الغصب هو اخذ مال احد و ضبطه من دون اذنه و يقال للاخر الغاصب، و للمال المضبوط مغصوب و لصاحبه مغصوب منه(1)، و عبء اثبات واقعة الغصب يقع على من يدعي ان له اشياء تم غصبها من الغير، و يجوز اثبات واقعة الغصب بطرق الاثبات كافة التي حددها القانون لكونها واقعة مادية، و اذا حصل عدم تمكن المدعي من اثبات مدعاه و قبل الركون الى ضمير المدعي عليه في حسم النزاع عن طريق اليمين الحاسمة، يمكن اللجوء الى الامارات و الدلائل التي احتوتها الدعوى في ذلك(2).

ان سبب ترجيح بينة التمليك على بينة الغصب يعلل بالقول بان بينة التمليك مرجحة على بينة الغصب، لان التمليك تمليكا للعين و المنفعة معا، اما الاجارة او الاعارة فهي تمليك منفعة فقط فاصبحت بذلك بينة التمليك مثبته للزيادة. فاذا أخذ سمير كتاب سالم و هلك في يده و ادعى سمير على سالم قائلا: قد غصبت الكتاب مني و ادعى سالم بالقول قد اهديتني الكتاب و سلمته لي، و اقام كلاهما البينة فترجح بينة سمير(3). ان عجز المدعي عليه (المستأجر) عن اثبات دفعه بالايجار للعقار، و منحه حق توجيه اليمين الحاسمة للمدعي و بالصيغة المقررة قانونا في المحكمة و رفضه توجيهها، يثبت واقعة الغصب التي ادعاها المدعي للعقار العائد له(4)، ان الحكم الصادر من محكمة الموضوع المختصة موافق للقانون ذلك لان محكمة الموضوع استعانت بخبير مختص لتقدير اجر المثل الذي استحقته المدعيات عن المدة المدعي بها و التي عجز المدعي عليه عن اثبات كونه قد ابيح له السكن في العقار موضوع الدعوى خلالها من دون بدل و رفض تحليف المدعيات يمين عدم العلم فخسر ما توجهت به اليمين و ان تقدير الخبير جاء معتدلا و يصلح اعتماده سببا للحكم عملا باحكام المادة (114 /اولا) من قانون الاثبات(5).

ان ما يثبت لمحكمة التمييز من خلال التدقيق و المداولة لوقائع الدعوى بعد ملاحظة ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية المحددة، فقد وجد ان المدعي عليه المميز حصر طعنة الاستئنافي في المصوغات الذهبية فقط و دفع بأن المدعية المميز عليها لا تملك ذهبا و حيث ان المدعية قدمت بينة شخصية تثبت تمليكها الذهب وفق المفردات التي ذكرتها و بالرجوع الى ما جاء في البينة الشخصية المستمعة بداءة و استئنافا فقد وجد انها لم تثبت واقعة غصب المدعي عليه لهذه المصوغات الذهبية التي ادعت المدعية في عريضة الدعوى ان المدعي عليه قد غصبها وعليه فقد يتطلب الامر من المحكمة اعتبار المدعية عاجزة عن اثبات فقرة المصوغات الذهبية و تمنحها حق تحليف المدعي عليه اليمين الحاسمة بهذا الشأن ثم تتخذ قرارها في الدعوى في ضؤ النتيجة، و حيث ان المحكمة لم تدرك ذلك مما اخل بصحة حكمها المميز الذي لا يستطاع معه ترجيح بينة المدعية بملكية مصوغاتها الذهبية على بينة الغصب الصادرة من المدعي عليه مما يعني نقض الحكم بخصوص هذه النقطة(6).

ان نص المادة (193) من القانون المدني العراقي التي تقابلها المادة (891) من المجلة على انه: (يضمن الغاصب اذا استهلك المال المغصوب او اتلفه او ضاع منه أو اتلفه كله او بعضه بتعديه او بدون تعديه)، و نص المادة (192) تقابلها المادة (890) من المجلة على انه: (يلزم رد المغصوب عينا و تسليمها الى صاحبه في مكان الغصب ان كان موجودا، و ان صادف صاحب المال في مكان اخر و كان المال المغصوب معه فان شاء صاحبه استرداده هناك و ان طلب رده الى مكان طلب الغصب فمصاريف و مؤونة رده على الغاصب و هذا من دون اخلال بالتعويض عن الاضرار الاخرى)، و ايضا نص المادة (195)، التي تقابلها المادة (900) من الجملة على انه: (اذا تناقصت قيمة المغصوب بعد الغصب فليس للمغصوب منه الا ان يقبله كما هو من دون اخلال بحقه في التعويض عن الاضرار الاخرى. و لكن اذا طرأ على قيمة المغصوب نقصان بسبب استعمال الغاصب او بفعله لزمة الضمان).

ان الاعتراف بتسلم المغصوب لا يرفع مسؤولية الغاصب عن ضمان الضرر الذي الحقه بالمغصوب على ان تقام البينة بكون الضرر حاصلا اثناء وجود المغصوب بيد الغاصب(7). وجد ان القرار الصادر من المحكمة المختصة صحيح و موافق للقانون ذلك لان المدعي عليه المميز اقر باشغال العقار موضوع الدعوى بصفة مستأجر و لكنه عجز عن اثبات وجود عقد ايجار مع رفضه تحليف المدعي عليه اليمين الحاسمة وفق المادة (118) اثبات و عليه يكون قد خسر الدعوى من بعد تفوق بينة المدعي بالتملك و الغصب من جانب المدعي عليه على بينته (8)، ان بينة المالك علىان الدابة أو الكتاب اتلفها الغاصب مرجحة على بينة الغاصب على انه ردها سليمه، فلو كان المغصوب دارا فاقام صاحبها البينة على ان الغاصب هدم الدار و اقام الغاصب بينة انه ردها على صاحبها كانت بينة صاحبها اولى، اما اذا اقام الغاصب البينة على رد المغصوب الى المالك و اقام المالك البينة على ان الغاصب اتلفه ضمن الغاصب، ان بينة المالك على ان الغاصب اتلف المغصوب اولى من بينة الغاصب على رد المغصوب الى المالك و بينة صاحب الدار على هدم الغاصب اولى من بينة الغاصب(9).

و خلاصة القول يجب في دعوى الغصب و ازالة اليد الغاصبة ان يكلف المدعي لاثبات فعل الغصب بالبينة و الا رجحت بينة الغاصب لعدم تمكن المدعي من اثبات دعواه، حيث لم يبق امامه سبيل سوى توجيه اليمين و التي يترتب عند ادائها ايضا ترجيح بينة الغاصب.

________________

1- م(881) مجلة الاحكام العدلية.

2- تمييز عراقي 2189/ص/ 955 في 8/2/1956،العلام. المبادىء القضائية ،ص13؛ تمييز عراقي رقم 583/م1 منقول، 2001 في 29/5/2000 مجلة القضاء العدد (4.3) 2001، ص159.

3- علي حيدر، شرح المجلة الكتاب الخامس عشر، ص196.

4- تمييز عراقي 1218، م منقول / 2002 ت1385 في 22/6/2002.

5- تمييز عراقي 1210/م2/2002 ت 1871 في 27/7/2002.

6- تمييز عراقي 529/م1 منقول/2002 ت 773 في 1/6/2002.

7- تمييز عراقي رقم 193/ب/1951 في 29/6/1950، محمد احمد العمر، مبادئ قانونية ،ص606

8- تمييز عراقي 1655/م2/2002 ت 1588 في 19/6/2002.

9- الطريقة الواضحة الى بينة الراجحة، محمود حمزة ،ص314؛ ملجاء القضاة عند تعارض البينات، غانم البغدادي ، ص102، ترجيح البينات، عبد الرحمن الخصالي ،ص99؛ جمع و نشر محمد صالح الراوي و محمد سعيد الراوي، مطبعة دار السلام بغداد، 1344هـ. درر الحكام، شرح مجلة الاحكام العدلية، علي حيدر، مطبعة غزه، 1352هـ/1033م الكتاب الثاني عشر ص202؛) للمدعي عليه في دعوى منع المعارضة امكانية اثبات يده اجارة وليس يد غصب بالشهادة المؤيدة بوقائع مادية) تمييز حقوق اردني 201/87 ص2588 1989، المبادئ القانونية لمحكمة التمييز الاردنية في القضايا الحقوقية.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .