الآثار الإقتصادية و الإجتماعية للفساد المالي في الجزائر و إستراتيجيات مكافحته

أ. راضية مسعود، أستاذة مكلفة، وباحثة دكتوراه، جامعة العربي التبسي، تبسة، الجزائر.

الملخص:
إن دراسة ظاهرة الفساد المالي تعطينا الفرصة للتعرف على مدى خطورة هذه الظاهرة التي إذا ما إزدادت في الدول ألقت عواقبها الوخيمة على تطورها. تهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة ظاهرة الفساد المالي و تحليل العوامل المشجعة لبروزها ، و هذا من أجل معرفة أهم الإستراتيجيات المتبعة لمكافحتها. و معرفة الآثار المدمرة التي تخلفها على إقتصاديات الدول لا سيما النامية منها ، إذ أنه يعيق تحقيق النمو و التطور و الإستثمار الأجنبي و الوطني ، لذا فإن مكافحتها تعتبر تحديا رئيسيا لبلد مثل الجزائر من أجل تحسين مناخ الإستثمار و تحقيق أهداف برنامج دعم النمو الإقتصادي.

الكلمات المفتاحية: فساد ، فساد مالي ، النمو الإقتصادي ، مكافحة.

Résumé:

l’étude du phénomène de la corruption financière nous donne l’occasion d’apprendre davantage sur la gravité de ce phénomène qui, s’il augmente ce dernier , à des conséquences désastreuses pour les pays en développement. Ce document de recherche vise à étudier le phénomène de la corruption financière et analyser les facteurs qui encouragent son émergence, afin de connaître les stratégies les plus importantes pour la combattre. Et de connaître les effets dévastateurs qu’elle a sur les économies des pays, en voie les développant, car elles entravent la croissance et le développement ainsi que les investissements étrangers et nationaux, la lutte contre celle-ci constitue un défi majeur pour un pays comme l’Algérie d’améliorer le climat d’investissement et d’atteindre les objectifs du programme de soutien à la croissance économique.

Mots-clés: corruption, corruption financière, croissance économique, lutte

مقدمة:
يعرف الفساد المالي إنتشارا كبيرا على كافة المستويات الوطنية و الإقليمية و الدولية ، حيث أصبحت مظاهره و نتائجه ماثلة للعيان في مناسبات عديدة ، كما مست هذه المظاهر الخطيرة مختلف الأجهزة الحكومية فلا يوجد قطاع أو ميدان إقتصادي أو غير إقتصادي يخلو و لو من بعض ملامح الفساد المالي.

إن معالجتنا لموضوع ذو قدر كبير من الأهمية و الخطورة على جميع المستويات هو إهتمام مستمد من الواقع الإقتصادي و السياسي و الإجتماعي و غيرها من المجلات الأخرى ، وكل هذه المجالات إذا ما تعرضت لممارسات الفساد المالي ، فإنها ستخلف آثار سلبية و كارثية تلقي بثقلها على كافة البرامج التنموية سواء في الميدان الإقتصادي أو السياسي أو الإجتماعي. و إن مختلف هذه الآثار السلبية و الخطيرة جعلت من هذه الظاهرة محل تضافر جهود دولية مستمرة ، فقد أبرمت الإتفاقيات و تأسست الهيئات الدولية و الوطنية وصدرت قوانين خاصة في سبيل مكافحة الفساد و المفسدين.

دوافع اختيار الموضوع:

الدوافع العملية:
تفشي ظاهرة الفساد المالي على المستوى الوطني و ما يترتب عنه من اضرار جسيمة تؤثر سلبا على الاقتصاد و المجتمع.
الدوافع العلمية:
قلة الدراسات التي تناولت هذا الموضوع والدراسات الموجودة ركزت على الفساد الإداري وحتى ان تناولت الفساد المالي فلا يكون بصفة منفردة .
تزايد الاهتمام بهذه الظاهرة لمساسها بالمؤسسات المالية الاستراتيجية.
مشكلة الدراسة: من خلال هذه الورقة البحثية سنحاول معرفة مامدى نجاعة الإستراتيجية التي رصدها المشرع الجزائري لمكافحة الفساد المالي مع جسامة الآثار المترتبة على الإقتصاد و المجتمع ؟

أهداف الدراسة: يهدف البحث إلى تسليط الضوء على ظاهرة الفساد المالي و توضيح آثاره الإقتصادية و الإجتماعية السلبية ، و عرض الإستراتيجية المعتمدة من قبل المشرع الجزائري لمكافحة هذه الظاهرة.

المنهج المتبع: إعتمدنا في هذا البحث على المنهج الوصفي من خلال تجميع البيانات و المعلومات و الحقائق عن الموضوع محل الدراسة ، بالإضافة إلى المنهج التحليلي لإستراتيجية مكافحة الفساد المعتمدة في الجزائر.

و للإجابة على هذه الإشكالية تم تقسيم الدراسة إلى ما يلي:

المحور الأول: الإطار المفاهيمي لظاهرة الفساد المالي.

المحور الثاني: الإجراءات المتبعة لمكافحة الفساد المالي في الجزائر.

المحور الأول: الإطار المفاهيمي لظاهرة الفساد المالي.

تعتبر ظاهرة الفساد المالي ظاهرة عالمية شديدة الإنتشار ذات جذور عميقة تأخد أبعاد واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها،ـ وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى آخر، إذ حظيت ظاهرة الفساد في الآونة الأخيرة باهتمام الباحثين في مختلف الإختصاصات كالإقتصاد والقانون وعلم السياسة والإجتماع، حتى أضحت ظاهرة لا يكاد يخلو مجتمع أو نظام سياسي منها. وفي هذا المحور سيتم التطرق إلى تعريف الفساد المالي وأهم مسبباته و مظاهره.

أولا: تعريف الفساد المالي.

الفساد المالي على إعتبار أنه نوع من أنواع الفساد، فقد إختلفت التعريفات بشأنه حيث عرفه البعض بأنه: ” سوء إستخدام أو تحويل الأموال العامة من أجل المصلحة الخاصة، أو تبادل الأموال في مقابل خدمة أو تأثير معين ” كما يمكن تعريفه بأنه: ” مخالفة القانون بإنتهاج طرق ملتوية غير قانونية لتحقيق مكاسب مالية، و في نفس الوقت هو جلب الأموال من طرق غير مشروعة، أو إنفاقها في طرق غير مشروعة بما لا يحقق العدالة و المساواة “.[1] و يتمثل أيضا في الإنحرافات المالية، و مخالفة القواعد و الأحكام المالية المنظمة لسير العمل الإداري و المالي بالدولة و مخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة المالية كالجهاز المركزي للرقابة المالية المختص بفحص و مراقبة حسابات و أموال الحكومة أو الهيئات أو المؤسسات العامة و الشركات”.[2]

كما يقصد بالفساد المالي ذلك ” السلوك غير القانوني المتمثل في هدر المال العام و أعمال السمسرة في المشاريع و تجارة السلاح “.[3]

ويتخذ هدر المال العام عدة صور أهمها:[4]

إختلاس المال العام و العدوان عليه: كتضخيم فواتير الإنفاق العام لصالح أفراد أو طبقات معينة.
المتاجرة من خلال الوظيفة: كأن يقوم الموظف العام بأخذ رسوم مقابل خدمة تقدمها الدولة مجانا للمواطنين أو يزيد على الرسم المقرر للحصول على الأرباح، و تسمى هذه الحالة قانونا (الغصب) و ذلك لأخذ الموظف ما ليس حقه او حق الجهة التي يعمل بها.
التزييف أو التزوير في العملة و بطاقات الإئتمان: وقد يتم من خلال التسوق عبر شبكة الإنترنت…إلخ.
أما فيما يخص أعمال السمسرة فتتضمن عمليات التلاعب في سوق الصرف مثل تجارة العملة و سوق المال الخاصة بالأسهم و السندات و بعض الأعمال التي تصدر عن شركات السمسرة كقيامها بإصدار أسهم دون أن يكون لها أصول و كذلك المضاربة غير المشروعة التي تستهدف التأثير على أسعار الأسهم أو إطلاق الشائعات و التعاملات الخفية و إستخدام معلومات سرية لإتمام صفقات أدت إلى تحقيق أرباح طائلة، ومن أمثلة ذلك تورط وزير سابق في الحكومة العمانية سنة 2001 و الحكم عليه لمدة 6 سنوات مع غرامة بسبب تلاعبه بأسعار الأسهم في سوق مسقط للأوراق المالية و مخالفته لقوانين أسواق المال.

أما تجارة السلاح فتعد من الصفقات التي يترافق معها كم كبير من الفساد المالي والتي تدار من خلال مافيات منظمة عبر صفقات وهمية أو مشبوهة، و من الجديد بهذا الصدد بروز ظاهرة (تجارة الحروب) التي تظهر العلاقة المشبوهة ما بين الصناعات العسكرية و البيوت المالية و المؤسسات الإعلامية و شركات المقاولات في الولايات التحدة، و بتفاعل الفساد مع المال ينتج ما يسميه الإقتصاديون (الفساد الإقتصادي) الذي جاء الإهتمام به مـتأخرا، إذ تم تناوله جنباً إلى جنب مع موضوع التنمية بشكل عام و الفقر بشكل خاص، إذ يشير تقرير لمنظمة الشفافية الدولية إلى إنها تشخص الدول النامية هي الأكثر إصابة بمرض الإقتصادي أو أشكال الفساد الأخرى نتيجة لسياسات الدول الكبرى و شركاتها.

و يعرف كذلك على أنه إستغلال الموارد العامة للمكاسب الخاصة ضد المصلحة العامة و مناقضا لأهداف المنظمة العامة و كذلك الإستخفاف بقيم العمل و أهدافه ، فهو تصرفات غير شرعية تصدر عن المسؤول تتضمن سوء إستغلال الأموال العامة و السيطرة عليها و إستعمالها لغير الأوجه العدة لها و إستخدامها للمنفعة الشخصية، حتى إنه أخذ أبعاد واسعة و كبيرة تخطت نطاق قطريته ليصل إلى النطاق العالمي ضمن نظام الإقتصاد الحر المعولم من خلال الترابط المتشابك للشركات المحلية و الدولية بالدولة و القيادة السياسية بشكل منافع ذاتية متبادلة يصعب الحجز بينها لذلك يعتبر أخطر أنماط الفساد و ينتشر على مدى واسع ، ويحدث الفساد المالي لعدة دوافع منها:[5]

وجود حافز لإرتكاب الفساد المالي مثل ضخامة الرشوة.
وجود فرصة لإرتكاب الفساد المالي مثل غياب الضوابط الرقابية و المسائلة أو عدم فاعلية مثل هذه الضوابط أو قدرة الإدارة على إبطالها.
وضع مبررات قد تبدو منطقية لإرتكاب الفساد المالي.
كما يقصد بالفساد المالي الإنحرافات المالية المبنية على مخالفة القوانين و القواعد و مختلف الأحكام المعتمدة في أي مؤسسة أو تنظيم كالتهرب الضريبي.[6]

إن مسببات الفساد المالي كثيرة و متنوعة بعضها ما هو ذاتي يرتبط بالشخص المفسد الذي تنعدم لديه مقومات السلوك الحسن فلا يجد لديه رادعا أخلاقيا يمنعه من تعاطي الفساد و القيام بالأفعال المفسدة التي تتمثل في الإعتداء على مصالح البلاد، أما البعض الآخر فيعود إلى الظروف البيئية الخارجية و مافيها من ضغوط أو إغراءات تشكل عوامل دفع و جذب للفساد.[7]

إذا للفساد المالي أسباب عديدة ، تختلف من مجتمع إلى آخر ، إلا أن طرق ممارسته متشابهة إلى حد كبير، و يمكن بصفة عامة حصر أهم أسباب الفساد المالي فيما يلي:[8]

أسباب تربوية و سلوكية: من أهمها عدم الإهتمام بغرس القيم الأخلاق الدينية في النفوس مما يؤدي إلى سلوكيات غير حميدة بقبول الرشوة وعدم المسؤولية وعدم إحترام القانون.[9]
أسباب إقتصادية: وتعد من المسببات المفسرة للفساد وتتمثل بالآتي:
إرتفاع مستويات التضخم الناتجة عن إتباع سياسة مالية خاطئة أو إنخفاض الناتج القومي الإجمالي جراء إنفاق الدولة على قطاعات غير منتجة.
ضخامة حجم بعض المشاريع الحكومية.
غياب الفعالية الإقتصادية في الدولة ذلك أن أغلب العمليات الإقتصادية هي عبارة عن صفقات تجارية مشبوهة أو ناتجة عن عمليات سمسرة يحتل الفساد المالي فيها حيزا واسعا.[10]
إرتفاع تكاليف المعيشة وتدني مستوى الأجور ( هذا العامل من أكثر العوامل التي تفسر لنا شيوع الفساد في المجتمعات النامية منها والمتقدمة وأيضا في كلى القطاعين العام والخاص).
إتساع الدور الإقتصادي للدولة.
أسباب سياسية: تعد هذه الأسباب الأخطر من نوعها حيث تقود هذه الأسباب تحقيق مصالح الأقلية دون المصلحة العامة.ومن أهمها:
تغيير نظام الحكم( تواجه بعض الدول وخصوصا الدول النامية تغييرات في الحكومات والنظم الحاكمة فتنقلب من ديمقراطية إلى دكتاتورية والعكس، الأمر الذي يجعل جوا من عدم الإستقرار السياسي مما يهيأ الجو للفساد المالي).
ضعف الإرادة السياسية لدى القادة السياسيين في مكافحة الفساد.
تفشي البيروقراطية الحكومية.
ضعف أداء السلطات التشريعية والتنفيذية .
ضعف حرية نشاط مؤسسات المجتمع المدني.
قلة الوعي السياسي.
ضعف السلطة القضائية ( تعمل تحت إشراف الحكومة ويعتبر القضاة من موظفي الدولة).[11]
وقد حدد البنك الدولي مجموعة من الأسباب لظهور الفساد المالي أبرزها مايلي:

وجود البيروقراطية في مؤسسات الدولة.
حصول فراغ في السلطة السياسية.
ضعف مؤسسات المجتمع المدني وتهميش دورها .
توفر بيئة الإجتماعية والسياسية لظهور الفساد.[12]
ثانيا: مظاهر الفساد المالي.

لاشك أن المكاسب المادية والمعنوية التي يجنيها المفسد هي التي تدفعه لإرتكاب مثل هذه الأفعال والتي تأخذ أحد أو أكثر من المظاهر التالية:

الإختلاس: ويقصد به عموما هو تصرف الحائز في الشيء المملوك لغيره مع نية إضافته لملكتيه، ويقع الإختلاس تاما متى اتضحت نية المختلس في أنه يتصرف في الشيء الموجود في حيازته تصرف المالك لحرمان صاحبه منه.[13]
التهرب الضريبي: يعني إمتناع المكلف عن دفع الضريبة المستحقة كلها أو بعضها عن طريق إنكار وقوع الواقعة التي أنشأت الضريبة أو بعض أو كل عناصر الوعاء الضريبي أو بإنكار قدرته على الدفع حتى يتم إسقاط الضريبة و هو ما يعرف عند البعض التجنب الضريبي أو المسار الأقل فرضا للضريبة أي إستغلال المكلف لبعض الثغرات القانونية بغية عدم تحقيق الضريبة عليه بصورة صحيحة وعدم الإلتزام بدفعها وهذا الشكل من التهرب لا يتضمن أي مخالفة يعاقب عليها القانون حيث يستعين المكلف في التهرب من الضريبة بأهل الخبرة والإختصاص لإستنباط طرق التحايل مستندين في ذلك إلى خلل أو ثغرة قانونية.[14]
الغش الضريبي: عرفه القانون الجبائي الجزائري على أنه :” كل محاولة للتخلص من الضريبة بإستعمال طرق تدليسية في إقرار أساس الضرائب والرسوم التي يخضع لها المكلف أو تصفيتها كليا أو جزئيا.”[15]
تبييض الأموال: هو مجموعة العمليات المالية المتداخلة لإخفاء المصدر الغير مشروع للأموال القذرة وإظهارها في صورة أموال متحصلة من مصدر مشروع، أو الإسهام في توظيف أو إخفاء أو تحويل العائد المباشر أو غير المباشر لجناية أو جنحة ومن ثم فإن جريمة تبييض الأموال هي جريمة تابعة يفترض ابتداء سبق في إرتكاب جريمة أولية ( أصلية) ينتج عنها أموال غير مشروعة، ثم تأتي في مرحلة ثانية، عمليات تبييض هذه الأموال لتطهيرها في إحدى صور التطهير.”[16]
التهريب الجمركي: هو إدخال البضائع إلى البلاد أو إخراجها منها بصورة مخالفة للتشريعات المعمول بها دون أداء الرسوم الجمركية والرسوم و الضرائب الأخرى كليا أو جزئيا أو خلافا لأحكام المنع والتقييد الواردة في هذا القانون أو في القوانين والأنظمة الأخرى.[17]
تهريب الأموال: لا تتوقف جرائم التهريب على تهريب البضائع فقط بل يتعدها إلى تهريب الأموال والمعادن النفيسة و هو ما ينظمه الأمر96/22 المتعلق بحركة رؤوس الأموال من و إلى الخارج أو ما يعرف بجرائم الصرف.[18]
الرشوة: ويقصد بها الإتجار بالوظيفة والإخلال بالواجب النزاهة الذي يتوجب على كل من يتولى وظيفة أو وكالة عمومية أو يؤدي خدمة عمومية التحلي بها.
كما تعني حصول الشخص على منفعة تكون مالية في الغالب لتمرير وتنفيذ أعمال لخلاف التشريع وأصول المهنة.[19]

تبديد المال العام: ويعد من أبرز العوامل التي تقود إلى تبديد الثروة القومية ويتمثل في منح التراخيص والإعفاءات الضريبية والجمركية لأشخاص أو شركات غير مؤهلة دون وجه حق وبشكل غير نزيه و غير عادل هدفه إرضاء من هم في السلطة لتحقيق المصالح المتبادلة.[20]
شكل يوضح مظاهر الفساد المالي.

المصدر: إعداد الباحثة بناءا على المعلومات السابقة.

ثالثا: آثار الفساد المالي في الجزائر.

طبيعي أن يكون لإنتشار الفساد المالي آثار سلبية على مجمل الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية ، و معرفة هذه الأثار و إنعكاساتها يجب أن يخلق وعيا و يحفز القوى المختلفة داخل المجتمع لمحاربة هذه الظاهرة و معاقبة رموز الفساد ،[21] و بصفة عامة يمكننا تصنيف الآثار التي يخلفها الفساد المالي على جميع مناحي الحياة إلى الآثار التي تتضمنها الفروع الموالية.

1: الآثار الإقتصادية.

تظهر آثار أو إنعكاسات الفساد المالي بشكل عام على مؤشرات التنمية و على القدرة التنافسية للإقتصاد ، حيث توجد علاقة عكسية بين إنتشار سلوك الفساد و قدرة الإقتصاد على التنافس الخارجي ، و في هذا الخصوص سيتم التركيز على أثر الفساد المالي في أهم المتغيرات الإقتصادية.

أ- أثر على النمو الإقتصادي.

يعوق الفساد النمو الإقتصادي من خلال إستخلاص الريع ” الإستئثار بالفائض الإقتصادي ” مما يؤثر سلبا في هذا النمو سواء بالنسبة لمنظمي المشروعات المحلية أو الأجنبية ، كما يزيد من مشكلة الرشوة و عدم التأكد مما إذا كان الموظفون الذين يتقاضون الرشوة سينفذون دورهم في الصفقة أم لا ، و مع إزدياد الفساد يقوم المستثمرون بإضافة المدفوعات الناجمة عن الرشاوى و العمولات إلى تكاليف ، مما يرفع التكلفة الإجمالية للمشروعات و يخفض العائد على الإستثمار ، و بصفة عامة فإن الفساد المالي هو المعوق الأكبر للتنمية المستدامة و معوق أول لتقليل الأداء الحكومي الجيد.[22]

ب- أثر على القطاع الضريبي.

يترتب على الفساد في مجال القطاع الضريبي آثار خطيرة ، يمكن أن نشير إليها كما يلي:

عندما يكون هناك فساد في القطاع الضريبي فإن هذا يدفع البعض إلى تقديم إقرارات ضريبية تظهر وعاء ضريبيا غير حقيقي لهؤلاء الأفراد ، و بهذه الطريقة يتمكنون و بطريقة زائفة من إظهار مقدرة منخفضة مقارنة بمقدرتهم الحقيقية ، في حين لا يستطيع الممولون الأمناء من تخفيض هذه المقدرة بنفس الطريقة، فإذا عومل الإثنان ( و هما من يقدم إقرارات صحيحة ذات مقدرة حقيقية على الدفع ، و من يقدم إقرارات مزيفة لا تعكس مقدرته الحقيقية على الدفع ) معاملة ضريبية واحدة فإن هذا يعني إخلال الفساد بمبدأ العدالة الأفقية ، التي تقوم على أساس معاملة ضريبية متماثلة للأفراد ذوي القدرة المتساوية لى الدفع.
أيضا يترتب على ممارسات الفساد في القطاع الضريبي مقدرة زائفة على الدفع للأفراد المنهمكين في الممارسات الفاسدة ، مما ينجم عن هذه الممارسات و إنتشارها على نطاق واسع إنخفاض زائف في الطاقة الضريبية للمجتمع ككل ، فإذا كان وضع السياسة المالية سيضع حجم الإيرادات الحكومية و يخطط لحجم الإنفاق الحكومي على أساس الطاقة الضريبية الزائفة.[23]
ج- أثر على الإنفاق الحكومي.

يترتب على الفساد المالي و انتشاره في القطاع الحكومي آثار على تخصيص النفقات العامة ، مما يؤدي إلى تحقيق أدنى نفع ممكن من هذا الإنفاق و ليس أقصى نفع ممكن منه . و عليه يترتب على شيوع الفساد و انتشاره في مجتمع ما ، سوء تخصيص لموارد هذا المجتمع عامة ، لأنها سوف تتجه صوب أوجه الإنفاق التي لا تحظى بأولوية الإنفاق العام من وجهة نظر المجتمع ، و من ثم ستحظى الأنشطة المظهرية كالأنشطة الرياضية و الأندية و وسائل الإعلام و نحو ذلك بإنفاق سخي و في مقابل ذلك سيتم إغفال الكثير من الأنشطة و القطاعات الإقتصادية الهامة ، أو يكون الإنفاق عليها ليس بالدرجة الكافية ، كالإنفاق على القطاع الزراعي و الصناعي ، أو الإنفاق على تحسين مستوى المناطق النائية.

كما أن تنفيذ المشروعات العامة و المناقصات ستتميز بدرجة عالية من التميز و عليه سيتم استرداد المواد الخام و مواد البناء والآلات ، من بلاد أجنبية معينة ، في حين قد لا تكون هذه السلع المستوردة من هذه البلاد جيدة أو رخيصة مقارنة بغيرها من المصادر المتاحة.

كما أن المناقصات و المشروعات الهامة سترسو على شركات معينة مملوكة لأصحاب النفوذ و الجاه في المجتمع ، كما يظهر الفساد المالي جليا في البنية المشوهة للإنفاق الحكومي و يرجع ذلك إلى عاملين :

الأول:إختيار المشروعات التي تدر أعلى الرشاوى.

الثاني: تراجع عائد الضرائب الناتج عن السماح بالتهرب الضريبي أو حصول المستوردين على إعفاءات ضريبية وإلى الزيادة في الإنفاق العام حيث أن الفساد يميل إلى رفع تكلفة إدارة الحكومة بهيئتها المختلفة ، بالإضافة إلى ذلك فإن الفساد ينتهك الثقة العامة حيث يؤدي إلى تآكل الثروة البشرية عن طريق المشروعات عديمة الجدوى مما يؤثر سلبا على مصداقية الأمة ككل.[24]

د- أثر على الدخل الوطني و توزيعه.

إن إنتشار الفساد المالي في مناحي الإقتصاد يؤدي إلى تحصيل أموال طائلة دون وجه حق ، هذه الأموال يتم تهريبها دوما إلى البنوك الأجنبية من أجل إخفائها و الإحتماء بالسرية المصرفية التي توفرها ما يعرف بدول الملاذ المصرفي الآمن ، و مع تكرر هذه العمليات الإجرامية من إختلاس و تهريب للأموال إلى الخارج يحرم الإقتصاد الذي تكونت فيه تلك الأموال من أيه عوائد إيجابية لو تم إستثمارها محليا.[25]

و لأن أصحاب الأموال غير المشروعة لا تهمهم أبدا الجدوى الإقتصادية لأي مشروع إستثماري يقومون به ، فإن ذلك يفسد مناخ الإستثمار داخل البلاد ، و إن إدخال تلك الأموال القذرة في الدورة الإقتصادية يؤدي إلى حدوث خلل في توزيع الدخل الوطني،[26] هذا الخلل في التوزيع يكون ناتج عن حصول بعض الأفراد على مداخيل لا يستحقونها ، في الوقت الذي لا يحصل فيه أصحاب الدخول المشروعة على أية زيادة ، و ما يتبع هذا من فوارق إجتماعية خطيرة.[27]

ه-أثر على سوق الصرف الأجنبي.

تقوم الدول عادة بتحديد سعر لعملتها الوطنية مقابل العملات الأجنبية الأخرى ، و تحاول هذه الدول أن السعر بالثبات على الأقل لفترة معينة ، حتى تتمكن من إجراء الإصلاحات الإقتصادية المعينة التي ترغب في تحقيقها [28] و لكن ممارسات الفساد في سوق الصرف الأجنبي يترتب عليها إنقسام هذا السوق إلى سوقين: سوق رسمي يسوده السعر الرسمي للصرف الأجنبي ، و يتميز هذا السوق بندرة في الصرف الأجنبي مقارنا بالطلب ، و سوق غير رسمي يسوده سعر غير رسمي للصرف الأجنبي أعلى من السعر الرسمي و يتميز هذا السوق بالحركة و النشاط في شراء العرض المتاح من النقد الأجنبي ، و توجيه هذا النقد إما إلى تمويل أنشطة غير مخططة ، أو تمويل أنشطة محظورة أو غير مرغوب فيها من وجهة نظر المجتمع، كما لو تم توجيه النقد الأجنبي الذي يتم تجميعه من السوق الرسمي إلى تمويل تجارة المخدرات أو إلى السلع المهربة من الخارج أو إلى الكماليات المستورة من الخارج و نحو ذلك مما يفضى في النهاية إلى زيادة عجز ميزان المدفوعات و إستمراريته ، و ربما عدم قدرة الدولة على سداد ديونها و لجوئها إلى الإقتراض من الخارج و هذا ما يجعلها تعيش في دوامة من القروض و ما لذلك من آثار سيئة على الإقتصاد.

و- أثر الفساد على الإستثمار الأجنبي.

طالما تؤثر نوعية إدارة الحكم العامة على الإستثمار الأجنبي المباشر ، و يمثل الفساد البيروقراطي ضريبة تدعو إلى عدم تشجيع الإستثمار الأجنبي ، إذ لا يمكن للبلد الذي يسوده فساد أن يستفيد تماما من مزايا الإستثمار الأجنبي المباشر ، الذي يجلب إلى البلد المضيف تكنولوجيا جديدة و مهارات إدارية حديثة و استنتج البنك أيضا كلما نقص مؤشر الفساد بنسبة 1% إزداد جذب الإستثمارات الخارجية بنسبة 4% و أدى هذا الإزدياد في نسبة الإستثمارات إلى إنعكاسه على خفض معدل البطالة و رفع مستويات الدخل و خفض التوتر الوطني و تغزيز الإستقرار… كما أن إنخفاص مؤشر الفساد بنسبة 1% يؤدي إلى زيادة نسبة تشغيل الرأسمال الوطني.[29]

2: الآثار الإجتماعية.

لا يمكن أن نقتصر في النظر إلى الفساد بإعتباره مسألة لها أبعاد إقتصادية سلبية فقط ، و إنما يجب أن ننظر إلى الشق الإجتماعي ، كما و أن الآثار الإقتصادية لابد و أن تنعكس سلبيا على الواقع الإجتماعي لوجود ترابط وثيق بين الجانبين ، ففضلا عن تأثير الفساد في القضاء على هيبة و سيادة القانون ، فإنه يؤدي إلى إنهيار شديد في البيئة الإجتماعية و الثقافية و يؤثر على أساليب التعامل و الحياة بشكل يهدد النسيخ الأخلاقي للمجتمع الذي تسوده المظالم و تنعدم فيه السلوكيات القويمة و التفاوت الكبير في توزيع الدخول الذي ينجم عنه تفاوت طبقي كبير يؤدي إلى إختلال التركيبة الإجتماعية ، ولعل أهم التداعيات الإجتماعية التي نجمت عن حالات الفساد المالي تتلخص بالآتي:[30]

أ- إنهيار القيم و المبادئ الإجتماعية.

إذ يؤدي الفساد إلى التخلي عن القيم و المبادئ و الأخلاق الحسنة من أجل الحصول على منافع مادية بدون وجه الحق ، و تصبح أنواع الفساد المختلفة مهارة ، بينما يصبح الإجتهاد و التمسك بالقيم و الأخلاق السليمة في عرف هؤلاء المفسدين تخلفا و غباء و جمود في الفكر و السلوك ، و تزداد الأمور خطورة عندما ينشأ جيل بأكمله على هذه القيم و المبادئ السيئة مما يؤدي إلى عدم الإهتمام بالعمل و العلم و الإجتهاد كوسيلة للكسب المشروع.[31]

ب- إنهيار أخلاقيات الوظيفة العامة.

إن المحسوبية أو المحاباة الناجمة عن إستغلال علاقات القرابة و صلات المعرفة تفعل على نمو آليات الفساد حينما يتفاقم ذلك الإستغلال ، لذلك نرى هذه الآلية الفاسدة تضرب مفاصل مهمة في الجهاز الحكومي و منها المناصب الإدارية العليا التي تشغل طبقا للآلية الفاسدة بعناصر بعيدة عن الكفاءة في أغلب الحيان مما يؤدي إلى إضعاف هيبة الدولة و الحكومة و أجهزتها أمام المجتمع و ثقة الناس بها نتيجة لتراكم العناصر غير المؤهلة فيها و إدارتها ، كما أن المحسوبية أو المحاباة تقلل من فرص العدالة و المساواة فتغير المعايير تؤدي على سبيل المثال خضوع الترقيات العلمية و الوظيفة أمام آلية المحاباة بدلا من المؤهل و التخصص فيؤدي إلى تحول الفساد إلى عامل طرد للكفاءات و المؤهلات العلمية من الأحضان المحلية إلى رحاب عالمية بحثا عن فرص أكثر عدالة و مساواة ، و بذلك تهدر الطاقات التي يفترض الإستفادة منها على الصعيد المحلي.[32]

ج- إرتفاع معدلات البطالة و تدني مستوى المعيشة.

ذلك أن محاولة أصحاب الأموال القذرة التي إكتسبوها بطرق الفساد يعملون على إخفائها في الخارج ، مما يؤدي إلى تعطيل جزء من الدخل الوطني الموجه للإستثمارات اللازمة لتوفير مناصب عمل للمواطنين ، كما أن الأموال التي يتم تهريبها تؤدي إلى تسرب جزء من المنح و المعونات لصالح هؤلاء المفسدين ، كما أن الإختلالات التي تحدث في توزيع الدخل على أفراد المجتمع بشكل سيء يزيد من عدد الفقراء ، و يخلق تمييزا بين مختلف الطبقات الإجتماعية.[33]

ه- سيادة القيم الدخيلة على المجتمع.

إن الآليات الفاسدة أدت إلى سيادة قيم جديدة دخيلة على المجتمعات التي إنتشرت فيها ، فأصاب الخلل منظومة القيم السائدة و اخلاقيات العمل و بدأت ( الرشوة و العمولة و السمسرة ) تأخذ شكلا أصبح بالتدريج عبارة عن نظام جديد للحوافز في المعاملات اليومية فتأثرت بذلك اخلاقيات و قيم المجتمع ، لذلك برزت مسميات جديدة تسوغ الحالة الفاسدة و خرج من يروج لها و يدافع عنها ن بحيث أصبحت النظرة للفساد على أنه أحد مقومات تنمية المجتمعات و ظهرت لدينا مفردة تسمى ” الفساد المنتج “.

و-التفاوت الطبقي و الصراع الإجتماعي.

يؤدي الفساد المالي إلى وجود طبقة إجتماعية ، حيث يصعد فئات جديدة إلى قمة الهرم الإجتماعي نتيجة ما حصلت عليه من دخول مالية غير مشروعة ، لتنجح هذه الفئات في الوصول إلى علاقات وطيدة مع كبار المسؤولين و رجال الأعمال و التقرب منهم بسبب المصاهرات أحيانا أو بسبب الشراكة في مشاريع مختلفة ، مما يحقق لهم وجاهة اجتماعية قد تؤدي بهم إلى إحتقار المحيطين بهم من عمال و فلاحين و غيرهم ، مما يولد صراع طبقي قد يؤدي إلى نزاعات إجتماعية جد خطيرة. [34]

ي- تغير السلوكيات الفردية.

إن الفساد المالي يقلل من فرص الفقراء على الكسب لعدم مقدرتهم على المنافسة في ظل إنتشار الفساد ، و لذلك تقتصر فرص الربح على ذوي المناصب الرفيعة ، دون باقي أفراد المجتمع ، مما يزيد من نسبة المهمشين سياسيا و إقتصاديا و إجتماعيا ، مما يؤدي إلى تثبيط الهمم و إنخفاض الحافز لدى الشرفاء ، طالما ان ثمار التنمية لن يتم توزيعها بصورة عادلة ، و يؤدي ذلك كله إلى إنخفاض ثقة الأفراد في الحكومة ، مما يؤدي إلى حدوث إضطرابات تهدد الأمن و إستقرار العام في البلد .

و قد يترتب على ذلك تغير الحوافز و الدوافع السلوكية بحيث تسود الأنشطة غبر الإنتاجية الساعية إلى الربح السريع ، كالمشروعات السياحية و المضاربة على العملات.[35]

و يمكن إجمال أهم الآثار المترتبة على الفساد المالي فيما يلي:

إضعاف أداء القطاعات الإقتصادية، حيث يؤثر على إستقرار وملائمة مناخ الإستثمار ويزيد من تكلفة المشاريع.
إضعاف الأثر الإيجابي لحوافز الإستثمار بالنسبة للمشاريع المحلية والأجنبية.
زيادة عدة ثقة المواطنين بعدالة الأجهزة الحكومية.
يضعف من شرعية الدولة ويمهد لحدوث إضطرابات تهدد الأمن والإستقرار السياسي.
التأثير على روح المبادرة والإبتكار ،ويضعف الجهود لإقامة مشاريع إستثمارية جديدة.
تعطيل المشاريع التنموية لاسيما تلك المتعلقة برفع مستوى الإنتاجية.[36]
توسيع الفجوة بين طبقات المجتمع فهو يؤثر سلبا على الطبقة الفقيرة.
زيادة الفقر والتقليل من فرص العمل وبالتالي إنتشار البطالة.
تدهور القيم الإجتماعية و الأخلاقية في المجتمع وإرتفاع معدلات الجريمة.
التأثير على أسعار صرف العملة الوطنية وإضعاف قدراتها الشرائية.
إعاقة تطور المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و كذاالمؤسسات الكبيرة مقابل نظيراتها التي تمثل واجهات غسيل الأموال.[37]
إرتفاع معدل التضخم.
تكدس الثروات في يد فئة قليلة وذلك على حساب الفقراء.
إضعاف الشعور بالإنتماء الإجتماعي وتفشي ظاهرة هجرة الأدمغة.[38]
المحور الثاني: الإجراءات المتبعة لمكافحة الفساد المالي في الجزائر.

بإعتبار الجزائر دولة مريضة بالفساد ، وذلك بتأكيد من أسمى سلطة في البلاد السيد عبد العزيز بوتفليقة حيت جاء في خطاب ألقاه في 27 أفريل 1999 عندما قال: ” الجزائر دولة مريضة بالفساد… دولة مريضة في إدارتها مريضة بممارسات المحاباة ، مريضة بالمحسوبية و التعسف بالنفوذ و السلطة و عدم جدوى الطعون و التظلمات … مريضة بتبذير الموارد العامة بنهبها بلا ناه و لا رادع ، هذه الأمراض أضعفت الروح المدنية و أبعدت القدرات و هجرت الكفاءات و نفرت أصحاب الضمير و شوهت مفهوم الدولة و غاية الخدمة العمومية “.و من هنا كان التحرك ضروريا من أجل وضع مجموعة من الآليات لمكافحة الفساد و الوقاية منه ، وذلك من خلال سن مجموعة من القوانين و العمل على تبني مبادئ و قواعد الحكم الراشد و إرساء دولة الحق و القانون.[39]

أولا: النصوص القانونية الخاصة بمكافحة الفساد.

بما أن الجزائر كانت من بين الدول السباقة للتصديق على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة في 31 أكتوبر 2003 ، و المصادق عليها بتحفظ سنة 2004 و كذلك لإتفافية الإتحاد الإفريقي لمنع الفساد المعتمدة في 11 يوليو 2003، و المصادق عليها في 2006 بالإضافة إلى المصادقة على الإتفاقية الأممية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المعتمدة من طرف الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في 15/11/2000 و كذا البروتوكولات الملحقة بها ، و إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار الغير مشروع بالمخدرات و المؤثرات العقلية، و إتفاقية الأمم المتحدة لتجريم الرشوة ، كما أن الجزائر عضو مؤسس في فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية في الشرق الأوسط التي أنشأت في 30 نوفمبر 2004 كرابطة إقليمية طوعية لمكافحة غسيل الأموال و تويل الإرهاب ، فإنها سعت إلى تكييف قوانينها المحلية مع هذه الإتفاقيات الدولية ، و لعل أهم دليل على ذلك هو إصدار القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته ، والذي يعد من مفردات القوانين المعاصرة التي تصبوا إلى خدمة التنمية في الجزائر ، حيث إعتمد عليه المشرع الجزائري في البحث عن الآليات المناسبة لمكافحة الفساد على المستوى الداخلي ، وكانت جل قواعدة منسجمة مع الإتفاقية الدولية التي صادقت عليها الجزائر ، وهذا كله من أجل هدف واحد و هو العمل على الحد من هاته الظاهرة الخطيرة لتحقيق الأمن و الإستقرار و الرفاهية للمواطنين في ظل تنمية مستدامة و شاملة.

في مجال إبرام الصفقات العمومية: نظرا لكون أهم مجالات الفساد المالي الذي مس القطاع العمومي في الجزائر هي الصفقات العمومية على إعتبار أنها عقود ممولة بميزانية الدولة ، حيث كانت هناك العديد من التجاوزات القانونية في إبرام الصفقات العمومية ، ما أدى إلى هدر و تبديد المال العام ، كل هذا دفع بالمشرع الجزائري إلى إصدار قوانين خاصة بتنظيم الصفقات العمومية ، و قام بتعديلها أكثر من مرة و ذلك من أجل تعزيز الآليات الخاصة بالوقاية من الفساد ، ولعل أهم النصوص القانونية في هذا المجال مانصت عليه المادة 09 من القانون 06/01 من ضرورة توفير قواعد الشفافية و المنافسة الشريفة و الإختيار على أساس معايير موضوعية ، كما يفترض أن تخضع المشتريات العامة ” لقانون المناقصات العامة ” و ليس للإتفاقيات الخاصة التي حظرها الرئيس بوتفليقة في خطاب ألقاه في أفريل 2005.
و لقد فرض المشرع على الإدارة العمومية إتباع إجراءات محددة عند إبرام الصفقات العمومية بهدف الوقاية من الفساج ، و تتمثل هذه الإجراءات فيما يلي:

تحديد طرق إختيار المتعاقد ، عادة ما يتم ذلك عن طريق فتح مناقصة للحصول على عدة عروض متنافسة يتم إختيار أفضلها.
الإعلان عن الرغبة في التعاقد ، و ذلك عن طريق الإشهار الصحفي في الجرائد الوطنية و كذلك في النشرة السمية لصفقات المتعامل العمومي.
تنظيم إجراءات إرساء الصفقة ، مثل إعطاء الحق لكل مشارك في الصفقة بإنشاء هيئة لممارسة عملية الرقابة وفقا للقانون المنظم لسير الصفقات العمومية.
في مجال مكافحة التهريب: من أجل محاربة ظاهرة التهريب و التي تضر كثيرا بالإقتصاد الوطني تم إصدار القانون 05/06المؤرخ في 2003 ، و الذي يهدف حسب ما جاء في مادته الأولى إلى دعم وسائل مكافحة التهريب و ذلك من خلال وضع تدابير وقائية ، و تحسين أطر التنسيق مابين القطاعات ، إحداث قواعد خاصة في مجالي المتابعة و القمع ، بالإضافة إلى وضع آليات للتعاون الدولي في مجال مكافحة التهريب.
في مجال مكافحة غسيل الأموال: صدر القانون 05/01 في فبراير 2005 كأول قانون لمكافحة غسيل الأموال في الجزائر و تم نشره في الجريدة الرسمية ، و يجري تنفيذ هذا القانون بمساعدة فنية من البنك الدولي ، و يندرج في إطار سعي الجزائر الدائم لتنفيذ مختلف البنود و الإتفاقيات التي أبرمتها المجموعة الدولية ، خاصة في ظل تزايد المستمر لهذه الظاهرة الخطيرة و إرتباطها بظواهر أخرى كتجارة المخدرات و الإرهاب ، و تختلف المنظومة البنكية في الجزائر التي ما زالت بعيدة عن إتخاذ جميع التدابير اللازمة لكشف ما وصلت إليه هذه الظاهرة ، منها على وجه الخصوص تقديم الإحصائيات المتعلقة بحجم التحويلات التي تتم إلى الخارج.
كما تضمن القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد مادة خاصة بتدابير منع تبييض الأموال ركزت على ضرورة إخضاع المصارف و المؤسسات المالية غير المصرفية. بالإضافة إلى ما سبق تم إصدار مرسوم من طرف وزارة المالية في 18 مايو 2008 يفصل المعتمدة لتتبع حركة و مسار تنقل الأموال المشبوهة.

ثانيا: الآليات المؤسسية لمكافحة الفساد المالي في الجزائر:

في الجزائر هناك العديد من الهيئات و المؤسسات الخاصة بمكافحة الفساد من أهمها:

-البرلمان: يمتلك البرلمان في الجزائر العديد من الآليات المتعارف عليها دستوريا ، و التي ينبغي تفعيلها لكي تكون أكثر نجاعة ، كالحق في طرح الأسئلة الشفوية و الكتابية على الوزراء في مختلف القضايا ذات الشأن العام ، بل إن البرلمان له الحق في إسقاط الحكومة برفضه البرنامج الذي يقدمه رئيس الحكومة إذا رأى فيه إنتهاكا لحقوق الشعب ، ومن الآليات أيضا اللجان البرلمانية التي لها دور لا يستهان به في إعداد البرامج و تقديم المقترحات الكفيلة بالحد من الأشكال المختلفة للفساد ، بالإضافة إلى التحقيق في قضايا الفساد ، وإحالة المتورطين فيها العدالة.

إلا أن الواقع العملي يثبت بأن هذه الهيئة لم ترقى بعد إلى ممارسة الدور المنوط بها في هذا المجال ، وذلك بسبب الهيمنة الواضحة للجهاز التنفيذي عليها ، و يتجلى ذلك من خلال الضعف الذي يعرفه المجلس الشعبي الوطني فيما يخص مشاركته في إعداد القوانين ، و التي لم تتعدى نسبة 0.02% من مشاريع القوانين ، كما أن النائب في البرلمان الجزائري ينتظر قرابة 29 شهرا لإستلام الإجابة الكتابية من الوزير في حاللة مساءلته له .

إن ضعف الذي ياني منه البرلمان الجزائري في مواجهة الفساد من الناحية العملية يرجع إلى عدة أسباب:

ضعف نظام التمثيل الحزبي التعددي الحقيقي ، حيث توجد تعددية شكلية ممثلة في عدة أحزاب ، لكن الأغلبية غالبا ما يحوز عليها حزب واحد.
ضعف المستوى العلمي و المعرفي لأغلبية النواب ، حيث أن معظمهم لا يتمتع بالثقافة السياسية و القانونية التي تؤهلهم لوضع برامج و سياسات خاصة بمكافحة الفساد ، و عليه أصبحت هذه الهيئة مكانا للثراء و جمع المال أكثر منه للتشريع و مناقشة القضايا الهامة التي تهم المجتمع ككل.
تورط الكثير من النواب أنفسهم في قضايا فساد ، لكون وصولهم إلى النيابة في البرلمان أصلا ناتج عن إتباع أساليب فاسدة و دفعهم للرشاوى ، بالإضافة إلى أن أغلبهم يرفض التصريح بممتلكاته أثناء توليه مهامه م بعد الإنتهاء.
-مجلس المحاسبة: هو هيئة مستقلة ذات شخصية إعتبارية تتبع رئيس الجمهورية تهدف إلى رقابة أموال الدولة و أموال الأشخاص العامة الأخرى من جميع مظاهر الفساد، ويقوم بمعاونة مجلس الشعب في القيام بدوره في مجال الرقابة المالية، إذن فهو يلعب دورا مهما في الرقابة على الميزانية العامة للدولة، وقد نص الدستور 96 على دور مجلس المحاسبة، وعلى ضرورة تقديم التقرير السنوي للمجلس، وأن ترسل نسخة منه إلى البرلمان بإعتباره جهة معاونة للسلطة التشريعية في الرقابة المالية من شتى مظاهر الفساد المالي والإداري الخاصة.

وهذا التقرير الذي يعده المجلس بعد إكتشاف المخالفات المالية قد يراجع أو ربما لا يراجع، وفي أحيان أخرى تراجع بعد فترة طويلة من إعدادها وهذا بالطبع لا يحقق الفائدة المرجوة منها. فحتى تكون الرقابة فعالة لابد من وضع قواعد وأسس يجب على أعضاء الجهاز مراعاتها لدى مباشرتهم لإختصاصاتهم الرقابية وأن تكون رقابتهم رشيدة تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة من خلال الحفاظ على المال العام من ظاهرة الفساد.[40]

*بالرغم من الدور الهام الذي يقوم به مجلس المحاسبة إلاَ أن هذا الدور لا يتسم بالفعالية المتوقعة، فهناك بعض العيوب التي تحول دون إكتمال دوره الرقابي وتجعل دوره محدودا أو سطحيا وغير محقق للآمال المتوقعة، وفي الأخير نأمل أن يتلافى مجلس المحاسبة العيوب السابقة والتي تؤثر سلبا على رقابته المالية، خاصة دعمه بإختصاصات قضائية إلى جانب إختصاصاته الرقابية الإدارية المالية والقانونية.

-المفتشية العامة للمالية: هي جهاز للرقابة البعدية تحت السلطة المباشرة لوزير المالية، تباشر مهمة رقابة التسيير المالي والحسابي في مصالح الدولة والجماعات العمومية اللآمركزية، وغيرها من الهيئات المعنية، وهي تمارس مهامها بصفة دائمة، من خلال المراقبة بناءا على الوثائق، أو في عين المكان أو بعد إشعار مسبق.

المفتشية لعامة للمالية في الجزائر كهيئة مستقلة للرقابة ينتهي عملها بقرير سنوي يشمل حصيلة عملها، وهذا التقرير ملخص لمعاينتها والإقتراحات التي تراها قصد تكييف التشريع الساري المفعول مع عملها الميداني.لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا التقرير يكفي لتحقيق عمليات الرقابة ألا وهي القضاء على الجرائم الإقتصادية الضخمة التي تمس لإقتصاد الدولة برمتها.

*كان الأجدر أن يعطي المشرع لهذه الهيئة الوطنية صلاحيات أكبر من مجرد إعداد التقارير، بفتح التحقيقات وتلقي الشكاوى وإحالتها للقضاء ليتم النظر فيها ومتابعة مرتكبي هذه الجرائم. فأغلب الجرائم الإقتصادية التي أعدت هذه الهيئة تقارير بشأنها تكون بعد إتمام العملية الجرمية، وهذا ما يؤدي إلى عدم ثقة المجتمع المدني في آليات الرقابة، والتي نأمل إصلاحها حتي تكون مستقبلا مجدية وفعالة للتصدي للفساد مؤسساتيا.[41]

-المرصد الوطني لمكافحة الرشوة و الوقاية منها: أنشأ المرصد الوطني لمكافحة الرشوة و الوقاية منها في فترة حكم الرئيس السابق ” اليمين زروال ” ، و ذلك بموجب الرسوم الرئاسي الصادر في 20/07/16/1996 ، و هو يضم موظفون سامون في الدولة و رجال قانون والأمن ، مهمته الأساسية تقضي فضح الفساد و الرشوة و إختلاس المال العام ، و للذكر فإن المرصد منذ بدء عمله إهتم بالعديد من قضايا الفساد في الجزائر ، حيث عالج ملفات كبيرة خاصة بمشاريع تنموية مثل: مشاريع تسيير أموال تنمية الهضاب العليا ، ملف العقار الصناعي ، ملف الطريق السيا شرق- غرب…و العديد من الملفات الأخرى الخاصة بالفساد.

-الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته: الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته: تعتبر الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته مؤسسة رسمية متخصصة في مجال الوقاية من الفساد وتم إنشاءها نظرا لإنتشار الكبير للفساد في الجزائر. وهي عبارة عن سلطة إدارية مستقلة لا تخضع لأية رقابة إدارية أو وظيفية تتمتع بالشخصية المعنوية . ثم إنشاء هذه الهيئة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 06/314 المؤرخ في 22 نوفمبر 2006 وهي تعد من أهم الآليات المؤسساتية التي اقترحها القانون 06/01.

تمارس الهيئة المهام المنصوص عليها في المادة 20 من الق 06/01 وهي كالأتي:

– تلقى التصريحات بالممتلكات الخاصة بالموظفين العموميين.

– الاستعانة بالنيابة العامة لجمع الأدلة والتحري.

– إعداد برامج تحسيسية بالآثار الضارة الناجمة عن الفساد.

-السهر على تعزيز التنسيق ما بين القطاعات، وعلى التعاون مع هيئات مكافحة الفساد على الصعيدين الوطني و الدولي…[42]

*من الملاحظ أن هذه الهيئة ليس لها دور فعال في مكافحة الفساد و مثال عن ذلك : عدم اختصاصها بتلقي التصريحات من طرف الشخصيات الفعالة مما يضعف دورها الرقابي ، إضافة إقتصار دورها على الجانب الوقائي الإستشاري على عكس تسميتها التي تدل كذلك على الردع وعدم إمكانيتها تحريك الدعوى العمومية رغم تمتعها بالشخصية المعنوية و لها حق التقاضي. وعدم ظهور نشاطها في جانب تطبيق الإجراءات المتعلقة بالتعاون مع المؤسسات و المنظمات، والهيئات الوطنية و الدولية المختصة بمكافحة الفساد…

– الديوان المركزي لقمع الفساد: مواصلة لعملية التطهير التي تشنها الجزائر ضد أوجه الفساد قام رئيس الجمهورية بتوقيع مرسوم رئاسي رقم 11/426 يتضمن تشكيل و تنظيم وكيفيات عمل الديوان وهو مصلحة مركزية عملية للشرطة القضائية، تكلف بالبحث عن الجرائم و معاينتها في إطار مكافحة الفساد و من مهامه حسب المادة 05 من المرسوم ما يلي:

– جمع الأدلة و القيام بالتحقيقات و إحالة مرتكبيها للجهة المختصة.

– تطوير التعاون مع هيئات مكافحة الفساد و تبادل التعاون.

– جمع كل معلومة تسمح بالكشف عن الفساد…[43]

* الديوان المركزي لقمع الفساد آلية وقائية كلفت بالبحث عن الفساد ما زالت حبر على ورق و من خلال استقراء هذا المرسوم فإن عمل الديوان هو عمل إداري بحت الى جانب انه ليس له أي اختصاص قضائي بالرغم من تشكيلته.

الخاتمة:

و خلاصة القول أن الفساد المالي ظاهرة جد خطيرة و من المواضيع المتشعبة ذات الأبعاد الواسعة التي أخذت تستشري في مختلف المجتمعات لتدق ناقوس الخطر العالمي على إختلاف أسبابها و أنواعها، حيث بات التصدي لها حاجة عالمية ملحة و البحث في أسبابه و إتساعها و إنتشارها أمر في غاية الأهمية. وفي ختام هذه المداخلة لابد من الوقوف على عدد من النتائج المتوصل إليها من خلال هذه الدراسة نذكر منها:

إن أسباب الفساد المالي في الجزائر متأصلة الوجود و هي ظاهرة ليست آنية و لها تراكمات عبر عقود من الزمن ، وإن التباين في توزيع الثروات و الدخول سبب رئيسي لتفشي الظاهرة ، و يولد شعور دائم بالظلم لدى فئات كثيرة من المحتمع.
إن ظاهرة الفساد المالي لا تقتصر في تداعياتها على ما تفرزه من سلبيات على قطاع معين من المجتمع ، وإنما تمتد آثارها لتطال كافة أفراد المجتمع و قطاعاته. ذلك أن لها تأثير مباشر على إقتصاد الدولة بإعتبارها تعرقل عجلة التنمية الإقتصادية ، إضافة إلى أنها تؤدي إلى إختلال التركيبة الإجتماعية للمجتمع.
يؤدي الفساد المالي إلى ضعف الإستثمار و تهريب الأموال إلى الخارج في الوقت الذي كان المفروض إستغلال هذه الأموال في إقامة مشاريع إقتصادية تخدم المواطنين من خلال توفير فرص عمل.
بالرغم من الجهود المبذولة من طرف الدولة الجزائرية في إطار مكافحة الفساد ، من خلال ما أوجدته من آليات قانونية و مؤسساتية لمواجهة الفساد إلا أن الواقع يدل على فشل هذه الإستراتيجية و عدم فعاليتها.
يعود سبل فشل إستراتيجية مكافحة الفساد المالي في الجزائر إلى تغييب تفعيل القوانين وعدم إستقلالية مؤسسات مكافحة الفساد و تقييد صلاحياتها.
و من خلال هذه الدراسة نوصي بالإقتراحات الآتية:

ضرورة إيجاد إرادة سياسية قوية و صادقة في مكافحة الفساد من طرف الدولة و الإفصاح عن خطة عمل و إستراتيجية دقيقة يشارك فيها الجميع.
ضرورة تأسيس جهاز خاص بمكافحة الفساد المالي ، يتكون من شخصيات ذات مصداقية و نزاهة، و إعطاءه الإستقلالية التامة ومنحه الصلاحيات الكاملة في إجراء التحقيقات و إتخاذ القرارات و وضع إستراتيجيات مدروسة و تطبيق المفهوم الحقيقي للرقابة على المال العام.
إقامة المؤتمرات و إعداد البحوث و الدراسات الخاصة بمكافحة وباء الفساد المالي ، و وضع التوصيات و القرارات موضع التنفيذ ، لاسيما أن مواجهة هذا المد الهائل من الفساد يكون عبر الإرتقاء بثقافة قيم إنسانية سليمة ترتكز على تحمل جماعي للمسؤولية.

قائمة المصادر و المراجع:

أولا: المراسيم الرئاسية:

– المرسوم الرئاسي رقم 06/413 المؤرخ في أول ذي القعدة عام 1427 الموافق ل22 نوفمبر 2006، يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و تنظيمها و كيفية سيرها المعدل و المتمم بالمرسوم الرئاسي رقم 12/64 المؤرخ في 14 ربيع الأول عام 1433 الموافق لـ: 7 فبراير 2012.

– المرسوم الرئاسي رقم 11/426 المؤرخ في 8 ديسمبر 2011، يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و كيفيات تسييره . ج.ر.ج .ج عدد 68 المؤرخة في 14 ديسمبر 2011.

ثانيا: الكتب.

أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجزائي الخاص ، الطبعة السادسة عشر ، الجزء الثاني ، دار هومة ، الجزائر ، 2017.
محمد سعيد محمد الرملاوي، أحكام الفساد المالي و الإداري في الفقه الجنائي الإسلامي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى 2012.
هاشم الشمري، إيثار الفتلي، الفساد الإداري والمالي وآثاره الإقتصادية و الإجتماعية، دار اليازوري العلمية للنشر و التوزيع، الأردن.
نبيل صقر ، الوسيط في الجرائم المخلة بالثقة العامة ، الفساد ، التزوير ، الحريق ، دار الهدى ، الجزائر.
عوادي محمد ، رحال نصر ، الغش والتهرب الضريبي في النظام الضريبي الجزائري ، مكتبة بن موسى السعيد ، طبعة 2010 /2011
نبيل صقر ، قمراوي عز الدين ، الجريمة المنظمة ، التهريب والمخدرات وتبييض الأموال في التشريع الجزائري ، دار الهدى ،الجزائر .
صلاح الدين حسن السيسي ، غسل الأموال الجريمة التي تهدد إستقرار الإقتصاد الدولي ، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى القاهرة ، 2003 .
محمد شعيب ، تبييض الأموال، الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية و الإقتصادية ، المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق ، منشورات الحلبي الحقوقية ، الجزء الثالث ، الطبعة الأولى بيروت ، 2002 .
فاديا قاسم بيضون ، الفساد أبرز الجرائم والآثار وسبل المعالجة ، منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان ، 2013 ، ص،ص: 275،290.
ثالثا:أطروحات الدكتوراه.

علي حبيش ، آثار الفساد المالي على الإصلاحات الإقتصادية في الجزائر ، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكنوراه علوم ، تخصص نقود و مالية ، جامعة الجزائر 03 ، 2013 / 2014 .
نجار لويزة، التصدي المؤسساتي و الجزائي لظاهرة الفساد في التشريع الجزائري، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه علوم في القانون الجنائي و العلوم الجنائية، جامعة منتوري و قسنطينة، 2003 و 2014.
رابعا: المقالات العلمية.

إيمان بوقصة ، الإطار النظري لظاهرة الفساد المالي، المجلة الأكاديمية للبحوث القانونية و السياسية، جامة عمار ثلجي، الأغواط، المجلد الأول، العدد الثالث، مارس 2018.
عياد محمد علي باش، الفساد الحكومي في الدول النامية، أسبابه و آثاره الإقتصادية و الإجتماعية، مجلة القادسية للعلوم الإدارية والإقتصادية، المجلد الخامس، العدد الثاني، 2002.
علي سكر عبود ، تحليل صور و أسباب الفساد المالي و الإداري – دراسة إستطلاعية لعينة مختارة في محافظة الديوانية -، مجلة القادسية للعلوم الإدارية و الإقتصادية ، المجلد 12 ، العدد الأول ، 2010.
حمد محمد، ظاهرة الفساد المالي والإداري ودورها في تجحيم أداء الإقتصاد العراقي بعد عام 2003، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونبة والسياسية ، العدد 03 ، السنة الثامنة ، 2016.
علي حبيش، الفساد المالي و تداعياته على الإقتصاد و المجتمع ، مجلة معارف ، العدد 13 ، ديسمبر 2012 ، ص: 337.
محمد خالد المهايني ، الفساد الإداري و المالي ، مظاهره ، و اسبابه و مدخل الرقابة الحكومية لمكافحته ، مجلة رماح للبحوث و الدراسات ، العدد الرابع ، ديسمبر 2008، الأردن.
ليلى عاشور الخزرجي ، ظاهرة الفساد: الآثار الإقتصادية …التداعيات الإجتماعية و إستراتيجيات مكافحته ، مجلة كركوك للعلوم الإدارية و الإقتصادية ، المجلد الأول ، العدد الثاني ، 2011 .
سارة بوسعيود ، عقون شراف ، واقع الفساد في الجزائر و آليات مكافحته ، مجلة البحوث الإقتصادية و المالية ، المجلد الخامس ، العدد الأول ، جوان 2018.
خالد راغب الخطيب ، فريد كورتل ، الفساد الإداري و المالي…المعضلة و العلاج ، تجارب بعض الدول ، مجلة رماح للبحوث و الدراسات ، العدد الرابع ، ديسمبر 2008، الأردن .
خامسا:أعمال الملتقيات.

محمد خالد المهايني، آليات حماية المال العام و الحد من الفساد الإداري، الملتقى العربي الثالث بعنوان ” آليات حماية المال العام و الحد من الفساد الإداري “، الرباط، المغرب، مايو 2008، المنظمة العربية للتنمية الإدارية ،2009.
بن رجم محمد خميسي، حليمي حكيمة، الفساد المالي والإداري: مدخل لظاهرة غسيل الأموال و إنتشارها، الملتقى الوطني حول: حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد المالي و الإداري ، جامعة محمد خيضر ، بسكرة ، يومي 06/07 ماي2012.
علي بقشيش، طاهر زدك ، الفساد بين النظرية و الممارسة: المفهوم ، الأسباب ، التجليات و طرق المعالجة، الملتقى الوطني الأول حول الآليات القانونية لمكافحة الفساد ، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة ، 02/ 03 ديسمبر 2008.
دادن عبد الغني ، سعيدة تلي ، فعالية الحوكمة و دورها في الحد من الفساد المالي والإداري، الملتقى الوطني حول حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد المالي والإداري، جامعة محمد خيضر، بسكرة، يومي 6 و 7 ماي 2012.
مزوالي محمد ، مكافحة الفساد في القانون الجزائري و أساليب معالجته ، الملتقى الوطني الأول حول الآليات القانونية لمكافحة الفساد ، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة ، 02/ 03 ديسمبر 2008.
ماضي بلقاسم ، خدادمية أمال ، الفساد المالي والإداري في الجزائر الأسباب والأثار ، الملتقى الوطني حول حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد المالي والإداري، يومي 6 و 7 ماي 2012، جامعة محمد خيضر،بسكرة.
حساني رقية ، مروة كرامة ، حمزة فاطمة ، آليات حوكمة الشركات ودورها في الحد من الفساد المالي والإداري ، الملتقى الوطني حول حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد المالي والإداري، يومي 6 و 7 ماي 2012، جامعة محمد خيضر، بسكرة.

سادسا: المواقع الإلكترونية.

محمد عبد الصالح حسن ، عماد صلاح ، الآثار الإقتصادية و الإجتماعية للفساد في العراق ، مقال منشور على الموقع //www.nazaha.iq/conf7.adm4.pdf :http.

[1] إيمان بوقصة ، الإطار النظري لظاهرة الفساد المالي، المجلة الأكاديمية للبحوث القانونية و السياسية، جامة عمار ثلجي، الأغواط، المجلد الأول، العدد الثالث، مارس 2018 ، ص: 281.

[2] محمد سعيد محمد الرملاوي، أحكام الفساد المالي و الإداري في الفقه الجنائي الإسلامي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى 2012، ص: 15، محمد خالد المهايني، آليات حماية المال العام و الحد من الفساد الإداري، الملتقى العربي الثالث بعنوان ” آليات حماية المال العام و الحد من الفساد الإداري “، الرباط، المغرب، مايو 2008، المنظمة العربية للتنمية الإدارية ،2009، ، ص: 26.

[3] عياد محمد علي باش، الفساد الحكومي في الدول النامية، أسبابه و آثاره الإقتصادية و الإجتماعية، مجلة القادسية للعلوم الإدارية والإقتصادية، المجلد الخامس، العدد الثاني، 2002، ص: 203.

[4] هاشم الشمري، إيثار الفتلي، الفساد الإداري والمالي وآثاره الإقتصادية و الإجتماعية، دار اليازوري العلمية للنشر و التوزيع، الأردن ،

، ص ، ص : 30، 31

[5] هاشم الشمري، إيثار الفتلي ، المرجع السابق ، ص: 35.

[6] بن رجم محمد خميسي، حليمي حكيمة، الفساد المالي والإداري: مدخل لظاهرة غسيل الأموال و إنتشارها، الملتقى الوطني حول: حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد المالي و الإداري ، جامعة محمد خيضر ، بسكرة ، يومي 06/07 ماي2012، ص: 05.

[7] علي سكر عبود ، تحليل صور و أسباب الفساد المالي و الإداري – دراسة إستطلاعية لعينة مختارة في محافظة الديوانية -، مجلة القادسية للعلوم الإدارية و الإقتصادية ، المجلد 12 ، العدد الأول ، 2010 ، ص: 124.

[8] علي بقشيش، طاهر زدك ، الفساد بين النظرية و الممارسة: المفهوم ، الأسباب ، التجليات و طرق المعالجة ، الملتقى الوطني الأول حول الآليات القانونية لمكافحة الفساد ، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة ، 02/ 03 ديسمبر 2008، ص:

[9] – محمد خالد المهايني ، المرجع سابق ، ص: 41.

[10] – حمد محمد، ظاهرة الفساد المالي والإداري ودورها في تجحيم أداء الإقتصاد العراقي بعد عام 2003، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونبة والسياسية ، العدد 03 ، السنة الثامنة ، 2016 ،ص: 747.

[11] – المرجع نفسه ،ص: 745.

[12] – دادن عبد الغني ، سعيدة تلي ، فعالية الحوكمة و دورها في الحد من الفساد المالي والإداري، الملتقى الوطني حول حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد المالي والإداري، جامعة محمد خيضر، بسكرة، يومي 6 و 7 ماي 2012، ، ص: 09.

[13] – نبيل صقر ، الوسيط في الجرائم المخلة بالثقة العامة ، الفساد ، التزوير ، الحريق ، دار الهدى ، الجزائر ، ص: 105.

[14] – عوادي محمد ، رحال نصر ، الغش والتهرب الضريبي في النظام الضريبي الجزائري ، مكتبة بن موسى السعيد ، طبعة 2010 /2011 ، ص: 10.

[15] – المرجع نفسه ، ص: 06.

[16] – نبيل صقر ، قمراوي عز الدين ، الجريمة المنظمة ، التهريب والمخدرات وتبييض الأموال في التشريع الجزائري ، دار الهدى ،الجزائر ، 125.

[17] – المرجع نفسه ، ص: 12.

[18] – المرجع نفسه، ص: 67.

[19] – أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجزائي الخاص ، الطبعة السادسة عشر ، الجزء الثاني ، دار هومة ، الجزائر ، 2017 ،ص:91.

[20] – هاشم الشمري ، إيثار الفتلي ، مرجع سابق ،ص: 52.

[21] محمد عبد الصالح حسن ، عماد صلاح ، الآثار الإقتصادية و الإجتماعية للفساد في العراق ، مقال منشور على الموقع //www.nazaha.iq/conf7.adm4.pdf :http ص: 06.

[22] علي حبيش، الفساد المالي و تداعياته على الإقتصاد و المجتمع ، مجلة معارف ، العدد 13 ، ديسمبر 2012 ، ص: 337.

[23] مزوالي محمد ، مكافحة الفساد في القانون الجزائري و أساليب معالجته ، الملتقى الوطني الأول حول الآليات القانونية لمكافحة الفساد ، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة ، 02/ 03 ديسمبر 2008، ص:

[24] محمد خالد المهايني ، الفساد الإداري و المالي ، مظاهره ، و اسبابه و مدخل الرقابة الحكومية لمكافحته ، مجلة رماح للبحوث و الدراسات ، العدد الرابع ، ديسمبر 2008، الأردن ، ص: 30.

[25] صلاح الدين حسن السيسي ، غسل الأموال الجريمة التي تهدد إستقرار الإقتصاد الدولي ، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى القاهرة ، 2003 ، ص: 47.

[26] محمد شعيب ، تبييض الأموال، الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية و الإقتصادية ، المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق ، منشورات الحلبي الحقوقية ، الجزء الثالث ، الطبعة الأولى بيروت ، 2002 ، ص: 238.

[27] علي حبيش ، مرجع سابق ، ص: 339.

[28] محمد خالد المهايني ، الفساد الإداري و المالي ، مظاهره ، و اسبابه و مدخل الرقابة الحكومية لمكافحته ، المرجع السابق ، ص: 31.

[29] بن رجم محمد خميسي ، الفساد المالي و الإداري في الجزائر: أسبابه ، آثاره ، و إستراتيجيات مكافحته ، مرجع سابق، ص:79.

[30] ليلى عاشور الخزرجي ، ظاهرة الفساد: الآثار الإقتصادية …التداعيات الإجتماعية و إستراتيجيات مكافحته ، مجلة كركوك للعلوم الإدارية و الإقتصادية ، المجلد الأول ، العدد الثاني ، 2011 ،ص: 135.

[31] علي حبيش ، آثار الفساد المالي على الإصلاحات الإقتصادية في الجزائر ، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكنوراه علوم ، تخصص نقود و مالية ، جامعة الجزائر 03 ، 2013 / 2014 ، ص: 81.

[32] هاشم الشمري ، إيثار الفتلي ، مرجع سابق ، ص: 98.

[33] علي حبيش ، الفساد المالي و تداعياته على الإقتصاد و المجتمع ، مرجع سابق ، ص: 341، خالد راغب الخطيب ، فريد كورتل ، الفساد الإداري و المالي…المعضلة و العلاج ، تجارب بعض الدول ، مجلة رماح للبحوث و الدراسات ، العدد الرابع ، ديسمبر 2008، الأردن ، ص: 117.

[34] علي حبيش ، آثار الفساد المالي على الإصلاحات الإقتصادية في الجزائر ، مرجع سابق ، ص: 81.

[35] علي حبيش ، الفساد المالي و تداعياته على الإقتصاد و المجتمع ، مرجع سابق ، ص: 343.

[36]- ماضي بلقاسم ، خدادمية أمال ، الفساد المالي والإداري في الجزائر الأسباب والأثار ، الملتقى الوطني حول حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد المالي والإداري، يومي 6 و 7 ماي 2012، جامعة محمد خيضر،بسكرة، ص،ص: 11.

[37] – حساني رقية ، مروة كرامة ، حمزة فاطمة ، آليات حوكمة الشركات ودورها في الحد من الفساد المالي والإداري ، الملتقى الوطني حول حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد المالي والإداري، يومي 6 و 7 ماي 2012، جامعة محمد خيضر، بسكرة ، ص: 17.

[38] – فاديا قاسم بيضون ، الفساد أبرز الجرائم والآثار وسبل المعالجة ، منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان ، 2013 ، ص،ص: 275،290.

[39] سارة بوسعيود ، عقون شراف ، واقع الفساد في الجزائر و آليات مكافحته ، مجلة البحوث الإقتصادية و المالية ، المجلد الخامس ، العدد الأول ، جوان 2018 ، ص ، ص:319، 326.

[40] – نجار لويزة، التصدي المؤسساتي و الجزائي لظاهرة الفساد في التشريع الجزائري، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه علوم في القانون الجنائي و العلوم الجنائية، جامعة منتوري و قسنطينة، 2003 و 2014، ص:218.

[41] – المرجع نفسه ، ص:228.

[42] – لمزيد من المعلومات الإطلاع على المرسوم الرئاسي رقم 06/413 المؤرخ في أول ذي القعدة عام 1427 الموافق ل22 نوفمبر 2006، يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته و تنظيمها و كيفية سيرها المعدل و المتمم بالمرسوم الرئاسي رقم 12/64 المؤرخ في 14 ربيع الأول عام 1433 الموافق لـ: 7 فبراير 2012.

[43] – المرسوم الرئاسي رقم 11/426 المؤرخ في 8 ديسمبر 2011، يحدد تشكيلة الديوان المركزي لقمع الفساد و كيفيات تسييره . ج.ر.ج .ج عدد 68 المؤرخة في 14 ديسمبر 2011.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت