السياسة العقابية في المغرب

مقدمة
المبحث الاول : اليات وضع و تنفيذ السياسة العقابية.

المطلب الاول: اليات وضع السياسة العقابية.

المطلب الثاني اليات تنفيذ السياسة العقابية.

المبحث الثاني : ازمة وواقع السياسة العقابية وافاقها المستقبلية .

المطلب الاول : واقع السياسة العقا بية وازمتها .

المطلب الثاني : افاق السياسة العقابية .

خاتمة

تسعى الدولة لحماية نفسها من الجريمة بوسائل متعددة, عن طريق تنفيذ القانون و العدالة الجنائية, و ذلك عبر سياسة جنائية تهدف الى ردع التصرفات المضادة للنظام الاجتماعي و الوقاية منها و الجدير بالذكر ان السياسة الجنائية تهتم بمجالات متعددة مثل علم العقاب و بدائل العقوبات و الاحكام القضائية و العدالة الاصلاحية و معاملة المجرمين و تهتم ايضا بكيفية منع الجريمة و بالطرق التي ينبغي اعتمادها بغرض حماية المجني عليهم و توفير المعلومات لهم بمناسبة الدعوى الجنائية.

و من هنا يجب التمييز بين السياسة الجنائية و السياسة العقابية, اذ ان السياسة الجنائية تكتسي مجالا واسعا يكتنف مجموعة من الاجراءات التي تشكل حلولا للحد من ظاهرة الاجرام و على مستويات عدة, منها ما يتعلق بالوقاية من الجريمة, و باصلاح و باعادة ادماج الجاني, و منها ما يتعلق بالمسؤولية الجنائية و مبدأ تفريد العقاب, كما انه لا يجب الخلط بين السياسة الجنائية و السياسة التشريعية لكون هذه الاخرة ما هي الا تجسيدا لسسياسة الجنائية التي يعتمد عليها المشرعلطرح تعديلاته للقوانين التي تسهر على تطبيقها السلطة القضائية بشكل عام.

السؤال الذي يطرح في هذا السياق هو ماهية الازمة في واقع السياسة العقابية؟ ماهية تجلياتها؟ و كذا ماهية الافاق المستقبلية لهذه السي اسة العقابية؟

و عليه سيتم تقسيم دراسة هذا الموضوع بتقسيمه الى مبحثين اساسيين:

اليات وضع و تنفيذ السياسة العقابية –المبحث الاول- ازمة و واقع السياسة العقابية و افاقها المستقبلية –المبحث الثاني-

المبحث الاول : اليات وضع و تنفيذ السياسة العقابية.

من المسلم به انه لا يمكن وضع سياسة عقابية بدون انشاء نظام مرجعي للتجريم و العقاب غير ان هذا النظام و توظيفه في الميدان العقابي يتعين ان يتم في اطار مغلق بين كل من الحكومة و البرلمان و كذا وزارة العدل بل ينبغي ان يتم على ضوء الانشطة الفكرية و التنظيمية للوحدات العرفية الجنائية التي توظف من طرف رجل السياسة و الممارسين من قضاة و محامين و اساتذة و باحثين حقوقيين و المجتمع المدني.

وسيتم تناول هذا المبحث من خلال مطلبين اساسين:
اليات وضع السياسة العقابية -المطلب الاول-
اليات تنفيذ السياسة العقابية –المطلب الثاني-

المطلب الاول: اليات وضع السياسة العقابية .
يمثل القانون الجنائي المرجع الاساسي لوضع السياسة العقابية الى جانب قانون المسطرة الجنائية الشيء الذي يفرض علينا ابراز الخصائص البارزة للسياسة العقابية, و عليه سيتم تقسيم المطلب الى ثلاث فقرات:

الفقرة الاولى القانون الجنائي.

تاثر المشرع المغربي اثناء صياغة القانون الجنائي بقانون العقوبات الفرنسي الذي شرع العمل به في فاتح يناير 1811 م, و الذي اطلق عليه اسم تقنين نابليون, و قد استفاد المشرع من التعديلات التي عر فها هذا القانون, و بعد الحرب العالمية الثانية عرف العالم تحولا جذريا من حيث الايدولوجية الجنائية و كذا معالجة الاوضاع داخل السجون التي اصبحت ترتكز على مبادئ حقوق الانسان في اضفاء الطابع الانساني على العقوبة و اصلاح السجين متأثرا في ذلك بمدرسة الدفاع الاجتماعي الجديدة التي طورت مفهوم الجزاء و الغرض من العقوبة.

و من ثمة فالقانون الجنائي المغربي هو ثمرة تطور تاريخي طويل, مما يدفع للقول من الناحية النظرية انه تركيب تشريعي عكس اراء المدارس الفقهية المعاصرة, و نلاحظ من خلال ما نص عليه من مبادئ كتفريد العقاب و التدابير الوقائية و ظروف التخقيض و السلطة التقديرية للقاضي و مسؤولية الاشخاص المعنوية و اسناد تطبيق العقوية للقضاء, و عليه فان مقتضيات القانون الجنائي المغربي تضمنت ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية بما يضمن كرامة الانسان و حقه في الحياه.

الفقرة الثانية المسطرة الجنائية.

تظهر قواعد المسطرة الجنائية كقيد على سلطة الدولة في توقيع العقاب لانها تلزم من جهة بضمان بضمان قرينة البراءة و من جهة اخرى باعطاء المتهم فرصة و امكانية للدفاع عن حقوقه, و عليه فان قواعد المسطرة الجنائية تعتبر قانون للابرياء و الشرفاء من المواطنين و وسيلة لحمايتهم من الاخطاء القضائية و من تعسف الدولة في ممارستها لسلطة العقاب ضمانا لتغليب العدل و ترسيخ دولة الحق و القانون, حيث ان انه و من المسلم به ان هنالك صراعا بين مواجهة الاجرام بفاعلية و كذا حماية قرينة البراءة, و عليه فحماية الافراد يجب ضمانها سواء في المرحلة التي تسبق
المحاكمة او في المرحلة التي تليها
الفقرة الثالثة خصائص السياسة العقابية.

حرصت السياسة العقابية على كفالة فعاليات قوانين التجريم و العقاب باعتبارها ركائز مهمة ذات اهداف و غايات, و لا شك ان صد ور هذه القوانين من بيئة مغربية يجعلها تحظى باحترام الكل فالتجربة تؤكد ان عملية استيراد قواعد قانونية جاهزة و خاصة العقابية منها لا تمكن من جني اي فائدة منها لان القواعد القانونية لابد من ان تحاكي الواقع الذي ستطبق فيه.

حرص القانون العقابي على تطبيق الردع بنوعيه العام و الخاص يشكل اهم اسباب نجاح اي سياسة العقابية.
اتسام السياسة العقابية بخاصيتي التناسب و التماثل بين الجرم المرتكب و العقاب عليه, مراعاة في ذلك السلطة التقديرية المخولة للقاضي في تفريد العقوبة ما بين حديها الاقصى و الادنى.
اتسام السياسة الجنائية بالمرونة الناجمة عن قدرتها في التكيف مع الظروف الواقعية المتغيرة, و كثيرا ما تدخل المشرع لمواكبة المستجدات و احداث تعديلات على النصوص الزجرية.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت