توضيح لموقف القانون تجاه جريمتي السب والقذف عبر الانترنت

مقال حول: توضيح لموقف القانون تجاه جريمتي السب والقذف عبر الانترنت

بالنسبة لموقف المشرع العراقي من جريمتي القذف والسب من حيث تأثره بالإنترنت ، فأنه بالرجوع إلى النصوص العقابية النافذة نلاحظ أن المشرع العراقي قد استخدم عبارات مرنة بشأن وسائل وقوع جريمتي القذف والسب ، إذ ذكر ذلك في المواد (433-434) ، على أنه في حالة وقوع القذف أو السب بطريق النشر في الصحف أو المطبوعات أو بإحدى طرق الإعلام عد ذلك ظرفاً مشدداً ، وعليه يمكن القول بشأن عبارة (أحدى طرق الإعلام ) ، أن يندري تحتها أي وسيلة أخرى قد يستخدمها الجاني لارتكاب جريمته منها استخدام شبكة الإنترنت كوسيلة من الوسائل المحتملة لارتكاب الجريمة . وعليه فأننا نرى من الضروري أعمال نصوص قانون العقوبات العراقي وجعلها واجبة التطبيق أو أية مواد قانونية أخرى مشابهة لها لن تواجه أي مشكلة في تطبيقها ، وذلك بالإستناد إلى ما يأتي: –

أولاً // إن المشرع العراقي قد تطلب لوقوع جريمتي القذف والسب الغير علني أن يقع في مواجهة المجنى عليه أو عن طريق الهاتف(1) :

 وهذا ما نصت عليه المادة(435) من قانون العقوبات العراقي على أنه ) إذا وقع القذف أو السب في مواجهة المجنى عليه من غير علانية أو في حديث تليفوني معه أو في مكتوب بعث به إليه أو أبلغه ذلك بواسطة أخرى فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر بغرامة لا تزيد على خمسين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين. من خلال النص المتقدم نستطيع القول بانطباق نص القذف والسب بواسطة الهاتف على الجرائم الواقعة عن طريق الانترنت ، كون الإنترنت يعتمد في أساسه على الأتصال الهاتفي كما أنه في السابق كان يطلق اسم هاتف على الأجهزة الهاتفية التي تعمل في المنازل ، ثم ظهر الهاتف المحمول ، ثم تطورت التكنولوجيا وظهر الهاتف المرئي حتى ظهور الإنترنت(2) ، هذا من جانب ومن جانب آخر نلاحظ أن المشرع العراقي لم ينص على أن الجريمة بطريق الهاتف تكون بالقول فقط فمن الممكن أن تقع الجريمة بالقول أو بالكتابة أو يبلغه ذلك بواسطة أخرى كما ذكرت ذلك نص المادة ( 345 ) من ( ق . ع ) فعبارة بواسطة أخرى التي ذكرتها المادة سابقة الذكر تتيح إستخدام الإنترنت في أرتكاب هذه الجرائم ، مثلاً وقوع جرائم القذف والسب أثناء إستخدام غرف الدردشة والتي يستطيع أن يدخلها من يشاء أو عن طريق إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني متضمنة ما يعد قذفاً أو سباً.

ثانياً // كما ظهرت التقنيات الحديثة أنه ليس بالضرورة أن تكون جميع الجرائم التي تقع بالهاتف غير علنية(3) :

فقد أصبح التليفون وسيلة لنقل الصور والأصوات عن طريق إستخدام الكمبيوتر وشبكات الإنترنت لعدد غير محدود من الناس لا على المستوى المحلي فقط ، ولكن على مستوى العالم(4). من خلال ما تقدم نرى ضرورة تدخل المشرع العراقي بالنص على مواجهة جريمتي القذف والسب صراحة بإستخدام الحاسب الآلي وشبكات المعلومات لما يترتب عليها من أضرار كبيرة تفوق أضعاف أرتكابها بإستخدام الحاسب الآلي عن أرتكابها بأي وسيلة أخرى .وذلك كونها ظرفاً مشدداً يستوجب تشديد العقوبة سواء في جريمة القذف أو السب ، إذ تضاف فقرة تنطوي على التشديد في العقوبة إذا أرتكبت أي من الجريمتين باستخدام الحاسب الآلي أو شبكات المعلومات ، ونقترح أن يكون نص المادة (435) من ق . ع كما يأتي : (إذا وقع القذف … فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسة ملايين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة بإستخدام أجهزة الحاسب الآلي وشبكات المعلومات)

____________________

1- د. ممدوح خليل البحر ، الجرائم الواقعة على الأشخاص في قانون العقوبات الإماراتي ، ط 1. دار إثراء للنشر والتوزيع ، الأردن ، 2009 ، ، ص 235

2- شمسان ناجي صالح الخيلي ، الجرائم المستخدمة بطرق غير مشروعة لشبكة الإنترنت ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2009 ، ص 158

3- المرجع السابق ، ص 159

4- د. مدحت رمضان ، جرائم الاعتداء على الأشخاص والإنترنت ، بلا طبعة ، دار النهضة العربية ،. القاهرة ، 2000 ، ص 9

و لقد جرم المشرع الفرنسي جرائم القذف والسب العلني بنصوص خاصة في القانون الصادر في 29/7/1818 بشأن حرية الصحافة(1)، ووفقاً لنص المادة (29) من القانون المذكور عرف ( القذف بأنه (( كل إدعاء أو إتهام بفعل يجلب عدوان على سمعة أو أعتبار لشخص ما أو لمجموعة ينسب إليها الفعل ))(2).هذا وتستوجب المادة (29) السالفة الذكر، لقيام جريمتي القذف والسب توافر صفة العلانية ، وفي حالة تخلف ركن العلانية ، فأن السلوك المؤثم الماس بشرف وأعتبار الغير لا ينفك عنه التجريم ، ولكن ينحصر الأثر المترتب على ذلك في تغير التكييف القانوني من جنحه إلى مخالفة كما هو الحال في مخالفة السب غير العلني الوارد في المادة (387/9) مخالفات أو المادة (621/1-621/1) مخالفات من قانون العقوبات الفرنسي(3) بالرجوع لنص المادة (23) من القانون السالف الذكر ،

من هذا يتبين لنا أن المشرع الفرنسي أورد وسائل العلانية ، إذ نصت المادة المذكورة على العلانية بواسطة الكلام أو الصياح أو التهديد المتلفظ به في أماكن وإجتماعات عامة ، والكتابات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة في الأماكن والإجتماعات العامة أو الملصقات المعروضة على أنظار العامة(4) ، هذا وتقرر المادة (3) في قانون الصحافة الفرنسي والمعدلة بالقانون رقم 1317 والصادر في 1985/12/13 على تحقيق العلانية للأقوال وصور السلوك المختلفة عن طريق وسيلة من وسائل الأتصال الإذاعي المسموع والمرئي ، ومن هذا المنطلق نجد أن هذه الصورة هي التي يمكن أن تكون أكثر صور العلانية انطباقاً على شبكة الإنترنت إذ تتحقق العلانية فيما لو إستخدم الجاني شبكة الإنترنت في إذاعة القول أو الصياح أو ترديه ، فالعبارات المستخدمة من قبل المشرع مرنة خاصة إذا ما علمنا أن شبكة الإنترنت والخدمات الكثيرة التي تقدمها من مجموعات تحاورية ورسائل إلكترونية ومواقع ويب كلها أصبحت تعتمد على تقنيات الصوت والصورة(5) .

_______________

1- يعد هذا القانون الأساس الذي تشكل معه النظام القانوني للصحافة في فرنسا ، وقد تم العمل به من قبل مشرع الجمهورية الثالثة ، ولقد تم تعديله بمقتضى القانون الصادر في 1982/7/29 ، بشأن الأتصالات السمعية والمرئية ، ثم بمقتضى القانون المؤرخ 1/8/1986 ، بشأن هيكلة النظام لقانون الصحافة ، ثم أضيفت إليه النصوص الواردة في القانون الصادر 3/7/1990 بشأن العنصرية ، وهو القانون المعروف باسم تشريع Loicayssot وأيضاً عدل بمقتضى قانون تدعيم البراءة رقم (516/2000)الصادر في 5/6/2000 ، د. خالد ممدوح إبراهيم، فن التحقيق الجنائي في الجرائم الإلكترونية ، ط 1، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2010 ، هامش رقم(1) ، ص 329.

2- د. فتحي محمد أنور عزت ، الحماية الجنائية الموضوعية الإجرائية، ط 1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2007 ، ص 192

3- د. احمد السيد علي عفيفي ، الأحكام العامة للعلانية في قانون العقوبات ، أطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة عين شمس ، 2001 ، ص 143

4- Art . 32 ” Seront panis comme complices d’une action qualifiee crime oude’lit ceuxqui ، out tout l’images vendues ou distribu’es mis envent ou exposes dans des lieux ou reunions publics ، soitpardes placards ou des affiches exposes auregard du pulbic “

نقلاً عن د. محمد الشهاوي ، وسائل الإعلام والحق في الخصوصية م دراسة مقارنة م ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2010 ، ص 69

5- . د. خالد ممدوح إبراهيم ، المرجع السابق ، ص 440 وما بعدها .

المؤلف : انسام سمير طاهر الحجامي
الكتاب أو المصدر : مجلة رسالة الحقوق السنة السابعة العدد الثاني 2015/ كلية القانون /جامعة كربلاء

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .

شارك المقالة

2 تعليق

  1. المحامي علي العسلي من اليمن

    10 سبتمبر، 2018 at 9:04 م

    المشرع اليمني في الماده 291 عقوبات عرف السب بقوله هو اسناد واقعه جارحه للغير لوكانت صادقه لاوجبت عقاب من اسندت اليه او احتقاره عند اهل وطنه وكل اهانه للغير بما يخدش شرفه وعقوبتها الحبس لمدة لا تتجاوز سنتين اوبالغرامه عملا بنص الماده 292 عقوبات

  2. كلام جميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.