الكفالة​

أولا: تعريف الكفالة.

الكفالة لغة: مأخوذة من كفل، ومنه قولهم: قد تكفلت بالشيء، إذا ألزمته نفسي، وتحملته، وجمع الكفيل: كفلاء، ​

ومنه قوله تعالى:} فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ { [ آل عمران 37]​

وأما الكفالة في الاصطلاح: فقد اختلف الفقهاء في تعريف الكفالة تبعا لاختلافهم فيما يترتب عليها من أثر. فعرفها جمهور الحنفية بأنها: ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة بنفس أو دين أو عين. وعرفها بعضهم بأنها: ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في الدين.

كما تعرف على أنها: عقد بمقتضاه يلتزم الكفيل الوفاء بدين للدائن في ذمة المدين إذا لم يوفي به هذا الأخير.

ويرى المالكية والشافعية في المشهور والحنابلة أن الكفالة هي: أن يلتزم الرشيد بإحضار بدن من يلزم حضوره في مجلس الحكم. فالحنفية يطلقون الكفالة على كفالة المال والوجه, والمالكية والشافعية يقسمون الضمان إلى ضمان المال وضمان الوجه, ويطلق الشافعية الكفالة على ضمان الأعيان البدنية. وأما عند الحنابلة: فالضمان يكون التزام حق في ذمة شخص آخر, والكفالة التزام بحضور بدنه إلى مجلس الحكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثانيا: حكم الكفالة.

​الأصل في جواز الضمان والكفالة: الكتاب، والسنة، والإجماع.

فمن الكتاب:​

قوله تعالى: قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ.

أي كفيل: ضامن.

وقوله تعالى: سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ, أي: كفيل.

ومن السنة:

فحديث أبي إمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: .. العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم ,

قال الخطابي وغيره: الزعيم الكفيل, والزعامة الكفالة.

أما الأجماع:​

فقد أجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة. وأما الكفالة فقد قال الإمام الموفق ابن قدامة رحمه الله:[ وقال الشافعي في بعض أقواله: الكفالة بالبدن ضعيفة، واختلف أصحابه، فمنهم من قال: هي صحيحة قولاً واحداً، وإنما أراد أنها ضعيفة في القياس، وإن كانت ثابتة بالإجماع، والأثر ] ​

وقد نقل كثير من الفقهاء الإجماع على جواز الكفالة- وإن اختلفوا في بعض الفروع- لحاجة الناس إليها ودفع الضرر عن المدين, قال في الاختيار: بعث النبي صلى الله عليه وسلم والناس يتكفلون فأقرهم عليه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثالثا: أركان الكفالة.

الكفالة سواء كانت كفالة دين أو بدن لها خمسة أركان:

1- الكفيل: وهو الشخص الذي التزم بالإحضار أو دفع المال.

2- المكفول عنه: وهو الشخص الذي يتم إحضاره أو دفع المال عنه.

3- المكفول له: وهو الشخص الذي يدفع له المال أو يدفع له المكفول عنه.

4- المكفول به: وهو الحق الثابت على المكفول عنه سواء في ماله أو بدنه.

5- الصيغة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رابعا: شروط الكفالة.

الطرفان الأساسيان في عقد الكفالة هما: الكفيل والمكفول له، أما المكفول فسنلاحظ دوره من خلال شروط الكفالة التالية:

1. يشترط رضا الكفيل والمكفول له بلا إشكال.

2. يشترط إظهار التراضي بالإيجاب من الكفيل والقبول من المكفول له. ولا يشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا باللفظ، بل يكفي فيهما كل مُظهرٍ للرضا مثل: الكتابة، والإشارة الواضحة.

3. يشترط في الكفيل والمكفول له توفر الأهلية العامة من البلوغ والعقل والاختيار والقصد. وإذا كانت الكفالة في قضيةٍ ما لمصلحة طفل أو مجنون فإن طرف العقد يكون وليهما البالغ العاقل.
ويشترط في الكفيل- إضافة إلى الشروط العامة- قدرته على الإحضار أو أداء ما يتفقان عليه إن لم يحضره.

4. أن يكون المال- في كفالة الدَيْن- ثابتاً في الذمة (كالمستدين بالفعل) أو في طور الثبوت قريباً عرفاً، (كالاتفاق المبرم بين طرفين على دَيْن الإ أن الدائن لم يدفع بَعدُ شيئاً للمقترض بانتظار من يكفله).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خامسا: الغرض من الكفالة.

إن للكفالة أجرا وثوابا لأنه تفريج كربة من كرب المسلمين فهي تفريج لكرب البائع الخائف على ماله وتفريج لكرب المدين الخائف على نفسه, فهي قربة إلى الله, وتنفيس عن المسلمين.

هذا والله أعلي وأعلم ،،​
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

شرح عمدة الفقه, باب الحوالة و الضمان, ص 876 .

نظرية العقد و الكفالة, للإمام عبد الله عزام.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .