أثارت عملية أكمال نطاق العقد العديد من التساؤلات حول مصدر الالتزامات التي يضيفها القاضي الى مضمون العقد الذي يشوبه النقص، لأن الأصل ان العقد تصرف قانوني قائم على الارادة في نشوئه أو ماينتجه من اثار، فهل أن الالتزامات المضافة هي تعبير عن أرادة المتعاقدين، أم أنها تعبير عن أرادة المشرع ؟ وإذا كان القاضي يملك أكمال نطاق العقد، فما هي الآلية التي تخضع لها عملية أكمال الالتزامات العقدية، فلا يعقل أن تكون المسألة تحكمية، فيكون ذلك مدعاة لتقديرات القاضي المبنية على معايير شخصية، فلابد من وجود معايير موضوعية يستند إليها القاضي حينما يعتبر التزام ما من مستلزمات العقد. ومن أجل الاحاطة بما تقدم، سنوزع البحث في هذا الموضوع على مطلبين: نفرد أولهما لتحديد مصدر الالتزامات التي يضيفها القاضي، ونخصص ثانيهما لآلية اكمال نطاق العقد.

المطلب الأول : تحديد مصدر الالتزامات التي يضيفها القاضي

نشب خلاف في الفقه بشأن مصدر الالتزامات التي يضيفها القاضي الى مضمون العقد حينما يقوم بأكمال نطاقه، فرأى البعض من الفقه أن هذه الالتزامات هي امتداد لارادة المتعاقدين يكشف عنها القاضي بالوسائل المقررة قانوناً، بينما نفى البعض الاخر من الفقه أي صلة بين الارادة وهذه الالتزامات، ورأى أنها تنبع من المعايير الموضوعية التي أحال المشرع القاضي اليها في حالة قصور العقد عن تنظيم مسائل تعد من مستلزماته. وسنبسط الكلام عن هاتين الوجهتين كلاً في فرع مستقل.

الفرع الأول : القاضي يعبر عن أرادة المتعاقدين

يرى جانب من الفقه، ان القاضي حينما يكمل نطاق العقد فأنه يستند في هذه العملية القانونية الى ارادة المتعاقدين، لأن العقد تصرف قانوني إرادي، ومن المفروض أن تهيمن الارادة على تنظيم كافة مسائله، سواء كانت متعلقة بانشائه أو ترتيب أثاره، ولايمكن لارادة خارجة عن أرادة المتعاقدين أن تنظم أي جانب من جوانب العلاقة العقدية بين الطرفين، من هنا فأن القاضي حينما يضيف التزام ما الى مضمون العقد فأنه لا يقوم الا بتكملة الارادة الناقصة(1). وترى هذه الوجهة أن النصوص القانونية التي عالجت مسائل تفسير العقد أو اكماله هي ذات حكم واحد، والقاضي بموجبها يبحث عن الارادة المشتركة للمتعاقدين، والتي يتجسد الحد الادنى لها في التفسير بوجود العقد وصحته، ويضاف الى هذه الارادة عند اكمال نقص العقد ماينتجه من آثار أغفل المتعاقدان الاشارة اليها(2). والسؤال المتبادر ههنا، كيف يكشف القاضي عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين ؟ تباينت أراء أنصار هذه الوجهة في الإجابة على هذا السؤال، فيرى البعض منهم(3). ان القاضي يستعين بالوسائل التي حددها له المشرع، فطبيعة المعاملة وطبيعة الالتزام توجب مستلزمات للعقد يجب أعمالها، والقاضي اذ يحدد هذه المستلزمات يقوم بتحليل العقد الذي أنشأه الطرفان، ليصل في الأخير الى استخلاص مضمون ارادتيهما. من هنا، فأن الوسائل المتقدمة لا تعدو أن تكون ظروفاً خارجية تساهم في الكشف عن الارادة المشتركة، وتمكن القاضي من تحديد مضمون التزام المدين، فهي جزء من التعبير الثانوي الذي يفصح عن الارادة الملزمة، والقاضي عندما يستعين بهذه الظروف الخارجية لا يكمل الارادة بل يكمل التعبير الرئيس الذي لم يتضمن سوى المسائل الجوهرية، ولهذا يلتجيء من أجل تنظيم المسائل التفصيلية التي لم يتضمنها هذا التعبير الى الارادة الباطنة للمتعاقدين التي تكشف عنها مختلف الظروف الخارجية(4). بيد ان مساهمة الظروف الخارجية في تحديد مضمون العقد تنحصر في الكشف عن الارادة المشتركة التي توافق عليها الطرفان، فهي ليست معايير خارجية مستقلة تقف في مقابل ارادة المتعاقدين تناقضها وتتغلب عليها(5). في حين رأى رأي آخر، ان القاضي يكشف عن أرادة المتعاقدين بوساطة النصوص القانونية المفّسرة، فهو يبحث اولاً عن الارادة الصريحة فاذا لم يجدها التجأ الى الارادة الضمنية، ولاستجلاء هذه الإرادة الأخيرة يلتجيء الى العادات وطبيعة العقد، فاذا لم يجد هذا البحث نفعاً، فأنه يلجأ الى الارادة المفترضة، وتبدو هذه الارادة في مجموع القواعد المفسرة، فالقاضي عندما يجعل نبراسه تنفيذ العقد بحسن نية لا يعمل فقط على استجلاء نية الطرفين الفعلية، بل يعمل على تكملتها أخذاً بما تقضي به أحكام العرف والذمة والامانة في المعاملات، فالمفروض أن المتعاقدين قد قصدا ذلك، وان لم يعبرا عن الحكم الذي أخذ به القاضي(6).

الفرع الثاني : القاضي يستند الى معايير موضوعية

يرى جانب من الفقه، وهو ما نميل اليه ونتبناه، ان اكمال نطاق العقد عملية قانونية تستند الى معايير موضوعية مجردة عن ارادة المتعاقدين، فالقاضي لا يبحث فيما يحتمل أن يريده العاقدون لو أنهم واجهوا المسألة محل البحث، ولا يسعى لتحديد ارادتهم المفترضة، وانما يسعى لتحديد ما يمكن أن يستنتج من العقد من الناحية الموضوعية(7). وقد تضمن القانون المدني الفرنسي والقانون المدني العراقي نصوصاً تمثل المنطلق للموجهات الموضوعية التي يعتمد عليها القاضي عند اكمال نطاق العقد، فقد اعتبرت (م1135) من القانون المدني الفرنسي ان العقود لا تلزم فقط بما ورد فيها بل تشمل كذلك المستلزمات التي تقتضيها العدالة والعرف ونص القانون وفقاً لطبيعة الالتزام، وكذلك ما نصت عليه (م1160(8). من أن نقص العقد يجري اكماله عن طريق الشروط الشائعة الاستعمال ولو لم يعبر عنها في العقد، وهذا ما تضمنته (م150/ف2) من القانون المدني العراقي اذ نصت على انه:((ولا يقتصر العقد على الزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام )). من هنا، فان الالتزامات التي يضيفها القاضي لأكمال نقص العقد تنبع من هذه الموجهات التي تستند الى طبيعة العقد، فالالتزام المضاف يرتبط بالنموذج العقدي المختار وبصرف النظر عن أرادة المتعاقدين(9). ويقدم البعض من الفقه الفرنسي(10). تبريراً مقنعاً ، للوجهة السابقة اذ يرى ان العقد لا يكون ملزماً الا اذا تم قبوله بحرية وكان مفيداً وعادلاً ، وقبول العقد بحرية يعني ان رضا العاقدين قد صدر عن ارادة حقيقية حرة ومستنيرة ، وفي هذه الحالة يجب احترام ارادة المتعاقدين ، فلا يجوز لقضاة الموضوع تعديل الالتزامات التعاقدية بذريعة العدل أو الانصاف ، أو أن يحاولوا تغليب مفاهيمهم الشخصية للمفيد والعادل ، فلا بد من احترام القوة الملزمة للعقد (11). بيد أن الطرفين وأن كانا يقفان على قدم المساواة عند اختيار نوع العقد المنوي ابرامه، الا ان اليات تنفيذ العقد سيمليها المتعاقد الذي يتمتع بالقوة الاقتصادية أو بالمعرفة القانونية، والاستناد الى ارادة المتعاقدين المشتركة، على فرض انها كانت ظاهرة، لن يفيد في معالجة الخلل في التوازن بين المتعاقدين، ولأجل اعادة الثقة بالقانون بمعناه الواسع لابد من اقامة نوع من التوازن بين الالتزامات وفقاً للعدالة، لذا يزداد تدخل المحاكم يوماً بعد آخر لتحديد التزامات الطرفين واثراء مضمون العقد بالعديد من الالتزامات التي تحقق هذه الغاية(12). وقد حرصت محكمة النقض الفرنسية على ان تتم أعادة التوازن العقدي بحذر حتى لا تؤدي الى نتائج عكسية قد تفضي الى خسارة الثقة بالعقد، لذا تشددت في مراقبة عملية اكمال نطاق العقد وتجسد ذلك بنقض احكام قضاة الموضوع عندما يضعون على عاتق المتعاقد التزاماً لاتستلزمه طبيعة العقد، ولا تفرضه المنفعة الاجتماعية للعقد أو عدالة المعاوضة(13). وأياً كان الامر، فالملاحظ على الوجهة الأولى التي ترى ان القاضي يستند الى ارادة المتعاقدين عند اكمال نطاق العقد، تمسكها بمبدأ سلطان الارادة من جهة أن العقد يخضع من حيث أنشائه واثاره لارادة المتعاقدين، ولا يقبل بأي حال من الاحوال تدخل ارادة أخرى الى جانب ارادة المتعاقدين، على الرغم من التطورات التي شهدها قانون العقد والمتمثلة بتدخل المشرع ايجابياً في حياة العقد لتحقيق أهداف يراها ضرورية أو لحماية مصلحة يرى أنها أولى بالرعاية والحماية. كما أن الوجهة السابقة لا تميز بين تفسير العقد واكمال نطاقه، فالتفسير يستند الى الارادة، اذ يحاول القاضي من خلال تحليل عبارات العقد إزالة ما يكتنفه من غموض اعتماداً على الارادة المشتركة للمتعاقدين، اما اكمال نطاق العقد فانه لا يستند الى ارادة المتعاقدين سواء أكانت المشتركة أم المفترضة، لغيابها في الحالة الأولى، ولتعارض مصالحهما مما يتعذر الاخذ بها في الحالة الثانية، وانما يلجأ القاضي الى معايير موضوعية لإكمال النقص الذي يشوب العقد. أما ما أستدل به البعض من أنصار هذه الوجهة، من أن الاحكام القانونية المكملة تمثل ظرفاً خارجياً يستعين به القاضي للكشف عن الارادة المشتركة للمتعاقدين، فمردود من جهة اشتراط صاحب هذا الرأي ان يكون هذا الظرف معداً بالاشتراك بين الطرفين ليفصح عن ارادتهما المشتركة، أي انهما قد وافقا عليه معاً حتى نعده مكملاً لتعبيرهما الرئيس، وهذا قد لا يتحقق، لان المسألة المتروكة من قبل المتعاقدين، اذا لم تكن متوقعة من قبلهما فانهما لن يفكرا في حلها حتى يصح افتراض علمهما بحكم القانون وقبولهما بهذا الحكم، ولو سلمنا جدلاً أنهما قد توقعا المسألة وتركا حكمها للقانون، فانهما قد لا يعلمان بحقيقة هذا الحكم، وقد يفهم الطرفان أو احدهما هذا الحكم على نحو اخر يختلف عما أراده المشرع(14).

اما ما قاله البعض من أنصار هذه الوجهة، بأن القواعد التشريعية المكملة هي تفسير لارادة المتعاقدين، وان قوتها الملزمة مستمدة من اتجاه ارادة المتعاقدين للأخذ بها مالم يتفقا على ما يخالفها، فمردود، لأن المفروض ان المتعاقدين لم يتعرضا أصلاً للمسائل التي تنظمها القواعد التشريعية المكملة، بل يكونا على جهل تام بها في كثير من الاحيان، لذا فان اسباغ القوة الملزمة من اتجاه ارادة المتعاقدين الى الاخذ بها، هو افتراض لا اساس له في الواقع في كثير من الاحيان(15). وحري بالذكر بعد هذا، التطور الذي شهده دور القضاء، فقد أضحى مصدراً مهماً لسد النقص في التشريع (( وهو بهذا الوصف كالتشريع سواء بسواء، وهذا المصدر أخذ بالتعاظم والنمو بقدر ما أصاب التشريع من الهرم وطول البقاء، وقد أقامت المحاكم شيئاً فشيئاً بناءً خاصاً من القواعد القانونية وفقهاً يكمل ويثري العمل التشريعي ويعّدله، من دون أن تخرج عن نطاق اختصاصها التفسيري، ملتمسة أسباب حكمها في النصوص ذاتها، ولدى انعدامها في المبادئ العامة التي تهيمن على هذه النصوص وتسيطر عليها))(16). فالتشريع لايمكن ان يحيط بكل شيء، ولا يستطيع المشرع مهما كان بصيراً بالتشريع أن يتنبأ بكل مسألة ليضع لها حلاً(( فالنصوص التشريعية محدودة العدد، والنوازل غير محدودة، ولا يحيط المحدود بغير المحدود، فيما لم يخطر للنصوص على بال عند سنها، لابد له من أجهزة عملية ونظرية رسمية وحرة تبذل ما في وسعها من جهد عقلي بما خولت من أدلة استنباطية لكي تتوصل الى استنباط الحلول الجديدة المختصة بالنوازل المتكررة سواء في اطار الاحداث العامة أم الروابط الخاصة ))(17). من هنا، أناط المشرع مهمة التطوير الجزئي للقانون وسد ما فيه من ثغرات بالقاضي، الذي لم يعد دوره ينحصر في معرفة القانون وتطبيقه، وانما منح قدراً من حرية البحث في مدى ملائمة القانون، واحداث الموائمة بين ثبات القاعدة القانونية وتطور الحياة(18). وهذا الأمر جعل المشرع يعترف بالدور الإنشائي للقضاء في اثراء التشريع بشكل عام، والتقنين المدني بشكل خاص، فقد نصت (م1/ف2) من القانون المدني العراقي على انه:(( فاذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف فاذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص هذا القانون دون التقيد بمذهب معين فاذا لم يوجد فبمقتضى قواعد العدالة))(19). نخلص مما تقدم، أن القضاء قد أصبح له دور متميز في خلق القانون وسّد نقص التشريع، ولو يممنا وجهنا نحو نظرية العقد، نجد ان القضاء الفرنسي وتحت ستار تكميل العقد، قد ساهم في تعزيز محتواه بالعديد من الالتزامات التي تحقق التوازن بين المتعاقدين، ولم يكن القضاء الفرنسي يفصح على انه هو الذي ينشأ هذه الالتزامات وانما يردها الى مبدأ حسن النية او الطابع التقني للعقد(20). بينما يرى البعض من الفقه، ان القضاء هو مصدر الالتزامات التعاقدية، مثلما يكون مصدراً من مصادر القاعدة القانونية، وأطلقوا على الالتزام الذي يضيفه القاضي الى مضمون العقد عند أكمال نطاقه، مصطلح الالتزام القضائي(21). ونؤيد ان يكون للقضاء دور خلاق في تعزيز محتوى العقد بالعديد من الالتزامات التي تؤكد الدور الأخلاقي والاجتماعي للعقد، وتجعله وسيلة لتحقيق العدل بين طرفيه، ولكن لايمكن اعتبار القضاء مصدراً لهذه الالتزامات، وانما مصدرها العقد نفسه، فالقاضي يعتمد على معيار مستلزمات العقد في اثراء مضمونه بالالتزامات التي تقتضيها طبيعته والتي لم يشر لها المتعاقدان، ومستلزمات العقد معيار مرن ومتطور، يتأثر بظروف الزمان وإمكانيات المتعاقدين الاقتصادية والمعرفية، وطبيعة المحل الذي يرد عليه العقد(22). من هنا، فان ما لايعد من مستلزمات العقد في زمن ما، يمكن ان يكون كذلك في زمن لاحق، والمثل على ذلك عقد البيع فقد كان يرد على اشياء بسيطة بسبب البساطة التي كان يعيشها المجتمع، في حين انه يرد في الوقت الحاضر على أشياء دقيقة ومعقدة بسبب التطور التقني المتسارع الذي يشهده المجتمع البشري، وهذا ما فرض التزامات على البائع لم تكن مفروضة عليه من قبل من مثل الالتزام بالسلامة او الالتزام بالإعلام، بوصفها التزامات تقتضيها طبيعة عقد البيع في الوقت الحاضر. أضف الى ان الالتزامات التي يضيفها القاضي هي التزامات تبعية تهدف الى تحقيق الغرض العملي الذي يقصده المتعاقدان، وانتاج العقد لجميع آثاره النافعة، وجعله ملائماً للظروف. من هنا، فان القاضي عليه ان ينظر الى طبيعة العقد نظرة متطورة ومرنة تراعي ظروف المجتمع وصفات المتعاقدين، جاعلاً نصب عينيه اعتبارات العدالة وحسن النية في تنفيذ العقد، ثم يعمل على تكملته بالالتزامات التي تقتضيها طبيعة هذا العقد. لذا نعتقد ان ما يميز القضاء الفرنسي عن قضائنا العراقي هو مواكبته للتطورات الاجتماعية والاقتصادية باجتهاد خلاق يطوع النصوص المرنة ويجعلها متوائمة مع هذه التطورات، على عكس القضاء العراقي الذي يقتصر دوره على التطبيق الحرفي للنص القانوني في كثير من الأحيان.

المطلب الثاني : آلية أكمال نطاق العقد

حرصت التشريعات التي منحت القاضي القدرة على اكمال نطاق العقد، ان تحدد وبدقة مسار عمل القاضي، والعوامل التي يستند إليها، فأقامتها على أسس موضوعية أبعاداً لها عن النزعات الشخصية للقاضي، ولئلا تتحول الى سلطة تحكمية بيده، لذا نجدها جعلت اضافة الالتزامات مشروطة بكونها من مستلزمات العقد، كما انها لم تطلق العنان لاجتهاد القاضي في تفسير مستلزمات العقد، إذ أوردت محددات لمعنى المستلزمات تساعد القاضي في الوصول الى المعنى المنضبط لهذه الفكرة. لذا سنوزع البحث في هذا المطلب على فرعين: نتوفر في أولهما على معنى مستلزمات العقد، ونفرد ثانيهما، لمحددات مستلزمات العقد.

الفرع الأول : معنى مستلزمات العقد

لم يحدد الفقه بشكل دقيق معنى مستلزمات العقد، فبينما وصفها جانب من الفقه بأنها غامضة بحد ذاتها(23)، حاول البعض الاخر ان يحدد معناها بذكر الأمثلة لما يعد من مستلزمات العقد (24)، ومن المعروف ان التعريف بالمثل هو من أضعف صور التعريف . واذا اردنا ان نحدد معنى مستلزمات العقد، فيمكن ان نجد في التفرقة التي استمدتها بعض التشريعات العربية(25). من الفقه الإسلامي بين حكم العقد وحقوقه نقطة بداية مشجعة للوصول الى ضالتنا المنشودة في تحديد ما يقصد بمستلزمات العقد. فحكم العقد يعني المضمون الجوهري للعقد، اذ ان لكل عقد من العقود جوهراً وذاتية خاصة تميزه من غيره من العقود، فعقد المعاوضة يقوم على اساس ان كلاً من طرفيه يأخذ مقابلاً لما يعطي، فهذه الصفة –المبادلة بين العوضين – تمثل أحدى أخص خصائص عقد المعاوضة وتميزه من عقد التبرع الذي يكون أحد طرفيه معطياً بينما يكون الاخر مستفيداً. والعقد الذي ينقل ملكية المنفعة يختلف عن العقد الذي ينقل ملكية الرقبة والمنفعة معاً، فذاتية الاول تتمركز في نقل المنفعة وهذه من مثل الإجارة، في حين ان ذاتية الثاني تتمركز في نقل ملكية الرقبة والمنفعة معاً وهذه من مثل البيع. من هنا، فان حكم العقد يتجسد بالأثر الاصلي له، فعقد البيع اثره الاصلي نقل الملكية، وعقد الاجارة اثره الاصلي نقل ملكية المنفعة، وعقد النقل اثره الاصلي نقل شخص او شيء من مكان الى اخر، وهكذا بالنسبة لبقية العقود(26).

اما حقوق العقد فهي الالتزامات التبعية التي تؤكد الاثر الاصلي للعقد او تحفظه او تكمله فهي احكام تلازم العقد وتترتب عليه ولو لم يتفق عليها، لان جوهر العقد واثره الأصلي لا يتحقق بدونها(27). فعقد البيع اذا كان أثره الاصلي هو نقل الملكية، فهذا الحكم لا يتحقق الا بوجود التزامات تبعية تؤكده من مثل التزام البائع بالتسليم، او التزامات تكمله من مثل التزام البائع بتسليم الشيء وكل ما يعد من توابعه وملحقاته، او التزامات تحفظه من مثل التزام البائع بضمان التعرض والاستحقاق، وهكذا بالنسبة لبقية العقود. ومن هنا، فان مستلزمات العقد تساوي حقوق العقد، وهي تعني مجموعة الالتزامات التبعية التي تلازم العقد وتترتب عليه بمجرد انعقاده صحيحاً، وبصرف النظر عن اتجاه ارادة المتعاقدين اليها، لان الأثر الأصلي للعقد لا يتحقق بدونها، ذلك انها تضطلع بثلاث وظائف، فهي اما ان تؤكد حكم العقد او تكمله او تحفظه. والمعنى السابق يمكن ان نلمعه في أحد قرارات القضاء المصري(28). التي حاولت ان ترسم الخط الفاصل بين الالتزام الاصلي والالتزام التبعي ( حكم العقد وحقوق العقد ) وجاء فيه: (( ويقصد بالالتزام الأصلي ذلك الالتزام الذي يحدد طبيعة العقد ويكون من مستلزماته التي لاغنى لتكوين العقد عن وجوده. والصفة الجوهرية لهذه الالتزامات الأصلية انها تكون بالنسبة لبعضها المقابل القانوني، بمعنى أنها تكون سبباً لما يقابلها من التزام. اما الالتزامات التبعية فهي كل التزام غير أصلي والعنصر الاساسي الذي تمتاز به هي انها ترمي الى تحقيق الغرض العملي الذي يقصده المتعاقدان أو تتطلبه طبيعة العقد. بمعنى ان هذه الالتزامات ترمي الى ان توفر للعقد جميع أثاره النافعة وتجعله ملائماً للظروف )). ولايمكن القول ان مستلزمات العقد يمكن ان تنصرف إلى الأثر الأصلي للعقد (حكم العقد ) لان القاضي حينما يبدأ بأكمال نطاق العقد فانه يكون أزاء عقد صحيح، ولايتم العقد ولا يكتمل نشوئه الا بأتفاق المتعاقدين – على الأقل – على المسائل الجوهرية للعقد والتي يدخل فيها حكم العقد أي أثره الأصلي. وأياً ما كان الامر، فان القاضي قبل ان يشرع باكمال نطاق العقد عليه البدء بتحديد الجوهر الخاص للعقد ( اثره الاصلي )، ويمكنه الوصول الى ذلك من خلال عملية تكييف العقد، أي اعطاءه الوصف القانوني المناسب، ودون التقيد بالوصف الذي ذكره المتعاقدان، فاذا ما حدد القاضي الأثر الاصلي للعقد، أنتقل الى تحديد الالتزامات التبعية التي تؤكد هذا الاثر الاصلي او تكمله او تحفظه، فيقوم باضافتها الى نطاق العقد اذا لم يشر لها المتعاقدان.

الفرع الثاني : محددات مستلزمات العقد

لم يشأ المشرع العراقي ان يترك لاجتهاد القاضي مطلق الحرية في تحديد ما يعد من مستلزمات العقد، بل قيده بمجموعة من المحددات التي عليه ان يستعين بها لتحديد الالتزامات التي تدخل ضمن دائرة مستلزمات العقد. وبقراءة متمعنة لنص( م150 /ف2) و(م86/ف2)(29). من القانون المدني يتبين لنا ان المشرع العراقي قد ربط بين مستلزمات العقد وطبيعة الالتزام، واشترط في المحددات التي ذكرها من مثل القانون والعرف والعدالة ان تكون متوائمة مع طبيعة الالتزام الأصلي للعقد، لذا فان القاضي حينما يقوم بأكمال نطاق العقد، فعليه ان يظل في دائرة طبيعة الالتزام ولا يخرج عنها، والا فان اجتهاده يكون عرضة للخطأ، ومن ثم النقض من قبل محكمة التمييز أو النقض(30). من هنا، فأن ما يقرره القانون أو العرف أو ما ترشد له قواعد العدالة من التزامات تبعية يعدها القاضي من مستلزمات العقد ويضيفها الى مضمون الاخير لكي يستكمل بها نطاقه لابد ان تكون متناسبة مع الغرض الاصلي للعقد، لان مستلزمات العقد ماهي الا التزامات ثانوية تؤكد أو تكّمل أو تحفظ حكم العقد، ولابد ان لا يكون هناك تعارض بينها وبين حكم العقد. لذا فأن ما ذهب اليه جانب من الفقه(31). من تعداد لهذه المحددات، وجعل طبيعة الالتزام أحداها لا ينسجم مع صياغة نص (م150/ف2) مدني عراقي، او النصوص المقابلة لها في القانون المقارن(32)، والتي جعلت لطبيعة الالتزام الهيمنة على المعايير الاخرى ونعتقد ان المشرع العراقي لم يكن موفقاً في تحديد الموجهات التي يستعين بها القاضي لا كمال نطاق العقد في الصورة التي نظمتها (م86/ف2) من القانون المدني، اذ عدّد هذه الموجهات وهي طبيعية الموضوع واحكام القانون والعرف والعدالة، وجعلها على قدم المساواة، وكان من الافضل ان يجعل هذه الموجهات مرتبطة بطبيعة العقد، لكي تتحقق الموائمة بين ما تقرره هذه الموجهات من التزامات تبعية وما تقتضيه طبيعة العقد الذي يجري اكمال نطاقه، بحيث تكون لطبيعة العقد الهيمنة على الموجهات الأخرى. من هنا، نتمنى على المشرع العراقي ان يعدل نص (86/ف2) من القانون المدني على وفق ما بيناه، ويستبدل عبارة ((طبيعة الموضوع )) بعبارة(( طبيعة العقد)) وجعل الأخيرة الموجه الرئيسي الذي تنضوي تحته الموجهات الأخرى.

وأياً ما كان الأمر، فان المحددات التي يستعين بها القاضي لتحديد مستلزمات العقد هي(33):

1- القانون: يساهم المشرع في أكمال التنظيم الإرادي للعقد بما يضعه من قواعد قانونية سواء كانت امرة أو مفسرة تنظم الجوانب المختلفة للعقد وتسّد النقص الذي قد يشوب التنظيم الذي يتفق عليه المتعاقدان.

ويسعى المشرع بوضعه قواعد تنظم الجوانب المختلفة للعقد الى تحقيق هدفين أساسيين أولهما – تفعيل العقد وذلك بأكمال اتفاق الطرفين كلما كان ذلك ضرورياً وجائزاً، لان المشرع يفضل فاعلية العقد على عدمها، وثانيهما حماية المتعاقدين بعضهم في مواجهة البعض الاخر، مهما كان المتعاقدان من حيث عدم التبصر أو عدم الدراية بالمسائل القانونية(34). من هنا، فان القانون بما فيه من قواعد مكملة يساهم في تحديد مضمون العقد، والقاضي يطبق هذه القواعد على المسائل التي لم تنظمها ارادة المتعاقدين ويعدها مندرجة في العقود الا اذا استبعدها الطرفان صراحة، ومرد ذلك ان هناك نظاماً تعاقدياً أعده القانون للعديد من العقود(35). والمثل على القواعد المكملة ما نص عليه المشرع بشأن مكان وزمان تسليم المبيع(36)، ومكان الوفاء بالثمن وزمانه(37)، وما يرجع به المشتري على البائع اذا استحق المبيع استحقاقاً كلياً أو جزئياً ، او إذا ظهر فيه عيب خفي(38)، وكذا ما نص عليه بشأن الاصلاحات التي يلتزم بها المؤجر وتلك التي يتحملها المستأجر(39)، وجميعها تعد أحكاماً تكميلية لارادة المتعاقدين . حري بالذكر بعد هذا، ان كل عقد تكمله احكام القواعد المكملة في القانون الذي ابرم هذا العقد تحت سلطانه، فاذا تغيرت أحكام هذه القواعد في قانون لاحق فأن أحكام هذا القانون لا تسري على العقود التي أبرمت تحت سلطان القانون السابق(40).

2- العرف: هو اعتياد الافراد على سلوك معين وثابت زمناً طويلاً مع الاعتقاد بلزومه وبأن مخالفته تستتبع المؤاخذة بتوقيع جزاء على المخالف، فالقواعد العرفية تنشأ في ضمير الجماعة وفي العلاقات والروابط بين الافراد في المجتمع دون تدخل من أي سلطة خارجية(41). ويضطلع العرف بدورين أساسيين في نطاق القانون المدني: فقد يكون له دوراً أصلياً من خلال سد النقص في التشريع(42)، والقواعد التي ينشئها العرف ، كغيرها من القواعد القانونية ، قد تكون امرة من مثل القاعدة العرفية المقررة للحقوق الثابتة للأجانب في مصر قبل إلغاء الامتيازات الأجنبية ، أو تكون مكملة من مثل القاعدة التي تقضي باعتبار أثاث المنزل مملوكاً للزوجة(43). وقد يكون للعرف دور تابع لقواعد القانون المدني حينما يعاونها في ضبط بعض المعايير المرنة من مثل ما نصت عليه (م537 ) من القانون المدني العراقي ((يدخل في البيع من غير ذكر: ج- كل ما يجري العرف على انه من مشتملات المبيع )) فتحديد مشتملات المبيع يستعين المشرع فيه بالعرف، او في تنظيم المسألة التي يعرض لها النص، من مثل ما نصت عليه (م175) من القانون المدني العراقي من أنه: (( الفوائد التجارية التي تسري على الحساب الجاري يختلف سعرها القانوني باختلاف الجهات ويتبع في طريقة احتساب الفوائد المركبة في الحساب الجاري ما يقضي به العرف التجاري )) ففي هذا النص ترك المشرع تحديد طريقة احتساب الفوائد المركبة في الحساب الجاري للعرف التجاري، او في تفسير قصد المتعاقدين من مثل ما نصت علية (م163) من القانون المدني العراقي من انه: (( 1-المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً. والتعيين بالعرف كالتعيين بالنص 2- والمعروف بين التجار كالمشروط بينهم )). من هنا، فان العرف يعد أحدى الموجهات التي يستعين بها القاضي لتحديد الالتزامات التبعية التي تدخل ضمن دائرة مستلزمات العقد وفقاً لطبيعة العقد الذي يعتريه النقص وهذا ما نصت عليه صراحة (م371) من قانون الموجبات والعقود اللبناني اذ جاء فيها: (( يجب أيضاً على القاضي ان يعتد من تلقاء نفسه بالبنود المرعية عرفاً، وان كانت لم تذكر صراحة في نص العقد ))(44).

كما يمكن للقاضي ان يستعين بالعادة الاتفاقية لتحديد ما يدخل في مستلزمات العقد، اذ ان لها دوراً مهماً في المعاملات القانونية بين الافراد، فهي تكمل وتفّسر العديد من العقود الا أنها لاتقوم بهذا الدور الا على أساس اتجاه ارادة المتعاقدين الى الاخذ بها (45). والمثل على ذلك الشروط المألوفة التي جرت العادة على ادراجها في عقود معينة بحيث أصبحت جزءاً من هذه العقود ولو لم تذكر فيها، الا اذا نص المتعاقدان على استبعادها، وبذلك يجوز لكل من المتعاقدين ان يطالب الاخر بتنفيذ مقتضى هذه الشروط، ولو لم يرد ذكرها في العقد، لانها أصبحت عرفاً بهذا العقد، كالعادة التي جرت في المطاعم والفنادق والمقاهي باضافة نسبة مئوية لحساب الخدمة على الحساب النهائي للعميل(46). 3- العدالة: عّرفت بأنها:(( شعور كامن في النفس يكشف عنه العقل السليم ويوحي به الضمير المستنير ويهدي الى اعطاء كل ذي حق حقه دون الجور على حقوق الاخرين))(47). فجوهر فكرة العدالة هو حصول كل أنسان على حقه، فهي وسيلة لتحقيق التوازن بين المصالح المتعارضة والمحافظة على النظام اللازم لبقاء المجتمع وتقدمه، فلا وجود للنظام بدون العدالة(48). بيد ان قواعد العدالة لا تمدنا بقواعد قانونية منضبطة، والمشرع حينما أحال القاضي الى قواعد العدالة لم يشأ ان يتركه بلا مصدر يرجع اليه اذا ما افتقد الحل للقضية المعروضة امامه في التشريع أو العرف أو مبادئ الشريعة الإسلامية، لذا فأن المشرع حينما أجاز للقاضي ان يرجع الى قواعد العدالة، قصد من ذلك ان يجتهد القاضي رأيه للوصول الى الحل الذي يطبقه على الحالة المعروضة أمامه، مستنبطاً القاعدة التي يراها أقرب الى تحقيق العدالة، مراعياً في ذلك الظروف والملابسات التي تحيط بالمسألة المعروضة أمامه (49). وقد يستعين القاضي بقواعد العدالة لتحديد مضامين بعض القواعد المرنة أو لتعديل البعض من هذه المضامين اذا كان التطبيق الجامد للقاعدة القانونية يؤدي الى الظلم(50). من هنا، أجاز المشرع العراقي للقاضي بموجب نص ( م86/2 ) و(م150/2) من التقنين المدني ان يرجع الى قواعد العدالة لتحديد مضمون فكرة مستلزمات العقد، وما يدخل فيها من التزامات، لتكملة نطاق العقد الذي يشوبه النقص. بيد أن القاضي لا يجوز له ان ينظر الى العدالة على وفق مفهومه الخاص أو أن يُعمل فكرته الشخصية للعدالة عند اكمال نطاق العقد، وانما عليه ان ينطلق من اعتبارات موضوعية تنسجم مع طبيعة العقد، وما يستلزمه مبدأ حسن النية في تنفيذ العقد من قيام المتعاقدين بسلوك المسلك المطابق للثقة المشروعة المتولدة من تبادل الرضا فيما بينهما(51).

من هنا، ذهب جانب من الفقه الى تخصيص المعنى العام للعدالة بمعنى محدد هو” العدالة ذات الطابع الفني” وتعني التوسع في مضمون العقد على وفق قواعد التجربة بحيث يسود التوازن والتناسب بين الاداءات المتقابلة على وفق معايير التجربة الفنية، لا وفقاً للمثالية الشخصية للقاضي، فالعدالة هنا هي العدالة المكملة لاثار العقد عند عدم تنظيم المتعاقدان لآثاره في مسألة معينة(52). والواقع ان المشرع العراقي قد أدرك أن العدالة تتصف بانها فكرة واسعة ولا تحدها حدود، لذا فقد قيد معناها العام والفضفاض حينما ربطها بطبيعة الالتزام، فالعدالة التي يلجأ اليها القاضي عند أكمال نطاق العقد هي المنسجمة مع طبيعة العقد. وقد أستند القضاء الفرنسي الى قواعد العدالة لإثراء مضمون العقد بالعديد من الالتزامات، من مثل الالتزام بالسلامة الذي فرض على عاتق الناقل لمصلحة الراكب(53). والالتزام بعدم المنافسة الذي فرض على عاتق بائع المحل التجاري لمصلحة المشتري بان لا ينافسه بما يؤدي الى انتزاع عملاء المتجر(54)، والتزام العامل بعدم أفشاء الأسرار الصناعية الخاصة بالمصنع الذي يعمل به(55). ومن الالتزامات التي تقتضيها العدالة، ان البائع لا يلتزم فقط بنقل ملكية المبيع، ولكنه يلتزم ايضاً بالامتناع عن كل عمل من شأنه أن يجعل نقل الملكية مستحيلاً او عسيراً (م535 مدني عراقي )، وكذلك ان الدائن عندما يستوفي حقه من الكفيل فعليه ان يسلمه كل المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع على المدين بما وفاه ( م1026 -1 مدني عراقي ). وحري بالذكر بعد هذا، ان خلافاً قد نشب في الفقه حول مدى التزام القاضي بالترتيب الذي ورد في (م150/2) مدني عراقي والنصوص المقابلة لها(56) ، حينما يشرع بأكمال نطاق العقد ، وقد أنقسم إلى فريقين :

يرى أولهما ان القاضي عليه أن يتقّيد بالترتيب الذي ورد في نص (م150/2) مدني عراقي والنصوص المقابلة لها في القانون المقارن، فلا يجوز للقاضي ان يرجع الى العرف الا عند عدم وجود قاعدة في القانون، ولا الى العدالة الا عند عدم وجود قاعدة في العرف(57). بينما يرى ثانيهما، وهو ما نميل اليه ونتبناه، ان القاضي يكمل نطاق العقد بالرجوع الى الموجهات الثلاث السابقة مجتمعة، فاذا وجد القاضي ما يكمل نطاق العقد في قواعد القانون، فيمكنه ان يستمر في البحث عن تكملة أخرى في العنصرين التاليين، لأنه بصدد تحديد مستلزمات العقد التي قد توجد موزعة على العناصر الثلاثة، فتعدد المستلزمات لايعني تعارضها وإنما تكاملها(58). ما يؤيد التحليل السابق، أن القاضي سيكون خاضعاً لرقابة محكمة التمييز او النقض عند اكمال نطاق العقد من حيث تحديد معنى مستلزمات العقد، والالتزامات التي تدخل في نطاقها، فاذا أهمل في ادخال التزام كان يجب ان يضيفه الى مضمون العقد، او أذا زاد التزاماً ما كان يصح ان يرتبه على العقد كان هذا مؤدياً الى نقض الحكم(59).

________________

1- أنظر: د. وليم سليمان قلادة، التعبير عن الإرادة في القانون المدني المصري، ط1، المطبعة الحديثة-القاهرة، 1955، ص348. ود. حلمي بهجت بدوي، أصول الالتزامات، الكتاب الأول –نظرية العقد، مطبعة نوري – القاهرة، 1943، ص274. ود. محمد صبري السعدي، شرح القانون المدني الجزائري، النظرية العامة لللاتزامات، ج1، مصادر الالتزام، ط1، دون مكان نشر، 1986، ص319. ود.عبد المجيد الحكيم، الموجز، مرجع سابق، ص388. ود. غني حسون طه، مرجع سابق، ص353.

Henri et Léon ،Jean Mazeaud ،François chabas ،Leçons De droit civil ، 8 édition ، paris 1991 ، p.319-320.

2- أنظر: د. وليم سليمان قلادة، مرجع سابق، ص348.

3- المرجع نفسه، ص349.

4- المرجع نفسه، ص349.

5- المرجع نفسه، 353.

6- أنظر: د. حلمي بهجت بدوي، مرجع سابق، ص274.

Henri et Léon ،Jean Mazeaud ،François chabas، op .cit ، p.320.

7- أنظر: جاك غستان ، مفاعيل العقد وآثاره ، مرجع سابق ،ص80-81 ، د. حسام الاهواني، مرجع سابق، ص204. ود. عبد الرحمن عياد، مرجع سابق، ص110. ود. سمير عبد السيد تناغو، مرجع سابق، ص418-419.

Alex Weili ،François Terré ، op .cit ،p.369.

8- ونصها بالفرنسية:

(( on doit suppléer dans les contrats les clauses qui Y sont d’ usage ،quoiqu’ ellesn’y soient pas expimeés)).

9- أنظر: جاك غستان، مفاعيل العقد أو اثاره، مرجع سابق، ص80.

10- أنظر: جاك غستان، مفاعيل العقد أو اثاره، مرجع سابق، ص81.

11- وقضت محكمة النقض الفرنسية في هذا المعنى بما نصه (( اذا كان الانصاف او العادة ينبغي أخذها بنظر الاعتبار عند تفسير العقد، فليس بامكان القاضي التمسك بها لتجنيب أحد المتعاقدين القيام بتعهداته الواضحة والدقيقة التي التزم بها بحرية)) حكم محكمة النقض الفرنسية في 2 كانون الاول 1947 اشار اليه جاك غستان، مفاعيل العقد أو اثاره، مرجع سابق، ص60 حاشية رقم (7).

12- المرجع نفسه، ص81.

13- فقد نقضت محكمة النقض الفرنسية حكم محكمة استئناف باريس الذي فرض على المصرف الذي أودعت لديه قيم منقولة التزام بالاعلام عن الشركة مصدرة هذه السندات بحجة ان (( المصرف اذا كان يضطلع بحسب العرف بالالتزامات التابعة للعقد والملازمة لحيازة هذه السندات والحقوق المرتبطة بها وردها، فان العرف أو الانصاف او القانون لا تلزم المصرف باعلام المودع بالحدث الذي يصيب حياة الشركة مصدرة هذه السندات )) حكم الغرفة التجارية في محكمة النقض الفرنسية في 9كانون الثاني 1990، النشرة المدنية، V1، رقم 2، ص2 اشار اليه جاك غستان ، مفاعيل العقد او اثاره ، مرجع سابق ،ص78حاشية رقم 4.

14- انظر: د. عبد الرحمن عياد، مرجع سابق، ص111.

15- انظر: د. اسماعيل غانم، مرجع سابق، ص309.

16- انظر: الاستاذ هنري كابيتان، دور القضاء في تطوير القانون ومهمة الفقه في دراسة الاحكام، مقدمة كتاب ((الاحكام الكبرى في القضاء المدني )) ، ترجمة د. عباس حسن الصراف، منشور في مجلة القضاء العراقية، ع2، س15، 1957، ص215.

17- انظر: د. صلاح الدين الناهي، أهم القرارات والاجتهادات القضائية، ج1، مطبعة الحوادث – بغداد، 1973، ص4.

18- أنظر:د. محمد شتا أبو سعد، مرجع سابق، ص621. وقد مّدَ القضاء التقنين المدني بالعديد من النظريات من مثل نظرية التعسف في استعمال الحق ونظرية الحوادث الطارئة، والمسائل التفصيلية من مثل وجوب المطالبة القضائية بالفوائد والشرط الجزائي. د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، ج1، مرجع سابق، ص52.

19- وفي نفس المعنى نصت (م1/ف2) من القانون المدني المصري على انه: (( فاذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكم القاضي بمقتضى العرف، فاذا لم يوجد فبمقتضى مباديء الشريعة الاسلامية، فاذا لم توجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة )).

وهذا ما أشارت له لجنة القانون المدني المصري بقولها (( فهو – أي المشرع – لا يقطع الصلة بين الحاضر والماضي ولكنه يتخذ الصالح من أوضاع هذا الماضي أساساً له ويستحدث من الاحكام ما اقتضته ضرورات التطور، ويعتمد في ذلك على الثروة التي أسفرت عنها اجتهاد القضاء المصري بوجه خاص )) مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ،ج1،ص119.

-20 Alex Weili ،François Terré ،op.cit ،p.370.

-21 Ibid ، p.369. ومن الفقه العربي انظر: د. سمير عبد السيد تناغو، مرجع سابق، ص419.

22- وفي هذا المعنى قضت محكمة النقض المصرية بما نصه: (( مفاد نص المادة138من القانون المدني القديم ان تحديد نطاق العقد لا يقتصر على الزام المتعاقد بما ورد فيه على وجه التخصيص والافراد وانما يضاف اليه مايعتبر من مستلزماته وفقاً لطبيعة الالتزام )) طعن 343 لسنة 23ق.جلسة 9/1/58، س9، ص12اشار اليه عبد المنعم دسوقي، مرجع سابق، ص219.

23- أنظر: د. حسام الاهواني، مرجع سابق، ص204.

24- انظر: د. علي نجيدة، النظرية العامة للالتزام، الكتاب الاول، مصادر الالتزام، دار الثقافة العربية – القاهرة، 2002، ص277. ود. محسن عبد الحميد البيه، النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام، ج1، المصادر الارادية، مكتبة الجلاء الجديدة – المنصورة، 1993، ص366.

25- تنص ( م199) من القانون المدني الاردني على انه: (( 1-يثبت حكم العقد في المعقود عليه وبدله بمجرد انعقاده دون توقف على القبض أو أي شيء اخر ما لم ينص القانون على غير ذلك 2-اما حقوق العقد فيجب على كل من الطرفين الوفاء بما اوجبه العقد عليه منهما)).

وتنص (م243) من قانون المعاملات المدنية الاماراتي على انه: ((1-يثبت حكم العقد في المعقود عليه وبدله بمجرد انعقاده دون توقف على القبض او أي شيء اخر، مالم ينص القانون على غير ذلك.2- اما حقوق العقد (التزاماته) فيجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد عليه منها)).

26- انظر: د. عبد الناصر توفيق العطار، مصادر الالتزام الإرادية في قانون المعاملات المدنية الإماراتي، دون مكان نشر، 1997، ص192.

27- أنظر: د. عبد القادر الفار، مصادر الالتزام، مكتبة دار الثقافة –عمان، دون سنة نشر، ص125. ود. إبراهيم الدسوقي أبو الليل، مرجع سابق، ص269.

28- حكم محكمة القاهرة الابتدائية في 26حزيران /1954، مجلة المحاماة المصرية، ع1، س35، ص152.

29- تنص المادة (150/ف2) من القانون المدني العراقي على انه:(( ولا يقتصر العقد على الزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول ايضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام )). وتنص ( م86/ف2) من القانون المدني العراقي على انه: (( واذا أتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل فيعتبر العقد قد تم، واذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فان المحكمة تقضي فيه طبقاً لطبيعة الموضوع ولاحكام القانون والعرف والعدالة )).

30- وقد نقضت محكمة النقض الفرنسية حكم محكمة استئناف باريس الذي فرض التزاماً بالاعلام على احد المصارف لان (( المصرف اذا كان يضطلع بحسب العرف بالالتزامات التابعة للعقد والملازمة لحيازة هذه السندات والحقوق المرتبطة بها وردها، فان العرف أو الانصاف أو القانون لا تلزم المصرف باعلام المودع بالحدث الذي يصيب حياة الشركة مصّدرة هذه السندات )). حكم الغرفة التجارية في محكمة النقض الفرنسية في 9كانون الثاني 1990، النشرة المدنية V1، رقم2، ص2 اشار اليه جاك غستان، مفاعيل العقد او اثاره، مرجع سابق، ص78حاشية رقم4.

31- انظر: د. سمير عبد السيد تناغو، مرجع سابق، ص150. ود. محمد صبري السعدي، مرجع سابق، ص318. ود.علي نجيدة، مرجع سابق، ص226.

32- كالمادة (148/ف2) من القانون المدني المصري التي نصت على انه: (( ولا يقتصر العقد على الزام المتعاقد بما ورد فيه. ولكن يتناول ايضاً ما هو من مستلزماته، وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام )) والمادة 107/2 من القانون المدني الجزائري التي نصت على انه:((ولا يقتصر العقد على الزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب بل يتناول ايضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام)).

33-قضت محكمة النقض المصرية بما نصه:(( تحديد نطاق العقد- على ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 148 من القانون المدني منوطاً بما اتجهت إليه إرادة عاقديه وما يعتبر من مستلزماته وفقاً للقوانين المكملة والمفسرة والعرف والعدالة بحسب الالتزام)) طعن رقم 1845 لسنة49ق-جلسة12/4/83 س34، ص 948 اشار اليه عبد المنعم دسوقي، مرجع سابق، ص221.

34- انظر: د. محسن البيه، مرجع سابق، ص367.

35- أنظر: د. محمد السيد احمد عبد الله، نظرية العقد في قانون المعاملات المدنية الإماراتي، دار النهضة العربية – القاهرة، 1995، ص211.

36- وقضت محكمة التمييز في هذا المعنى بما نصه:(( ان العقد الذي يستند اليه المدعي لم يعين محل التسليم فكان على المحكمة ان تجنح الى تطبيق احكام ف1 من م541مدني اذ ان مطلق العقد يقتضي تسليم المبيع في المحل الذي هو موجود فيه وقت التعاقد واذا لم يتعين محل وجوده اعتبر مكانه محل اقامة البائع ……)) قرار رقم 918/مدنية ثالثة/1975 في 3/2/1976، مجموعة الاحكام العدلية، ع1، س7، 1976، ص21.

37- تنص ( م573) من القانون المدني العراقي على انه: (( اذا كان مكان اداء الثمن معيناً في العقد لزم اداؤه في المكان المشترط اداؤه فيه، فاذا لم يعين المكان وجب اداؤه في المكان الذي يسلم فيه المبيع، واذا لم يكن الثمن مستحقاً عند تسليم المبيع وجب الوفاء به في موطن المشتري وقت الاستحقاق، ما لم يوجد عرف أو قانون يقضي بغير ذلك )) ونصت (م575/2) من القانون المدني العراقي على انه:(( ويجب على المشتري أن ينقد الثمن اولاً في بيع سلعة بنقد ان احضر البائع السلعة. اما اذا بيعت سلعة بمثلها او نقود بمثلها فيسلم المبيع والثمن معاً )).

38- انظر المواد من 550-568 من القانون المدني العراقي. وقضت محكمة التمييز في ما يتعلق بضمان العيوب الخفية بما نصه:(( اذا تعهد البائع بمسوؤليته عن أي عيب يظهر في المبيع لمدة معينة، فلا يجوز رد دعوى المدعي بحجة ان العيب الذي ظهر في المبيع هو عيب ظاهر لان تعهد المدعى عليه(البائع) يشمل العيوب الظاهرة والخفية، ذلك ان اقتصار التعهد على العيوب الخفية لا يحتاج الى سند تعهد لان القانون قد ألقى على البائع ضمان العيوب الخفية”المادتان559و570″)) قرار رقم 1389/مدنية ثانية/83-84 في 7/7/1984 مجموعة الاحكام العدلية، ع1-4، 1984، ص19.

39- انظر المواد من 750-763 من القانون المدني العراقي. وقضت محكمة التمييز في هذا المعنى بما نصه:(( لدى التدقيق والمداولة وجد ان الحكم المميز مخالف للقانون لان المحكمة لم تراع احكام المادتين 763/2و764/2 من القانون المدني بالنسبة للاضرار المحدثة في الماجور، ذلك ان المادة 763/2 تقضي بالزام المستاجر بالاضرار الطفيفة التي يلزم بها العرف كالزجاج والاقفال والمصابيح الكهربائية وما الى ذلك، اما المادة764/2 فانها تقضي بان يكون هناك استعمال غير اعتيادي في بقية الاضرار……))قرار رقم 525/م6/1977 في 17/11/1977، مجموعة الاحكام العدلية، ع3و4، س8، 1977، ص24.

40- انظر: د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط ج1، مرجع سابق، ص839.

41- أنظر: د. سمير إسماعيل، دور العرف في القانون، بحث منشور في مجلة المحامين السورية، ع6، س47، 1982، ص608.

42- نصت (م1/ف2) من القانون المدني العراقي على انه: (( فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكنه تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف … )) وتطبيقاً لذلك قضت محكمة التمييز في حكم لها برقم 2332 – ص-1956 في 3-2-1957 بما نصه: (( يكون للعرف قوة القانون إذا لم يوجد نص تشريعي )) مجلة القضاء العراقية، ع3، س15، 1957، ص406.

43- انظر: د. عبد المنعم فرج الصدة، أصول القانون، ط1، القاهرة، 1965، ص130. علماً بأن القضاء العراقي قد أقر هذا المبدأ العرفي المصري، فقد قضت محكمة التمييز في حكم لها برقم 200/تمييزية /1980 في 14/10/1980 بما نصه: (( لدى التدقيق والمداولة تبين ان التمييز واقع ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على القرار المميز واللائحة التمييزية وجد ان القرار المميز صحيح وموافق للقانون بالنظر لان دفع المميز كون المميز عليها تنازلت عن كافة حقوقها الشرعية وتشمل هذه الحقوق ممتلكات الممييز عليها والتي هي عبارة عن الاثاث البيتية فدفع غير وارد لان هذه الممتلكات ملك خاص للميز عليها ولا تدخل ضمن الحقوق الشرعية التي تترتب بذمة الزوج كالمهر والنفقة وما شابه ذلك من الحقوق…..)) مجموعة الاحكام العدلية، ع4، س11، 1980 ص91.

44- وقد قضت محكمة التمييز في هذا المعنى بما نصه: (( اذا لم تتعين مدة تسليم المبيع في العقد يصار الى العرف بحكم (م171) من قانون التجارة، وعليه لاتسمع الدعوى المقامة بطلب فسخ عقد بداعي عدم تسليم المبيع الذي لم يعين تاريخ تسليمه اذا ثبت ان اوان التسليم عرفاً لم يحن بعد)) قرار رقم 265/ب/1947 في 6-12-1947 ، مجلة القضاء العراقية ،ع3،س6، 1948 ،ص65.

45- وهنا يكمن الفرق بين العادة الاتفاقية والعرف المكمل، فالاخير يلزم المتعاقدين اذا لم يتفقا على ما يخالف حكمه بينما العادة الاتفاقية لا تلزم المتعاقدين الا اذا اتفقا على الاخذ بها، بيد ان العادة الاتفاقية قد تصل الى درجة العرف المكمل في حالتين: أولاهما – عندما يحيل المشرع بمقتضى نص الى العادة الاتفاقية، فيرفعها بذلك الى منزلة العرف الملزم ما لم يتفق المتعاقدان على خلاف حكمها وثانيهما – ان العادة قد تتحول الى عرف عن طريق الاشخاص الذين يراعونها في سلوكهم، فكلما استقرت العادة وانفصلت عن الارادة الشخصية للمتعاقدين، واصبحت اكثر اتصالاً بالارادة الجماعية للافراد كلما سارت في طريق التحول الى عرف. انظر: د. عبد المنعم فرج الصدة، مرجع سابق، ص131.

46- انظر: د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، ج1، مرجع سابق، ص840.

47- انظر: د. محمود السقا، اضواء على تاريخ النظم الاجتماعية والقانونية، دار النهضة العربية – القاهرة، 1991، ص158.

48- انظر: د. محمد جمال عطية عيسى، أهداف القانون بين النظرية والتطبيق، بحث منشور في المجلة القانونية والاقتصادية، تصدر من كلية الحقوق – جامعة الزقازيق، ع7، 1995، ص189.

49- انظر: د. عبد المنعم فرج الصدة، مرجع سابق، ص152. وجاء في المذكرة الايضاحية للقانون المدني المصري ما نصه: (( ولم يشأ المشروع ان يجاري التقنين المدني السويسري فيأذن للقاضي ان يطبق في هذه الحالة ما كان يضع هو من القواعد لو عهد اليه بامر التشريع ( م1ف2 ) بعد ان اخذ على هذه الصيغة من ناحية الشكل انها تخول القضاء حق انشاء الاحكام القانونية مع ان عمله ينحصر في تطبيق هذه الاحكام فحسب، ولم يشأ المشروع كذلك ان يحيل القاضي الى المبادئ العامة في قانون الدولة (م3 ) من التقنين المدني الايطالي الجديد أو الى مبادئ القانون العامة حسب (م1 ) من التقنين الصيني بل احتفظ بعبارتي القانون الطبيعي والعدالة واذا كانت عبارات التقنينات الحديثة تفضل هاتين العبارتين من بعض الوجوه بسبب ما يؤخذ عليهما من الابهام الا ان الواقع ان هذه العبارات جميعاً لاترد القاضي الى ضابط يقيني وانما هي تلزمه ان يجتهد رأيه حتى يقطع عليه سبيل النكول عن القضاء، وهي تقتضيه في اجتهاده هذا أن يصدر عن اعتبارات موضوعية عامة لا عن تفكير ذاتي خاص )) مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، ج1، ص188.

50- جاء في حكم لمحكمة التمييز برقم 972 ح/67 في 20/4/68 ما نصه: (( ان قواعد العدالة تقضي على المحكمة ان لا تتجاوز في تقدير قيمة الملك المستملك بدلات ما جاوره من أملاك وليس بينها أي تفاضل أو امتياز )) مجلة القضاء العراقية، ع4، س23، ص126.

-51 Philippe Malaure ، Laurent Aynès ،Cours de droit civil ،Les obligations ، 6 édition ، paris ،1995 ، p .352.

52- انظر: د. محسن البيه، مرجع سابق، ص369.

53- تنص ( م10) من قانون النقل العراقي رقم 80 لسنة 1983 على انه: (( اولاً – يسأل الناقل عن الاضرار التي تصيب الراكب اثناء تنفيذ عقد النقل. ويبطل كل اتفاق يقضي باعفاء الناقل كلياً او جزئياً من هذه المسؤولية )).

54- وقد اخذ به المشرع العراقي في قانون التجارة الملغي رقم 149 لسنة 1970، اذ نصت (م76/2)على انه:(( لا يجوز لمن تصرف في المتجر بنقل ملكيته الى الغير ان يزاول تجارة مماثلة لنشاط المتجر بكيفية يترتب عليها ضرر لمن الت اليه الملكية الا اذا اتفق على خلاف ذلك)) ولا يوجد نظير لهذا النص في قانون التجارة النافذ رقم 30 لسنة 1984.

55- انظر: جاك غستان، مفاعيل العقد أو اثاره، مرجع سابق، ص72 وما بعدها. وقد نصت (م35) من قانون العمل العراقي رقم 71 لسنة 1987 على انه:(( يحظر على العامل ان: اولاً_ يفشي الأسرار التي يطلع عليها بحكم عمله حتى بعد تركه العمل)).

56- كالمادة (1135) من القانون المدني الفرنسي و(م148/2) من القانون المدني المصري.

57- انظر د. عبد الحي حجازي، النظرية العامة للالتزام، ج2، مصادر الالتزام، مطبعة نهضة مصر – القاهرة، 1954، ص140. ود. محسن البيه، مرجع سابق، ص270.

58- انظر: د. حسام الاهواني، مرجع سابق، ص206.

59- وتطبيقاً لذلك نقضت محكمة النقض الفرنسية حكم محكمة استئناف بوردو التي وضعت على المستأجر التزام بتأمين نفسه بحجة ان رأس مال الشركة المستأجرة لا يترك أي إمكانية للمؤجر للحصول على تعويض عن الاضرار التي يسببها الحريق، وكان هذا التعليل موضع نقض استناداً الى المادة (1134) من القانون المدني الفرنسي، ذلك لان محكمة الاستئناف (( أضافت الى الالتزامات الواردة في عقد الايجار التزاماً على عاتق المستأجر )) نقض مدني في 20 كانون الاول 1989، النشرة المدنية 111، رقم 243، ص132 اشار اليه جاك غستان، مفاعيل العقد أو اثاره، مرجع سابق، ص79 حاشية رقم 2.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .