بحث قانوني هام عن الأحكام القانونية والشرعية لليتيم

المبحث الأول
الأحكام الشرعية

قبل البحث الأحكام القانونية في القوانين الوضعية وجدت من الضروري أن أشير إلى أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة باليتيم وان كان بشكل سريع وذلك من اجل أن تكون لدينا خلفية نقارن فيها ما موجود من أحكام في القوانين الوضعية التي اجزم إنها لا تمثل إلا نسبة ضئيلة مما تضمنته الشريعة الإسلامية ، لذلك سأقوم بعرض الآيات القرآنية التي ذكرت اليتيم والأحاديث النبوية الشريفة ووصايا الأولياء و العلماء من المسلمين ، ففي القرآن الكريم ذكر اليتيم في ثلاثة وعشرين آية كريمة منها ثمانية آيات مكية وخمسة عشر آية مدنية وبعض الكتاب المسلمين قسم الآيات إلى ثلاثة أقسام كما يلي :ـ
القسم الأول: بيان شمول اللطف الإلهي لليتيم في الشرائع السابقة، والايصاء به.
القسم الثاني: بيان الحقوق الاجتماعية لليتيم
القسم الثالث: بيان الحقوق المالية لليتيم

وهذه الايات هي كما يلي :ـ
1. قال تعالى (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ، والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما)
2. قال تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل) .
3. قال تعالى: (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير)
4. قال تعالى : ( وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا)
5. قال تعالى (وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا)
6. قال تعالى ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا)
7. قال تعالى (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)
8. قال تعالى (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا )
9. قال تعالى (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا )

10. قال تعالى: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان أنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً. أن يكبروا ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف)
11. قال سبحانه: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالكيل)
12. قال تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد)
13. وقال عز وجل: (كَلاّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ)
14. وقال عز وجل: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)
15. وقال عز من قال: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ)
16. وقال عز وجل: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ…)
17. وقال تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ…)
18. وقال تعالى: (واعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ…)
19. وقال عز وجل: (مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فلله وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ…) (سورة الحشر: الآية 7).
20. ( يتيما ذا مقربة) [ بلد 15
أما ما ورد عن الرسول الكريم فليس من السهل ضبط حصة اليتيم من السنة الكريمة على النحو الدقيق. فتناولت السنة النبوية الطاهرة اليتيم في موضوعات عدة وكذلك أحاديث الأولياء والعلماء ومنها ما يلي :ـ
1. قال رسول الله (ص): (من ضم يتيما فكان في نفقته، وكفاه مؤونته، كان له حجابا من النار يوم القيامة).
2. قال رسول الله (ص): (من مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة).
3. قال رسول الله (ص): (من عال يتيماً حتى يستغني عنه أوجب الله له بذلك الجنة).
4. قال رسول الله (ص): (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى).
5. قال رسول الله (ص): (إن في الجنة داراً يقال لها دار الفرح لا يدخلها إلا من فرح يتامي المؤمنين).
6. قال رسول الله (ص): (كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك تزرع كذلك تحصد).
7. قال رسول الله (ص): (من مسح يده على رأس يتيم ترحماً له، أعطاه الله عز وجل بكل شعرة نوراً يوم القيامة).
8. عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( ص ) : ألا من كان في منزله يتيم فأشبعه أو كساه ولم يؤذه ولم يضربه يقبل منه عمله
9. وقال رسول الله ( ص ) : من ضم يتيما بين أبوين مسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة البتة.
10. وقال ( ص ) : إذا بكى اليتيم في الأرض قال الله عز وجل : من أبكى عبدي هذا اليتيم الذي غيبت أبويه أو أباه في الأرض ؟ فتقول الملائكة : سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ، فيقول الله عز وجل : اشهدكم ملائكتي أن من أسكته برضاه فأنا ضامن لرضاه من الجنة ، قيل : يا رسول الله ، وما يرضيه ؟ قال : يمسح رأسه أو يطعمه تمرة
11. وقال ( ص ) : خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ، وشر بيت فيه يتيم يساء إليه ، ثم قال : أنا وكافل اليتيم في الجنة – وهو يشير بإصبعه -.
12. وروي إن رجلا شكا إلى النبي ( ص ) قساوة قلبه ، فقال : إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم.
13. وقال : من أذل يتيما أذله الله.
14. وقال رجل : يا رسول الله ، أشكو إليك قسوة قلبي ، قال : فادن منك اليتيم وامسح رأسه وأجلسه على خوانك ، يلن قلبك وتقدر على حاجتك .
15. قال رسول الله ( ص ) : أشبع اليتيم والأرملة ، وكن لليتيم كالأب الرحيم ، وكن للأرملة كالزوج العطوف ، تعط كل نفس تنفست في الدنيا قصرا في الجنة ، كل قصر خير من الدنيا وما فيها
لذلك نلاحظ ان الشريعة الإسلامية قد أولت اليتيم عناية فائقة، وحثت على رعايته والمحافظة على أمواله، وحذرت من التجاوز على حقوقه.ومن جهة أخرى فقد أهابت بالمحسنين أن يقوموا بتهذيبه وتأديبه كما يراعي الوالد أبنائه.ولكن الملاحظ من المشرع أنه أكد بشكل ملحوظ على رعاية حقوقه المالية، ولربما كان هذا بشكل يفوق بقية الجهات المطلوبة في رعاية اليتيم وقد ظهر ذلك من الآيات الكريمة والأخبار الشريفة والتي تشكل بدورها مجموعة كبيرة تلفت نظر الباحثين.ولا غرابة في هذا التأكيد المتواصل من الشريعة على هذه الجهة لو لاحظنا طبيعة القوم في أول الدعوة، والظروف المحيطة بالمنطقة العربية. وسأكتفي بما تقدم لان الولوج إليه لا تكفيه هذه الدراسة المتواضعة .بالإضافة إلى إنها مكرسة لبيان الأحكام القانونية .

المبحث الثاني
الأحكام القانونية

في المنظومة القانونية العراقية توجد أحكام قانونية مدنية وهي التي تتعلق بالمعاملات المالية مثل العقود والتملك والقواعد التي تدخل ضمن القانون المدني وهناك قواعد قانونية تتعلق بالجزاء والعقوبات وتجريم الأفعال وكذلك قواعد الأحوال الشخصية التي تتعلق بقضايا الأسرة من زواج وطلاق وميراث وغيرها وهذا التنوع اوجد العديد من القوانين التي تعالج وتنظم العلاقات الناشئة عن حاجة المجتمع لتنظيمها لذلك ستكون مطالب هذا المبحث على وفق التصنيفات التي أشرت إليها .

المطلب الأول
الأحكام القانونية العقارية

لقد حددنا في تعريف القانون لليتيم بأنه القاصر الذي يخضع لأحكام قانون رعاية القاصرين 78 لسنة 1980 المعدل ، وفي المنظومة القانونية العراقية توجد أحكام قانونية ذات صلة بموضوع القاصر، ومنها الدار السكنية التي تؤول إرثا إلى القاصر من المورث إما عن طريق وفاة احد والديه أو الاثنين معاً لان مجرد وفاة الشخص الطبيعي تنتقل ملكية الأموال إلى الورثة ويعتبر الميراث احد أسباب انتقال الملكية في القانون العراقي كما تنفل الملكية بواسطة الوصية عندما يوصى ليتيم ( قاصر) ويكون الوارث هو المالك الجديد للمال سواء كان عقار أو منقول وقد يكون مع القاصر شركاء في هذه الأموال واصل القاعدة القانونية والشرعية إن الناس مسلطون على أموالهم والقانون وفر الحماية لهذا الحق المتمثل بحق الملكية حيث إن المالك له أن يتصرف بملكه تصرفا مطلقا ومعنى ذلك القول بأن المالك حتى وان كان شريكا في المال، له حق التصرف بحصته من الملك فإذا شاء أن لا يبقى مع الشركاء الآخرين على الشيوع في الملكية فانه لا يجبر على البقاء وله أن يطلب إزالة شيوع المال إلا في بعض الحالات التي تتعلق بالاتفاق بين الأطراف في الملكية الشائعة أو لتعلقها بذات المال الذي لا يكون قابل للقسمة مثل السقوف والأرضيات أو ما يسمى بالعلو و السفل في العمارات ذات الاستعمال المشترك وكذلك الطريق المشترك وسواه ، لكن في حالة وجود قاصر بين الشركاء وكان القاصر يتيما فلا يجوز إزالة الشيوع إلا بعد انتهاء حالة اليتم ببلوغ سن الرشد، حيث منع قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 1041 في 17/8/ 1982 ، والقرار 1497 في 19/11/1982 إزالة شيوع الدار المسكونة من قبل ورثة المتوفى القاصرين أو زوجة المتوفى أو كليهما، وهذا الامتياز لم يشمل به أي قاصر آخر سوى اليتيم، فإذا كان بين الشركاء قاصر ولم تؤول إليه الملكية عن طريق الميراث فانه ، لا يتمتع بهذا الامتياز ومن الممكن لأي شريك إن يطلب إزالة شيوع المال وهناك تطبيقات قضائية كثيرة منها قرار محكمة استئناف بغداد بصفتها التمييزية المرقم 129/حقوقية/1989 الذي منع إزالة شيوع الدار التي يشغلها القاصر من ورثة المالك او ورثة الشريك وفي هذا القرار توسع نحو تقييد ملكية الشركاء من غير ورثة المتوفى وفي احد القرارات القضائية الحديثة قصر هذا الامتياز على القاصرين من أولاد المتوفى ولا يسري على أحفاده على اعتبار إن الأحفاد لا يرثون من جدهم وإنما لهم الوصية الواجبة التي سيرد ذكرها لاحقا وارى إن القرار أعلاه كان موفقا لان الأصل في الأعمال الإباحة و لكل مالك له الحق في التصرف بملكه وان هذا القيد الذي ورد لمصلحة القاصر اليتيم هو استثناء على القواعد العامة ، وفي القواعد التفسيرية القانونية هناك مبدأ يسمى عدم التوسع في الاستثناء . وهذا الامتياز الممنوح لليتيم ياتي انسجاما مع اهتمام الشريعة الإسلامية بالأيتام .