الزوجة لا تعد ناشزا إلا اذا دعاها زوجها الى طاعته

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

ارست محكمة تمييز دبي مبدأ قانونيا يقضي بأن الزوجة لا تعد ناشزا إلا اذا دعاها زوجها الى طاعته وارسل في طلبها, ولا يكفي لنشوزها مجرد ترك منزل الزوجية.

وبناء على هذا المبدأ قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من رفض طلب الزوجة (الطاعنة) لنفقة الزوجية, وباحالة الدعوى في هذا الخصوص الى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد, والزمت وحيث ان الوقائع تتحصل في ان الحكم المطعون فيه, ان الطاعنة (الزوجة) اقامت على المطعون ضده الزوج الدعوى احوال نفس مسلمين امام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بالزامه بأن يدفع لها نفقة شهرية شاملة المأكل والملبس والمسكن قدرها 2000 درهم, ونفقه لابنها منه قدرها 1000 درهم,

وقالت في بيان ذلك انه قد تزوجها شرعا ودخل بها ورزقت منه بالطفل, واذ طردها وابنها المذكور منذ شهر اكتوبر 98 وامتنع عن الانفاق عليهما, فقد اقامت الدعوى حكمت المحكمة بالزام المدعي عليه (الزوج) بأن يؤدي لها مبلغ 1500 درهم نفقة زوجية لها ومبلغ 700 درهم نفقة لإبنه.

استأنف المطعون ضده الزوج هذا الحكم بالاستئناف والتي حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى, طعنت الطاعنة على هذا الحكم بالتمييز وطلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه, كما قدم محامي المطعون ضده مذكرة بالرد مرفق بها شهادة لمن يهمه الامر وطلب رفض الطعن.

وحيث ان الطعن اقيم على ثلاثة اسباب تنعي بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والشرع الاسلامي والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وتهاتر الاسباب والاخلال بحق الدفاع, ذلك انه ولئن كان المقرر شرعا ان من حق الزوج ان يحتبس زوجته طالما هي على ذمته, فإن شرط ذلك ان يؤدي لها حقوقها الشرعية بتهيئة المسكن الملائم لها اللائق بها وتأمين حاجياتها الضرورية من مأكل وملبس وان يعاملها معاملة حسنة بأن يمسكها بمعروف او يسرحها بإحسان,

لا ان يحبسها في منزل الزوجية والاساءة اليها وايذائها في جسمها وعرضها وشرفها واذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر, وانتهى الى عدم استحقاق الطاعنة لنفقتها الزوجية على المطعون ضده لعدم تحقق احتباسها من اجله, بمقولة انها لم تستقر في منزل الزوجية بسبب غير راجع للمطعون ضده بل يرجع الى فعلها هي, دون ان يفصح عن الدليل او البينة او المستند الذي عول عليه في هذا الخصوص ـ سوى دفاع المطعون ضده المرسل من انها لم تكن محتبسة لأجله بل تركت منزل الزوجية وانتقلت الى مسكن آخر واستئجارها شقتين باسمها,

والتفت عن دفاعها المؤيد بالمستندات الرسمية من قيام المطعون ضده بطردها من منزل الزوجية والاعتداء عليها في بدنها مما احدث بها اصابات بالغة على النحو المبين تفصيلا بالتقارير الطبية الرسمية المقدمة منها امام محكمة الموضوع, واتهامها في عرضها وشرفها بتهمتي هتك العرض بالرضا واحتسائها المشروبات الكحولية رغم ثبوت انتفاء التهمة الاولى قبلها, واكراهها على الاعتراف بالتهمة الثانية واحضاره امرأة اخرى في منزل الزوجية للعيش معه جرحا لشعورها كزوجة بما يفصح عن ان عدم استقرارها بمنزل الزوجية وبالتالي عدم احتباسها من اجل المطعون ضده انما يرجع الى فعل المطعون ضده وليس الى فعلها, كما انه لم يقدم ما يفيد نشوزها بحكم قضائي او انه طلبها للالتحاق بمسكنه بعد ان طردها وادخلها السجن, ومن ثم فإن الحكم يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

واكدت المحكمة ان هذا النعي سديد. ذلك ان المقرر في الفقه الاسلامي ان عقد الزواج الصحيح شرعا سبب لوجوب نفقة الزوجة على زوجها, وقد اشترط فقهاء المالكية لاستحقاق هذه النفقة للزوجة المدخول بها ان يكون زوجها موسرا, وألا تفوت الزوجة عليه حقه في الاحتباس الذي يؤدي الى المقصود من النكاح اي بقرارها في منزل الزوجية لاتبارحه الا فيما تملكه شرعا, ومؤدى هذا وجوب نفقة الزوجة على زوجها اذا كان فوات مقصود النكاح بمبرر شرعي او بسبب لا دخل لارادة الزوجة فيه.

ومن المقرر في فقه المذهب المالكي انهم يفرقون بين سبب النفقة على الزوج وهو عقد الزواج وبين شرط وجوبها عليه, وبين ما اذا كانت الزوجة غير مدخول بها او مدخول بها… فإذا كانت الزوجة مدخولا بها فإن النفقة تجب لها من غير شروط الا ان تكون ناشزا بالفعل بأن تمنع زوجها من الوطء بعد الدخول, او بالعزم على عدم تمكينه منه, وان شرط نشوزها ان يدعوها الزوج لطاعته او يرسل في طلبها او يرفع الدعوى به.

لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى بلا خلاف بين طرفيها او الزوجية ما زالت قائمة, ودخلت الاوراق مما يدل على ان المطعون ضده قد دعا زوجته الطاعنة لطاعته بعد خروجها من السجن او ارسل في طلبها او اقام الدعوى لتقرير نشوزها وكان لا يجوز تقديم اية مستندات لاول مرة امام محكمة التمييز, فإن استحقاقها للنفقة على زوجها المطعون ضده يكون قائما, واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر, وانتهى الى ان عدم تحقق الاحتباس الموجب للنفقة راجع الى فعل الطاعنة ولم يكن بسبب راجع الى فعل المطعون ضده مجتزئا القول (لما كان ذلك وكان مؤدي دفاع المستأنف عليها (الطاعنة)

ومنذ ضبطها في قضية الجنحة التي حبست على ذمتها لم تستقر في منزل الزوجية وترى المحكمة ان ذلك لم يكن بسبب راجع الى المستأنف فمن ثم يكون عدم تحقق الاحتباس راجعا الى فعلها, فلا تستحق النفقة الزوجية التي تطالب بها) واذ كان هذا الذي خلص اليه الحكم لا يفيد بمجرده نشوز الطاعنة, ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

كتب ـ خالد بن هويدي