جريمة تلوث الهواء وعقوبتها في القانون المغربي

بوبكر امزياني
باحث في العلوم القانونية

مقدمة

تقوم العقوبة الجنائية على ضرورة وجود النص القانوني سابق لفعل الاعتداء مراعاة لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة، والذي يقتضي أن يكون النص الجنائي المجرم مبينا بصورة واضحة ودقيقة الأمر الذي سيضمن تحقيق فعالية أكبر أثناء تطبيقه، بالإضافة إلى تحديد الاشخاص الذين يمكن من بواسطتهم معاينة جريمة ما.

وهذا الأمر لم يغفل عنه المشرع في المقتضيات القانونية التي جاء بها في القانون رقم 13.03 [1]، فهذا القانون حدد فيها المشرع مجموعة من السلوكيات التي تضر بالهواء كمكون من مكونات البيئة، وكعامل أساسي في بقاء وعيش الانسان في بيئة سليمة، حيث حظر المشرع في هذا القانون لفظ أو إطلاق أو رمي أو السماح بلفظ أو إطلاق أو رمي مواد ملوثة في الهواء كالغازات السامة أو الأكالة أو البخار أو الحرارة أو الغبار أو الروائح بنسبة تفوق القدر أو التركيز المسموح به .

كما أن المشرع في هذا القانون أوكل مهمة معاينة هذه الافعال المشار إليها لمجموعة من الأشخاص كضباط الشرطة القضائية، بالإضافة إلى الأعوان المأمورون المنتدبون لهذا الغرض، وفي حالة معاينة ارتكاب هذه الافعال فإن المشرع في هذا القانون حدد مجموعة من العقوبات التي يمكن تطبيقها .

وللحديث أكثر عن عقوبة جريمة تلوث الهواء ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين، سنخصص (المبحث الأول) للحديث فيه عن أركان جريمة تلوث الهواء، على أن نخصص (المبحث الثاني) للحديث عن الأشخاص الموكول لهم معاينة جريمة تلوث الهواء، بالإضافة الى أهم العقوبات المقررة في حالة تبوث ارتكابها.

المبحث الأول: أركان جريمة تلوث الهواء
تقوم جريمة تلوث الهواء على ثلاثة أركان أساسية، وهي: الركن القانوني يعرف هذا الرُكن بأنّه المادة القانونية التي تأتي بتحديد أبعاد هذه الجريمة وما يترتب على الإتيان بها من عقاب، ويكون ذلك مدرجاً في القانون رقم 13.03 المنظم لجريمة تلوث الهواء، والركن القانوني يعتبر بديهيا ووجوده إلزامياً إلى جانب كل جريمة وليس جريمة تلوث الهواء فقط، ففي حال وقوع الجريمة يتمّ التوصّل مباشرة إلى الجُرم أو العقاب المترتب عليها فوراً، وذلك وفقا للقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنصّ.[2]

أما الركن المادي تعرف بأنّها كافة الاعتداءات الماديّة والانتهاكات التي تكون بحق شيئاً ما محمّي قانونا، ويعتبر الجانب هذا موضوعيا؛ ويعتمد على ثلاثة عناصر أساسية وهي:

الفعل هو عبارة عن نشاط أو سلوك إجرامي.
النتيجة: هي كل ما يترتب من مضارّ على الأفعال الإجرامية.
العلاقة السببية: هي تلك الرابطة التي دفعت إلى الإتيان بهذا الفعل، وما يترتب عليه من نتيجة.
أما الركن المعنوي هو الجانب الذاتي الخاص بالجريمة مباشرة، وهو بمثابة التعبير العميق للصلة ما بين النشاط الذهني الذي يمارسه الفاعل والنشاط المادي الذي أتى به، ويتوفر الركن المعنوي موجودا فور صدور الفعل الإجرامي عن إرادة الفرد؛ ويؤدي هذا الركن دورا هاما بالتعبير عن دراسة طبيعة العلاقة القائمة بين إرادة الفاعل من جهة وما ارتكبه الفاعل من فعل من جهة أخرى، وما ترتب على ذلك من نتيجة، وعادة ما يرتبط هذا الركن بالقصد الجنائي.

فما هي تجليات خصوصية هذه الأركان في جريمة تلوث الهواء ؟

هذا ما سنحاول الاجابة عنه في مثن هذا المبحث عبر مطلبين اساسيين، سنخصص المطلب الأول لمناقشة الركن المادي لجريمة تلوث الهواء، بينما سنخصص المطلب الثاني لمناقشة الركن المعنوي.

المطلب الأول: الركن المادي في جريمة تلوث الهواء
في هذا المطلب سيتم التطرق إلى مفهوم الركن المادي ( الفقرة الأولى )، وعناصره ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم الركن المادي
يعتبر الركن المادي أحد المظاهر الخارجية لجريمة تلوث الهواء، وهو عبارة عن سلوك يقوم به الشخص بالرغم أن القانون منع القيام بذلك السلوك، أو يمتنع هذا الشخص عن القيام به رغم الزامه من طرف القانون[3]، ونتيجة ذلك الفعل سواء كان سلبيا أو ايجابيا يحدث تغيير مضر بالهواء، زيادة إلى وجود علاقة السببية بين الفعل المحظور قانونا والنتيجة التي أدت إلى الإضرار بالهواء، فالركن المادي يعد أهم أركان جريمة تلوث الهواء، والأفعال التي تشخص هذا الركن تحدث عنها المشرع في المادة 4 من القانون 13.03 وهذه الأفعال هي:

لفظ أو إطلاق ملوثة في الهواء كالغازات السامة أو الأكالة أو البخار أو الحرارة أو الغبار أو الروائح بنسبة تفوق القدر أو التركيز المسموح به.
رمي أو السماح بلفظ ملوثة في الهواء كالغازات السامة أو الأكالة أو البخار أو الحرارة أو الغبار أو الروائح بنسبة تفوق القدر أو التركيز المسموح به.
إطلاق أو رمي مواد ملوثة في الهواء كالغازات السامة أو الأكالة أو البخار أو الحرارة أو الغبار أو الروائح بنسبة تفوق القدر أو التركيز المسموح به.
الفقرة الثانية: عناصر الركن المادي
كما أشرنا في سابقا فالركن المادي لجريمة تلوث الهواء هو كل سلوك انساني يترتب عليه إتيان الأفعال المشار إليها في المادة الرابعة من القانون 13.03 ويترتب على هذه الافعال نتيجة يعاقب عليها القانون، والسلوك كما أسلفنا في الدكر يشمل الفعل والامتناع عنه وكلاهما يمكن أن يكون محلا للعقاب إذا ترتب عليها عمل معين، وفي هذا الصدد نص المشرع في المادة 13 من القانون 13.03 على أنه “إذا نجم تلوث الهواء مخاطر للإنسان ويضر بالجوار والأمن والبيئة …يتعين على الادارة توجيه تعليمات إلى الشخص المسؤول لتفادي هذا التلوث، وفي حالة تقاعسه يتم الأمر بالتدخل”.

فمن خلال هذا النص يتضح أن المشرع اعتبر الامتناع عن معالجة أسباب التلوث يكون سببا مباشرا للتدخل من قبل الادارة لوقف التلوث .

ويلزم فضلا عن ذلك وجود علاقة سببية بين السلوك الاجرامي وبين النتيجة الاجرامية وكل هذه العناصر هي التي تمثل الواقعة الاجرامية وتمثل الجانب المادي للجريمة.

فما هو مفهوم كل عنصر من هذه العناصر؟

أولا/ السلوك الاجرامي في جريمة تلوث الهواء

السلوك الاجرامي في جريمة تلوث الهواء هو كل عمل أو مجموعة من الأعمال التي يقوم بها الجاني ليتوصل بها إلى ارتكاب جريمة التلوث، وعليه فإن جريمة الاضرار بالهواء كمكون من البيئة تتحقق بكل نشاط مادي يأتيه الجاني سواء اتخذ هذا النشاط صورة الفعل الايجابي عن طريق اتيان أحد الأفعال المضرة بالهواء والتي نهى عنها المشرع في المادة الرابعة من القانون 13.03، كلفظ أو إطلاق ملوثة في الهواء كالغازات السامة أو الأكالة أو البخار أو الحرارة أو الغبار أو الروائح بنسبة تفوق القدر أو التركيز المسموح به، أو عن طريق الفعل السلبي كالسماح بلفظ ملوثة في الهواء كالغازات السامة أو الأكالة أو البخار أو الحرارة أو الغبار أو الروائح بنسبة تفوق القدر أو التركيز المسموح به، أو عن طريق الامتناع عن القيام بفعل أمر به القانون كما هو الشأن فيما جاء في الفقرة الثانية من المادة 15 من القانون رقم 13.03 حيث جاء في هذه المادة ” …عند عدم قيام مرتكب المخالفات بالإصلاحات الضرورية يعرض للعقوبات المنصوص عليها في المادة 18″ .

وبالرجوع إلى المادة 18 من القانون 13.03 نجد أنها تنص على ما يلي: ” يعاقب بغرامة من 200 إلى 20 الف درهم كل من :

لم يحترم شرطا أو تقييدا أو منعا مفروضا من لدن الادارة
رفض الامتثال للتعليمات الصادرة من لدن الادارة
عرقلة أو منع بأي شكل من الأشكال تنفيذ الاجراءات الاستعجالية التي تأمر بها الادارة…”

ثانيا/ النتيجة الاجرامية في جريمة تلوث الهواء

النتيجة الاجرامية هي الأمور الصعبة تحديدها و إثباتها في جرائم تلوث الهواء بصفة خاصة، وجرائم تلوث البيئة بصفة عامة وهذا راجع اساسا إلى طبيعة وهذا النوع من الجرائم وما يترتب عنها من نتائج، فهي بعكس الجرائم التقليدية التي يترتب عنها نتائج مادية ملموسة مباشرة كمصادرة حق الملكية في جرائم السرقة، وازهاق روح الانسان أو اصابته بعاهة مستديمة، فالأمر يختلف في جريمة تلوث الهواء لأنها تتحقق بعد فترة من الزمن قد تطول أو تقصر، وهذه النتيجة قد تتحقق في مكان حدوث الفعل وقد تتحقق في مكان اخر داخل نفس الدولة، وقد تتعدى النتيجة الاجرامية في جرائم تلوث الهواء حدود الدولة في حالة تفاقم الفعل.

لهذا يمكن أن نقسم النتيجة الاجرامية في هذا النوع من الجرائم إلى نتيجة زمانية ونتيجة مكانية.

النتيجة من الناحية الزمانية تأتي متأخرة من ناحية الزمن عن فعل ارتكاب جريمة التلويث ، لكن القانون في هذا الصدد يعتد بالفعل والسلوك الاجرامي بقدر ما يعتد بالنتيجة الاجرامية لان النتيجة هنا يصعب اتباثها زمانيا لهذا يمكن القول أن الاعتداء على الهواء بفعل من الأفعال يتحقق بمجرد اتيان السلوك الاجرامي حتى ولو تحققت النتيجة في وقت لاحق من الفعل المجرم.

أما النتيجة من الناحية المكانية هي الأخرى تقوم على اساس وقوع الفعل الذي يضر بالهواء مثلا في مدينة اكادير، لكن النتيجة الاجرامية تحققت في مكان اخر غير مدينة اكادير في مدينة تزنيت مثلا، لكن بالرغم من هذا التفاوت بين الفعل والنتيجة في هذه الانواع من الجرائم فان القانون يأخذ بالفعل وقت ارتكابه .

ثالثا/ العلاقة السببية

يشترط في تحقق العنصر المادي في جريمة تلوث الهواء وجود علاقة سببية بين السلوك الاجرامي والنتيجة الاجرامية، بمعنى أن يكون الفعل هو سبب مباشر في وقوع الجريمة، وفي حالة كانت النتيجة مستقلة عن الفعل فان الركن المادي لجريمة تلوث الهواء لا يتحقق وبالتالي لا يمكن اسناد النتيجة هذه النتيجة إلى مرتكب الفعل.

المطلب الثاني: الركن المعنوي في جريمة تلوث الهواء
قيام جريمة تلوث الهواء في القانون لا يتوقف على ارتكاب الواقعة المادية من طرف الجاني فقط، إنما يستلزم رابطة نفسية تصل بين الجاني والفعل المادي الذي يقوم بارتكابه .

وهذه الرابطة النفسية تتمثل في الركن المعنوي الذي يقوم على الارادة التي توجه سلوك الجاني مع العلم التام أن هذا السلوك مخالف للقانون ، بمعنى أن الجاني في هذه الحالة تعمد ارتكاب هذا الفعل المجرم ،كما ان هناك حالة أخرى يقوم فيها الشخص بسلوك مخالف للقانون الا انه ليس قاصدا القيام به وانما يقع منه عن خطأ أو إهمال؛ بمعنى أن الجريمة يعاقب عمى أساس جريمة غير عمدية .

ومن خلال هذا المطلب سنحاول الاشارة لمفهوم الركن المعنوي ( الفقرة الأولى )، وفي ( الفقرة الثانية ) سنتطرق فيه للركن المعنوي في جريمة تلوث الهواء.

الفقرة الأولى: مفهوم الركن المعنوي
المشرع المغربي لم يعرف القصد الجنائي بشكل صريح في القانون إنما اكتفى بالإشارة إلى ضمنيا فقط و ذلك من خلال إدراج كلمة العمد في كثير من النصوص القانونية الدالة على تحقيق وقصد ونية الجاني التي تنعكس مباشرة على الجريمة التي يرتكبها الجاني.

وقد أشار المشرع المغربي إلى العمد في نصوص القانون الجنائي[4]، أما الفقه فقد عرف القصد الجنائي على أنه هو القوة النفسية التي تقف وراء المجرم الذي استهدف به الفاعل إراديا الاعتداء على مصلحة من المصالح المحمية من طرف المشرع الجنائي.

والركن المعنوي يتخذ إما صورة الخطأ الجنائي العمدي كتوجيه الارادة نحو تحقيق واقعة اجرامية معينة مع العلم بحقيقة تلك الواقعة وبأن القانون يجرمها، وقد يتخذ الركن المعنوي صور الخطأ الجنائي غير عمدي كعدم التبصر أو عدم الاحتياط، أو الاهمال وعدم الانتباه، أو عدم مراعاة النظم أو القوانين.[5]

الفقرة الثانية: الركن المعنوي في جريمة تلوث الهواء
الركن المعنوي في جريمة تلوث الهواء من الصعب استخلاصه مثل جرائم القتل أو جرائم السرقة، حتى أن القانون رقم 13.03 لم يشر فيه المشرع إلى مظاهر استخلاص القصد الجنائي في جريمة تلوث الهواء مما يعني أن هذا النوع من الجرائم هي جرائم مادية تقوم على الركن المادي، أيضا المحاكم تستخلص الركن المعنوي من السلوك المادي نفسه وتكتفي النيابة العامة بإثبات الركن المادي والقانوني لجريمة تلوث الهواء أثناء وقوعها ليترتب عليها قيام المسؤولية الجنائية.

المبحث الثاني: معاينة جريمة تلوث الهواء وعقوبتها
لا يكفي في جريمة تلوث الهواء لقيامها تحديد الركن القانوني والمادي والركن المعنوي، بل لابد أيضا من تحديد الاشخاص الموكول لهم قانونا معاينة هذا النوع من الجرائم، بالإضافة إلى تحديد العقوبات اللازمة لردع الفاعل.

وهذا لم يغفل عنه المشرع المغربي في القانون رقم 13.03 حيث اسند فيه مهام معاينة ارتكاب جريمة تلوث الهواء لمجموعة من الأشخاص ذوي الصفة ( المطلب الأول)، كما أنه نص على مجموعة من العقوبات التي يتعين تطبيقها في حق الشخص الجاني ( المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأشخاص المكلفون بمعاينة جريمة تلوث الهواء
بالرجوع إلى المادة 9 من القانون رقم 13.03 نجدها تنص على أن الاشخاص المكلفون بمعاينة جريمة تلوث الهواء هم ضباط الشرطة القضائية ( الفقرة الاولى )، والاعوان المأمورون والمنتدبون من لدن الادارة ( الفقرة الثانية)، بالإضافة الى المحلفون وفقا للتشريع باليمين المفروض أداؤها على المأمورين محرري المحاضر( الفقرة الثالثة ).

الفقرة الأولى: ضباط الشرطة القضائية
لقد خول المشرع لضابط الشرطة القضائية سلطات واسعة لتمكينها من وسائل فعالة لأداء مهامها في معاينة مخالفة وجرائم تلوث الهواء بمقتضى المادة التاسعة من القانون رقم 13.03 الخاص بمحاربة جريمة تلوث الهواء.

وبالرجوع الى المادة 19 من قانون المسطرة الجنائية نجد أن ضباط الشرطة القضائية هم:ضباط الشرطة القضائية. ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث. أعوان الشرطة القضائية. الموظفون والأعوان الذين أناط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية.[6]

ويمكن أن نضيف إلى ذلك بعض الموظفين السامين الذين يمكنهم ممارسة أعمال الشرطة القضائية في ظروف استثنائية وببعض الشروط. ضباط الشرطة القضائية السامون هم: الوكيل العام للملك ونوابه، وكيل الملك ونوابه، وقاضي التحقيق

أما ضباط الشرطة هم حسب الترتيب الوارد في قانون المسطرة الجنائية هم:

المدير العام للأمن الوطني وولاة الأمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها.
ضباط الدرك الملكي وذوو الرتب فيه، وكذا الدركيون الذين يتولون قيادة فرقة أو مركز للدرك الملكي طيلة مدة هذه القيادة.
الباشوات والقواد.
كما يمكن تخويل هذه الصفة ل :

لمفتشو الشرطة التابعون للأمن الوطني ممن قضوا على الأقل ثلاث سنوات بهذه الصفة، وتمت تسميتهم بقرار مشترك صادر من وزير العدل ووزير الداخلية

الدركيون الذين قضوا على الأقل ثلاث سنوات من الخدمة في الدرك الملكي، وعينوا اسميا بموجب قرار مشترك لوزير العدل، والسلطة الحكومية المكلفة بالدفاع الوطني، وتنشر سنويا لائحة بأسمائهم في الجريدة الرسمية.
أما أعوان الشرطة القضائية هم:

موظفو المصالح العاملة للشرطة.
الدركيون الذين ليست لهم صفة ضابط الشرطة القضائية.
خلفاء الباشوات وخلفاء القواد.

أما الموظفون والأعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية هم موظفو وأعوان الإدارات والمرافق العمومية الذين أسندت لهم بعض مهام الشرطة القضائية بموجب نصوص خاصة، وكمثال على ذلك: مهندسو ومأمورو المياه والغابات، والموظفون التابعون لإدارة الجمارك، إلخ…

أما الموظفون السامون الذين يقومون استثناء بأعمال الشرطة القضائية هم الولاة والعمال.[7]

الفقرة الثانية: الأعوان المأمورون المنتدبون من لدن الادارة
حسب المادة 9 من القانون 13.03 نجد ان المشرع خول هؤلاء الاعوان مهام مكافحة ومعاينة جرائم تلوث الهواء، حيث جاء في هذه المادة ما يلي : يكلف بمعاينة مخالفات أحكام هذا القانون والنصوص الصادرة بتطبيقه، علاوة على ضباط الشرطة القضائية، الموظفون والأعوان المأمورون المنتدبون لهذا الغرض من لدن الإدارة المختصة…”

وبالرجوع إلى المادة 10 من المرسوم رقم 2.09.631، السالف الذكر فإن هؤلاء الأعوان المشار إليهم في المادة 9 من القانون رقم 13.03 السالف الذكر، يقومون بعمليات مراقبة دورية، أو مفاجئة أو هما معا للفظ أو إطلاق أو رمي ملوثات في الهواء والمتأتية من مصادر تلوث ثابتة وذلك لأجل التأكد من مدى احترامها للمعايير المنصوص عليها في هذا المرسوم.

وهؤلاء الأعوان يتم تكوينها حسب المادة 10 نفسها إما بمبادرة من السلطة الحكومية المكلفة بالبيئة، أو بمبادرة من السلطة الحكومية المعنية بالمنشأة موضوع المراقبة، أو بمبادرة من عامل العمالة أو الإقليم المعني.

والغرض من اسناد مهام مراقبة ومعاينة ارتكاب جريمة تلوث الهواء هو أن تكون عمليات المراقبة متعددة التخصصات وفق برنامج يتم إعداده بتشاور بين أعضاء الفريق. تحدد في هذا البرنامج على الخصوص المصادر الثابتة للتلوث المتعين مراقبتها وكذا وثيرة الزيارات الواجب القيام بها.

الفقرة الثالثة: المحلفون
إلى جانب ضباط الشرطة القضائية والاعوان المأمورون المنتدبون نجد أيضا صنف أخر اسند اليه المشرع مهام مراقبة ومعاينة جريمة تلوث الهواء، ويستفاد هذا من مقتضيات المادة 9 من القانون رقم 13.03 “يكلف بمعاينة مخالفات أحكام هذا القانون والنصوص الصادرة بتطبيقه، علاوة على ضباط الشرطة القضائية، الموظفون والأعوان المأمورون المنتدبون لهذا الغرض من لدن الإدارة المختصة وكذا المحلفون وفقا للتشريع الخاص باليمين المفروض أداؤها على المأمورين محرري المحاضر.

وهؤلاء المحلفون على غرار الأعوان المأمورون يتعين عليهم حسب المادة 10 من المرسوم رقم 2.09.631 القيام بعمليات مراقبة دورية، أو مفاجئة أو هما معا للفظ أو إطلاق أو رمي ملوثات في الهواء والمتأتية من مصادر تلوث ثابتة وذلك لأجل التأكد من مدى احترامها للمعايير المنصوص عليها في هذا المرسوم.

المطلب الثاني: أنواع العقوبات في جريمة تلوث الهواء

لكل جريمة عقوبة ولا جريمة ولا جريمة ولا عقوبة الا بالنص، تلك هي القاعدة المعمول بها في التشريعات الجنائية، وتجد هذه القاعدة أساسها في كتاب الله عز وجل عندما قال سبحانه في محكم تنزيله “ وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين “ صدق الله العظيم.

العبرة من هذه الآية الكريمة هي أن الانسان لا يستحق العقوبة والعذاب الا بعد أن يتم تحديره بعواقب القيام بالفعل الحرام والممنوع .

لهذا دأبت التشريعات الوضعية الجنائية على هذه القواعد، أيضا في موضوعنا الأمر كذلك فالمشرع وضع نصوص فيها عقوبات جريمة تلوث الهواء وهذه العقوبات منها ماهو عقوبة حبسية ( الفقرة الأولى ) ومنها ما هو عقوبة الغرامة ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: عقوبة الحبس
بالرجوع غلى المادة 16 نجدها تنص على انه : يعاقب بغرامة من ألف (1000) إلى عشرين ألف (20.000) درهم كل شخص مسؤول عن حدوث تلوث وأهمل متعمدا إبلاغ السلطات المعنية بانبعاث طارئ وخطير لمواد ملوثة.

وفي حالة العود يتعرض المخالف إلى ضعف العقوبة القصوى، كما يمكن الحكم عليه بعقوبة حبسية من يوم إلى شهر.

أيضا في المادة 17 من القانون نفسه اشار المشرع الى العقوبة الحبسية تتراوح ما بين يوم إلى شهر، حيث جاء في هذه المادة ما يلي: يعاقب بغرامة من مائة (100) إلى عشرة آلاف (10.000) درهم كل من عرقل القيام بالمراقبة أو ممارسة مهام الأشخاص المشار إليهم في المادة التاسعة من هذا القانون.

وفي حالة العود تضاعف العقوبة القصوى، كما يمكن الحكم بعقوبة حبسية من يوم إلى شهر.

أيضا المادة 18 أشار فيها المشرع إلى عقوبة حبسية تتراوح بين شهر وسنة حيث جاء في هذه المادة : يعاقب بغرامة من مائتي (200) إلى عشرين ألف (20.000) درهم كل من:

– لم يحترم شرطا أو تقييدا أو منعا مفروضا من لدن الإدارة ؛

– رفض الامتثال للتعليمات الصادرة عن الإدارة ؛

– عرقل أو منع بأي شكل من الأشكال تنفيذ الإجراءات الاستعجالية التي تأمر بها الإدارة؛

– أدلى بمعلومات خاطئة أو تصريحات مزيفة.

وفي حالة العود تضاعف العقوبة القصوى، كما يمكن الحكم بالحبس من شهر إلى ستة أشهر.

الفقرة الثانية: عقوبة الغرامة
عقوبة الغرامة التي جاء بها المشرع في القانون رقم 13.03 هي في ثلاثة مستويات:

100 إلى 1400 درهم [8]
200 إلى 20 الف درهم [9]
1000 إلى 20 الف درهم[10]
2000 إلى 20 الف درهم[11]

خــــــــــــــــاتـــــمة

في الختام نود أن نشير إلى ان جريمة تلوث الهواء هي كل ما يؤدي إلى تغيير خصائص الهواء الفيزيائية أو الكيميائية يؤدي إلى إلحاق ضرر بالكائنات الحية وبالأنظمة البيئية وبالبيئة بشكل عام. ويشمل هذا التعريف هواء أماكن العمل وهواء الأماكن العامة المغلقة وشبه المغلقة.

كما إن السلوك الاجرامي في جريمة تلوث الهواء هو كل عمل أو مجموعة من الأعمال التي يقوم بها الجاني ليتوصل بها إلى ارتكاب جريمة التلوث، وعليه فإن جريمة الاضرار بالهواء كمكون من البيئة تتحقق بكل نشاط مادي يأتيه الجاني سواء اتخذ هذا النشاط صورة الفعل الايجابي عن طريق اتيان أحد الأفعال المضرة بالهواء والتي نهى عنها المشرع في المادة الرابعة من القانون، أن المشرع اسند مهام معاينة جرائم تلوث الهواء لضباط الشرطة القضائية، الموظفون والأعوان المأمورون المنتدبون لهذا الغرض من لدن الإدارة المختصة، والمحلفون وفقا للتشريع الخاص باليمين المفروض أداؤها على المأمورين محرري المحاضر.

[1] – ظهير شريف رقم 1.03.61 صادر في 10 ربيع الأول 1424 الموافق ل 12 ماي 2003 بتنفيد القانون رقم 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء ، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5118 بتاريخ 18 ربيع الاخير 1424 الموافق ل 19 يوليوز 2003 ، ص 1912.

[2] – المختار أعمارة لوجيز في الأحكام العامة للقانون الجنائي – الجريمة- ط 2010 ص79 .

[3] – المختار أعمارة لوجيز في الأحكام العامة للقانون الجنائي – الجريمة- مرجع سابق.

[4] – بالرجوع إلى 392 من مجموعة القانون الجنائي المغربي نجد أنه ينص على حالات العمد في جريمة القتل.

[5] – نص المشرع عليها في الفصل 432 ق.ج ” من ارتكب بعدم تبصره أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته النظم والقوانين قتلا غير عمدي أو تسبب فيه عن غير قصد.

[6] – أحم قيلش و محمد زنون، الشرطة القضائية، الطبعة الأولى، دون ذكر اسم المطبعة ص 9 وما بعدها.

[7] – عبد الواحد العلمي، شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الأول ، الطبعة الخامسة 2015، مطبعة الجديدة الدار البيضاء، ص 361.

[8] – انظر المادة 21 من القانون رقم 13.03

[9] – انظر المادة 18 من القانون رقم 13.03

[10] – انظر المادة 16 من القانون رقم 13.03

[11] – انظر المادة 19 من القانون رقم 13.03

إعادة نشر بواسطة محاماة نت