وعدكِ بالزواج ثم “تملّص” منه، فماذا يقول القانون العماني عن ذلك؟
أثير – المحامي صلاح بن خليفة المقبالي

يرسم لها أحلامًا وردية، وينسج لها القصص الخيالية واحدةً تلو الأخرى، حتى تقع في “الفخ” وبعدها يتبخر الحلم، وتبقى هي مُعلّقة ما بين الماضي والمستقبل، خصوصًا إن كان هذا “الفخ” قد جنى منه صاحبه ما أراد.

هي قصص نسمعها “للأسف” بين الفترة والأخرى، من فتيات “غُرّر” بهن بهدف الزواج، اكتشفن الحقيقة “الصادمة”، إلا أن القانون يقع في صف “المظلومين” دائمًا، لكن يسبقه “الوعي والحيطة”.

وفي زاويتنا القانونية لهذا الأسبوع عبر “أثير” سنتحدث عن هذا الموضوع الذي يُعدّ في غاية الأهمية، وهو “الوعد بالزواج ثم التملص منه ، وهل يترتب عليه آثار قانونية”؟؟

وفي البداية نقول بأن الوعد بالزواج هو أن “يقطع الشاب عهدًا على نفسه وللفتاة بأن يتزوجها” ، وقد يتحقق هذا الوعد الزواج، وقد لا يتحقق لظروف خارجة عن إرادة الطرفين، أو بتعمّد أحدهما.

ولا تكون هناك آثارٌ قانونية إن عدل أحد الطرفين عن فكرة الزواج ، ما لم تكن هناك خطبة رسمية، فإن كانت الخطبة حاضرة يحق للخاطب أن يسترد ما قدمه من هدايا إن كان العدول من طرف الفتاة.

لكن بعض ضعاف النفوس يستغل هذا الوعد في مآرب شيطانية ، وما إن يبدأ بالتعمق مع الفتاة (الضحية) ويلعب بوتر العاطفة ليوهمها بأنه فارس أحلامها المنتظر، وما إن يشعر شيطان الإنس بأن الضحية قد وقعت في حبال كذبه ، وأصبحت طعمًا لشباك خباثته حتى يبدأ في اقتناص مآربه.

وهنا سنوضّح ما قد يقع من جرائم متوقعة تصاحب الوعد بالزواج وهي كالآتي:-

1- مخالفة قانون الجزاء:-

قد يقوم هذا الشاب بالاحتيال على الفتاة وذلك بأن يوهمها بأنه سيتقدم لخطبتها من ذويها ويتعلل بأنه لا يملك المهر ويطلب منها توفيره بعد أن يدعم كذبه بمظاهر خارجية، وذلك بأن يصطحب شخصًا يدّعي بأنه من أقربائه لخطبتها من أهلها، وهنا يكون هذا الشاب قد اقترف جريمة الاحتيال المؤثمة بالمادة (٣٤٩) والتي تنص:- “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 أشهر، ولا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تقل عن 100 ريال عماني، ولا تزيد على 300 ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حصل من الغير على نفع غير مشروع لنفسه أو للآخرين باستعماله إحدى طرق الاحتيال، أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، وتشدد العقوبة على ألا تجاوز الضعف إذا وقع فعل الاحتيال على شخص دون 18 الثامنة عشرة من عمره أو على بالغ لا يملك كامل قواه المميزة”.

وقد تقع جريمة أخرى تحت غطاء الوعد بالزواج وهي جريمة الزنا التي تدين الطرفين شريطة تحريك الدعوى من ولي أمر الفتاة.

2- مخالفة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات:-

عبر وسائل تقنية المعلومات المختلفة، يقوم الشاب باستدراج الفتاة بالكلام المعسول ويوهمها بالزواج ثم يغويها حتى تقع فريسة مخالبه ، وهنا نكون بصدد جريمة إغواء أنثى المؤثمة بالمادة (١٥) التي نصت بـ :” يعاقب بالسجن المؤقت مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال عماني، ولا تزيد على خمسة آلاف ريال عماني كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في تحريض أو إغواء ذكر أو أنثى لارتكاب الفجور أو الدعارة أو في مساعدته على ذلك، وتكون العقوبة السجن المؤقت مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال عماني ولا تزيد على عشرة آلاف ريال عماني إذا كان المجني عليه حدثا لم يكمل الثامنة عشرة.

ومع تطور العلاقة قد يتحصل الشاب على معلومات دقيقة أو صور ومحادثات يستخدمها سلاحًا ليبتز به الفتاة المسكينة التي أمِنت، واطمأنت له ، ويبدأ في ابتزازها وفق المحتوى الذي تحصّل عليه ، ودرءًا للفضيحة تسلّم الفتاة نفسها كحمل وديع ، وهذا الفعل جرّمته المادة (١٨) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات التي تنص :” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في تهديد شخص أو ابتزازه أو لحمله على القيام بفعل أو امتناع ولو كان هذا الفعل أو الامتناع مشروعًا، وتكون العقوبة السجن المؤقت مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال عماني ولا تزيد على عشرة آلاف ريال عماني إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور مخلة بالشرف أو الاعتبار.

الوعي ثم الوعي

والخلاصة فإن الوعد بالزواج إن عدل الشاب عنه ولم تصاحبه أفعال مجرّمة لا تترتب عليه آثار قانونية ، وإن كان هذا الوعد غطاءً لتحقيق مآرب ومنفغة غير مشروعة فإن القانون سيضرب بيدٍ من حديد. وفي كل الأحوال فإن المعوّل عليه هو وعي الفتاة وانتباهها وفطنتها في مثل هذه الأمور.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت