اثر سلطة الادارة في حماية الاخلاق العامة في حرية تأسيس الجمعيات :

يقصد بحرية تكوين الجمعيات حرية الافراد في تشكيل جماعات منظمة لها وجود مستمر ولها غايات منظمة ويكون للفرد الحرية في الانضمام إلى ما يشاء من الجمعيات ما دامت أغراضها سلمية(1). وفي العراق تشترط المادة (4/خامسا) من قانون الجمعيات رقم 13 لسنة 2000 الملغى حكما بالامر 45 لسنة 2003 المعدل في الجمعيات ان لاتهدف الى اهداف مخالفة للنظام العام والاداب(2)،كما تجيز المادة(22/خامسا)من القانون نفسه لوزير الداخلية حل الجمعية اذا ثبت انها تأتي بأمور تخالف الاداب العامة(3)،ولكن تخلو نصوص امر سلطة الائتلاف المنحلة رقم (45) لسنة 2003 بشأن المنظمات غير الحكومية من اي قيود على تاسيس المنظمات غير الحكومية والجمعيات او على نشاطها تتعلق بوجوب مراعاة الاخلاق العامة للمجتمع او ان لا تهدف الى اهداف مخالفة للاخلاق العامة للمجتمع(4)،وفي ذلك نقص تشريعي وخطورة على النظام العام للمجتمع واخلاقه العامة اذ قد يسمح بتأسيس جمعيات مخالفة لما يعتنقه المجتمع من اخلاق مثل الجمعيات التي تهدف الى تنظيم نشاط المثليين وحمايتهم وان كنا نرى ان الادارة تستطيع ان تمنع تاسيس الجمعيات التي تهدف الى اهداف مخلة بالأخلاق العامة وان يكون لها حلها عند ممارستها لنشاطات مخالفة للاخلاق العامة حتى عند عدم وجود نص صريح يخولها ذلك وهذا نابع من ان ممارسة اية حرية بصورة مخالفة للاخلاق العامة التي يؤمن بها المجتمع يشكل اعتداء على الحريات العامة لبقية افراد المجتمع وهذا مالايمكن قبوله او الاعتراف بمشروعيته الا ان ذلك لايعدو ان يكون رأيا قد لايؤخذ به من الادارة او القضاء عند اثارة نزاع بهذا الخصوص ومن ثم فان التدخل التشريعي لتقرير ذلك وتدوينه بنصوص قانونية نجده ضرورة لاغنى عنها .

_________________

1- ثروت بدوي – النظم السياسية– دار النهضة العربية – القاهرة- 1975- 426.

2- انظر كذلك مثلا في مصر المادة (11)من قانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية رقم (84)لسنة 2002- منشور لدى المستشار الدكتور عبد الفتاح مراد – قانون الجمعيات الاهلية ولائحته التنفيذية ومذكرته الايضاحية والقرارات المكملة له – مكان الطبع غير مذكور-سنة الطبع غير مذكورة.

3- انظر كذلك مثلا في مصر المادة (42) من الجمعيات والمؤسسات الاهلية رقم (84)لسنة 2002 التي اجازت لوزير الشؤون الاجتماعية حل الجمعية بقرار مسبب بعد اخذ راي الاتحاد العام ودعوة الجمعية لسماع اقوالها في حالة ارتكابها مخالفة للنظام العام او الاداب- القانون منشور لدى ع عبد الفتاح مراد – قانون الجمعيات الاهلية ولائحته التنفيذية ومذكرته الايضاحية والقرارات المكملة له – مكان الطبع غير مذكور-سنة الطبع غير مذكورة.

4- منشور في جريدة الوقائع العراقية – العدد ( 3980) – اذار 2004 – ص159-173.

اثر سلطة الادارة في حماية الاخلاق العامة في حرية تاسيس الاحزاب السياسية والانتماء اليها :

وتعني هذه الحرية حرية كل شخص في تأسيس الاحزاب السياسية او الاشتراك في تأسيسها وحريته في الانتماء لاي حزب يراه موافقا لميوله الفكرية. وتنص المادة (5)من قانون الاحزاب السياسية العراقي الملغى رقم (30)لسنة 1991 على انه لايجوز تأسيس حزب سياسي يقوم على اساس الالحاد(1)،اذ يعد التعبير عنه بواسطة حزب سياسي فعلا مخالفا للاخلاق العامة في مجتمع يعتنق غالبيته العظمى الاسلام، ويخلو امر سلطة الائتلاف المنحلة رقم (97) المتعلق بقانون الاحزاب والهيئات السياسية من اي نص شبيه بما ورد اعلاه او منع على الحزب من ممارسة اي عمل او يدعو الى اي نشاط يخالف الاخلاق العامة للمجتمع (2). ان دور الادارة هنا يمكن ان يظهر من خلال عدم منحها الترخيص لتأسيس حزب سياسي يقوم على اساس الالحاد او سحب الترخيص اذا اتضح لها ذلك بعد تأسيسه، وهذا الدور له اثر في حرية تاسيس الاحزاب السياسية وذلك بتقييدها الا انه تقييد جائز ان لم يكن واجبا في سبيل حماية الاخلاق العامة للمجتمع.

________________

1- منشور في جريدة الوقائع العراقية – العدد (3371) – 16/9/1991.

2- منشور في جريدة الوقائع العراقية – العدد (3984) – حزيران 2006 – ص138-141.

المؤلف : نجيب شكر محمود
الكتاب أو المصدر : سلطة الادارة في حماية الاخلاق العامة واثرها في الحريات العامة
الجزء والصفحة : ص153

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .