تعريف المخالفة التأديبية وأسبابها :

المخالفة التأديبية يمكن ان تحدث بسبب تعدي الموظف حدود واجباته الوظيفية او عندما يتهاون في أدائها أو عدم مراعاة مقتضيات الوظيفة التي يشغلها وللإدارة فرض العقوبة الانضباطية على كل موظف يخالف واجباته الوظيفية بعد استجوابه او التحقيق معه. علماً إن هناك عدة تعاريف للمخالفة التأديبية وسنختصر في بحثنا هذا على عدة تعاريف بسيطة منها فقد عرف قانون التوظيف الفرنسي رقم (834) الصادر في عام 1983 المخالفة التأديبية بأنها كل خطأ يرتكبه الموظف في اداء او بمناسبة ممارسة مهمات وظيفته يعرضه لعقوبة انضباطية دون اي مساس بالعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات الفرنسي في حين عرف قانون الخدمة المدني الروماني المرقم (188) الصادر سنة 1999 المخالفة التأديبية بأنها كل انتهاك متعمد لمسؤوليات العمل من موظفي الخدمة المدنية يعاقب تأديبياً ومدنياً علماً ان المشرع العراقي لم يتطرق الى تعريف المخالفة التأديبية وانما اكتفى بذكر الواجبات التي على الموظف القيام بها والمحظورات التي عليها الابتعاد عنها فإذا قصر الموظف في أداء واجباته او قام بفعل من المحظورات عليه فأنه يقع تحت طائلة العقوبة الانضباطية وهو ما نص عليه المشرع في (م/7) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المرقم 14 لسنة 1991 المعدل ((إذا خالف الموظف واجبات وظيفته او قام بعمل من الاعمال المحظورة عليه يعاقب بإحدى العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون ولا يمس ذلك بما قد يتخذ ضده من إجراءات أخرى وفقاً للقوانين)).ونرى إن أقرب تعريف دقيق للمخالفة التأديبية هي (فعل أو امتناع عن فعل يمثل إخلالاً بواجبات الوظيفة أو المهنة ألتي ينتمي إليها شخص ما أو محظوراتها سواء أوقع ذلك أثناء الدوام الرسمي أم بعده) وهناك اسباب عدة لظهور المخالفة التأديبية منها:

1- عوامل اقتصادية قد يدفع العوز المالي التي يمر بها الموظف إلى ارتكاب المخالفة التأديبية وتدفعه للقيام بجرائم الوظيفة العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 المُعدل مثل جرائم الاختلاس/الرشوة وغيرها.

2- عوامل اجتماعية: بسبب نقص الوعي والمعرفة وثقافة المجتمع الغير ناضجة والتي تؤدي إلى ظهور مفاهيم خاطئة بعدم الحرص على المال العام.

3- عوامل شخصية: نقصد بالعوامل الشخصية الظروف الشخصية للموظف التي تؤدي إلى ارتكابه المخالفة التأديبية كعدم الدقة بالعمل والاهمال.

4- عوامل سياسية: ان العوامل السياسية لها اثر كبير في حدوث المخالفة التأديبية فحدوث الفوضى السياسية وعدم الاستقرار يشجع على انتشار ظهور المخالفات والسرقات لعدم وجود نظام تأديبي صارم.

5- عوامل مكانية: قد يؤدي بعد مكان العمل عن مركز الادارة الرئيسي إلى انتشار ظاهرة المخالفات التأديبية وذلك لضعف الرقابة في تلك الاماكن.

وسائل الكشف عن المخالفة التأديبية :

هناك وسائل عدة للكشف عن المخالفة التأديبية حيث يمكن إجمالها :

1- البلاغات: يمكن تعريف البلاغات بأنه تبليغ السلطات المختصة عن وقوع مخالفة سواء كانت على شخص المخبر او شخص الغير او على مؤسسة من مؤسسات الدولة ويمكن ان يكون البلاغ عن طريق الهاتف او تحريري وقد يكون هناك تفاصيل دقيقة للحادث او لا يكون هناك تفاصيل دقيقة.

2- الشكاوى: هي تعبير عن عدم الرضا او القبول من جهة احد الأشخاص سواء كان طبيعياً ام معنوياً عن فعل ناجم من مخالفة او خرق للقانون سواء لحق ضرراً بالمشتكي ام لم يلحق ضرراً به.

ويمكن القول ان البلاغ والشكوى تقدم غالباً إلى السلطات العامة في الدولة سواء كانت تنفيذياً وهو الامر الغالب او تقدم إلى القضاء اذا كانت محتويه على عنصر جزائي كالسرقة والتلاعب بالمال العام والاختلاس..

3- الجهات الرقابية: يمكن اكتشاف المخالفات التأديبية من خلال الجهات الرقابية المختلفة من مكاتب المفتشين العموميين في كافة وزارات الدولة ومؤسساتها او من خلال ديوان الرقابة المالية او من خلال هيئة النزاهة .

موانع مسائلة الموظف عن المخالفة التأديبية :

هناك بعض الحالات التي استقر القضاء العراقي على عدم محاسبه الموظف بالرغم من ارتكابه مخالفة تأديبية:

1- توجيه الرئيس الاداري: في حالة صدور امر من رئيسه الاداري المباشر التي تجب عليه طاعته بتوجيهه للقيام بعمل او الامتناع عن عمل بشرط قيام المرؤوس ببيان هذه المخالفة للرئيس تحريرياً واصرار الرئيس على الامر تحريرياً ايضاً في هذه الحالة يتحمل الرئيس الاداري المسؤولية وحده ويعفى الموظف المرؤوس من العقوبة.

2- اختلاف الرأي: تنحصر هذه الحالة في تفسير القوانين والانظمة المبهمة اما اذا كان القانون او التعليمات واضحة فلا مجال للتفسير كقيام الموظف بتعمد مخالفة القوانين والانظمة بحجة تفسيرها مع وضوحها ودلالتها الاكيدة على الحكم فلا مناص من اعتبار هذه الحالة مخالفة تأديبية (خطأ وظيفي) ويجب مسائلة الموظف الذي ارتكبها حيث انه وظفها لأغراض خاصة.

3- القوة القاهرة: يعفى الموظف من العقوبة في حالة القوة القاهرة والتي تحول دون قيام الموظف بواجباته الوظيفية المعتادة فلا يمكن محاسبة الموظف على عدم حضوره للعمل في حالة عدم الاستقرار الأمني او المرض الشديد الذي يمنع الموظف من الالتحاق بعمله.

4- فقدان الإرادة: اذا أصيب الموظف بجنون او علة او قام بفعل تحت الاكراه سواء كان الإكراه مادي او معنوي يعفى الموظف من العقوبة.

5- سوء تنظيم الدائرة او المؤسسة العامة وعدم وجود صلاحيات وهيكلية واضحة ومحددة للدائرة او للهيئة او القسم الذي يعمل فيه الموظف ووجود قوانين وتعليمات متضاربة.

التحري عن المخالفات التأديبية :

عند ورود المعلومات عن المخالفة التأديبية بواسطة (البلاغات والشكاوى) يتعين على الادارة وقبل قيامها بالتحقيق ان تقوم بالتحري عن هذه المعلومات وخاصة إذا كان البلاغ أو الشكوى غير معزز بالأدلة وذلك للتثبت من مصداقيتها وصحتها وذلك من خلال لجنة تضم الاختصاصات المطلوبة حسب نوع المخالفة المتحرى عنها ويجب على اللجنة ان تبذل كل جهدها للتأكد من مصداقية هذه المعلومات او عدم صدقيتها ويجب على لجنة التحري وضع محضر للتحري يتضمن البلاغ او الشكوى واجراءات اللجنة واستنتاجاتها الموثقة بالمعلومات والادلة سواء كانت بالأوراق الرسمية او الشهود وتوصياتها المتضمنة اما صحة المعلومات وطلب اجراء التحقيق الاداري او عدم صحة المعلومات وطلب غلق التحري وقد تجد لجنة التحري بعض المعلومات الواردة في البلاغ او الشكوى صحيحة ولكنها لا ترقى إلى مستوى المخالفة التأديبية ويتم الاكتفاء بتوجيه صاحب الشأن بذلك علماً انه اذا وجدت لجنة التحري عدم صحة المعلومات فتعتبر الشكوى او البلاغ كاذب او خاطئ وهناك اسباب عدة لذلك بعضها عمداً وبعضها خطأ منها عدم فهم او تقدير صاحب البلاغ او الشكوى مثل عدم معرفته للقانون او المسائل الحسابية والمالية او عدم معرفته بالأمور الهندسية والفنية ويمكن ان تكون الشكوى والبلاغ انتقام من شخص ناجح وذلك لغرض إبعاده وإشغاله عن عمله لكن في بعض الأحيان تكون المخالفة واضحة فيمكن للإدارة في هذه الحالة أن تقوم بالتحقيق مباشرةً وفي بعض الحالات يتوجب على الادارة (مكتب المفتش العام أو هيئة النزاهة) القيام بالتحقيق دون وجود اختيار وذلك في حال طلب ديوان الرقابة المالية ذلك من الجهتين أعلاه (م14 من قانون ديوان الرقابة المالية المرقم 31 لسنة 2011) .

لما تقدم اعلاه يجب على الادارة التحري عن الحقيقة وان تكون هناك ضمانة حقيقية للموظف في حالة التحري عن صحة المعلومة.

ادلة اثبات المخالفات التأديبية :

جاء نص (م10/ثانياً) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المرقم (14) لسنة 1991 المعدل (تتولى اللجنة التحقيق تحريرياً مع الموظف المخالف المحال عليها ولها في سبيل اداء مهمتها سماع وتدوين اقوال الموظف والشهود والاطلاع على جميع المستندات والبيانات التي ترى ضرورة الاطلاع عليها…) لما تقدم اعلاه يتبين ان اللجنة التحقيقية عليها ان ترجع في سبيل اجراء التحقيق إلى ادلة الاثبات المنصوص عليها في قانون الإثبات المرقم (107 لسنه1979) المعدل وقانون اصول المحاكمات الجزائية المرقم (23 لسنة 1971) علماً ان طرق الاثبات وردت على سبيل الحصر ولا يجوز الاستعانة بالإثبات بأي طرق أخرى غير المنصوص عليها بالقانون ويجب أن نبين إن للجنة التحقيقية السلطة التقديرية في تقدير أهمية وقوة الدليل في كشف الحقيقة ويمكن ايجاز طرق الاثبات بالآتي :

1- الدليل الكتابي (المستندات الرسمية):

عرفت المادة (21/اولاً) من قانون الإثبات المستندات الرسمية بأنها التي يثبت فيها موظف عام او شخص مكلف بخدمة عامة طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود اختصاصه ما تم على يديه او ما ادلى به ذوو الشأن في حضوره. ويفهم من هذا النص بأن هناك شروط يجب توفرها لانشاء السند الرسمي وهي:

1. صدور السند عن موظف عام او مكلف بخدمة عامة.

2. صدور السند في حدود اختصاص الموظف او المكلف بخدمة عامة.

3. مراعاة الاوضاع القانونية في انشاء السند الرسمي فكل سند له شكليات واوضاع قانونية تنص عليها القوانين المختصة وتعتبر المستندات الرسمية اقوى ادلة الإثبات وأكثرها استعمالاً ويمكن ان نميز قيمة المستندات الرسمية بحالتين.

أ. المستندات الرسمية (الاصل): اذا كان المظهر الخارجي للسند الرسمي الاصلي لا يبعث على الشك كوجود كشط او محو او إضافة فعند ذلك يعد قرينة قانونية قوية ويعتبر حجة قانونية على الناس كافة اما اذا كان به شائبة كما ذكرنا فيمكن الطعن به بالتزوير.

ب.المستندات الرسمية المصورة وهي مستندات رسمية ولكن مصورة بواسطة جهاز الاستنساخ ويمكن ان نقيم هذه المستندات من الناحية القانونية بحالتين.

اولاً: حالة وجود المستندات الرسمية المصورة مع اصلها:

إذا كان اصل السند الرسمي موجود فأن صورته الرسمية خطيه كانت او مصورة تكون لها حجية السند الرسمي الاصلي بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل وتكون الصورة مطابقة للأصل ما لم ينازع في ذلك من يحتج عليه بها وفي هذه الحالة يتعين مراجعة الصورة على الاصل.

ثانياً: حالة وجود المستندات الرسمية المصورة بدون اصلها:

أ. يكون للصورة الرسمية حجية الاصل متى كان مظهرها الخارجي لا يتطرق اليه الشك في مطابقتها للأصل.

ب. يكون للصورة الرسمية المأخوذة من الصور الأصلية الحجية ذاتها ولكن يجوز في هذه الحالة لمن يحتج عليه بهذه الصورة ان يطلب مراجعتها على الصورة الاصلية التي اخذت منها.

ج. مايؤخذ من صور للصورة المأخوذة من الصورة الأصلية فلا يعتد بها الا لمجرد الاستئناس تبعاً للظروف.

2- الاقرار:

اعتراف شخص بحق عليه لآخر سواء قصد ترتيب هذا الحق في ذمته او لم يقصد ويعتبر الاقرار حجة ملزمة ويجب ان يكون المقر له أهلية كاملة (إدراك _ تمييز _ إرادة حرة) ليكون الإقرار صحيحاً.

3- الخبرة:

هي تقدير مادي او ذهني يبديها أصحاب الخبرة والاختصاص في مسأله فنية لا تستطيع اللجنة التحقيقية من معرفتها سواء كانت المسألة الفنية متعلقة بشخص الموظف المخالف او بمحل المخالفة او المواد المستعملة في المخالفة او بآثارها. ويجب ان تطلب الاستشارة من شخص ذو خبرة طويلة ومهارة عالية في اختصاصه لاسيما في القضايا الصناعية مثل الاستخراج والحفر والمصافي او في المجالات الإدارية او القانونية او المالية وتجدر الإشارة إلى انه الغرض من الخبرة ليس اثبات الوقائع بل اعطاء رأي فني او تقديري والأصل ان تكون اعطاء الخبرة تحريرياً ولكن يجوز إعطاءها شفاها بشرط ان يدون ذلك في افادة موقعة من قبل الخبير واعضاء اللجنة ويجب ان يكون الخبير ممن حصلوا على (درجة خبير) وفقاً للأنظمة الوظيفية المقررة في دوائر الدولة ومؤسساتها ويعد تقرير الخبير من الادلة الثبوتية ويمكن ان تأخذه اللجنة سبباً لتقديم توصياتها ويمكن للجنة إن لا تأخذ بتقرير الخبير على ان تبين اسباب ذلك عملاً بالقواعد العامة.

4- الشهادة:

تعرف الشهادة على أنها تقرير شخص لما قد يكون قد رأه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه .. والشهادة نوعان اما ان تكون شهادة نفي او شهادة اثبات ويجب ان تثبت الشهادة تحريرياً من قبل اللجنة ويوقع الشاهد عليها بعد قراءتها ويجب على اللجنة تحليف الشاهد بأن يقول الحق ويمكن للجنة تدوين افادة كل شاهد على حدا او ان تكون الشهادة جماعية بشرط عدم الاضرار بسلامة التحقيق وسريته ويمكن ان تقوم اللجنة بالطلب من الشاهد اعطاء شهادته بصورة مباشرة ودون اسئلة فرعية او ان تقوم اللجنة بسؤال الشاهد بشكل مجزأ ويقوم الشاهد بالإجابة عن كل جزء على حدى ويجب ان تكون الاسئلة الموجهة إلى الشاهد واضحة وان تكون الاسئلة مترابطة ومنتجة اي تكون متعلقة في موضوع التحقيق ويجب على اللجنة تجنب الاسئلة الإيحائية والتي يراد من الشاهد ذكر وقائع لا يريد الشاهد ذكرها او انها غير موجودة ويجب على اللجنة تجنب الأسلوب الخشن والعبارات القاسية والغير لائقة وبالرغم من كون الشهادة أمر جوازي ولكن يعتبر عدم حضور الموظف لتقديم شهادته بخصوص واقعة معينة مع اليقين بحدوث هذه الواقعة تعد (مخالفة تأديبية) في حال طلب شهادة هذا الموظف بصورة رسمية ويجب على اللجنة في هذه الحالة أن تضمن في توصياتها إحالة الموظف الممتنع عن أداء الشهادة إلى التحقيق وتعتبر الشهادة من أهم ادلة إثبات المخالفات التأديبية او نفيها وتعد دليلاً حاسماً ومهماً في التحقيق الاداري علماً ان الشهادة يمكن ان يستعان بها في الوقائع المادية او المالية التي لا يزيد تصرفاتها المالية عن (5000) خمسة آلاف دينار وفقاً للقواعد الخاصة في الإثبات ويجب ان يكون استدعاء الشاهد بمذكرة او كتاب رسمي يذكر فيه موضوع الاستدعاء واسم الشاهد الكامل وتحديد يوم الحضور (التاريخ) ومكان الحضور …

علماً أنه يمكن تصنيف الشهادة إلى أربعة أنواع (شهادة الإثبات _ شهادة النفي _ شهادة الرؤيا _ شهادة السماع ) .

ويمكن بيان كيفية إدلاء الشاهد بشهادته كالآتي:

ان تؤدى الشهادة شفاهاً وتحريرياً حيث يجب على الشاهد إدلاء شهادته شفوياً قبل كتابتها ليتسنى للجنة التحقيقية ان تراقب احوال الشاهد وتحركاته وملاحظة انفعالاته وتغير ملامحه لما لها من شأن في تقدير وزن الشهادة ومصداقيتها ويجب إن يعتمد الشاهد في شهادته على ذاكرته إلا اذا كانت الشهادة منصبه على امر معقد او تأريخ محدد او حسابات او إعداد فيجوز للشاهد الاستعانة بمفكرات مكتوبة او كشوف حسابات او إعداد ويجب على اللجنة كما ذكر سابقاً ان تخضع الشاهد لأداء اليمين واذا امتنع الشاهد عن أداء اليمين جاز للجنة ان ترى ان ذلك قرينه على عدم صدق الشاهد ويجب الإشارة إلى انه يجب على اللجنة تجنب تلقين الشاهد وللجنة مطلق الحرية في الأخذ بشهادة الشهود من عدمها حسب اطمئنانها لهذه الشهادة وحسب ظروف كل قضية وأن الشهادة يجوز الإثبات بها في الالتزامات الغير تعاقدية اما الالتزامات التعاقدية فقد رسم القانون طريقاً خاصاً وشروطاً خاصة لغرض الأخذ بالشهادة.

5- المعاينة والكشف:

يمكن ان تكون المعاينة الدليل الذي له القوة والأهمية الكبرى في بعض القضايا التحقيقية التي تستدعي الكشف والمعاينة حيث يتوجب على اللجنة التحقيقية التوجه إلى محل ارتكاب الجريمة وتثبيت الاثار المادية وتدوين ملاحظاتها والادلة المستحصلة من المعاينة ويجوز في حالة المعاينة الاستعانة بالخبراء ويمكن من خلال الكشف والمعاينة ان يرى الحجم الحقيقي للضرر الواقع ويمكن من خلالها الكشف عن اثار المخالفة او اثار الفاعل الذي قام بهذه الجريمة ويمكن الاستناد إلى المعاينة والكشف قانونياً متى توافرت الظروف التي سبق ذكرها ويجوز للجنة اعتمادها لغرض غلق التحقيق او تحديد المسؤولية مع مراعاة ادلة اثبات المخالفات التأديبية الأخرى.

6- التفتيش:

يقصد به تفتيش المتهم بجريمة تأديبية لغرض الحصول على الادلة التي تساعد في التحقيق الجاري والتي تقوم به اللجنة التحقيقية ولم ينص (قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المرقم 14 لسنة 1991 المعدل) على التفتيش ومع ذلك يمكن للجنة القيام بالتفتيش اذا وجدت ضرورة ملحة لذلك على ان تراعى القواعد التي نص عليها قانون اصول المحاكمات الجزائية المرقم 23 لسنة 1971 المعدل ويمكن ايجاز شروط التفتيش بالاتي حيث يجب ان يكون هناك تحقيق جار مع الموظف المراد تفتيشه ويجب ان يكون هناك اذناً بالتفتيش ويكون كتابياً وصادر من السلطة المخولة قانوناً وان يباشر التفتيش احد اعضاء الضبط القضائي بحضور المراد تفتيشه او من ينوب عنه او بحضور شاهدين من دائرته او زملائه وفي حالة كون التفتيش في منزل الموظف المتهم فيجب ان يكون التفتيش بحضور شهود من اقربائه او من الجيران واذا كانت المراد تفتيشها انثى فيجب ان تتولى انثى تفتيشها تطبيقاً للقواعد العامة.

7- القرائن:

يمكن تعريف القرينة بأنها (استخلاص أمر مجهول من أمر معلوم على أساس أنه إذا تحقق وجود هذا الأمر المعلوم كان الغالب وجود هذا الأمر المجهول) فظهور ثراء فاحش فجأة للموظف المخالف يؤخذ قرينة على اشتراكه في أعمال شغب أو مشاجرة وتعتبر القرينة من أدلة الإثبات الغير مباشرة وتعتبر اقرب الى الحدس والتخمين ولذا فأن القرائن لا تعتمد لوحدها كدليل للإثبات بل من شروط الاخذ بها ان تجتمع مع احد ادلة الاثبات الأخرى ويمكن ان تكون القرائن قاطعة مثل محاولة الموظف المتهم اخراج السيارة بدون تخويل وهناك قرائن يمكن ترجيحها وهناك قرائن ضعيفة ويمكن القول ان القرائن تبنى على اساس القابلية للتصديق.

8- الاستجواب :

ان استجواب الموظف المتهم الذي يؤدي إلى اعترافه بإقتراف المخالفة التأديبية تعد من اهم وسائل الإثبات ويجب ان يصدر هذا الاعتراف عن ارادة لا يشوبها اي عيب فلا يجوز التهديد خلال مرحلة الاستجواب بأي حال من الأحوال، ويجب على اللجنة في سبيل انجاح الاستجواب ان تكون هناك اسئلة واضحة ومحدده في معناها ومدلولها وان تكون خالية من الايحاء ويجب ان يتم التأكيد على الموظف المخالف بعدم الكذب في ذكر الوقائع ويجب ان يكون هناك دقة في توجيه الاسئلة وان تكون الاسئلة متسلسلة حسب الترتيب التاريخي للوقائع وعند وجود عدد من الموظفين المخالفين فيجب البدء بأقلهم صلابة صعوداً إلى المخالف الأكثر صلابة واذا تمكنت اللجنة من الحصول على اعتراف الموظف المخالف فيجب تثبيت هذه الاعتراف بشكل افادة خطية يوقعها الموظف المخالف بعد قراءتها من قبله ويجب ان تتوافر عدة شروط لكي يكون الاعتراف رسمياً ويعتد به قانوناً منها:

1- ان يعترف الموظف امام جميع أعضاء اللجنة التحقيقية وليس امام بعضها.

2- ان يكون اعتراف الموظف قد صدر بشكل قاطع وصريح وواضح.

3- ان يكون اعتراف الموظف يستند إلى وقائع صحيحة وان لا يكذبه الواقع او يقصد اخفاء جريمة.

ان يكون الموظف مدركاً للاعتراف الذي يدلي به وان لا يكون تحت ضغطً أو تهديد أو وعد أو وعيد او فاقد الأهلية او في حالة سكر اي ان لا يكتنف ارادته اي عيب من عيوب الإرادة.

المؤلف : عبد الغفور يعكوب يوسف
الكتاب أو المصدر : اصول ومهارات التحقيق الاداري

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .