المملكة ومكافحة غسيل الأموال
ديمه بنت طلال الشريف
‏مستشارة قانونية، عضو الاتحاد الدولي للمحامين

التطور التجاري والتنمية الاقتصادية يعدان من أهم أهداف ومميزات رؤية المملكة 2030 وخطط التحول الوطني. ومع فتح باب الاستثمار وتشجيع التجارة بكافة أنواعها لابد من التصدي الصارم لجميع عمليات غسيل الأموال المنهكة للاقتصاد بإختلاف أغراضها والتي من أهمها عمليات تمويل الإرهاب.

غسيل الأموال مصطلح متشعب جداً ولكن فكرته واحدة وهي محاولة تغطية المصدر الغير قانوني للأموال بغطاء قانوني تمر من خلاله ويكسبها الصفة القانونية والمشروعة. ومع تطور التكنولوجيا أصبحت وسائل وطرق غسيل الأموال متعددة ومتفاوتة المستويات، فمثلاُ تدخل تجارة المخدرات والأسلحة ضمن طرق غسيل الأموال بهدف تغطية المصدر الغير مشروع لها، ولضخامة حجم الأموال التي تدخل في دوامة غسيل الأموال تم إنشاء مؤسسات مالية خاصة دورها يرتكز فقط على توفير الصبغة الشرعية والقانونية للأموال الغير مشروعة وهي تكثر بصورة كبيرة على شبكة الانترنت.

إلى جانب هذه الوسيلتين، تم إدراج صناعة العقار ضمن وسائل غسيل الأموال من خلال بعض مكاتب العقار الصورية التي تتولى الاتجار بالعقارات المختلفة وإعادة عرضها للعامة لتنقيح هذه الأموال.

بالطبع أصبحت الشبكة العنكبوتية الآن حقل خصب لأدوات ووسائل غسيل الأموال وتبييضها، ومن ضمن هذه الوسائل الألعاب الالكترونية عبر الانترنت والتي تتطلب تحويل مبالغ معينة من المال وإن كانت قليلة، والتي طالما أزعجت الكثير منا إعلانات العمل من المنزل أو الفرص الوظيفية الوهمية. حيث أن هذه الطرق تعد ذريعة لغاسلي الأموال تسهل لهم تحويل المبالغ المالية من حساب لآخر وعلى مستوى عالمي ايضاً.

وفيما يخص التصدي لهذه الجريمة، حاربت المملكة منذ عام 1424هـ ظاهرة غسيل الأموال من خلال إصدارها لنظام مكافحة غسل الأموال وماتبعه من إنشاء لوحدة تحريات مالية تتبع لوزارة الداخلية، حيث تهدف هذه الوحدة بشكل أساسي إلى التصدي للجريمة المنظمة وغسيل الأموال ومايتبعه من أضرار. وتجلى هذا التصدي الصريح في تكوين العديد من وحدات مكافحة غسل الأموال تحت إشراف مؤسسة النقد السعودي وكذلك إلزام البنوك المحلية بتكوين وحدة خاصة بكل بنك تهدف إلى حماية النظام المصرفي ومراقبة أي عمليات يشتبه اتصالها بغسيل الأموال أو أي جريمة أخرى.

وفي ظل تكاتف المملكة مع الدول الأخرى لمحاربة هذه الجريمة، تبنت توصيات فريق العمل المالي (FATF) الأربعون لمكافحتها والصادرة في عام 1990م بل واجتازت ايضاً في عام 2004م التقييم المشترك لفريق العمل المالي. كل هذه جهود ترسم للمملكة مسار سليم وصحي لاقتصادها تحميه من أضرار جرائم غسل الأموال وتحافظ على استقرارها وسيادتها من عمليات الإرهاب التي ينبع منها هذا النوع من الجرائم.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت