقاً لصالح الوطن وسلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه من إجراءات فى هذا الصدد، ولأن النظر فيها أو التعقيب عليها يقتضى توافر معلومات وعناصر وموازين تقدير مختلفة لا تتاح للقضاء وذلك فضلاً عن عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علناً فى ساحات القضاء.

ثم قررت أن خروج أعمال السيادة عن ولاية القضاء يعد أحد صور التطبيق الأمثل لأعمال المفهوم الصحيح لمبدأ الفصل بين السلطات الذى يوجب إقامة توازن دقيق بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بحيث تتولى كل من هذه السلطات صلاحياتها التى خلعها عليها الدستور وفى الحدود التى رسمها دون افتئات من إحداها على الأخرى.
و أخيرا ً قررت أن العبرة فى تحديد التكييف القانونى لأى عمل تجرية السلطة التنفيذية لمعرفة ما إذا كان من ” أعمال السيادة” أم لا ، هى بطبيعة العمل ذاته ، لا بالأوصاف التى قد تخُلع عليه متى كانت طبيعته تتنافى مع هذا الوصف.
و انطلاقا ً من هذه المقدمات اعتبرت المحكمة الدستورية العليا أن قرار رئيس الجمهورية رقم 404 لسنة 1990 بشأن دعوة الناخبين إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب إنما يتعلق باستطلاع رأى هيئة الناخبين التى تمثل القاعدة الشعبية فى أمر يتصل بأخص المسائل المتعلقة بعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية ويتصل بتكوين هذه السلطة ، و بالتالي فإن هذا القرار يعد من أبرز الأمور التى تتعلق بممارسة سلطة الحكم ومن ثم يعتبر من “الأعمال السياسية” التى تتحمل السلطة التنفيذية كامل المسئولية السياسية بصدد إجرائها بغير معقب من القضاء.

13 – منازعات تنفيذ حكم فيها بعدم الإختصاص :

بعد أن عرضنا للقضايا التي كان المدعين فيها موفقين في استصدار أحكام في موضوع المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحد أحكام المحكمة الدستورية العليا ، و قد تضمنت هذه الأحكام معنى القضاء باختصاص المحكمة بنظر هذه الدعاوى وفقا ً للمادة 50 من قانونها. و كذلك بعد أن عرضنا لعدد من القضايا التي قُضي فيها بعدم الإختصاص. نعرض الآن لعدد من القضايا التي صدر فيها حكم بعدم القبول ، و ذلك من أجل التأكيد على ما سبق و استخلصناه من نتائج ، و أيضا ً استنباطا ً لنتائج أخرى جديدة.

أ – عدم القبول لعدم ثبوت الوكالة للمحامي الذي وقع على الصحيفة :

قضت المحكمة الدستورية بعدم قبول الدعوى لأن الأستاذ المحامى المنسوب له التوقيع على صحيفة الدعوى لم يثبت وكالته عن المدعية عند الإيداع وحتى قفل باب المرافعة فى الدعوى ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى، ودون أن يغير من ذلك ما أثبت على حافظة إيداع صحيفة الدعوى – من أن سند الوكالة مودع فى دعوى أخرى ما دام أن هذه الدعوى غير مضمومة. (21)

ب – عدم القبول لكون المنازعة مُحالة من محكمة الموضوع :

و من أسباب عدم قبول المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا أيضا ً ، ألا يتبع الطريق القانوني السليم في اتصال المحكمة الدستورية العليا بهذه المنازعة ، كأن تحال إليها الأوراق من محكمة الموضوع مثلا ً ، بدلا ً من أن تكلف محكمة الموضوع الخصم صاحب المصلحة بإقامة المنازعة أمام المحكمة الدستورية العليا بصحيفة تودع في قلم كتابها على النحو المنصوص عليه في المادتين 34 و 35 من قانون المحكمة الدستورية العليا. حيث أنه لا يستثنى من ذلك إلا ما نصت عليه المادة 29 (أ) من جواز أن تحيل إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى – أثناء نظر إحدى الدعاوى – الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا إذ تراءى لها عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة يكون لازماً للفصل فى النزاع وذلك للنظر فى هذه المسألة الدستورية. و على ذلك إذا قامت محكمة الموضوع بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا ، و كان الموضوع متصل بمنازعة تتعلق بتنفيذ حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا ، كانت دعوى المنازعة غير مقبولة.

و من الأمثلة على هذه الحالة ، الدعوى رقم رقم 1 لسنة 12 ق “منازعة تنفيذ” التي حكمت فيها المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 5/10/1991(22). إذ تتلخص وقائعها في أن إشكالا ً في التنفيذ قد أقيم أمام محكمة تنفيذ مستعجل القاهرة بطلب الحكم بصفة مستعجلة بقبول الإشكال شكلاً وفى الموضوع بإيقاف تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه وهو الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 53 لسنة 3 قضائية. فأصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة حكمها بعدم اختصاص القضاء المستعجل ولائياً بنظره وبإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا ، على سند من القول بأن ذلك الإشكال يمثل منازعة فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى الدستورية رقم 53 لسنة 3 قضائية ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر هذه المنازعة للمحكمة الدستورية العليا وفقاً لنص المادة 50 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظرها وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا عملاً بنص المادتين 109 ، 110 مرافعات .

إلا أن المحكمة الدستورية العليا قررت بأنها لم تتصل بالمنازعة تلك اتصالا صحيحا ً طبقا ً لقانونها حيث أن المادتين 34 ، 35 من قانون المحكمة الدستورية العليا قد أوجبتا أن تقدم الطلبات وصحف الدعاوى إلى المحكمة الدستورية العليا بإيداعها قلم كتابها الذى يقوم بقيدها فى يوم تقديمها فى السجل المعد لذلك كما تطلبت المادة 34سالفة الذكر أن تكون تلك الطلبات والصحف موقعاً عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو من هيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار على الأقل ، مما مفاده أن المشرع قد رأى نظراً لطبيعة المحكمة الدستورية العليا والدعاوى والطلبات التى تختص بنظرها – أن يكون رفعها إليها عن طريق تقديمها إلى قلم كتابها – مع مراعاة ما نص عليه القانون من أوضاع معينة تطلبها فى كل من الدعاوى والطلبات التى تختص بها المحكمة – ولم يستثن المشرع من ذلك إلا ما نصت عليه المادة 29 (أ) من جواز أن تحيل إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى – أثناء نظر إحدى الدعاوى – الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا إذ تراءى لها عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة يكون لازماً للفصل فى النزاع وذلك للنظر فى هذه المسألة الدستورية . و أنه لما كانت الدعوى الماثلة لا يشملها الاستثناء الذى نصت عليه المادة 29 (أ) سالفة الذكر لعدم تعلقها بنص فى قانون أو لائحة تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته وكان لازماً للفصل فى النزاع المطروح عليها ، وكان الأصل الذى يتعين مراعاته فى الدعاوى التى ترفع إلى هذه المحكمة هو إيداع صحائفها قلم كتابها ، فإن الدعوى الماثلة – وقد أحيلت مباشرة إلى هذه المحكمة عملاً بنص المادة 110 مرافعات – لا تكون قد اتصلت بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.

ج – عدم القبول عندما تتمثل العقبة أمام التنفيذ المدعى بها في حكم صادر من المحكمة الدستورية نفسها :

من المتصور أن تقام دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا ، تطرح عليها منازعة تتعلق بتنفيذ حكم صادر عن هذه المحكمة ، و أن يدعى فيها بأن العقبة التي تحول دون تمام تنفيذ هذا الحكم تتمثل في حكم آخر أصدرته المحكمة الدستورية العليا نفسها. و في هذه الحالة تكون الدعوى غير مقبولة ، ذلك أنه لا يجوز لهذه المحكمة أن تنقض قضاء صادر عنها. بل إنه ليس من المتصور أن يكون هناك تعارض فيما بين أحكامها على نحو يجعل بعضها يقف عقبة في سبيل تنفيذ البعض الآخر.(23)

و قولنا بعدم قبول مثل هذه الدعوى يستند إلى القياس على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 2 لسنة 12 قضائية ” منازعة تنفيذ ” (24)، و التي طلب فيها رافعها الفصل فى التناقض القائم بين الحكم الصادر فى الدعوى رقم 60 لسنة 4 قضائية ” دستورية ” والحكم الصادر من المحكمة العليا للقيم فى الدعوى رقم 43 لسنة 6 قضائية عليا.
إذ قضت المحكمة الدستورية العليا في تلك القضية بأن ” المحكمة الدستورية العليا هى التى تفصل بأحكامها النهائية التى لا يجوز الطعن فيها فى قالة التناقض بين حكمين نهائيين ، وهى التى تعين أحقهما بالتنفيذ . واعتبارها طرفاً فى هذا التناقض أو إقحامها على النزاع المتعلق به مردود أولاً : بأن ولايتها فى المسائل التى تدخل فى اختصاصها هـى ولاية منفردة لا مزاحمة فيها ، وقولها فى شأنها هو القول الفصل ، وليس لها بالتالى أن تنقض قضاء صادر عنها ، ولا أن تراجعها فيه أى جهة ولو كانت قضائية ، ومن ثم تصبح أحكامها عصية على الرجوع عنها بما لا يجوز معه اعتبارها حداً للتناقض المنصوص عليه فى البند ثالثاً من المادة 25 من قانونها ، وإلا ساغ تغليب قضاء لجهة أخرى عليها . ومردود ثانياً : بأن هذه المحكمة حين تباشر اختصاصها بالفصل فى التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين صادرين عن جهتين قضائيتين ،فإنها تقوم بدور الحكم بينهما ، وهو ما يفترض لزوماً حيدتها ونظرتها الموضوعية حين تقول كلمتها فى هذا النزاع ، وشرط ذلك ألا تكون أحكامها طرفاً فيه . ومردود ثالثاً : بأن المشرع خص هذه المحكمة بالفصل فى دعوى التناقض المنصوص عليها فى البند ثالثاً من المادة 25 من قانونها ، ولو صح القول بأن أحكامها يمكن أن يقوم بها التناقض ، لاستحال أن يكون تشكيلها – عند الفصل فيه – مقصوراً على قضاتها صوناً لأحكام الدستور التى ينافيها أن تكون الجهة التى اسند إليها المشرع ولاية الفصل فى نزاع معين فصلاً قضائياً هى ذاتها المعتبرة خصماً فيه ، ولأضحى متعيناً بالتالى أن يكون الفصل فى التناقض المدعى به موكولاً إلى محكمة قائمة بذاتها تستقل بتشكيلها عن المحكمة الدستورية العليا ، أو على الأقل ألا تكون الغلبة فيه لقضاتها . ومردود رابعاً : بأن هذه المحكمة حين تفصل فى النزاع القائم فى شأن تنفيذ حكمين نهائيين ، فإنها تفاضل بينهما طبقاً لقواعد الاختصاص التى قام المشرع بتوزيعها بين الجهات القضائية المختلفة تحديداً لولاية كل منها ، وليس من بين هذه الجهات ، المحكمة الدستورية العليا التى تخرج عن محيطها بعد أن افرد لها الدستور فصلاً مستقلاً عن السلطة القضائية بهيئاتها المختلفة ومحاكمها المتعـددة ، بما مؤداه عدم جواز اعتبار هذه المحكمة جهة قضاء فى تطبيق أحكام البند ثالثاً من المادة 25 من قانونها .”

د – عدم قبول المنازعة إذا كانت في حقيقتها طعنا ً على حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا :

عندما يبين من الطلبات المبداة في صحيفة الدعوى أنها تتضمن منازعة فى الدعامة القانونية التى قام عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا فى حكم من أحكامها سبق لها ان أصدرته ، فإن المنازعة المطروحة تنحل بالتالى إلى طعن في هذا الحكم بالمخالفة للمادة 48 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 التى تنص على أن “أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن” و يضحى متعينا الحكم بعدم قبولها.(25)

خاتمة

عرضنا في هذا البحث إلى ذلك النوع من الدعاوى التي تطرح على المحكمة الدستورية العليا و تختص بها طبقا ً للمادة 50 من قانونها ، و هي دعاوى المنازعة التي تتعلق بتنفيذ حكم صادر من هذه المحكمة . حيث عرفنا المنازعة التي تتعلق بهذه الأحكام و ميزناها عن المنازعة في التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات . ثم انتقينا القضايا التي طرحت على المحكمة الدستورية العليا منازعات تعلقت بتنفيذ أحكامها و حكم فيها لصالح المدعين ، معتبرين هذه القضايا هي النموذج الذي استظهرنا منه ضوابط إختصاص المحكمة الدستورية بنظرها ، و شرائط قبولها ، و موجبات القضاء بإزالة العقبات التي تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الذي يطلب المدعي المضي في تنفيذه ، سواء كان هذا العائق متمثل في عمل تشريعي أو في قرار إداري ، أو في حكم قضائي.

ثم انتقينا عدد من القضايا التي خسرها أصحابها و حكم فيها بعدم الإختصاص أو بعدم القبول ، بهدف التأكيد على ما سبق و أن استخلصناه من نتائج ، و استخلاص نتائج جديدة تساعد في فهم اتجاه المحكمة الدستورية العليا و هي بصدد الفصل في هذه المنازعات.

و أؤكد على أن موضوع ” المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا ” يحتاج إلى المزيد من البحث و الدراسة ، فهذه مسألة واضحة و لا تحتاج إلى تأكيد ، حيث أن تناولها من أكثر من باحث يساعد على المزيد من سبر ما خفي علينا من مسائل ، كما أنه يلزم المقارنة بين اتجاه المحكمة الدستورية العليا في هذا النوع من الدعاوى و اتجاه نظيراتها في الدول الأخرى من النظم القانونية المختلفة.

كما أؤكد في الختام على أن هذه الوسيلة الإجرائية تعد من أهم الوسائل الإجرائية التي أتاحها القانون للتوصل إلى الحقوق ، و إلى إنفاذ صحيح حكم القانون ، و إلى دفع تعنت سلطات الدولة المختلفة و معاقبتها على أي عمل ذو طبيعة قانونية من شأنه عرقلة تنفيذ حكم من أحكام المحكمة الدستورية العليا .

الهوامش

(1) مثل حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 5 لسنة 22 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 4/8/2001. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(2) راجع في ذلك بالتفصيل : نبيل اسماعيل عمر. الوسيط في التنفيذ الجبري للأحكام. دار الجامعة الجديدة للنشر. الإسكندرية. 2000. صص248-257.

(3) حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه في الهامش رقم (1) .

(4) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 1 لسنة 26 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 2/12/2007. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(5) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 5 لسنة 26 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 14/1/2007. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(6) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 7 لسنة 14 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 19/6/1993. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(7) راجع نص المادة 48 من القانون رقم 48 لسنة 1979 باصدار قانون المحكمة الدستورية العليا.

(8) و لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتوجه بالشكر الجزيل للمحكمة الدستورية العليا ، و ذلك على الجهد و المال المبذولين في سبيل انشاء الموقع الإليكتروني الخاص بها ، و الذي أتاحت من خلاله جميع الأحكام التي أصدرتها ، كما تقوم بنشر الأحكام الجديدة التي تصدر تباعا ً ، كما انها زودت الموقع بآلية للبحث في الأحكام و في المبادئ التي استقر عليها قضاؤها ، و ذلك بشكل يسير و دقيق ، و بدون أي مقابل ، تتيح بذلك فرصة الإطلاع على هذه الأحكام للمواطنين ، و للمتقاضين ، و للعاملين في المجال القانوني . و أتمنى من باقي المحاكم العليا المصرية أن تحذو حذو المحكمة الدستورية العليا في هذا الصدد ، و أقصد بذلك المحكمة الإدارية العليا و محكمة النقض المصرية. خاصة و أن التقنيات صارت رخيصة نسبيا ً ، و الكفاءات البشرية متواجدة بشكل وافر.

(9) راجع الهامش رقم 1.

(10) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 193 لسنة 19 ق “دستورية”، جلسة 6/5/2000. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي :

(11) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 21 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 4/8/2001. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(12) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 83 لسنة 20 ق “دستورية”، جلسة 5/12/1998. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(13) أرجو أن نقف هنا لحظة نتصور فيها حال المدعية و مركزها القانوني في مواجهة خصومها – جهة عملها – و قد صدر ضد المدعية حكمين قضائيين من المحكمة الإدارية العليا قضيا بعدم أحقيتها في مطلوبها في الدعويين الموضوعيتين التي أقامتهما أمام هذه المحكمة . أعتقد أن عدم العلم بوجود هذه الوسيلة الإجرائية المهمة ( دعاوى منازعة التنفيذ المتعلقة بأحكام المحكمة الدستورية العليا ) كان سيترتب عليه تفويت الفرصة عليها في استيفاء حقها ، و ذلك من باب الظن بأن أحكام المحكمة الإدارية العليا – و مثلها أحكام محكمة النقض – قضت بالقول الفصل في المسألة ، و أن الأقلام قد جفت و أن الصحف قد رفعت!!

(14) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 4 لسنة 25 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 13/2/2005. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(15) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 48 لسنة 17 ق “دستورية”، جلسة 22/2/1997. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(16) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 6 لسنة 25 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 15/1/2006. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(17) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 41 لسنة 19 ق “دستورية”، جلسة 9/5/1998. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(18) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 22 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 7/4/2001. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

، و كذلك راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 2 لسنة 21 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 2/12/2001. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

، و راجع أيضا ً حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 1 لسنة 10 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 6/4/1991. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(19) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 37 لسنة 9 ق “دستورية”، جلسة 19/5/1990. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(20) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 4 لسنة 12 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 9/10/1990. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(21) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 9 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 3/3/1990. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(22) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 1 لسنة 12 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 5/10/1991. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

و كذلك راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 1 لسنة 13 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 5/10/1991. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(23) و قولنا هذا مقصود به أن المحكمة الدستورية العليا تقرر و تقضي بأن التعارض بين أحكام المحكمة الدستورية العليا أمر غير متصور تنزيها لهذه المحكمة عن أن تتضارب في أحكامها باعتبارها الهيئة القضائية الأعلى في البلاد. إلا أن أحكام هذه المحكمة في حقيقتها هي عمل بشري ، و يوجد أحد يجادل في أن عمل البشر قدره عدم الكمال ، و أي عمل – غير عمل الله عز و جل – سنجد فيه اختلافا ً كثيرا ً.

(24) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 2 لسنة 12 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 4/1/1992. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:

(25) قارن مع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 14 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 6/2/1993. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي: