أبحاث قانونية حول الإيجاب والقبول الالكتروني

مقال حول: أبحاث قانونية حول الإيجاب والقبول الالكتروني

بقلم ذ محمد بيسي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

طالب باحث بالكلية المتعددة التخصصات بتطوان
يخضع العقد الالكتروني في تنظيمه للقواعد والأحكام العامة التي تنظمها النظرية العامة للعقد، وذلك بتبادل الطرفين المتعاقدين للتعبير عن إرادتين متطابقتين قائمتين على مبدأ الرضا، الذي يلزم لانعقاده ارتباط الإيجاب بالقبول

على اعتبار العقد الالكتروني تعاقد عن بعد، بحيث إن تبادل الإرادات يتم عن طريق وسيط الكتروني يهدف إلى تشكيل ركن التراضي الذي يعتبر أهم ركن في كل التصرفات القانونية.

وبذلك يكون أهم ما يميز العقد الالكتروني عن العقد التقليدي هو تلك الوسيلة التي يمر عن طريقها، بحيث يتم من خلال بيئة الكترونية تستخدم فيها وسائل الاتصال الحديثة وعلى رأسها شبكة الانترنت. التي ساهمت بشكل كبير في حصول نوع من البعد المادي بين الأطراف المتعاقدة في مثل هذا النوع من العقود، مما انعكس على طبيعة كل من الإيجاب والقبول المشكلين لركن التراضي في العقد الالكتروني، لكون هذا الأخير ينعقد دون أن يكون لطرفيه حضور مادي بمجلس العقد وقت انعقاده، حيث يكون كل طرف في مكان مختلف عن مكان الطرف الأخر ويفصل بينهما بعد جغرافي واختلاف لغوى وتشريعي. بالإضافة إلى أن شبكة الانترنت التي تعتبر الوسيط في هذه العلاقة التعاقدية تتصف بأنها شبكة مفتوحة، بمعنى أنه يسمح لأي شخص من الجمهور بالدخول إليها، دون شرط سوى أن يكون مرتبطا بالشبكة العنكبوتية

وبما أن العقد الالكتروني هو نوع خاص من العقود المبرمة عن بعد، فانه يجب أن يحترم القواعد الخاصة بهذه الطائفة من العقود، خاصة تلك المتعلقة بحماية المستهلك في الحالة التي ينعقد فيها العقد بين مهني وبين طرف ثاني لا يتعاقد في نطاق نشاطه المهني

وهده الخصوصية التي يتميز بها العقد الالكتروني، أصابت كذلك الأحكام الخاصة بركن التراضي في شقيه المتعلقين بالإيجاب والقبول الالكترونيين، مما أثر كثيرا على المفاهيم التقليدية السائدة في النظرية العامة للعقود، الشئ الذي أعاق تطبيق القواعد العامة على هذا النوع من التراضي، باعتبار أن هذه القواعد تمت صياغتها لتتناسب وطبيعة المعاملات التقليدية

ونظرا لما يثيره التراضي في العقد الالكتروني من تحديات ومشكلات قانونية، فقد تصدي لها الفقه والمنظمات الدولية والقوانين الداخلية فظهر على إثرها القانون النموذجي للتجارة الالكترونية ” الانسنترال” لعام 1996، والذي تعد قواعده الأساس الذي أخذت منه كافة القوانين المتعلقة بالعقود الالكترونية في غالبية التشريعات المقارنة، بما فيها المشرع المغربي الذي حاول مواكبة هذا التطور القانوني من خلال إجراء عدة تعديلات في قوانينه،لاسيما بعد إصداره للقانون رقم 53-05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية الذي أقر فيه بصحة التعاقد المبرم بشكل الكتروني، والذي تم بموجبه تغيير وتتميم بعض مقتضيات ظهير الالتزامات والعقود، كما استبعد كل ما له علاقة بمدونة الأسرة والمحررات العرفية المتعلقة بالضمانات الشخصية أو العينية، ذات الطابع المدني أو التجاري ما عدا المحررات المنجزة من لدن شخص لأغراض مهنته. وبناء على كل ذلك حق لنا أن نتساءل عن كيفية مواجهة خصوصيات التراضي في العقد الالكتروني ؟ وعن مدى اعتراف القانون بالإرادة المعبر عنها الكترونيا المتمثلة بالأساس في كل من الإيجاب والقبول الالكترونيين؟

:هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال مبحثين أساسيين
المبحث الأول : الإيجاب في العقد الالكتروني
المبحث الثاني : القبول في العقد الالكتروني

المبحث الأول : الإيجاب في العقد الالكتروني
إن انفراد الإيجاب الالكتروني عن التقليدي بكونه يتم باستخدام وسيط الكتروني جعله يتمتع بخصوصية تثير جملة من الإشكالات النوعية، فيما يتعلق بوجود الإرادة وشكل التعبير عنها والتي تؤدي فعلا إلى إحداث اثر قانوني معين، أي يجب أن يكون هناك إيجابا في حدود هذا الإطار. وهو الشئ الذي يستدعى دراسة هذا الأخير، بدءا بتحديد تعريفه وخصائصه( المطلب الأول)، وصولا إلى تحديد لغته ونطاقه المكاني ( المطلب الثاني).

المطلب الأول : تعريف الإيجاب الالكتروني وخصائصه
أولا : تعريف الإيجاب الالكتروني
يعرف الإيجاب بأنه التعبير عن إرادة شخص يعرض على غيره أن يتعاقد معه. وبذلك فهو يعتبر الخطوة الأولى في إبرام كافة العقود، المتمثل في عرض يقدم من طرف أحد الأشخاص إلى أخر أو آخرين بقصد إبرام عقد ما. بحيث لكي يكون التعبير عن الإرادة إيجابا يجب أن يكون قد استقر عليه نهائيا من طرف الموجب، بمعنى يجب أن يكون جازما وكاملا وباتا، وأن يتضمن الشروط الجوهرية للعقد المراد إبرامه، إضافة إلى توفر نية إبرام العقد، وهو الشئ الذي يثير إشكالا قانونيا بالنسبة للإيجاب الالكتروني الذي يتم من خلال الشبكات الالكترونية المفتوحة ؟.

إلا أنه لما كان العقد الالكتروني الذي ينعقد في إطار التجارة الالكترونية يندرج من الناحية التشريعية ضمن طائفة العقود التي تبرم عن بعد، فان تعريف الإيجاب فيه يجب أن يتم في ظل تعريف الإيجاب في هذه العقود.وهو الشئ الذي اتخذه التوجيه الأوربي الخاص بحماية المستهلكين في العقود المبرمة عن بعد بعين الاعتبار، عندما عرف الإيجاب في هذه العقود بأنه :” كل اتصال عن بعد يتضمن كل العناصر اللازمة بحيث يستطيع المرسل إليه أن يقبل التعاقد مباشرة، ويستبعد من هذا النطاق مجرد الإعلان.”

غير أن هذا التعريف لم يعرف أو يحدد وسائل الاتصال عن بعد، كما لم يبرز أهم خصائص الإيجاب الالكتروني، وهي الصفة الالكترونية في هذا الإيجاب، لكن يتضح منه اهتمامه بضرورة تضمين الموجب عناصر الإيجاب اللازمة حتى يتمكن القابل وهو المستهلك عادة، من إصدار قبوله وهو على بينة. وبذلك فان الإيجاب الالكتروني قد يكون إيجابا خاصا موجه إلى أشخاص محددين، وهو الذي يتم في الغالب في عروض التعاقد بواسطة البريد الالكتروني أو برامج المحادثة chatting، وقد يكون إيجابا عاما موجه إلى أشخاص غير محددين، وهو ما يحدث في حالة التعاقد عبر مواقع الويب التجارية المنتشرة عبر شبكة الانترنت

ويشترط في الإيجاب الالكتروني، كما هو الحال في الإيجاب التقليدي، أن يكون جازما ومحددا وباتا لا رجعة فيه، بمعنى أن تتجه نية الموجب إلى إبرام العقد بمجرد اقتران القبول به. أما إذا احتفظ الموجب بشرط يعلن فيه أنه غير ملتزم بما عرضه في حالة القبول فلا يعتبر هذا إيجابا بل مجرد الدعوة إلى التعاقد . وبذلك فان الإيجاب في التعاقد الالكتروني هو تعبير عن إرادة الراغب في التعاقد عن بعد، حيث يتم من خلال شبكة دولية للاتصالات بوسيلة مسموعة مرئية. ويتضمن كافة العناصر اللازمة لإبرام العقد بحيث يستطيع من وجه إليه أن يقبل التعاقد مباشرة . وبذلك فهو لا يختلف عن الإيجاب التقليدي إلا في الوسيلة المستخدمة فقط مع بقاء الجوهر نفسه، فوصف الإيجاب بالالكتروني لا يغير من ذاتية الإيجاب لمجرد أن تم عبر شبكة اتصالات، فلفظ الكتروني إذا ما أضيف إلى الإيجاب فلا ينال من أصله المتمثل في المعني المراد منه وفقا للنظريات التقليدية في الالتزامات و العقود. فالمسألة مجرد وصف لا أكثر بسبب اختلاف وسيلة التعبير عن الإرادة في تعاقد يتم الكترونيا عن طريق شبكة الانترنت. هذه الأخيرة التي جعلت من الإيجاب الالكتروني أن يتميز ببعض الخصائص المتعلقة بطبيعته لكونه يتم من خلال شبكة عالمية للمعلومات والاتصالات. فما هي إذن أهم هذه الخصائص؟

ثانيا : خصائص الإيجاب الالكتروني
يخضع الإيجاب الالكتروني لذات القواعد العامة التي تحكم الإيجاب التقليدي، إلا أنه يتميز ببعض الخصوصيات التي تتعلق بطبيعته وكونه يتم من خلال شبكة عالمية للاتصالات، إذ تسمح هذه الوسيلة لمن يصدر عنه الإيجاب باستخدام وسائل الإيضاح البياني أكثر ملائمة بالنسبة لأنواع معينة من البيوع، التي تقتضي الخروج عما هو مستقر عليه في القواعد العامة، ويمكن حصر هذه الخصوصيات في كونه إيجاب يتم التعبير عنه من خلال شبكة عالمية :للاتصالات عن بعد، عبر وسيط الكتروني. وبذلك فان أهم هذه الخصائص تتجلى فيما يلي

:أ- الإيجاب الالكتروني هو إيجاب عالمي
يتم الإيجاب الإلكتروني باستخدام وسائط إلكترونية وعبر شبكة دولية للاتصالات والمعلومات، لذلك فهو لا يتقيد بحدود الدول السياسية والجغرافية، ويكون الإيجاب الإلكتروني تبعاً لذلك إيجاباً دولياً نظراً لما تتسم به شبكة الإنترنت من الانفتاح والعالمية

ورغم ذلك يري البعض، أنه لا يوجد ما يحول من قصر الإيجاب الإلكتروني على منطقة جغرافية محددة، بحيث يكون له نطاق جغرافي ومكاني معين، فقد يقصر الموجب عرض المنتجات والخدمات على منطقة جغرافية معينة، مثال ذلك ما نلاحظه في بعض مواقع الويب الفرنسية المنتشرة على الإنترنت والتي تقصر الإيجاب فقط على الدول الفرانكفونية الناطقة بالفرنسية، وأيضاً ما تقرره الولايات المتحدة الأمريكية من حظر توجيه الإيجاب للدول الموقع عليها عقوبات اقتصادية مثل كوبا وكوريا الشمالية، أي أن الإيجاب الإلكتروني قد يكون إقليمياً أو دولياً، ومن ثم فإن الموجب لن يلتزم بإبرام عقود أو تسليم منتجات خارج النطاق الإقليمي الذي حدده سلفاً. وقد أجاز العقد النموذجي الفرنسي للتجارة الالكترونية تحديد المنطقة الجغرافية التي يغطيها الإيجاب أو تلك التي يغطيها تنفيذ العقد

: ب – الإيجاب الالكتروني يتم عن بعد بما أن التعاقد عبر الانترنت يتم من خلال المواقع الالكترونية، فان الإيجاب يكون موجودا على الموقع الخاص بالتاجر مالك السلعة أو الخدمة، حيث يوجد عليه كل ما يتعلق بهذه السلعة أو الخدمة من معلومات مثل النوع و السعر والكمية وكيفية التسليم. نظراً لكون العقد الإلكتروني ينتمي إلى طائفة العقود عن بعد فان الإيجاب الإلكتروني بدوره يكون إيجاباً عن بعد، فهو بذلك يخضع للقواعد الخاصة بحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد، والتي تفرض على المهني أو المورد مجموعة من القيود والواجبات التي يلتزم بها تجاه المستهلك الإلكتروني والتي منها، تزويد المستهلك بمعلومات حول شخصية التاجر وعنوانه، وعنوان البريد الإلكتروني، والخصائص الأساسية للمنتجات والخدمات المعروضة، وأوصافها وأثمانها، ووسائل الدفع أو السداد، وطريقة التسليم، وخيار المستهلك في الرجوع في التعاقد، وإعادة إخطار المستهلك وخدمة ما بعد البيع، ومدة الضمان. وهي الالتزامات التي أشار إليها التوجيه الأوربي رقم 7/97 في شأن حماية المستهلك في العقود عن بعد. وهي نفس المقتضيات التي أقرها المشرع المغربي في المادتين 29 و 30 من القانون رقم 31-08

:ج – الإيجاب الالكتروني يتم عبر وسيط الكتروني يتطلب الإيجاب الإلكتروني وجود وسيط إلكتروني هو مقدم خدمة الإنترنت، فهو يتم من خلال الشبكة وباستخدام وسيلة مسموعة مرئية، وليس هناك ما يحول دون أن يكون الموجب هو نفسه مقدم خدمة الإنترنت. وجدير بالذكر أن هناك آخرين يشاركون في تقديم تلك الخدمة، إذ أن هناك أشخاصاً عديدين يتدخلون في الاتصال ويساهم كل منهم بدور في إتمامه ومنهم عامل الاتصالات ومورد المعلومة ومورد المنافذ ومورد المعلومات

ويقترب الإيجاب في التعاقد الإلكتروني من الإيجاب في التعاقد عن طريق التليفزيون في أنه في كلتا الحالتين لا توجد دعامة ورقية، ورغم هذا التشابه فإن الإيجاب الإلكتروني يتميز بأنه يتضمن استمراراً معيناً، بحيث أن الموجب له يستطيع دائماً أن يعود ليقرأ مرة أخري الكتالوج أو الإعلان الموجود على الموقع الإلكتروني أو المرسل إليه عبر البريد الإلكتروني، بينما يتميز الإيجاب في التعاقد عن طريق التليفزيون بوقتية الرسالة المعروضة عبر شاشة التليفزيون، فمدة البث عبر التليفزيون تكون محدودة وتتميز بالسرعة وباختصار المعلومات، أي أن الإيجاب عبر التلفزيون يتميز بالاختصار وسرعة الزوال.

المطلب الثاني : تحديد لغة الإيجاب الالكتروني والنطاق المكاني له
أولا : تحديد لغة الإيجاب الالكتروني

أدي اعتبار الإيجاب الالكتروني إيجابا دوليا عابرا للحدود، إلى أن تكون للغة المستعملة فيه أهمية بالغة في إطار العقود الالكترونية، مما يثير التساؤل حول مدى أحقية اشتراط استعمال لغة معينة عند التعبير عن الإيجاب الالكتروني؟

إن الشئ الذي دفعنا إلى طرح هذا التساؤل يتجلى في أن بعض القوانين تشترط استعمال اللغة الوطنية للتعبير عن الإيجاب، كالمادة الثانية من القانون الفرنسي الصادر في 4 غشت 1994 المسمى بقانون توبون toubon، التي توجب استعمال اللغة الفرنسية في الوصف والإيجاب والتقديم وكذا طريقة التشغيل أو الاستعمال، ووصف مجال الضمان الخاص بالمنتج أو الخدمة، كذلك في الفواتير والاتصالات، وفي كل إعلان مكتوب، شفهي أو سمعي مرئي، وعدم احترام هذا الالتزام يترتب عليه توقيع الجزاء .القانوني

والهدف من هذه الإجراءات هو ضمان حماية المستهلك لكي يستطيع أن يشترى أو يستعمل منتجا أو يستفيد من خدمات وهو يعلم . حقيقة طبيعتها، وكيفية استعمالها والشروط الخاصة بالضمان لهذه المنتجات أو الخدمات

وغني عن البيان أن العرض يكون دوليا في حالة التجارة الالكترونية، وهنا يجوز التساؤل عما إذا كان للمستهلك الفرنسي أن يستند إلى قانون toubon لكي يتمكن بسوء النية، من تقرير بطلان العقد ؟. ويبدو من الصعب قبول مثل هذا الحل خاصة إذا تخيلنا وضع التاجر إذا وجد مثل هذا التشريع في دول أخرى عديدة

ويمكن هنا القياس على ما اقترحه التوجيه الأوربي الصادر في 21 ماي 1992 من أنه:” إذا استجاب مستهلك فرنسي لإعلان في صحيفة صادرة باللغة الانجليزية أو برنامج للبيع في التلفيزيون باللغة الألمانية، فلا يجوز أن يتوقع تلقي جميع المعلومات بلغته الوطنية، فإذا كانت وسيلة الدعاية توزيع خارج منطقتها اللغوية وقرر المستهلك أن يتعاقد، فلا ينبغي أن تكون القواعد الخاصة باللغة عائقا أمام هذا العقد العابر للحدود، ومن المؤكد أن الاقتراح الوارد بالتوجيه سالف الذكر قابل للتطبيق على التجارة الالكترونية، فطالما أنه قد أشار على سبيل المثال للإيجاب بواسطة التلفزيون، فيجوز أن يدخل في نطاقه كل وسيلة أخرى للاتصال عن بعد عبر الحدود ومن ذلك الانترنت

وقد حاولت الحكومة الفرنسية التخفيف من أثر هذا القانون بالنسبة لشبكات الاتصالات وأهمها الانترنت، فأصدر رئيس الوزراء منشورا circulaire في 19 ماي 1996 يتضمن بشأن تطبيق نصوص القانون الصادر في 1994، وجوب استخدام اللغة الفرنسية في كتابة البيانات على الشاشات، مع إجازة أن تصاحبها ترجمة بالانجليزية أو بأية لغة أجنبية أخرى. بحيث أن اعتماد مثل هذا القانون من شأنه أن يؤدي على انحسار نمو التجارة الالكترونية لمخالفته لسمة العالمية التي تتميز بها شبكة الانترنت، كما يؤدي ذلك إلى التلاعب خلال عمليات البيع عبر الانترنت، وتحرص المواقع العالمية أو ذات الانتشار الواسع كل الحرص على . استخدام أكثر من لغة في العرض والإيجاب لضمان التواصل مع أكبر قدر من الأفراد على مستوى العالم

ثانيا : تحديد النطاق المكاني للإيجاب الالكتروني
ترجع صعوبة تحديد النطاق المكاني للإيجاب الالكتروني إلى عدم تحديد مكان إبرام العقد الالكتروني نتيجة صعوبة تحديد مكان إرسال واستقبال الرسالة لأنها تتم عبر فضاء الكتروني cyber- space، وبالتالي يثور التساؤل حول الاعتداد بمحل إقامة المستهلك، أم المكان الذي استلم فيه الموجب القبول، أم مكان تسجيل موقع الويب؟. أضيف إلى ذلك انتشار الانترنت التي قلصت من مبدأ الدولة القطرية وأزاحت مبدأ الإقليمية السائد في القانون الكلاسيكي، بحيث إن الاتصال عبر هذا المكان الاجتماعي يتم من أية نقطة في هذه المعمورة في الحين واللحظة اللذين يرغب فيهما المتعاقدين. لذلك نلاحظ أن بعض العقود تنص صراحة على ما يمكن أن يسمى بنطاق التغطية lieu de couverture أي النطاق الذي يغطيه الإيجاب، ومن ذلك ما نص عليه المركز التجاري Infonie من أن العروض ليست صالحة إلا في الإقليم الفرنسي، كما تنص شروط المركز التجاري appelé store على أن هذا المركز يبيع المنتجات في الولايات المتحدة وألاسكا وهاواي فقط. إلا أن النطاق المحلى الذي يكون الإيجاب صالحا فيه، قد يطرح إشكالا لاحقا يتعلق بتنفيذ العقد كما لو كان الأمر يتعلق بتسليم البضاعة فقد يحول هذا الشرط المكاني دون قبول العرض . بحيث إن تحديد المكان يقيد صلاحية الإيجاب بنطاق جغرافي معين، فان العقد لن ينعقد أصلا إذا قبل الإيجاب .شخص يقع موطنه خارج هذا النطاق الجغرافي إذ لن يصادف القبول إيجابا صالحا

وتعتبر اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الالكترونية في عقود التجارة الالكترونية أن مكان الإيجاب يرتبط بموطن مقر عمل الشخص الموجب وأن مكان تلقي هذا الإيجاب هو مكان عمل المرسل إليه، ولتفصيل هذا المكان فقد أوردت الفقرة :الثالثة من المادة 10 استثناء يتعلق بتحديد مكان الإيجاب وذلك بتطبيق المادة 6 من نفس الاتفاقية التي تنص على أنه

لأغرض هذه الاتفاقية، يفترض أن يكون مقر عمل الطرف هو المكان الذي يعينه ذلك الطرف، ما لم يشترط طرف أخر أن الطرف الذي عين ذلك المكان ليس له مقر عمل فيه

إذا لم يعين الطرف مقر عمل وكان له أكثر من مقر عمل واحد، كان مقر العمل لأغراض هذه الاتفاقية هو المقر الأوثق صلة بالعقد المعنى مع ايلاء اعتبار للظروف التي كانت الأطراف على علم بها أو تتوقعها في أي وقت قبل إبرام العقد أو عند .إبرامه

إذا لم يكن للشخص الطبيعي مقر عمل، أخذ بمحل إقامته المعتاد …..”
وعلى أي حال، فمن الواجب أن يولى الشرط الذي يحدد النطاق الذي يغطيه العرض قدرا كافيا من الأهمية، فرغم انه يضيق بالتأكيد من نطاق عمل التاجر من الناحية الاقتصادية، إلا أنه قد يحقق له من الناحية القانونية نوعا من الأمان إذ لن يلتزم بإبرام عقود في نطاق جغرافي وقانوني لا يسيطر عليه

المبحث الثاني : القبول في العقد الالكتروني
يقصد بالقبول بصفة عامة، موافقة الموجب له على الإيجاب الموجه إليه بالشروط التي تضمنها ودون تعديل، بحيث يترتب عليه انعقاد العقد إذا ما اتصل بعلم الموجب والإيجاب ما زال قائما. وقد عرفته اتفاقية فيينا لسنة 1980 بشأن البيع الدولي للبضائع في المادة 1/18 على أنه :” يعتبر قبولا أي بيان أو أي تصرف أخر صادر عن المخاطب، يفيد الموافقة على الإيجاب

والقبول الالكتروني لا يخرج عن هذا التعريف سوى أنه يتم بوسائط الكترونية، ويتم عن بعد ولذلك فهو يخضع بحسب الأصل للقواعد والأحكام العامة التي تنظم القبول العادي أو التقليدي الذي لا يتم الكترونيا، ولكنه يتميز ببعض القواعد الخاصة به والتي ترجع إلى طرق التعبير عنه ( المطلب الأول)، وحق العميل في الرجوع عنه ( المطلب الثاني )

المطلب الأول : طرق القبول الالكتروني
يتم التعبير عن القبول الالكتروني بعدة طرق، منها الكتابة بما يفيد الموافقة أو باستخدام التوقيع الالكتروني عبر البريد الالكتروني، أو عن طريق اللفظ من خلال غرفة المحادثة chatting room، أو التنزيل عن بعد من خلال تنزيل البرنامج أو المنتج أو السلعة عبر الانترنت downloade وتحميلها على جهاز الكمبيوتر الخاص بالقابل

ومن طرق القبول الالكتروني أيضا النقر مرة واحدة بالموافقة simple-clic على العلامة الخاصة بتلك الأيقونة icone. حيث نجد عبارة ” أنا موافق” وتستخدم مواقع الويب التي تتعامل باللغة الفرنسية في الغالب عبارات تدل على الموافقة مثل عبارة “j’accepte l’offre” أو” d’accord”. أما مواقع الويب باللغة الانجليزية فتستخدم عبارة “i agrée” أو”ok”

ومع ذلك فقد يشترط الموجب في إيجابه، وبغرض التأكد من صحة إجراء القبول، أن يتم عن طريق النقر مرتين double click على الأيقونة المخصصة للقبول والموجودة على الشاشة، وفي هذه الحالة فان النقر مرة واحدة لا يرتب أثرا بشان انعقاد العقد ويصبح القبول عديم الأثر، وغالبا ما يلجأ الموجب إلى هذه الطريقة للتأكد من موافقة القابل على التعاقد. وحتى لا يتذرع القابل بأن النقرة الأولى كانت عن طريق السهو أو الخطأ، فالنقر مرتين دليل على موافقة القابل على إبرام العقد

وعلى العموم يجوز التعبير عن القبول بكل وسيلة لا تدع شكا لدى الموجب بأن إيجابه قد لاقى القبول، والتعبير بهذا المعنى قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا، فكيف يعبر صراحة عن القبول الالكتروني؟ وما مدى صلاحية السكوت للتعبير عنه؟

أولا : التعبير الصريح عن القبول الالكتروني
تنص المادة 11 من القانون النموذجي للتجارة الالكترونية ” الانسترال” على أنه :” يجوز استخدام رسائل البيانات للتعبير عن القبول، وأن العقد لا يفقد صحته أو قابليته للتنفيذ لمجرد استخدام رسالة بيانات لهذا الغرض”

وقد ورد في الفصل 65-5 من ق.ل.ع على أنه :”يشترط لصحة إبرام العقد أن يكون من أرسل العرض إليه قد تمكن من التحقق من تفاصيل الإذن الصادر عنه ومن السعر الإجمالي ومن تصحيح الأخطأ المحتملة وذلك قبل تأكيد الإذن المذكور لأجل التعبير عن قبوله

يجب على صاحب العرض الإشعار بطريقة الكترونية ودون تأخير غير مبرر بتسلمه قبول العرض الموجه إليه

ويصبح المرسل إليه فور تسلم العرض ملزما به بشكل لا رجعة فيه

يعتبر قبول العرض وتأكيده والإشعار بالتسلم متوصلا بها إذا كان بإمكان الأطراف المرسلة إليهم الولوج إليها.”

من خلال هذا الفصل يتضح بأنه من اليسير القول بوجود الإرادة إذا تم التعبير عنها كتابة، ولكن تثور الصعوبة عند غياب الدليل الكتابي، وهنا يثور التساؤل بصفة خاصة، ما إذا كان مجرد ملامسة من وجه إليه الإيجاب لأيقونة القبول أو الضغط عليها يعد كافيا للتعبير عن القبول

:أ – النقر على زر القبول
أثارت مسألة حجية النقر على الأيقونة المخصصة للقبول تساؤلات أمام القضاء بالولايات المتحدة الأمريكية ومدى اعتبار هذا النقر تعبيرا كافيا عن القبول؟

وقد أجاب القضاء الأمريكي باعتبار هذا الفعل بمثابة القبول، غير أنه يجب أن يكون التعبير حاسما، لذلك يجب أن يتضمن العقد ما يسمى برسالة القبول النهائي، وذلك لتجنب الوقوع في أخطأ تلقائية أو عفوية قد تصدر من اليد إثناء العمل على جهاز الكمبيوتر، وقد تأتي هذه الرسالة على شكل تساؤلات مثل ” هل تؤكد القبول؟” ويكون الجواب “بنعم” أو “لا” أو على شكل طلب بالتعبير عن القبول بإحداث نقرتين متتاليتين على الأيقونة المخصصة لذلك، بدلا من نقرة واحدة هذا فضلا عن وجود العديد من الوسائل التي يمكن إتباعها من اجل التغلب على الشك والوصول إلي اليقين الكامل في المسألة المتعلقة بتأكيد القبول من خلال وثيقة أمر الكتروني بالشراء على شكل رسالة الكترونية أو على شكل قائمة أو نموذج تعبئة بيانات، ويتعين على مستخدم هذا الموقع ” المشترى” أن يحررها على الشاشة ويضغط على زر معين لإرسالها وهو ما يؤكد سلوكه الايجابي في هذا الشأن

ب – القبول عبر البريد الالكتروني
يعتبر التعبير عن القبول عن طريق البريد الالكتروني أحسن طريقة للتأكد من إرادة القابل ووضوح هذه الأخيرة وان كان جانب من الفقه يرى عدم مشروعية التعاقد عن طريق الطباعة أو الكتابة على الهواء. إلا أن شيوع استخدام البريد الالكتروني من طرف المنتجين وزبائنهم لكونه يوفر السرعة العالية والكفاءة الأكبر ودقة متناهية في التواصل. فان مجلس الدولة الفرنسي اعتبره بمثابة محرر عرفي وقد حذا حذوه المشرع المغربي الذي نص من خلال الفصل 417-1 بأنه :” تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة الكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق

تقبل الوثيقة بشكل الكتروني للإثبات، شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق شريطة أن يكون بالإمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه، وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها

وبذلك يمكن للقابل أن يعبر عن قبوله بواسطة البريد الالكتروني إذ لا يوجد أدنى شك في اعتباره قبول صريح للإيجاب الموجه إليه بغض النظر عن طريقة توجيه له هذا الإيجاب سواء عن طريق البريد الالكتروني أو كان معروضا على موقع الانترنت. وبالإضافة إلى البريد الالكتروني، يمكن التعبير عن القبول عن طريق المحادثة (chatting room) التي أخذت بدورها في الانتشار، خاصة في إطار التعامل التجاري الدولي. بحيث نجد في هذا الصدد القانون الأمريكي للمعاملات التجارية الالكترونية لسنة 1999 أجاز إجراء الاتفاقات والمفاوضات وإبرام العقود ونشؤ الالتزامات بطريقة الكترونية حيث عرف في المادة 2/2 منها ماهية الأعمال التجارية الالكترونية بأنها هي :” تلك الأعمال التجارية التي تدار أو تتم بالكامل أو جزء منها بوسائل الكترونية أو بالتسجيل الالكتروني، وهذه الأعمال تهدف إلى إبرام العقود أو الوفاء بالالتزامات الناشئة عن الصفقات التجارية “. وهو ما يستفاد منه جواز إتمام المفاوضات بطريقة الكترونية . وهو الشئ الذي يدفعنا إلى التساؤل عن مدى صلاحية السكوت للتعبير عن القبول الالكتروني؟

ثانيا : مدى صلاحية السكوت للتعبير عن القبول الالكتروني
إذا كان السكوت وفقا للقواعد العامة لا يصلح تعبيرا عن إنشاء الإيجاب، فانه على العكس من ذلك قد يصلح أن يكون قبولا. وهنا يثور التساؤل عما إذا كان السكوت يمكن أن يكون تعبيرا عن إرادة احد الأشخاص في التعاقد الالكتروني؟.

يعتبر السكوت عن الرد قبولا إذا كان هناك تعامل سابق بين الأطراف أو اتصل الإيجاب بهذا التعامل أو تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه. ويلاحظ إن القانون الأمريكي يضيف ثلاثة حالات استثنائية ينتج فيها القبول أثره رغم سكوت الطرف الثاني هي : إذا كان ممكنا استخلاص ذلك من تصرفات الأفراد لا يمكن القول أو سلوكاتهم أو إذا جرى العرف على اعتبار السكوت قبولا أو إذا كان للأطراف ارتباطا بسبق التعامل

غير أن هذه الحالات الاستثنائية لا يمكن قبولها على علتها في شأن القبول الالكتروني نظرا لحداثة التعاقد عبر شبكة الانترنت. فلا يمكن القول بأن العرف يلعب دورا هاما وفعالا في هذا المجال لعدم وجود معاملات كثيرة ومستقرة تصل إلى مرحلة العرف. وبالنسبة للإيجاب الموجه لمنفعة الموجب إليه فهي حالة تتضمن عملا من أعمال التبرع دون أن يقع ثمة التزام على عاتق من وجه إليه الإيجاب فهو فرض غير مألوف على الانترنت. وكذلك فانه من الصعوبة اعتبار السكوت الملابس تعبيرا عن القبول الالكتروني، كما في حالة التعامل الساق بين المتعاقدين والذي يحدث كثيرا عبر شبكة المعلومات الالكترونية، فان ذلك لا يكفي من الناحية العملية لاعتبار السكوت قبولا إلا إذا كان هناك اتفاق صريح أو ضمني بين أطراف التعاقد على ذلك

وتطبيقا لذلك فانه يجوز اعتبار السكوت قبولا أو رفضا في التعاقد الالكتروني بحسب الأحوال، وذلك إذا كانت طبيعة التعامل أو العرف التجاري تدل على ذلك، أو كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين، أو اتفاق صريح بينهم، أو أن يقترن السكوت بظروف أخرى يرجح معها دلالة السكوت على القبول. وبما أن اغلب التشريعات المتعلقة بالمعاملات الالكترونية لم تشير إلى اعتبار السكوت وسيلة يعتد بها للتعبير عن القبول، فان استخلاص ذلك يعد مسالة موضوعية تدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع

المطلب الثاني : الرجوع عن القبول الالكتروني
نصت العديد من التشريعات الدولية والوطنية على مبدأ حق الرجوع عن القبول في العقود المبرمة عن بعد، وذلك من اجل توفير الحماية الكافية للقابل وهو بصدد إجراء المعاملات الالكترونية، هذه الأخيرة التي لا تسمح للقابل المتمثل في المستهلك من إمكانية فعلية لمعاينة السلعة والإلمام بخصائص الخدمة قبل إبرام العقد، بالرغم من أن هذا الحق في الواقع يمثل خروجا عن مبدأ القوة الملزمة للعقد، إلا أنه يجد مبرره في ضرورة حماية المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في هذه العلاقة التعاقدية

وقد نظم العقد النموذجي الفرنسي أحكام الرجوع وذلك في البند التاسع تحت عنون ” مدة الرجوع” فنص على أن مدة الرجوع هي سبعة أيام من أيام العمل jours ouvrables تحسب بالنسبة للسلع من تاريخ تسلم المستهلك لها، أما بالنسبة للخدمات فتحسب من يوم انعقاد العقد وذلك إذا كان المستهلك قد تسلم التأكيد من التاجر بما يتضمنه من معلومات بالبريد الالكتروني. وفي حالة عدم احترام التاجر لالتزامه بالتأكيد بالبريد الالكتروني، تمتد مدة الرجوع إلي ثلاثة شهور تحسب بالنسبة للسلع من يوم تسلم المستهلك لها وبالنسبة للخدمات من يوم انعقاد العقد، فإذا سلم التأكيد خلال هذه الشهور الثلاثة، احتسب مدة الأيام السبعة من يوم تمام التأكيد المذكور

وإذا باشر المستهلك حقه في الرجوع، التزام التاجر بأن يرد له المبالغ التي دفعها دون أية نفقات إضافية، وذلك خلال ثلاثين يوم كحد أقصى

وهي نفس المقتضيات التي نظمها التوجيه الأوربي رقم97/07 الخاص بحماية المستهلك بشأن التعاقد عن بعد في مادته السادسة التي منحت للمستهلك حق الرجوع عن قبوله في مدة سبعة أيام عمل بدون إعطاء أي سبب، أو حتى بدون أن يتعرض لأي جزاء، والالتزام الوحيد الملقى على عاتقه هو تحمل أعباء إرجاع السلع إلى المهني

ولقد أقر المشرع المغربي على غرار نظيره الفرنسي أحقية المستهلك في الرجوع بشان العقود المبرمة عن بعد من خلال المادة 36 من القانون رقم 31- 08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الذي نص على أنه للمستهلك أجل سبعة أيام كاملة لممارسة حقه في التراجع؛ وثلاثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة ما لم يف المورد بالتزامه بالتأكيد الكتابي للمعلومات المنصوص عليها في المادتين 29 و 32

وذلك دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة باستثناء مصاريف الإرجاع إن اقتضى الحال ذلك

وتسري الآجال المشار إليها في الفقرة السابقة ابتداء من تاريخ تسلم السلعة أو قبول العرض فيما يتعلق بتقديم الخدمات

إلا أنه يجب التنبيه إلى أن الحق في الرجوع ليس مطلقا، فهناك بعض العقود التي لا يحق للمستهلك أن يعدل عن قبوله فيها كتلك المنصوص عليها في المادة 38 من نفس القانون

:خاتمة

مما سبق، يتضح بأن التراضي في العقد الالكتروني ما هو إلا تراضي في عقد عادي، يختلف عنه في وسيلة إبرامه فقط، فهو تراضي يبرم عن طريق وسائط الكترونية لإتمام عمليات التجارة الالكترونية وبذلك فهو ليس استثناء من أحكام و قواعد النظرية العامة للعقد، فهو يخضع في بنائه و تركيبته إلى أحكام هذه النظرية، ويرد على كافة الأشياء و الخدمات التي يجوز فيها التعامل، إلا أن ذلك يرتبط ارتباطا وثيقا بتوفير الحماية والأمن لكل أطراف المعاملات المتباينة وأن يحصل كل طرف على درجة مناسبة من الثقة التي تحقق له أن ينطلق في استخدام الوسائل الالكترونية في التعاقد نظرا لما تتميز به من سهولة وسرعة في انجاز المعاملات التجارية . وهو الشئ الذي فطن له المشرع المغربي من خلال إصداره لقانون 53-05 من أجل مواكبة التطور الحاصل في البيئة القانونية المتعلقة بالمعاملات الالكترونية من خلال إقراره بصحة التعاقد المبرم بشكل الكتروني.

لائحة المراجع
المراجع العامة
مأمون الكز بري، نظرية الالتزام في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، المجلد الأول مصادر الالتزامات
المراجع الخاصة
،لجنة القانون، مجموعة باحثين، الجوانب القانونية للتجارة الالكترونية، الطبعة الأولى، القاهرة●
خالد ممدوح إبراهيم، إبرام العقد الالكتروني، دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2011 ●
محمد سعيد احمد إسماعيل، أساليب الحماية القانونية لمعاملات التجارة الالكترونية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009

الأطروحات
مخلوفي عبد الوهاب، التجارة الالكترونية عبر الانترنت، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في الحقوق، جامعة الحاج الخضر، باتنة، الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية 2012-2011

القوانين
قانون الالتزامات والعقود ●
القانون رقم 31- 08 ●
القانون رقم 53- 05 ●

المراجع بالفرنسية
● caprioli, la loi française sur la preuve et la signature électronique, j.c.p.2000, p :1 224
● vincent heuze , la vente internationale de marchandise, droit uniforme, delta, paris, 2000
loi n 94-665 du aout 1994 relative a l’emploi de la langue française , j .o. du 5 aout 1994
بقلم ذ محمد بيسي
طالب باحث بالكلية المتعددة التخصصات بتطوان

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.