بحث حول تلاوة الشهادة في المحكمة

هل يمكن للمحكمة أن تفصل في الدعوى دون سماع أقوال الشهود ورغم تمسك المتهم بهم ؟
إذا اتخذت المحكمة من جانبها الإجراءات اللازمة لاستدعاء الشاهد الذي تمسك المتهم بحضوره وأفسحت المجال أمام النيابة العامة لإعلانهم فعجزت عن الاهتداء إليه وتعذر بذلك سماع شهادته ولم يسلك المتهم من جانبه الطريق الذي يعين على إحضارهم او يحضرهم معه بحسب أن إعلان الشاهد للحضور ليس وجوبي فأنه لا تثريب على المحكمة أن هي فصلت في الدعوى دون سماع أقوال ذلك الشاهد .
صـ 37.38والباقي مكرر نفس الأمثلة مكررة .

حرية القاضي في تقدير الشهادة
خول القاضي القانون الجنائي سلطة واسعة وحرية كاملة في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى عندما اعتنق مبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته فنصت محكمة النقض بأن أساس الأحكام الجنائية أنما هو حرية قاضي الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى و لا يصح مطالبة بالأخذ بدليل معين إلا إذا قيده القانون بذلك ، فما دام تبين من حكمه أنه لم يقض بالبراءة إلا بعد أن ألم بتلك الأدلة ووزنها ، فلم يقتنع وجدانه من صحتها فلا يجوز مصادرته في اعتقاده و لا المجادلة في حكمه أمام محكمة النقض كما أنه لا يحكم بالإدانة إلا أنه إذا اطمأن ضميره .
نقض 10.23.196
ومتى انتهت المحكمة من سماع الشهود واستوثقت من سلامة إجراءات التحقيق وجب عليها أن تفحص الشهادة لتكوين عقيدتها في الدعوى والحكم منها وللمحكمة ومطلق الحرية في تقدير الشهادة فلها أن تأخذ بما يطمئن إليه وجدانها وأن تطرح ما لا ترتاح إليها من غير أن تكون ملزمة ببيان أسباب ترجيحها لما أخذت به وإطراحها لغيره لأن الاطمئنان إلى أقوال شهود أحد الخصوم دون شهود الخصم الأخر وترجيح شهادة شاهد على آخر مرجعه وجدان القاضي ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك حتى كان ما استخلصه الحكم من أقوال الشهود الذين أطمأن اليهم يقوم على أسباب سائفه لحمل قضائه .
وإذا كان ما استخلصه الحكم لا يتفق مع مدلولها ، أو مناقضاً لما هو ثابت في محضر التحقيق أو مخالف الثابت في الأوراق ، فأنه يكون مشوب بالقصور.
أحكام النقض :-
لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادتهم وتعديل القضاء على أقوالهم مما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي يراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة محكمة النقض عليها وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام لها أصل فيها وكان التناقض في أقوال الشهود وتضاربهم في أقوالهم – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاص سائفاً لا تناقض فيه – كما هو الشان في الدعوى المتمثلة – من ثم ينحى منحى الطاعن في هذا الصدد غير سوي.

2- من المقرر قانوناً أن تكون المحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل تبين المتهم أو المدافع عنه ذلك طرحه أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تتخذ في حكمها على أقوالهم التي أدلو بها في التحقيقات الأولية ما دامت هذه الأقوال مطروحة في بساط البحث في الجلسة .

3- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتعديل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي يراها وتقدر التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها وكان تناقض الشاهد في بعض التفاصيل – بفرض صحة وجودة – لا عيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاص سائفاً لا تناقض فيه وإذ كان ذلك وكان ما حصله الحكم من أقواله ( المجني عليه ) قد خلا من شبهة أي تناقض فأن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وهو ما لا يقبل أثارته لدى محكمة النقض
صـ ( 106.105.104.103.102) الإثبات الجنائي في ضوء القضاء والفقه النظرية والتطبيق د/ عبد الحميد الشواربي )
في بيان كيفية أداء الشهادة وما يتعلق بها ويشترط في أداء الشهادة وصحتها ستة شروط :-
1- لا تصح أداؤها لا عند حاكم حكاه في البيان أو عند غيره بآمره
2- لفظها فلا تصح بالرسالة والكتابة لعدم اللفظ ولابد من لفظها من ( حسن الأداء )لها بأن يكون بفعل مضارع الحالي فيقول أشهد أن فلاناً أقر بكذا أو فعل كذا
3- ضن العدالة في الشهود المراد أنه لا يحكم بشهادة الملتبس مع عدم التبديل ومعه لا يشترط ضن العدالة ولو ضن الكذب ما لم يعلم الجرح أو الكذب لأن المراد أنه لا بد من ضن العدالة وإلا يعول من اللتبس حالة من الشهود (لم يصح) وإلا يعدل من التلبس حالة من الشهود ( لم يصح ) شهادته أي لم يكن للحاكم الحكم بها ولو غلب ظنه صدق ما لم يعدل أو يبلغ عدد الشهود حد التواتر الذي يوجب العلم فأنه يعمل به كل شيء بشرط أن يستند الى المشاهدة وقوله أو أن رضى الخصم أي شهادة من ليس بعدل لم يعمل بشهادته إذا عرف الحاكم جرحه إلا أن يقول الخصم صدق بعد أداء شهادته يحمل به من باب الإقرار لا من باب الشهادة وعلى الجملة إذا حضر الشهود إلى الحاكم فأن كان يعرف عن المتهم بالخبرة أو بالشهرة قبل شهادتهم ولا مانع للخصم من جرحهم بالشهادة العادلة وأن كان يعرف جرحهم فأن شاء منعهم وهو الاولى وأن شاء سمع شهادتهم والغاها وأن التلبس حالهم سمع شهادتهم و لا يعمل بها إلا بعد تعديلهم ما لم يجرحهم الخصم بشهادته عادل به .
4- حضوره :- أي حضور الخصم :- المدعى عليه عند أداء الشهادة لا المدعى
5- شمول الدعوى للمبين عليه وكون بينه غير مركبه أي إحضار المدعى به إن أمكن لقنع الشهادة على متبقين فأن تقدر كفل الوصف ( س69) التاج المذهب الجزء الرابع
من لا تصح شهادتهم أثنا عشر من بينهم :-
من شهد شهادة له فيها نفع كشهادة الشريك فيما هو شريك فيه أو كان في الشهادة ( دفع ضرر ) عن الشاهد لم تصح شهادته نحو أن يبيع رجل شيئاً من غيره ويشهد من اشتراه بالملك وايضاً إذا كانت الشهادة تضمن تقرير فعل أو قول شهادة ذي سهوا وذهول: وهو من غلب عليه السهو أو تساوي ضبطه نسيانه فأن شهادته لا تقبل كذا خبره واما الغلط اليسير فلا يقدح في الشهادة إذ إلا يسلم منه أحد .
– أو ذي حقد :– أي عداوة دينا على المشهود عليه وهو من يفرح لحزنه ويحزن لفرحه لا عداوة دين فلا تمنع كشهادة المسلم على الكافر دون العكس والعدو على القدر والمؤمن على الناس ولو كان بحقد على ذلك فالحقد بحق .
– ونفس الكلام في شهادة الخصم انه أما أن يشهد له أو عليه فأن شهد له بحق ما لم تكن الخصومة يجرح بها وأن المشهود عليه فلا تقبل سواء شهد عليه في نفس ما هو خصم فيه أو في غيره ما لم تنزل الشحناء والمراد إذا تقدمت الخصومة بحيث لم يعرف أنه خاصمة ليبطل شهادته لانه يؤدي إلى عدم التمكن من اداء الشهادة وكذا في الحاكم إذا حكم على خصمه فلا ينفذ إلا ان يعرف الحكم هو سبب المخاصمة لم يمنع
من كتاب / التاج المذهب- الجزء الرابع
من شروط إداء الشهادة :-
أن يكون غير متهم في شهادته لقول الله عز وجل ( ذلكم اقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ان لا ترتابوا ) سورة البقرة 282والريبة حاصلة بالمتهم وبناء على ذلك ، لا تقبل شهادة عدو على عدوه ولا شهادة والد لولده ولا ولد لوالده ، لتهمة التحايل على العدو والمحاباة للوالد او الولد روى أبو داود (3600) في الاقضية باب :- من ترد شهادته عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تجوز شهادة خائن ولا خائنه ولا زان ولا زانية وولا ذي غمر عن أخيه وفي رواية الترمذي ( 2299) في الشهادات ، باب ما جاء فيمن لا تجوز شهادته ، عن عائشة رضي الله عنها ( ولا ظنين في ولاء ولا قرابة ) وعند مالك ( 2/720)في الاقضية ، باب : ما جاء في الشهادات ، عن أنس رضي الله عنه بلاغاً :- ( لا تجوز شهادة خصم و لا ضنين [الغمر :- الحقد والغل والشحناء والضنين : المتهم ]
صـ 568من كتاب الفقه المنهجي على مذهب الأمام الشافعي ( 6/18م المجلد الثالث تأليف د/ مصطفى الخن د/ مصطفى البناء/ علي الشريحي

تقييم شهادة المجني عليه

هل صفة المجني عليه تتعارض مع صفته كشاهد ؟
ج1- الإجابة بالإيجاب لأن كلاً من المجني عليه والمدعى المدني مصلحة في أن يصدر الحكم على وجه مبين وهذه الذاتية الخاصة قد تنعكس على شهادته مما يؤثر في حيديتها الأمر الذي كان يلزم معه منعه من ممارسة إجراءات الشهادة لشبهة عدم احترام للالتزام بالإخلاص لها .
إذا كان هو ما يفرضه المنطق القانوني ، إلا أن الواقع قد يدفع إلى الالتجاء لشهادة المجني عليه أو المدعي المدني ، فالمجني عليه قد يكون أهم شاهد في الواقعة الجنائية والضرورة الإجرائية تفرض جواز أن يجمع الشخص بين صفتي المجني عليه والشاهد ، على أن يراعي عند تقدير الشهادة احتمالية عدم الإخلاص للرابطة الإجرائية المتصلة بها للتناقض بين هاتين الصفتين .
ويبدو أن المشرع فطن إلى التناقض بين صفتي الشاهد والمدعي المدني لنفس السبب
صـ 67 من كتاب استجواب الشهود في المسائل الجنائية
شهادة المجني عليه :- وطبقاً للنظام القضائي الإسلامي :-
تقبل شهادة المجني عليه على الجاني لدى الأحناف إذ تقبل شهادة المقذوف على القاذف ، والمقطوع عليه الطريق على القاطع ، المجروح على الجارح ، كما أن الزوج يشهد على آمراته بالزنا ، ولدى احمد و الشافعي لا تقبل هذه الشهادة لأنها مثل شهادة الخصم أو العدو
صـ 83.84من نفس الكتاب استجواب الشهود في المسائل الجنائية
شفوية سماع الشهادة :-
شفوية سماع الشهادة ضرب من مبدأ شفوية إجراءات المحاكمة الذي يعبر عن ضرورة أتمام جميع هذه الإجراءات بطريقة شفوية أي بصورة مسموع ومؤدي ذلك أنه لا يجوز للقاضي أن يكتفي بمحاضر التحقيق الابتدائي المكتوبة ، وأنما يتعين عليه ان يسمع بنفسه الشهود واعتراف المتهم ، وما يقرره الخبراء من الأقوال والطلبات والدفوع ومرافعات الإدعاء والدفاع وبعبارة أخرى كل دليل يرتكز عليه القاضي في حكم ينبغي ان يكون مما طرح شفوياً بإجراءات الجلسة .
ولقد عبرت محكمة النقض المصرية عن ذلك بقولها :-
( من المقرر أن أساس المحاكمة الجنائية هو حرية القاضي في تكوين عقيدته من التحقيق الشفوي الذي يجريه بنفسه الذي يدبره ويوجهه الوجهه التي يراها موصلة للحقيقة وأن التحقيقات الأولية السابقة على المحاكمة لا تعتبر إلا تمهيداً لذلك التحقيق الشفهي ، وأنها بهذا الاعتبار لا تخرج عن كونها من عناصر الدعوى المعروضة على القضاة يأخذ بها إذا أطمئن إليها ويرفضها إذا لم يصدقها )
وأخذاً بهذا المبدأ في فجميع الأدلة تعرض وتناقش شفوياً في جلسة المحاكمة وبتعبير آخر، يتعين على المحكمة أن تسمع بنفسها وان تناقش شفوياً الشهود ، وتمكن سائر الخصوم من مناقشتهم ، فالأصل انه لا يجوز الاكتفاء بالشهادة المدونة في المحضر وإنما يتعين على المحكمة أن تسمع هذه الشهادة بنفسها حتى تستطيع أن تقدر تمام التقدير مدى صحتها أو صدقها .
إذ أن الشهود الذين أخذت أقوالهم في مرحلة سابقة ينبغي سماعهم أمام المحكمة ولا يسمح للقاضي أن يستمد اقتناعه إلا من الأدلة المعروضة عليه مباشرة ، وبما يسمعه ويشاهده في الجلسة دون وسيط
استثناءات مبدأ شفوية الشهادة
1- نصت المادة (289) أ-ج ( على ان للمحكمة أن تقرر تلاوة الشهادة التي أبديت في التحقيق الابتدائي او في محضر جمع الاستدلالات او اقام الخبير امام أذا تعذر سماع الشاهد رأي سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك.
2- قضت المادة (290) أ-ج على أنه ( إذا قرر الشاهد أنه لم يعد يذكر واقعة من الوقائع يجوز ان يتلى من شهادته التي أقرها في التحقيق أو اقرها من أقواله في محضر جمع الاستدلالات الجزء المتعلق بهذه الواقعة ويرى ان هذا الاستثناء من مبدأ الشفوية ) جزئياً فهو ضرورة والضرورة تقدر بقدرها
3- إذا تعارض شهادة الشاهد التي أداها في الجلسة مع شهادته في السابق.
4- إذا لم يحضر الخصم المكلف الحضور حسب القانون في اليوم المبين بورقة التكليف ولم يرسل وكيلا عنه في الأحوال التي يسقط فيها ذلك يجوز الحكم- يصح- في غيبته بعد الاطلاع عن الأوراق .
5- الأصل أن المحكمة الاستئنافية تصدر حكمها بعد الاطلاع على الأوراق ولا تلتزم بإجراء تحقيق في الجلسة الا بالقدر الذي يكون فيه التحقيق إلي أجرته محكمة الدرجة الأولى ناقضاً .
لأنه يأخذ بمبدأ شفوية المرافعة إلا آن هناك قدراً من المغامرة في تطبيق قاعدة شفوية سماع الشهادة في محكمة الجنايات عنه في المحاكم الأخرى ففي المادة (11) التي تقضي على أن ملف الدعوى لا تأخذه الهيئة محكمة الجنايات في قاعة المداولات وعندما يرغب في الاطلاع على بعض المستندات حينما ترى ضرورة لفحصها ودراستها فيجب آن يتم ذلك بحضور النيابة العامة ومحامي المتهم والمدعى المدني ويقوم كاتب الجلسة بتدوين الملاحظات- التي تدور أثناء ذلك بصورة موجزة سواء كان ذلك بناء على أو صادر من رئيس المحكمة أو بناء على طلب النيابة العامة أو الإجراءات أو من تلقاء نفس الكاتب ، إذ أن الفرض من محضر الجلسة بصفة خاصة هو التأكد من آن الإجراءات القانونية قدر والكتب ( مادة 379أ-ج) مؤدي هذا ومقتضاه أن قاعدة شفوية سماع الشهادة يلزم الأخذ بها أمام محاكم الجنايات ولا شك في أن ذلك من شانه آن يهيئ أفضل الظروف لأن تكون شهادة الشهود اقرب للحقيقة الواقعية إذ أن القضاة لا يفصلون في القضايا المطروحة على المحكمة نتيجة اطلاعهم فقط على ملف الدعوى وإنما نتيجة أيضاً – ما لديهم من خبرات سابقة وشخصية بالنسبة للشهود أو المتهمين
صـ 109 .110. 111 . 113 .114 .115. 116من كتاب استجواب الشهود في المسائل الجنائية

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي