الآثار الجماعية المترتبة على زوال الجنسية عن الوطنية المتزوجة من أجنبي في التشريعات المقارنة :

ان القاعدة المستقرة في هذا الشأن هو ان الاولاد يتبعون جنسية والدهم دون الأم، لذلك فلا توجد مشكلة عندما يكون الاب على قيد الحياة او كان متمتعا بجنسية دولة معينة حيث يكتسب الولد جنسية ابيه (1) . ولا توجد مشكلة كذلك اذا كان الولد نتيجة الزواج الذي حصل بين الوطنية التي اكتسبت جنسية زوجها والزوج الاجنبي ، ففي هذا الفرض ايضا يكتسب الاولاد جنسية والدهم الجديدة ، لكن تثور المشكلة اذا كان للزوجة اولاد وطنيون وتزوجت من اجنبي فهل تزول الجنسية عنهم تبعا لزوالها عن الام ، فاذا تزوجت الوطنية من شخص يحمل الجنسية الاجنبية وكان للوطنية اولاد وطنيون من زواج سابق ، فهل تزول الجنسية الوطنية عن الاولاد تبعا لزوالها عن الأم ؟ لابد من القول ان الاولاد اذا كانوا بالغين أي بلغوا سن الرشد فلا يؤثر فيهم زوال الجنسية عن الأم إذ يبقى الاولاد يتمتعون بالجنسية الوطنية رغم زوالها عن الأم(2) .

اما اذا كان الاولاد قاصرين فلقد اختلفت التشريعات في تناولها لأثر فقد الوطنية جنسيتها على جنسية الاولاد فقسم من التشريعات (3). تذهب الى ان زوال الجنسية عن الوطنية لا يؤدي بحال الى زوالها عن اولادها القاصرين فيبقى هؤلاء يحتفظون بالجنسية الوطنية حتى لو اكتسبت امهم جنسية زوجها الاجنبي ، في حين ان قسماً آخر(4). من التشريعات تذهب الى ان زوال الجنسية عن الأم يتبع بالضرورة زوالها عن اطفالها اسوة بالرجل في هذه المسألة وعلى ذلك فان الوطنية اذا زالت جنسيتها لاكتساب جنسية زوجها الاجنبي فان زوال الجنسية عنها يستتبع بالضرورة زوالها عن اطفالها القاصرين ، والتشريعات التي تسلك هذا الاتجاه تمثل مرحلة متقدمة في المساواة بين المرأة والرجل في مسائل الجنسية .غير ان غالبية دول العالم اليوم تذهب الى ان زوال الجنسية عن الوطنية ليس له اثر على جنسية اولادها ، فاذا تزوجت الوطنية من الاجنبي واكتسبت جنسيته فان زوال الجنسية عنها لا يستتبع بالضرورة زوالها عن الاطفال ولكن هذه القاعدة لا تطبق على الاطلاق وانما من الممكن ان يمتد اثر زوال الجنسية عن الأم الى اطفالها في حالات معينة وهي كالآتي :

اولا: اذا كان الاب عديم الجنسية : اسباب زوال الجنسية عن الفرد ومن بينها ( نزع الجنسية ) او ( التجريد ) والذي يكون اما عن طريق السحب واما عن طريق الاسقاط (5). ان التشريعات اليوم تذهب الى ان الزوجة لا تتأثر اذا ما جرد الزوج من جنسيته باحدى وسائل التجريد وهما السحب والاسقاط ، وعلى ذلك فان الزوج اذا جرد من جنسيته الوطنية فانه سوف يكون بلا جنسية ومن ثم لا يمكن مد اثر التجريد الى الاولاد القاصرين لانهم سوف يكونون عديمي الجنسية في هذه الحال ايضا لذلك فان هذه التشريعات رتبت على خروج المرأة الوطنية من جنسيتها واكتسابها جنسية زوجها رتبت على ذلك الحاق الاطفال القاصرين بجنسية امهم الجديدة حفاظا على وحدة الجنسية في العائلة من جهة ، ولانقاذهم من حالة انعدام الجنسية من جهة اخرى . على انه يكون للاولاد الحق اذا بلغوا سن الرشد الخروج من جنسية والدتهم اذا لم يرغبوا بذلك (6) .

ثانيا: اذا كان الاب مجهولا : يعد الاب مجهولا اذا لم يثبت نسب الطفل اليه شرعا اما لانه ثمرة اتصال جنسي غير مشروع بين امرأة ورجل ينكر نسب الطفل اليه(7). ففي هذه الحالة يكتسب الطفل جنسية امه الوطنية وبما ان الزوجة تزوجت من اجنبي واكتسبت جنسيته وبالنتيجة زالت عنها الجنسية الوطنية فان الولد اذا كان قاصرا تزول عنه الجنسية الوطنية ويلتحق بجنسية امه التبعية ، اما اذا كان الولد بالغا فان زوال الجنسية عن الام لا يمتد اليه فيبقى محتفظا بجنسيته رغم فقد الأم لجنسيتها.هذا ولابد من القول انه في الحالتين المتقدمتين اذا اكتسب الاب عديم الجنسية جنسية معينة او اذا ظهر الاب المجهول واقر بنسب الطفل اليه فان الطفل يكتسب جنسية ابيه وتزول عنه جنسية الام التي اكتسبت جنسية زوجها بأثر رجعي الي يوم اكتساب الطفل لجنسية الام ، اما اذا كان الولد بالغا سن الرشد فان ظهور الاب او اكتسابه لجنسية لا يؤثران بشيء في جنسيته التي اكتسبها بالتبعية للام فلا تزول الجنسية عنه (8) .

ثالثا: اذا كان متوفياً : اذا توفى الاب وبقيت الام على قيد الحياة ، فلا شك ان الطفل سيكون بحاجة لرعاية الام بعد وفاة الاب ، فاذا اكتسبت جنسية جديدة فهذا يؤدي الى زوال الجنسية عنها ومن ثم تزول الجنسية عن الطفل حتى يلحق بجنسية امه ، الا ان التشريعات تقرر في هذا الخصوص حكما مؤداه ان غير البالغ يكون له الحق باكتساب الجنسية الوطنية الاصلية بعد مرور فترة معينة على بلوغه سن الرشد، ومن هذه التشريعات قانون الجنسية العراقي رقم 46 لسنة 1990 حيث تقضي المادة (13) بفقرتيها بانه يكون للولد غير البالغ الذي فقد جنسيته تبعا لوالدته الرجوع الى الجنسية العراقية بعد سنة من بلوغه سن الرشد اذا ما قدم طلبا بذلك وكان مقيما في العراق.

___________________________________________

1-عبدالحميد وشاحي ،المصدر السابق ، ص 781. جابر جاد عبدالرحمن ، المصدر السابق، ص 360 . حسن الهداوي ، غالب الداودي، حسن الهداوي، المصدر السابق، ص 120-121.

2- السيد محمد ابراهيم، المصدر السابق، الجنسية في دولة الامارات العربية المتحدة ، ص 123.غالب الداودي، القانون الدولي الخاص الاردني ، ج2، ص 174-175. هشام علي صادق، الجنسية والموطن ومركز الاجانب ، ص 502 . حامد مصطفى، القانون الدولي الخاص ، ص 126.

3- م (14) من قانون الجنسية اليوناني الصادر سنة 1927 ، م (6) من قانون الجنسية التايلندي الصادر سنة 1952.

4- م (6 ) من قانون الجنسية البلغاري الصادر سنة 1952 ، م ( 17 ، 18 ) من قانون الجنسية الفرنسي الصادر سنة 1945، م (2) من قانون الجنسية البولندي الصادر سنة 1951.

5- غالب الداودي ، تأثير الزواج في جنسية المرأة في القانونين العراقي والتركي ، ص 117-121.

6- حسن الهداوي ، غالب الداودي، المصدر السابق، ص 52.

7- حسن الهداوي ، غاب الداودي، المصدر السابق، ص 53.

8- ممدوح عبدالكريم ، المصدر السابق ، ص 90.

المؤلف : مثنى محمد عبد القيسي
الكتاب أو المصدر : اثر الزواج المختلط على جنسية الزوجة
الجزء والصفحة : ص178-180

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .