بعد التوصل الى الدخل الاجمالي المتحقق للشخص غير المقيم في اقليم دولة ما، ينزل من هذا الدخل الاجمالي الاعباء التي يتحملها المشروع في سبيل تحقيق هذا الدخل للوصول الى الدخل الصافي(1) الذي حققه المشروع في الاقليم. ولاتبرز اية مشكلة بالنسبة للنفقات التي انفقت مباشرة في سبيل الحصول على الدخل المتحقق في الاقليم مثل ايجارات المباني والرواتب المدفوعة في الاقليم الذي تحقق فيه الدخل، اذ ان مثل هذه التكاليف المباشرة تنزل من الدخل الاجمالي(2) ولكن تبرز بعض الصعوبات في تحديد مدى قانونية اجراء بعض التنزيلات من الدخل الاجمالي المتحقق في الاقليم فيما يتعلق بالمسائل التالية:

1-المصاريف العمومية التي ينفقها المركز الرئيسي.

2-المصاريف التي تدفع للمركز الرئيسي.

3-الخسائر المتحققة في الخارج.

وسنبحث فيما يلي هذه المسائل من خلال الفروع الثلاثة التالية:

الفرع الاول: مصاريف المركز الرئيسي.

الفرع الثاني: المصاريف المدفوعة للمركز الرئيسي.

الفرع الثالث: الخسائر المتحققة في الخارج.

الفرع الأول : مصاريف المركز الرئيسي

ان بعض المصاريف التي ينفقها المركز الرئيسي يستفيد منها المشروع بكافة فروعه واجزائه، ولاتخصص لخدمة فرع او نشاط معين من هذا المشروع، مثل مكافآت اعضاء مجلس الادارة ونفقات الادارة العامة بشكل عام. ومادامت هذه المصاريف لاتخص جزءاً محدداً من اجزاء المشروع فيكون من المنطق توزيعها على كافة فروعه واجزائه. ولكن ما هو موقف المشرع الضريبي العراقي من هذه المصاريف؟ نعتقد ان قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 لم ينص على جواز تنزيل هذه النفقات من دخل الفرع في العراق او من الدخل المتحقق في العراق بصورة عامة ومع ذلك يمكن القول بان يجوز تنزيل مايخص الدخل المتحقق في العراق من المصاريف العمومية التي أنفقها المركز الرئيسي لان هذا القانون قد اجاز ان “ينزل من الدخل كل ماينفقه المكلف للحصول عليه خلال السنة التي نجم فيها…”(3). ويستخلص الفقه الضريبي(4)، من هذا النص ان القانون العراقي لايشترط ان تكون النفقة قد خصصت لا نتاج الدخل بالذات بصورة مباشرة، اذ يجوز ان تنزل النفقة مادام ان لها بعض الصلة بانتاج هذا الدخل. وفي احدى السوابق، قررت الادارة الضريبية رفض تنزيل مايخص احد فروع الشركات الاجنبية العاملة في العراق من نفقات المركز الرئيسي بحجة انها مصاريف قد انفقت في الخارج وان السلطة المالية لاتستطيع التحقق منها. استأنفت الشركة القرار لدى لجنة التدقيق والتي قررت ان قرار الادارة الضريبية مخالف للقانون وجاء في قرارها “وترى اللجنة ان رفض السلطة المالية لمثل هذا المصرف رفضاً مطلقاً من حيث المبدأ غير صائب اذ ليس لها ان تقرر رفض تنزيل مصاريف المركز الرئيسي بصورة مطلقة”(5).

الفرع الثاني : المصاريف المدفوعة للمركز الرئيسي

قد يدفع الفرع بعض المبالغ للمركز الرئيسي كنفقات، ويطالب بتنزيلها من الدخل الاجمالي ومثال ذلك الفوائد التي يدفعها الفرع عن الاموال التي اقترضها من المركز الرئيسي او العمولات التي يدفعها الفرع لهذا المركز، فهل يجوز تنزيل هذه النفقات في القانون العراقي؟ للاجابة نقول ان المشرع الضريبي لم يتضمن نصاً يعالج هذه المسألة وهي تنزيل النفقات التي يدفعها الفرع للمركز الرئيسي. وفي ضوء سكوت المشرع يرى البعض(6). انه لابد من التفريق بين النفقة الحقيقية والنفقة الوهمية، فاذا كانت النفقة حقيقية فيجوز ان تنزل من الدخل الاجمالي اما اذا كانت نفقة وهمية او مصطنعة بقصد التهرب من الضريبة فلا يجوز ان تنزل هذه النفقات المدفوعة للمركز الرئيسي.

الفرع الثالث : تنزيل الخسائر المتحققة في الخارج

يحدث ان يكون المشروع قد حقق دخلاً في اقليم احدى الدول، الا انه يمكن بالمقابل ان يحقق خسارة خارج اقليم تلك الدولة تكون مرتبطة بفرع النشاط نفسه الذي حقق منه المشروع دخلاً في اقليم الدولة المذكورة فهل يجوز تنزيل مثل هذه الخسائر من الدخل الخاضع للضريبة في الاقليم الذي تحقق فيه الربح؟ يلاحظ ان المشرع الضريبي العراقي في قانون ضريبة الدخل رقم 113 لسنة 82 اشترط لغايات تنزيل الخسارة ان تكون متحققة في العراق حيث نص على [تنزل خسارة المكلف في بعض مصادر الدخل الناجم في العراق…](7). ومن باب مفهوم المخالفة ان الخسارة التي تحدث للمكلف في نطاق مصادر دخله الموجودة الخارج لايمكن استنزالها من ارباحه الناتجة في العراق(8).

___________________

[1]- الدخل الصافي هو الفرق بين مجموع الايرادات الكلية والمبالغ التي انفقت في سبيل الحصول عليها، أي تحتسب الزيادة الحقيقية الايجابية في ذمة المكلف التي تفرض عليها الضريبة فقط. فمصدر الدخل لايتم المساس به حيث تخصم تكاليف اعادة انتاج هذا المصدر وديمومته بحيث يبقى المصدر ثابتاً وقابلاً للعطاء وتشمل تكاليف الدخل نفقات الصيانة ونفقات الاستهلاك ونفقات الاستغلال مثل اجور العمال وايجارات المباني وفوائد القروض المعقودة لغرض تسيير المشروع الاقتصادي.. لانها نفقات بذلت في سبيل الحصول على الدخل. هذا يخص الدخل الصافي المتحقق للشخص غير المقيم. اما الدخل الصافي المتحقق للمقيم فلابد من تنزيل السماحات القانونية ايضاً من الدخل الاجمالي للوصول الى الدخل الصافي بسبب ان المشرع العراقي يحجب السماحات القانونية من الشخص غير المقيم. انظر في ذلك:- د. دلاور علي ود. عبد المنعم فوزي- مالية الدولة- الاسكندرية-الطبعة الاولى- منشورات منشأة المعارف- 1962- ص94.

2- نصت المادة (8) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل على “ينزل من الدخل كل ماينفقه المكلف للحصول عليه خلال السنة التي نجم فيها والمؤيد حسابها بوثائق مقبولة..” كذلك انظر المادة (9) من قانون ضريبة الدخل الاردني رقم (57) لسنة 85 وتعديلاته والتي جاء فيها (للتوصل الى مقدار الدخل الخاضع للضريبة تنزل المصاريف والنفقات الانتاجية التي انفقت او استحقت كلياً وحصراً في سبيل انتاج الدخل الاجمالي خلال السنة).

3- المادة (8) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.

4- د. صالح يوسف عجينه- ضريبة الدخل في العراق- مرجع سابق- ص310.

5- قرار لجنة التدقيق في 24/4/1980 مشار اليه في مؤلف: عبد الصاحب سعيد ومحمد رضا الجمالي- المحاسبة الضريبية/ الضريبة على ارباح الشركات- بغداد- وزارة المالية- مركز التدريب المالي والمحاسبي- 1983- ص41.

6- د. صالح يوسف عجينه- ضريبة الدخل في العراق- مرجع سابق- ص311.

7- المادة (11) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.

8- د. صالح يوسف عجينه- ضريبة الدخل في العراق- مرجع سابق- ص387.

المؤلف : خيري ابراهيم مراد.
الكتاب أو المصدر : المعاملة الضريبية للشخص غير المقيم في قانون

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .