قرينة افتراض وصول صورة الإعلان:

مفاد المادة التاسعة من قانون المرافعات(*) -وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أنه على القائم بالإعلان عند تسليمه صورة الإعلان إلى جهة الإدارة -في الحالات التي يُوجب القانون عليه ذلك- أن يوجه كتاباً مسجلاً إلى المعلن إليه يخطره فيه أن الصورة سلمت إلى هذه الجهة، وحسبه أن يبين ذلك في أصل ورقة الإعلان دون صورته باعتبار أن إرسال الخطاب المسجل إلى المعلن إليه يتم بعد تسليم صورة الإعلان إلى مخفر الشرطة. ومن المقرر أنه متى كانت البيانات التي أثبتها القائم بالإعلان في ورقة الإعلان دالة على أنه اتبع القواعد المقررة في القانون لضمان وصول الصورة إلى المعلن إليه، فإن الإعلان يكون صحيحاً وتترتب عليه جميع الآثار القانونية ومنها افتراض وصول الصورة فعلاً إلى المعلن إليه في الميعاد القانوني، ولا يجوز دحض هذه القرنية إلا بسلوك سبيل الطعن بالتزوير على ما أثبته القائم بالإعلان من إجراءات قام بها بنفسه أو وقعت تحت بصره باعتبار أن ورقة الإعلان من المحررات الرسمية التي أسبغ القانون الحجية المطلقة على ما دون بها من أمور باشرها محررها في حدود مهمته مالم يتبين تزويرها. ومن المقرر أن واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى هو من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة التمييز مادام لهذا التحقيق سنداً من أوراق الدعوى، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها وفي استخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى، مادامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة ورقة إعلان صحيفة الدعوى رقم 3416 لسنة 2001 تجاري كلي أن القائم بالإعلان قد توجه لإعلان المدعي عليه -الطاعن- بالصحيفة وذلك بتاريخ 27/10/2001 بمحل إقامته- وهو ذات العنـوان الثابت بصحيفة استئنافه رقم 500 لسنة 2002 ق – ولما لم يجبه أحد بعد طرق الباب عدة مرات ولم يتم الإعلان أثبت القائم بالإعلان ذلك في أصل الإعلان ثم إنتقل إلى مخفر شرطة العديلية في ذات اليوم وأجرى الإعلان مع كاتب المخفر رقيب أول “فاضل…” الذي وقع باستلام الصورة، وأثبت القائم بالإعلان توجيه كتاب بالبريد المسجل إلى المعلن إليه -الطاعن- في ذات يوم الإعلان مخطراً إياه بهذا الإجراء، وكان الثابت أيضاً من مطالعة ورقة إعلان صحيفة الدعوى رقم 3569 لسنة 2001 تجاري كلي أن القائم بالإعلان أثبت في أصل الإعلان قيامه بذات الإجراءات السابق اتخاذها في إعلان الدعوى الأولى، ومن ثم فإن القائم بالإعلان يكون قد اتبع كافة الإجراءات المقررة قانوناً لصحة الإعلان، وبالتالي لا تقبل المجادلة في صحة ما أثبته القائم بالإعلان في أصل الإعلان من انتقاله لمخفر الشرطة وتسليمه صورة من الإعلانين إلى كاتبه “فاضل…” كما لا يجوز للطاعن التذرع بعدم وصول الإعلان إليه، ولا ينال من صحة الإعلانين عدم ذكر القائم بالإعلان أن ما قام بتسليمه لمسئول المخفر هو صورة من إعلانه بصحيفة الدعوى لأن المشرع قد دل بما نوه عنه في المادة التاسعة من قانون المرافعات سالفة الذكر من الاكتفاء بإخبار المعلن إليه بتسليم الصورة لمخفر الشرطة دون ما حاجة لذكر ما إذا كانت صورة الإعلان بصحيفة دعوى أو غير ذلك، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى صحة إعلان الطاعن بصحيفتي الدعويين سالفتي الذكر، ورتب الحكم على ذلك انعقاد الخصومة صحيحة بهما أمام محكمة أول درجة، وكان ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سائغاً ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفه فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.

(الطعنان 503، 515/2002 تجاري جلسة 26/4/2003)

إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن من رجال القوات المسلحة، وإذا طلب إعلان هؤلاء بمحل عملهم، فإنه طبقاً لنص المادة العاشرة من قانون المرافعات المدنية والتجارية، تسلم صورة الإعلان إلى من يعين لهذا الغرض بقرار يصدر من الوزير المختص، فإذا كانت صورة الإعلان لم تسلم للمعلن إليه شخصياً، وكانت القواعد المقررة في القانون لضمان وصول الإعلان قد اتبعت، فإن الإعلان يكون صحيحاً، ويترتب عليه آثاره القانونية، ومنها افتراض وصول صورة الإعلان إلى المعلن إليه، ولايجوز دحض هذه القرينة إلا بسلوك سبيل الطعن بالتزوير على ما تم من إجراءات، والتحقق من تمام الإعلان من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها، طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها معينها من الأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص صحة الإعلان على ما أورده بأسبابه من أن الطاعن أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى بمقر عمله لعدم معرفة المطعون ضدها لموطنه الجديد بعد مغادرته لمسكن الزوجية ولم يفصح المختص بجهة عمله عند تسلم الإعلان أنه في إجازة كما ادعى، وهذه أسباب سائغة لها معينها من الأوراق، وفيها الرد الضمني المسقط على ما أثاره الطاعن، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.

(الطعن 263/2005 أحوال شخصية جلسة 3/12/2006)


(*) قبل تعديلها بالقانون 36 لسنة 2002.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .