حق المدين المتضامن في الرجوع بما دفعه على المدين الآخر – تطبيقات قضائية مصرية

الطعن 345 لسنة 21 ق جلسة 9 / 2 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 23 ص 168 جلسة 9 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: أحمد العروسى، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على، واحمد قوشه، المستشارين.
———
(23)
القضية رقم 345 سنة 21 القضائية

( أ ) تنفيذ عقاري. رسو المزاد. غش.
قاعدة أن الغش يبطل التصرفات. قيام الحكم ببطلان رسو المزاد على هذه القاعدة. لا خطأ.
)ب) إثبات. غش. محكمة الموضوع.
سلطة قاضي الموضوع في استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ما يثبت به وما لا يثبت.
(جـ) تضامن. تنفيذ عقاري.
حق المدين المتضامن في الرجوع بما دفعه عن المدين الآخر ونزع ملكيته لأرضه وشرائها بالمزاد لنفسه سرا أو جهرا. شرطه. كون الوفاء من ماله الخاص.
(د) تنفيذ عقاري. رسو المزاد. نيابة. وكالة.
قيام مدين متضامن بتسوية الدين لحساب المدينين جميعا ومن مال مشترك بينه وبينهم ونزع ملكيه أرض المدينين الآخرين وشرائها بالمزاد لنفسه. ذلك يمنع من إضافة الملك إليه. اعتبار رسو المزاد كأنه لم يكن إلا في خصوص انهاء علاقة الدائن بالمدين المنزوعة ملكيته.
(هـ) حلول محل الدائن. تأمينات. تضامن.
مدين متضامن دفع من الدين زيارة عن نصيبه. قيام نزاع في هذه الزيادة. امتناع التنفيذ بها على مال المدينين الآخرين. عدم قبول طلب شطب القيود والتسجيلات التي شملتها تسوية الدين قبل معرفه تلك الزيادة.

————–
1 – قاعدة “الغش يبطل التصرفات” هي قاعدة قانونية سليمة ولم لم يجر بها نص خاص في القانون وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره في المعاقدات والتصرفات والإجراءات عموما صيانة لمصلحة الأفراد والجماعات. فإذا كان الحكم قد اعتمد على هذه القاعدة في قضائه ببطلان رسو المزاد فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2 – لقاضى الموضوع سلطة تامة في استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت دون رقابة عليه من محكمة النقض في ذلك ما دامت الوقائع تسمح به.
3 – القول بحق المدين المتضامن في الرجوع على المدينين الآخرين بما دفعه عنهم ونزع ملكية أرضهم وشرائها بالمزاد لنفسه جهرا أو بواسطة من يوكله أو يسخره عنه خفية. هذا القول محله أن يكون الوفاء من ماله الخاص.
4 – متى قررت محكمة الموضوع أن مدينا متضامنا قام بتسوية الدين ونزع ملكية أطيان المدينين الآخرين وشرائها بالمزاد لنفسه وأنه أوفى مقابل التسوية لحسابهم جميعا ومن المال المشترك، فان النيابة التبادلية في الالتزامات التضامنية أو الوكالة الضمنية التي قررتها تلك المحكمة في هذه الحالة تمنع من إضافة الملك إلى الوكيل أو النائب الراسي عليه المزاد بل ويعتبر رسو المزاد كأنه لم يكن إلا في خصوص إنهاء علاقة الدائن بالمدينين المنزوعة ملكيتهم.
5 – متى كان المدين المتضامن قد حل بحكم القانون محل الدائنين بمقدار ما عساه يكون قد دفعه زيادة عن نصيبه ويحق له الرجوع به على المدينين الآخرين فإنه وإن امتنع عليه التنفيذ بها على ما لهم ما دامت محل نزاع إلا أنه لا يقبل طلب هؤلاء المدينين بشطب القيود والتسجيلات التي شملتها لتسوية الديون قبل معرفة مقدار تلك الزيادة التي يحق للمدين المذكور الحلول بها محل الدائنين في القيود والتسجيلات المذكورة.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن هذا الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الدعوى – على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المرحوم محمد أحمد الدفراوى مورث المطعون عليهم توفى بتاريخ 9 من
أغسطس سنة 1930 عن تركة قدرت أعيانها بمقدار 76 فدانا و22 قيراطا ومنازل ومنقولات وحاصلات ومواش وديون وزمامات وكان الطاعن الثاني وهو شقيق المورث شريكا له في إدارة واستغلال ثروتهما ومتضامنا معه في الديون، وعقب وفاة المورث عينت زوجة المتوفى “الست نعمات محمد علوى الجزار” وصيا على القصر كما عين معها والدها المرحوم محمد علوى الجزار وصيا على القصر المذكورين ولكنهما لم يتمكنا من وضع أيديهما على التركة لأن أعيانها ظلت تحت يد عم القصر “الطاعن الثاني” فرأى المجلس الحسبي تعيين هذا العم وصيا ثالثا على القصر بقراره الصادر بتاريخ 8 من مارس سنة 1932 حتى يكون تحت رقابته وسلطانه وليلزمه بتقديم الحساب عن أموال القصر. وقد استقر النزاع أمام المجلس الحسبي بين الطاعن الثاني عم القصر وبين الوصيين الآخرين والدة القصر وجدهم على تحديد نصيب الأخوين في الديون وتقدير ثمن الحاصلات وريع الأطيان وأصدر المجلس عدة قرارات بندب خبراء للجرد وفحص الحساب وفى هذه الأثناء هب الدائنون للمطالبة بديونهم واستصدروا أحكاما واتخذ بعضهم إجراءات نزع ملكية الأطيان وجرت بعض تسويات مع أرباب الديون باسم الطاعنة الأولى وهى زوجة الطاعن الثاني وحلت بهذه التسويات محل أربابها ومنهم نازع الملكية، وقد استمرت إجراءات البيع إلى نهايتها حتى رسا مزاد الأطيان عليها أمام قاضى البيوع بمحكمة اسكندرية المختلطة بتاريخ 3 من مارس سنة 1937، وبتاريخ 4 من أبريل سنة 1939 أصدر المجلس الحسبي قرارا مسببا بأن التسوية وان كانت قد تمت مع الدائنين باسم الست أمينة هانم العيسوى “الطاعنة الأولى” فهي في حقيقتها تسوية حاصلة من زوجها عبد المحسن الدفراوى “الطاعن الثاني” وبأموال القصر مستترا وراء اسم زوجته صوريا وبوجوب أحقية القصر بالانتفاع بتلك التسوية واستمرار ملكيتهم للأطيان التي رسا مزادها على الست أمينه هانم العيسوى والتصريح للوصيين باتخاذ الإجراءات القضائية لإبطال تلك التصرفات، وقد رفض المجلس الحسبي بتاريخ 12 من يوليه سنة 1939 تظلم عبد المحسن الدفراوى من ذلك القرار وأصر على تأييده فرفع جد القصر ووالدتهم بصفتيهما وصيين على القصر ووالدتهم بصفتها الشخصية كوارثة الدعوى رقم 270 سنة 1940 كلى الاسكندرية بعريضة معلنة بتاريخ 27 من فبراير سنة 1940 ضد الطاعنين طلبا فيها تثبيت ملكيتهما إلى 77 ف و9 ط و21 س البالغ مسطحها بالطبيعة 76 ف و22 ط المبينة بعريضة الدعوى وبطلان ما توقع عليها من تسجيلات مع المصاريف والأتعاب والنفاذ تأسيسا على أن حكم مرسى المزاد صدر للطاعنة الأولى انما صدر صوريا لتهريب أملاك القصر وأن الأموال التي دفعت في تسوية ديون الدائنين انما دفعت من مال القصر الذين لم يتسلموا شيئا من ربع التركة ولا منقولاتها من يوم وفاة مورثهم سوى ما استلموه بحكم النفقة وأن ما تم من بيع أطيان التركة كان بطريق التحايل والغش والتدليس الذى لجأ إليه الطاعن الثاني بعلم زوجته واشتراكها، وبتاريخ 13 من مايو سنة 1941 قضت محكمة الاسكندرية الابتدائية في الدعوى بتثبيت ملكية المدعيين بصفتيهما إلى 68 ف و8 ط شائعة في 76 ف و22 ط المبينة بالكشف المرفق بصحيفة الدعوى وشطب التسجيلات الموقعة على هذا القدر مع المصاريف والأتعاب وحفظت للطاعنين الحق فيما يدعيانه من سداد الديون التي كانت على القصر بدعوى على حدة وأسست قضاءها على ما ثبت لها من قرار المجلس الحسبي الرقيم 4/ 4/ 1939 من أن المتوفر للقصر بذمة الطاعن الثاني هو مبلغ 2053 ج و180 م لغاية سنة 1936 خلاف نصيب مورثهم في ريع الأطيان عن سنة 1930 الذى لم يدخل في الحساب، وأن لهذا القرار حجية عليه بصفته وصيا – وعلى ما ثبت حجية للمحكمة من ظروف الدعوى من أن الطاعن الثاني هو الذى باشر بنفسه التسويات مع الدائنين وصاحب المصلحة الأولى فيها والذى يمكنه مركزه من عملها دون زوجته التي لا يعقل أن تباشر مثل هذا العمل على خلاف العادة المتبعة ويؤكد ذلك خطابه للأستاذ عبد السلام الشاذلى الذى تدل عباراته على أنه هو الذى فاوض وسوى الديون عن نفسه ونيابة عن القصر وأن هذه التسويات تمت من ثمن محصولاته ومحصولات القصر التي بقيت أثمانها بيده، كما يؤكد ذلك ممانعته في تسليم أطيان القصر لأوصيائهم ووضع العراقيل في سبيل تنفيذ حكم النفقة المحكوم بها للقصر عليه ورأت زيارة على ذلك أن ما جاء بخطابه إلى الاستاذ عبد السلام الشاذلى المشار إليه من التهديد قد نفذ فعلا باستخدام زوجته لستر التسويات وإجراء الحلول باسمها ويؤيده إصرار محامى الست أمينه هانم العيسوى على الاستمرار في اجراءات البيع الجبري وطلبه إيقاع البيع رغم موافقة غيرها من الدائنين على تأجيل البيع لبحث موضوع التسوية المقدمة لوزارة المالية يومئذ مع أن هذا التأجيل كان في مصلحة زوجها والقصر معا مما يدل على تواطئها وزوجها على إرساء المزاد إضاعة لمال القصر وأن هذا البيع الذى تم باسم الطاعنة الثانية هو في حقيقته للطاعن الثاني فهو باطل بالنسبة لحصة القصر لأنه بصفته وصيا لا يجوز له شراء شيء من أموال القصر الذين تحت وصايته سواء تم هذا الشراء بالمزاد أو بغيره كما رأت المحكمة أن البيع بالنسبة لنصيب والدة القصر قد وقع صحيحا ولا مطعن عليه من هذه الناحية ولا من ناحية الغش والتدليس لأن البطلان للتدليس لا يكون إلا في العقود لا الأحكام فاستبعدت نصيب الأم وهو الثمن وقضت بملكية الباقي للقصر. فاستأنفت الطاعنة الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر في القضية رقم 836 سنة 58 ق التي أحيلت إلى محكمة استئناف اسكندرية وقيدت بجدولها برقم 190 و191 سنة 1 ق وقد أصدرت هذه المحكمة حكمها في 11 يونيه سنة 1947 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تثبيت ملكية القصر إلى 68 فدانا و8 قيراط شائعة في 76 فدانا و22 قيراطا المبينة بالعريضة الابتدائية وبالكشف المرفق بها وشطب تسجيل حكم مرسى المزاد عنها وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من شطب التسجيلات الموقعة على هذا القدر تأمينا للديون التي تحولت بها الست أمينه هانم العيسوى طبقا لما تظهره التصفية بدعوى على حدة بين الطاعنين والقصر ورفض الدعوى في هذا الخصوص مع إلزام الطاعنة الأولى “المستأنفة” بالمصاريف والأتعاب وقد أخذت محكمة الاستئناف في قضائها بأسباب الحكم المستأنف وزادت عليه بأن مورث القصر فضلا عما تركه من أطيان وأملاك كان مستأجرا مع أخيه الطاعن الثانى 874 فدانا وكسوار وتوفى في السنة الأخيرة من الإجارة وعند وفاته كانت الحاصلات قائمة بالأطيان وكانت الإدارة الفعلية للمطعون عليه الثاني خلال فترة مرض المورث واستمرت بعد وفاته عن جميع أعيان التركة فلم تستطيع والدة القصر ولا والدها استلامها مما أدى المجلس الى تعيين هذا الأخ وصيا معهما وكان يعارض هذا التعيين ولكن المجلس ألزمه به واستمر يقدم الحساب حتى سنة 1937 طبقا لتقديره هو مما كان مثار خلاف شديد أحيل فحصه الى الخبراء وقد تعاقبت قرارات المجلس حتى انتهت بقرار 4 من أبريل سنة 1939 الذى أثبت انشغال ذمة الطاعن الثاني بمبلغ 2035 جنيها و180 مليما – عن المدة من سنة 1931 حتى سنة 1936 بخلاف حساب المحاصيل التي كانت بالأطيان المستأجرة والأطيان المملوكة للمورث سنة 1930 كما قام خلاف على تحديد نصيب الأخوين في الديون وعلى طريقة تسويتها وإصرار الطاعن الثاني على احتساب ديون سحبها بعد الوفاة وحررت سنداتها عليه وحده وفى غمرة هذا الخلاف كانت الطاعنة الأولى تحل محل بعض الدائنين بعد تسوية ديونهم وتخفيضها وتقسيطها لاسمها ولحسابها وسعت لتحريك دعوى البيع وأرست المزاد عليها وقد أقام ورثة المتوفى “المطعون عليهم” دعواهم على أساس أن التسوية تمت لحسابهم ومن مالهم وأن زج الطاعنة الأولى في الصفقة كان صوريا وقد ثبتت وساطة عبد المحسن الدفراوى وقيامه بمساومة الدائنين وقبول هؤلاء الدائنين المساومة والتخفيض من خطابه إلى السيد عبد السلام الشاذلى المؤرخ 12/ 12/ 1934 وأنه يهدد فيه باتخاذ ما يسوغه له مركزه الحالي من الديون التي حولت باسم زوجته الطاعنة الأولى وقد تبين من هذا الخطاب ومن تحقيق النيابة بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1940 أن عبد المحسن كان يبالغ في المبالغ المسددة ويتناقض في بيان مصدرها وقد تبين أن اجراءات التسوية والحلول قد تمت قبل خطابه المرسل للسيد الشاذلى المشار إليه والذى لم يشر فيه إلى حصول عمليات الحلول المنوه عنها وكانت عمليات الحلول تتم بكامل الديون وتأميناتها ومن المتقدمين من الدائنين في درجة القيد وباسم الطاعنة الأولى حتى يمكن الإفادة من أولوية الدين وامتيازاته وقد تم ذلك بعد أن أوهم عبد المحسن جد القصر بأن التسويات إنما تجرى لحساب القصر وأنه جهر بذلك أمام المجلس الحسبي بجلسة 2 من أغسطس سنة 1935 وفى إنذاره إلى جد القصر بتاريخ 2/ 10/ 1936 بأنه لا مال للقصر تحت يده لسداد النفقة المطلوبة لهم إذ أن سداده لديون القصر قد استغرق كل الريع وأن والدة القصر وجدهم أنذرا عبد المحسن في 29/ 9/ 1936 محذريه من السير في الاجراءات التي يتخذها فلم يحفل حتى جاءت جلسة بيع الأطيان فلم يحضر وأوحى إلى زوجته بالحضور والإصرار على طلب البيع وانتهى الأمر بالبيع فعلا ورسو المزاد عليها وأن ما ادعته هذه الزوجة من دفع مبالغ التحويل من مالها الخاص مردود بأن الظروف تدل على عكس ذلك إذ لم تستطيع إنقاذ منزل زوجها الطاعن الأول من البيع الجبري مقابل 400 ج وأنها رغم حصول الحلول الأول في سنة 1932 لم تطالب بدينها ولم تتقدم به للمجلس الحسبي ولم تذكره لخبراء المجلس في وقت كان زوجها هو المدير للتركة واستعرضت المحكمة كذلك المبالغ التي تمت بها التسوية وقد بلغت 3650 ج وأصلها 8000 ج وأن نصيب القصر فيما سدد 1825 ج ولو حسنت نية عبد المحسن لقدم حساب التسوية والريع للمجلس مع أن هذا الريع بإقراره في تحقيق النيابة بلغ 187 ج لغاية رسو المزاد بخلاف حصتهم في حاصلات سنة 1930 وما يكون قد حصله من الزمامات التي قدرها الخبراء بمبلغ 3712 ج عن أطيانهم الملك و2727 ج عن الأطيان المستأجرة وإذا خصم ما دفع لهم من نفقة لا تتجاوز 500 ج يكون الباقي لهم بذمة عمهم عبد المحسن أكثر مما يخصهم فيما سدده للدائنين وأخيرا لم تر محلا لما قضت به محكمة أول درجة من إلغاء التسجيلات المترتبة على عقود التحويل حتى يتم الحساب بين الطرفين وقالت إن ما قام به عبد المحسن من استتاره وراء اسم زوجته صوريا في الصفقة إضرارا بحقوق القصر قد وقع باطلا بطلانا مطلقا طبقا لحكم المادة 258 مدنى قديم لأن الوصي ممنوع من شراء مال القصر المشمولين بوصايته وإذا ما أبطل حكم مرسى المزاد عادت ملكية الأطيان للقصر، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض في الطعن رقم 196 سنة 17 ق وكان من بين وجوه طعنهما على حكم محكمة الاستئناف خطؤها في تطبيق المادة 258 مدنى قديم لأنها لا تنطبق على الشراء في البيوع الجبرية ولأن الطاعن الثاني كان وقت الشراء معزولا عن إدارة التركة وبالتالي من التصرف فيها فلم يكن بيع مال القصر منوطا به وقد وجهت اجراءات البيع في وجه الوصيين الآخرين ولم توجه إلى الطاعن الثاني إلا بوصفه مدينا مطلوبا نزع ملكيته أسوة بالقصر، وقد قبلت المحكمة الطعن ونقضت الحكم أخذا بهذا النظر قائلة بأن المجلس أصدر قرارا بإفراد الوصيين الآخرين دون هذا الوصي “الطاعن الثاني” بإدارة أموال القصر فخلى هذا القرار بينه وبين الإدارة وهى أهم خصائص الوصاية فهذه التخلية بمثابة عزل للطاعن منها وهى عزل من باب أولى من أعمال التصرف ومتى انحلت صفة الادارة والتصرف انحلت صفة تمثيل القاصر فيها وزالت عنه خصائص الوصاية وأصبح خارجا عن دائرة الحظر الوارد بالمادة 258 مدنى قديم، هذا إلى أن هذا الوصي كان ممثلا في إجراءات البيع بوصفه مدينا ولما وجدت المحكمة أن القضية غير صالحة للفصل قالت إن تقرير أن حلول الطاعن الثاني مستترا وراء اسم زوجته محل الدائنين المسجلة ديونهم وأن شراءه الأطيان المنزوعة ملكيتها كل ذلك كان لحساب القصر ومن مالهم – هذا التقرير يقتضى أولا تصفية الحساب بينه وبين القصر وهو القائم بشأنه دعوى لم يفصل فيها بعد كما يقتضى بيان أثر ذلك إن صح في انقضاء تلك الديون التي حصل الحلول فيها وبالتالي في دعوى بطلان البيع وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف فعالجت محكمة الاستئناف الدعوى مرة أخرى فاستظهرت الوقائع وقرارات المجلس الحسبي ومنها قرار 4 من أبريل سنة 1939 وما تضمنه من بيان المتوفر للقصر وقدره 411 جنيها و117 مليما بعد خصم النفقة المسددة وأحقية القصر في زمامات زراعة عباس بمبلغ 957 ج وكسور وفى زراعة الدفراوى بمبلغ 684 ج وكسور واعتبار هذا المبلغ تحصل وفى ذمة عمهم الطاعن الثاني على أن تكون جملته 2053 ج و180 م وأحقيتهم كذلك في مبلغ 231 ج و164 م في ذمة حاتم العسكري واعتبار التسوية التى أجراها عبد المحسن الدفراوى باسم زوجته صورية وأحقية القصر في الانتفاع بحق النصف فيها واستمرار ملكيتهم للأطيان التى رسا مزادها على الست أمينه وتكليف الوصيين باتخاذ الإجراءات لإبطالها وندب خبير لتصفية الزراعة عن سنة 1930 وتحقيق ديون المشترية ومقدارها إلى آخر ما جاء بالقرار المشار إليه وقد استظهرت تقرير الخبير الذى ندب لذلك “السيد على مليك” وما تضمنه من أن إيراد القصر في سنة 1930 المتوفر بذمة عمهم عبد المحسن 3338 جنيها و295 مليما وأن مجموع الديون التى تمت تسويتها 8024 جنيها و728 مليما دفع في شرائها 5354 جنيها و238 مليما يخص القصر نصفها أى مبلغ 2517 جنيها و480 مليما وهى ديون المغازى باشا وأسعد بغدادى والبنك التجارى الإيطالى وبنك الخصم – وقد عقدت محكمة الاستئناف في حكمها فصلا تحت عنوان هل كان بذمة عبد المحسن الدفراوى مبالغ للقصر في مارس سنة 1937 تاريخ رسو مزاد الأطيان على زوجته الطاعنة الأولى تحدثت المحكمة في هذا الفصل عن أدوار النزاع وعروض الصلح أمام المجلس وما انتهت إليه وقرارات المجلس وما تؤدى إليه من انعقاد نية عبد المحسن الدفراوى على اغتيال أطيان القصر وأشارت إلى دعوى براءة الذمة التى رفعها بمحكمة شبين الكوم والتى أوقفت لرفع دعوى جنحة بمحكمة شبرا خيت ضد عبد المحسن انتهت ببراءته تأسيسا على وجود نزاع على الحساب بين الطرفين يتعين تصفيته أمام المحكمة المدنية وعرضت المحكمة لهذا الحساب في سياق تسبيبها فقالت: وبما أن الدفاع عن السيدة أمينه لم ينازع في أرقام الحساب التى ذكرها الخبير “على مليك” غير أنه تمسك في مذكرتها بأنها دفعت فعلا مبلغ 4850 جنيها ثمن شراء الديون وهو أقل مما ذكره الخبير، كما قالت أنها دفعت بعد حكم المزاد مبلغ 4180 جنيها للدائنين السابقين عليها في المرتبة وبما أن المبلغ المدفوع بعد الحكم لا يعول عليه إلا بعد معرفة أى من القصر أو عمهم كان مدينا للاخر في مارس سنة 1937 وتأثير ذلك على رسو المزاد. وأما أرقام الحساب فلم يذكر دفاع السيدة أمينه عنها شيئا إلا المجادلة في تقدير إيجار الفدان وأنه لا يزيد عن 4 جنيه وأن إيراد القصر سنويا لا يزيد عن 480 جنيها وفى عشر سنوات 4800 جنيه وهو أقل من نصف المبلغ الذى سددته الست أمنيه مع مراعاة وجوب خصم الأموال الأميرية والديون غير المسجلة التى استوفاها أربابها. وتحدثت المحكمة عما أثير حول الذمم وقالت إنه كان واجب عبد المحسن إن صح أنه لم يحصلها أن يقدم مستنداتها وهى تحت يده لأنه واضع اليد على التركة التى هى على المشاع معه ولأنه شريك في هذه الديون ولا يعقل سكوته عن المطالبة بحقوقه. وردت على القول بوجوب تصفية الحساب أولا وبصفة نهائية قبل تقرير مشغولية ذمة عبد المحسن الدفراوى بمبلغ معين للقصر- بأن ما جاء بتقرير الخبير السيد مليك يفيد – دون حاجة إلى إجراء تصفية نهائية – أنه يوجد مبلغ من المتيقن بقاؤه بذمة عبد المحسن يزيد كثيرا عما دفع فعلا للدائنين قبل مارس سنة 1937. ثم تحدثت المحكمة بعدئذ عن كيفية تسوية الديون وتأثير ذلك على رسو المزاد قائلة: بأن الطاعن الثانى ظل واضعا يده على التركة بسبب الشيوع كما ظل واضعا يده بعد القسمة، وأنه اتفق مع الوصيين أمام المجلس الحسبى على قيامه بتسوية ديون الدائنين المتقدمين في درجة القيد لتخليص التركة وتمت التسوية مع بعض هؤلاء الدائنين فعلا بدفع جزء من دينهم وتحولت به الطاعنة الأولى، وكان مفهوم هذا أن تكون التسوية لحساب القصر وزوجها يؤيده إقرارات الطاعن الثانى بالمجلس الحسبى وخطاباه للأستاذ عبد السلام الشاذلى ومحمد علوى الجزار وهذه الأقوال والاقرارات إلى جانب تولى عبد المحسن أعمال زوجته تكون حجة على هذه الزوجة، فإذا جد بعد ذلك خلاف نشأ عنه أن ينتهز عبد المحسن فرصة تحويل بعض الديون باسم زوجته واستغلاله هذا الظرف كان ذلك غشا يفسد كل إجراء لاحق يؤيد ذلك أن عبد المحسن كان يعترض على رغبة جد القصر في رهن جزء من أعيان التركة للدائنين بمقولة إنه تحسن الموافقة على أن يأخذ هو جميع أطيان القصر على أن يقوم هو بسداد الديون ويعطى ورثة أخيه 12 فدانا وقيراطين من أطيان والدته الخاصة ثم يعود فيعرض عقب رفض اقتراحه المذكور بيع 15 فدانا و10 قراريط و11 سهما من أطيان جدة القصر لوالدهم مقابل تنازلهم عن نصيبهم في التركة بما عليها من ديون، ولما لم يقبل هذا العرض وأن الوصيين يقفان له بالمرصاد والمجلس من ورائهما عارض في تعيينه وصيا حتى لا يكون مسئولا عن تقديم حساب ناعيا على جد القصر أنه أضاع مصلحتهم لأن الدائنين شرعوا في نزع الملكية، فاذا كان عبد المحسن قادرا على النهوض بتسوية الديون إذا وافق المجلس على نقل أعيان التركة إليه فكيف يبقى عاجزا عن تسويتها إذا كانت جميع أعيان التركة تحت يده وقد أراد عبد المحسن بتصرفاته أمام المجلس أن يستميله حتى يقوم بمفاوضة الدائنين لحسابه وحساب القصر معا ولا يفسر هذا الإجراء إلا أنه غش أراد به أن يخدر أعصاب زوجة أخيه ووالدها أمام المجلس الحسبى، وأشار الحكم إلى أقواله بجلسة 20 من أغسطس سنة 1935 بالمجلس الحسبى عن تسوية دين المغازى وبنك الخصم وغيرهما من الدائنين بأنه كلف اشخاصا بمساومة الدائنين كما وسط آخرين ولم يذكر اسم من حصلت المساومة لصالحه ابتداء حتى اتضح أنها زوجته “الطاعنة الأولى” وأن مفاوضة الدائنين كانت منه مباشرة وأنه كان سئ النية لإخفائه اسم زوجته في التسوية بجلسة 27 من يونيه سنة 1935 ولم يفصح عن اسمها إلا حين أحرجه جد القصر. وقد خلصت محكمة الاستئناف من هذا كله إلى أن الطاعن الثانى كان يسعى لحرمان ورثة أخيه من الوصول إلى حقوقهم في ريع التركة وأعيانها وأن زوجته مسئولة معه لأنه كان ينوب عنها في الاتفاق مع الدائنين، وأن هذه التصرفات فضلا عن أنها تنبئ بصورية مرسى المزاد لصالح الطاعنة الأولى فإنها تكون غشا وتدليسا ببطلان البيع ولا يغنى عن ذلك أن يكون لدى الست أمينه العيسوى مال قل أو كثر دفعت منه البعض في مقابل هذه الديون أو بالأحرى دفع زوجها هذا المقابل- وذلك سواء كان ما بذمة عبد المحسن لورثة أخيه يفى بهذا المقابل أو يقل أو يزيد عليه – ما دام قد اتضح بجلاء أنه قد أوهم المجلس الحسبى وجد القصر ووالدتهم أنه يعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أعيان تركة أخيه ويحاول تخليص جانب منها له ولورثة أخيه ثم استعار اسم زوجته لتحويل هذه الديون عند تسويتها، والحقيقة أن ذلك كان لحساب القصر وحسابه معا إلى أن قالت إنه إذا كان مقابل التسويات قد دفع من المال المشترك فتكون التسجيلات التى شملتها التسوية ملغاة ويكون الحكم المستأنف قد أصاب في قضائه بشطيها… فطعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب، يتحصل السبب الثانى منها في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فضلا عن قصور أسبابه في خصوص قضائه ببطلان البيع للصورية والغش وذلك من عدة وجوه أولها – أن الحكم المطعون فيه قرر أن عبد المحسن “الطاعن الثانى” اتفق مع وصى القصر أن يقوم بمساومة الدائنين على تسوية ديون المتقدمين منهم في درجة القيد سعيا لتخليص التركة وأن هذه التسوية وإن تمت باسم الست أمينه العيسوى “الطاعنة الأولى” فالمفهوم أنها كانت لحساب عبد المحسن وورثة أخيه “المطعون عليهم” باعتبارهم مدينين معا وأن عبد المحسن وإن استعار اسم زوجته لإجراء هذه التسوية وتحويل الديون باسمها إلا أن الحقيقة أن ذلك كان لحسابه وحساب القصر معا – فإذا كان مراد الحكم من حصول التسويات لحساب القصر أن الست أمينة كانت تتعامل مع الدائنين نيابة عن القصر فذلك يقتضى أن تكون وكيلة عنهم بالاتفاق مع أوصيائهم أو مع زوجها بصفته وكيلا عنهم ولكن الوكالة لا يجوز إثباتها بين طرفيها إلا بالكتابة متى زادت قيمتها على عشرة جنيهات، وإذن يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ اعتبر الطاعنة الأولى تعمل لحسابهم بحيث يعود إليهم مباشرة أثر التصرف ونفعه بنسبة نصيبهم – وحاصل الوجه الثانى أنه إذا كان مراد الحكم أن الست أمينه كانت تعمل لحساب زوجها شخصيا وأن تصرف الزوج بتسوية الديون بواسطة زوجته قد أفاد القصر بوصفهم شركاء معه في الديون فان ذلك غير منتج وقاصر عن بيان سنده الموضوعى ذلك بأن وفاء أحد المدينين المتضامنين بكل الدين يحل الموفى محل الدائن في مطالبة المدينين المتضامنين بنصيبهم فيما دفع عنهم من ديون وحق إجراء التنفيذ على أطيانهم والتدخل في شرائها بالمزاد سواء بنفسه أو باسم من وكله أو سخره لذلك على أن دعوى تسخير الزوجة في التسوية أمر فضلا عن أنه غير منتج إذ محله عند البحث في بيان ما إذا كانت التسوية تمت بحوالة الدين أو بوفاء مع الحلول – فانه لا دليل عليه إلا ما نقله الحكم المطعون فيه عن بعض فقرات من دفاع السيدة أمنيه سيقت على سبيل الفرض الجدلى ولا يفيد التسخير ولا تؤدى إليه، فما كان يصح أن يؤخذ من الفرض تسليما وإلا كان ذلك مسخا للكلام وخلقا لأدلة وهمية واستدلالا على الشئ بعكسه: وحاصل الوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه أبطل البيع بالمزاد على أساس أنه صورى وأنه مشوب بالغش والتدليس وقد عول الحكم على الصورية وخصها بالذكر دون الغش في حيثيته الختامية فإذا كان المراد بالصورية شخص المشترى “الراسى عليه المزاد” أى أن المشترى الحقيقى هو عبد المحسن مستعيرا اسم زوجته فانه يكون قد خالف القانون إذ لا مانع يمنع عبد المحسن من الشراء بنفسه أو بمن يوكله وكالة ظاهرة أو مستترة والظاهر أن الحكم لم يفطن إلى أن هذا البحث أريد به إثبات أن المشترى الحقيقى هو عبد المحسن ليرتب على ذلك بطلان شرائه عملا بالمادة 258 مدنى قديم مع أنه لم يبق بعد حكم النقض محل لتطبيق هذه المادة ولا لدعوى الصورية إذ هى دعوى منفصلة عن الغش في منطق الحكم وفى سياق أسبابه. وحاصل الوجه الرابع أن الحكم المطعون فيه لم يأت بدليل واحد على ما قرره من أن البيع بالمزاد إلى الست أمينه كان صوريا وأنه كان في حقيقته لعبد المحسن مستترا وراء اسم زوجته في الظاهر ولا يغنى عن ذلك مجرد القول بأن عبد المحسن كان يسخر زوجته في تسوية الديون لأن الأمرين مختلفان وغير متلازمين فقد يقبل المرء إعارة اسمه في الوفاء بدين دون أن يتحمل أية تبعة ولكنه يحجم عن أن يتورط في الدخول في مزاد مشتريا لحساب غيره أطيانا كبيرة القيمة نظير ثمن يلتزم هو بوفائه والحكم إذ لم يسبب تقريره في هذا الخصوص يكون قاصر البيان وحاصل الوجه الخامس أن الحكمين الابتدائى والاستئنافى المنقوض أسند إلى عبد المحسن الغش وأن زوجته أعانته على ذلك بأن أعارته اسمها في كل تصرفاته واستندا في اثبات هذا الغش المزعوم إلى وقائع معينة ذكراها وكان هذان الحكمان بما اشتملا عليه من تهم لعبد المحسن أمام محكمة النقض فلم تر فيها ما يحقق أى معنى من معانى الغش في القانون ولذلك قررت أن مناط الفصل في الدعوى هو تصفية الحساب بين الطرفين والبحث في انقضاء الديون التى تم الحلول فيها للسيدة أمينه أو لزوجها عبد المحسن ولذلك أهملت المحكمة الكلام عن الغش المزعوم ولو كانت تهمة الغش منتجة في نظرها في إبطال البيع بدون حاجة إلى تصفية الحساب والتثبت من أثر هذه التصفية في انقضاء الديون لرفضت الطعن وأقامت الحكم المطعون فيه يومئذ على أسبابه الخاصة بالغش – والحكم المطعون فيه حاليا إذ بنى قضاءه على غش عبد المحسن واذ استخلص هذا الغش من ذات الأسباب التى استظهرها الحكم الابتدائى والحكم الاستئنافى المنقوض “بصرف النظر عن أنه كان بذمة عبد المحسن مبالغ لورثة أخيه تزيد عما دفع في التسوية وسواء كان ما بذمة عبد المحسن لورثة أخيه يفى بالمقابل أو يقل عنه أو يزيد” يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأنه أولا لم يذكر مادة القانون المدنى التى أجرى حكمها وأبطل البيعة على أساسها وآثر الغموض والتجهيل لمعانى الغش المتباينة في القانون إذ لو كان قصده التدليس مرادفا للغش Dol فهذا أبعد الأمور عن صورة الدعوى لأن البيع الجبرى لا يتم برضاء المنزوعة ملكيته وإن كان قصده الاحتيال على القانون أو التصرف المفقر إضرارا بالدائنين أو التواطؤ بتصرف صورى للاضرار بحقوق الغير أو الفعل الضار الموجب للتعويض، فانه مهما يكن مراد الحكم من هذا كله فلا ينطبق أيها على صورة الدعوى فالشراء بالمزاد لم يكن بذاته محلا للطعن من ناحية الشكل أو الاجراءات إلا بأنه تم في الحقيقة لوصى ممنوع من الشراء، وقد رفضت محكمة النقض هذا الطعن، وأما تسوية الديون فعمل غير ضار بل نافع أفاد منه القصر بوقف إجراءات التنفيذ مقابل دفع الدين مقسطا أو مخفضا، وأما اتمام التسوية باسم الست أمينه في صورة حوالة أو وفاء مع الحلول فلا ضرر فيه على القصر ولا غش لهم فيه ومحل إثارته كما سبق القول عند التصفية لأن ما يملك الانسان أن يفعله بنفسه يحق له أن يتمه بوكيل عنه ظاهرا أو مستترا فليس التسخير أو استعارة اسم الغير في التعامل محرما أو عملا غير مشروع إلا إذا قصد به التحاليل على القانون، وأما طلب الست أمينه البيع والإصرار على إجرائه بجلسة المزاد فلا تعدى فيه ولا غش بل هو استعمال لحق الدائن في اقتضاء دينه والتنفيذ بموجبه على أموال مدينه، هذا إلى أن عبد المحسن قد أنذر وصى القصر بسلوك الطريق الذى يسوغه مركزه نحو الديون المحولة لزوجته إن لم يتداركا الموقف بالسداد وفى هذا ما يفيد علم أوصياء القصر باجراءات عبد المحسن وأن مآل هذه الاجراءات هو التنفيذ على أطيان القصر وبهذا العلم التفصيلى بمجرى الأمور تنتفى مظنة القول بوقوع القصر فريسة للخديعة أو الغش والاحتيال، وأما استدلال الحكم المطعون فيه على الغش بما ساقه من تصوير عبد المحسن بأنه أوهم المجلس والأوصياء بالعمل على تخليص التركة أو استعارته لاسم زوجته في التسوية ثم استعمال عقود الحوالة في التنفيذ فهذا كله لا خطأ فيه ولا يعيب تصرفه لأن هذا كله ما كان يمنع عبد المحسن من التنفيذ بموجب الوفاء مع الحلول كما سبقت الاشارة إليه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه أخطأ في فهم المقومات الواقعية التى لا يتحقق الغش في القانون إلا بها وأنه باطل لانعدام أساسه القانونى وقصور أسبابه عن بيان العناصر الواقعية التى يتحقق بها في الدعوى معنى الغش قانونا مما يستوجب نقضه:
ومن حيث إن هذا النعى مردود في جميع وجوهه بأن الحكم المطعون فيه وهو بسبيل التحدث عن المعنى المستفاد من قرارات المجلس الحسبى وإقرارات عبد المحسن “الطاعن الثانى” أمامه في إيهام والدة القصر وجدهم بغير الواقع قرر “أنه لا يمكن تفسير ذلك إلا أنه غش أراد به أن يخدر أعصاب زوجة أخيه ووالدها والمجلس الحسبى موهما أنه يعمل لمصلحة الجميع حتى لا يقفوا عثرة دون تحقيق الغاية التى وضعها نصب عينيه وهى الاستيلاء على التركة لنفسه نظير ما يدفعه للدائنين مقابل ديونهم ويحرم المتأخرين منهم في ترتيب أقدمية التسجيل من الحصول على حقوقهم حتى إذا تحقق له ما أراد من إجراء التسوية وأصبح في مركز يسمح له أن يملى على والدة القصر وجدهم ما يريد استطاع أن يحصل بموافقة هذين والمجلس الحسبى على نقل أعيان التركة إليه فان رفضوا تذرع بحلول زوجته محل الدائنين وحق لها أن تبيع الأطيان وتستولى عليها..” ثم قال “وبما أن التصرفات السابقة فضلا عن أنها تنبئ بصورية رسو المزاد لصالح الست أمينة عيسوى فانها تكون الغش والتدليس اللذين يبطلان ذلك البيع ولا يغنى عن ذلك أن يكون لدى الست أمينه مال قل أو كثر دفعت منه مقابل هذه الديون أو بالأحرى دفع زوجها عبد المحسن وذلك سواء كان ما بذمة عبد المحسن لورثة أخيه يفى بهذا المقابل أو يقل أو يزيد عليه ما دام قد اتضح بجلاء من الظروف السابقة أن عبد المحسن قد أوهم كما أوهم جد القصر ووالدتهم أنه يعمل على إنقاذ التركة.. ثم استعار اسم زوجته لتحويل الديون إليها والحقيقة أن ذلك كان الحساب القصر وحسابه معا..” ثم انتهى الحكم إلى القول “وبما أنه قد اتضح مما سبق صورية رسو المزاد على السيده أمينه عيسوى وأن التسويات التى حصلت بشأن الديون إنما تمت في الحقيقة وواقع الأمر لصالح زوجها وورثة أخيه فيكون مقابل هذه التسويات قد دفع من المال المشترك الذى كان قائما على أن يسوى حساب كل منهما مع الآخر” وهذا الذى أورده الحكم يبين منه أنه أقام قضاءه على قاعدة “الغش يبطل التصرفات”La fraude fait cxception á toutes Reglés وهى قاعدة قانونية سليمة ولو لم يجر بها نص خاص في القانون وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره في المعاقدات والتصرفات والاجراءات عموما صيانة لمصلحة الافراد والجماعات – لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر الوقائع التى استخلص منها هذا الغش وأحصى الشواهد والبينات على تبييت نية عبد المحسن الدفراوى في العمل على الاستيلاء على أملاك ورثة أخيه تحت ستار الزعم والايهام بأن المقصود من التسوية هو شراء ديون الدائنين المتقدمين في درجة التسجيل حتى يتسنى الافلات من مطاردة المتأخرين في الدرجة بينما القصد الحقيقى هو الاستيلاء على تلك الاملاك باجراءات قانونية صحيحة في ظاهرها – وكان عماد الحكم في هذا الاستدلال إقرارات عبد المحسن الدفراوى الصادرة منه امام المجلس الحسبى بأنه “أحضر من يساوم الدائنين وأنه كلف سماسرة للتفاهم مع البنك وأنه ضحى ببيع حاصلاته ترضية لصاحب الدين” وما جاء بخطاباته إلى السيد عبد السلام الشاذلى والمرحوم علوى الجزار بك وبانذاره الموجه الى الوصيين الرقيم 4 يناير سنة 1936 من أنه “قام بسداد الديون عن القصر وقد استغرق ذلك الريع جميعه” إلى آخر ما أثبته الحكم المطعون فيه وكيف تدرج عبد المحسن في هذا السبيل من محاولته حمل المجلس الحسبى على تخارج القصر من تركة مورثهم في مقابل تدفعه اليهم جدتهم لابيهم من مالها الخاص الى معارضته في رهن أطيان القصر بقصد وفاء الديون ووضع العراقيل لمنع النفقة المقررة عليه لهم بتسخير من رفع دعوى استرداد المحجوزات مع ثبوت استمرار يده على اطيانهم وعدم تمكينهم من هذا الريع لاستخدامه في وفاء الديون وكيف أنه استعار اسم زوجته في تسوية الديون وحلولها فيها محل أربابها وبضماناتها المقررة ثم أصرارها على ايقاع البيع بجلسة المزاد برغم معارضة أوصياء القصر في ذلك وأن هذه الزوجة شريكة له في تصرفاته ومسئولة عما صدر عن زوجها من أقوال وأفعال لأنه كان ينوب عنها في التسويات. وهذه وتلك قرائن سائغة تحتملها ظروف الدعوى ولا تعارضها أوراقها، ولما كان لقاضى الموضوع سلطة تامة في استخلاص توافر عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقرير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت دون رقابة عليه من محكمة النقض في ذلك ما دامت الوقائع تسمح به – كما هو الحال في الدعوى – فان الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون ويكون البحث في تقصى مراد الحكم من اعتبار أن الطاعنة الأولى كانت تعمل لحساب زوجها وحساب القصر على وحمل ذلك معنى الوكالة التى تتطلب في إثباتها بين طرفيها الدليل الكتابى – غير منتج ما دام الحكم قد أقيم على الغش الذى استظهرت محكمة الموضوع في حدود سلطتها توافر عناصره بالقرائن التى اعتمدتها دون حاجة إلى دليل كتابى، هذا فضلا عن أن تواطؤ الطاعنين على استعارة اسم “الست أمينه” في التسويات لم يكن القصر طرفا فيه فيجوز لهم باعتبارهم من الغير إثباته بكافة طرق الثبوت – وأما القول بحق عبد المحسن في الرجوع على أولاد أخيه بما دفعه عنهم ونزع ملكية أرضهم وشرائها بالمزاد لنفسه جهرا أو بواسطة من يوكله أو يسخره عنه خفية فمحله أن يكون الوفاء من ماله الخاص، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن السداد كان من المال المشترك بينه وبين القصر امتنع عليه هذا الرجوع إلا حيث تتم التصفية بين الطرفين، وأما عن دعوى تسخير الزوجة في خصوص التسويات التى تمت وانعدام دليلها فإن الحكم لم يعول على اعتراف الست أمينه الضمنى في مذكراتها أو إنكارها له بل عول على قرائن أخرى سائغة مبررة كصلة الزوجية وقيام الوفاق بين الزوجين وهما في معيشة واحدة وكون الزوج شريكا متضامنا في هذه الديون وأنه هو الذى كان يساوم الدائنين في شأن التسويات وغيرها مما يكفى لحمل قضاء الحكم في هذا الخصوص وهو بعد مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع على ما سبق بيانه، وأما عن تقرير الحكم لصورية المزاد لأن المشترى الحقيقى هو عبد المحسن وهو إن صح لا يمنع في نظر الطاعنين من شراء عبد المحسن نفسه ظاهرا أو مستترا – فمردود بأن الصورية التى قررها الحكم إنما هى عنصر من عناصر الغش الذى أقام عليه قضاءه وهى بذلك مانعة له من الشراء سرا أو جهرا هذا إلى أن النيابة التبادلية المقترضة في الالتزامات التضامنية أو الوكالة الضمنية التى قررتها محكمة الموضوع في صورة هذا النزاع تمنع من إضافة الملك إلى الوكيل أو النائب الراسى عليه المزاد بل يعتبر رسو المزاد كأنه لم يكن إلا في خصوص إنهاء علاقة الدائنين بالمدينين المنزوعة ملكيتهم – أما القول بأن محكمة النقض أهملت التحدث عن الغش عند نظرها للطعن السابق ولو كان منتجا في نظرها لرفضت الطعن وأقامت الحكم على أسبابه الخاصة بالغش فمردود بأن الغش وعناصره من مسائل الموضوع التى لا شأن لمحكمة النقض به – ومتى وضح ذلك كله كان هذا السبب بجميع وجوهه على غير أساس.
ومن حيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فضلا عن قصور أسبابه فيما قضى به من مديونية “عبد المحسن” للقصر وذلك من عدة وجوه: أولها – التناقض – ذلك بأن الحكم المطعون فيه إذ قطع بأن عبد المحسن كان في مارس سنة 1937 مدينا للقصر بأكثر مما دفعته زوجته الست أمينه في تسوية الديون يكون قد فصل في موضوع دعوى براءة الذمة ولم يبقى لمحكمة شبين الكوم أو غيرها ما تفصل فيه مع ما قد يكون لذلك من أثر أو حجية لدى المحكمة المذكورة إلا أنه عاد فجعل بعبارته “ما دخل في التسوية وما لم يدخل” باب النزاع على الحساب مفتوحا فيكون قد ناقض نفسه إذ فصل في دعوى براءة الذمة وأرجأ الفصل فيها في الوقت ذاته وقد امتد هذا التناقض إلى منطوق الحكم المطعون فيه وتعارضه مع أسبابه إذ بعد أن قضى بتأييد الحكم المستأنف عاد وحفظ للطاعنين الحق فيما يدعيانه من سداد بدعوى على حدة. وحاصل الوجه الثانى أن تصفية الحساب تقتضى إجراء المقاصة بين الديون المتقابلة إذا توافرت شروطها فلا يصح في حكم القانون التقرير بأن أحد طرفى المحاسبة دائن بمبلغ معين وترك تصفية الحساب لتجريه محكمة أخرى إلا إذا كانت الديون التى تأجل تصفيتها غير محققة الوجود وغير معينة المقدار، فديون القصر متنازع عليها أشد المنازعة وديون الست أمينه ثابتة بسندات رسمية واجبة النفاد فتقرير مديونية عبد المحسن على النحو الذى أثبته الحكم المطعون فيه من “أنه يظهر بجلاء وجود مبلغ متيقن بقاؤه بذمة عبد المحسن لأولاد أخيه يزيد كثيرا عما دفعته زوجته للدائنين قبل مارس سنة 1937” “مخالف للقانون “م194 مدنى قديم” إذ معناه انقضاء دين الست أمينه عيسوى بالمقاصة مع أن مصير البيع المقضى ببطلانه يتوقف على تصفية الديون قبل إجراء البيع المشار إليه وهو ما صرحت به محكمة النقض في حكمها الأول بقولها “وبيان أثر ذلك في انقضاء الديون التى حصل الحلول فيها وبالتالى في دعوى بطلان البيع”.
وما تمسكت به الست أمينه أمام محكمة الاحالة من أن النزاع في شأن ادعاء القصر ديونا بذمة عمهم لا زال قائما مما يجعل المقاصة مستحيلة قانونا: وحاصل الوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه قد خالف نص المادة 194 مدنى قديم إذ أجرى المقاصة بين ديون الست أمينه وبين ديون القصر مع أن الأولى محققة الوجود معينة المقدار وثابتة بسندات رسمية بينما الثانية تحتاج إلى محاسبة وبذلك لا تتحقق شروط المقاصة ولا تنطبق على واقعة الدعوى – ويتحصل الوجه الرابع في مسخ الحكم المطعون فيه لأوراق الدعوى وخلقه لأدلة وهمية لا وجود لها فضلا عن خطئه في الإسناد إذ اعتمد في إثبات المتوفر للقصر في ذمة عمهم على ما ورد بتقرير الخبير “السيد على مليك” وأثبت الحكم في أكثر من موضع أن الدفاع عن الست أمينه لم ينازع في هذا التقرير مع أن المنازعة قائمة على أشدها في كل ما ذهب إليه الخبير جملة وتفصيلا وما رفع دعوى براءة الذمة إلا دليل هذه المنازعة فضلا عما هو وارد بمذكرة الأستاذ “يوسف فهمى” الوكيل عن عبد المحسن وما تضمنته من مناقشة تقرير الخبير المذكور والاعتراض عليه وأن مذكرة الست أمنيه الختامية تضمنت النعى على تقرير الخبير وأنه مملوء بالأغلاط والمغالطات وأن مضمونه يفصح عن نية كاتبه وأن محكمة جنح شبرا خيت ذكرت عنه أن كل همه كان الطعن على زملائه الخبراء السابقين وقد ورد بذات المذكرة “أن المبلغ الأول وهو 3338 جنيها و295 مليما فقد قدر الخبير “السيد على مليك” وأصدر به المجلس الحسبى قرارا في 2 من ديسمبر سنة 1941 بعد رسو المزاد مخالفا بذلك قراره الصادر في 24 من نوفمبر سنة 1931 ولأوراق الدعوى الخاصة بالتخالص مع المغازى باشا..” وهذا كله يفيد المنازعة والاعتراض على خلاف ما أسنده الحكم إلى دفاعهما: وحاصل الوجه الخامس أن الحكم المطعون فيه قاصر البيان في اعتبار عبد المحسن مدينا لأولاد أخيه لأن هذا الاعتبار لم يقم لديه إلا على أساس ما قرره عن صحة تقديرات الخبير “السيد على مليك” اعتمادا على القول بعدم منازعة الطاعنين في تقريره: وحاصل الوجه السادس أن أسباب الحكم قاصرة عن بيان الأساس الذى بنى عليه إلزام عبد المحسن بالزمامات الناشئة عن زراعة سنة 1930 المشتركة بين عبد المحسن وأخيه مورث القصر وعن بيان سبب التزام عبد المحسن بها ودليله كما لم يحقق دفاع الطاعنين في خصوص هذا القلم من أقلام الحساب، وحاصل الوجه السابع أن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى وجوب احتساب نصف ثمن منزل الاسكندرية ومقدار ال 34 فدانا التى بيعت من ملك عبد المحسن الخاص وذلك من أصل ما اعتبره الحكم متوفرا للقصر في ذمة عمهم رغم تمسك عبد المحسن به في دفاعه في الدعوى، كما أصر عليه في دعوى براءة الذمة وكما تحدثت عنه الست أمينه في جميع مذكراتها وهو قصور في التسبيب يعيب الحكم ويبطله.
ومن حيث إن هذا النعى في جملته غير منتج ذلك بأنه متى كان يبين أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببطلان مرسى المزاد وبقاء ملكية الأطيان للمطعون عليهم تأسيسا على الغش والتدليس لأن ما دفع في التسوية كان من المال المشترك بين القصر وعمهم “الطاعن الثانى” – لا على تصفية الحساب وإجراء المقاصة بين الديون المتقابلة بين التصرفين وأنه صرف النظر عن هذه التصفية لأن النزاع على الحساب في نظر الحكم لا تأثير له على الملكية إذ أن أمر تصفيته مكفول بدعوى براءة الذمة القائمة بين الطرفين وهى تتسع لبحث هذا الحساب – ما دخل في التسوية وما لم يدخل – ولما كان ما ورد في أسباب حكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 23 من فبراير سنة 1950 في الطعن رقم 196 سنة 17 ق من أن تقرير أن حلول الطاعن الثانى مستترا وراء زوجته محل الدائنين المسجلة ديونهم وأن شراء الأطيان المنزوعة ملكتيها، كل ذلك كان لحساب القصر ومن مالهم، وهذا التقرير يقتضى أولا تصفية الحساب بينه وبين القصر وهو القائم بشأنه دعوى لم يفصل فيها بعد، كما يقتضى بيان أثر ذلك إن صح في انقضاء تلك الديون التى حصل الحلول فيها وبالتالى دعوى بطلان البيع” – هذا التقرير لا يحول دون القضاء بابطال حكم مرسى المزاد تأسيسا على الغش وعلى أن الديون دفعت لحساب طرفى الدعوى معا من المال المشترك الذى كان تحت يد الطاعن الثانى وبصرف النظر عن قيمة ما يداين به أحدهما الآخر وقت الوفاء – وهو ما أقيم عليه الحكم بناء على أسباب تفصيلية منتجة ومستخلصة من وقائع الدعوى وظروفها – على ما سلف بيانه في الرد على السبب السابق – وهو ما يكفى لحمله دون نظر إلى ما استطرد إليه الحكم وكان محلا للنعى بما ورد في هذا السبب إذ يكون ذلك منه تزيدا في البيان يستقيم الحكم بدونه.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائى بما اشتمل عليه قضاؤه من شطب التسجيلات التى شملتها التسويات أى تسجيل حكم مرسى المزاد وجميع القيود التى حلت فيها الست أمينه عيسوى محل أصحابها مخالفا في ذلك قضاء محكمة الاستئناف السابق في حكمها المنقوض وليس في الحكم ولا في الحكم الابتدائى المؤيد به سبب يقوم عليه القضاء في خصوص التسجيلات ولا يمكن إقامته على أسباب أخرى بل على العكس فإن أسباب الحكم الابتدائى في خصوص الديون التى تمت تسويتها وحلت فيها الست أمينه عيسوى محل أصحابها تؤدى إلى غير ما قضى به من إلغاء التسجيلات ذلك بأن الحكم لم يقطع في تصفية الحساب وصرح بأن التصفية محلها دعوى براءة الذمة القائمة بين الطرفين على أن تشمل التصفية ما دخل في التسويات وما لم يدخل ومفاد هذا أن يبقى كل طرف في مركزه السابق على الحكم المطعون فيه من حيث ما يدعيه لنفسه من حقوق قبل الآخر وأن يبقى لصاحب القيود منها حقه في القيد إلى أن يحكم بانقضاء حقه وعندئذ تكون القيود واجبة الشطب، يضاف إلى ذلك أن الست أمينه قد حلت في بعض الديون والقيود محل أصحابها بعد يوم مرسى المزاد والحكم لم يعرض لأية معاملة بعد ذلك التاريخ.
ومن حيث إن هذا النعى على أساس ذلك بأنه قد بان مما تقدم أن مقابل التسويات الذى دفع للدائنين كان من مال “الروكية” المشترك الذى كان بيد عبد المحسن الدفراوى وأن هذا الوفاء قد تم في حقيقته لحساب عبد المحسن وورثة أخيه فإنه يكون بوصفه مدينا متضامنا معهم في الديون قد حل بحكم القانون محل الدائنين بمقدار ما عساه يكون قد دفعه زيادة عن نصيبه ويحق له الرجوع به عليهم، ولما كانت هذه الزيادة – ان صح وجودها – لم تتحدد بعد ولم يعين مقدارها وقت الحلول على ما استظهره الحكم المطعون فيه فانه وإن امتنع على الطاعن التنفيذ بها على مال المدينين الآخرين “المطعون عليهم” إلا حيث تتم تصفية الحساب بين الطرفين إلا أن القيود والتسجيلات – باعتبارها ضامنة للوفاء يجب أن تبقى حتى تمام هذه التصفية إذ أنها في خصوص النزاع الحالي تتبع هذه الزيادة المتنازع فيها وتدور معها وجودا وعدما ولذا يكون طلب شطبها سابقا لأوانه.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم في موضوع هذا الطلب فيتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا في خصوص قضائه ببطلان تلك التسجيلات وعدم قبول الطلب الخاص بها لتقديمه قبل الأوان وهو لا يحين إلا عند إتمام الحساب ومعرفة مقدار الزيادة التي يحق للطاعن الثاني الحلول بها محل الدائنين في التسجيلات المشار إليها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .