الطعن 30 لسنة 37 ق جلسة 14 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 17 ص 96

جلسة 14 من يناير سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، وعثمان زكريا، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين مصطفى.
————
(17)
الطعن رقم 30 لسنة 37 القضائية

(أ، ب، ج) أحوال شخصية. “المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين”. قانون.
(أ) منازعات الأحوال الشخصية بين الزوجين غير المسلمين مختلفي الطائفة أو الملة. وجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. دعوى الطلاق يرجع فيها لشريعة الزوجين مختلفي الطائفة أو الملة لبحث دينونتهما بوقوع الطلاق. م 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
(ب) الأقباط الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس مختلفان في الطائفة. تطبيق الشريعة الخاصة لغير المسلمين مشروط باتحاد الطائفة والملة. وجود جهة قضائية ملية لهما وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 لا أثر له.
)ج) الاعتقاد الديني مسألة نفسية لا يجوز للقاضي أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها ودواعيها.

1 – مؤدى نص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع قصد تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في منازعات الأحوال الشخصية التي تقوم بين الزوجين غير المسلمين إذا ما اختلفا طائفة أو ملة، ولم يشأ أن يخالف ما استقر عليه قضاء المحاكم الشرعية في هذا الشأن، وهي التي كانت تختص بالفصل في المنازعات بينهم باعتبارها صاحبة الاختصاص العام في مسائل الأحوال الشخصية فاستبقى المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، دفعاً للحرج الذي قد يحدث عند الطلاق في حالة ما إذا كان الزوجان لا يدينان بوقوعه، وتنص الفقرة السابعة منها على أن لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق، ولا وجه للتحدي في هذا الصدد بأن الدين المسيحي على اختلاف مذاهبه لا يعرف الطلاق بالإرادة المنفردة، ذلك أن المقصود من المادة المشار إليها أن يكون الطلاق مشروعاً في ملة الزوجين غير المسلمين ولو توقف على حكم من القاضي، وأنه لا يرجع لشريعة الزوجين عند اختلافهما في الطائفة أو الملة إلا لبحث دينونتهما بوقوع الطلاق، إذ أن الملة الوحيدة التي لا تجيز التطليق هي ملة الكاثوليك. 

2 – لا وجه للقول بأن الأقباط الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس متحدان في العقيدة والملة والمذهب طالما أنهما مختلفان طائفة ونص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 يشترط الاتحاد في الطائفة والملة مع باقي الشروط التي فرضها لتطبيق شريعتهما الخاصة، وذلك بصرف النظر عما إذا كانت لهما جهات قضائية ملية وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 أم لم تكن.

3 – الاعتقاد الديني مسألة نفسانية، ولا يجوز لقاضي الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها ودواعيها. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن حبيب زكي سمعان أقام الدعوى رقم 747 لسنة 1965 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية، ضد السيدة عزيزة ميخائيل بطرس طلب فيها الحكم بإثبات طلاقها طلقة أولى رجعية بتاريخ 18/ 8/ 1965 مع المصروفات والأتعاب وقال بياناً لدعواه إنه تزوج بالمدعى عليها في 25/ 1/ 1953 أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ثم غير طائفته وانضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس في 3/ 8/ 1965 وأخطر كنيسة الأقباط الأرثوذكس بهذا التغيير، ونظراً لأنه أوقع عليها الطلاق عند تحرير صحيفة الدعوى بقوله: “زوجتي ومدخولتي السيدة/ عزيزة ميخائيل بطرس طالق مني وهذه أول طلقة رجعية” فقد طلب الحكم بإثبات هذا الطلاق. وبتاريخ 15 مايو سنة 1966 حكمت المحكمة غيابياً بإثبات طلاق المدعي من المدعى عليها طلاقاً رجعياً بتاريخ 18/ 8/ 1965 وألزمت المدعى عليها المصروفات جنيهاً واحداً مقابل أتعاب المحاماة، وعارضت المدعى عليها في هذا الحكم استناداً إلى أن طائفتي الأقباط الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس متحدتان بالعقيدة والإيمان وأن تغيير المدعي لطائفته وقع بطريق الغش للوصول إلى إيقاع الطلاق بعد أن أقام الدعوى رقم 862 سنة 1962 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية بطلب الطلاق وقضي فيها بالرفض وتأيد هذا الحكم في الاستئناف رقم 26 لسنة 80 ق ثم أقام الدعوى رقم 264 لسنة 64 ق أحوال شخصية، وقضي فيها بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. وبتاريخ 25 ديسمبر سنة 1966 حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه، وألزمت المعارضة المصروفات ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. استأنفت المعارضة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 6 لسنة 84 قضائية. وبتاريخ 25 يونيه سنة 1967 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفة المصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وأودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة، حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون ضده رفض الطعن وصممت النيابة على رأيها السابق.

وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بإثبات طلاق المطعون ضده من الطاعنة استناداً إلى أن المطعون ضده انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس، فأصبح مختلف الملة مع زوجته وهي قبطية أرثوذكسية، وهذا التغيير من شأنه تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على النزاع بين الطرفين، وهي تجيز الطلاق بالإرادة المنفردة وهو من الحكم خطأ في القانون وقصور في التسبيب، ذلك أن المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين تخضع بنص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 لأحكام شريعتهم متى كانوا متحدي الطائفة والملة، وكانت لهم جهات قضائية ملية منتظمة وقت صدور هذا القانون. وثابت أن المطعون ضده انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس، وهي لا تختلف عن طائفة الأقباط الأرثوذكس التي تنتمي إليها الطاعنة في المذهب أو الملة، وأن المجلس الملي أصدر بذلك قراراً أيده فيه المجمع المقدس للأقباط الأرثوذكس، وهو ما يستوجب تطبيق أحكام الشريعة المسيحية في شأن زواج الطرفين، وهي لا تجيز حل ربط الزوجية بمجرد الإرادة المنفردة، ولكن الحكم المطعون فيه أطرح هذه الأحكام وطبق أحكام الشريعة الإسلامية في شأن الطلاق وأغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة في دفاعها من أن السريان الأرثوذكس لم يكن لهم مجلس ملي منظم ومعترف به وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن مؤدى نص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع قصر تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في منازعات الأحوال الشخصية التي تقوم بين الزوجين غير المسلمين إذا ما اختلفا طائفة أو ملة، ولم يشأ أن يخالف ما استقر عليه قضاء المحاكم الشرعية في هذا الشأن وهي التي كانت تختص بالفصل في المنازعات بينهم باعتبارها صاحبة الاختصاص العام في مسائل الأحوال الشخصية، فاستبقى المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية دفعاً للحرج الذي قد يحدث عند الطلاق في حالة ما إذا كان الزوجان لا يدينان بوقوعه وتنص الفقرة السابعة منها على أن لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق، ولا وجه للتحدي في هذا الصدد بأن الدين المسيحي على اختلاف مذاهبه لا يعرف الطلاق بالإرادة المنفردة، ذلك أن المقصود من المادة المشار إليها أن يكون الطلاق مشروعاً في ملة الزوجين غير المسلمين، ولو توقف على حكم من القاضي، وأنه لا يرجع لشريعة الزوجين عند اختلافهما في الطائفة والملة إلا لبحث دينونتهما بوقوع الطلاق، إذ أن الملة الوحيدة التي لا تجيز التطليق هي ملة الكاثوليك كما لا وجه للقول بأن الأقباط الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس متحدان في العقيدة والملة والمذهب طالما أنهما مختلفان طائفة، ونص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 يشترط الاتحاد في الطائفة والملة مع باقي الشروط التي فرضها لتطبيق شريعتهما الخاصة.، ولما كان الثابت بوقائع الدعوى أن المطعون ضده انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس قبل رفعها، وأن الطاعنة تنتمي إلى طائفة الأقباط الأرثوذكس قبل زواجها فأصبحا بذلك مختلفي الطائفة وتطبق في شأن واقعة الطلاق أحكام الشريعة الإسلامية بصرف النظر عما إذا كان لهما جهة قضائية ملية وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن الزوجين مختلفان طائفة، وأعمل أحكام الشريعة الإسلامية في إثبات واقعة الطلاق ولم يتعرض لبحث الجهة القضائية الملية التي كانت للطرفين وقت صدور ذلك القانون، وكان في تخلف شرط اتحادهما طائفة ما يغني عن البحث في باقي الشروط التي أوجب القانون توافرها لإعمال شريعتهما الخاصة، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه قصور في التسبيب، ويكون النعي بهذين السببين على غير أساس.

وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإثبات الطلاق تأسيساً على أن المطعون ضده انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس، في حين أنه لم يلجأ إلى هذا السبيل إلا بعد أن أقامت الطاعنة دعوى النفقة، وقضي بإلزام المطعون ضده بأدائها، كما أنه أقام دعاوى سابقة بطلب تطليقها وقضي فيها بالرفض وهذا ضرب من الاحتيال والغش لا يصلح رداً عليه تعلق الحكم بالمظاهر الخارجية الرسمية لأن الغش يفسد كل إجراء.

وحيث إن هذا النعي مردود بأن الاعتقاد الديني مسألة نفسانية، ولا يجوز لقاضي الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها ودواعيها.

وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .