دراسة وبحث قانوني هام عن ”الدين والقانون – الفقه الإسلامي نموذجا ،، جزء 01”

مقدمة

إن تاريخ القانون يشمل دراسة الحالة الأولى التي نشأت فيها الشرائع القديمة، والوقوف على التطورات التي مرّت بها تلك الشرائع، والتعديلات التي أصابتها خلال العصور حتى وصلت إلى حالتها الحاضرة.

ويتضح لنا مقدار ما أحدثته القوانين القديمة من الأثر في تكوين الشرائع الحديثة، وقيمة الميراث القانوني الذي آل إلى الأمم الحديثة من الأجيال السالفة، فنقف بذلك على الصلة بين الماضي والحاضر.

فالحضارات التي نشهد آثارها قامت على العلم، وعلى أنظمة قانونية. وقد أظهرت لنا الأبحاث التاريخية المعاصرة بعد الأثر في التشابه الاجتماعي بين الشعوب المختلفة في عهد تكوينها، وفي مراحل تطورها، كما أظهرت ما كان من تماثل وتقارب في تطور قوانينها، وتقاليده القانونية.

ويتبين هذا التشابه ظاهرا في تاريخ الشرائع القديمة عند اليونان، والرومان، والعرب وسواهم، سواء في عهد نشأة التقاليد القانونية القديمة، أم في الوسائل التي اُتخِذت لتطورها، واتساع أحكامها.

وان البحث التاريخي يدلنا على مدى التشابه في تطور القوانين في العصور المتعاقبة، فالقانون لم يكن في وقت من الأوقات وليد الصدفة بل هو ثمرة تطور المجتمع، ونتيجة لعوامل سياسية، واقتصادية، ودينية، وفكرية تندرج في سنَّة التقدم الإنساني، وان البحث في مثل هذه الظروف، والعوامل، والتطورات يمهد إلى استيعاب القوانين، والنظم في الحالة الأخيرة التي وصلت إليها.

دور الوحي الإلهي

القانون في صورة حكم إلهي

تميز عهد القوة بعدم وجود قواعد قانونية بالمعنى الحقيقي فلم يوجد سوى الشعور بوجود الحق، والمظهر الخارجي لهذا الشعور يتمثل في مراعاة التقاليد المبنية على القوة.

ومع الزمن تطورت العقيدة الدينية وظهرت طبقة رجال الدين وبدأ الشعور باحترام حقوق الآخرين يستقر في ضمير الجماعة.

وترتب على هذا التطور أن اتسعت دائرة الأفعال التي تمس بكيان الجماعة، وقل عدد الأفعال التي ترك أمر تنظيمها إلى الانتقام الشخصي، وألف الناس الاحتكام إلى رئيس الجماعة، بدلا من الالتجاء إلى القوة والانتقام الشخصي، ثم أصبح الاحتكام إلى رئيس الجماعة واجبا مفروضا على أعضائها لاستقرار سلطة رئيسها.

وإنما حين كان يعرض النزاع على رئيس الجماعة كان يبحث، دون فائدة، عن قاعدة قانونية تكون فصلا للنزاع، وكان رجال الدين يعتبرون أنفسهم أنهم الواسطة التي تنقل إرادة الآلهة إلى الناس، فنسبت الأحكام الصادرة إلى الآلهة فأخذ بذلك الحكم القضائي صورة الحكم الإلهي.

ويرجع هذا الأمر إلى أن تلك الجماعات لم تكن تعرف ما هو القانون الوضعي، فهنالك بعض القواعد المستمدة من العرف ومن الأحكام الإلهية ولكن المجتمع كان يعزو تلك القواعد كلها إلى الوحي الصادر عن الآلهة إلى القضاة في كل حالة فردية.

وكما قال ديكلاري[1] إن العرف نفسه كان مصدره إرادة الآلهة، فكل شيء لا يُعرف مصدره يُردّ إلى الآلهة، وعلى القاضي ـ لفقدان القواعد القانونية ـ أن يستطلع رأي الآلهة في كل نزاع خاص يعرض عليه.

وبناء على ما تقدم كانت الفكرة الأولى التي تتصل بما نسميه الآن قانونا تنحصر في صورة حكم الهي يوحى به إلى الملك، أو القاضي، أو الرئيس الحاكم عند فصل كل نزاع يعرض عليه فينطق بالحكم بصفته إلها.

فالقانون في صورته الأولى لم يكن إلا إرادة إلهية تصدر في كل قضية على حدتها على لسان أفراد متميزين لاتصالهم بالآلهة ولقدرتهم على تلقي الأحكام ومن هذا كانت لها قوة وتأثير في النفوس.

هذا هو اعتقاد الناس في القانون خلال العصور الأولى.

وتعليل ذلك: إن الجماعات البشرية في حالة الفطرة كانت تنسب الحوادث الطبيعية إلى عامل الهي يختص بالقيام بالحادث.

فالعواصف يثيرها إله خاص.

والشمس في شروقها وغروبها تعتبر شخصا إلهيا.

والأرض بما تلد من المخلوقات، وما تنبت من الأشجار وأثمار شخص الهي.

والحكمة في الرجل لها إله.

والجمال له إله خاص.

وللعدل عند الإغريق آلهة توحي بحكمها إلى الملك عند نظره في القضايا تسمى “ثميست” Themistes نسبة إلى “ثميس” Themis، وعند المصريين القدامى كانت آلهة العدل تسمى “معات” Maat.

وقبل عهد موسى كان الكهنة في بني إسرائيل يتصلون بالآلهة إذا عُرضت عليهم قضية ويحركون تماثيلهم فيجيبونهم في إشارات خاصة بالحكم الواجب النطق به[2].

وفي القبائل السلتية في ايرلندا كان فريق الكهنة ينتحلون الصلة بالآلهة ويتولون بهذه الصفة القضاء بين الناس عن طريق الهام الأحكام، وللقضاة منهم اسم خاص بهم أطلق بعدئذ على طبقة رجال القانون عندما تحررت القواعد القانونية وتهذبت على أيديهم[3].

هذا هو المظهر الأول، مظهر الوحي الإلهي الذي برزت فيه فكرة القانون في كل قضية على حدتها.

ومن هذا يتبين كيف أن الفكرة القانونية امتزجت بالعقيدة الدينية، وكيف أن القاضي لم يكن دوره إلا دور الوسيط بين الآلهة والناس.

أما فكرة القاعدة القانونية التي تسري على الحوادث المستقبلة عن غير طريق الإلهام فلم تصل إلى هذه الحالة إلا بعد مراحل.

الأحكام الإلهية سبقت العرف

قام بعض علماء تاريخ القانون أمثال “سومنير ماين” Sumner Main الانجليزي و”هيرمان بوست” Herman Poste و “كوهلر” Kohler الألمانيان بأبحاث لدراسة النظم القانونية لدى الشعوب القديمة ، وقد انتهت أبحاثهم إلى نتيجة واحدة هي أنه كانت توجد قبل نشوء العرف لدى أغلب الجماعات أحكام كان ينطق بها القاضي بالهام من الآلهة.

وإن هذه الأحكام قد تحولت فيما بعد إلى عرف بتكرار الحوادث المشابهة ومماثلة الأحكام الموحى بها.

لذا، فإننا نرى إن الجنس البشري لم يتصور في بدايته وجود شريعة ما ولا شخصا معينا ينسب إليه وجود القانون فهي فكرة لم تخطر على بال أحد لأن القانون لم يكن قد وصل بعد إلى مرحلة العرف ولم يكن له كيان ذاتي. لم يكن هناك ضابط بين الخير والشر سوى تلك الأحكام التي كان تأتي من في أثر الحوادث والتي لم تكن مسندة على قادة قائمة، وإنما كانت تستند على الهام يهبط من أعلى على القاضي وقت النطق بالحكم.

نستطيع القول إن بتتابع الأحداث المتشابهة كانت الأحكام تتوارد بصورة متشابهة، ويستخلص إذن من ذلك أن هذا هو منشأ العرف والأصل الذي تفرع عنه في العهود اللاحقة.

الأحكام الإلهية انتقلت من النظام البدائي إلى نظام المدنية

اتضح مما سبق أن فكرة القانون الأولى قد ظهرت في صورة حكم الهي يوحى به إلى القاضي عند الفصل في النزاع المرفوع إليه فينطق به على أنه الهام ووحي من الآلهة.

وهذه الأحكام الإلهية عرفت لدى الجماعات القديمة كافة، سواء من بقيت منها على نظام الفطرة في دائرة القبلة، أو التي انتقلت منها إلى المدينة فكان الحاكم على رأس المدينة يتولى السلطة العامة فيها ويقوم بصفة الرئيس الديني بالعبادة العامة، ويقدم القربان للآلهة باسم المدينة، وكان من وظيفته أن يتلقى احكم الإلهي عند الفصل في المنازعات والنطق به[4].

لتوضيح رأينا هذا نأخذ مثالا لهذه الحالة القانونية البدائية في مصر القديمة. فقد كانت الفكرة القانونية تختلط بالعقيدة الدينية فكانت القوانين عند المصريين القدامى من وضع إله القانون “تحوت” وكانت “معات” التي تقدم ذكرها آلهة العدل وهي التي تشرف على تطبيق القانون.

كانت تتسلط على الإنسان فكرة أن الآلهة طورا تكون حامية له وطورا عدوته، فلا يجرؤ أحد على إتيان عمل ما دون أن يكون واثقا من أن الآلهة راضية عنه. ولم يكن الشعب يجتمع في المجامع إلا في الأيام التي تسمح له الديانة في ذلك بذلك.

ما هو الرأي في الشرائع السماوية؟

لا يمكن أن نقيس الشرائع السماوية على الأحكام الإلهية الملهمة التي سبق بيانها للأسباب الآتية:

١- أن القانون في صورة حكم إلهي يوحى به إلى الملك، أو الكاهن القاضي، أو الحاكم عند الفصل في النزاع المعروض، فينطق به ويكون أثره محصورا في القضية بالنسبة لفريقي الدعوى وليس له أثر على المستقبل.

أما الشرائع السماوية فهي وحي يوحى على الأنبياء والمرسلين وتتضمن أحكاما عامة يكو لها الأثر في المستقل وتسر على الحالات الشبيهة بها وبالنسبة لكل قضية متنازع فيها.

٢- إن القواعد والمبادئ التي تقرها الأحكام السماوية هي قواعد قانونية عامة ملزمة للجميع كالقواعد القانونية الحديثة، وليست مجرد إرادة إلهية تصدر في كل قضية على لسان رجل الدين.

أما الأحكام الإلهية الملهمة فقد وجدت لسد فقدان “القاعدة القانونية” ولذلك يصدر رجل الدين الفتوى لتقوم مقام القانون في كل قضية قبل أن يكون للجماعة، قانون وقواعد قانونية بالمعنى المعروف.

٣- إن الحكم في القضية بناء على الحكم الإلهي المبني على التقليد القديم لا يُعرف إلا بعد النطق به لأنه غير مبني على قاعدة سابقة.

أما الشرائع السماوية فهي شرائع عامة ومطلوب من الناس التقيد بنصوصها والعمل بها دو انحراف.

وبمعنى صريح واضح إن الأحكام الواردة على لسان الرسل هي مبادئ عامة يقضى بها في كل زمان ومكان، وهي بمثابة القانون الطبيعي الثابت، وبعد نزول الشرائع لا تمس الحاجة إلى الهام جديد في كل قضية مشابهة، كما هو الحال بالنسبة للأحكام الإلهية السابقة على نزل الشرائع.

هذه هي أحكام المرحلة الإلهية لفكرة الحق ومنها يتبين:

أولاـ إن الشرائع القديمة، كانت بنظر الأقدمين مستمدة من الآلهة عن طريق الإلهام في حادث يعرض للفصل به.

ثانياـ إن الحاكم يدور بدور الوسيط، وهو يمثل الإرادة الإلهية حين ينطق بحكمه بكل قضية.

ثالثاـ إن هذه العقيدة جعلت للحكم الإلهي قوة وإحاطة بهالة من التقديس.

رابعاـ الفكرة الأولية للقانون في هذا الدور هي أن إرادة إلهية تصدر في كل قضية.

خامساـ كان القانون، عند اليونان، وعند الرومان، وكذلك عند الهنود والمصريين، جزءا من الديانة ووحيا. وكان القدماء يقولون أن قوانينهم التي يلفظ بها القاضي أتت من الآلهة.

الشريعة الإسلامية؛ نشأتاها، وتطورها، وانتشارها

من المتفق عليه بين الباحثين الغربيين أن القانون الروماني يعتبر نموذجا لدراسة نشوء الشرائع وتطورها في العصور القديمة نظرا لاتساع نفوذه، واطراد عصور تطوره، وتحقق أدواره التاريخية، اجتماعيا وقانونيا.

مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني

إذا قارنا بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني من الوجهة التاريخية وجدنا كثيرا من مواضيع الشبه، كما نجد كثيرا من مواضيع الخلاف.

هناك كثير من مواضع الشبه في كل من الشريعتين:

١- بدأت الشريعة الإسلامية كما بدأت الشريعة الرومانية بقانون مسطور، محددة نصوصه، وكان لكل منهما مركزا مقدسا في نفوس الناس.

غير أن الألواح الرومانية التي وضعها حكام الرومان في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد والتي نُشرت على الناس في مكان عام حتى يعرف كل فرد ما له، وما عليه، والتي تعتبر قواعدها الأساس الأول لبناء القانون الروماني، كانت قانونا وضعيا، واحترام الرومان إياه احتراما تقليديا.

بينما القرآن قانون سماوي، واحترام المسلمين إياه احترام ديني.

٢- سبق العهد الذي فيه كل من هذه النصوص عصر كانت تسود فيه التقاليد والعادات عند الرومان قبل وضع الألواح، وعند العرب قبل نزول القرآن، وبعض هذه التقاليد قد أقرتها النصوص في كلا الجماعتين، وبعضاها قد تعدلت.

٣- كان الأثر الذي أحدثه الفقهاء وأهل الرأي في الشريعة الإسلامية مماثلا لما أحدثه الفقهاء ورجال القانون في القانون الروماني، ففي كليهما تناولوا النصوص بالتفسير والبحث، وترتيب القواعد العامة واستنباط الأحكام الجديدة منها.

فالرأي عند المسلمين يقابل في أثره، العدالة عند الرومان.

٤- أصبح كل منهما شريعة عالمية غير قاصرة على أمة واحدة أو جنس واحد، الأولى في العالم الأوروبي، والثانية في العالم الإسلامي.

غير أن القانون الروماني كان في بدئه وقفا على الرومان خاصا بهم، ثم قضت الاحتلالات وتقدم الأفكار أن يكون عاما على جميع سكان الإمبراطورية ولكن الشريعة الإسلامية شرعت في الأصل للشعوب كافة.

وهنالك أيضا نقاط خلاف في تطور كل من القانونين وكلها ترجع إلى فكرة واحدة، وهي أن الشريعة الإسلامية أصلها صادر من الإله، بينما القانون الروماني ممن وضع الإنسان وعمله.

ومن هذه الفكرة تفرعت الفوارق التاريخية بين الشريعتين:

١- إن الشريعة الإسلامية كانت فاتحة عصر اجتماعي جديد، فقد جاءت بدين جديد، وجاءت معه بنظام عمراني جديد كان له أثره في انقلاب حالة العرب وكثير من أمم العالم.

بينما عهد الألواح الاثني عشر لم يكن إلا استمرارا للحياة السابقة عليه في روما، فلم يحدث انقلابا فكريا ولم ينشئ حالة اجتماعية جديدة ولم يغير في عقائد الناس.

٢- إن مجهود المشرع بعد عهد الرسول محمد يكاد يكون ملغيا جدا في الشريعة الإسلامية لأنها قانون سماوي لا تقوم بجانبه نصوص تشريعية وضعية.

ولكن المشرع الروماني كان له الأثر الأكبر في تطور القانون الروماني، وعلى الأخص في العهد الإمبراطوري.

٣- لم يكن في نظم الشريعة الإسلامية حاكم قضائي كما كان عند الرومان يتولى إدارة القضاء وبيان المبادئ الواجب إتباعها، بل كان يعهد بالقضاء إلى قضاة يترك لهم حرية الفصل في المسائل بحسب ما يرونه من نصوص الكتاب والسنة وما يرشد إليه اجتهادهم.

٤- لم تدون أحكام الشريعة في مجموعة رسمية بعد القرآن إلا بعض مجاميع غير رسمية من السنة وقليلا من قواعد الشريعة في تركيا. أما القانون الروماني فقد بدأ بمجموعة رسمية وانتهى بمجموعات رسمية.

نكمل بحثنا في تاريخ التشريع الإسلامي حيث يلاحظ وجود خمسة عصور لا تتفق تماما مع عصور تاريخه السياسي.

عصر ما قبل الإسلام(الجاهلية)

الحالة الاجتماعية والاقتصادية

عصر ما قبل الإسلام (الجاهلية)، هو العصر هو العصر الذي كانت فيه العرب على حال الفطرة والخلق الطبيعي، وهو يقابل العهد السابق على وضع الألواح ألاثني عشر عند الرومان، والعهد السابق على الفتح النورماندي عند الانكليز.

أقتصر في دراسته على وصف وجيز لحالته الاقتصادية والاجتماعية، وعلى بحث الحالة القانونية التي كانت سائدة فيه قبل ظهور الإسلام.

يتكون العرب كما يروي المؤرخون من مجموعتين تفرع كل منهما إلى عدة بطون وقبائل، وهما شعب قحطان وأهله في اليمن وهو من بني سام بن نوح، وشعب عدنان وأهله في الحجاز وينتهي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم.

وينقسم العرب في نظام معيشتهم إلى فريقين: بدو، وحضر[5].

فالبدو، سكان البادية والعنصر الغالب في جزيرة العرب. وهم اقرب إلى حياة الطبيعة يعيشون بين رحيل واستيطان على ما تنتجه ماشيتهم يأكلون لحومها، ويشربون ألبانها، ويلبسون أصوافها، ويتخذون منها مساكنهم. ولهم في الغارة على القبائل المعادية، وسلبها وسيلة أخرى من وسائل العيش.

والحضر، أهل المدن كصنعاء، وعدن في اليمن، ومكة والمدينة والطائف في الحجاز، وهم اقرب إلى حياة المدنية لاشتغالهم بالزراعة، والصناعة، ولاتصالهم بالتجارة الدولية إما في الأسواق، أو بالقوافل، ولخضوعهم إلى نظام حكومي في بعض الجهات:

كانت العرب أهل مروءة، وخرافة، وعصبية. يبذل العربي نفسه للدفاع عن كرامته ولحماية جاره، وحليفه، ويبذل ماله لإكرام وإعانة اللاجئ إليه.

يعتقد في عبادة الأصنام والأوثان تقربا إلى الله، ويستعين بمشورة الكهان كلما أقدم على عمل أو سفر، يفاخر العربي بنسبه، ويتعصب لقبيلته.

وكل قبيلة تعيش مستقلة عن الأخرى يتضامن أفرادها في الحق والواجب.

رئيس القبيلة من اشتهر بالشجاعة والكرم، أو امتاز بالجاه والثروة.

أما الحالة القانونية فلم تكن قائمة على شريعة منظمة، بل كانت خاضعة لعادات وتقاليد قد تختلف باختلاف القبائل.

فنظام الأسرة في فترة ما قبل الإسلام يُظهر أن الزواج كان مطلقا لا حد لتعدد الزوجات فيه. والطلاق مباحا لا حد لعدد الطلاقات فيه، إن شاء الزوج أرجع المطلقة إليه وإن شاء تركها.

وكانت لهم أنواع شتى من الزواج والطلاق، كزواج المتعة والشغار، والمتعة هو الزواج المؤقت، والشغار هو تبادل النساء دون مهر، وكطلاق الإيلاء والظهار، والإيلاء هو الطلاق المؤقت بأن يقسم الزوج على أن لا يقرب امرأته سنة أو سنتين. والظهار هو الطلاق الأبدي لا رجعة فيه بأن يقول لزوجته : ” أنت علي كظهر أمي”[6] وقد أبطلها الإسلام جميعا.

أما الإرث فقد كان أساسه المناصرة، والدفاع عن الأسرة، فلم يكن إلا البالغين من الذكور الذين يحملون السيف ويقاتلون العدو، دون الصغار والنساء[7]. ويتقدمون في الميراث بحسب درجة القرابة. وكان للعرب فوق ذلك نظم متنوعة من المواريث منها ميراث التبني، ومنها ميراث الولاء، وهو أن يتحالف شخصان على أن يتناصرا في الحياة ويتوارثا بعد الوفاة.

أما سلطة رب الأسرة فقد كان الأب سيد بيته، له الرئاسة على زوجته وولده، وعليهم الطاعة نحوه. وقال بعض الباحثين مثل دارست[8] وسينيت[9] إن لرب الأسرة عند العرب سلطة على أفرادها مماثلة لما كان لرب الأسرة عند الرومان من سيادة مطلقة على أعضاء بيته تشمل أشخاصهم وأموالهم.

ويقول دارست: “إن الزوجة كانت تُشتَرى كالسلعة وتُعتَبر جزءا من ثروة الزوج”.

وقال سينيت : “إن سلطة الأب على أولاده كانت مطلقة لا حد لها. ولعل هذا الرأي يستند إلى بعض التقاليد المأثورة عن عرب قبل الإسلام “بوأد بناتهم”، وزواج المقت.

فعادة “وأد البنات” تبين ما كان للأب من حق التصرف في حياة بناته. وزواج المقت هو أن يستحل ولد المتوفى زوجة أبيه إذا شاء الزواج منها، أو أن يزوجها من شاء ويقبض مهرها أو أن يعضلها أي يحبسها عن الزواج حتى تُفتَدى منه بمالها كل ذلك باعتبارها ملكا موروثا وهي عادة تفيد أن الزوجة كانت في سلطة زوجها كالرقيق في سلطة سيده يدخل في نصيب وارثه عند موته[10].

إن وأد البنات لم يكن عادة شاملة لجميع القبائل، بل كان قاصرا على بعض البطون في تميم وأسد[11]، ولم يكن متبعا إلا في الطبقة الفقيرة فلا يصح دليلا على السلطة الأبوية المماثلة لرب الأسرة في روما.

أما عادة ” العضل ” فلم تكن شائعة في المجتمع العربي بل كانت مكروهة لدى بعض القبائل فسميت بزواج المقت[12].

إن كثيرا من الشواهد تقنعنا أن الأسرة العربية لم تكن كالرومانية، خاضعة لسلطة رب الأسرة خضوعا مطلقا، وإن سلطته لا تتجاوز درجة الرئاسة اللازمة لإدارة شؤونها وتمثيلها إزاء الأسر الأخرى، فقد كان للمرأة منزلة في الأسرة. لا يمكننا أن نسلم أن نظام السلطة الأبوية يشبه ما كان لرب الأسرة في روما بحيث تفنى شخصية الأولاد والزوجات بشخصية الأب.

…./….يتبع

* بقلم د. أنور أبو بندورة *

نظام المعاملات والعقوبات والقضاء

أ – المعاملات:

كانت معاملات العرب قاصرة في الغالب على البيع والشراء وأكثرها من نوع المقايضة، وأحيانا يستعينون بنقود فارس والروم في التعامل التجاري وراء الحدود ولذلك نرى أسماء النقود عند العرب كالدرهم والدينار مماثلة لأسمائها عند اليونان والرومان.

وقد كان للعرب ولع بالميسر حتى جعلوه من عنصرا من عناصر معاملاتهم فنجد عندهم أنواعا من “بيوع الغرر” كالبيع بالملامسة أو المنابذة والبيع بإلقاء الحجر[13].

فالملامسة أن يتفق الطرفان على الثمن وعلى أن يلمس المشتري المال المبيّع دون أن يراه فإذا لمسه تم البيع.

والمنابذة، أن ينبذ البائع إلى المشتري بالمال المبيع فإذا نبذه إليه تم البيع بالثمن المتفق عليه، وكذلك إذا ألقى إليه بالحصا أو الحجر.

ب – العقوبات:

كان نظام القصاص والديّات سائدا في جرائم القتل والاعتداء على النفس.

والديّة يتفق عليها بين قبيلتي الجاني والمجني عليه، ويختلف تقديرها باختلاف التقاليد في القبائل.

وكانت القبيلة مسئولة عن جناية الفرد منها إلا إذا أعلنت خلعه في المجتمعات العامة وهو من قبيل التخلي عن المجرم، abandon noxal عند الرومان، وبعض الشعوب القديمة.

والقصاص في القتل يُطالِب به أولياء القتيل من قبيلة القاتل، وقد ينتهي الأمر إلى الحرب بين القبائل

ج– النظام القضائي:

كان القضاء في عصر ما قبل الإسلام اختياريا من كل وجه، فلم يكن القضاء ملزما بالفصل بين من يحتكمون إليه، ولم يكن الخصم ملزما بالتقاضي إذا طالبه إلى ذلك خصمه، ولم يكن ملزما بتنفيذ الحكم عليه إذا تقاضى وخسر دعواه، ولم يكن الجزاء سوى غضب القبيلة أو الالتجاء إلى حكم القوة.

كان الاحتكام إلى رئيس القبيلة أو إلى شخص عُرِفَ بأصالة الرأي وصحة الحكم أو إلى أحد الكهنة يقضون في النزاع طبقا لتقاليد القبائل أو لآرائهم الخاصة أو لما يعرفونه من مبادئ فالقضاء في هذا الدور مضطرب، فليس هنالك قانون ولا قواعد ولا سلطة عليا تتولى إدارة القضاء وتؤيد أحكامه.

وإنما نجد نواة للقضاء في عصر ما قبل الإسلام في مكة لما بلغته من المدنية، فاقتسمت قبائل قريش عدة مناصب فيها وهي:

الحجابة؛ ومعناها تولي حراسة الكعبة وفتح أبوابها للقاصدين إليها.

والوفادة؛ وهي تقديم الطعام لهم في مواسم الحج.

والسقاية؛ وهي تقديم الشراب في مواسم الحج.

واللواء؛ وهو حق إعلان الحرب وجمل رايتها.

ومنصب القضاء؛ وقد عُهِدَ به إلى أبي بكر في عصر ما قبل الإسلام، وكُلِّف فيه بالحكم بالديّات، والغرامات[14].

إن إجراءات التحقيق عند العرب كانت تُدعى بالقسامة وهو أن يحلف خمسون من أولياء القبائل أن المتهم لم يقتل، أو أن يحلف هذا العدد من أقارب القتيل أن المتهم قتله وذلك في الأحوال التي تتوافق فيها التهمة بقوة القرائن والحجج[15].

عصر صدر الإسلام

دور نشأة الفقه

بدأ الفقه في هذا العصر ينشأ ويتكون وعماده القرآن ثم السنة النبوية على اختلاف أنواعها: قوليه أو فعلية أو تقريرية. ومن تتبع فقه القرآن والسنة، وجد أن كل فرع من فروع القوانين له في القرآن مواد تخصه وتبين أحكامه.

ففي العبادات نحو ١٤٠ آية، وفي الأحوال الشخصية، من زواج، وطلاق، وإرث، ووصية وغيرها نحو سبعين آية، وفي المجموعة المدنية، من بيع، وإيجار، ورهن، وشركة، وتجارة، ومداينة وغيرها نحو سبعين آية، وفي المجموعة الجزائية من عقوبات، وأصول محاكمات جزائية نحو ثلاثين آية، وفي القضاء والشهادة وما يتعلق بها نحو عشرين آية[16].

وفي كل باب من هذه الأبواب كثير من الأحاديث، بعضها يبين حكما تلاه القرآن، وبعضها يشرع حكما سكت عنه.

وإن كان كثيرا من رجال الحديث والفقه قد رتبوا ما صح عندهم من أحاديث الرسول على أبواب الفقه كمحمد ابن إسماعيل الصنعاني عام ١١٨٢ في كتابه سبل السلام، المرام من جمع أدلة الأحكام، والإمام محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة ١٢٥٥ ه في نيل الأطوار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سير الأخبار[17].

وبعد أن امتد الإسلام في كل بقاع الأرض، ولكل بقعة من هذه البلاد حضارتها، وتقاليدها، وقوانينها كثرت الحوادث التي تتطلب أحكاما لها، وظهرت مشاكل تنتظر الحلول فكان أن بدأ الفقه الإسلامي يتكون وبدأت أصوله تُعْرَف ونعني بذلك الكتاب، والسنة، والقياس، والإجماع.

وظهرت في هذا الدور نزعتان في الفقه: نزعة أهل الحديث، ونزعة أهل الرأي الذي هو نتيجة عمل العقل والاجتهاد الصحيح فيقولون أن الأصل الأول للتشريع هو الكتاب والسنة الصحيحة والأخذ بالقياس فيما لا نص عليه فيهما[18].

وكان لكل طائفة من أصحاب هاتين النزعتين رئيس يحمل لواءها. فرئيس أهل الحديث كان سعيد بن المسيب، وهو رأس علماء التابعين وأحد الفقهاء السبعة الذين نشروا الحديث، وقد توفي عام ٩٣ ه.

وكان زعيم أهل الرأي والقياس إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، وهو شيخ حماد بن أبي سليمان الذي يعتبر شيخ الإمام أبي حنيفة المتوفى سنة ٩٦ ه.

وقد تفرع أصحاب الحديث فيما بعد إلى مالكية، وشافعية، وحنابلة.

كما كان منهم الظاهرية، أتباع داوود بن علي بن ثم ابن حزم، الذين يتمسكون بالظاهر من القرآن والحديث.

أما الأحناف فيرجعون إلى أهل الرأي.

والذي يتتبع بعض مراجع الفقه الهامة[19] يرى كثرة الاختلافات في الأحكام الفقهية بين أهل الرأي وأهل الحديث، ذلك نتيجة اختلافهم في الأصول التي يرجعون إليها في التشريع.

وقد ظهر في هذا الدور عدد ضخم من الفئتين من أهل الحديث، وأهل الرأي.

العصر العلمي

دور تدوين وتهذيب أصول الفقه

بدأ هذا الدور في أوائل القرن الثاني الهجري واستمر إلى منتصف الرابع.

وقي هذا الدور بدأ تدوين السنة أو مذهب الفقه، وفيه ظهرت المذاهب الكبرى المتبعة في العالم الإسلامي ونعني مذاهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن حنبل من أهل السنة، ومذاهب الزيدية، والإمامية من الشيعة.

ويتميز هذا الدور بقيام الدولة العباسية بعد سقوط الدولة الأموية، وقد كان حكم العباسيين عاملا قويا على ازدهار الفقه وتطوره لأن الخلفاء العباسيين عنوا عناية كبيرة بالفقهاء كالإمام مالك بن أنس، وأبي يوسف تلميذ أبي حنيفة وصاحبه الذي وضع كتاب الخراج بطلب من هارون الرشيد نفسه.

وفي هذا الدور عمل رجال الحديث أنفسهم للفحص عن الأحاديث الثابتة الصحيحة، وعملوا على تدوينها وبيان صحيحها من ضعيفها وأهم من قام بهذا العمل:

١- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة ٢٥٦ ه.

٢- مسلم بن الحجاج النيسابوري، المتوفى سنة ٢٦١ ه.

٣- أبو داوود سليمان السجستاني، المتوفى سنة ٢٧٥ ه.

٤- أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، المتوفى سنة ٢٧٩ ه.

٥- أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن باجة، المتوفى سنة ٢٧٣ ه.

٦- أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، المتوفى سنة ٣٠٣ ه.

وفي هذا الدور كثرت الآراء والفتاوى، وكثر الكلام في بعض أصول الفقه نفسها كالقياس، واعتبارها أو عدم اعتبارها من الأحكام الفقهية.

عصر التقليد

التقليد المستمر

في هذا الدور ركد الفكر وفارقته الحياة بسبب ضعف السلطة المركزية، وانقسام الدولة الكبرى إلى دول عديدة، الأموية في الأندلس، والفاطمية في شمال أفريقيا، والإخشيدية في مصر التي كانت تابعة اسميا لسلطة الخلافة في بغداد المنهوكة القوى، وبالمشرق الدولة السامانية وعاصمتها بخاري، وفي بغداد نفسها دولة “بني بويه”، ثم دولة السلاجقة وكان لكليتهما السلطان الفعلي، والخليفة العباسي مجرد الاسم ثم تعاقبت دول أخرى.

قل نشاط رجال الفقه في هذا الدور معتمدين على المذاهب الأربعة المعروفة بعد أن دُوِّنت وصار لها أتباع أشداء ولم يعد يشغلون أنفسهم بالاجتهاد وتلك علامة في تدهور الحياة الفقهية، فاقتصر أنصار كل مذهب من تلك المذاهب على تأييد مذهب إمامه في أصوله وفروعه وتطبيقاته العملية، واختفت روح الإبداع والاستقلال في التفكير فصاروا مقلدين تابعين.

لم يكن في هذا الدور نظام إداري أو تشريعي مما اضطر أرباب العلم في أواخر القرن الرابع الهجري على القول بسد باب الاجتهاد[20].

والتزم الفقهاء بالاكتفاء بنصرة مذاهب أئمتهم والتركيز على البحث عن علل ما استنبط الأئمة من أحكام، والترجيح بين الأقوال المختلفة في المذهب، وتنمية الفقه بدرس ما تركه الأئمة وبشرحه واختصاره. وقد كان من شأن التعليق والشرح أن ظهرت مجموعة من العلماء لا يمكن إنقاص قدرهم.

ففي الفقه الحنفي ظهر كتاب ” بداية المبتدئ” لبرهان الدين المرغنياني المتوفى سنة ٥٩٣ ه. وقد شرحه بذاته باسم “هداية المهتدي” ثم شرحه ثانية أكمل الدين البابرتي المتوفى سنة ٧٨٦ ه. بعنوان “العناية”.

وفي الفقه المالكي نرى سحنون عبد السلام التنوخي المتوفى سنة ٢٤٠ ه. يضع “المدونة” التي اختصرت وأهمها مختصر عبد الله ابن أبي زبير القيرواني المتوفى سنة ٣٨٦ ه.، ومختصر خليل بن إسحاق الكردي المتوفى سنة ٧٧٦ ه.

ولا يمكن أن ننسى الحركة الفقهية التي دعا إليها أبو العباس تقي الدين ابن تيمية المتوفى سنة ٧٣٨ ه. وتلميذه أبو عبد الله شمس الدين بن قيم الجوزية المتوفى سنة ٧٥١ ه.، فقد حمل هذين على التقليد حملات قوية ودعوا إلى الاجتهاد.

ثم جاء بعدهما مؤسس المذهب الوهابي أبو عبد الله محمد ابن عبد الوهاب المتوفى سنة ١٢٠٦ ه. الذي يعتبر المذهب الرسمي في الجزيرة العربية.

التشريع الإسلامي في العصر الحديث

التطور في التشريع الإسلامي

قلنا أن من مصادر الفقه الإسلامي القياس الذي يكفل بيان أحكام ما جدّ ويُجد من الحوادث والواقعات[21]، والاستحسان وهو ما يستحسنه المجتهد بعقله بالرجوع إلى دليل آخر من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو العرف[22].

وقد انتفع بالاستحسان الفقهاء في التشريع فنراهم يقولون هذا الشيء يجوز استحسانا لا قياسا وذلك الأمر محظور قياسا لكنه مباح استحسانا، فيجعلونه مقابلا للقياس والمصالح المرسلة عند الإمام مالك بن أنس. في الواقع، لو وقفنا في التشريع عند المصالح التي أمر الشارع باعتبارها، لتعطلت كثير من المصالح الحقيقية للناس. هذه المصالح التي تختلف وتتجدد في كل زمان ومكان، ولعجزت الشريعة عن مسايرة التطور الدائم للمجتمعات.

ومن المعلوم أن المصالح المرسلة يُراد بها كل مصلحة غير مقيدة بنص من المشرّع يدعو إلى اعتبارها أو عدم اعتبارها ويؤخذ بها بالمعاملات فقط وهي قريبة إلى الاستحسان.

وقد تطور التشريع الإسلامي بسبب اعتماده بالإضافة إلى الكتاب والسنة الأصلين الرئيسين، إلى القياس (الرأي) والاستحسان والمصالح المرسلة. فكان تشريعا مرتكزا على أساس القانون الطبيعي (العدالة) ومبادئ الخلق الاجتماعي.

وتعتبر الشريعة الإسلامية ثالثة الشرائع التي أُخذت في طريق التطور واتخذت مكانها في هذا السبيل إلى جانب الشريعة اللاتينية، والإنكليزية. ويُجمع علماء القانون اليوم على أنها إحدى الشرائع العالمية الكبرى التي تصلح للدراسة والمقارنة.

ففي مؤتمر “لاهاي” الذي عقد في آب لعام ١٩٣٨ م. قرر المؤتمرون:

١- إن الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع.

٢- إن الشريعة الإسلامية حية صالحة للتطور.

٣- إن الشريعة الإسلامية بذاتها غير مقتبسة من شريعة أخرى.

وجاء مؤتمر الفقه الإسلامي الذي عقد في الدوحة بتموز عام ١٩٩٩ م. :

١- أن مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة قانونية وتشريعية، وإن اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعة القانونية الكبرى ينطوي على ثروة من المبادئ والأصول يتمكن بها الفقه الإسلامي أن يستجيب إلى مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجاتها.

٢- تم تقديم معجم الفقه الإسلامي ليسهل الرجوع إلى مؤلفات هذا الفقه.

ومن الأدلة على مسايرة الفقه الإسلامي للنظريات الحديثة القانونية ما يأتي:

١- من المعلوم أن قسمة الحق إلى عيني، وشخصي جاءت عن الرومان، فالأول ينصب “على العين” أو الشيء الذي يتعلق به كحق الملكية، وحق الانتفاع، وهو يتناول الشيء من استعمال، استغلال، وتصرف.

وأما الحق الشخصي فهو يتصل بذمة الإنسان المدين ولو أنه قد يتعلق بشيء ما فينفذ على مال المدين كدَيْنٍ بمبلغ من النقود.

ولم يخف على فقهاء الشريعة أمر التفرقة بين الحق الشخصي والحق العيني، فقد فرقوا بين الحقين، وعرّفوا الحق الشخصي (الحق بالدَين) بأنه ما يُثبَتُ بالذمة[23]، وأما الحق العيني فهو حقه على أحد هذه الأعيان، وقد رتبوا على الحق العيني الآثار التي رتبتها القوانين الحديثة فقالت المادة ٢٧٨ من نفس المجلة أن للبائع في البيع بالثمن الحال أن يحبس المبيع إلى أن يؤدي المشتري جميع الثمن، وذكر الفقهاء: أن المستأجر لو استأجر دارا بدينه ثم فسخت الإجارة فله أن يحبس الدار إلى أن يستوفي دَينه وهو أحق من سائر الغرماء (الدائنين).

فللمرتهن حق حبس المرهون إلى حين فكه وهو أحق من سائر الغرماء باستيفاء الدَيْن من الرهن[24].

٢- إن الافتراضات القانونية التي كانت سببا لتطور القانون عرفها الفقهاء. فعلى سبيل المثال، تخلصت المحاكم الملكية الانكليزية من المحاكم الإقطاعية والكنسية ووسعت صلاحياتها فكانت تقبل دعوى التاجر على المدين أمامها والتي كانت من صلاحية محاكم الإقطاع على أساس من الافتراض بأن التاجر الذي يتأخر في دفع الضرائب يعتبر مدينا للملك ويجب إن يحاكم أمام محاكمه[25].

وفي الشريعة الإسلامية مثل هذا الافتراض للوصول إلى الحق وهو افتراض أن شخصية المتوفى مستمرة بعد وفاته حتى أداء ديونه حتى لا تكون التركة مباحة بين تاريخ الوفاة، وتاريخ سداد الدَيْنْ.

ومن ذلك اعتبار الجنين حيا قبل ولادته إذا ماتت المورثة أثناء حمله حتى يكون له نصيب في التركة.

فالفقه الإسلامي لم يقف عند النصوص القليلة أبان ظهوره، فعندما ظهرت حالات جديدة قام الفقهاء بنشاط فقهي أفضى إلى توسيع نطاق القواعد الشرعية أو تخصيص حكمها أو إضافة مبادئ جديدة تبعا لتطور المجتمع ولباعث العدالة في النفس فقالوا: “بعدم إنكار تبدل الأحكام بتبدل الزمان” ويقصدون بعض الأحكام المتصلة بالمعاملات دون العبادات، والتغير أوجبه عندهم تغير المصالح والأعراف والعادات.

وقد تم التوسع “بالمصلحة” وتسمى أيضا “المصالح المرسلة”، وهي كلما يُجلب النفع ويُرفع الضرر والتي وُضعت لمصالح الناس فتُقبل ما دامت لا تختلف مع مبادئ الدِين ونظرياته[26].

٣- إن نظرية سوء استعمال الحق عرفها الفقه الإسلامي وأوسعها بحثا، فهي تضم معيارا ماديا لا شخصيا، فمنعت صاحب المُلْك من الإضرار إذا كان الضرر فاحشا، وقالوا بأن المالك يملك التصرف في ملكه ما لم يضر بجاره ضررا فاحشا، والضرر الفاحش هو الذي يمنعه من منفعة أصلية مقصودة من البناء كالسكنى، أو يضر بالبناء فيجلب له ويكون سبب انهدامه[27].

وقالوا أن الضرر الفاحش سواء كان عاما أو خاصا، والفقه الإسلامي أخذ بالمذهب المادي في نظرية سوء استعمال الحق غير ناظر إلى الوجهة الشخصية وهي وجهة نظر الفقه الألماني[28].

وقد توهم البعض بأن نظرية سوء استعمال الحق لا يعرفها الفقه الإسلامي متذرعا بنص المادة ٩١ من المجلة المدنية بأن الجواز الشرعي ينافي الضمان، مع أن معنى هذه المادة إن تلف الشيء يسن واضع اليد عليه كالمستعير، والمستأجر بلا تعدٍّ منه (حسن نية) لا يلزم الضمان لوجود الإذْن الشرعي بالتصرف.

٤- للعادة أهمية كبرى في الفقه الإسلامي، وهي التي كانت قبل نشأة القوانين. قال القرافي: “ينبغي للمفتي إذا ورد عليه مستفتٍ لا يعلم أنه من أهل البلد فيه المفتي لا يفتيه حتى يسأله عن بلده وهل حدث له عرف ذلك البلد”[29].

٥- إن الفقه الإسلامي لا يزال له شان في قوانين البلاد، فهنالك الشفعة، والوقف، والحائظ المشترك، وحق الرهن العقاري، وحق البيع بالوفاء، والهبات وكل قضايا الأحوال الشخصية من وصايا وميراث يتبع حكمه فيها.

وقد أُلغيت أحكام المجلة وغيرها من النصوص التشريعية التي تخالف قانون الموجبات والعقود أو التي لا تتفق مع أحكامه (المادة ١١٠٦ موجبات) ومعنى ذلك أن الأحكام الإسلامية التي لم يرد نص مخالف لها في قانون الموجبات يُعمَل بها دون سواها.

٦- إن الفقه الإسلامي أخذ بما أقرته القوانين الحديثة بمسؤولية غير المميز إذا أضر بفعله الشخصي بمال الغير فيُلزَم بضمان قيمة المتلف لأن المسؤولية المدنية لا تتوقف شرعا على القصد أو التمييز ومسؤولية الإنسان من حين الولادة متفق عليها[30].

٧- إن نظرية ” التبعة Risque ” قال بها الفقه الإسلامي إن أتلف أحد مال غيره الذي هو في يده أو في يد أمينة قصدا أو عن غير قصد يضمن وهذا القول قال به جمهور أصحاب المذاهب تطبيقا لقاعدة أن المباشر ضامن وإن لم يتعمد.

٨- أقر الفقه الإسلامي حوالة الدَيْن[31] كما تمشت على ذلك القوانين الحديثة أسوة بحوالة الحق. فبالإيجار، حوالة المدين دينه إلى آخر يحل محله برضاء الدائن والقانون الفرنسي يجيزها، والقانون السويسري أجاز ذلك[32].

٩- إن نظرية الظروف الحادثة التي أخذ بها القانون الفرنسي، أخذ بها الفقه الإسلامي فراعى استحالة التنفيذ تحت ظروف طارئة لم يتوقعها المتعهد.

١٠- لم يخف على الفقهاء مبدأ حرية التعاقد فقد قال به منذ القدم كثيرون منهم أبن أبي ليلى فقد قال بحرية العاقدين، واعتبار شروطهم مهما كانت[33].

إن الفقه الإسلامي يُعتبر مصدرا رسميا من مصادر قانون الموجبات والعقود، ولهذا أثره من النواحي التالية:

أ- إن نظرية سوء استعمال الحق أقرها الاجتهاد في فرنسا ولم يرد عليها نص في القانون الفرنسي. وقد أخذ قانون الموجبات والعقود بالنزعة المادية التي أقرها الفقه الإسلامي والقوانين الألمانية، اختلافا بالنزعة الشخصية التي هي طابع القوانين اللاتينية، وبذلك رجح ما أقره الفقه الإسلامي في هذا الموضوع.

ب- إن حوالة الدَيْن، أغفلتها القوانين اللاتينية، ونظمتها القوانين الألمانية، متفقة في ذلك مع الفقه الإسلامي، فأخذ بها القانون الجديد.

ج- إن مبدأ الحوادث الطارئة Imprévision أخذ به بعض القوانين الحديثة، وكذلك قانون الموجبات فرجع قانون الموجبات الأخذ به استنادا إلى نظرية الضرورة ونظرية العذر في الفقه الإسلامي.

د- للفقه الإسلامي أثر كبير في بعض العقود كعقد الشفعة، والعقود الخاصة، وفي كل ما يرجع إلى العرف والعادة من أحكام قانون الملكية كأحكام الحائط المشترك.

ه- يرجع إلى الفقه الإسلامي في نظرية الهبة التي تعطي آثارها بعد الوفاة، وفي الوصية، وفي المواريث، وفي إيجارات العقارات الوقفية واستبدال الأراضي الموقوفة، وفي كل ما له شأن بالوقف الخيري في الحدود التي أقرها القانون.

المذاهب الفقهية الإسلامية

المذهب الحنفي

صاحب هذا المذهب هو أبو حنيفة النعمان الكوفي ولد عام ٨٠ ه وتوفي عام ١٥٠ ه.

وهو إمام أصحاب الرأي والقياس، ومن القائلين بالاستحسان وربما ترك من أجله القياس متى تبين له المصلحة في ذلك. إلا أن ذهابه إلى القياس أو الاستحسان كان بعد الرجوع إلى القرآن والسنة، ولا يجد نصا فيهما، ولا يجد أيضا حكما أو رأيا مجمعا عليه من الفقهاء[34].

كان مذهب أبو حنيفة في البتّ إذا وردت عليه مسألة، فيها حديث أتبعه، وإن كان عن الصحابة والتابعين، أو بالأخذ بأحسن القياس.

ومن أشهر تلامذته أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الكوفي المولود عام ١١٣ ه بالكوفة، قاضي القضاة زمن الرشيد وتوفي عام ١٨٢ ه، وهو أول من وضع أصول الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة، وأملى المسائل، وبث علم الإمام. كان مجتهدا في المذهب، وخالف إمامه في بعض المسائل[35].

وكان صاحب الفضل في تدوين مذهب أبي حنيفة، محمد ابن حسن الشيباني المولود عام ١٣٢ ه والمتوفى عام ١٨٩ ه، وقد نُقلت عنه كتب “ظاهر الرواية” وهي ستة: المبسوط، والجامع الكبير، والجامع الصغير، والسير الكبير، والسير الصغير، والزيادات. وهي مجموعة في كتاب “الكافي” لأبي الفضل المروزي المعروف بالحاكم الشهيد المتوفى عام ٣٤٤ ه[36].

المذهب الشافعي

إن مؤسس هذا المذهب هو محمد بن إدريس الشافعي المولود في عسقلان في فلسطين عام ١٥٠ ه، وتوفي في مصر عام ٢٠٤ ه.

أخذ عن محمد بن الحسن وكتب في بغداد كتبا حول مذهبه القديم في الفقه، ثم رحل إلى مصر عام ٢٠٠ ه فأنشأ مذهبه الجديد وصنف رسالته الهامة في أصول الفقه، وكتاب ” الأم” في الفقه.

أما أساس مذهبه فيستند إلى القرآن ثم إلى السنة ويأخذ بخبر الواحد إذا كان راويه عن ثقة متصل السند، وبعد هذين الأصلين يأخذ بالإجماع إذا لم يعلم له مخالف، ثم القياس إن كان له أصل من الكتاب والسنة. ومن أهم من جالسوا الشافعي ثلاثة:

١- يوسف بن يحيى البويطي الذي قتل في بغداد زمن الخليفة المأمون عام ٢٣١ ه بسبب قوله أن القرآن مخلوق.

٢- إسماعيل بن يحيي المزني المتوفى عام ٢٦٣ ه.

٣- الربيع بن سليمان المرادي المتوفى عام ٢٧٠ ه.

وقد وصلت رسالة الشافعية وكتاب “الأم” عن طريق هذا الأخير.

المذهب المالكي

مؤسسه مالك بن أنس، فقيه الحجاز، توفي عام ١٧٩ ه، زمن خلافة الرشيد.

ضربه جعفر بن سليمان والي المدينة بالسياط لما نُسِب إليه من إن البيعة لا تصح مع الإكراه.

وضع كتاب “الموطأ”[37] في الحديث والفقه، جمع فيه ما قوي عنده من حديث أهل الحجاز، وأضاف إليه أقوال الصحابة وفتاوى التابعين، رتّبه على أبواب الفقه، وبقي يهذبه أربعين عاما.

وأصول مذهبه قائمة على تقديم القرآن ثم السنة المتواترة والمشهورة وبعد ذلك الإجماع، ثم القياس ثم أخبار الآحاد[38].

ويجعل لعمل أهل المدينة أهمية كبرى، وهو يقول بالمصالح المرسلة وقد أشرنا إليها سابقا.

ورواة مذهبه:

١- عبد الرحمن بن القاسم العتقي المتوفى بمصر عام ١٩١ ه. صحب مالك عشرين سنة.

٢- عبد الله بن رهب مسلم المتوفى عام ١٩٩ ه. دامت صحبته لمالك زمنا طويلا وكان يلقب بفقيه مصر أو بالمفتي.

المذهب الحنبلي

صاحبه أحمد بن حنبل الشيباني، ولد في بغداد سنة ١٦٤ هو وبها نشأ. يقوم مذهبه على أصول خمسة هي:

١- الأخذ بالكتاب أو الحديث دون النظر إلى أي فتوى ولو كانت صادرة عن صحابي كبير، إلا عند غياب النص.

٢- يأخذ بالحديث المرسل وهو الذي لم يذكر فيه الصحابي الذي رواه عن الرسول ويرجحه على القياس كما يرجح الحديث الضعيف.

٣- إذا تعددت فتاوى الصحابة أخذ بما يقرُبُ من الكتاب والسنة.

٤- يلجأ أخيرا إلى القياس عند الضرورة.

فهو رجل حديث وفقه ولكنه يقدم الحديث على الرأي والقياس. أشتهر بمسنده[39] وقد اشتمل على الأحاديث بمسائل الفقه وهو سند كبير لأصحاب الحديث[40] وقام بنشر هذا المذهب:

١- ابن تيمية المتوفى عام ٧٢٨ ه، وتلميذه ابن القيم المتوفى عام ٧٥١ ه.

٢- الأثرم أبو بكر أحمد بن محمد بن هاني الخراساني البغدادي المتوفى عام ٢٧٣ ه[41].

٣- أحمد بن الحجاج المروي المتوفى عام ٢٥٧ ه، الإمام في الفقه والحديث[42].

٤- عمر بن أبي علي الحسين الخرقي البغدادي المتوفى عام ٣٣٤ ه.

المعتزلة

——————————————————————————–

[1] ص١٩٣Declarueil , La justice dans les coutumes primitives, Paris, 1989

[2] لامبير، وظيفة القانون المدني المقارن، ص ٢٢٥.

[3] لامبير، وظيفة القانون المدني المقارن، ص ٢٢٥.

[4] لامبير، وظيفة القانون المدني المقارن، ص ٢١٠.

[5] حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر، ص ١٢٩.

[6] جمال السيد، تاريخ الأسرة العربية قبل الإسلام، ص٨٧.

[7] جمال السيد، تاريخ الأسرة العربية قبل الإسلام، ص١٧٤.

[8] دراسات تاريخية، جزء ١، ص ٦١.

[9] Sinit J.; La Famille Arabe Avant l Islam, p 34.

[10] جمال السيد، تاريخ الأسرة العربية قبل الإسلام، ص ١٥٥.

[11] رافع منير، وأد البنات عند العرب، ص ٦٧.

[12] حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر ص ٢٤٦.

[13] كامل مصطفى، التجارة عند العرب، ص٦٧.

[14] محمد تامازات، القضاء في الإسلام، ص ٧٦.

[15] محمد تامازات، القضاء في الإسلام، ص ٨٩.

[16] حافظ الحكمي، شرائع الإسلام في الفقه الإسلامي، ص ٩٧.

[17]

[18] Wael Hallaq, History of Islamic Legal Theories,1997, p. 232

[19] أنظر أعلام الموقعين لابن الجوزية الحنبلي، جزء ١، ص ١١، وما بعدها فقد أورد صور النزاع بين المدرستين وحجج الفريقين.

[20] ابن خلدون، المقدمة، ص ٣٥٥.

[20] إن ابن تيمية أو ابن القيم يعتبران من المجتهدين وإن كانا في الأصل يتبعان مذهب الإمام أحمد بن حنبل.

[21] إن هذا الأصل من أصول الأدلة ولكن ليس موضع اتفاق بين الفقهاء جميعا فقد رفضت الشيعة الإمامية اعتباره دليلا، وفريق من المعتزلة ثم ابن حزم وأصحابه من الظاهرية. أنظر الآمدي، جزء ٣، ص ٢٧٧ وما بعدها. أنظر أيضا للأحكام لابن حزم، جزء ٣، ص ٣٥٩ – ٣٦٣.

[22] الآمدي، جزء ٤، ص ٢١٢، وما ذكرناه هو الأصل المتفق عليه عند الأحناف، والمالكية، والحنابلة، وقد أنكره الشافعي في رسالته، “رسالة إبطال الاستحسان”.

[23] المادة ١٥٨ من المجلة المدنية السعودية.

[24] المادة ٧٢٩ من المجلة المدنية السعودية.

[25] Yves le Roi, Histoire du Droit, p. 65

[26] نجم الدين الطوفي، نور اليقين في علوم الدين، ص ٢٩.

[27] المادة ١١٩٨ من المجلة المدنية السعودية.

[28] BGB, Art. 34

[29] القرافي المالكي، الفروق، ص ٦٩.

[30] السعيد مراد ألغزي، ابن رشد الحفيد والأدلة الأصلية، جزء أول ص ١٤٤.

[31] أجازت الشريعة انتقال دين المدين ( حوالة ) في المادة ٦٧٣ مجلة، وكذلك أجازت انتقال دين الدائن وأسمته الإقرار بالاسم المستعار ( ١٥٩٠- ١٥٩٥) من المجلة.

[32] المادة ٦٤١ من مجلة القانون المدني السويسري ( Code Civil Suisse).

[33] سعيد مهران، في فقه ابن أبي ليلى، ص ٣٨.

[34] الذهبي، تذكرة الحفاظ، جزء ١، ص ١٥٩، تاريخ بغداد، جزء ١٣، ص ٣٣٣-٣٤٦.

[35] شذرات الذهب، جزء ١، ص ٢٩٩.

[36] شرح محمد بن أحمد الشركسي في ثلاثين جزء هذا الكتاب باسم المبسوط وهو أهم الكتب في مذهب الأحناف.

[37] أي الممهد للناس ما أشتمل عليه من حديث وفقه.

[38] العنعنة في نقل الأخبار حتى الوصول إلى الأول (النبي محمد).

[39] خصائص المسند للحافظ أبي موسى المديني، المقدمة، المتوفى عام ٥٨١ ه.

[40] خصائص المسند للحافظ أبي موسى المديني، ص ٢١.

[41] تقريب التهذيب لابن حجر، ص ١٢.

[42] شذرات الذهب، جزء ٢، ص ١٦٦.

انتهى بحمد الله