التنفيذ على الرهن
يوسف الفراج

أولت الشريعة الإسلامية العقود أهمية كبيرة, حيث نظمت أحكامها بما يكفل حفظ الحقوق, ويحقق توازنا بين طرفي العقد, ومن أشهر النصوص في ذلك قوله تعالى:” يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود”, وهو نص عام فسره العلماء بكل ما يصدق عليه معنى العقد, وتعددت أنواع التوجيهات بهذا الخصوص, فمرة بتحريم الظلم ” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما”, والأمر بالعدل “اعدلوا هو أقرب للتقوى”, والنهي عن البخس وأكل أموال الناس ” ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ” وقوله تعالى: “ولا تبخسوا الناس أشياءهم “, وغيرها من النصوص.

كما وردت نصوص خاصة في الحث على الوفاء بالعقود, ومنها حديث حكيم بن حزام:”البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما”, وحديث:”من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله”, وهذه النصوص وغيرها تسعى إلى حث المتعاملين والمتعاقدين إلى الالتزام بالعقود والوفاء بها.

فإذا حل وقت الدين فعلى المدين الوفاء فإن لم يستطع الوفاء لعدم قدرته على ذلك – إعساره – فيجب على صاحب الدين إنظاره إلى ميسرة لقوله تعالى:“وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة”, والإعسار يثبت إما: بإقرار صاحب الحق أو: بشهادة الشهود, والمعمول به في القضاء في المملكة أن صاحب الحق يسأل أولا فإما أن يقر بإعسار خصمه فيفهم بوجوب إنظاره, أو أن يجد له مالا فينفذ على المال, أو لا يعلم عن حاله فهنا – في الغالب- يسجن المدين استظهارا لحاله مدة يراها القاضي, ويتم خلالها البحث عن أمواله, فإن لم يوجد له شيء طلب منه القاضي بينة الإعسار, وهي ثلاثة شهود كما في مذهب الحنابلة, ومن ثم أفرج عنه, ومنع خصمه من ملاحقته, ولا يعني ذلك سقوط الحق, بل متى وجد صاحب الحق للمدين مالا طالب بالتنفيذ عليه.

وإن كان صاحب الحق قد أخذ من المدين رهنا بالدين فله التقدم للقضاء ببيع الرهن – وهو ما يسمى بالتنفيذ على الرهن -, ويجري التنفيذ وفق أحكام التنفيذ, وذلك ببيعه بالمزاد العلني, وهل له أن يأخذ الرهن في مقابل دينه ويسمى:”إغلاق الرهن” هو ما سنتحدث عنه في المقال المقبل إن شاء الله.

قاض في وزارة العدل
إعادة نشر بواسطة محاماة نت