تصحيح الحكم لخطأ مادي واقع في منطوقه وفقاً للقانون المصري

الطلبان 266 ، 270 لسنة 46 ق جلسة 9 / 6 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 رجال قضاء ق 23 ص 76

برئاسة السيد المستشار الدكتور محمد محمد حسنين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين. عثمان الزيني، محمدي الخولي، إبراهيم هاشم، إبراهيم فوده.
———–
– 1 حكم ” تفسير الحكم “.
تفسير الحكم. مناطه. أن يكون المنطوق غامضاً لا يمكن معه الوقوف على حقيقة ما قصدته المحكمة بحكمها.
المستفاد من صريح نص المادة 1/192 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط تفسير الحكم أن يكون المنطوق غامضاً أو مبهماً لا يمكن معه الوقوف على حقيقة ما قصدته المحكمة بحكمها ، كما إذا كانت عبارته قد وردت على نحو من شأنه أن يغلق سبيل فهم المعنى المراد منه ، أما إذا كان قضاء المحكمة واضحاً غير مشوب بغموض أو إبهام فإنه لا يجوز الرجوع إلى المحكمة لتفسير هذا القضاء حتى لا يكون التفسير ذريعة للعدول عنه والمساس بحجيته .
– 2 حكم ” تصحيح الحكم “.
تصحيح الحكم لخطأ مادي. مناطه. أن يكون لهذا الخطأ أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح فيه في نظر الحكم. التصحيح قاصر على الأخطاء المادية البحتة التي لا تؤثر على كيان الحكم.
حتى يمكن الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتصحيح الخطأ المادي الواقع في منطوقه طبقاً لنص المادة 191 من قانون المرافعات ، يجب أن يكون لهذا الخطأ المادي أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح فيه في نظر الحكم بحيث يبرز هذا الخطأ واضحاً إذا ما قورن بالأمر الصحيح الثابت فيه وسلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في حكمها مقصورة على الأخطاء المادية البحتة التي لا تؤثر على كيانه بحيث تفقده ذاتيته وتجعله مقطوع الصلة بالحكم المصحح وذلك كله حتى لا يتخذ التصحيح تكاه للرجوع عن الحكم والمساس بحجيته .
– 3 طلب ” إغفال الفصل في الطلبات “.
الرجوع إلي ذات المحكمة للفصل فيما أغفلت الفصل فيه. شرطه. ألا تكون المحكمة قد فصلت فيه صراحة أو ضمناً.
المستفاد من نص المادة 193 من قانون المرافعات أن مناط طلب الفصل فيما أغفلت المحكمة الفصل فيه أن تكون المحكمة قد أغفلت سهواً أو خطأ الفصل في طلب موضوعي قدم إليها بصورة واضحة إغفالاً كلياً يجعل الطلب معلقاً أمامها لم يقض فيه الحكم قضاء ضمناً ، أما إذا كان المستفاد من أسباب الحكم ومنطوقه أنه قضى صراحة أو ضمناً برفض الطلب فإن وسيلة تصحيح الحكم إنما تكون بالطعن فيه بطرق الطعن المقررة إن كان قابلاً لها .
————-
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الأوراق – تتحصل في أن الطالب تقدم بالطلب المقيد برقم 28 سنة 45 ق “رجال القضاء” للحكم له بمعونة مالية من الفترة من 16 من أبريل سنة 1963 وهو تاريخ إصابة العمل وحتى تاريخ ثبوت العجز المستديم في 3 أغسطس سنة 1974 مع إلزام وزارة العدل بأن تؤدي له كذلك 1% من هذه المعونة عن كل يوم يتأخر فيه صرفها اعتبارا من 23 مارس سنة 1975، وبتاريخ 16/12/1976 رفضت المحكمة الطلب، فتقدم الطالب في 19/12/1976 بالطلب رقم 266 سنة 46 ق “رجال القضاء” للحكم بتفسير الحكم الصادر في الطلب رقم 28 سنة 45 ق سالف الذكر على أساس أنه يقضي برفض طلب الجمع بين الأجر وبين المعونة المالية مع حفظ حقوق الطالب الأخرى، كما تقدم في 23/12/1976 بطلب قيد برقم 270 سنة 46 ق “رجال القضاء” للحكم

أولا: بتصحيح الخطأ المادي الوارد في منطوق الحكم لخلو هذا المنطوق من النص على إلزام وزارة العدل بأداء معونة مالية للطالب إبان فترة علاجه وحتى تاريخ ثبوت العجز ويخصم من هذه المعونة مرتبه الذي كان يتعين أن يتوقف صرفه في هذه الفترة.

ثانيا: تصحيح الخطأ المادي الوارد في أسباب الحكم أن يستبدل بالعبارة الخاطئة (إذا كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطالب كان يتقاضى مرتبه كاملا خلال مدة علاجه وحتى ثبوت العجز فإن مطالبته بالتعويض المعادل لأجره عن هذه الفترة تكون على غير أساس، العبارة الصحيحة (إذا كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطالب كان يتقاضى مرتبه ناقصا خلال مدة علاجه وحتى ثبوت العجز فإنه يتعين إلزام وزارة العدل برد الفرق بين ما تقاضاه الطالب من مرتب وبين المعونة المالية التي يستحقها بديلا عن أجره).

ثالثا: ومن قبيل الاحتياط الكلي اعتبار طلب استرداد الفرق بين الأجر الذي كان يتقاضاه خطأ وبين المعونة المالية طلبا معروضا أغفلته المحكمة والحكم بمقتضاه تطبيقا للقواعد التي تضمنتها أسباب الحكم.

رابعا: الحكم في الطلب التكميلي الموضح بمذكرة الطالب المقدمة لجلسة التحضير بتاريخ 9 مارس سنة 1976 والذي لم يتعرض له من قريب أو بعيد، وقال بيانا لطلب التفسير أنه أقام الدعوى رقم 28 سنة 45 ق “رجال القضاء” بطلب الحكم له بمعونة مالية بالإضافة إلى الأجر الذي يتقاضاه وذلك عن الفترة ما بين 16 أبريل سنة 1963 تاريخ إصابته بإصابة عمل وحتى تاريخ ثبوت العجز المستديم في 14/8/1974، وبتاريخ 16/12/1976 رفضت المحكمة الطلب تأسيسا على أنه لا يجوز الجمع بين الأجر وبين المعونة المالية، ولما كان منطوق هذا الحكم “حكمت المحكمة برفض الطلب” يثير لبسا في مفهومه بما يكتنفه من الغموض ذلك أنه ينطوي على فتح باب احتمالين أحدهما أنه يقصد القضاء برفض طلب الجمع بين الأجر والمعونة المالية والثاني أنه ينسحب على حرمان الطالب من حقوقه القانونية في ما خصم من مرتبه إبان فترة علاجه وحتى ثبوت العجز المستديم وهذا الاحتمال الثاني لا تذهب إليه أسباب الحكم من ناحية ويخالف نصوص القانون من ناحية أخرى ذلك أن من حقه الحصول بديلا عن أجره على تعويض الأجر بمقتضى أحكام المواد 25 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964، 33 من قرار وزير العمل رقم 71 لسنة 1968، 49 من قانون التأمين الاجتماعي الجديد وبذلك يستحق الفرق بين ما حصل عليه من أجر وبين تعويض الأجر وهو يتمثل في كل الاستقطاعات التي خصمتها وزارة العدل من مرتبه دون وجه حق ويحق له استردادها عملا بالمادتين 121 من ق 63 لسنة 1964، 136 من قانون 79 لسنة 1975، ولما كانت عبارة منطوق الحكم المطلوب تفسيره بما يكتنفها من غموض لا تكشف بوضوح عما إذا كان المقصود منها هو مجرد رفض طلب الجمع بين الأجر وبين المعونة المالية، إذ أنها تنسحب كذلك على حرمان الطالب من حقه في استرداد ما خصم من مرتبه بدون وجه حق إبان فترة علاجه وحق ثبوت العجز المستديم فقد تقدم بطلب التفسير طبقا لنص م192 من قانون المرافعات.
وقال في بيان طلبه الثاني “طلب تصحيح الخطأ المادي والحكم فيما أغفلت المحكمة الحكم فيه من طلباته الموضوعية” أن منطوق الحكم في الطلب رقم 28 سنة 45 ق “رجال القضاء” السالف الإشارة إليه وأسبابه ينطويان على خطأين ماديين أحدهما كتابي والآخر حسابي فأما الخطأ المادي في المنطوق فهو خلوه من النص على إلزام وزارة العدل بأداء معونة مالية للطالب إبان فترة علاجه وحتى تاريخ ثبوت العجز المستديم ويخصم من هذه المعونة مرتبه الذي كان يتعين أن يتوقف صرفه في هذه الفترة ذلك الإلزام الذي ورد في أسباب الحكم صراحة حين أقرت أحقية الطالب في المعونة المالية إبان فترة علاجه وحتى تاريخ ثبوت العجز وإيجاب وقف الأجر لتحل محله المعونة طيلة مدة العجز مع استمرارها طيلة مدة العلاج وحتى تاريخ ثبوت العجز وعدم جواز الجمع بين الأجر وبين المعونة المالية، وطالما كان الثابت أن أسباب الحكم تقضي بالإلزام بالمعونة المالية بدلا من الأجر الذي كان يجب أن يتوقف فإنه يتعين عدم إغفال ذلك في المنطوق وإلا عد إغفاله خطأ ماديا بحتا على المحكمة تصحيحه من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم دون مرافعة، وأما الخطأ المادي في أسباب الحكم فهو فيما ورد في عبارة (وكان الثابت في الأوراق أن الطالب كان يتقاضى مرتبه كاملا) وهذا خطأ مادي وحسابي لا يسانده واقع ويجافي الثابت في الأوراق وفي ملف الطالب وبعملية حسابية بسيطة لمفردات مرتبه في الفترة بين وقوع الإصابة وطيلة فترة العلاج بما فيها العجز عن العمل وحتى ثبوت العجز المستديم يتضح أن الطالب كان يتقاضى مرتبه ناقصا وليس مرتبا كاملا ويتمثل النقص في كل ما استقطع من مرتبه خلال الفترة على خلاف ما تقضي به المادتان 25، 121 من القانون رقم 63 لسنة 1964 والأجر الكامل هو ما يستحقه المصاب كتعويض عن إصابة العمل بينما الأجر الذي تنقص منه الاستقطاعات هو الذي يصرف للعامل غير المصاب وبذلك يتعين تصحيح هذا الخطأ المادي الحسابي بما يستتبع التصحيح في أسباب الحكم على الوجه الآتي (إذا كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطالب كان يتقاضى مرتبه ناقصا خلال فترة علاجه وحتى ثبوت العجز فإنه يتعين إلزام وزارة العدل برد الفرق بين ما تقاضاه الطالب من مرتب وبين المعونة المالية التي يستحقها بديلا عن أجره) وأما عن الطلب الاحتياطي فقال الطالب بيانا له أن طلبه في الدعوى رقم 28 سنة 45 ق “رجال القضاء” الحكم له بمعونة مالية عن الفترة منذ وقوع إصابة العمل وحتى تاريخ ثبوت العجز المستديم ينطوي على شقين أولهما طلب الجمع بين المعونة والأجر، والثاني طلب استرداد الفرق بين الأجر الذي أدته لوزارة العدل خطأ وبين المعونة الذي كان يتعين أن تؤديها له لإصابته بإصابة عمل وذلك إذا ما قيل بعدم جواز الجمع بين المعونة وبين الأجر، وكان الحكم قد قضى برفض الشق الأول وهو طلب الجمع بين المعونة وبين الأجر فقد بقى الشق الثاني وهو طلب استرداد الفرق بينهما معلقا، هذا إلى أن الطالب قد طلب بجلسة 9 مارس 1976 طلبا تكميليا أثبته في مذكرته المقدمة للجلسة المذكورة بإلزام وزارة العدل بدفع 1% من قيمة ما يقضي به عن كل يوم تأخير اعتبارا من 23 مارس سنة 1975 وذلك في نطاق ما تقضي به المادة 121 من القانون رقم 63 لسنة 1964 وإذ فات المحكمة أن تتعرض له سواء في وقائع حكمها أو في منطوقه فإنه يبقى هو الآخر معلقا بغير فصل. طلبت وزارة العدل الحكم برفض الطلبين، كما أبدت النيابة الرأي برفضهما.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .