سنبحث في هذه الموضوع ميراث فروع البنت والابن في القوانين المقارنة كما يأتي :

1- القانون العراقي

إن أولاد البنت والابن يرثون وفقاً للقانون العراقي بحالتين كما يأتي :

الأولى : الميراث الشرعي

فيرثون وفقاً لهذه الحالة طبقاً للمذهب السني أو الجعفري بحسب مذهب المتوفى طبقاً لأحكام المادة (90) من قانون الأحوال الشخصية عند عدم تحقق شروط تطبيق الوصية الواجبة.

الثانية : الوصية الواجبة

بعد صدور القانون رقم (21) لسنة 1978 بجعل البنت تحجب الورثة جميعهم عدا الأبوين والزوج والابن الذي يكون عاصباً لها، ولما أحدثه هذا التعديل من حيف وغبن بحق أولاد الأولاد الذين يتوفى أصلهم قبل أصله، أصدر المشرع القانون المرقم (72) لسنة 1979، إذ جاء فيه ما يأتي :

– المادة الأولى :

تحل المادة التالية محل المادة الرابعة والسبعين (الملغاة) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل.

– المادة الرابعة والسبعون :

1- إذا مات الولد، ذكر كان أم أنثى، قبل وفاة أبيه أو أمه، فإنه يعتبر بحكم الحي عند وفاة أي منهما وينتقل استحقاقه من الإرث إلى أولاده ذكوراً كانوا أم إناثاً، حسب الأحكام الشرعية، باعتباره وصية واجبة، على أن لا تتجاوز ثلث التركة.

2- تقدم الوصية الواجبة، بموجب الفقرة (1) من هذه المادة، على غيرها من الوصايا الأخرى في الاستيفاء من ثلث التركة(1).

يتضح من هذا النص أنه لابد من تحقق شروط معينة لتطبيق الوصية الواجبة وتنحصر بما يأتي:

أ- وفاة الأصل ذكراً كان أو أنثى قبل وفاة أبيه أو أمه.

ب- وجود أولاد مباشرين للجد أو الجدة، إذ لو لم يكن للجد أو الجدة أولاد مباشرون فإن أولاد الأولاد يرثون طبقاً للميراث الشرعي.

جـ- يشترط أن لا يكون الأولاد المباشرون محرومين من الميراث لقيام مانع من موانعه.

كما أن المشرع حدد الوصية الواجبة بحدود الثلث، وهي تجب بحكم القانون دون تدخل إرادة المورث في إنشائها، وقد قدمها المشرع على الوصايا الأخرى في الاستيفاء، دون أن يمنع الجمع بين الوصيتين الواجبة والاختيارية.

ولا نتفق مع الرأي القائل بأن الفرع المستحق للوصية الواجبة، إذا أوصى له جده أو جدته وصية اختيارية فإنه يستحق في هذه الحال من الوصية الاختيارية ما يكمل ثلث التركة دون موافقة الورثة، أما ما زاد على الثلث، فيكون موقوفاً على موافقتهم(2). إذ أن هذا التفسير يحمّل النص أكثر مما يحتمل للأسباب الآتية:

أ- إن الوصية الواجبة حكمها حكم الميراث، فهي تجب بحكم القانون دون تدخل من إرادة المورث في إنشائها، ومن ثم فإن الفرع المستحق للوصية الواجبة بحكم الوارث في القانون العراقي، ومن ثم يجوز الوصية له استناداً إلى أحكام المادة (1108) من القانون المدني العراقي.

ب- إن التعديل أجاز الجمع بين الوصية الواجبة والوصية الاختيارية وتقديمه للوصية الواجبة في الاستيفاء دليل على اجازته الوصية الاختيارية.

2- القانون المصري

إن المشرع المصري ورث أولاد البنت وأولاد الإبن بحالتين وهما الميراث الشرعي والوصية الواجبة عند تحقق شروطها وسنبحثهما كما يأتي :

الأولى : الميراث الشرعي

إن المشرع المصري أخذ بالفقه السني في توريث أولاد البنت والابن، إذ عد بنت الإبن صاحبة فرض وحدد فرضها بفروض البنت الصلبية عند انعدام الأخيرة، وحدد لها سدس التركة سواءاً كانت واحدة أم أكثر عند وجود بنت صلبية واحدة وهذا ما نصت عليه المادة (12)، إذ جاء فيها ما يأتي (مع مراعاة حكم المادة 19 : (أ) للواحدة من البنات فرض النصف وللاثنين فأكثر الثلثان (ب) ولبنات الإبن الفرض المتقدم ذكره عند عدم وجود بنت أو بنت إبن أعلى منهن درجة، ولهن واحدة – أو أكثر – السدس مع البنت أو بنت الإبن الأعلى درجة). كما نص على ميراثها تعصيباً بالغير بنص المادة (19)، إذ جاء فيها ما يأتي : (العصبة بالغير هن 2- بنات الإبن وإن نزل مع أبناء الإبن وإن نزل إذا كانوا في درجتهن مطلقا أو كانوا أنزل منهن إذا لم ترثن بغير ذلك). أما إبن الإبن فعده المشرع المصري عصبة بالنفس وهو في الجهة الأولى، إذ نصت المادة (17) على أنه (للعصبة بالنفس جهات أربع مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي : 1- البنوة : وتشمل الأبناء وأبناء الإبن وإن نزل).أما بالنسبة لأولاد البنت، فقد عدهم المشرع المصري من ذوي الأرحام، إذ نصت المادة (31) على ما يأتي : (إذا لم يوجد أحد من العصبة بالنسب ولا أحد من ذي الفروض النسبية، كانت التركة أو الباقي منها لذوي الأرحام. وذوي الأرحام أربعة أصناف مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي : الصنف الأول – أولاد البنت وإن نزلوا).

الثانية : الوصية الواجبة

نصت المادة (76) من قانون الوصية الواجبة رقم 71 لسنة 1946(3).على شروط تطبيق الوصية الواجبة إذ جاء فيها ما يأتي (إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حكما بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثا في تركته لو كان حيا عند موته وجبت للفرع في التركة وصية بقدر هذا النصيب في حدود الثلث بشرط أن يكون عبر وارث، ولا يكون الميت قد أعطاه بغير عوض عن طريق تصرف آخر قدر ما يجب له وإن كان ما أعطاه أقل منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله. وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات، ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا على أن يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره، وأن يقسم نصيب كل أصل على فرعه وإن نزل قسمة الميراث كما لو كان أصله أو أصوله الذين يدلى بهم إلى الميت ماتوا بعده وكان موتهم مرتبا كترتيب الطبقات). يتضح من هذا النص أن المشرع المصري إشترط شروطاً عديدة لتطبيق الوصية الواجبة وتنحصر بما يأتي:

أ- وفاة الأصل ذكراً كان أو أنثى قبل وفاة أبيه أو أمه أو معهما ولو حكماً.

ب- أن لا يرث الفرع أي شيء من التركة، فإذا كان وارثاً ولو مقداراً قليلاً، فلا تجب له الوصية الواجبة. فلو توفى عن زوجة، وبنت، وبنت إبن (لابن له توفى قبله)، فلا نطبق الوصية الواجبة على بنت الإبن، لأنها ترث السدس تكملة للثلثين بعد أن ترث البنت فرضها النصف والباقي يرد عليهن كلاً بحسب سهامه، أما لو توفى عن أم، وأب، وبنتين، وبنت إبن، وابن إبن لاستحقا إبن الإبن وبنت الإبن وصية واجبة، لأن التركة استغرقت بالفروض فورثت البنتان الثلثين، وورث كل واحد من الأبوين السدس فلم يبق شيء لبنت الإبن وابن الإبن، فيرثون بالوصية الواجبة.

جـ- يشترط عدم قيام المتوفى، (الجد أو الجدة) بإعطاء فرع ولده بغير عوض ما يساوي مقدار الوصية الواجبة بأي تصرف من التصرفات كالهبة، وإن كان قد أعطاهم، ولكن أقل من الثلث وجبت لهم وصية واجبة بما يكمل الثلث فقط. كما يتضح من هذا النص أن المشرع المصري حصر تطبيق الوصية الواجبة بأولاد الأبناء وإن نزلوا كابن الإبن، وابن إبن الإبن، وبنت إبن الإبن وإن نزل أبوها، والطبقة الأولى حصراً من أولاد البنت أي إبن البنت وبنت البنت(4).

3- القانون الأردني

إن المشرع الأردني يورث أولاد البنت والابن بإحدى الحالتين الآتيتين :

أ- الميراث الشرعي

لم يتطرق المشرع الأردني إلى ميراث أولاد البنت والابن، ومن ثم يطبق في ميراثهما الراجح من مذهب أبي حنيفة طبقاً لأحكام المادة (183) عند انعدام شروط تطبيق الوصية الواجبة.

ب- الوصية الواجبة

نصت المادة (182) من قانون الأحوال الشخصية الأردني على ما يأتي : (إذا توفى جد وله أولاد إبن وقد مات ذلك الإبن قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث التركة الشرعية وصية بالمقدار والشروط التالية :

أ- الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصة أبيهم من الميراث فيما لو كان حيا على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة.

ب- لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية إن كانوا وارثين لأصل أبيهم جداً كان أو جدة أو كان قد أوصى أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقونه بهذه الوصية الواجبة، فإذا أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت تكملته وإن أوصى بأكثر كان الزائد وصية اختيارية وإن أوصى لبعضهم فقد وجب للآخر بقدر نصيبه.

جـ- تكون الوصية لأولاد الإبن ولأولاد إبن الإبن وإن نزل واحداً أو أكثر للذكر مثل حظ الأنثيين يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط.

د- هذه الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الاختيارية في الاستيفاء من ثلث التركة).

يتضح من هذا النص أن شروط تطبيق الوصية الواجبة في القانون الأردني مطابقة لشروط تطبيقها في القانون المصري، وقد حصر المشرع الأردني تطبيق الوصية الواجبة بأولاد الإبن كابن الإبن وإن نزل، وبنت الإبن وإن نزل أبوها، دون أولاد البنت(5).

5- القانون الصومالي

تطرق المشرع الصومالي إلى ميراث أولاد البنت والابن بنص المادة (161)، إذ جاء في الفقرة (3) منها على أنه (إذا كان الورثة أولاد الإبن أو أولاد البنت فإنهم يرثون التركة بالطريقة المبينة في الفقرتين (1) و (2) من هذه المادة) المذكورة آنفاً، كما نصت المادة (169/1) على حجبهم إذا جاء فيها ما يأتي (يحجب كل من الإبن والبنت إبن الإبن وبنت الإبن وابن البنت وبنت البنت). وهذا يعني أن أولاد البنت والابن يرثون عند عدم الأولاد المباشرين وفقاً للحالات الآتية :

أ- يرث التركة كلها عند الانفراد سواء كان ذكراً أو أنثى، ويستوي الأمر إن كان ولد بنت أو ولد إبن.

ب- يرثون التركة كلها بالتساوي عند التعدد ذكوراً وإناثاً دون الأخذ بنظر الاعتبار ميراث أصلهم.

ولنا على موقف المشرع الصومالي الانتقادات الآتية :

1- إن المشرع الصومالي ساوى بين الذكر والأنثى في ميراث أولاد البنت والابن فجعل ذلك قاعدة مطردة مخالف بذلك الفقه الإسلامي السني والجعفري(6).

2- إن المشرع الصومالي ورث فروع البنت عند عدم الإبن والبنت، فخالفوا بذلك فقهاء السنة الذين يعدونهم من ذوي الأرحام، ومن ثم لا يرثون إلا بانعدام أصحاب الفروض النسبية والعصبات. كما أنهم خالفوا فقهاء الجعفرية الذين وضعوا قاعدة في توريث الفروع بإعطائهم نصيب أصولهم ذكوراً كانوا أو إناثاً دون النظر إلى كون الفرع ذكراً أو أنثى(7).

6- القانون الفرنسي

إن المشرع الفرنسي يورث أولاد البنت والابن عند عدم الأخيرين حالات الأولاد المباشرين نفسها المذكورة آنفاً.

أما إذا تحققت شروط نظرية الاستخلاف فإنهم يرثون طبقاً لأحكامها، علما أن المشرع الفرنسي يورث فروع الأولاد الطبيعيين والمتبنين ويعدهم من أصحاب الفروض الإلزامية(8).

ويلاحظ وجود أوجه تشابه بين نظرية التمثيل والوصية الواجبة نوجزها بما يأتي :

1- يشترط لاستحقاق الوصية الواجبة وحق التمثيل وفاة الاصل قبل مورثه.

2- يشترط لاستحقاق الفرع الوصية الواجبة وحق التمثيل ان يكون اصله وارثاً.

كما يلاحظ وجود أوجه خلاف بين القوانين المقارنة نوجزها بما يأتي :

1- ان القانون الفرنسي شمل الاولاد الطبيعيين والمتبنين في حق التمثيل، بينما حصرت القوانين العربية استحقاق الوصية الواجبة بالاولاد الشرعيين.

2- حددت القوانين العربية المقارنة الوصية الواجبة بثلث التركة، اما القانون الفرنسي فلم يحدد نصيب الفرع بحد معين.

3- حق التمثيل في القانون الفرنسي لاولاد الاولاد، وأولاد الاخوة والاخوات، أما استحقاق الوصية الواجبة في القانون العراقي شملت اولاد الاولاد وان نزلوا، وحصرها القانون المصري باولاد الابن وان نزلوا، واولاد البنت من الدرجة الاولى، اما القانون الاردني فحصر استحقاق الوصية الواجبة باولاد الابن حصراً(9).

________________________

[1]- القانون رقم 72 لسنة 1979 المنشور في الوقائع العراقية ذي العدد (2716) في 18/6/1979.

2- انظر د. أحمد علي الخطيب، شرح قانون الاحوال الشخصية، المصدر السابق، ص80.

3- قانون الوصية الواجبة رقم (71) لسنة 1946، المنشور في الجريدة الرسمية ذي العدد (65) في 1-يوليو-1946.

4- محمد مصطفى شلبي، المصدر السابق، ص378 وما بعدها.

5- المادة (182/جـ) من قانون الأحوال الشخصية الاردني.

6- أنظر محمد إبراهيم الكرباسي، المصدر السابق، ص286 وما بعدها. عمر فروخ، الأسرة في الشرع الإسلامي، ط2، المكتبة العصرية، بيروت، 1974، ص171 وما بعدها.

7- انظر شمس الدين السرخسي، المصدر السابق، ص6. محمد الصدر، المصدر السابق، ص46 وما بعدها.

-8 FREDERIC DOUET، op cit، p.103.

9- انظر ياسر عبد الحميد المشهداني، الوصية الواجبة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون في جامعة الموصل، 1998، ص43 وما بعدها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .