الجريمة العابرة للأوطان (الجريمة المنظمة) في التشريع الجنائي الإسلامي

أولا – تعريف الجريمة العابرة للأوطان

أ- قانونا :

تعد الجريمة العابرة للأوطان ظاهرة إجرامية بالغة في الخطورة لكونها ذات طابع دولي و تتخذ العديد من الصور , يتعدى أثرها إقليم الدولة الواحدة و تهدد الأمن القومي و الاستقرار الاقتصادي و الإجتماعي .

و على الرغم من الإهتمام العالمي و الاقليمي بهذه الجريمة إلا ان ذلك لم يسهم بعد في وضع تعريف جامعة مانع لها و يمكن تعريفها على أنها :

*أنها سلوك إجرامي يعاقب عليهقانون العوقبات في أي من الدول الأعضاء في الجماعة الدولية , ترتكبه جماعة إجرامية منظمة لها صفة الإستمرار و تهدف إلة تحقيق منفعة مالية و تتجاوز في إرتكابها لذلك السلوك تخطيطا و تنفيذا و تأثيرا حدود الدولة الواحدة , و يلزم توقع عقوبة جنائية على فاعليها *

بـ – شرعا :

ان الجريمة العابرة للأوطان هي من الجرائم المستحدثة في وسائلها , و الحداثة لا تكمن في ظهورها لأنها جريمة قديمة و قد تضمنها الفقه الإسلامي تحت مسمى * الحرابة *

و لأن مدار الجريمة في التشريع الجنائي الإسلامي هو الحرام و ما يقترن به من مظاهر العدوان فإن الجريمة المنظمة العابرة للأوطان لن تخرج عن كونها محضورات شرعية يعاقب عليها بحد أو تعزير و يمكن تعريفها لأنها :

* كل إعتداء ترتكبه جماعة إجرامية منظمة يلحق ضررا بالمصالح الإنسانية المشتكرة يعاقب عليها بحد أو تعزير *

ثانيا : تعريف جريمة الحرابة

يطلق الكثير من الفقهاء على الحرابة * قطع الطريق * و ذلك لأن المحاربين يقطعون طريق المارة و يأخذون منهم أموالهم و قد يقتلونهم كذلك و هنا يكون المقصد السرقة و ليسا لقتل

و يسميها الإمام أبو حنيفة * السرقة الكبرى * لما فيها من معنى السرقة الذي هو أخذ المال من الغير ظلما بدون وجه حق

للحرابة إصطلاحا عدة تعريفات منها :

* أخذ المال من الغير ظلما على وجه المجاهرة و المغالبة *

* البروز و الظهور لأخذ مال او لقتل أو لإرعاب على سبيل المجاهرة و المكابرة و إعتمادا على القوة مع البعد عن الغوث (الإغاثة) *

عرفها بعض الفقهاء المعاصرين على أنها :

* خروج طائفة مسلحة في دار الإسلام لإحداث الفوضى و سفك الدماء و سلب الاموال و هتك الأعراض و إهلاك الحرث و النسل *

و الأصل في الحرابة قوله تعالى :

بسم الله الرحمن الرحيم

*إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أو يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الحياة الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم * صدق الله العظيم

مكان إرتكاب جريمة الحرابة :

إختلف الفقهاء في تحديد المكان الذي ترتكب فيه جريمة الحرابة

* أبو حنيفة و الشيعة الزيدية :

ذهبوا إلى أن الحرابة تكون في دار الإسلام فإن كانت في دار الحرب فلا يجب الحد فيها لأن متولي إقامة الحد (الإمام) ليس له ولاية على دار الحرب .

* الجمهور ( مالك , الشافعي , أحمد , الظاهرية ) :

يوجبون الحد سواء وقعت في دار الإسلام او دار الحرب مادام الفعل يشكل جريمة معاقب عليها