العقوبة الأصلية لجريمة تزييف الأختام :

أفردت قوانين العقوبات نصوصاً لتجريم تزييف الأختام وفرض العقاب على من يقترف هذه الجريمة . الا انها اختلفت في مقدار عقوبة الجريمة . واختلاف التشريعات في ذلك يرجع لاختلاف المحل الذي ترد او تقع عليه الجريمة . وقد بينت المادة (139) من قانون العقوبات الفرنسي القديم لسنة 1810 عقوبة جريمة تزييف الأختام وجعلتها الاشغال الشاقة مدى الحياة اذا كان محل الجريمة ختم من أختام الدولة فضلاً عن اتلاف ومصادرة الأختام المزورة . وبذلك شدد المشرع الفرنسي من عقوبة الجريمة اذا كان الختم الواقع عليه التزييف من أختام الدولة بينما لم يعاقب المشرع الفرنسي على تزييف الأختام الغير حكومية واكتفى بالعقاب على تزييف الأختام الحكومية دون غيرها . وبعد صدور قانون العقوبات الفرنسي الجديد لسنة 1992 يُلاحظ ان المشرع الفرنسي قد خفف من عقوبة الجريمة اذ جعلها السجن ست سنوات فضلاً عن غرامة تقدر ( بمليون فرنك ) وتُفرض هاتان العقوبتان على من يزيف الأختام الحكومية وفضلاً عن تجريم الاعتداء على هذا النوع من الأختام يلاحظ ان المشرع الفرنسي قد اضفى الحماية الجنائية على نوعٍ اخر من الأختام وهو أختام الدول الاجنبية ليعاقب من يزيفها بنفس عقوبة الجريمة (1). وفي قانون العقوبات المغربي اختلفت عقوبة تزييف الأختام فيه تبعاً لاختلاف وتغير محل الجريمة . فقد شدد المشرع المغربي من عقوبة تزييف خاتم الدولة ليجعلها عقوبة الجناية وعاقب على تزييف خاتم الدولة بقسوة وشدة اذ جعل عقوبة تزييف الأختام اذا كان محل الجريمة هو خاتم الدولة السجن المؤبد فشدد في عقوبة الجريمة ليقمع كل من يحاول تزييف خاتم الدولة لخطورة هذه الجريمة ومساسها بالمصلحة العامة واخلالها بالثقة العامة (2) .

اما اذا كان محل الجريمة هو ختم جهة من جهات الدولة وليس خاتمها الرسمي . أي اذا كان محل الجريمة لأي سلطة من سلطات الدولة فقد جعل المشرع المغربي عقوبة الجريمة هي عقوبة الجنحة اذ حدد عقوبة الجريمة سنة على الاقل ولا تزيد بكل الاحوال على خمس سنوات واضاف الى ذلك غرامة (من 250 الى 10000 درهم ) ، وبذلك خفف المشرع المغربي من عقوبة تزييف الأختام اذا كان محلها ختم سلطة او ادارة معينة من ادارات اوسلطات الدولة ولم يرفعها لعقوبة تزييف خاتم الدولة الرسمي وذلك لان المشرع المغربي يرى ان تزييف أختام الجهات والسلطات اقل خطورة من تزييف خاتم الدولة ، وبسبب ذلك حدد المشرع عقوبة الجنحة لهذه الجريمة وجعل عقوبة تزييف خاتم الدولة هي عقوبة الجناية ، وحددها بالسجن المؤبد (3) ، اما أختام الجهات الخاصة والافراد فيلاحظ ان المشرع المغربي لم يعاقب على تزييف هذه الأختام ، واقتصر في العقاب على تزييف أختام الدولة سواء الخاتم او أختام السلطات الاخرى ، وقد عاقب قانون العقوبات الاردني على تزييف الأختام وفرق بين نوعين من العقوبة مستنداً على نوع الختم المزيف والجهة التي تستخدمه كأساس للتفريق والتفاوت في نوع العقوبة المفروضة على تزييف الأختام (4) . فجعل المشرع الاردني عقوبة الجناية عقوبة واقعة على من يزيف خاتم الدولة او ختم الملك ، واشترطت ان لا تقل العقوبة عن سبع سنوات على الاقل . فحدد الحد الادنى للعقوبة وبين ان عقوبة الجريمة هي الاشغال الشاقة سبع سنوات على الاقل كعقوبة لمن يزييف خاتم الدولة او الملك . وهذا ما اشتملت عليه المادة (236 ) من قانون العقوبات الاردني (5) . بينما نصت المادة (237) من قانون العقوبات الاردني الجريمة اذا كان محلها ختم خاص بادارة عامة او احد موظفي الدولة وحدد عقوبة الجريمة بالحبس لفترة تتراوح ما بين سنة الى ثلاث سنوات واضاف عليها غرامة مابين عشر الى خمسين ديناراً . فجعل عقوبة الجريمة عقوبة جنحة ، والسبب في ذلك هو اختلاف محل الجريمة. فمحل الجريمة هنا هو ختم ادارة عامة او احد موظفي الدولة بينما في المادة (236) محل الجريمة هو ختم الدولة او الملك . اذ ان تزييف ختم الدولة او الملك بنظر المشرع الاردني يكون اكثر خطورة ومساسا بالمصلحة العامة من تزييف ختم أي ادارة عامة او احد موظفي الدولة . لذلك شدد المشرع في العقوبة في المادة (236)وجعلها عقوبة الجناية بينما خفف العقوبة في المادة (237) وجعلها عقوبة الجنحة (6) .

ويلاحظ ان المشرع الاردني لم يعاقب على تزييف الأختام غير الحكومية وانما اقتصر في العقاب على التزييف الواقع على الأختام الحكومية فقط . اما قانون العقوبات المصري فقد حدد ثلاث عقوبات للتزييف الواقع على الأختام واساس الاختلاف والتفاوت ما بين هذه العقوبات يرجع الى اختلاف محل الجريمة . فقد رفع المشرع المصري من عقوبة الجريمة وجعلها الاشغال المؤقتة او السجن اذا كان محل الجريمة هو ختم الدولة او أي جهة من جهاتها او موظفيها فشدد المشرع المصري من عقوبة الجريمة والسبب وراء ذلك هو ان محلها تابع للدولة وتزييفه يؤدي الى المساس بالمصلحة العامة وسيادة الدولة اكثر من التزييف الواقع على الأختام غير الحكومية (7) . بينما خفف المشرع المصري من عقوبة الجريمة ، واشترط ان لا تزيد مدة العقوبة على خمسة سنوات إذا كان محل الجريمة أي الختم خاص بجهة غير الدولة او غير عامة وإنما لجهات خاصة منشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً وذات نفع عام فاشترط المشرع المصري هذه الشروط وجعل عقوبة الجريمة في هذه الحالة هي عقوبة الجنحة (8). ثم عاد المشرع المصري وحدد عقوبة وسطاً مابين العقوبتين برفع الحد الأقصى لعقوبة الجنحة التي حددها للعقاب على تزييف أختام الجهات الخاصة اذ اشترط المشرع المصري على ان لا تزيد عن خمس سنوات بينما نجده قد رفع الحد الأقصى للعقوبة واشترط على ان لا تزيد عن سبع سنوات اذا ماكان محل الجريمة خاص بجهة خاصة تشترك الدولة او احدى الهيئات العامة في مالها بنصيب ما وباية صفة ، ورفع المشرع من الحد الاقصى للعقوبة في هذه الحالة لارتباط هذه الجهة الخاصة واشتراكها مع الدولة او احدى الهيئات العامة في مال تلك الجهة بنصيب ما وبأية صفة ، فجعل عقوبة الجريمة في هذه الحالة وسطاً ما بين عقوبة الجناية في الحالة الاولى أي اذا كان محل الجريمة تابعاً للدولة وعقوبة الجنحة كما في الحالة الثانية أي اذا كان محل الجريمة تابعاً لجهة خاصة فكانت العقوبة مابين هاتين العقوبتين اذا كان محلها مشتركا ما بين الدولة وجهة خاصة(9).

والعقوبة الاصلية لجريمة تزييف الأختام اختلفت وتنوعت وتفاوتت باختلاف محل الجريمة ، فقانون العقوبات العراقي نص في المادة (275) على انه ((يعاقب بالسجن (10) . من قلد او زور سواء بنفسه او بواسطة غيره ختم الدولة او ختم او امضاء رئيس الجمهورية او ختماً او علامة للحكومة او إحدى دوائرها الـرسمية او شبـه الرسمية او أحد موظفيها او توقيعه او دمغات الذهب والفضة المقررة قانوناً )) فجعل المشرع العراقي عقوبة الجريمة هي عقوبة الجناية اذا كان محل الجريمة ختماً للدولة او احدى دوائرها او موظفيها . فشدد من عقوبة الجريمة وجعلها السجن المؤقت ما بين خمس الى خمس عشرة سنة وعلى المحكمة الحكم بها وتقدر العقوبة بمقدار خطورة الجاني وجسامة فعله . وقد خفف المشرع العراقي من عقوبة الجريمة اذا كان محل الجريمة أختام غير حكومية . اذ جعل عقوبة الجريمة السجن على ان لا تزيد عن عشر سنوات أي ان عقوبة الجريمة تتراوح مابين خمس الى عشر سنوات اذا كان محل الجريمة أختام غير حكومية . فعقوبة الجريمة في كلتا الحالتين هي عقوبة الجناية الا ان المشرع العراقي خفف من العقوبة في حالة كون محل الجريمة أختام غير حكومية بتحديد الحد الاقصى للعقوبة على ان لا يزيد على عشرة سنوات ، بينما رفع الحد الاقصى الى خمس عشرة سنة في حاله ان التزييف واقع على ختم حكومي والاختلاف والتفاوت في مقدار العقوبة في نظر المشرع العراقي يرجع الى ان التزييف الواقع على الأختام الحكومية يكون اكثر إخلالاً بالثقة العامة لانها تضعف الثقة فيها مما يؤدي الى الاضرار بالمصلحة العامة وبالتالي الى المساس بسيادة الدولة . لذلك شدد المشرع من عقوبة الجريمة اذا كان محلها تابع للدولة وجعلها السجن المؤقت ولم يحدد الحد الاقصى للعقوبة كما فعل في حالة اذا كان محل الجريمة أختام غير حكومية ، ليردع الجاني وغيره ويمنعهم من ارتكاب الجريمة (11).

يتضح لنا مما تقدم ان التشريعات في عقابها على تزييف الأختام لم تاخذ اتجاهاً معيناً وانما اختلفت عقوبة الجريمة وتفاوتت باختلاف محل الجريمة. وباختلاف محل الجريمة اختلفت التشريعات الجنائية في العقاب ولم تعتمد معياراً معيناً . فمنها من لم يعاقب الا على تزييف الأختام الحكومية ومن ثم عادت وفرقت وفاوتت في عقوبة تزييف تلك الأختام وان كانت جميعها حكومية تبعاً لاختلاف الجهة صاحبة الختم فاذا كانت الدولة أي خاتم الدولة او الملك شددت في العقوبة ورفعتها لتكون عقوبة الجناية وان كانت الجريمة واقعة على ختم أي جهة اخرى من جهات الحكومية أي ادارة عامة او احد موظفي الدولة فأنها خففت من العقوبة وجعلتها عقوبة الجنحة . فضلاً عن انها لم تعاقب الا على تزييف الأختام الحكومية فقط ورأت بأنها هي التي تصلح ان تكون محلاً للحماية دون غيرها . ومن هذه التشريعات المغربي والاردني . وهناك تشريعات عاقبت على تزييف الأختام سواء اكانت حكومية أم غير حكومية ، وجعلت عقوبة الجريمة في كلتا الحالتين هي عقوبة الجناية الا انها عادت وخففت من عقوبة تزييف الأختام غير الحكومية بتحديدها الحد الاقصى للعقوبة . وفي هذا اشارة من هذه التشريعات الى ان تزييف الأختام الحكومية يكون اكثر خطراً على الثقة العامة واخلالاً بها من تزييف الأختام الغير حكومية . ومن هذه التشريعات قانون العقوبات العراقي . كما ان بعض التشريعات عاقبت على تزييف الأختام الحكومية وغير الحكومية الا انها فاوتت في العقاب عليها مشددة العقاب على تزييف الأختام الحكومية وجعلت عقوبتها السجن أي عقوبة الجناية . بينما جعلت عقوبة تزييف الأختام غير الحكومية هي عقوبة الجنحة فخففت بذلك من عقوبة تزييفها. فضلاً عن انها وضعت عقوبة توسطت في العقاب بين العقوبتين اذا كانت الدولة تساهم مع الجهة الخاصة في مالها بنصيب ما فتبين من ذلك ان التشريعات اختلفت في فرض العقوبة على تزييف الأختام ولم تعتمد معيارا معيناً ومحدداً . كما ان بعض قوانين العقوبات فرضت عقوبات مالية على مرتكب الجريمة فضلاً عن عقوبة الجريمة الاصلية لتشدد من العقاب على الجريمة بإيقاع عقوبة سالبة للحرية على الجاني اضافة لعقوبة الغرامة التي تؤدي الى إيلام الجاني بذمته المالية ، ومن هذه القوانين قانون العقوبات الاردني اذ نص في المادة (237) على ان الغرامة مكونة من عشرة دنانير الى خمسين ديناراً (12).

________________

1- انظر : المادة (444) من قانون العقوبات الفرنسي لسنة 1992 .

2- القانون الجنائي في شروح ، المملكة المغربية ، وزارة العدل ، 1968 ، ص 307 .

3- المصدر نفسه ، ص 312 .

4- انظر : نصوص المواد ( 236،237) من قانون العقوبات الاردني المرقم (16) لسنة 1960.

5- حسن الفكهاني ، الموسوعة الجنائية الاردنية ، ج2 ، الدار العربية للموسوعات، 1979، ص404.

6- المصدر نفسه ، ص 405 .

7- نصت على ذلك المواد (206،206مكرر او 208) من قانون العقوبات المصري المرقم (58) لسنة 1937.

8- محمود محمود مصطفى ، شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، ط7 ، مطبعة جامعة القاهرة ، القاهرة ، 1975 ، ص ص120-121.

9- د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، الجرائم المضرة بالمصلحة العامة الرشوة واختلاس الاموال الاميرية والتزييف والتزوير ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1972ص 277-272 .

10- نصت المادة (87) من قانون العقوبات العراقي النافذ على انه (( مدة السجن المؤقت هي اكثر من خمسة سنوات الى خمسة عشر سنة مالم ينص القانون على خلاف ذلك . واذا اطلق لفظ السجن عد ذلك سجناً مؤقتاً)) .

11- انظر : المادة ( 275) من قانون العقوبات العراقي المرقم (111) لسنة 1969.

12- ويلاحظ ان المشرع الفرنسي قد فرض غرامة مليون فرنك كعقوبة مالية تفرض على الجاني مرتكب الجريمة وهذا ما تضمنته المادة (444) من قانون العقوبات الفرنسي الجديد لسنة 1992 ؛ وكذلك قانون العقوبات المغربي اذ فرض عقوبة الغرامة ما بين (250 الى 10000 درهم ) على الجاني مرتكب الجريمة .

العقوبات التبعية لجريمة تزييف الأختام :

العقوبة التبعية هي التي تتبع العقوبة الاصلية وتدور معها وجوداً وعدماً، وتتميز بان القاضي لا يجبر على النطق بها في الحكم وانما تسري بقوة القانون وبمجرد النطق بالعقوبة الاصلية ، وبذلك لا حاجة للنص عليها في الحكم(1). قد نصت المادة (95) من قانون العقوبات العراقي على انه ” العقوبات التبعية هي التي تلحق المحكوم عليه بحكم القانون ودون الحاجة الى النص عليها في الحكم ” .

وبينت المواد (96-99) من قانون العقوبات العراقي العقوبات التبعية وهذه العقوبات هي ” 1. الحرمان من بعض الحقوق والمزايا. 2. مراقبة الشرطة ” ، ومن خلال تبيان هذه العقوبات يمكن تحديد الخصائص التي تتميز بها العقوبات التبعية عن غيرها من العقوبات وخصائص العقوبات التبعية وهي :-

1. انها عقوبات تتبع الحكم بعقوبة من العقوبات الاصلية المقررة في مجال الجنايات وهي الاعدام والسجن المؤبد والمؤقت ، فلا يحكم بها بصورة مستقلة عن العقوبة الاصلية وتدور وجوداً وعدماً مع العقوبة الاصلية ولا تنفذ هذه العقوبات اذا لم يحكم على الجاني بعقوبة السجن المؤبد او المؤقت ، وبدلاً من ذلك حكم عليه لأسباب قانونية بعقوبة الحبس .

2. ان هذه العقوبات لا تقبل التجزئة ، . فلا يستطيع القاضي ان يقرر تجزئتها والحكم على الجاني ببعضها دون البعض الاخر (2).

3. ان العقوبات التبعية تفرض بحكم القانون فلا يجوز للقاضي النطق بها في الحكم لانها تتبع الحكم بالعقوبة الأصلية بقوة القانون (3).

4. العقوبات التبعية عقوبات مؤقتة لان القانون حدد مدة فرضها على المحكوم عليه فمنها ما ينفذ على الجاني طيلة مدة تنفيذ العقوبة الأصلية وحتى إخلاء سبيله بسبب انقضاء العقوبة ولاي سبب من أسباب انقضائها ومنها ماينفذ على الجاني بعد إخلاء سبيله والتي هي مراقبة الشرطة (4) .

وسنتناول العقوبات التبعية التي تتبع العقوبة الاصلية المفروضة على من يزيف الأختام والتي تنفذ عليه بالشرح وفي فرعين الاول منهما يتناول الحرمان من بعض الحقوق والمزايا والثاني مراقبة الشرطة على من يزيف الأختام .

الفرع الأول : الحرمان من بعض الحقوق والمزايا :

بينت المادة (96)(5) من قانون العقوبات العراقي الحقوق والمزايا التي يكون الحرمان منها كعقوبة تبعية تفرض على الجاني الذي يحكم عليه بالسجن المؤبد او المؤقت كعقوبة اصليه للجريمة التي اقترفها ويحرم الجاني من هذه الحقوق والمزايا من يوم صدور الحكم عليه وحتى اخلاء سبيله .

وحدد المشرع العراقي عقوبة جريمة تزييف الأختام وهي السجن المؤقت وبذلك تفرض العقوبات التبعية على الجاني الذي يحكم عليه بالسجن لثبوت تزييفه للأختام التي يعاقب المشرع على تزييفها . فاذا حكم على الجاني بالعقوبة الاصلية لجريمة تزييف الأختام فالعقوبات التبعية التي بينها المشرع في المادة (96) تنفذ على الجاني طيلة فترة العقوبة الاصلية والحقوق والمزايا التي يحرم الجاني منها هي :

أولاً- الوظائف والخدمات التي كان يتولاها الجاني :

ويقصد بهذه الفقرة فقدان الجاني لوظيفته التي كان يشغلها والخدمات التي كان يتولاها قبل صدور الحكم عليه ، أي ان الجاني يحرم من المرتب المقرر له الا انه يبقى محتفظاً بحقوقه التقاعدية التي استحقها مقابل خدمته واداء مهام وظيفته خلال المدة التي سبقت الحكم عليه ، وبفرض هذا الحرمان من الوظيفة والخدمات بالنسبة للجاني كعقوبة تبعية مستقلة عن أي اجراء اداري تقوم به الجهة المسؤولة عن المحكوم عليه ، وذلك لاستقلال المسؤولية الادارية عن المسؤولية الجنائية(6).

وهذه العقوبة وقتية تنتهي بانتهاء مدة العقوبة او انقضائها لاي سبب ويعاد الجاني الى وظيفته بعد انتهاء مدة العقوبة الا اذا فقد شرط من شروط التعيين ، واذا وجد أي مانع من اعادته الى وظيفته التي فصل منها فيعين في وظيفة اخرى في الدولة او القطاع الاشتراكي(7).

ثانياً- ان يكون ناخباً او منتخباً في المجالس التمثيلية :

ويقصد بذلك ان الجاني تسقط عضويته في المجالس التمثيلية اذا كان عضواً في احداها وقت صدور الحكم ضده ، كما لا يحق له الترشيح لعضوية هذه المجالس طيلة فترة تنفيذ العقوبة عليه(8).

والسبب في حرمان الجاني من هذا الحق منطقي واساسه ان الجاني مسلوب الحرية والارادة بسبب قضائه للعقوبة المفروضة عليه وهو في السجن وبذلك لا يمكنه ممارسة هذه الحقوق وهو في السجن ، الا انه يمكنه ممارستها بعد انقضاء العقوبة وخروجه من السجن بعد انتهاء العقوبة(9).

ثالثاً- ان يكون عضواً في المجالس الادارية او البلدية او احدى الشركات او مديراً لها :

يقتضي إيداع المحكوم عليه في السجن إسقاط عضويته في المجالس الادارية او البلدية ، او حرمانه من حق العضوية في هذه الجهات او الشركات او أي جهة يقوم بادارتها لان غرض العقوبة هو تجريد الجاني من هذه الحقوق وحرمانه من القيام بها ، وحرمان الجاني من هذا الحق مؤقتاً وينتهي بإخلاء سبيل الجاني ما لم تنص قوانين تلك الجهات بخلاف ذلك(10).

رابعاً- ان يكون وصياً او قيماً او وكيلاً :

ويحرم الجاني من ان يكون وصياً او قيماً او وكيلاً وذلك بسبب الحكم عليه بعقوبة سالبة لحريته ويودع في قسم الاصلاح الاجتماعي وبسبب ذلك يمنع من اداء هذه المهام او مباشرتها لانه لا يستطيع المحافظة على حقوق الغير ومباشرة هذه الحقوق وهو في السجن لعدم امكانية تصور ذلك ولان حرمانه من هذه الحقوق من مفترضات الواقع فلا يستطيع القيام بأي من هذه الاعمال القانونية الا انه يستطيع القيام بهذه الاعمال واستعادتها بعد انتهاء تنفيذ العقوبة.

خامساً- ان يكون مالكاً او ناشراً او رئيساً لإحدى الصحف :

ويحرم الجاني من هذا الحق لانه لا يمكن له التوفيق بين ادارة عمله وبين اعتباره واقع عليه تنفيذ عقوبة سالبة للحرية وتقتضي طبيعة هذه العقوبة ابعاده عن عمله ، وقد افرد المشرع فقرة خاصة لحرمان الجاني من هذا الحق جاء تأكيداً منه على اهمية الاعلام وتأثيره على المجتمع (11).

سادساً- حرمان المحكوم عليه من ادارة امواله :

نصت المادة (97) من قانون العقوبات العراقي على حرمان الجاني من ادارة امواله واشتملت على حرمان الجاني المحكوم عليه بالسجن المؤبد او المؤقت من ادارة امواله والتصرف بها بغير الايصاء والوقف الا بعد استحصال موافقة محكمة الاحوال الشخصية او محكمة المواد الشخصية التي يقع ضمن منطقتها محل اقامة الجاني وحسب الاحوال .

فتعد هذه العقوبة نوع من انواع الحجر القانوني الذي يتضمن معنى الجزاء حيث يعامل الجاني معاملة ناقص الاهلية ، والسبب الذي قصده المشرع من حرمان الجاني من ادارة امواله هو حماية امواله من أي تصرف قد يضربها ويؤدي الى الاضرار بالجاني وامواله اثناء وجوده في السجن وللحفاظ عليها من التلف والضياع واتجه المشرع نحو وضع هذه الاموال في ايد امينة هي يد القيم الذي تعينه المحكمة ويكون مسؤولاً امام المحكمة عن كل ما يتعلق بهذه الاموال(12).

ويتم تعيين القيم بناءاً على طلب الجاني يقدم من قبله ، او بناءاً على مطالعة تقدم بها نائب المدعي العام او أي شخص صاحب مصلحة ، وللمحكمة ان تفرض على القيم المعين تقديم كفالة ، ولها ان تقدر له اجراءاً مناسباً ، ويخضع هذا القيم لرقابة المحكمة في كل ما يتعلق بقيمومته ، وعليه ان يقدم كشفاً للمحكوم عليه بعد اخلاء سبيله عن كل ما يتعلق باموال الجاني اثناء فترة تنفيذ العقوبة عليه ووجوده في قسم الاصلاح الاجتماعي(13) .

الفرع الثاني : مراقبة الشرطة :

عرفت المادة ( 108) من قانون العقوبات العراقي مراقبة الشرطة ” مراقبة الشرطة هي مراقبة المحكوم عليه بعد خروجه من السجن للتثبت من صلاح حاله واستقامة سيرته “. فهذه العقوبة هي عقوبة مقيدة لحرية الجاني تفرض عليه بعد اخلاء سبيله وتحد من حريته في الحركة والتنقل فترة زمنية معينة تكون مساوية لمدة العقوبة ولا تزيد بكل الاحوال على خمس سنوات ، للتأكد من حسن سلوك الجاني ومنعه من ارتكاب الجريمة مرة ثانية .

ونصت المادة ( 99) من قانون العقوبات العراقي على عقوبة مراقبة الشرطة كعقوبة تبعية وبينت الجرائم التي تكون فيها هذه العقوبة كعقوبة تبعية مفروضة بحكم القانون إذ نصت هذه المادة على ” من حكم عليه بالسجن لجناية ماسة بأمن الدولة الداخلي او الخارجي او تزييف نقود او تزوير طوابع او سندات مالية حكومية او محررات رسمية او عن رشوة او اختلاس او سرقة او قتل عمد مقترن بظرف مشدد يوضع بحكم القانون بعد انقضاء مدة عقوبته تحت مراقبة الشرطة وفق احكام المادة ( 108) من هذا القانون مدة مساوية لمدة العقوبة على ان لا تزيد على خمس سنوات ” . ومن ذلك يتضح لنا ان قانون العقوبات العراقي بين الجرائم التي تكون فيها عقوبة مراقبة الشرطة عقوبة تبعية ، وعدد هذه الجرائم وعلى سبيل الحصرلا المثال ولم يضع جريمة تزييف الأختام من ضمن هذه الجرائم لذلك لاتكون عقوبة مراقبة الشرطة كعقوبة تبعية لجريمة تزييف الأختام وانما تكون وفقاً لاحكام المادة ( 108) كتدبير وقائي واحترازي تنفذ على الجاني بعد انقضاء تنفيذ العقوبة الاصلية للجريمة لذلك تكون عقوبة مراقبة الشرطة في جريمة تزييف الأختام كتدبير احترازي وليس كعقوبة تبعية للجريمة وذلك لأن المشرع نص على ذلك في المادة ( 99) والمادة ( 108) من قانون العقوبات العراقي .

__________________

1- د. محمد زكي ابو عامر ، د. علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات اللبناني ، القسم العام ، الدار الجامعي للطباعة والنشر ، بيروت ، 1984 ، ص 339 .

2- محمد حسين محمد علي الحمداني ، عقوبة السرقة بين الشريعة الاسلامية والقوانين الوضعية ، رسالة ماجستير ، جامعة الموصل ، الموصل ، 1995 ، ص178.

3- المصدر نفسه ، نفس المكان .

4- محمد حسين محمد علي الحمداني ، المصدر نفسه ، ص 178

5- عدلت هذه المادة بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم (997) في 3/7/1978 المنشور في الوقائع العراقية العدد 2667 في 7/8/1978 . وتضمن القرار ” يعتبر المحكوم عليه من العاملين في الدولة او القطاع الاشتراكي موظفاً كان ام عاملاً مفصولاً من الخدمة العامة خلال مدة بقائه في السجن “.

6- احمد فتحي سرور ، الوسيط في شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ج1 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1981 ، ص758 .

7- بينت ذلك الفقرة الثالثة من القرار (997) الذي عدلت بموجبه المواد (96-99) اذ نصت على ” يعاد المحكوم عليه من العسكريين ورجال الشرطة والموظفين والعمال والمستخدمين الى الخدمة العامة بعد خروجه من السجن الا اذا فقد شرطاً من شروط التعيين ولا يحرم من تولي الخدمة العامة بشكل نهائي واذا وجد مانع من اعادته للعمل الذي فصل منه فيعين في عمل اخر في الدولة او القطاع الاشتراكي ” .

8- محمد حسين محمد علي الحمداني ، المصدر السابق ، ص181 .

9- د فخري عبد الرزاق صلبي الحديثي ، شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، مطبعة الزمان ، بغداد ، 1996 ص 432-433 .

10- د. مأمون محمد سلامة ، قانون العقوبات القسم العام ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1979 ، ص 626.

11- محمد حسين محمد علي الحمداني ، المصدر السابق ، ص182.

12- المصدر نفسه ، ص182.

13- د. محمود محمود مصطفى ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ط10 ، القاهرة ، 1983 ، ص 623 .

العقوبات التكميلية لجريمة تزييف الأختام :

العقوبات التكميلية هي العقوبات التي تلحق بجريمة معينة ولا تنفذ بحق الجاني ما لم ينص عليها القاضي في حكمه على الجاني(1)، وهذه العقوبات إضافية أو ثانوية وتشترك مع العقوبات التبعية في اكثر خصائصها وصفاتها والتي منها أنها لا يمكن ان يحكم بها القاضي بصورة مستقلة وانما تلحق بالعقوبة الاصلية بعد الحكم بها على الجاني ، فضلا عن أنها عقوبات مؤقتة وغير ذلك من صفات وخصائص العقوبات المؤقتة ، الا ان هذه العقوبات تختلف عن العقوبات التبعية في أنها لا تلحق الجاني بحكم القانون بل يجب ان ينص عليها القاضي في حكمه ، والعقوبات التكميلية بينها المشرع العراقي في المواد (100-102) ، وسوف نخصص لكل نوع من هذه العقوبات فرعاً مستقلاً ونقسم هذا (الموضوع) الى ثلاثة فروع ، نتناول في الاول منها الحرمان من بعض الحقوق والمزايا وفي الفرع الثاني عقوبة المصادرة وفي الثالث نشر الحكم ، وكالاتي:-

الفرع الأول : الحرمان من بعض الحقوق والمزايا :

نصت المادة (100) من قانون العقوبات العراقي على ” للمحكمة عند الحكم بالسجن المؤبد او المؤقت او بالحبس مدة تزيد على السنة ان تقرر حرمان المحكوم عليه من حق او اكثر من الحقوق المبينة أدناه لمدة لا تزيد على سنتين ابتداء من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة او من تاريخ انقضائها لاي سبب كان”. ومن نص المادة يتضح لنا ان هذه العقوبة جوازية وللمحكمة ان تحكم بها من عدمه ، ويجوز للمحكمة ان تحكم بها على مرتكب جريمة تزييف الأختام لا مكانية تطبيق هذه العقوبة وفقاً للشروط التي حددها المشرع في المادة (100) وهذه الحقوق والمزايا يحكم بها إضافة للحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة (96) هي كالأتي :-

أولاً – تولي بعض الوظائف والخدمات العامة :

فيحرم الجاني من تولي أي وظيفة في الدولة او أي خدمة عامة ، واشترط المشرع ان يحدد القاضي في نص قرار حكمه الوظائف والخدمات التي يحرم الجاني من مباشرتها وان يكون قرار القاضي مسبباً تسبيباً كافيا ًوبشرط ان لا تزيد مدة الحرمان على سنتين تبدأ من تاريخ انتهاء او انقضاء العقوبة الاصلية.

ثانياً- حمل أوسمة وطنية او أجنبية :

يحرم الجاني إذا حكم عليه بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت أو مدة تزيد على سنة من ميزة التمتع بالأوسمة والانواط الوطنية أو الأجنبية إذا كان قد تقلدها قبل الحكم عليه ، يحرم من تقلدها مجدداً ولمدة لا تزيد على سنتين من تاريخ انتهاء او انقضاء العقوبة الاصلية لأي سبب كان ، ويجوز للمحكمة او القاضي ان يحكم بهذه العقوبة على من يزيف الأختام وحرمان الجاني من هذا الحق يرجع الى انه ذو دلالات رمزية تنطوي على الشجاعة ورفعة المنزلة وهذه تتنافى مع شخص من يرتكب جريمة عقوبتها السجن المؤبد او المؤقت او مدة تزيد على السنة (2) .

ثالثاً – حمل السلاح :

يمنع الجاني من حمل السلاح ويحرم من هذا الحق كعقوبة تكميلية تفرض على مرتكب الجريمة الذي يحكم عليه بالسجن المؤقت وهي عقوبة جريمة تزييف الأختام ، وسبب منع المشرع الجاني من حمل السلاح لان هذا الحق لا يمنح للشخص الا وفق ضوابط وشروط ومن يقترف جريمة عقوبتها السجن المؤقت يكون ذو خطورة على المجتمع والأجدر بالمشرع منعه من حمل السلاح وحرمانه من هذا الحق بسبب خطورته الإجرامية(3). ويلاحظ ان المشرع العراقي بين في الفقرات (ب-ج-د) من المادة (100) من قانون العقوبات العراقي أحكاما خاصة بتنفيذ هذه العقوبات والحرمان من هذه الحقوق ، اذ يبين في الفقرة (ب) في حالة تداخل عقوبة الحرمان من بعض الحقوق والمزايا المتماثلة فينفذ في حق الجاني بعد اخلاء سبيله اطول هذه العقوبات مدة . وبينت الفقرة (ج) من المادة (100) حالة اذا افرج عن الجاني افراجاً شرطياً فان مدة تنفيذ الحرمان من هذه الحقوق والمزايا تبدأ من تاريخ اخلاء سبيل الجاني ، اما اذا الغي الإفراج الشرطي وبدا تنفيذ ما تبقى من العقوبة الاصلية فان مدة الحرمان تبدأ من تاريخ انتهاء المدة المحكوم بها الجاني . ويجوز للجاني او الادعاء العام بعد مرور ستة اشهر على الاقل من تاريخ اخلاء سبيل الجاني ان يقدم لمحكمة الجنايات المختصة والتي يقع ضمن منطقتها محل سكن الجاني طلباً بتخفيض او إلغاء ما تبقى من مدة حرمانه من هذه الحقوق والتي نص عليها قرار الحكم عليه في الجريمة التي ارتكبها ، وتصدر المحكمة قرارها بهذا الشأن بعد إجراء التحقيقات وان يكون قرارها قطعياً، واذا رد الطلب يحق للادعاء العام او الجاني تقديم طلباً اخر بعد مدة ثلاثة اشهر من تاريخ صدور قرار الرد ، وهذا ما بينته الفقرة (د) من المادة (100) من قانون العقوبات العراقي ويجوز للمحكمة تطبيق هذه العقوبات التكميلية بحق الجاني الذي ارتكب جريمة تزييف الأختام .

الفرع الثاني : المصادرة كعقوبة تكميلية لجريمة تزييف الأختام :

المصادرة هي جزاء مالي مضمونه الاستيلاء لحساب الدولة او غيرها على مال له علاقة بجريمة وقعت او يخشى وقوعها جبراً على صاحبه وبلا مقابل ، وهي نوعان اما ان جميع ممتلكات المحكوم عليه او جزء يمثل نسبة او حصة منها أي دون تحديد وهذه هي المصادرة العامة (4). وعقوبة المصادرة عقوبة جوازية يجوز للمحكمة الحكم بها بعد الحكم بالعقوبة الاصلية ويجب ان ينص عليها في قرار الحكم على الجاني ، فللقاضي ان يحكم بها من عدمه حسبما يترأى له ، وعليه مراعاة التناسب بين جسامة المصادرة كعقوبة تكميلية وجسامة الجريمة ، فلا يحكم بها اذا تبين له ان ايلامها يكون اكثر ضررا ًمن الضرر الذي حققته الجريمة ، ويترتب على الحكم بالمصادرة نقل ملكية الشي الى الدولة متى اصبح الحكم نهائياً (5). ويشترط في المصادرة كي يحكم بها ان يحكم على المتهم بالعقوبة الاصلية للجريمة أي جريمة تزييف الأختام ويجب ان تكون الأشياء التي يحكم بمصادرتها قد نتجت عن الجريمة او استعملت في ارتكابها او بالإمكان استعمالها في ارتكاب الجريمة ، ويجب ان تكون هذه الأشياء قد ضبطت وتحت يد السلطة القضائية او الاجهزة التي تساعدها ، ويجب ان لا تخل المصادرة بحقوق الغير ” الحسن النية “، فاذا كانت هذه الأشياء مملوكة للغير ، الحسن النية ، فلا يجوز للمحكمة الحكم بمصادرتها ما لم تكن حيازتها تعد جريمة بذاتها ، فالمصادرة كعقوبة تكميلية لا تقع إلا على شيء معين سواءً أكان متصلاً بالجريمة او مستعملاً في ارتكابها او معداً لهذا الاستعمال ، للمحكمة الحكم بها كعقوبة تكميلية لجريمة تزييف الأختام(6).

الفرع الثالث : نشر الحكم :

نصت المادة ( 102) من قانون العقوبات العراقي على ان ” للمحكمة من تلقاء نفسها او بناء على طلب الادعاء العام ان تأمر بنشر الحكم النهائي الصادر بالإدانة بالجناية ” . فنشر الحكم عقوبة تكميلية يقصد بها التشهير بالجاني والحط من اعتباره فضلاً عن ان نشر الحكم كعقوبة تكميلية تكون بمثابة استعادة للآمن داخل المجتمع واعادة التوازن للثقة العامة التي أخلت بها وهزتها جريمة تزييف الأختام ، لذلك فان نشر الحكم يعلم من خلاله كل أفراد المجتمع بان المجرمون قد نالوا جزاءهم العادل ويتحقق بذلك الردع العام لغير المجرمين . فعقوبة نشر الحكم عقوبة جوازيه ، اذ أجاز القانون للمحكمة ان تحكم او تأمر بها من تلقاء نفسها او بناءاً على طلب الادعاء العام وبالإدانة في جرائم الجنايات حصراً ، وبذلك يمكن تنفيذها والامر بها كعقوبة تكميلية لجريمة تزييف الأختام لان هذه الجريمة من الجنايات .

__________________

1- محمد زكي ابو عامر ، د. علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات اللبناني ، القسم العام ، الدار الجامعي للطباعة والنشر ، بيروت ، 1984، ص 342 .

2- محمد حسين محمد علي الحمداني ، عقوبة السرقة بين الشريعة والاسلامية والقوانين الوضعية ، رسالة ماجستير ، جامعة الموصل ، الموصل ، 1995 ، ص190 .

3- محمد حسين محمد الحمداني ، المصدر نفسه ، ص190 .

4- د. علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات ، القسم العام ، 1988 ص 349-350 .

5- المصدر نفسه ، ص ص 350- 353 .

6- محمد حسين محمد علي الحمداني ، المصدر السابق ، ص 191-192 .

التدابير الاحترازية لجريمة تزييف الأختام :

التدابير الاحترازية هي التي تفرض على الجاني لمنعه من ارتكاب الجريمة مستقبلاً والهدف من فرض التدابير الاحترازية على الجاني هو وقاية الجاني والمجتمع من خطورة الجاني الاجرامية التي قد تدفعه لارتكاب الجريمة مرة اخرى فضلاً عن علاجه من تلك الخطورة الإجرامية (1). وللتدابير الاحترازية خصائص تتميز بها وهي خضوعها لمبدا المشروعية وقضائيتها وعدم ارتباطها بالمسؤولية الجنائية فيمكن ايقاعها وانزالها على شخص غير مسؤول جنائياً وعلى عكس العقوبة التي لا تنزل الا على شخص مسؤول جنائياً كما تخضع التدابير الاحترازية لمبدأ المساواة والتفريد فيها وشخصيتها (2). ويشترط لإنزال التدابير الاحترازية بحق الجاني وقوع فعلاً منه يعده القانون جريمة وهذا ينطبق على فعل الجاني بتزييفه للأختام اذ يعد المشرع ذلك الفعل جريمة يعاقب الجاني عليها ، فضلاً عن وجود احتمال ارتكاب الجاني لجرائم في المستقبل لتوافر خطورة اجرامية فيه وهذا القول ينطبق على الجاني مرتكب جريمة تزييف الأختام اذ تتوفر في شخص الجاني في هذه الجريمة خطورة اجرامية تدل على احتمال ارتكاب الجاني للجريمة في المستقبل (3) . وسنتناول التدابير الاحترازية التي نص عليها وبينها قانون العقوبات العراقي ومن ثم نبين ما يمكن انزاله منها بحق الجاني مرتكب جريمة تزييف الأختام من عدمه وفي اربعة مطالب نتناول في المطلب الاول التدابير الاحترازية السالبة للحرية او المقيدة لها ونتناول في المطلب الثاني التدابير الاحترازية السالبة للحقوق اما في المطلب الثالث فنتناول التدابير الاحترازية المادية بينما نتناول في المطلب الرابع مخالفة ووقف التدابير الاحترازية واحكام اخرى فيها .

المطلب الأول : التدابير الاحترازية السالبة للحرية او المقيدة لها :

بينت المواد ( 105-110) من قانون العقوبات العراقي التدابير الاحترازية السالبة للحرية او المقيدة لها ، وهذه التدابير هي :-

الحجز في ماوى علاجي.

2- حظر ارتياد الحانات .

3- منع الاقامة .

4- مراقبة الشرطة .

وسوف نتناول بالشرح التدابير الاحترازية التي يمكن انزالها بحق الجاني الذي يزيف الأختام ، أي التي يمكن تطبيقها كتدابير احترازية لجريمة تزييف الأختام وهذه التدابير هي :-

1- منع الاقامة .

2- مراقبة الشرطة .

وسنتناول كل من هذه التدابير في فرع مستقل وكالاتي :

الفرع الأول : منع الإقامة احترازاً :

عرفت الفقرة الاولى من المادة ( 107) من قانون العقوبات العراقي منع الاقامة بقولها ” منع الاقامة هو حرمان المحكوم عليه من ان يرتاد بعد انقضاء مدة عقوبته مكاناً او اماكن معينة لمدة لاتقل عن سنة ولاتزيد على مدة العقوبة المحكوم بها على ان لاتزيد باي حال على خمسة سنوات ” ونصت الفقرة الثانية من المادة ( 107) على ” للمحكمة ان تفرض منع الاقامة على كل محكوم في جناية عادية او جنحة مخلة بالشرف ولها في أي وقت ان تأمر بناء على طلب المحكوم عليه او الادعاء العام بإعفائه من كل او بعض المدة المقرر في الحكم لمنع الاقامة او بتعديل المكان او الامكنة التي ينفذ فيها “.فمنع الاقامة كتدبير احترازي امر جوازي للمحكمة ويتضح لنا ذلك من نص المادة فلها ان تحكم على الجاني به اذا توافرت شروط فرض هذا التدبير الاحترازي والتي منها ان المحكوم عليه يجب ان يحكم بجناية عادية او جنحة مخلة بالشرف وجريمة تزييف الأختام هي جناية ، فاذا رأت المحكمة ان الخطورة الاجرامية المتحققة في الجاني وان هناك احتمال ان يرتكب الجريمة مرة اخرى ، ورأت ان منع الاقامة كتدبير احترازي سوف يكون له دور في منع الجاني من ارتكاب الجريمة وبذلك سوف يتحقق الغرض او القصد من وراء فرضه كتدبير يقي المجتمع من خطورة الجاني ، ويعالج الجاني ويمنعه من ارتكاب الجريمة مرة اخرى ، فللمحكمة ان تأمر وتحكم بهذا التدبير الاحترازي كتدبير احترازي للجريمة وذلك لتحقق شروطه وأهدافه التي قصدها المشرع. وبينت المادة (107) من قانون العقوبات العراقي النافذ ان الجاني يحق له ان يقدم طلباً هو او بناءاً على طلب الادعاء العام يطلب فيه إعفائه من كل او بعض المدة التي قررها المشرع لتنفيذ منع الإقامة كتدبير احترازي مقيد للحرية ، كما يحق له طلب تعديل المكان او الأمكنة التي ينفذ فيها الحكم.

الفرع الثاني : مراقبة الشرطة احترازاً :

ان المشرع العراقي لم ينص على ان تكون مراقبة الشرطة عقوبة تبعية لجريمة تزييف الأختام وانما يبين في المواد (108-109) من قانون العقوبات العراقي ان مراقبة الشرطة يمكن للمحكمة ان تحكم بها كتدبير احترازي للجريمة اذا نصت المادة (109) من قانون العقوبات العراقي على ” إضافة للحالات الخاصة التي ينص عليها القانون يجوز للمحكمة ان تأمر بوضع المحكوم عليه بعقوبة الحبس لمدة سنة فاكثر تحت مراقبة الشرطة بعد انقضاء عقوبته ،مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على مدة العقوبة المحكوم بها على ان لا تزيد بأية حال على خمس سنوات وذلك في الحالة الاتية:-

1- اذا كان الحكم صادراً في جناية عادية أو جنحة سرقة او إخفاء أشياء مسروقة او احتيال او تهديد او اخفاء محكوم عليهم فارين”.

وجريمة تزييف الأختام هي جناية عقوبتها السجن المؤقت وان حددت بعشر سنوات كحد اقصى في بعض من حالاتها ، لذلك يجوز للمحكمة ان تفرض مراقبة الشرطة كتدبير احترازي توقع او تنزل بحق الجاني الذي يقترف ويرتكب جريمة تزييف الأختام ويحكم عليه بعقوبة الجريمة المقررة قانوناً، وبما ان عقوبة الجريمة هي الجناية لذلك فأن مراقبة الشرطة كتدبير احترازي اذا حكمت به المحكمة فلا يجوز ان تزيد مدة تنفيذه على خمس سنوات لاشتراط المشرع ذلك ، وعرفت المادة (108) من قانون العقوبات العراقي مراقبة الشرطة بقولها ” مراقبة الشرطة هي مراقبة سلوك المحكوم عليه بعد خروجه من السجن للتثبت من صلاح حاله او استقامة سيرته” وتقضي بإلزام المحكوم عليه بكل او بعض القيود آلاتية حسب قرار المحكمة:-

أ-عدم الاقامة في مكان معين او أماكن معينة على ان لا يؤثر ذلك على طبيعة عمله وأحواله الاجتماعية او الصحية.

ب- ان يتخذ له محل إقامة وإلا عينته المحكمة التي أصدرت الحكم بناء على طلب الادعاء العام .

ج- عدم تغيير محل اقامته الا بعد موافقة المحكمة التي يقع هذا الفعل في دائرة اختصاصها وعدم مبارحة مسكنه ليلاً الا باذن من دائرة الشرطة.

د- عدم ارتياد محال شرب الخمر ونحوها من المحال التي يعينها الحكم.

وهذه الامور ما نصت عليها المادة (108) من قانون العقوبات العراقي ووفقاً لما تقدم فانه يجوز للمحكمة اذا تحققت شروط تطبيق وتنفيذ التدابير الاحترازية بشكلٍ عام في الجاني ، وكذلك شروط الحكم بمراقبة الشرطة كتدبير احترازي فإذا تحقق ذلك جاز للمحكمة ان تحكم بها على الجاني المحكوم عليه في جريمة تزييف الأختام ووفقاً للشروط التي حددها المشرع. ومدة مراقبة الشرطة تبدأ من اليوم المحدد في الحكم لتنفيذها ولا يمدد التاريخ المقرر لانقضائها اذا تعذر تنفيذها نظراً لقضاء المحكوم عليه مدة الحبس او الغيبة عن محل المراقبة لسبب ما.

كما ان للمحكمة في أي وقت ،بناء على طلب المحكوم عليه او الادعاء العام اعفاء المحكوم عليه من المراقبة او من بعض قيودها اذا رأت محلاً لذلك وهذا ما نصت عليه المادة (110) من قانون العقوبات العراقي وبفقرتيها الاولى والثانية.

المطلب الثاني : التدابير الاحترازية السالبة للحقوق :

التدابير السالبة للحقوق هي التي إذا فرضت على الجاني تؤدي الى حرمانه من هذه الحقوق أو إسقاطها عنه ، وهذه التدابير هي:-

إسقاط الولاية والوصاية والقوامة.
حظر ممارسة العمل.
سحب اجازة السوق.

وهذه التدابير نصت عليها وبينتها المواد (111-116) من قانون العقوبات العراقي.

والتدابير السالبة للحقوق والتي يمكن انزالها بحق الجاني المحكوم عليه بجريمة تزييف الأختام هي:-

إسقاط الولاية والوصاية والقوامة.
حظر ممارسة العمل.

وسنتناول هذه التدابير بالشرح لارتباطها وإمكانية الحكم بها على الجاني المقترف لجريمة تزييف الأختام ، وذلك في فرعين وكالاتي :-

الفرع الاول : اسقاط الولاية والوصاية والقوامة .

عرفت هذه التدابير الاحترازية المادة ( 111) من قانون العقوبات العراقي بقولها ” إسقاط الولاية والوصاية والقوامة عن المحكوم عليه هو حرمانه من ممارسة هذه السلطة على غير سواء تعلقت بالنفس او المال “.فإسقاط هذه الحقوق عن الجاني تعني حرمانه من ان يمارسها على الغير سواء تعلقت بالنفس او المال . كما ان المادة ( 112) من قانون العقوبات العراقي بينت انه اذا حكم على الولي او الوصي او القيم بجناية يتبين من ظروفها ان الجاني غير جدير بان يكون وصياً او ولياً او قيماً على غيره وسواء تعلقت هذه بالنفس او المال جاز اسقاط الوصاية او الولاية عنه ، وجريمة تزييف الأختام من الجرائم المخلة بالثقة العامة والتي بطبيعتها هي من الجرائم الخطرة والتي تدل على ان الجاني ذو خطورة إجرامية عالية على المجتمع ، فالشخص الذي يزيف الأختام ويؤدي فعله الى الإخلال بالثقة العامة الموضوعة في هذه الأختام مما يؤدي بالتالي الى الاضرار بالمصلحة العامة والذي يقوم بهذا الفعل يعني بالضرورة انه لا يبالي بهذه الثقة او بالمصلحة العامة مما يعني انه لا يبالي بالضرورة بمصلحة من هو ولي او وصي او قيم عليهم ، ولذلك فان الجاني المحكوم عليه لارتكابه جريمة تزييف الأختام من باب اولى ان يحكم عليه بإسقاط الولاية او الوصاية او القوامة عنه لحرمانه من هذا الحق لانه غير آهل له ولا جدير به لارتكابه جريمة خطيرة تدل على خطورته الاجرامية التي وفقاً لتوافرها فيه يجب ان تسقط عنه سلطته على غيره سواء تعلقت بالنفس او المال .

الفرع الثاني : حظر ممارسة العمل .

عرفت المادة (113) من قانون العقوبات العراقي حظر ممارسة العمل بقولها” حظر ممارسة عمل هو الحرمان من حق مزاولة مهنة او حرفة او نشاط صناعي او تجاري او فني تتوقف مزاولته على اجازة من سلطة مختصة قانوناً”.

فاذا كان العمل الذي يمارسه الجاني تتوقف مزاولته على اجازة من سلطة مختصة قانوناً ، وارتكب الجاني جريمة تزييف الأختام من خلال مهنته وعمله الذي يمارسه فانه يجوز للمحكمة ان تحكم بمنع وحظر الجاني من ممارسة هذا العمل وفقاً لما بينته ونصت عليه المادة (114) من قانون العقوبات العراقي بقولها ” اذا ارتكب شخص جناية او جنحة إخلالاً بواجبات مهنته او حرفته او نشاطه وحكم عليه من اجلها بعقوبة سالبة للحرية لا تقل عن ستة اشهر جاز للمحكمة وقت إصدار الحكم بالإدانة ان تحظر عليه ممارسة عمله مدة لا تزيد على سنة فإذا عاد إلى مثل جريمته خلال الخمس سنوات التالية لصدور الحكم النهائي بالحظر جاز للمحكمة ان تآمر بالحظر مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات ، ويبدا سريان مدة الحظر من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة او انقضائها لأي سبب”. ومن ذلك يتضح لنا ان الجاني اذا ارتكب جناية وكان ذلك مرتبطاً او متعلقاً بمهنته ونشاطه او عمله وحكم عليه بسبب عمله بعقوبة لا تقل عن ستة اشهر فانه يجوز للمحكمة ان تحكم بحظر ممارسته لعمله او مهنته أو نشاطه مدة لا تزيد على السنة ويبدأ تنفيذ هذا الحظر من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة او انقضائها لأي سبب ، وما تقدم ذكره ينطبق على جريمة تزييف الأختام فإذا قام الجاني بتزييف الأختام ، مستعيناً بمهنته او نشاطه في تزييف الأختام فأخل بذلك بواجبات مهنته ونشاطه او عمله وحكم عليه بعقوبة جريمة تزييف الأختام جاز للمحكمة ان تحكم عليه بحظر ممارسة العمل كتدبير احترازي ووفقاً للشروط التي حددها القانون ، فيحكم عليه بحظر ممارسة عمله مدة لا تزيد على السنة وقت إصدار الحكم بإدانته ، واذا عاد الجاني الى ارتكاب الجريمة خلال الخمس سنوات التالية لصدور الحكم النهائي بالحظر اجاز للمحكمة ان تأمر بالحظر مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات .

المطلب الثالث : التدابير الاحترازية المادية :

بينت المواد ( 117-123) من قانون العقوبات العراقي التدابير الاحترازية المادية وتضمنت الاحكام المتعلقة بها ، وهذه التدابير هي :-

المصادرة .
التعهد بحسن السلوك .
غلق المحل .
وقف الشخص المعنوي وحله .

وقد نصت المادة ( 117) من قانون العقوبات العراقي النافذ على المصادرة كتدابير احترازية مادية ، وقد بينا سابقاً انه يجوز للمحكمة ان تحكم بالمصادرة كعقوبة تكميلية للجريمة ولذلك فأن الحكم بها كتدبير احترازي ليس ضروري لأن الغرض من فرضها كتدبير احترازي هو لمصادرة الاشياء التي يعد استعمالها او بيعها او عرضها للبيع جريمة بذاته ، والمصادرة تتم للأشياء المضبوطة او التي لم تضبط الا انه تم تعيينها ويلاحظ ان غرض المصادرة وغايتها تتحقق وفقاً لما تقدم من خلال الحكم بالمصادرة كعقوبة تكميلية بجريمة تزييف الأختام وليس كتدبير احترازي يوقع وينزل على مرتكب الجريمة ولذلك لا نؤيد الحكم بها كتدبير احترازي وانما كعقوبة تكميلية ، اما التعهد بحسن السلوك فيلاحظ ان المشرع قد حدد الجنايات والجنح التي يجوز للمحكمة ان تحكم على المحكوم عليه فيها والتي هي الجنايات والجنح ضد النفس او المال او ضد الآداب العامة ويلاحظ ان المشرع قد حدد هذه الجنايات والجنح على سبيل الحصر لا المثال وبما ان جريمة تزييف الأختام ليست من هذه الجرائم وانما من الجرائم المخلة بالثقة العامة لذلك فلا يجوز للمحكمة ان تحكم بهذا التدبير الاحترازي على الجاني المحكوم عليه في جريمة تزييف الأختام لعدم نص المشرع على ذلك . ومن خلال ما تقدم فان التدابير الاحترازية المادية التي يجوز للمحكمة الحكم بها على مرتكب جريمة تزييف الأختام هي:-

غلق المحل.
وقف الشخص المعنوي وحله.

وسنتناولها بالشرح في الفرعين الاتيين:-

الفرع الأول : غلق المحل :

نصت المادة (121) من قانون العقوبات العراقي النافذ على هذا التدبير الاحترازي بقولها ” فيما عدا الحالات الخاصة التي ينص القانون على الغلق ، يجوز للمحكمة عند الحكم على شخص لجناية او جنحة ان تأمر بغلق المحل الذي استخدم في ارتكاب الجريمة لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة ، ويستتبع الغلق حظر مباشرة العمل او التجارة او الصناعة نفسها في المحل ذاته سواءاً كان ذلك بواسطة المحكوم عليه أو أحد أفراد أسرته او أي شخص اخر يكون المحكوم عليه قد اجر له المحل او نزل عنه بعد وقوع الجريمة ، ولا يتناول الحظر مالك المحل او أي شخص يكون له حق عيني فيه اذا لم تكن له صلة بالجريمة ” . يتضح لنا من نص المادة ان غلق المحل كتدبير احترازي يجوز للمحكمة ان تحكم به على الجاني المحكوم عليه بجريمة تزييف الأختام اذا استخدم الجاني محله في ارتكاب الجريمة ، أي ان الجاني اذا قام بتزييف الأختام في محله وثبت ذلك عليه وحكم عليه بعقوبة الجريمة المقررة قانوناً فانه يجوز للمحكمة ان تحكم بغلق المحل كتدبير احترازي مادي يفرض على الجاني والحكم على الجاني بهذا التدبير يعني حظر مباشرة العمل او التجارة او الصناعة نفسها في المحل الذي ارتكبت فيه الجريمة والحظر يكون على المحل الذي تمت فيه الجريمة ويستوي ان تكون ممارسة العمل في المحل من الجاني او بواسطة غيره او أحد أفراد أسرته أو أي شخص أخر يكون المحكوم عليه قد اجر له المحل وبعد ارتكاب الجريمة فان ذلك لا يمنع من غلق المحل ، ولا يشمل الحظر مالك المحل او أي شخص يكون له حق عيني فيه اذا لم تكن له صلة بالجريمة ومدة غلق المحل لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة في كل الأحوال .

الفرع الثاني : وقف الشخص المعنوي وحله :

عرفت المادة (122) من قانون العقوبات العراقي النافذ وقف الشخص المعنوي وحله كتدبير احترازي مادي بقولها” وقف الشخص المعنوي يستتبع حظر ممارسة أعماله التي خصص نشاطه لها ولو كان ذلك باسم أخر وتحت إدارة أخرى، وحل الشخص المعنوي يستتبع تصفية أمواله وزوال صفة القائمين بإدارته او تمثله”. وبينت المادة (123) من قانون العقوبات العراقي النافذ حالات وشروط الحكم بهذا التدبير الاحترازي وتضمنت ذلك بنصها الأتي ” للمحكمة ان تأمر بوقف الشخص المعنوي لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات اذا وقعت جناية او جنحة من احد ممثليه او مديريه او وكلائه باسم الشخص المعنوي او لحسابه وحكم عليه من اجلها بعقوبة سالبة للحرية لمدة ستة اشهر فاكثر ، واذا ارتكبت الجناية او الجنحة اكثر من مرة فللمحكمة ان تأمر بحل الشخص المعنوي”. ومن نص المادتين يتبين لنا ان المشرع اشترط تحقق شروط معينة ليمكن المحكمة ان تأمر وتحكم بحل او وقف الشخص المعنوي والشروط الواجب تحققها للحكم بهذا التدبير الاحترازي هي:-

وقوع جناية او جنحة من أحد ممثلي الشخص المعنوي او مديريه او وكلائه .
يجب ان تقع الجناية من قبل احد المذكورين اعلاه باسم الشخص المعنوي، او لحساب الشخص المعنوي.
يجب ان يحكم على مرتكب الجريمة بعقوبة سالبة للحرية لمدة ستة اشهر فاكثر.
إذا ارتكبت الجريمة ووفقاً للشروط الثلاثة أعلاه واكثر من مرة فيجوز للمحكمة ان تأمر بحل الشخص المعنوي.

ووفقاً لما تقدم إذا قام أحد مديري أو وكلاء أو ممثلي أي شخص معنوي بتزييف الأختام وارتكب جريمته هذه باسم الشخص المعنوي او لحسابه وحكم عليه بعقوبة الجريمة المقررة قانوناً وبما ان عقوبة الجريمة هي عقوبة جناية أي أنها اكثر من ستة اشهر وهذا ما اشترطه المشرع في المادة السابقة الذكر ، فإذا تحقق ما تقدم فانه يجوز للمحكمة ان تحكم بوقف الشخص المعنوي ولمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات. إذا عاد مرتكب الجريمة الى ارتكابها اكثر من مرة وبتحقق الشروط السابقة الذكر ، فيجوز للمحكمة في هذه الحالة الحكم بحل الشخص المعنوي.

المطلب الرابع : مخالفة ووقف التدابير الاحترازية وأحكام أخرى فيها :

تناولت المواد (124-127) من قانون العقوبات العراقي النافذ احكام مخالفة ووقف التدابير الاحترازية واحكام اخرى للتدابير الاحترازية سنتناول تبيانها وتوضيحها فيما يأتي :

أولاً-مخالفة أحكام التدابير الاحترازية :

بينت المادة (124) من قانون العقوبات العراقي النافذ حالات مخالفة التدابير الاحترازية اذ نصت على ” يعاقب كل من يخالف احكام التدبير الاحترازي المحكوم به بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بغرامة لا تزيد على مائة دينار”. فيتبين لنا من هذا النص ان الجاني المحكوم عليه بتدبير احترازي معين ويقوم بمخالفة احكام هذا التدبير الاحترازي فانه يحكم عليه بالحبس مدة لا تزيد عن سنة او بغرامة لا تزيد على مائة دينار ، فاذا خالف المحكوم عليه في جريمة تزييف الأختام احكام أي تدبير احترازي محكوم عليه فانه يحكم عليه بالعقوبة المحددة اعلاه.

ثانياً-وقف التدبير الاحترازي او تعديل نطاقه:

نصت المادة (125) من قانون العقوبات العراقي النافذ على انه ” لا يترتب على وقف تنفيذ العقوبة وقف تنفيذ التدابير الاحترازية ما لم ينص القانون او تأمر المحكمة في الحكم بغير ذلك “. أي ان الجاني اذا أوقف تنفيذ العقوبة بحقه فأن ذلك لا يؤدي الى وقف تنفيذ التدابير الاحترازية التي حكم بها على الجاني ما لم ينص القانون على وقف تنفيذها او تأمر المحكمة في حكمها بوقفها . وبينت المادة ( 126) من قانون العقوبات العراقي النافذ حالة اذا انقضت المدة التي اوقف فيها تنفيذ العقوبة ودون ان يصدر الحكم بالغاء ايقاف تنفيذ العقوبة فان ذلك يؤدي الى سقوط التدبير الاحترازي ويستوي ان يكون منفذاً او موقوفاً تنفيذه مع العقوبة واعتبر الحكم الصادر بهذا التدبير الاحترازي كأن لم يكن . وبينت المادة ( 127) من قانون العقوبات العراقي النافذ ان للمحكوم عليه بأي تدبير احترازي ما عدا تدابير المصادرة وحل الشخص المعنوي ان يقدم طلباً الى المحكمة بوقف تنفيذ أي تدبير حكم عليه به من التدابير السابقة الذكر كما يحق له طلب تعديل نطاقه وللمحكمة ان تأمر بوقف التدبير او تعديله من عدمه ، فإذا رفضت المحكمة طلب المحكوم عليه . فلا يجوز له ان يجدد طلبه الابعد مرور سنة على الاقل ، ويجوز للمحكمة وبناء على طلب الادعاء العام إلغاء الأمر الصادر منها بوقف تنفيذ التدبير اذا رأت محلاً لذلك .

________________

1- د . محمد زكي ابو عامر ، قانون العقوبات اللبناني القسم العام ، الدار الجامعية للطباعة والنشر ، بيروت، 1981 ، ص ص 383-384 ،

2- د. ضاري خليل محمود ، الوجيز في شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، دار القادسية للطباعة ، بغداد ، 1982 ، ص 131 .

3- د. محمد زكي ابو عامر ، د. علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات اللبناني ، القسم العام ، الدار الجامعي للطباعة والنشر ، بيروت ، 1984، ص 411؛ كما نصت على ذلك الفقرة الاولى من المادة (103) من قانون العقوبات العراقي المرقم (111) لسنة 1969.

المؤلف : انس محمود خلف الجبوري
الكتاب أو المصدر : جريمة تزيف الاختام

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .