دراسة حول شروط وإجراءات الدعوى التحكيمية بالمغرب

مقدمة :

لاشك أن التحكيم هو تعبير عن رغبة الطرفين في عدم عرض نزاعهم على القضاء العادي في الدولة، ورغبتهم في إقامة محكمة خاصة بهم، يختارونها هم بأنفسهم، بشرط أن يحددوا لها موضوع النزاع، والقانون الذي يرغبون تطبيقه فيما بينهم، فالمحكم هو قاض مختار بواسطتهم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وللتحكيم مزايا كثيرة، لا تتوافر في حالة التجاء إلى القضاء العادي ومنها أن التحكيم يحفظ أسرار الطرفين فلا يطلع عليها سوى المحكمين المختارين لنظر القضية والمحامين المترافعين عن الطرفين. وهؤلاء ملتزمون بالمحافظة على سر المهنة، وهذا بخلاف ما يحصل أمام القضاء العادي، حيث تكون الإجراءات علنية ويتعذر إخفاء كل ما يتعلق بموضوع التحكيم.

إلى جانب ذلك، يوفر التحكيم الوقت والجهد للأطراف، ولكن هذه الميزة قد تنعدم في بعض الأحيان، وذلك لأن النظر في بعض القضايا يطول إلى بضع سنوات، فيما تنتهي حالات أخرى في بعض أشهر.

وانسجاما مع هذا، فالقضية المعروضة على القضاء العادي تمر في مراحل متعددة بين درجات المحاكم المختلفة، في حين القضية التحكيمية تمر بمرحلة واحدة من هذه الدرجات وهي العرض على هيئة التحكيم.

كما يمكن التحكيم الأطراف من اختيار هيئة تحكيمية متخصصة في موضوع النزاع، كاختيار متخصص في مجال البنوك، أو النقل البحري أو المقاولات وغير ذلك من المجالات.

وتأسيسا على ما سبق، فالتحكيم يوفر مزايا عديدة للأطراف، لكن قد تكون بعيدة المنال إذا لم توضع مسطرة وإجراءات فعالة وواضحة للدعوى التحكيمية، التي هي البوابة الرئيسية لحصول الأطراف على حلول لنزاعاتهم.

فلا مناص، من التأكيد على أهمية الدعوى التحكيمية في التحكيم، بالنظر إلى اعتبارها الطريق و السبيل الوحيد لحصول المحتكمين على حقوقهم.

ومن هنا، يمكن التساؤل عن الكيفية التي تمارس بها الدعوى التحكيمية، فما هي شروطها وإجراءاتها؟

وللإجابة على هذا الاشكال نتبع التصميم التالي:

التصميــــم :

الفقرة الأولى : شروط الدعوى التحكيمية .

أولا : الشروط الموضوعية :

1-الأهلية

2-الصفة

3-المصلحة

ثانيا: الشروط الشكلية

1-مذكرة الدعوى التحكيمية

2-إمكانية إعمال الفصلين 31و 32 من ق م م .

الفقرة الثانية : إجراءات الدعوى التحكيمية .

أولا: مسطرة التبليغ

ثانيا : المناقشة والمداولة

1-المناقشة

2-المداولة

إن أطراف اتفاق التحكيم قد تنازلوا عن سلوك طريق القضاء الرسمي، بمعنى أنهم قد آمنوا بما يقدمه التحكيم من مزايا عدة، حيث أن المحتكمون هم الذين يختارون المحكم الذي يقتنعون بكفاءته المهنية و القانونية وحياده، وكذلك السرية التي تميز عملية التحكيم بدل الجلسات العلنية أمام المحاكم، وحتى يتمكن الأطراف من عرض نزاعاتهم عن طريق رفع الدعوى التحكيمية يجب توفر الشروط الموضوعية و الشكلية لممارسة الدعوى.

الفقرة الأولى : شروط الدعوى التحكيمية.

و حتى يتمكن المدعى في الدعوى التحكيمية من رفع دعواه بشكل صحيح فإنه لابد أن يتوفر على الشروط الموضوعية (أولا) أي ضرورة توفر الأهلية القانونية والصفة ثم المصلحة، وكذلك يجب التقيد بالشروط الشكلية لافتتاح الدعوى ونشرها أمام الهيئة التحكيمية (ثانيا).

أولا : الشروط الموضوعية:

1-الأهلية:

بالرجوع إلى الفصل 308 من القانون 05-08 فهو يعطي الحق لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق التحكيم في تلك الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق الإجراءات و المساطر المنصوص عليها ضمن فصول هذا القانون.

فالشخص حتى يتمكن من الاتفاق على التحكيم يجب أن يتوفر على الأهلية الكاملة التي يشترطها القانون لإبرام التصرفات القانونية و التي يجب أن يتوفر عليها الشخص عند إقدامه على رفع الدعوى التحكيمية أمام الهيئة التي تم اختيارها للفصل في النزاع موضوع اتفاق التحكيم، فالمحتكم يجب أن يتوفر على أهلية التقاضي حتى يكون على بينة من أمره فيما يقوم به، والأهلية تنقسم على قسمين ، أهلية الوجوب والتي تثبت في الأصل لكل آدم منذ ولادته بل حتى للجنين وهو في بطن أمه، وأهلية الأداء وهي صلاحية الشخص للقيام بالعمليات القانونية على الوجه السليم نفسه.

فالأهلية التي يتطلبها المشرع لإبرام اتفاق التحكيم يجب أن يتوفر عليها المحتكم عند رفعه للدعوى التحكيمية، وهي أهلية الأداء والتي بمقتضاها يكتسب الشخص الحقوق ويتحمل بالالتزامات .

فالتحكيم الذي يقدم عليه القاصر دون موافقة نائبه الشرعي يكون باطلا بحكم القانون، إلا إذا كان هذا القاصر قد تم ترشيده أو باشر ذلك بواسطة نائبه القانوني.

وهكذا فالأشخاص الطبيعيين الذين يتوفرون على الأهلية القانونية المطلوبة يمكنهم أن يوافقوا على التحكيم و أن يرفعوا الدعوى التحكيمية أمام الهيئة التحكيمية لأجل الفصل في النزاع موضوع اتفاق التحكيم، وتقديم طلباتهم ودفوعاتهم أمام المحكم أو الهيئة المشكلة من قبلهم.

أما فيما يخص أهلية الأشخاص المعنوية فإنه ينبغي التمييز بين الأشخاص المعنوية العامة والخاصة، فالأشخاص المعنوية العامة كانت من المسائل التي لم تتوحد بشأنها نصوص التشريعات و لم تتوافق بشأنها مواقف الفقه و القضاء.

فالمشرع المغربي من خلال الفصل 310 من قانون التحكيم الجديد 05-08 نص على أنه : ” لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية.

غير أن النزاعات الحالية الناتجة عنها يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق قانون جبائي.

بالرغم من أحكام الفقرة الثانية من الفصل 317 أدناه يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق التحكيم في دائرة التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أو الوصاية المنصوص عليها في النصوص الجاري بها العمل فيما يخص العقود المهنية…”.

فمن خلال هذا يتأكد أن المشرع المغربي أعطى إمكانية الموافقة على التحكيم بالنسبة للأشخاص المعنوية العامة ولكن وضع لذلك نطاقا يجب احترامه من خلال التقيد بمضامين هذا الفصل أعلاه.

أما الحالات التي تتدخل فيها الدولة أو الجماعة المحلية بخصوص أملاكها الخاصة فيمكنها أن تبرم اتفاق التحكيم، كالأشخاص المعنوية الخاصة التي يمكنها ان تبرم اتفاقات التحكيم وبالتالي ممارسة الدعوى التحكيمية عن ممثلها القانوني المأذون له بإبرام مثل هذه التصرفات[1].

وهناك من التشريعات التي تمنع على الدولة والجماعات المحلية مباشرة التحكيم، كالتشريع الفرنسي والتونسي.

2-الصفة :

على غرار الدعوى القضائية فإنه ينبغي أن يتوفر المدعي على الصفة عند ممارسة الدعوى التحكيمية، والصفة هي تلك الولاية التي تعطي حق مباشرة الدعوى، أي أنها هي الصفة التي يتحلى بها طالب الحق في إجراءات الخصومة ويستمدها من كونه هو صاحب الحق وخلفا له أو نائبه القانوني. وهذا يعني أن هذه الصفة تثبت للشخص نفسه إذا كان هو صاحب الحق موضوع النزاع، فهي يمكن أن تستخلص من وقائع الدعوى.

فمسألة الصفة في الدعوى التحكيمية على غرار المصلحة لا تطرح إشكال بحيث أن اتفاق التحكيم هو الإطار المحدد لهذه الصفة، فالشخص إن لم يكن طرفا في هذا الاتفاق فلا يمكن أن تثبت له هذه الصفة، أو يكون من الذين ينصرف إليهم أثر اتفاق التحكيم.

وتجدر الإشارة، إلى أن على الهيئة التحكيمية أن تتحقق من صفات الخصوم وأهليتهم قبل البدء في إجراءات التحكيم وذلك لتفادي السير في إجراءات باطلة، وبالتالي فعند انعدام صفة أو أهلية الأطراف تقوم الهيئة بوقف الإجراءات.

عندما يكون المدعي نائبا أو وكيلا فلا بد من إثبات صفته كممثل أو نائب لصاحب الحق، حيث يكون ملزما بتقديم ما يثبت نيابته أو وكالته، وهو نفس الحكم بالنسبة للمثل القانوني للشخص المعنوي.

3-المصلحة:

تثبت مصلحة المحتكم في الدعوى التحكيمية من خلال كونه طرفا في اتفاق التحكيم، وهذه المصلحة هي متطلبة أيضا في الدعوى القضائية تعتبر من أهم المرتكزات التي تقوم عليها الدعوى بصفة عامة ، حيث أنه لا دعوى حيث لا مصلحة، وهناك من التشريعات التي ارتكزت فقط على المصلحة المباشرة دون التطرق أو التنصيص على الصفة نظرا لصعوبة التمييز بين ما يعد مصلحة وما يعني صفة حيث يتداخلان إلى درجة التطابق[2].

كما أن بعض الفقه ذهب إلى اعتبار المصلحة الشرط الوحيد الذي بدونه لا تستقيم الدعوى[3]، فمن رأى أن حقوقه مهددة ومعرضة للخطر جاز له اللجوء إلى القضاء ويرفع دعواه حماية لها لتوافر عنصر المصلحة هنا، وهو نفس الأمر بالنسبة لأحد أطراف التحكيم، فالحقوق موضوع النزاع المعروض على التحكيم يدافع عنها المدعي أمام الهيئة التحكيمية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المصلحة يجب أن تكون قانونية أي مبنية على حق يطالب به رافع الدعوى، وان تكون شخصية ومباشرة، بمعنى أن على المدعي إثبات أن له مصلحة شخصية ومباشرة في الدعوى كما أن هذه المصلحة يجب أن تكون قائمة وحالة أي أنها متوفرة وقت رفع الدعوى.

ثانيا : الشروط الشكلية للدعوى التحكيمية :

لا تكفي الشروط الموضوعية حتى تكون الدعوى التحكيمية صحيحة، إذ لابد من حضور شروط شكلية مقبولة من قبل هيئة التحكيم.

ومن تم، نجد المشرع المغربي ألزم المدعي رافع الدعوى على احترام مجموعة من البيانات الأساسية في مذكرة دعواه(1)، غير أنه يمكن أن يتم اعتماد نفس القواعد الشكلية الجارية أمام المحاكم وهي حالة إعمال القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية (2).

1-مذكرة الدعوى التحكيمية :

ينص الفصل 14-327 من قانون رقم 05-08 على أنه : ” يجب على المدعي أن يرسل خلال الموعد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم للمدعى عليه و إلى كل واحد من المحكمين مذكرة مكتوبة بدعواه تشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد المسائل موضوع النزاع وطلباته وكل أمر آخر يوجب اتفاق الطرفين ذكره في هذه المذكرة ويرفقها بكل الوثائق وأدلة الإثبات التي يريد استعمالها”.

ويستشف من هذا الفصل، أن الراغب في التحكيم يتقدم بمذكرة كتابية، تشمل اسمه وصفته وعنوانه، واسم المطلوب وصفته وعنوانه وعرضا موجزا لوقائع النزاع، وكذلك لطلباته وللوثائق والأدلة المستعملة، داخل الأجل المتفق عليه من قبل الأطراف أو من قبل الهيئة التحكيمية.

وتكمن أهمية هذه البيانات في تحديد مدى صحة وحدود الاختصاص الممنوح للهيئة التحكيمية، لكون المدعي يضمن مذكرته جميع المعلومات التي تساعد الهيئة التحكيمية في تحديد ما إذا كان النزاع يدخل في اختصاصها، أو أن الطلبات يشملها اتفاق التحكيم، وكذلك تحديد الطرف الذي يقع عليه عبء الإثبات من خلال معرفة المدعي من المدعى عليه، فالأول هو الذي يلتزم بالإثبات، وهذا ينسجم مع قاعدة “الإثبات على من يدعي و اليمين على من أنكر”[4].

وإذا تعلق الأمر بالتحكيم المؤسساتي فإن مركز التحكيم هو الذي يتكلف بتحديد القواعد الشكلية لرفع الدعوى أمامه، حيث يضع المركز النظام القانوني الذي ينظم العملية التحكيمية من بدايتها إلى أن يصدر الحكم التحكيمي[5].

وقد يتفق الأطراف على إتباع نفس الإجراءات الخاصة برفع الدعوى القضائية وخاصة نصوص المسطرة المدنية.

2-إعمال القواعد العامة( الفصلين31و 32 من قانون المسطرة المدنية)

بالرجوع إلى منطوق الفصل 10-327 من قانون التحكيم الجديد 05-08 نجد على أن الهيئة التحكيمية تضبط إجراءات مسطرة التحكيم التي تراها مناسبة مع مراعاتها لأحكام هذا القانون، دون أن تكون ملزمة بتطبيق القواعد الجاري بها العمل أمام المحاكم ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.

وبمفهوم المخالفة، فإنه يمكن للأطراف اللجوء إلى القواعد المسطرية المتبعة أمام المحاكم في رفعهم للدعوى التحكيمية.

وعلى هذا الأساس، يتم إعمال مقتضيات الفصلين 31 من ق م م الذي ينص فيما مضمونه أنه ترفع الدعوى بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو وكيله أو بتصريح يدلي به المدعي شخصيا يتم تقييده في محضر يوقعه المدعي أو يشار فيه إلى أنه لا يمكن له التوقيع.

وكذلك ما نص عليه الفصل 32 من ق م م على أنه ” يجب أن يتضمن المقال أو المحضر الأسماء العائلية و الشخصية وصفة أو مهنة و موطن أو محل إقامة المدعى عليه و المدعي، وكذا عند الاقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي، وإذا كان الأطراف شركة وجب أن يتضمن المقال أو المحضر اسمها ونوعها ومركزها، ويجب أن يبين بإيجاز في المقالات و المحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى و الوقائع والوسائل المثارة وترفق بالطلب المستندات …”

ولذلك فإن الأطراف حينما يتفقون على إعمال المسطرة المتبعة أمام المحاكم، فإن هذه الشروط المنصوص عليها في الفصلين 31و 32 هي التي تؤهل دعواهم للقبول من قبل الهيئة التحكيمية.

الفقرة الثانية : إجراءات الدعوى التحكيمية :

ينص المشرع المغربي في الفصل 10-327 في الفقرة الأولى من القانون رقم 05-08 على أنه ” تضبط الهيئة التحكيمية إجراءات مسطرة التحكيم التي تراها مناسبة مع مراعاة أحكام هذا القانون دون أن تكون ملزمة بتطبيق القواعد المتبعة لدى المحاكم ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك في اتفاق التحكيم”.

وتأسيسا على هذا، فالهيئة التحكيمية هي صاحبة الاختصاص في تحديد الإجراءات المتبعة أمامها لرفع الدعوى التحكيمية، سواء تعلق الأمر بمسطرة التبليغ (أولا) أو المناقشة و المداولة ( ثانيا).

أولا: مسطرة التبليغ:

يعرف التبليغ في القواعد الإجرائية العامة على أنه إيصال أمر أو واقعة ثابتة إلى علم شخص معين على يد الأشخاص المحددين قانونا.

فالهيئة التحكيمية تلتزم بإخطار طرفي الدعوى بمواعيد الجلسات و الاجتماعات المقررة عقدها قبل التاريخ الذي حددته لذلك، بوقت كاف لا يقل عن خمسة أيام[6].

والمشرع المغربي لم يحدد في القانون رقم 05-08 الوسيلة التي يتم اعتمادها لتبليغ الأطراف، حيث تبقى للهيئة التحكيمية حرية اختيار الوسيلة التي تحقق لها الغاية وتنسجم مع خصوصيات التحكيم، ولكن في حالة غياب الاتفاق على طريقة التبليغ من طرف الهيئة ، فإنه يمكن الرجوع إلى الفصل 37 من قانون المسطرة المدنية وبالتالي اعتماد نفس وسائل التبليغ أمام المحاكم، “يوجه الاستدعاء بواسطة أعوان كتابة الضبط أو أحد الأعوان القضائيين أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بالطريقة الإدارية”.

والواقع أن التبليغ بواسطة أعوان كتابة الضبط يطرح صعوبة، لأن الأمر يرتبط بمسطرة قضائية ، فمن المعلوم أن كتاب الضبط لهم دور مساعد للقضاء لذلك يمكن القول أنه ينبغي استبعاد هذه الطريقة في التبليغ وذلك تبعا للأثر السلبي لاتفاق التحكيم، وكذلك نظرا للطبيعة الاستثنائية للتحكيم[7].

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع قام بإحداث جهاز المفوضين القضائيين ليحل محل الأعوان القضائيين[8] للقيام بعدة مهام أهمها التبليغ، وهو جهاز حر ومستقل عن القضاء، مما يسمح بتوجيه الإخطار أو الاستدعاء عن طريقهم على أطراف النزاع ، ونظرا لطبيعة هذا الجهاز الجديد فإنه أصبح يقوم بدور فعال في مجال التبليغ.

كما يمكن للهيئة التحكيمية اعتماد التبليغ عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل، فهذه الوسيلة هي الأكثر ترددا بين فصول القانون رقم 05-08، بالرغم من أن هذه الوسيلة لا تخلو من إشكالات عملية إذ كثيرا ما يتم إرجاع الطي بملاحظة غير مطلوب أو بالرفض، هذا إلى جانب أنه يمكن في بعض الأحيان أن يقوم الأشخاص المعنيين بالتبليغ من التملص والتحلل من آثاره بدعوى أن الظرف الذي تم التوصل به كان فارغا[9].

والواقع أن المحكم أو الهيئة التحكيمية يمكن لها إقرار وسائل أخرى بديلة للتبليغ، تكون أكثر سرعة وتتفادى الإشكالات العديدة التي أضحت تطرحها الوسائل التقليدية في التبليغ التي يتم العمل أمام المحاكم، ولما لا يتم إعمال الوسائل الحديثة كالطريقة الإلكترونية أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال، مادام المشرع لم يقيد إرادة الهيئة التحكيمية بقنوات خاصة في التبليغ وذلك حتى تنسجم مسطرة التبليغ مع خصوصيات ومزايا التحكيم كالسرعة والمرونة.

ثانيا: المناقشة و المداولة

بمجرد ما تفتتح إجراءات التحكيم، تبدأ مراحل إعداد القضية لأجل الفصل فيها، كتقديم المذكرات وإيداع المستندات والمرافعة وسماع الشهود واستجواب الخبراء، وغيرها من إجراءات التحقيق التي تراها الهيئة مناسبة للفصل في النزاع.

وبعد تمام هذه الإجراءات وتمكن الأطراف من تقديم كافة طلباتهم ودفوعاتهم تحجز القضية المداولة بغية صدور مقرر تحكيمي في النزاع موضوع اتفاق التحكيم.

وسنتناول هذه الإجراءات بالتتابع، المناقشة (1)، ثم المداولة (2).

1- المناقشة:

بعد ضبط الهيئة التحكيمية لإجراءات مسطرة التحكيم التي تراها ملائمة، وكذلك بعد الاتفاق على مكان التحكيم الذي ترك المشرع لطرفي النزاع الحرية الكاملة في اختياره سواء داخل المملكة أو خارجها، وفي حالة عدم وجود اتفاق بين الطرفين على مكان التحكيم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، تولت هيئة التحكيم تعينه على أن تراعي في هذا التعيين ظروف الدعوى وملائمة المكان الذي تختاره لمحل إقامة الأطراف[10]، تشرع بعد ذلك الهيئة التحكيمية في فتح باب المناقشة، فالمدعي غالبا ما يعمد إلى تقديم طلباته، و المدعى عليه يقدم دفوعاته، وتلتزم الهيئة على معاملة أطراف التحكيم على قدم المساواة وتهيئ لكل منهم فرصة كاملة ومتكافئة لعرض دعواه ودفوعاته[11]، وممارسة حقه في الدفاع[12].

وتجدر الإشارة، إلى أن المشرع المغربي لم يحدد الشخص المقبول لمؤازرة الأطراف، ما إذا كان محاميا مسجلا بهيئة المحاماة، أو أي شخص آخر ليس بالضرورة أن يكون محاميا.وهذا ما يؤكده حيث أن المشرع لم ينص على ضرورة أن يكون هذا الشخص محاميا وبالتالي إمكانية الاستعانة بأي شخص يراه الأطراف مناسبا ليؤازرهم.

أ-جلسات التحكيم:

تسري وقائع جلسات التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، أو يترك الأمر للهيئة، ويجري نفس الحكم أو الاتفاق على جميع وثائق و المستندات والمرافعات الشفوية، مع إمكانية طلب ترجمة الوثائق المكتوبة إلى اللغة المعتمدة في التحكيم[13].

وفي حالة ما إذا كان التحكيم معهودا لمراكز التحكيم المؤسساتي فإنها تتكلف بتنظيم هذه المسألة، حيث نجد بعض المراكز تحرص على تكوين سكرتارية أو أمانة المركز التي تؤمن سير الدعوى التحكيمية من الناحية الإدارية ، فتتلقى الطلبات والمذكرات من الخصوم وتقوم بتسليم صور منها إلى المحكمين وتحتفظ بالأصول[14].

وارتباطا منا بالموضوعية ، فإنه ينبغي التساؤل حول ما إذا كان حضور أو غياب الأطراف سببا من أسباب إنهاء إجراءات التحكيم؟.

بالرجوع، إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 14-327 من قانون 05-08 فإنها تنص : ” إذا تخلف أحد الطرفين عن حضور أي من الجلسات أو تقديم ما طلب منه من مستندات يجوز لهيئة التحكيم الاستمرار في إجراءا التحكيم وإصدار حكم في النزاع استناد إلى الأدلة المتوفرة لديها “.

وهذا يعني أنه كلما كانت المذكرات والمستندات المقدمة من قبل الأطراف كافية لإصدار الحكم التحكيمي، فإن الهيئة تواصل إجراءات التحكيم وتصدر حكمها بالرغم من غياب الأطراف.

وفي حالة عدم تقديم المدعي مذكرة فتح الدعوى داخل الأجل المحدد من غير عذر مقبول، فإن الهيئة التحكيمية تصدر قرارها القاضي بإنهاء إجراءات التحكيم ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك[15].

فمن غير المتصور أن يقيم المدعى دعوى تحكيمية وهو غير مهتم بها أصلا، لذلك خول المشرع هذه المكنة للهيئة التحكيمية ، إلا إذا كان غياب المدعى ( بصفة شخصية أو عدم تقديم المذكرة ) ناتج عن عذر يبرر تأخيره في تقديم مذكرة الدعوى. هذا فضلا على أن جزاء إنهاء الإجراءات غير مرتبط بالنظام العام، بمعنى أنه يمكن الاتفاق على حكم آخر.

كما تضمنت الفقرة العاشرة من الفصل 14-327 من قانون 05-08 حالة عدم تقديم المدعى عليه مذكرته الجوابية داخل الموعد المتفق عليه بان تستمر هيئة التحكيم في إجراءاتها دون ان يعتبر ذلك بمثابة إقرارا من المدعى عليه بدعوى المدعي.

هذا، وتعقد هيئة التحكيم جلسات المرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته لم يتطلب ، ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات. وقد نص الفصل 14-327 في فقرته الثامنة على أن ” تدون وقائع كل الجلسات تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم نسخة منه إلى كل من الطرفين”. والمشرع المغربي لم يتطلب أن يتم تدوين محضر الجلسة من قبل كاتب ، كما هو جاري به العمل أمام المحكمة، لكن ذلك لا يمنع من اتفاق الطرفين على وجود كاتب يتكلف بالتدوين، كما يحق للمحكم طلب ذلك ويكون أجره – الكاتب – على الأطراف.

“وبداهة لا يملك المحكمون ما يملكه القضاء في صدد ضبط نظام الجلسة من ناحية تطبيق العقوبات على الشخص الذي قد يخل بالنظام من الخصوم أو المحامين، وكل ما يملكونه هو تحرير محضر بما قد يحدث في الجلسة مكونا لجريمة ما، دون أن يكون لهم الأمر بالقبض على من وقعت منه الجريمة”[16].

والأصل ألا تكون جلسات التحكيم علنية كما هو سائر أمام المحاكم وذلك تماشيا مع مزايا التحكيم وخاصة المحافظة على سمعة الأطراف. كما يمكن لطرفي النزاع طلب تأجيل جلسات التحكيم لسبب مقبول من طرف الهيئة أو تبادر إلى التأجيل من تلقاء نفسها.

وتجدر الإشارة ، إلى أن الهيئة التحكيمية مثلها مثل المحكمة لها حق اتخاذ إجراءات التحقيق، فهو حق ممنوح للهيئة وحدها طبقا للفصل 11-327 من قانون 05-08 ” تقوم الهيئة التحكيمية بجميع إجراءات التحقيق بالاستماع إلى الشهود أو بتعيين خبراء أو بأي إجراء آخر”.

ب-الخبرة:

نظم المشرع المغربي إجراءات تعيين الخبير وكيفية قيامه بالمهام المنوطة به في الفصول من 59 إلى 66 من قانون المسطرة المدنية وهي قواعد يتم العمل بها أمام المحاكم.

وقد تقوم الهيئة التحكيمية بتعيين خبير قصد مساعدتها في التحقيق في الدعوى من خلال تزويدها بتقارير توضح مدى صحة ادعاءات الأطراف أو تزيل غموض فني لدى الهيئة في جانب تتوفر فيه على معلومات ومعطيات كافية (كالحساب ، الهندسة ، الطب ، البناء…) مع الالتزام بإرسال صور من هذه التقارير إلى الأطراف وهو ما نص عليه في الفصل 14-327 من قانون رقم 05-08.

وقد يثور إشكال في مدى التزام هيئة التحكيم بتعيين خبير من بين الخبراء المقبولين لديها. وهل يمكن للأطراف اختيار خبير من خارج الجدول. وهناك من يذهب على أن على هيئة التحكيم اختيار الخبير الذي عليه الدور في جدول الخبراء المقبولين أمام المحكمة المختصة أصلا بالنظر في النزاع، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك[17].

وإزالة لكل تعقيد قد ينتج عن هذا الرأي ، فإنه يمكن للهيئة التحكيمية اختيار من تراه مناسبا للقيام بالمهمة المطلوبة. وقد نصادف لدى مراكز التحكيم جدولا للخبراء المقبولين لديه، وفي هذه الصورة ينبغي التعيين وفقا لنظام ذلك المركز التحكيمي.

ويلتزم الخبير عند الانتهاء من مهمته ان يحرر تقريرا بالأعمال التي قام بها، ويتم إيداعه لدى هيئة التحكيم. ويحدد أتعاب الخبير بحسب اتفاق التحكيم.

ج-سماع الشهود:

تقوم هيئة التحكيم بالاستماع إلى الشهود، كما يجوز لها الاستماع على كل شخص إذا رأت في ذلك فائدة، شريطة أداء اليمين القانونية[18].

وجدير بالذكر، إلى أن الشهادة وسيلة من وسائل الإثبات المنصوص عليها في التشريع المغربي، حيث نص الفصل 404 من ق ل ع على أن: ” وسائل الإثبات التي يقررها القانون هي : 1- إقرار الخصم. 2-الحجة الكتابية.3-شهادة الشهود 4-القرنية 5-اليمن والنكول عنها”.

وتكتسي الشهادة دورا مهما، في تأكيد ادعاءات المدعي أو تعزيز دفوعات المدعى عليه، ويتم استدعاء الشهود تبعا لما حددته هيئة التحكيم أو المركز التحكيمي إذا كان الأمر يتعلق بتحكيم نظامي أو وفقا لما اتفق عليه الأطراف.

إذن المشرع المغربي استلزم أداء اليمين القانونية لأداء الشهادة أمام الهيئة التحكيمية، على خلاف ما نصت عليه بعض التشريعات المقارنة- كالتشريع المصري – التي لم تنص على ضرورة أداء الشهود لليمين، ومن ذلك ما نصت عليه المادة 33 من قانون رقم 27 لسنة 1994[19].

ينضاف إلى هذه الإجراءات ما جاء به الفصل 10-327 من قانون 05-08 على انه يمكن للهيئة التحكيمية أو المحكم القيام بمعاينة بضاعة أو أموال وهذا يندرج ضمن إجراءات المعاينة والأبحاث التي يمكن للهيئة أيضا استعمالها للتحقيق في الدعوى، ويتم الانتقال للمعاينة بناء على قرار من هيئة التحكيم، سواء على أساس طلب الخصوم أو من تلقاء نفسها.

ومع ذلك يمكن لهيئة التحكيم اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق وكذلك ان تطلب من أي أحد من الأطراف إذا كان بيده وسيلة إثبات أخرى الإدلاء بها[20].

كما يجوز لها أن تتخذ بطلب من أحد الأطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك[21].

وبعد تمام هذه الإجراءات يمكن لهيئة التحكيم ان تقرر إغلاق باب المرافعة في الدعوى المعروضة عليها، وذلك متى اتضحت لها حقيقة الدعوى المنشورة أمامها، وانتهى الخصوم من تقديم دفوعهم وحججهم. فتحجز آنذاك القضية للمداولة[22].

2-المداولة:

يقصد بالمداولة عادة في مجال القضاء تبادل الرأي بين القضاة، فيما يمكن أن يؤول إليه الحكم في الدعوى المعروضة عليهم، وتكمن الغاية من المداولة في معرفة آراء القضاة الذين تتشكل منهم هيئة الحكم في الدعوى فلا يشترك فيها إلا القضاة الذين شاركو مناقشة القضية من بدايتها وإلا كان الحكم باطلا.

وفي مجال التحكيم، ينص الفصل 21-327 على أنه ” تحدد الهيئة التحكيمية بعد انتهائها من إجراءات التحقيق واعتبارها القضية جاهزة، تاريخ حجزها للمداولة، وكذا التاريخ المقرر لصدور الحكم “.

وتظهر لنا أهمية المداولة في التحكيم، في كونها تشكل مدخل أساسيا لتكوين حكم التحكيم، حيث تسمح لهيئة التحكيم بالتشاور في فصول الدعوى من خلال استحضار مجرياتها.

وينبغي التمييز بين الحالة التي نكون فيها أمام محكم واحد حيث لا يستدعي الأمر مداولة بمعناها السليم، لأن المداولة تحتاج إلى تصويت، بينما يكتفي المحكم الفرد بالتأمل وحده في وقائع الدعوى المعروضة عليه، ويمكن له أن يصدر حكمه مباشرة بعد نهاية المرافعات، أو يؤجل ذلك إلى جلسة لاحقة، والحالة الثانية وهي حينما نكون أمام هيئة تحكيمية وهي مشكلة من أكثر من محكم بعدد فردي أو وتري، آنذاك يحتاج الأمر إلى المداولة ، فيكون لازما أن يصدر الحكم بعد أخذ رأي جميع المحكمين بشأنه[23].

فما هو إذن شكل المداولة بالنسبة لهيئة التحكيم؟ وهل تتم سرا أو علانية ؟

أ-شكل المداولة بالنسبة لهيئة التحكيم :

باستقصاء فصول القانون الجديد للتحكيم ( قانون 05-08)، نجد على أن المشرع المغربي لم يحدد شكلا معينا لكيفية إجراء المداولة وترك ذلك لما اتفق عليه الأطراف أو لما تراه هيئة التحكيم ملائما، ما يفتح النقاش حول إمكانية إجرائها- المداولة – في مكان التحكيم وفي مجلس واحد، أو التداول كتابيا عبر رسائل، أو شفويا عن طريق وسائل الاتصال الحديثة.

وتأسيسا على ذلك، فإنه إذا لم يحدد الخصوم لهيئة التحكيم طريقة محددة لإجراء المداولة، فإنها تكون صحيحة متى تمت بأية طريقة ، سواء أكان اجتماعهم لهذا الغرض في مجلس واحد، أو عن طريق إرسال كل من المحتكمين رأيه مكتوبا، مادام لا يوجد مانع قانوني يمنع ذلك.

ويأتي نهج المشرع المغربي لهذا المسار وهو عدم إقرار قواعد المداولة أمام هيئة التحكيم، انسجاما مع ما سلكته غالبية التشريعات المقارنة، ومن ذلك القانون المصري ( المادة 40 من قانون التحكيم لسنة 1994). وكذلك قانون المرافعات الفرنسي حيث لا يلزم المحكمين بإتباع القواعد المقررة أمام المحاكم، فللأطراف أو الهيئة التحكيمية حرية اختيار أسلوب المداولة وشكلها.

ب-سرية المداولة:

اعتمادا على مقتضيات قانون التحكيم الجديدة المنصوص عليها في قانون رقم 05-08، نجد على أنه أشار إلى سرية المداولة صراحة في الفصل 22-327 ، ويقصد بسرية المداولة عدم كشف الآراء والمناقشات التي جرت أثناء المداولة للخصوم أو الغير.

وتتم المداولة بسرية حتى لا تظهر شخصية من كان له من المحكمين رأي مخالفا للرأي الذي استقر عليه الحكم، مع انه لا يبطل الحكم الذي كشف عن رأي الأقلية، وهناك من الفقه من يذهب إلى القول بإمكانية الرجوع على من أفشى سرية المداولة بدعوى المسؤولية[24].

وبما أن المشرع استلزم لتشكيل هيئة التحكيم ان يكون العدد وثريا تحت طائلة البطلان وهو ما يسهل الموافقة على صدور حكم التحكيم بالأغلبية ، فإذا كانت هيئة التحكيم مؤلفة من محكم واحد فإنه يصدر حكمه بمفرده، أما إذا كانت مؤلفة من أكثر من محكم بعدد فردي، فإنه ينبغي أن يحصل الرأي أو القرار النهائي بأغلبية المحكمين ويجب أن يوقع الحكم من طرف كل محكم من المحكمين، وفي حالة رفض الأقلية التوقيع يشير باقي المحكمون إلى ذلك في الحكم التحكيمي ويشار كذلك إلى أسباب رفض التوقيع[25] .

وقد عبر بعض الفقه عن ذلك بقوله ” إن الخصوم إذا اختاروا أن تتشكل هيئة التحكيم من عدة محكمين فإنهم يهدفون من ذلك أن يكون حكم التحكيم ثمرة لتعاون وتقابل آراء من اختاروهم للحكم “[26].

خاتمــــة:

تعتبر الدعوى التحكيمية الوسيلة الإجرائية التي بمقتضاها يتمكن أطراف اتفاق التحكيم من الدفاع عن حقوقهم التي قد تضررت من جراء النزاع موضوع اتفاق التحكيم، حيث تبدأ إجراءات التحكيم بعد اكتمال تشكيل هيئة التحكيم، وللأطراف كامل الحرية في الاتفاق على القواعد الموضوعية أو الإجرائية التي ينبغي على الهيئة التحكيمية تطبيقها لأجل النظر في النزاع، وقد يترك الأطراف لهيئة مسألة تحديد القواعد التي تراها مناسبة لأجل الفصل في النزاع.

وسواء كانت الإجراءات المتبعة راجعة بالأساس إلى اتفاق الأطراف، أو تم تحديدها من طرف المركز في حالة التحكيم المؤسساتي فالهيئة التحكيمية ملزمة باحترامها حتى يصدر حكمها صحيحا ويصير ملزما للأطراف ويكتسب الحجية ، ويتم تذييله بالصيغة التنفيذية من قبل المحكمة المختصة.

لائحة المراجع

أحمد أبو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري، ط5، منشأة المعارف، 1988.
أحمد محمد حشيش، طبيعة المهمة التحكيمية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2000.
الطالب عبد الكريم، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، ط5، 2008.
الحسن بويقين، إجراءات التبليغ فقها وقضاء، ط1، 2002- باقي المعلومات غير واردة.
سيد أحمد محمود، سلطة المحكم في إصدار الأحكام الوقتية والأوامر، دار الكتب القانونية، مصر، طبعة 2007.
عيد محمد القصاص، حكم التحكيم، دار النهضة العربية، القاهرة، ط2، 2007.
فتحي والي، قانون التحكيم في النظرية والتطبيق، منشأة المعارف، الإسكندرية، ط1، 2007.
محمد بفقير، التبليغ على ضوء قضاء المجلس الأعلى، المطبعة الجديدة، الدار البيضاء، 2007.
مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، الجزء الأول، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ط1، 1998.
قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6 ديسمبر 2007.

[1] – الطالب عبد الكريم ، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، المطبعة و الوراقة الوطنية ، مراكش ، الطبعة الخامسة 2008، ص 246.

[2] – كالتشريع المصري للمرافعات .

[3] – رزق أنطاكي ” أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية ، أورده عبد الكريم الطالب في نفس المرجع، ص 170.

[4] – ينص الفصل 399 من ق ل ع على أن “إثبات الالتزام على مدعيه”.

[5] – تنص المادة 22 من نظام مركز مراكش للتحكيم والتوفيق على ما يلي : ” يتقدم الطرف الراغب في التحكيم بطلب كتابي موقع إلى أمانة المركز ويرفق طلبه بما يثبت الاتفاق على التحكيم طبقا للمادة 5 من هذا النظام، ويجب أن يشمل الطلب على : اسم الطالب وصفته وجنسيته وعنوانه، اسم المطلوب و صفته وجنسيته وعنوانه وعرض موجز للوقائع موضوع الطلب، اسم المحكم أو المحكمين وعناوينهم أو تفويض اختيارهم لرئيس المركز يرفق الطلب بنسخ مساوية لعدد المطلوبين في التحكيم ولعدد المحكمين “.

[6] – الفصل 14-327 من قانون التحكيم 05-08 ينص على أن: ” يجب إخطار طرفي التحكيم بمواعيد الجلسات والاجتماعات التي تقرر هيئة التحكيم عقدها قبل التاريخ الذي تعينه لذلك بوقت كاف لا يقل عن خمسة أيام “.

[7] – للمزيد عن ” الطبيعة الاستثنائية للتحكيم ” ،أنظر مرجع – محمد أحمد حشيش، طبيعة المهمة التحكيمية، دار الفكر الجامعي الإسكندرية، سنة 2000.

[8] – القانون رقم 03-81 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، الصادر بتنفيذه بمقتضى الظهير الشريف رقم 23-06-1 بتاريخ 14 فبراير 2006 الجريدة الرسمية عدد 5400 بتاريخ 2 مارس 2006 ص 59.

[9] – المزيد عن التبليغ وإشكالاته: انظر محمد بفقير، التبليغ على ضوء قضاء المجلس الأعلى، المطبعة الجديدة، البيضاء، سنة 2007، ص 106 و ما بعدها.وكذلك الحسن بويقين،إجراءات التبليغ فقها و قضاءَ ،الطبعة الأولى 2002 ص:113 وما بعدها.

[10] – وهذا أيضا ما عمل به المشرع المصري في قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994: مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية – الجزء الأول – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت لبنان – الطبعة الأولى 1998- ص 655-656-657.

[11] – ينص على ذلك الفصل 10-327 من قانون رقم 05-08 ” … يعامل أطراف التحكيم على قدم المساواة وتهيئ لكل منهم فرص كاملة ومتكافئة لعرض دعواه ودفوعاته وممارسة حقه في الدفاع “.

[12] – ينص الفصل 12-327 من قانون 05-08 على أنه “يجوز للأطراف أن يعينوا أي شخص من اختيارهم يمثلهم أو يؤازرهم “.

[13] – نص الفصل 13-327 من قانون 05-08 على ما يلي: ” يجري التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى يسري حكم الاتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات المكتوبة”.

[14] – بالرجوع إلى نظام مركز التوفيق والتحكيم التجاري بمراكش، نجده ينص في مادته التاسعة على ما يلي : ” يتألف المركز في مجلس إداري وأمانة عامة ومن هيئة التوفيق والتحكيم “.

[15] – ينص الفصل 14-327 في فقرته التاسعة على انه ” يترتب على عدم تقديم المدعي دون عذر مقبول مذكرة فتح الدعوى داخل الأجل المحدد له أن تقرر هيئة التحكيم إنهاء إجراءات التحكيم ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك”.

[16] – أحمد ابو الوفا، التحكيم الاختياري والإجباري – الطبعة 5- منشأة المعارف 1988- ص 228.

[17] – وهو ما ورد لدى – مصطفى محمد الجمال وعكاشة محمد عبد العال – التحكيم في العلاقات الخاصة والدولية والداخلية – الجزء الأول – منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان – الطبعة الأولى 1998- ص 711.

[18] – الفصل 11-327 و الفصل 12-327 من قانون التحكيم الجديد قانون رقم 05-08.

[19] – أنظر نفس المرجع السابق ، عكاشة مصطفى محمد إجمال – ص 713.

[20] – الفصل 11-327 من قانون رقم 05-08.

[21] – الفصل 15-327 من قانون 05-08 الذي ينص ” يجوز للهيئة التحكيمية ما لم يتم الاتفاق على خف ذلك، ان تتخذ بطلب من أحد الأطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها”.

[22] – الفصل 21-327 من قانون 05-08 ” تحدد الهيئة التحكيمية بعد انتهائها إجراءات التحقيق واعتبارها القضية جاهزة ، تاريخ حجزها للمداولة ، وكذا التاريخ المقرر لصدور الحكم “.

[23] – نص الفصل 22-327 من قانون 05-08 ” يصدر الحكم التحكيمي بأغلبية الأصوات بعد مداولة الهيئة التحكيمية ويجب على جميع المحكمين التصويت لفائدة مشروع الحكم التحكيمي أو ضده مع مراعاة أحكام الفقرة الثانية من الفصل 16-327.تكون مداولات المحكمين سرية “.

[24] – عيد محمد القصاص، حكم التحكيم، دار النهضة العربية، القاهرة ، الطبعة الثانية ، 2007، ص 103.

[25] – الفصل 25-327 ” يوقع الحكم التحكيمي كل من المحكمين. وفي حالة تعدد المحكمين وإذا رفضت الأقلية التوقيع، يشير المحكمون الآخرون إلى ذلك في الحكم التحكيمي مع تثبيت أسباب عدم التوقيع ويكون للحكم نفس الأثر كما لو كان موقعا من لدن كل محكم من المحكمين.

[26] – أحمد أبو الوفا، نفس المرجع،ص111

إعادة نشر بواسطة محاماة نت