تعريف اللامركزية الإدارية :

يقصد باللامركزية الإدارية توزيع الوظائف الإدارية بين الحكومة (السلطة)المركزية في العاصمة، بين هيئات محلية أو مصلحية لها شخصية معنوية مستقلة تباشر اختصاصها تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية، إن اللامركزية الإدارية عبارة عن أسلوب من أساليب الإدارة والهدف منه توزيع أو نقل سلطة اتخاذ القرارات إلى أجهزة إدارية هي غير أعمال السلطة المركزية، وإن هذه الهيئات المستقلة يتعين عليها أن لا تتبع – كأصل عام – السلطة المركزية، إلى أنها تخضع لنوع من الوقاية و الإشراف من قبل السلطة المركزية، وذلك من خلال ما يسمى بالوصاية الإدارية(1) والمعيار الذي يميز بين المركزية الإدارية واللامركزية الإدارية هو وحدة السلطة الإدارية أو تعددها، فإذا كانت هناك سلطة إدارية واحدة فنحن أمام نظام مركزي، أما إذا تعددت السلطات الإدارية، بحيث توجد سلطات لامركزية تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية نكون بصدد لامركزية إدارية(2) وتحقق اللامركزية الإدارية بإحدى الوسيلتين:

الأولى هي أن تمنح الشخصية المعنوية للوحدات الإدارية الإقليمية الأصغر من الدولة، ثم يستند إلى رجل من هذه الوحدات الإقليمية مهمة الإدارة والإشراف على ما يهم سكان الإقليم من مرافق عامة، فكأن اختصاص هذه الوحدات يتحدد في إطار جغرافي أو إقليمي، وفي داخل هذا الإطار تمارس هذه الوحدات أنشطة المرافق العامة المتعددة التي تشبع حاجة السكان.

والوسيلة الثانية هي أن يخلع المشرع الشخصية المعنوية على مرفق عام ويزوده بإدارة مستقلة وبميزانية مستقلة، فينشأ عن ذلك شخص عام جديد هو الشخص العام المرفقي، كالمؤسسة العامة والهيئة العامة مثلا.(3) وللامركزية الإدارية جانبين: جانب سياسي يتمثل في تمكين الأجهزة المحلية المنتخبة من قبل الشعب وتسيير شؤونها بيدها مما يحقق مبدأ الديمقراطية الإدارية، أما الجانب القانوني فيتجسد في توزيع الوظيفة الإدارية في الدولة بين الأجهزة المركزية والهيئات المستقلة ذات الطابع المرفقي أو المصلحي من جهة ثانية، وهو ما من شأنه أن يقرب الإدارة أكثر من الجمهور. وحتى يتسنى لنا تقريب مفهوم اللامركزية الإدارية بشكل جيد يقتضي الأمر منا تمييزها عن النظم المشابهة لها خاصة نظام عدم التركيز الإداري والنظام الفدرالي.(4).

______________________

1- الدكتور: إعاد علي حمود القيسي، (الوجيز القانون الإداري)، الطبعة الأولى، دار وائل للطباعة والنشر، عمان- الأردن، 1999 ، ص 95

2- الدكتور: عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظرية العامة في القانون الإداري: دراسة مقارنة لأسس . و مبادئ القانون الاداري و تطبيقها في مصر ،منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2003 ، ص 145

3- الدكتور: حسين عثمان محمد عثمان، أصول القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية مصر، 2009 ص 319

4- الأستاذ الدكتور: عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الثانية، جسور للنشر و التوزيع، الجزائر، 2007 ، ص 170

المقصود بعدم التركيز الإداري :

هو الصورة المعتدلة للمركزية الإدارية، ومعناها تخفيف العبئ عن الحكومة المركزية، فتعطي التشريعات وكذلك الوزراء بقرارات منهم بعض الاختصاصات التقريرية لممثلي الوزارات في العاصمة والأقاليم. هكذا يكون لمديري الإدارات في العاصمة ومديري الفروع الوزارية في الأقاليم حق تصريف بعض شؤون الوظيفة الإدارية والبت فيها نهائيا دون الرجوع للوزير في العاصمة، ولهذا يسمى الفقه عدم التركيز الإداري ب “اللاوزارية”. ولكن سلطة البت والتقرير الممنوحة لبعض الموظفين والمديرين في العاصمة والأقاليم لا تعني استقلالهم عن الوزير، فهم يبقون خاضعين للسلطة الرئاسية للوزير ولرؤسائهم الإداريين(1) .

وخلاصة القول إذن فإن عدم التركيز الإداري، لا يعني خروجا عن المركزية الإدارية، بل إننا نظل بصدد مركزية إدارية، ذلك أن القرارات التي تصدر عن الموظفون المحليون تصدر باسم الدولة وليس باسم الهيئة المحلية التي يوجد بها الموظف، ثم إن هؤلاء الموظفون هم معينون من قبل الدولة ذاتها ويخضعون لسلطتها الرئاسية، وكل ما في الأمر هو أن السلطة المركزية تقوم بتفويض بعض اختصاصاتها للسلطات المحلية التي يكون عليها أن تعمل بناء على هذا التفويض ومن خلاله.(2).

_________________

1- الدكتور: محمد رفعت عبد الوهاب، (مبادئ و أحكام القانون الإداري)، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت-لبنان، 2002 ، ص 120

2- الدكتور: محمد بكر حسين، (الوسيط في القانون الإداري)، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية-مصر، 2006 ، ص 64 و 65.

اللامركزية الإدارية وعدم التركيز الإداري :

لعل اللبس قد يثور بين اللامركزية وعدم التركيز الإداري خاصة وأن كلاهما يعد أسلوبا من أساليب الوظيفة الإدارية، لذلك تعين علينا إبراز نقاط الاختلاف بين النظامين لتتضح أكثر و بصورة أعمق فكرة اللامركزية.

إن عدم التركيز يشكل صورة من صور النظام المركزي يخول بمقتضاه ممثل السلطة المركزية صلاحية القيام ببعض الأعمال وإصدار القرارات بتفويض منها، وهذا الأسلوب المتطور والمرن لفكرة المركزية تم اعتماده عندما ثبت أنه من المتعذر عمليا تطبيق النظام المركزي بالصورة المطلقة( المركزية المتوحشة كما أطلق عليها) ، لذا تعين في الإدارة المركزية تفويض ونقل جزء من صلاحياتها إلى ممثليها المنتشرين في كل الأقاليم، وإذا كان ممثلو السلطة المركزية يتمتعون بشيء من الاستقلالية، إنما هو إستقلال عارض فرضته عوامل فنية ومنطقية يمكن حصرها في صعوبة تحكم السلطة المركزية في كل صغيرة وكبيرة تحدث في كل جزء من أجزاء الإقليم. كما أن ممثل السلطة المركزية يمارس مهامه تحت إشراف ورقابة الوزير بحكم السلطة الرئاسية التي تخوله ممارسة صلاحيات على أشخاص الموظفين وأعمالهم. وهذا خلافا لإستقلال الوحدات الإدارية والمحلية فهو استقلال أصيل لا تستطيع السلطة المركزية أن تنقص منه أو أن تفرض تبعية الهيئة المحلية لها بحكم تمتع هذه الأخيرة بالشخصية المعنوية. وتبعا لذلك فإنه لا تربط بين مسيري الأجهزة المحلية والسلطة المركزية رابطة التبعية أو السلطة الرئاسية، مثلما هو الشأن عند تطبيق نظام عدم التركيز الإداري(1) وإنما تربطهم بها فكرة الرقابة الوصائية كما بينا ذلك سابقا. غير أن عدم التركيز الإداري كما يرى البعض قد يكون خطوة في سبيل اللامركزية الإدارية، وربما تحدث الدولة هيئات عدم التركيز لتكون بمثابة همزة وصل بين الهيئة المستقلة ذات الطابع المحلي وجهة وصائية مثلما هو الأمر عندنا في نظام الدائرة (2)

___________________

1- الأستاذ الدكتور: عمار بوضياف، التنظيم الإداري في الجزائر بين النظرية و التطبيق، جسور للنشر و التوزيع ، الجزائر ، 2010 ص 97 و 98

2- المرجع ذاته، ص99

وسائل تحقيق اللامركزية الادارية :

تتحقق اللامركزية الإدارية بوسيلتين هما، الاعتراف بالشخصية المعنوية والاستقلال في الإدارة.

أ. الاعتراف بالشخصية المعنوية:

الشخصية المعنوية هي الوسيلة القانونية التي تتيح استقلالية الشخص اللامركزي عبر تحقق إدارة ذاتية له يعبر عنها المجلس الذي يديره.

إن إضفاء الشخصية المعنوية على بعض الأشخاص العامة يترتب نتائج مختلفة وهي:

ذمة مالية مستقلة، موظفون عموميون لهم قواعد خاصة بهم، أهلية التصرف، والحق بالتقاضي،…الخ. يضاف إلى ذلك إلى أن تحقق اللامركزية الإدارية لا يمكن أن يتم إلا في ظل الاعتراف بالشخصية المعنوية للوحدات الإدارية الإقليمية، وإلا فإننا نكون إزاء عدم تركيز إداري لصالح وحدات وأجهزة تابعة للحكومة المركزية، أي تابعة للشخص المعنوي الوحيد وهو الدولة(1).

ب . الاستقلال في الإدارة:

الإستقلال في الإدارة هو الركن الأساسي في تأمين استقلالية الهيئات الإدارية اللامركزية في مباشرة وظائفها، إنه حجر الزاوية، لا بل المعيار الرئيسي لوجود اللامركزية والتي لا يرتفع بنيانها إلا إذا كان استقلال مجالسها مؤمنا ومضمونا بصورة عملية، لكن هذا الاستقلال لا يصل إلى حد الإنفصال المطلق وإلى قطع كل علاقة مع الدولة، لأن ذلك لا يؤدي فقط إلى نشوء كيانات سياسية مستقلة عن الدولة فحسب، بل يجرد اللامركزية أيضا من مفهومها الصحيح القائم على التبعية وعدم الاستقلالية السياسية.

فهي ليست تبعية من حيث أن علاقتها بالسلطة المركزية لا تتخذ شكل سلطة تسلسلية، وهي ليست استقلالية من حيث أن علاقتها بالسلطة المركزية لا تتصف بالصفة الدستورية، وبالتالي، فالمركزية هي وسط بين هذين المفهومين، وتقع بين نقيضين: المركزية والفدرالية فبقدر ما يضيق استقلال الأشخاص المعنوية اللامركزية نقترب من المركزية اللاحصرية (عدم التركيز الإداري)، وبقدر ما يتسع هذا الاستقلال بقدر ما نصل إلى حدود الفدرالية، وللمحافظة على التوازن بين هذين المركزين أعطيت السلطة المركزية حق الرقابة الإدارية على أعمال السلطات اللامركزية وهذا ما يصطلح على تسميته بالوصاية الإدارية(2) .

____________________

1- غنام غنام ، المركزية و اللامركزية الإدارية ، برنامج ماجيستر، الإدارة التربوية، جامعة القدس –أبو ديس، الفصل الدراسي الأول، 2009، موقع وزارة التربية و التعليم العالي الفلسطينية: (www.mohe.gov./publications ، ص 9

2- المرجع ذاته، ص 1 و 10

العناصر الأساسية لللامركزية :

وهذه العناصر هي ثلاثة:

– الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح القومية.

– أن تدار المصالح المحلية بواسطة مجالس منتخبة.

– خضوع الأشخاص اللامركزية للوصاية الإدارية(1)

أ. وجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية:

يرجع سبب ومبرر قيام النظام اللامركزي إلى وجود وظهور مصالح أو شؤون محلية، تتمثل في ذلك التضامن الذي يعبر عن اهتمامات واحتياجات سكان إقليم أو جهة معينة من الدولة تختلف عن الاحتياجات والمصالح والشؤون الوطنية العامة والمشتركة بين جميع المواطنين بالدولة. إن اعتراف القانون واعتداده بهذا التمايز الموجود حقيقة وفعلا بين المصالح المحلية (الإقليمية) والمصالح الوطنية (المركزية) يشكل الركن الأساسي لوجود اللامركزية، من حيث تكفل الإدارة المركزية بالمصالح الوطنية والتخلي عن المصالح المحلية لهيئات محلية باعتبارها الأقدر على تلبيتها وإشباعها. ومن أهم المسائل التي تثار بصدد تحديد المصالح المحلية: تعيين الجهة المختصة بذلك، والكيفية المتبعة في عملية التحديد.

1.الاختصاص:

الاتجاه السائد بهذا الصدد، أن يعقد الاختصاص بتحديد تلك المصالح والشؤون، من خلال تحديد وبيان صلاحيات الهيئات اللامركزية، إلى السلطة التشريعية (البرلمان)بموجب القوانين الأساسية المتعلقة بتلك الهيئات، ففي الجزائر – مثلا – يقوم البرلمان بموجب المادة 122 من الدستور بتنظيم وتحديد صلاحيات الإدارة المحلية من خلال:

*- قانون البلدية رقم 11 -10

*- قانون الولاية رقم 12 – 7

إن إسناد مهمة تحديد المصالح المحلية المتميزة عن المصالح الوطنية (القومية) أي اختصاصات الإدارة اللامركزية إلى البرلمان وجعله من اختصاص القانون والتشريع يمثل ضمانا حقيقيا لدعم الطابع اللامركزي ويحمي الهيئات والوحدات اللامركزية من إمكانية تدخل الإدارة أو السلطة المركزية للتقليص والتضييق من مجال ونطاق تلك الاختصاصات بمجرد إصدار قرارات إدارية صادرة عنها دون الرجوع للبرلمان(2)

2.الكيفية:

يتم توزيع مظاهر ومجالات الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية والإدارة اللامركزية وفق أسلوبين هما:

1.2 . الأسلوب الأول (الأسلوب الإنجليزي):

و مؤداه أن يبين المشرع (القانون) السلطات والاختصاصات المنوطة بالأجهزة اللامركزية – رغم تنوعها وتدرجها – على سبيل الحصر، وما عداها فهو من اختصاصات الإدارة المركزية باعتبارها من المصالح الوطنية.

2.2 . الأسلوب الثاني ( الأسلوب الفرنسي):

مقتضى هذا الأسلوب أو التصور أن يعمد المشرع إلى ذكر الميادين التي تتدخل فيها الإدارة المركزية، على أن تترك مجالات وميادين عمل ونشاط الوحدات اللامركزية واسعة وغير محددة ولقد اعتمد المشرع الفرنسي، في تنظيمه الإداري الإقليمية أو المحلية، هذه الطريقة حينما ذكر السلطات والصلاحيات التي تتمتع بها الوحدات والهيئات اللامركزية وإن بصورة وكيفية عامة وغير محددة، “ذلك أن العنصر الأساسي في اللامركزية يكمن في الطابع غير المحدد للسرد القانوني لصلاحيات المجالس المحلية حسب التشريع الفرنسي”

L’élément essentiel de décentralisation résidait dans le caractère non limitatif des énumérations légales d’attributions des assemblées locales selon la législation française

وهو الأسلوب نفسه الذي اتبعه المشرع الجزائري في تنظيمه للإدارة المحلية.

– و الحقيقة أن هذا الركن، إنما يثير عدة قضايا، منها:

*في توزيع الوظيفة الإدارية بين هيئات الإدارة المركزية وهيئات الإدارة اللامركزية قد ينص الدستور على المبادئ والأسس التي توجهه، ليتدخل القانون لاحقا محددا ومبينا مجالات أو اختصاصات الإدارة المركزية أو اللامركزية، حسب الأسلوب المتبع.

* إن مجالات وميادين عمل الهيئات الإدارية اللامركزية لم تعد تحددها – فقط – المجالات المخصصة للإدارة المركزية، وإنما أيضا تدخل القطاع الخاص في العديد من الأنشطة التي كانت حكرا على الإدارة العامة، في مرحلة الدولة الحارسة.

* يقصد بالمصالح المحلية اللامركزية تلك الشؤون والاهتمامات المتعلقة بالمجال الإداري(الوظيفة الإدارية، السلطة التنفيذية)، ذلك أن الاعتراف بوجود مصالح سياسية متمايزة داخل الدولة من شأنه أن يحولها من دولة بسيطة موحدة إلى دولة مركبة واتحادية في ظل ما يعرف باللامركزية السياسية (الفدرالية)(3)

ب . أن تدار المصالح المحلية بواسطة مجالس منتخبة:

في الحقيقة إنه لا يكفي أن يعترف المشرع بالمصالح المحلية المتميزة عن المصالح القومية (الوطنية) بل يتعين للقول بأن ثمة نظاما لا مركزيا إقليميا أن يعهد بإدارة تلك المصالح لهيئات محلية منتخبة، إذ يجب أن تنصب الصفة المحلية على أشخاص هذه الهيئات فهم أشخاص يمثلون الإقليم ولا يمثلون السلطة المركزية في الأقاليم و لا أشخاص معينون من قبلها، إذ أن قيام السلطة المركزية بتعيين موظفيها لإدارة تلك المصالح يجعلنا نتحدث عن عدم تركيز وليس اللامركزية الإدارية.

وتتجلى أهمية هذا الركن من أركان اللامركزية الإدارية في كون المجموعات المحلية ومصالحها ذات الطابع المحلي التي تدار بواسطة سكان المنطقة أنفسهم ومن قبل أشخاص ينتخبون أساسا لتحقيق هذا الغرض، لا أن تمارس الإدارة من أشخاص يوفدون من خارج سكانها لإدارتها وهم غالبا ما يجهلون احتياجاتها. وهذا الشرط يقتضي بأن يعهد بإدارة المصالح المحلية إلى سكان المنطقة لكي تتمتع بنوع من الاستقلال في مواجهة السلطة المركزية وفي حالة عدم توافر هذا الشرط الأساسي من شروط اللامركزية الإدارية نكون – كما قلت قبلها – إزاء عدم التركيز الإداري، لذلك يعد الانتخاب لإختيار أعضاء الهيئات المحلية أفضل الأساليب التي تضمن استقلال الهيئات في إدارتها للمصالح المحلية، بيد أن مبدأ الانتخاب بالنسبة للهيئات المحلية التي يعهد إليها بإدارة المصالح المحلية لا يعني بالضرورة أن يكون جميع الأعضاء الذين تتكون منهم تلك الهيئات أو المجالس المحلية منتخبين من قبل سكان المنطقة أنفسهم، إذا يمكن أن تتدخل السلطة المركزية بأسلوب أو بآخر يحدده القانون لاختيار بعض المنتخبين(4) ومن هنا يفرق البعض في هذا الركن بين الاستقلال والانتخاب فيعتبرون أن الركن المتفق عليه هو استقلال تلك الهيئات المحلية في مواجهة السلطة المركزية، أما الانتخاب فهو أفضل الوسائل لتحقيق الاستقلال:

فيميزون بين الركن والشرط فالأول لا غنى عنه لقيام النظام اللامركزي والثاني لتحقيق أفضل وضع لإستقلال تلك الهيئات، ورغم الاعتراضات التي تواجهها وسيلة إسناد السلطة في اللامركزيات باعتبار أنها الوسيلة الوحيدة لتحقيق استقلال هذه الوحدات، فإن أنصار هذا الاتجاه يؤكد أنها الوسيلة الوحيدة وأنه يجب أن يكون اختيار أعضاء مجالس هذه الهيئات بالانتخاب، إن أردنا لها استقلال، تحقق به وجودها ويساعدها على القيام باختصاصاتها، وأصبح الرأي الغالب في الفقه منعقد على أن الانتخاب وحده هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأشخاص القانونية العامة اللامركزية واعتبر أنصار هذا الرأي أن الربط بين وجود الأسلوب اللامركزي وتشكيل المجالس اللامركزية مرهون بالانتخاب، ويتجه هذا الرأي إلى تصنيف النظم بحسب ما إذا كانت مجالسها تقوم بالانتخاب معا، فإذا كانت المجالس تتكون بالتعيين وحده نكون بصدد تنظيم إداري مركزي أخذ بعدم التركيز الإداري ونكون عندئذ قد خرجنا من دائرة اللامركزية الإدارية، أما إذا تكونت المجالس اللامركزية بالانتخاب وحده، وإنه ليس للسلطات المركزية أن تعين أي عدد لعضوية هذه المجالس، فإننا نكون بصدد نظام لامركزي كامل أو اللامركزية الكاملة أما إذا اعتمدت الطريقة المختلطة وهي الجمع بين وسيلتي الانتخاب والتعيين نكون إزاء اللامركزية الناقصة، ويتعين أخيرا أن هناك اتجاها ثالثا يرى أنه إذا كان في الإمكان تحقيق استقلال المجالس الإقليمية بالانتخاب، فإنه يمكن تحقيق هذا الاستقلال كذلك إذا شكلت هذه المجالس بالتعيين، وإذا تضمنت القوانين قدرا من الاستقلال تتمتع به هذه الهيئات وبدونه تفقد هذه المجالس استقلالها يدل هذا الاتجاه بأنه ثمة اتفاقا بأن اللامركزية المرفقية تتمتع باستقلال رغم أن موظفيها معينين من السلطة اللامركزية الإدارية، فكيف ينكر على الهيئات التي تتشكل بواسطة التعيين والانتخاب صفة اللامركزية، وفي اعتقادنا أن أفضل الوسائل لضمان استقلال الهيئات اللامركزية هو أن يتم تشكيلها بالانتخاب إلا أننا نرى أن التعيين لبعض موظفيها بعدد لا يتجاوز نصف أعضاء الهيئة وبشرط أن يكون الرئيس منتخبا من سكان المنطقة لا ينقص من اللامركزية الإقليمية شريطة أن تتوفر القوانين قدر من الضمان لاستقلال تلك الهيئات(5)

ج. خضوع الأشخاص اللامركزية للوصاية الإدارية:

يعتبر موضوع الوصايا الإدارية من أهم المواضيع التي ينبغي التركيز عليها عند الحديث عن اللامركزية الإدارية كونها تنظم علاقة الهيئات اللامركزية بالسلطة المركزية، فمنح الشخصية المعنوية العامة والاستقلال الإداري والمالي لا يعني الفصل التام عن السلطة المركزية، فلا بد من وجود نوع من الرقابة الإدارية التي تضمن وحدة الدولة السياسية والإدارية وسلامة ومشروعية وملائمة التصرفات التي تضطلع بها الهيئات اللامركزية.(6)

1.المقصود بالوصاية الإدارية ومميزاتها:

وعليه سنرى أولا المقصود بالوصاية الإدارية ثم نرى مميزاتها.

1.1. المقصود بالوصاية الإدارية:

لعله اتضح لنا مما تقدم أن اللامركزية نظام وسط فلا يترتب عليها الخضوع والتبعية والعلاقة الرئاسية بين الجهاز المركزي والوحدة الإدارية المستقلة لأن السلطة الرئاسية كما رأينا تشكل مظهرا من مظاهر النظام المركزي، ولا يترتب عليها الاستقلال التام والمطلق عن الدولة لأن هذا الأخير يؤدي إلى زعزعة كيان الدولة ويهدد وحدتها الترابية ووجودها إذن لا مفر من ربط الجهاز المستقل بالجهاز المركزي وأداة الربط هي نظام الوصاية.ويقصد بها مجموع السلطات التي يقررها القانون لسلطة عليا على أشخاص الهيئات اللامركزية وأعمالهم بقصد حماية المصلحة العامة، ومن هنا فإن نظام الوصاية أداة قانونية بموجبها نضمن وحدة الدولة وذلك بإقامة علاقة قانونية دائمة ومستمرة بين الأجهزة المستقلة و السلطة المركزية، كما أن نظام الوصاية يكفل للهيئات المستقلة حقها في اتخاذ القرار بالكيفية والحدود التي رسمها القانون(7)

2.1 . مميزات الوصاية الإدارية:

– الوصاية الإدارية ركن من أركان اللامركزية الإدارية:

تربط الوصاية الإدارية وجودا و عدما بنظام اللامركزية الإدارية، لذلك لا يتصور استخدام مصطلح الوصاية الإدارية إلا إزاء الإجراءات القانونية التي تمارسها سلطة إدارية على أشخاص وأعمال الهيئات اللامركزية المرفقية والإقليمية أي على شخص معنوي عام مرفقي أو محلي يتمتع قانونا بالاستقلال الإداري والمالي عن الحكومة المركزية، وهذا ما يميز الوصاية الإدارية عن السلطة الرئاسية التي تباشرها الحكومة المركزية على موظفيها في الإدارات الحكومية، وعن الرقابة التي تباشرها على الأفراد والأشخاص المعنوية الخاصة من شركات وجمعيات ونقابات.

– الوصاية الإدارية إستثناء على الاستقلال المحلي والحرية المحلية: الأصل في نظام الحكم المحلي هو إستقلال الهيئة المحلية وتمتعها بالحرية في ممارسة وتسيير الشؤون المحلية المقررة لها قانونا لذلك فإنه لا يجوز منح سلطة عامة إزاء الهيئات المحلية لأن الوصاية تمارس بتدابير فردية محددة، ومن ناحية ثانية فإنه لا يجوز للهيئة المحلية أن تتنازل جزئيا أو كليا عن حريتها في مباشرة أعمالها واختصاصاتها وتمثل إجراءات الوصاية استثناء على الحرية المطلقة وقيدا يحول دون الاستقلال المطلق للهيئات المحلية وبالتالي فالوصاية الإدارية لا تفترض ولا تمارس إلا إذا وجد نص قانوني صريح يقررها و يجب التقيد بحدود النص وإجراءاته فلا يقاس عليه ولا يتوسع فيه بالتفسير عملا بالقاعدة ” لا وصاية إلا بدون نص و لا وصاية أزيد من النصوص”.

– تتقرر الوصاية الإدارية لحماية المشروعية والمصلحة العامة: تتقرر الإجراءات الوصائية الاستثنائية لضمان انسجام القرارات الصادرة عن الهيئات اللامركزية مع التشريعات والأنظمة السارية المفعول وتوافقها الصالح العام الوطني وصالح المجتمع المحلي ومصلحة الأفراد(8)

– و الوصاية الإدارية ليست مطلقة: بمعنى أن الإدارة المركزية لا تستطيع أن تفعل ما يحلو لها في مواجهة قرارات الوحدة المحلية.

– وأخيرا إن للوحدة المحلية أن تلجأ إلى القضاء طالبة إلغاء قرارات الإدارة المركزية التي تعدت بها على اختصاصاتها، أو التي جاءت مخالفة للقانون لسبب أو لأخر(9)

2. طبيعة نظام الوصاية الإدارية وأساسها ونطاقها:

حيث سنرى من جهة طبيعة نظام الوصاية الإدارية ومن جهة أخرى سنرى أساسها ونطاقها.

1.2 . طبيعة نظام الوصاية الإدارية:

تكيف الرقابة الإدارية الوصائية وتمتاز بأنها رقابة مشروعية فقط، أي أن تحديد نطاق هذه الرقابة وأهدافها ووسائلها وإجراءاتها والسلطات الإدارية المضطلعة بالقيام بها لا بد أن يتم بواسطة القوانين والتشريعات والنصوص التي تتصل بالنظام الإداري في الدولة ولاسيما – التشريعات والقوانين المنشئة والمنظمة للهيئات والوحدات الإدارية اللامركزية الإقليمية والمرفقية أو المصلحية مثل قانون البلدية، قانون الولاية، قانون التسيير للمؤسسات، وقانون الرقابة على المؤسسات وكافة التشريعات والقوانين المؤسسة والمنظمة لكافة الهيئات والمؤسسات والشركات الوطنية في الدولة.(10)

2.2 . أساس الوصاية الإدارية ونطاقها:

إذا كانت الرقابة الرئاسية – بالنسبة للموظفين العاملين – أمرا طبيعيا وظاهرة عادية ليست في حاجة لنص خاص يقررها صراحة، فإن الوصاية الإدارية على العكس من ذلك تعد ذات طابع استثنائي فهي استثناء يرد على أصل عام هو استقلال الهيئات المحلية، لذلك فهي في حاجة لنص خاص يقررها ويحدد مداها، ومن ثم فهي لا توجد ولا تزاول إلا في الحدود التي أقرها القانون صراحة. ومن هنا فإنه يقال أن الرقابة الرئاسية تنبع من طبيعة الأوضاع، ويمكن أن تزاولها السلطة الرئاسية بغير حاجة لنص خاص ينص عليها، أما الوصاية الإدارية فإنها “لا تفترض” وهي لا توجد إلا في الحدود التي يقررها القانون صراحة، فإذا أرادت سلطة الوصاية أن تمارسها خارج هذه الحدود، فليس أمامها إلا أن تلجأ إلى القضاء الإداري عن طريق الطعن بالإلغاء تقدمه ضد القرار الذي تراه مخالفا للقانون. وهذا الأساس يؤثر على النطاق، فإذا كان نطاق الرقابة الرئاسية يتسع إلى أقصى المدى ليشمل كل قرارات المرؤوس – فلا يفر منه أي قرار على الإطلاق – فإن نطاق الوصاية الإدارية محصور في الحيز الذي أراده القانون المنظم للهيئات المحلية(11)

3. أساليب الوصاية الإدارية وأهدافها:

وهنا سوف نرى أساليب الوصاية الإدارية من ناحية وأهدافها من ناحية أخرى.

1.3 . أساليب الوصاية الإدارية:

نعرض في هذا الصدد لنظامين إداريين أساسيين يطبق كل منهما أسلوبا مغايرا للأخر بشأن الوصاية الإدارية، هما النظام الإنجليزي من جهة، والنظام الفرنسي من جهة أخرى.

1.1.3 . النظام الإنجليزي:

تتمتع الهيئات اللامركزية بموجب هذا الأسلوب بقسط كبير من الاستقلال في مواجهة الحكومة المركزية، فتكون الرقابة هنا مقصورة على مجرد التفتيش على أعمال الهيئة اللامركزية، وإسداء النصح إليها. بحيث يترك للهيئات المحلية أن تمارس ما يدخل في حقل اختصاصها بحرية تامة، وإذا خالفت تلك الهيئات القوانين التي تنظم شؤونها، فإن ما تملكه الحكومة المركزية إزاء ذلك هو الطعن في تصرفاتها أمام القضاء العادي مثل ما يفعله الأفراد العاديون. و تخضع الهيئات المحلية لرقابة البرلمان، فهو الذي يقرر إنشائها ومنحها الشخصية المعنوية ويتولى تنظيمها وبيان اختصاصاتها، وكيفية مباشرة أعمالها، وهو الذي من حقه إلغاء القرارات عنها أو تعديلها و هو الذي يملك حق إلغاء وتعديل القوانين الخاصة بها.وهي تخضع أيضا لرقابة القضاء، وهنا لا تتوقف رقابة القضاء عن مجرد إلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون و تعويض الأفراد عنها بل تمتد إلى إصدار القاضي الانجليزي الأوامر و النواهي الملزمة إلى الإدارة و عمالها. (12)

2.1.3 . النظام الفرنسي:

ويقوم هذا النظام على أسس مناقضة لأساس النظام الانجليزي، حيث تخضع الهيئات الإدارية اللامركزية لرقابة دقيقة و محكمة، إذا انه بالإضافة إلى وجود الرقابة البرلمانية، و رقابة القضاء الإداري الفرنسي على أعمال الإدارة مع التسليم باستقلال الإدارة عن القضاء تقوم الإدارة المركزية بممارسة رقابة شاملة على ذات الهيئات اللامركزية و على أعضائها من ناحية، و على تصرفاتها و أعمالها من ناحية أخرى. تتضمن الرقابة على أشخاص الهيئات اللامركزية و موظفيها حق حل هذه الهيئات و المجالس، ووقفها، وحق تعيين أعضائها و تأديبهم في حين تشمل الرقابة على أعمال الهيئات اللامركزية حق الإذن في اتخاذ التصرف، و حق التصديق على الأعمال الصادرة منها، و الحق في إلغاء ما يصدر عنها من قرارات و سحبها، فضلا عن حقها في الحلول محل هذه الهيئات في اتخاذ بعض التصرفات. وعند تجاوز السلطة المركزية لحدودها في مباشرة الوصاية الإدارية عن الهيئات اللامركزية، فان لهذه الأخيرة حق الطعن في قرارات الأولى إما عن الطريق الإداري سواء بالالتماس أو الشكوى، و إما بواسطة الطعن القضائي في هذه القرارات(13)

2.3 . أهداف الوصاية الإدارية:

تخضع الهيئات اللامركزية للرقابة بهدف العمل على مراعاة احترام القانون كما تخضع في نفس الوقت هذه الهيئات المحلية إلى الرقابة القضائية. وتهدف الرقابة إلى إنشاء إدارة جيدة، كما أن هذه الرقابة مفيدة لان السلطات اللامركزية قد تنقصها الصلاحية و الخبرة الضروريتين أو يبدو منهما إهمال أو تحيز غير انه يجب أن لا تكون هذه الرقابة بعيدة المدى لأنها قد تقضي على المبادرة و تؤدي بالتالي إلى التبعية للسلطة المركزية، أي لابد من ترك المجال الواسع للموظفين لإدارة قضاياهم بأنفسهم، إلا انه يقتضي عدم ترك الحرية الواسعة إلى المس بحريات المواطنين، لأنه في بعض الأحيان ترك الحرية بصورة واسعة يؤدي إلى المخاطرة قلما ترضي سكان الهيئات المحلية. غير أن هذا لا ينفي رقابة الملائمة لأعمال تقوم بها السلطات اللامركزية إذ أن هناك حالات حددها القانون نفسه أو قوانين خاصة يكون فيها اللجوء إلى أساليب إذن من موظفي الدولة أو موافقة من الممكن أن تؤدي إلى رقابة ملائمة. كما تشمل الرقابة الإذن السابق أو التصديق اللاحق من الحكومة المركزية بحيث لا تصبح تلك الأعمال سارية بدونها(14) ومن أهداف الوصاية الإدارية أيضا:

– شرعية أعمال وتصرفات الأجهزة والسلطات الإدارية، وعلى عدم خروجها وتناقضها وتضاربها مع المصلحة العليا للدولة ومقتضيات ومتطلبات الوظائف والمرافق السيادية والوطنية في الدولة، وعدم الخرو ج من مبدأ مركزية التخطيط ولامركزية التنفيذ الذي يلعب دورا ظاهرا في تحقيق عملية التنسيق بين العمل العام الوطني والعمل العام اللامركزي (المحلي والفني).

– كما أنها تستهدف الرقابة الإدارية الوصائية على الهيئات والسلطات الإدارية اللامركزية ضمان الحفاظ على إقامة وتحقيق التوازن بين المصلحة العامة الوطنية وبين المصالح العامة الجهوية والمحلية.

– كما أنه من أهداف نظام الرقابة الإدارية الوصائية على الوحدات والأجهزة والسلطات الإدارية اللامركزية، هدف التكامل والتعاون حيث يسمح هذا النظام للسلطات الإدارية المركزية بالتدخل للمساعدة والمساهمة عند عجز السلطات الإدارية اللامركزية عن مهمة الاضطلاع بتقديم الخدمات اللازمة لإشباع الحاجات العامة المحلية(15)

4. حدود الوصاية الإدارية وتمييزها عن الأنظمة المشابهة لها:

وعليه سوف نرى حدود الوصاية الإدارية من جهة وتمييزها عن الأنظمة المشابهة لها من جهة أخرى.

1.4 . حدود الوصايا الإدارية:

من المقرر سلفا ضرورة خضوع الوحدات اللامركزية للوصاية الإدارية، بعبارة أخرى أن يكون للهيئات المركزية حق الرقابة والإشراف على الهيئات اللامركزية، فإن القاعدة تقرر أنه لا يجوز أن تبلغ الوصاية الإدارية الحد الذي ينتهي معه استقلال الهيئات اللامركزية، والمسوغ القانوني هنا أن استقلال الهيئات اللامركزية أساس نظام اللامركزية الإدارية وبدونه لا يمكن القول بوجود اللامركزية الإدارية. ومن هنا برزت أهمية الضوابط والضمانات التي تكفل عدم اعتداء السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية وأن تبقى هذه الأخيرة محافظة على استقلالها(16) وأهم هذه الحدود أو القيود هما قيدين وهما:

1.1.4 . المحافظة على استقلال الوحدات اللامركزية:

يشكل استقلال الوحدات اللامركزية الفارق الجوهري الأساسي الذي يميز بين نظام الوصاية الإدارية في اللامركزية الإدارية والرقابة الرئاسية في المركزية الإدارية، يترتب على قاعدة استقلال الهيئات اللامركزية وتمتعها بالشخصية المعنوية النتائج التالية:

– تعبر الهيئات اللامركزية هي صاحبة المبادءة في اتخاذ القرارات، ومباشرة الوظائف والصلاحيات حتى ولو كانت الاختصاصات تحتاج إلى مصادقة سلطة الوصاية.

– لا تملك سلطة الوصاية تعديل قرارات الهيئات اللامركزية، لأن سلطة التعديل من خصائص النظام الإداري المركزي والرقابة الرئاسية.

– لا يقيد مصادقة أو موافقة سلطة الوصاية، على قرار الهيئة اللامركزية مصدرة القرار، فيجوز لها العدول عن هذا القرار رغم المصادقة عليه.

– يسأل الشخص اللامركزية عن أعماله وإن صادقت عليها سلطة الوصاية، وذلك لأن القرار صدر عن الشخص اللامركزي وبإرادته المستقلة، وما التصديق عليه إلا إشعار بعدم الممانعة لتنفيذه(17)

– تصديق السلطة المركزية على قرار الشخص اللامركزي، لا يعني إحلال إرادة السلطة المركزية محل إرادة السلطة اللامركزية، وإنما أثر التصديق ينحصر فقط في نفاذ القرار الذي يكون منسوبا بعد التصديق عليه إلى الشخص اللامركزي الذي أصدره ابتداء. ومن ناحية أخرى قرار الشخص اللامركزي يسري من تاريخ صدوره من هيئته الإدارية، وليس من تاريخ التصديق عليه من السلطة المركزية.

– من حق ممثلي الشخص اللامركزي الطعن في قرارات السلطة المركزية التي تتجاوز فيها حدود الوصاية الإدارية، و يكون الطعن أمام القضاء الإداري (مجلس الدولة) وتلك ضمانة هامة لاستقلال الأشخاص اللامركزية(18)

وبالرجوع إلى قانون البلدية وقانون الولاية في الجزائر نجد ما يلي:

بالنسبة لقانون البلدية تنص المادة الأولى منه على ما يلي: ” البلدية هي الجماعة الإقليمية القاعدية للدولة، وتتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة، وتحدث بموجب قانون”(19) أما بالنسبة لقانون الولاية فنجد المادة الأولى منه تنص على ما يلي: الولاية هي الجماعة الإقليمية للدولة. وتتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة. وهي أيضا الدائرة الإدارية غير الممركزة للدولة وتشكل بهذه الصفة فضاء لتنفيذ السياسات العمومية التضامنية والتشاورية بين الجماعات الإقليمية والدولة. وتساهم مع الدولة في إدارة وتهيئة الإقليم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحماية البيئة وكذا حماية وترقية وتحسين الإطار المعيشي للمواطنين. وتتدخل في كل مجالات الاختصاص المخولة لها بموجب القانون. شعارها هو بالشعب وللشعب. وتحدث بموجب القانون”(20)

2.1.4 . إلتزام سلطة الوصاية المركزية بمبدأ المشروعية:

تمارس الوصاية الإدارية عن طريق القرارات الفردية، وهذه القرارات يجب أن تكون قد استوفت شروط صحتها قانونا، وذلك بعد صدورها من الجهة المختصة وبالشكل والإجراءات القانونية وبناء على سبب يبررها وتهدف لتحقيق الصالح العام وعكس ذلك يعني عدم المشروعية لأنها حدود مستمدة من القانون.

2.4. تمييز الوصاية الإدارية عن الأنظمة المشابهة لها:

حتى يتضح لنا أكثر مفهوم الوصاية الإدارية رأينا أنه من الضرورة تمييزه عن الأنظمة المشابهة لها ولذا سوف نميز بين الوصاية الإدارية والوصاية المدنية ومن جهة أخرى نميز بين الوصاية الإدارية والسلطة الرئاسية.

1.2.4 . التمييز بين الوصاية الإدارية والوصاية المدنية:

نشأت الوحدات اللامركزية الإقليمية ولازالت في بعض النظم كأشخاص معنوية خاصة، ورأى فقه القانون المدني قديما أن للهيئات المحلية وضعا يماثل وضعية القاصر في القانون الخاص، كما أخضعها القضاء العادي الفرنسي بداية للقواعد القانونية التي تحكم ناقصي الأهلية(21) ومما لا شك فيه أن استخدام مصطلح الوصاية يعود أساسا للقانون الخاص وتمت استعارته للقانون الإداري للدلالة على رقابة الإدارة المركزية على الوحدات اللامركزية على الرغم من وجود فارق شاسع بين الوصاية على الوحدات الإدارية اللامركزية والوصاية على القاصر في القانون المدني، والذي يتمثل في الأتي:

– الأشخاص المشمولة بالوصاية الإدارية هي أشخاص معنوية عامة تتمتع بالأهلية الكاملة في مباشرة التصرفات القانونية ولا يعتري أهليتها أي نقص، بينما تنصب الوصاية المدنية على أشخاص طبيعيين عديمي أو ناقصي الأهلية ويقوم الوصي بالتمثيل القانوني للقاصر فيباشر حقوقه ويعمل باسمه بشكل جزئي أو كلي حسب سن القاصر وإدراكه وطبيعة العمل القانوني، فالوصي في القانون المدني يمثل الشخص الموضوع تحت الوصاية ويتصرف باسمه في حين أن الهيئات اللامركزية الإدارية تمثلها وتتصرف باسمها مجالسها و الهيئات المختصة بإدارتها.

– الوصاية الإدارية تتقرر لحماية المشروعية والصالح العام وترتبط بفكرة الاختصاص، ولا ترتبط بفكرة الأهلية كما هو الشأن بالنسبة للوصاية المدنية التي تقرر لحماية مصلحة القاصر.

– تتمتع الهيئات المحلية بالمبادءة في العمل وتمثيل نفسها بنفسها وتصرفاتها مستقلة ومتميزة عن تصرفات جهة الوصاية الإدارية بينما يحل الوصي محل القاصر في تصرفاته إلى حين اكتمال أهليته، وإذا تصرف بمفرده يكون تصرفه باطلا أو قابلا للإبطال(22)

– طبقا لمفهوم الوصاية في المجال المدني يتولى الوصي صلاحية مباشرة أي عمل، وينتج أثاره القانونية إذا تم في الحدود التي رسمها القانون، ويسري هذا التصرف كما لو قام به المعني ( القاصر ) وكان كامل الأهلية، فنحن أمام شخص واحد يملك سلطة التصرف. و إن كنا من حيث الشكل نلاحظ شخصين قاصر و وصي عليه(23) حيث جاء في المادة 51 من قانون الأسرة الجزائري ما يلي: ” من كان فاقد الأهلية أو ناقصها لصغر السن أو جنون أو عته أو سفه ينوب عنه قانونا ولي أو وصي أو مقدم طبقا لأحكام هذا القانون”(24) ، بينما في المجال الإداري فنحن أمام شخصين قانونيين مستقلين يملك كل واحد منهما سلطة التصرف باسمه ولحسابه بالكيفيات وفي الإطار الذي حدده القانون، فلا يتصرف شخص باسم ولمصلحة شخص أخر.

2.2.4 . التمييز بين الوصاية الإدارية والسلطة الرئاسية:

تختلف الوصاية الإدارية عن السلطة الرئاسية من عدة نواحي أبرزها.

1.2.2.4 . من حيث أداة ممارسة الرقابة:

إن رقابة الجهة الوصية (سلطة الوصاية) يجب أن تكون منصوصا عليها قانونا، أي أن رقابة الإشراف لا تمارس ولا يكون لها وجود إلا إذا نص عليها القانون الذي يتولى إثبات سلطة الإشراف ويبين عناصرها وأدواتها القانونية ذلك أنه ” لا وصاية دون نص”. وهذا خلافا للرقابة الرئاسية لا تحتاج ممارستها إلى نص فهي تمارس بصفة تلقائية لأنها من موجبات النظام المركزي الذي يقوم على فكرة السلطة الرئاسية كما بينا ويحدث علاقة ممن التبعية والخضوع بين الرئيس الإداري والمرؤوس.

2.2.2.4 . من حيث طبيعة الرقابة:

إن الرقابة الرئاسية رقابة معقدة تحكمها كثير من الآليات القانونية وهذه الرقابة تجعل الرئيس الإداري في موقع يؤهله من إصدار الأوامر إلى مرؤوسيه سواء كانوا في الوزارة أو غيرها من الوحدات الإدارية وذلك بغرض تنفيذها. كما أنه يراقب هذا التنفيذ. أما سلطة الوصاية فهي رقابة بسيطة من حيث الإجراءات والممارسة لأنها من موجبات النظام اللامركزي الذي يمكن سلطة الوصاية من حيث الأصل من فرض أوامرها وتوجيهاتها بحكم استقلالية الهيئة المحلية أو المرفقية.

3.2.2.4 . من حيث الطعن:

لا يملك المرؤوس في ظل النظام المركزي أن يطعن في قرار رئيسه الإداري بسبب السلطة الرئاسية وهذا ما أقره القضاء الفرنسي. ولأنه لا يعقل أن نعترف من جهة للرئيس الإداري بسلطة إصدار الأوامر والتوجيهات للمرؤوسين بغرض تنفيذها ثم نعطي بالمقابل لهؤلاء حق الطعن في هذه الأوامر ومساءلة رؤسائهم أمام السلطة القضائية. وخلاف ذلك يجوز للهيئة المحلية أن تطعن قضائيا في قرار الجهة المركزية.

4.2.2.4 . من حيث قواعد المسؤولية:

من موجبات السلطة الرئاسية أن يسأل الرئيس عن أعمال المرؤوس لأنه يفترض فيه أنه هو مصدر القرار وأن له حق الرقابة والإشراف والتوجيه. بينما لا تتحمل سلطة الوصاية أية مسؤولية بشأن الأعمال الصادرة عن الجهاز المستقبل(25)

4.2.2.4 . من حيث الهدف:

تهدف السلطة الرئاسية إلى حسن سير العمل الإداري، وضمان مطابقة قرارات المرؤوسين للقانون، وعدم خروجهم على نطاق السلطات الممنوحة لهم، وتنفيذ المهام الموكلة إليهم. في حين تهدف الوصاية الإدارية إلى كفالة احترام مبدأ المشروعية بالنسبة لجميع الأعمال الصادرة من جانب الهيئات اللامركزية من ناحية، وتسعى إلى تحقيق المصلحة العامة المتمثلة في مصلحة الدولة ومصلحة الهيئات اللامركزية التي تشبع الحاجات العامة للمواطنين من ناحية أخرى(26)

4. مظاهر السلطة الرئاسية (وسائلها):

تتجلى مظاهر الرقابة في النظام اللامركزي، في الوصاية الإدارية المبسوطة والمنصبة إما على:

– هيئات ومجالس الإدارة اللامركزية في حد ذاتها.

– أو على الأشخاص والأعضاء في تلك الهيئات.

– أو على الأعمال والتصرفات الصادرة عن الإدارة اللامركزية.

1.4 . الرقابة على الهيئات ذاتها:

إذا كان إنشاء وإلغاء وحدات الإدارة اللامركزية (البلديات مثلا) من اختصاص القانون حيث يتم – عادة – بموجب قانون صادر عن السلطة التشريعية، فإن ذات القانون المنشأ لتلك الوحدات يخول السلطات الإدارية المركزية سلطة إيقاف وحل أجهزة وهيئات الإدارة اللامركزية، دون المساس بوجود الشخصية المعنوية لتلك الإدارة.

1.1.4 . الإيقاف:

يمكن للإدارة المركزية (سلطة الوصاية)، طبقا لشروط والإجراءات القانونية، أن تعمد إلى إيقاف وتعطيل نشاط وسير أعمال مجلس أو هيئة معينة موقتا أي طيلة فترة محددة (شهر مثلا) لاعتبارات معينة تستند إلى مبدأ المشروعية أو مبدأ الملاءمة.

2.1.4 . الحل:

كما قد يخول القانون لسلطة الوصاية أن تقوم بالحل والإزالة والإنهاء الدائم لهيئة من هيئات الإدارة المحلية (المجلس المنتخب)، وهو من أخطر مظاهر الرقابة والوصاية الإدارية لمساسه بمبدأ الديمقراطية والاختيار الشعبي، الأمر الذي استلزم إحاطته بجملة من القيود والشروط حفاظا على أحد ) أركان النظام اللامركزي، والمتمثل في استقلال وحدات الإدارة اللامركزية.(27) وبالرجوع إلى قانوني الولاية والبلدية نجدهما ينصان على حالة الحل:

فقد نصت المادة 13 من قانون البلدية على الحالات التي تستوجب حل المجلس الشعبي البلدي:

في حالة خروق أحكام دستورية.
في حالة إلغاء انتخاب جميع أعضاء المجلس.
في حالة استقالة جماعية لأعضاء المجلس.
عندما يكون الإبقاء على المجلس مصدر اختلالات خطيرة تم إثباتها في التسيير البلدي أو من طبيعته المساس بمصالح المواطنين وطمأنينتهم.
عندما يصبح عدد المنتخبين أقل من الأغلبية المطلقة بالرغم من تطبيق أحكام المادة 11 أعلاه.
في حالة خلافات خطيرة بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي تعيق السير العادي لهيئات البلدية، وبعد إعذار يوجهه الوالي للمجلس دون الاستجابة له.
في حالة اندماج بلديات أو ضمها أو تجزئتها.
في حالة حدوث ظروف استثنائية تحول دون تنصيب المجلس المنتخب(28) .

وفي قانون الولاية نجد المادة 15 منه نصت على حالات حل المجلس الشعبي الولائي وهي:

في حالة خرق أحكام دستورية.
في حالة إلغاء انتخاب جميع أعضاء المجلس.
في حالة إستقالة جماعية لأعضاء المجلس الشعبي الولائي.
عندما يكون الإبقاء على المجلس مصدرا لإختلالات خطيرة تم إثباتها أو من طبيعته المساس بمصالح المواطنين وطمأنينتهم.
عندما يصبح عدد المنتخبين أقل من الأغلبية المطلقة وذلك رغم تطبيق أحكام المادة 11 أعلاه.
في حالة إندماج بلديات أوضعها أو تجزئتها.
في حالة حدوث ظروف استثنائية تحول دون تنصيب المجلس المنتخب(29)

2.4 . الرقابة على الأشخاص:

تمارس السلطة الوصية رقابتها على الأشخاص المعينين بالوحدات اللامركزية، كما لها أيضا، وفق إجراءات معنية، ممارسة وصايتها الإدارية على الأشخاص المنتخبين.

تتمثل أهم مظاهر الرقابة الإدارية على الأشخاص والأفراد القائمين على إدارة وتسيير الهيئات المحلية

في الإيقاف والإقالة والإقصاء النهائي.

1.2.4 . الإيقاف:

يتم توقيف العضو بهيئات الإدارة اللامركزية لمدة محددة عن ممارسة المهام (شهر مثلا)(30) ويكون في حالة إذا تعرض العضو المنتخب إلى متابعة قضائية بسبب جناية أو جنحة لها صلة بالمال العام أو لأسباب مخلة بالشرف ولا تمكنه من متابعة عهدته الانتخابية بصفة صحيحة. بالنسبة للولاية يتم الإيقاف بموجب مداولة من المجلس الشعبي الولائي، ويتم الإعلان عن التوقيف بقرار معلل من وزير الداخلية(31) أما بالنسبة للبلدية فيصدر قرار التوقيف من الوالي(32) وفي حالة صدور حكم قضائي نهائي بالبراءة، يستأنف المنتخب تلقائيا وفوريا ممارسة مهامه الانتخابية.

2.2.4 . الإقالة:

يمكن إقالة العضو المنتخب لأسباب عملية كتوليه مهام إدارية في جهة أخرى.

3.2.4 .الإقصاء النهائي:

أي العزل أو الطرد أو الفصل بسبب إدانته لإرتكاب أعمال مخالفة للقانون (جرائم)(33) ويكون في حالة إذا تعرض العضو المنتخب إلى إدانة جزائية نهائية لها علاقة بعهدته تضعه تحت طائلة عدم القابلية للانتخاب.(34) وفي هذه الحالة يستخلف العضو المقصى بالمترشح الوارد في نفس القائمة بعده مباشرة وهذا الاستخلاف لا يتجاوز مدة شهر(35) و بالنسبة للبلدية فيكون استخلاف العضو المقصى بقرار من الوالي في أجل لا يتجاوز شهرا واحدا.(36) و يتم الاستخلاف بنفس الطريقة في حالة وفاته أو استقالته، حيث تقدم الاستقالة إلى رئيس المجلس بواسطة ظرف محمول مقابل وصل استلام. ويقرر المجلس ذلك بموجب مداولة. ويبلغ الوالي بذلك فورا(37)

3.4 . الرقابة على الأعمال:

منذ البداية يجب استبعاد كل مظاهر الرقابة على أعمال الهيئات اللامركزية إذا ما كانت تمس وتهدر الطابع اللامركزي لتلك الهيئات، سواء كانت رقابة سابقة أو لاحقة.

1.3.4 . الرقابة السابقة( سلطة التوجيه) :

الأصل أن الهيئات اللامركزية، بما لها من استقلال، هي التي تعمل وتتصرف بداءة وأولا طبقا للقوانين التي تحكمها، تفعيلا للمبادرة والتحريك الذاتي، وعليه يجب استبعاد كل مظاهر الرقابة السابقة و القبلية، مثل إصدار الأوامر و التوجيهات والتعليمات من السلطة الوصية، لأن في ذلك مساس باستقلال الوحدات اللامركزية نظرا لتمتعها بالشخصية المعنوية وما يترتب عنها من مسؤولية قانونية عن أعمالها وتصرفاتها.

2.3.4 . الرقابة اللاحقة( سلطة التعقيب):

إذا كان للرئيس في النظام المركزي سلطات واسعة حيال أعمال مرؤوسه، نظرا لمسؤولية الرئيس عن كيفية أداء المرؤوس لتلك الأعمال، فان إقرار مبدأ مسؤولية الهيئات المحلية عن أعمالها يقتضي بالضرورة استبعاد كل رقابة أو وصاية تتنافى مع ذلك. وعليه سوف نرى بالنسبة لسلطة التعديل، والتصديق الإلغاء، والحلول.

1.2.3.4 . بالنسبة لسلطة التعديل:

لا تخول سلطة الوصاية تعديل تصرفات وقرارات الهيئات اللامركزية، لأن ذلك يشكل في الحقيقة أمرا لاحقا لها، من شأنه المس باستقلالها، ولهذا فليس لسلطة الوصاية إلا أن توافق(تصادق) أو ترفض (تلغي) أعمال الإدارة اللامركزية دون إدخال تغييرات عليها بتعديلها أو استبدالها(38)

2.2.3.4 . بالنسبة للتصديق والإلغاء:

تنص القوانين المتعلقة بالإدارة اللامركزية، كما سنرى لاحقا، على أن قرارات ومداولات وتصرفات تلك الإدارة يجب اطلاع السلطة الوصية عليها قبل تنفيذها، وذلك بهدف مراقبة مدى مشروعيتها و ملاءمتها، وبالتالي التصديق عليها أو إلغاءها وفقا للأوضاع والإجراءات و الكيفيات التي يحددها القانون ضمانا لاستقلال الإدارة اللامركزية وهكذا، ورغم تصديق السلطة الوصية، تبقى الهيئة اللامركزية متحملة لكامل المسؤولية التي قد تترتب عن قراراتها، كما يحق لتلك الهيئات الرجوع والتخلي عن تلك القرارات المصادق عليها إذ قدرت ذلك. وفي نفس السياق، فإن سلطة الإلغاء المحدودة والمخولة للسلطة الوصية بالنسبة لبعض القرارات الإدارة اللامركزية، يمكن طلب مراجعتها والطعن فيها أمام السلطات الإدارية (ولائيا أو رئاسيا) أو أمام الجهة القضائية المختصة برفع دعوى قضائية لإلغائها(39) وبالرجوع إلى قانون الولاية نجد المادة 88 منه تنص بشأن المصادقة وهي تتعلق بالمداولات المتعلقة:

بالميزانيات والحسابات.
التنازل عن العقار و إقتناءه أو تبادله.
إتفاقيات التوأمة.
الهيئات والوصايا الأجنبية.

حيث لا تنفذ هذه المداولات إلا بعد المصادقة عليها، ونجد أن جهة المصادقة هنا هي وزير الداخلية(40) ونفس الشيء بالنسبة للبلدية حسب المادة 87 من قانونها، إلا أن جهة المصادقة هنا هي الوالي(41) أما بالنسبة لإلغاء أو البطلان: فتكون باطلة المداولات التي يشارك فيها رئيس المجلس أو أي عضو في المجلس تكون القضية موضوع المداولة سواء كانت المشاركة بأسمائهم الشخصية أو أزواجهم أو أصولهم أو فروعهم إلى الدرجة الرابعة أو كولاء. حيث يلزم كل عضو في المجلس، يكون في وضعية تعارض مصالح، بالتصريح بذلك لرئيس المجلس. وفي حالة ما إذا كان رئيس المجلس في وضعية تعارض مصالح متعلقة به يجب عليه التصريح بذلك للمجلس(42) و يكون الطعن في القرار المعلن عن بطلان المداولة أو القاضي بإلغاءها أو رفض المصادقة عليها من حق المجلس المعني عن طريق رئيسه أمام الجهة القضائية المختصة(43)

3.2.3.4 . بالنسبة للحلول:

يمكن في حالات معينة، للسلطة الوصية أن تحل مكان ومحل الإدارة المحلية للقيام بتصرفات وأعمال هي – أصلا – من صلاحيات واختصاصات هذه الأخيرة.

ولما كان الحلول من أخطر السلطات المخولة لسلطة الوصاية تجاه الوحدات اللامركزية، فإن الأمر استدعى تقييده بشروط تكفل وتضمن استقلال الهيئات اللامركزية، وهو ما يتمثل – أساسا – في ما يلي:

– لا حلول إلا إذا ما ألزم القانون الإدارة اللامركزية بالقيام بعمل معين، كما هو الحال بالنسبة للنفقات الإلزامية.

– تقاعس وامتناع الإدارة اللامركزية رغم إعذارها وتنبيهها، للقيام بذلك العمل(44) . بالرجوع إلى قانون البلدية نجد أن الوالي يحل محل أو مكان السلطات البلدية في القيام بكل الإجراءات المتعلقة بالحفاظ على الأمن العام والنظافة والسكينة العمومية وديمومة المرفق العام، ولاسيما التكفل بالعمليات الانتخابية والخدمة الوطنية والحالة المدنية عندما لا تقوم السلطات البلدية بذلك. ويمكن للوالي تولي هذه السلطات تلقائيا في حالة رفض رئيس المجلس الشعبي البلدي اتخاذها، بعد أن يعذره من أجل القيام بها وانقضاء الأجال المحددة في الإعذار، وكذا في حالة حدوث اختلاف بالمجلس الشعبي البلدي يحول دون التصويت على الميزانية، فإن الوالي يضمن المصادقة عليها تنفيذها (45) .

__________________

1- الدكتور: فوزت فرحات، القانون الإداري العام، الكتاب الأول ، التنظيم الإداري- النشاط الإداري، الطبعة الأولى ، مكتبة الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، . 2004 ، ص 63

2- الأستاذ: محمد الصغير بعلي، (قانون الإدارة المحلية الجزائرية)، دار العلوم للنشر والتوزيع- عنابة – الجزائر، ص 10 و 11

3- المرجع ذاته، ص 11 و ما يليها

4- الدكتور: محمد جمال مطلق الذنيبات ، الوجيز في القانون الاداري: ماهية القانون الإداري ، الطبعة الأولى ، دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان – الأردن، 2003 ، ص 89و 90

5- المرجع ذاته، ص 90و 91

6- الدكتور: عدنان عمرو، مبادئ القانون الإداري ،دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، منشاة المعارف ، الإسكندرية –مصر، 2004 ، ص 107

7- الأستاذ الدكتور: عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الثانية، جسور للنشر و التوزيع، الجزائر، 2007، ص 177

8- الدكتور: عدنان عمرو، المرجع السابق الذكر، ص 108 و 109

9- الدكتور: حسين عثمان محمد عثمان، أصول القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية مصر،2009، ص 328 و 329

10- الدكتور: عمار عوابدي ، القانون الإداري، الجزء الأول ،النظام الإداري، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون- الجزائر، 2002، ص 244

11- الدكتور: محمد باهي أبو يونس، أحكام القانون الإداري، القسم العام ، دار لجامعية الجديدة للنشر الإسكندرية- مصر، 1996 ، ص 321 و 322

12- الدكتور: خالد خليل الظاهر ، القانون الإداري ، الكتاب الأول ، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى ، دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة ،عمان- الأردن، 1998، ص 136 و 137

13- الدكتور: عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظرية العامة في القانون الإداري: دراسة مقارنة لأسس و مبادئ القانون الاداري و تطبيقها في مصر ،منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2003، ص155

14- الأستاذ: حسين فريجه، شرح القانون الإداري، دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون- الجزائر ، 2010، ص 137

15- الدكتور: عمار عوابدي، المرجع السابق الذكر، ص 243 و 244

16- الدكتور: محمد جمال مطلق الذنيبات ، الوجيز في القانون الاداري: ماهية القانون الإداري ، الطبعة الأولى ، دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان – الأردن، 2003 ، ص 95.

17- الدكتور: عدنان عمرو، المرجع السابق الذكر، ص 110

18- الدكتور: محمد رفعت عبد الوهاب، مبادئ و أحكام القانون الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت- لبنان، . 2002 ، ص 136و 137

19- أنظر القانون رقم 11- 10 ، المؤرخ في 22 جوان 2011 . المتعلق بالبلدية الجريدة الرسمية للجمهورية – الجزائرية، العدد 37 ، المؤرخة في 3 جويلية 2011 ، المادة الأولى، ص 7

20- أنظر القانون رقم 12-7 المؤرخ في 21 فيفري 2012 ، المتعلق بالولاية، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 12 ، المؤرخة في 21 فيفري 2012 (، المادة الأولى، الصفحة 8 و9

21- الدكتور: عدنان عمرو، المرجع السابق الذكر، ص 111

22- المرجع ذاته، ص 112.

23-الدكتور عمار بوضياف، التنظيم الإداري في الجزائر بين النظرية و التطبيق، جسور للنشر و التوزيع ، الجزائر ، 2010 ، ص 19

24- أنظر القانون رقم 84- 11 ، المؤرخ في 9 جوان 1984والمتضمن قانون الأسرة المعدل والمتمم بالأمر رقم 5- 2 المؤرخ في 27 فيفري 2005، والموافق بقانون رقم 5- 9 المؤرخ في 4 ماي 2005، المادة، 81.

25- الدكتور: عمار بوضياف، التنظيم الإداري الجزائر بين النظرية والتطبيق، المرجع السابق الذكر، ص 19 و ما يليها.

26- الدكتور: عبد الغني بسيوني عبد الله، التنظيم الإداري، المرجع السابق الذكر، ص 97

27- الأستاذ: محمد الصغير بعلي، قانون الإدارة المحلية الجزائرية ، دار العلوم للنشر و التوزيع ، عنابة – الجزائر2004، ص 22 و 23

28- أنظر القانون رقم 11- 10 المتعلق بالبلدية، لجريدة الرسمية العدد 37 المؤرخة في 3 جويلية 2011، المادة 46 ، ص 11.

29- أنظر القانون رقم 12- 7 المتعلق بالولاية، الجريدة الرسمية العدد 12 المؤرخة في 2829فيفري 2012، المادة 48 ، ص13

30- الأستاذ: محمد الصغير بعلي، قانون الإدارة المحلية الجزائرية، ص 23

31- أنظر القانون رقم 12- 7 المتعلق بالولاية، ا، المادة 45 ، ص 13 .

32- أنظر القانون رقم 11 -10 المتعلق بالبلدية، لجريدة الرسمية العدد 37 المؤرخة في 3 جويلية 2011 المادة 43 ، ص 11.

33- الأستاذ محمد الصغير بعلي، القانون الإداري المحلية الجزائرية، ص 24.

34- أنظر القانون رقم 12- 7 المتعلق بالولاية، المرجع السابق الذكر، المادة 46 ، ص 13

– أنظر القانون رقم 11- 10 المتعلق بالبلدية، المرجع السابق الذكر، المادة 44 ، ص 11 .

35- أنظر القانون رقم 12 -7 المتعلق بالولاية، المرجع السابق الذكر، المادة 41 ، ص 12 .

36- أنظر القانون رقم 11- 10 المتعلق بالبلدية،، المرجع السابق الذكر، المادة 41 ، ص 10 .

37- أنظر القانون رقم 12- 7 المتعلق بالولاية، الرجع السابق الذكر، المادة 42 ، ص 12 .

– أنظر القانون رقم 11- 10 المتعلق بالبلدية، الرجع السابق الذكر، المادة 42 ، ص 12

38- الأستاذ: محمد الصغير بعلي، القانون الإداري، المرجع السابق الذكر، ص 74و75

39- المرجع ذاته، ص 75 و 76

40- أنظر القانون رقم 12 – 7 المتعلق بالولاية، المرجع السابق الذكر، المادة 55 ، ص 11 .

41- أنظر القانون رقم 11 -10 المتعلق بالبلدية، المرجع السابق الذكر، المادة 57 ، ص 12 .

42- أنظر القانون رقم 11- 10 المتعلق بالبلدية، المرجع السابق الذكر، المادة 60 ، ص 12 .

43- أنظر القانون رقم 12 – 7 المتعلق بالولاية، المرجع السابق الذكر، المادة 56 ، ص 14.

– أنظر القانون رقم 11- 10 المتعلق بالبلدية، المرجع السابق الذكر، المادة 61 ، ص 12

44- الأستاذ: محمد الصغير بلعي، قانون الإدارة المحلية الجزائرية، المرجع السابق الذكر، ص 26

45- أنظر القانون رقم 11-10 المتعلق بالولاية، المرجع السابق الذكر، المادة 100 و 101 و 102 ، ص 17 .

أحكام عدم التركيز الإداري :

لعدم التركيز الإداري صورتان: عدم التركيز الخارجي وعدم التركيز الداخلي.

أ – عدم التركيز الخارجي:

وذلك حينما تنتقل سلطة البت في بعض الشؤون الإدارية من يد عضو السلطة المركزية المقيم في العاصمة، الوزير مثلا، إلى عضو آخر يقيم خارجها، كأن يخول مدير الأمن في إحدى الولايات سلطة إصدار القرارات المتعلقة بالمحافظة على النظام العام والآداب العامة بالولاية بدلا من وزير الداخلية.

ب – عدم التركيز الداخلي:

ويكون عدم التركيز داخليا في حالة انتقال سلطة البت في بعض الشؤون الإدارية من الوزير المقيم بالعاصمة إلى أحد العاملين بها المقيمين بمقر الوزارة، كأن يعهد الوزير إلى الأمين العام بالوزارة مثلا، بسلطة التقرير في بعض المسائل(1) .

___________________

1- الدكتور: حسين عثمان محمد عثمان، (أصول القانون الإداري) ، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية-مصر، 2009 ، ص 286

مزايا اللامركزية الإدارية :

إن للامركزية الإدارية عدة مزايا نذكر منها :

– لعل أهم مبررات الأخذ باللامركزية الإدارية أنها تعتبر تطبيقا للديمقراطية في المجال الإداري:

و يتجلى ذلك في إشراك سكان المناطق و الأقاليم في اللامركزية المحلية في تشكيل المجالس و الهيئات الممثلة لهم عن طريق الانتخاب و ما يحققه ذلك من مزايا، تتجسد في تدريب السكان على ممارسة حق الانتخاب، و على اختيار أفضل العناصر التي تصلح لإدارة المرافق المحلية، و في حصولهم على الخبرة و الدراية في ممارسة الشؤون العامة.

– و من ناحية أخرى تخفف اللامركزية الإدارية من العبء الواقع على عاتق الدولة المعاصرة في إدارة المرافق و المشروعات العامة المتكاثرة باستمرار نتيجة لازدياد تدخل الدولة في مجالات و أنشطة جديدة كانت عازفة عنها في الماضي، و ذلك بتولي الهيئات اللامركزية إدارة المرافق و المصالح المحلية، و الهيئات و المؤسسات الإدارية ذات الطابع المتميز.

– تمتاز اللامركزية الإدارية بان الهيئات اللامركزية سواء المحلية او المرفقية تكون أقدر من الإدارة المركزية في إدارة المصالح و المرافق المحلية أو الهيئات و المؤسسات العامة المعترف لها بالشخصية المعنوية بعيدا عن التعقيدات و الاجراءات الإدارية المعقدة التي تعرفها الإدارة المركزية.

– تستطيع الهيئات اللامركزية الإدارية أن تحل المشكلات و تواجه الازمات الطارئة التي تحدث من حين لآخر في النطاق الإقليمي أو في الميدان المرفقي، التي قد تعجز الإدارة المركزية عن مواجهتها أو تفشل في التغلب عليها على مستوى إقليم الدولة ككل(1) .

– هي عنصر تحرير في الإطار الاقليمي أو المحلي.(2)

– الحفاظ على الخصائص المحلية و حمايتها و الحيلولة دون طمسها من خلال أسلوب المركزية

– تسيير الشؤون المحلية يشكل مدرسة لتعليم الديمقراطية و تحمل المسؤوليات: إن الناس الذي يقع عليهم هذا العبء يجب أن يحوزوا ثقة المواطنين الذين ينتخبوهم و الذين يعتبرون مسؤولين أمامهم

– إن المجموعات المحلية تشكل ايضا مكانا مفضلا من أجل اكتساب تجارب مفيدة من خلال الاحتكاك بالحقائق اليومية(3)

– إن نظام اللامركزية باعترافه للسلطات اللامركزية بالشخصية المعنوية مع ما يترتب عليها من التمتع بذمة مالية مستقلة يسمح لها بزيادة الموارد المالية لهذه السلطات عن طريق التبرعات أو الهبات و الوصاية فضلا عن الضرائب المحلية(4)

– اللامركزية المحلية تحقق استجابة حقيقية و سريعة لحاجات الوحدات الإقليمية باعتبار أن القرارات تتخذ عن طريق مجالس محلية منتخبة تمثل أصحاب الحاجات انفسهم و تعايش مشاكلهم اليومية، في حين أن المركزية الإدارية يلزم الرجوع دائما إلى العاصمة بعيدا عن مكان الحاجة و حيث تدخل الامور دهاليز السلطة المركزية بما قد يؤدي إليه من تعطيل و من خروج القرار بما لا يتفق و حاجات الناس الحقيقية.

– من شأن اللامركزية المرفقة التحرر من الروتين الحكومي و إمكانية الاستعانة بأفضل الخبراء و المختصين بما من شأنه أن يعطي النشاط الإداري منفعة كبيرة إلى الامام للحصول على أفضل النتائج تحقيقا للمصلحة العامة(5)

– كفالة حسن سير المرافق العامة، يؤدي اتباع اسلوب اللامركزية الإدارية إلى تحقيق حسن سير المرافق المحلية، إذ يجنبها الابطاء و الروتين في أداء أعمالها .

– تتناسب مع ازدياد و تنوع أعمال الإدارة: لا جدال أن اعمال الإدارة وواجباتها إزاء الأفراد قد تنوعت و تشعبت في الوقت الحاضر لدرجة يصعب معها على السلطة المركزية أن تواجهها بأجمعها، لذلك فإن توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية و الهيئات اللامركزية من شأنه ان يخفف عن كاهل السلطة المركزية و يمكنها من أداء وظائفها على نحو أفضل من اضطلاعها وحدها بكامل الوظيفة الإدارية الامر الذي قد يتعذر عليها القيام به نظرا لتشعب و تنوع الاختصاصات الإدارية في الوقت الحاضر.

– أكثر عدالة من المركزية الإدارية: تكفل اللامركزية الإدارية قدرا من العدالة و ذلك من ناحية توزيع الضرائب العامة على المرافق المختلفة مما يؤدي إلى عدم طغيان مرافق العاصمة و المدن الكبرى على مرافق الأقاليم(6).

– إن اللامركزية الإدارية كأسلوب للتنظيم الإداري يؤدي إلى تحقيق الكفاية الإدارية و الفعالية في أداء

الوظيفة الإدارية: حيث تنتقل إلى أصحاب الحاجة مهمة القيام بها، و من ثم تضمن تأديتها على أفضل وجه، لأن من يريد خدمة معينة هو الذي يتولاها بنفسه.

– كما تستطيع الهيئات اللامركزية القيام بالإصلاح الإداري و تقديم الخدمات : حيث تتعدد اساليب اداء الخدمات بتعدد الحاجات فلا يكون هناك أسلوب واحد لتأدية كل الخدمات مهما تنوعت وفي كل الأماكن و تكون مطابقة لحاجات الافراد على غرار القول أن أهل مكة ادرى بشعابها(7).

– تدريب المواطنين على الاهتمام بالشؤون العامة و ربطهم بالنظام السياسي الحاكم يتيح نظام اللامركزية الإدارية الفرصة للمواطنين للتدرب على ممارسة المهام العامة مما يؤهلهم للقيام بها على المستوى القومي، فاللامركزية تشكل مدرسة سياسة و إدارة للمنتخبين.

– تشكل اللامركزية الإدارية علاجا للمشاكل السياسية: إذ تتيح للدول المتعددة القوميات و الديانات من إدارة شؤونهم بأنفسهم مما يتيح لهم نوعا من التجانس يسمح لهم بالتميز في خدمات مرافقهم الثقافية، فيقلل من معارضتهم للنظام الذي لا يستطيع استيعابهم في المرافق المركزية، كما يساعد الحكومة المركزية على الصمود أمام العدوان الخارجي و الثورات الداخلية من حيث أنه يخلق بديلا مؤهلا لاستمرار عمل الحكومة المركزية من أي اقليم من الاقاليم في حالة سقوط العاصمة.

– تعتبر اللامركزية عاملا من عوامل التنمية الاقتصادية و الاجتماعية: فلا تستحوذ العاصمة في ظل النظام اللامركزي على كل الثروة و السلطة و متطلبات البنية التحتية للاستثمار العام و الخاص بل يتوزع ذلك على مختلف الأقاليم، مما يقلل من حدة الهجرة الداخلية و اكتظاظ السكان و تلوث البيئة في العواصم و المدن الكبرى، كما انه يشجع السكان على المساهمة في تنمية أقاليمهم و تطويرها فخطة التنمية بلا مرتكزات إقليمية هي خطة كسيحة، في حين لا يرى الفلاحون أو المسؤولون المحليون فيه الصورة الحسية التي تأخذها الخطة بالنسبة إليهم، فإنهم يعجزون عندئذ عن فهمها و اسنادها و اتخاذ مبادرات محتملة في سبيلها(8)

– يشكل نظام اللامركزية الإدارية مجالا حقيقيا لترقية ممارسة الحريات العامة

– يمكن تبرير الأخذ باللامركزية الإدارية استنادا على مبدأ مركزية التخطيط و لا مركزية التنفيذ، حيث توضع الخطة العامة بالدولة من طرف الإدارة المركزية (هيئات التخطيط الوطنية)، و لا يمكن تجسيده و تطبيقها إلا بواسطة أجهزة و هيئات لا مركزية موجودة على مستوى المحلي.(9)

– تساعد على تدريب قيادات سياسية جديدة في الدولة: فنجاح عضو مجلس محلي في إدارة الشؤون المحلية و الدفاع عنها يعد دون شك عاملا مساعدا لترشيحه للانتخابات البرلمانية.

– الاستقلالية في الإدارة: تحقق اللامركزية الإقليمية استقلالية إدارة الشؤون المحلية، إذ يتولى أبناء الوحدة المحلية إدارة شؤونهم الخاصة بحرية شبه تامة وفقا لرغبات سكان الوحدة المحلية ذاتها.(10)

– ظهور نوع من التفاوض و التعاون فيما بين أفراد الجماعة الواحدة: فتضافر جهودهم من أجل بلوغ هدف واحد منشود، فالمجالس المنتخبة على مستوى المحلي تضم أشخاصا يقيمون في مكان واحد و يحملون مؤهلات مختلفة و ينتمون ربما إلى طبقات و تمثيلات سياسية مختلفة و رغم هذا جهدهم اتحد من أجل التنمية المحلية.

– يضمن النظام اللامركزي تطبيق مبدأ تقريب الإدارة من الجمهور كما يكفل تبسيط الإجراءات بحكم إمكانية البث في كثير من القرارات على المستوى المحلي(الولاية أو البلدية ).

– اللامركزية تعني المرونة و الحركة و النشاط و المشاركة في اتخاذ القرار(10)

– إن أسلوب النظام الإداري اللامركزي وسيلة جديدة لتطبيق علم الإدارة العامة في المجال العلمي و التطبيقي: مثل مبدأ التخصص و تقسيم العمل و تفويض سلطة الاختصاص، و ذلك لكون نظام اللامركزية الإدارية وسيلة قانونية و فنية لتفتيت و توزيع سلطة الوظيفة الإدارية في الدولة بين السلطات الإدارية المركزية و السلطات الإدارية اللامركزية.

– اللامركزية الإدارية تفجر عبقرية الزمان و المكان في الدولة(11)

– عدم إمكانية اختفاء الرؤساء الفاشلين خلف الرؤساء الناجحين .

– سرعة اتخاذ القرار

– الاعتماد و الاهتمام بالظروف المحلية و تكييف السياسات و الاهتمامات وفقها

– توزيع الخبرات و التجارب و تكوين قيادات ناجحة قادرة على تحمل المسؤولية.

– توازن السلطات و المسؤوليات.

– رفع الروح المعنوية للمديرين و الرؤساء في المستويات الإدارية المختلفة لشعورهم بالمشاركة الإيجابية.

– مخاطر القرارات الضعيفة موزعة، فهي تؤثر على إدارة واحدة أو قسم واحد بدلا من التأثير على المنظمة كلها أو عدد من الإدارات(12) .

____________

1- الدكتور: عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظرية العامة في القانون الإداري: دراسة مقارنة لأسس و مبادئ القانون الاداري و تطبيقها في مصر ،منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2003 ص 160 و 161

2- الدكتور سعد جورج، القانون الإداري العام و المنازعات الإدارية، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية،

. بيروت – لبنان، 2006 ، ص 29

3- الأستاذ : أحمد محيو، محاضرات في المؤسسات الإدارية، ترجمة للدكتور: عرب صاصيلا، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون- الجزائر2006 ، ص 112 و 113

4- الأستاذ : الدكتور : ماجد راغب الحلو، القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية- مصر، 1996 ، ص 100

5- الدكتور: محمد بكر حسين، الوسيط في القانون الإداري، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية- مصر 2006 ، ص 103

6- الدكتور: هاني علي الطهراوي، القانون الإداري : التنظيم الإداري – النشاط الإداري، الطبعة الأولى ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، عمان- الأردن،2009 ، ص 159 و 160

7- الدكتور : محمد جمال مطلق الذنيبات ، الوجيز في القانون الاداري: ماهية القانون الإداري ، الطبعة الأولى ، دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان – الأردن، 2003، ص 96 و 97

8- الدكتور : عدنان عمرو، مبادئ القانون الإداري ،دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، منشاة المعارف ، الإسكندرية –مصر، 2004 ، ص 122 و ما يليها.

9- الاستاذ: محمد الصغير بعلي، القانون الإداري: التنظيم الإداري- النشاط الإداري، دار العلوم للنشر والتوزيع، عنابة- الجزائر، 2004 ، ص 79 و 80

10- الدكتور: علي خطار شطناوي، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الأولى ، دار وائل للنشر و التوزيع عمان –الأردن، 2003، ص 166 و 167

11- الدكتور: عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الثانية، جسور للنشر و التوزيع، الجزائر، 2007، ص 183 و ما يليها.

12- الدكتور عمار عوابدي ، القانون الإداري، الجزء الأول ،النظام الإداري، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون- الجزائر، . 2002 ص 249

عيوب اللامركزية الإدارية :

أما عن عيوب نظام اللامركزية الإدارية فلا تنشأ في الحقيقة إلا نتيجة لسوء تطبيقه، ففي حالة ضعف أو انعدام رقابة السلطة المركزية يخشى أن تسيء الهيئات اللامركزية استخدام سلطاتها، أو تفضيل المصالح المحلية أو الخاصة على المصلحة العامة، و قد يؤدي ضعف الإمكانيات الفنية أو المالية للسلطات اللامركزية مع سلبية السلطة المركزية إلى فشل هذه السلطات ورداءة أعمالها(1) و يمكن إجمال بعض العيوب لأسلوب اللامركزية الإدارية تتمثل في:

– نظام اللامركزية يمس بالوحدة الإدارية للدولة: نظرا لتوزيع الوظيفة بين السلطات المركزية و الهيئات اللامركزية كما يؤدي هذا النظام إلى تغليب المصالح المحلية على المصالح الوطنية لأن كل هيئة تهتم بمصالحها الخاصة الإقليمية دون المصالح الوطنية، غير انه يمكن الابتعاد عن هذا العيب عن طريق رقابة السلطة المركزية على أعمال الهيئات المحلية و إلى إجبارها أن تعمل في إطار الصالح العام.

– الإسراف في النفقات و الافتقار إلى الخبرة: يمكن أن تقوم الهيئات الإدارية اللامركزية بكثرة الإنفاق للمال العام في مباشرة وظيفتها الإدارية، كما ينقص الهيئات المحلية المختصين في كل المجالات الإدارية المتخصصة و بالتالي فإن موظفي الهيئات المحلية يحتاجون إلى التدريب للإطلاع على ما يجري.

– يؤدي تطبيق اللامركزية إلى نشوب التنافر و المنازعات: قد يترتب على نظام اللامركزية الإدارية، العمل على خلق التنابذ و التنافر بين الهيئات اللامركزية و السلطات المركزية أو بين الهيئات اللامركزية ذاتها(2)

– تؤدي أحيانا اللامركزية إلى إضعاف السلطة المركزية و إلى منح الأولوية للمصالح الضيقة على حساب المصالح الوطنية العليا.(3)

– تعقيد الأمور: تؤدي اللامركزية الإقليمية إلى تعدد و تنوع الأشخاص المعنوية العامة و تتعدد الميزانيات مما يعد خروجا على قاعدة وحدة الميزانية و تعدد و تنوع قواعد المسؤولية، و زيادة الإنفاق العام و ازدياد نفقات تسيير الهيئات اللامركزية الإقليمية.

– سوء إدارة الشؤون المحلية: قد يؤدي تطبيق اللامركزية الإقليمية في بعض الدول و على الأخص الدول التي لم تتأصل فيها بعد القواعد و الأسس الديمقراطية إلى سوء إدارة الشؤون المحلية، أو إدارتها بصورة سيئة مما يضر بالمصلحة العامة(4)

– عدم قدرة المجالس الإدارية اللامركزية بحجمها و إمكاناتها الإدارية و المالية و الفنية على مواكبة متطلبات العصر، و ما يقتضي ذلك من ضرورة وضع خطة إنمائية شاملة تطبق على مستويات إدارية واسعة، كما أن اللامركزية المرفقية تؤدي إلى تبذير الأموال العامة، و إلى زيادة النفقات الإدارية و تعويضات الموظفين.

– قد يشجع وجود مجتمعات محلية ضمن كيانات جغرافية مغلقة على العزلة و الابتعاد عن الحياة الوطنية، و هذا ما قد يساهم في إقامة جدار عال بين المجتمعات المحلية نفسها و بين مجتمعات أخرى ضمن الوطن الواحد. و هذا التخوف قد يصبح جديا إذا غذته عوامل ثقافية و دينية متنوعة(5)

– أعاب بعض الفقهاء على النظام اللامركزي كونه يؤدي إلى ظاهرة عدم التجانس في القيام بالعمل الإداري و ذلك بسبب لجوء ممثلي الإدارة المحلية خاصة المنتخبين منهم إلى تفضيل الشؤون المحلية على الوطنية(6)

– يعاب على الهيئات اللامركزية أنها تواجه اهتمامها إلى المرافق المحلية على حساب المرافق القومية ( الوطنية ).

– الرد على انتقاد اللامركزية الإدارية:

يرى أنصار اللامركزية الإدارية أن هذه الانتقادات مبالغ فيها، و ردوا عليها بان وحدة الدولة غير مهددة على الإطلاق لأننا بصدد تطبيق لامركزية إدارية و ليس الأخذ باللامركزية السياسية من ناحية، و إن السلطة المركزية لها حق الرقابة و الإشراف على الهيئات اللامركزية و على أعمالها عن طريق الوصاية الإدارية. كما انه لا خوف على وحدة الدولة الإدارية.

لأن اللامركزية الإدارية تباشر أعمالها في نطاق محدود و يتمثل في المصالح المحلية في اللامركزية الإقليمية، و في مرفق محدد بذاته في اللامركزية المصلحية أما القول بافتقار الهيئات اللامركزية إلى الخبرة و الدراية، فهذا أمر طبيعي بالنسبة للهيئات، إذ لا يعقل أن تقاس خبرة هذه الهيئات بخبرة الإدارة المركزية، خاصة في بداية تطبيق اللامركزية الإدارية. بيد أنه مع مرور الزمن، و عن طريق المساعدة الفنية من جانب السلطة المركزية ستتمكن الإدارة اللامركزية من اكتساب قدر معقول من الخبرة و الدراية في الشؤون الإدارية. و بالنسبة للقول أن اللامركزية الإدارية تحمل خزانة الدولة نفقات كبيرة هي في غنى عنها، فقد ردوا على ذلك بأن معظم نفقات الهيئات اللامركزية تحصل عليها من الضرائب و الرسوم المحلية التي تفرضها على سكان الإقليم، و تتحصل على الباقي من خزانة الدولة. و يرون أن حصول الهيئات اللامركزية و خاصة منها على قسط من احتياجاتها المالية من ميزانية الدولة يحقق العدالة في تقديم الخدمات العامة، و إنشاء المرافق و المشروعات العامة بين سكان الأقاليم و المدن الصغيرة و القرى و سكان المدن الكبيرة.

و أخيرا، يرى أنصار اللامركزية الإدارية أن المنازعات التي تنشب بين الهيئات اللامركزية و الإدارة المركزية، أو بينها و بين هيئات لامركزية أخرى بسبب المنافسة فيما بينها، تقع في بداية تطبيق اللامركزية الإدارية، و أنه يمكن التغلب عليها و حلها بتوجيه و نصح من جانب السلطة المركزية، أو عن طريق الالتجاء إلى القضاء لحسم هذه المنازعات(7) و يعلق الدكتور سليمان الطماوي على ذلك بقوله: ” إننا لا نحبذ المبالغة في الخوف من أخطاء الشعوب، لأن الشعوب لا تتعلم إلا إذا أخطأت، و خير لها أن تتعلم عن طريق الخطأ من أن تبقى جاهلة خوفا من الخطأ “(8) .

_______________

1- الدكتور: ماجد راغب الحلو، القانون الإداري،دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية- مصر، 1996، ص 101

2- الأستاذ: حسين فريجه، شرح القانون الإداري، دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون- الجزائر ، .2010، ص 143 و 144

3- الدكتور: جورج سعد، القانون الإداري العام و المنازعات الإدارية، الطبعة الأولى ، منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت- لبنان، 2006، ص 29

4- الدكتور: علي خطار شطناوي، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الأولى ، دار وائل للنشر و التوزيع ، عمان –الأردن، 2003 ص 168 و 169

5- الدكتور: فوزت فرحات، القانون الإداري العام، الكتاب الأول ، التنظيم الإداري- النشاط الإداري، الطبعة الأولى ، مكتبة الحلبي الحقوقية، بيروت- لبنان، 2004 ، ص 69

6- الدكتور: عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، الطبعة الثانية، جسور للنشر و التوزيع، الجزائر، 2007، ص186

7- الدكتور: عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظرية العامة في القانون الإداري: دراسة مقارنة لأسس و مبادئ القانون الاداري و تطبيقها في مصر ،منشأة المعارف، الإسكندرية- مصر، 2003 ، ص 162 و 163

8- الدكتور: هاني علي الطهراوي، القانون الإداري : التنظيم الإداري – النشاط الإداري، الطبعة الأولى ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، عمان- الأردن، . 2009 ، ص 162

مزايا عدم التركيز الإداري :

ويمكن إجمال مزايا عدم التركيز الإداري كصورة معتدلة ومطورة لنظام المركزية الإدارية بما يلي (1) :

– إن هذه الصورة هي وحدها القادرة على مواجهة مشاكل الدولة المتعددة والمنتشرة في كافة أرجاء الأقاليم فالوزير لا يستطيع أن يكون في كل مكان في وقت واحد ولا يستطيع من مكتبه في العاصمة أن يقرر لكل إقليم ما يتعلق بنشاط وزارته، فلا بد إذن من أن يستعين بغيره في العاصمة وغيرها ويترك لهم بعض الاختصاصات. ويجعل أو يمنح لهم فيها سلطة التقرير.

– إن عدم التركيز الإداري هي الصورة التي تتيح للوزير الوقت اللازم لدراسة الموضوعات الهامة دراسة جدية لاسيما إذا أوكل الاختصاص داخل الوزارة إلى أشخاص ذي كفاءة وخبرة يمكن الاعتماد عليهم في تصريف شؤون الإقليم.

– إن موظفي الوزارة المنتشرين في أجزاء الدولة هم الأقدر على حصر الحاجات المحلية وكيفية مواجهتها وذلك بحكم اتصالهم المباشر بالقاطنين فيها.

– إن عدم التركيز الإداري صورة تتيح إعداد الموظفين وتهيئتهم لتحمل المسؤولية و تؤهلهم مستقبلا لشغل الوظائف القيادية، لذلك فإنه من حسن الإدارة أن تخول بعض الصلاحيات إلى المدير الأعرف بالأقاليم.

– ومن ثم يتدربون على إتخاذ القرارات في الشؤون المتعلقة بالإقليم.

– إن اعتماد عدم التركيز الإداري لا يؤدي إلى الإخلال بوحدة الجهاز الإداري فالوزير يحتفظ بالسلطة الرئاسية التي تخوله التعقيب على أعمال المدراء والموظفين في الإقليم.

– خطوة في سبيل اللامركزية لأنها ستحقق المزايا مما يجعل المشرع يعترف لهذه الوحدات بالاستقلال والشخصية المعنوية لأنه يصعب الاعتراف المفاجئ بقيام أشخاص إدارية تتمتع ابتداء ومنذ مولدها بالشخصية المعنوية العامة(2)

_______________

1- الدكتور: محمد جمال مطلق الذنيبات، (الوجيز في القانون الإداري: ماهية القانون الإداري)، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2003 ، ص 74 و 75

2- الأستاذ : جعفر أنس قاسم، ( أسس التنظيم الإداري والإدارة المحلية بالجزائر)، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون- الجزائر، 1988 ، ص 16

خصائص المركزية الإدارية :

النظام المركزي يتميز بميزتين أو خاصيتين:

– أننا إذا أخذنا بالنظام المركزي كاملا فهذا يعني أننا سوف نركز المرافق العامة كلها في يد شخص واحد من أشخاص القانون العام وهو “الدولة” فتكون كل المرافق تابعة لها تنظمها جميعا ميزانية واحدة هي ميزانية الدولة، ويديرها موظفون يعدون من عمال الدولة يعملون باسم الدولة ولحسابها، فلا يترك شيء ذو أهمية تديره أشخاص القانون العام الأخرى.(1)

– والنظام المركزي يتميز من ناحية أخرى بخضوع الموظف لرؤسائه خضوعا كاملا، يتقبل منهم التعليمات ويكون لهم عليه حق التوجيه وحق الرقابة، فيستطيع الرئيس- طبقا لما له من السلطة الرئاسية أن يراقب قرارات المرؤوس فيقرها أو يلغيها، وهذا الخضوع يتدرج بتدرج السلم الرئاسي حتى يصل في النهاية إلى الوزير، فيكون له – وهو في العاصمة – أن يصدر التوجيهات إلى سائر أنحاء البلاد ينفذها مرؤوسه المباشر، الذي يمليها بدوره من دونه حتى تصل في النهاية إلى أقصى الأقاليم. فالنظام المركزي يتميز بهاتين الميزتين: أن تركز جميع السلطات الإدارية في يد الدولة وحدها دون أشخاص القانون العام الأخرى، وأن يكون المرجع في النهاية هو الوزير الذي يصدر القرارات التي تنظم شؤون الأقاليم القريبة والبعيدة وهو جالس في العاصمة وذلك طبقا لما تخوله له السلطة الرئاسية(2) .

________________

1- الدكتور: محمد باهي أبو يونس، (أحكام القانون الإداري- القسم العام)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية-

. مصر، 1774 ، ص 302

2- الدكتور: مصطفى أبو زيد فهمي، (الوسيط في القانون الإداري: تنظيم الإدارة العامة)، الجزء الأول، دار الهدى

. للمطبوعات، الإسكندرية- مصر، 1779 ، ص 92

التركيز الإداري :

قد تأخذ المركزية الإدارية، صورة لا يكون فيها للدرجات الدنيا حق إتخاذ أي قرارات، بل تقتصر مهامها على مجرد التنفيذ المادي لما يصدر من السلطة الرئاسية من توجيهات وتعليمات وأوامر، وفي هذه الصورة نكون بصدد تركيز إداري بحت، وهي صورة أولية للمركزية الإدارية، وجدت الحاجة إليها مع بداية ظهور الدول بشكلها الحديث حيث كان يبدو ضروريا تقوية السلطة المركزية في مواجهة الرغبات الانفصالية التي تبدو من بعض أصحاب السلطان الزائل، وفي هذه الصورة قد تكفل السلطة المركزية للأجهزة الإدارية المختلفة أو لبعضها، إبداء رأيها في بعض الأمور الفنية أو اقتراح مشروعات القوانين والقرارات، كما قد يكون هناك تغاير في أسلوب الإدارة بين مختلف أجزاء إقليم الدولة، ولكن هذا كله لا يقلل من كوننا بصدد مركزية إدارية بحتة، ذلك أنه كلما كانت سلطة إتخاذ القرار النهائي بيد السلطة المركزية في العاصمة فإننا نكون بصدد مركزية إدارية مطلقة، فالعبرة بمن يتخذ القرار، هل هي السلطة المركزية أم السلطة المحلية؟ (1). ولقد أطلق جانب من الفقه على هذه الصورة من صور المركزية اسم الوزارية أو المركزية المتطرفة وذلك إبرازا لمدى ما يتمتع به الرئيس الإداري الأعلى من سلطة في مباشرة الوظيفة الإدارية(2) والتركيز الإداري الكامل قليل الحدوث عملا ومنتقد من الناحية التنظيمية. ويعتبر حسن توزيع سلطة اتخاذ القرارات بين أعضاء الجهاز الإداري من أهم أسباب نجاحه في أداء مهامه. وقد تأكد بالدراسة والتجربة أن تركيز سلطة إصدار القرارات والفصل في مختلف الأمور اللازمة لتشغيل الإدارة في يد رئيسها الذي يحتل أعلى درجات سلمها الإداري يؤدي إلى عجزه عن تصريف شؤونها، فيضطر في النهاية وتحت ضغط كثرة العمل إلى الموافقة والتوقيع بلا فحص أو دراسة كافية على ما يعرض عليه من أوراق وملفات يعدها موظفون غير مسؤولين عما تتضمن من قرارات. كما يؤدي تركيز سلطة إصدار القرارات في يد الرئيس الإداري الأعلى إلى إضاعة الوقت وإطالة الإجراءات وتعطيل الأمور دون مبرر مقبول، وقد أثبتت التجارب ذلك(3) بالإضافة لذلك فإن هناك صعوبة شديدة في إصدار الهيئة المركزية لقرارات تتناسب مع الظروف القومية والإقليمية والمحلية لكل أجزاء الدولة التي قد تتعدد حاجياتها وتتنوع وتختلف قوميتها وأمزجتها وفي ظل هذا النظام يوجد موظفين عاملين في جميع قطاعات الدولة يكون الغرض منهم، كما يقول الأستاذ “شارل ديباش” هو تسهيل الاتصالات بين الإدارة والأفراد ويظلون خاضعين للسلطة الرئاسية ولا يتمتعون بأية سلطة خاصة بهم فهم كما يرى بمثابة صناديق بريد يجمعون الملفات ويعدون الدراسات ثم يرسلونها جميعا للعاصمة حيث السلطة التي تملك اتخاذ القرار(4).

________________

1- الدكتور: محمد بكر حسين، (الوسيط في القانون الإداري)، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية-مصر، 2006 ص 62

2- الدكتور: هاني علي الطهراوي ، (القانون الإداري: ماهية القانون الإداري- التنظيم الإداري- النشاط الإداري)، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2007 ، ص 131

3- الأستاذ الدكتور: ماجد راغب الحلو، (القانون الإداري)، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية-مصر، 1996 ، ص 102 و 103

4- الأستاذ: جعفر أنس قاسم،( أسس التنظيم الإداري والإدارة المحلية بالجزائر)، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون- الجزائر، 1988 ، ص 15

أسباب الأخذ بالمركزية الإدارية :

هنالك عدة أسباب تبرر الأخذ بأسلوب المركزية الإدارية نذكر منها:

حداثة المنظمة أو المشروع:

لأن المنظمة الحديثة الإنشاء أو المشروع الجديد يكون عادة في مرحلة تجريبية ويهم رئيسه الأعلى أو شاغلوا وظائفه الرئيسة الوقوف على صعوبة التنفيذ ومراقبة طريقة البت في الأمر، وفي سبيل التغلب على ما قد يواجه العمل من صعوبات أو مشكلات ولدراسة كل ما يقتضي تحوير وسائل التنفيذ.

الرغبة في توحيد القرارات:

وذلك في الحالات المماثلة التي تتناولها منظمات متعددة لها رئاسة واحدة ولا يكون من المناسب فيها استقلال كل منظمة بسلطة اتخاذ القرار، فمثلا قد لا يكون من المناسب إعطاء سلطة اتخاذ القرار لكل رئيس وحدة من وحدات وزارة ما في تقييم نشاط العاملين بوحدته وتقديرها بدرجة مئوية، حيث يكون بعضهم أكثر سخاء من غيره، وكذلك في تقدير المكافآت التشجيعية للعاملين، وأيضا في الخدمات العامة التي تقدم للمواطنين وتعتمد في تقديرها على التقدير الشخصي من الرئيس دون قاعدة محددة.

الرغبة في زيادة الاهتمام بناحية عمل معينة لها خطورتها:

مثل الرقابة والتفتيش والشكاوى والأمن في الشركات الإقتصادية وفي الهيئات العامة وتبعيتها لرئيس مجلس الإدارة مباشرة لاهتمامه بها، وكذلك مثل التدريب حيث يتوفر في أغلب الوزارات والهيئات في إدارة مركزية تختص به بدلا من توزيعه على إدارات المنظمة، وكذلك على مستوى الدولة كما نشاهد في جمهورية مصر العربية نجد أجهزة مركزية تتولى موضوعات في قمة اهتمام الدولة مثل الجهاز المركزي للحاسبات الذي يتولى الرقابة المالية، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الذي يتولى الإصلاح الإداري والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي يتولى سياسة التعبئة العامة كما ترجع إليه جميع أجهزة الدولة في البيانات الإحصائية(1)

النواحي المشتركة في وحدات المنظمة:

التي يهم المنظمة تنسيقها وتكاملها، مثل التخطيط حيث لا يترك لكل وحدة سلطة البت في خطتها وإنما ترتفع الخطط كلها مع التسلسل الرئاسي حتى تتجمع لدى الرئاسة العليا لتنسيقها واتخاذ قرار اعتمادها وكذلك الحال بالنسبة للميزانية، وبرامج العلاقات الإنسانية للعاملين…الخ.

عدم الثقة في كفاءة العاملين وحسن تصرفهم:

مما يدعو الرؤساء إلى عدم تفويضهم في اتخاذ القرار.

سهولة الاتصال بين الوحدات الفرعية والرئاسية الأعلى:

تعتبر عاملا مساعدا عندها تستحب المركزية بسبب مبررات أخرى، مثل تجميع الوحدات في مكان واحد أو سهولة الاتصال التليفوني.

التداخل بين الأنشطة:

كلما زادت درجة التداخل بين الأنشطة يكون الأفضل تطبيق المركزية في اتخاذ القرارات وذلك لكي يمكن الحصول على جميع المعلومات اللازمة لإتخاذ القرارات من مصدر واحد.(2) .

__________________

1- غنام غنام، )المركزية واللامركزية الإدارية(، برنامج ماجستير، الإدارة التربوية، جامعة القدس-أبو ديس، الفصل

الدراسي الأول، 2007 .)موقع وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية: الفلسطينية:ص5

2- المرجع ذاته، ص 6 و 7

مزايا المركزية الإدارية :

يحقق النظام المركزي العديد من المزايا المهمة على الصعيد السياسي والإداري والاقتصادي والاجتماعي ومن بين هذه المزايا ما يلي:

– قوة السلطة التنفيذية:

يؤدي النظام المركزي الإداري إلى وجود و قيام سلطة تنفيذية قوية تساعدها على نشر نفوذها وفرض هيمنتها على جميع سكان الدولة وجميع أرجاء إقليمها، وتبرز أهمية قوة السلطة التنفيذية في الدول حديثة الاستقلال والدول التي تنتشر وتكثر فيها النزاعات الانفصالية الإقليمية، فوجود تنظيم مركزي يساعد ويضمن وحدة إقليم الدول ويحول دون تفكك سلطتها السياسية.

– الوسيلة الوحيدة لأداء وتقديم الخدمات العامة وإدارة بعض المرافق العامة:

يعد التنظيم المركزي الوسيلة الوحيدة الملائمة لإدارة بعض المرافق العامة وأداء بعض الخدمات العامة وتوزيع أعبائها المالية على جميع أبناء الوطن، أي تمويل هذه المرافق العامة الوطنية عن طريق الخزينة العامة، ناهيك عن إمكانية التنسيق السهل بين هذه المرافق العامة(1)

– تحقيق العدالة والمساواة:

يؤدي النظام المركزي الإداري إلى قيام إدارة عامة حيادية ومحايدة وبعيدة عن الخلافات السياسية المحلية، مما يظهر ويبرز بشكل واضح عدالة ومساواة التنظيم المركزي، فعمومية هذا التنظيم تجعله محايد كحياد القانون، إذ أن السلطات المركزية ترى الأشياء بتجرد تام دون أن تقحم نفسها في الخلافات والتحريات السياسية المحلية، فإشراف الحكومة المركزية على المرافق العامة في جميع أرجاء الدولة يؤدي إلى وحدة وتجانس المنافع والخدمات المقدمة إلى الأفراد، وبذلك تتحقق عدالة ومساواة جميع أفراد الشعب أمام الخدمات العامة.

– وحدة النظم الإدارية المطبقة:

يؤدي النظام المركزي الإداري إلى تحقيق وحدة وتجانس النظم الإدارية المطبقة وذلك لوحدة المصدر الذي تنبثق عنه هذه النظم، إذ تسعى السلطة المركزية دوما إلى وحدة وتجانس النظم المطبقة في جميع أرجاء إقليم الدولة مما يتيح للعاملين الإحاطة والإلمام بها وتطبيقها وتنفيذها بسهولة ويسر.

– تحقيق الفاعلية الإدارية والإنتاجية العالية:

تحقق المركزية الإدارية الفاعلية الإدارية والإنتاجية العالية، إذ تمتلك الإدارة المركزية الأجهزة الفنية المتخصصة والقادرة على تنفيذ الأعمال الإدارية الضخمة بكلفة مالية معقولة، فضلا عن احترام انسجامها وتجانسها الأفقي والرأسي.

الاقتصاد في الإنفاق العام:

تؤدي المركزية الإدارية دون أدنى شك إلى الاقتصاد في الإنفاق العام أو على الأقل ترشيده، فهي مشتمل خصب لإعداد وتدريب الموظفين الإداريين المتخصصين في ميادين ومجالات النشاط الإداري، مما يقلل من سوء الإدارة و عشوائية القرارات ذات الجوانب المالية. كما أن التنظيم المركزي الإداري يؤدي إلى تقليل و تقليص النفقات إلى أقصى حد ممكن ولاسيما إذا اخذ بعين الاعتبار ميل الهيئات المحلية إلى الإسراف و المبالغة في تقرير النفقات و إنفاقها على بعض المشروعات غير الإنتاجية أو غير الضرورية أو تنفيذ بعض المشروعات التي تقدم خدمات سبق لمجلس محلي مجاور تنفيذها و الإنفاق عليها.(2)

– تساعد على تقوية و تماسك الدول الناشئة:

بما ينطوي عليه من تقوية لنفوذ السلطة المركزية و توحيد للقواعد القانونية المطبقة.

– عدم المجاملة و الانحراف في اتخاذ بعض القرارات:

تحول المركزية الإدارية دون المجاملة و الانحراف في اتخاذ القرارات و الذي في نظام اللامركزية الإدارية من خلال الضغط الاجتماعي الناتج عن الاعتبارات الانتخابية و العشائرية.

– تعمد بعض الوحدات اللامركزية إلى تفضيل مصالحها المحلية المرفقية على حساب الإضرار بالمصلحة العامة للدولة:

و لا يتيح النظام المركزي الذي يقوم على أساس تركيز السلطة بيد حكومة مركزية واحدة إمكانية الإضرار بالمصالح الوطنية العامة(3)

– إن السلطة الإدارية تكسب قوة تجعلها قادرة على توجيه الأمور وجهة صحيحة:

فتتوحد الإدارة في الدولة و تبقى متناسقة و يخضع الموظفون لرؤسائهم الذين يصدرون إليهم التعليمات و يوجهونهم، كما أن الموظف في النظام المركزي يحتل مركزه بكفاءة وجدارة و النظام المركزي يولد الشعور الوطني.

– للرؤساء الإداريين في المركزية العديد من مظاهر السلطة الرئاسية التي يمارسونها على المرؤوسين:

مثل تعديل و إلغاء بعض القرارات وان يحلوا محلهم و لهم الحق في ترقيتهم و عزلهم و تأديبهم و استبدالهم بغيرهم.(4)

– يلعب النظام الإداري المركزي دورا هاما و متميزا في إدارة الدولة الاشتراكية القائمة على أساس مبدأ التخطيط العام الشامل:

فبواسطة أسلوب و نظام المركزية الإدارية تستطيع الدولة الاشتراكية ضمان و تحقيق وحدة التنفيذ و التطبيق للخطط الوطنية و للسياسة العامة السائدة في الدولة و الحيلولة دون الخروج و الانحراف على أهداف الخطط الوطنية و السياسات العامة المراد تحقيقها و تنفيذها في الدولة.(5).

– تساعد المركزية على تحقيق درجة عالية من الرقابة على المستويات الأدنى.

– مركزية القرارات في المستويات الإدارية الأعلى تضمن أخطاء اقل و مخاطر ادني.

– تحقق فرصة الاستفادة من خبرات رجال الإدارة العليا.

– المركزية الإدارية تؤدي إلى تخفيض حالات ازدواجية الوظائف إلى ادني حد ممكن.

– توفر السلطة المركزية على إمكانيات كبيرة ماديا و فنيا:

فهي تقوم بانجازات ضخمة مختلفة تعجز عنها الهيئات اللامركزية ذات القدرات المحدودة.

– الوضوح في العلاقة والبساطة في الشكل بين الإدارة المركزية وفروعها في الأقاليم:

على نحو من التدرج و الترتيب، وهذا الوضوح يؤدي إلى تمديد و تعيين المسؤولية بما يكفل تجانس العمل في جميع الوحدات الإدارية(6) .

_____________________

1- الأستاذ الدكتور: علي خطار شطناوي، (الوجيز في القانون الإداري)، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر والتوزيع عمان-الأردن، 2003 ، ص 111

2 – المرجع ذاته، ص 112

3- الأستاذ الدكتور: ماجد راغب الحلو، (القانون الإداري)، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية-مصر، 1996، ص 95

4- الدكتور: عدنان عمرو، (مبادئ القانون الإداري: ماهية القانون الإداري، التنظيم الإداري، المرافق العامة)، الطبعة الثانية، منشأة المعارف، الإسكندرية-مصر، 2001 ،ص 124 و 125

5 – الأستاذ: حسين فريجه، (شرح القانون الإداري- دراسة مقارنة)، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون- الجزائر، 2010 ، ص 127 و 128

6- الدكتور: عمار عوابدي، (القانون الإداري: النظام الإداري)، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون- الجزائر، 2002 ،ص 216

عيوب المركزية الإدارية :

تعتور النظام المركزي، خاصة صورته المطلقة، عيوب ومساوئ جمة، تكاد تطغى على مزاياه ومحاسنه، وهو ما اقتضى الأخذ – إلى جانبه – بالنظام اللامركزي للتخفيف و التقليص من تلك العيوب عند بيان مزايا النظام اللامركزي، و على كل، فان أهم تلك العيوب، يمكن الكشف عنها بالصورة التالية:

– المركزية هي المجال الطبيعي لنمو ظاهرة البيروقراطية:

أمام تضخم الجهاز الإداري وازدياد تدخل الدولة في مختلف المجالات، مما يؤدي عمليا إلى عدم كفاية النظام المركزي لوحده في تسيير و إدارة دواليب الدولة و مؤسساتها و الاستجابة للاحتياجات العامة.

– أصبح دعم و تقوية النظام المركزي في ظل الدولة الحديثة سمة و عنوانا للأنظمة الديكتاتورية:

لأنه يحد من أعمال مبدأ الديمقراطية الإدارية و يقف في وجه المواطنين و الجماهير في تسيير شؤونها بنفسها.(1)

– عدم الاستجابة لميول سكان الوحدات المحلية و رغباتهم:

فعلى الرغم من سلامة التنظيم الإداري المركزي من الناحية النظرية الظاهرة، فلا يفي بالغرض و لا يحقق ميول و رغبات سكان الوحدات المحلية ولا يشبع حاجاتهم المتعددة و المتنوعة التي تستوجب تعدد و تنوع النظم الإدارية المعمول بها، و لهذا فإننا نجد عدم انسجام و ملائمة التنظيم الإداري المركزي مع ميول و رغبات سكان الوحدات المحلية.

– عدم مرونة النظام المركزي الإداري:

ينقص التنظيم الإداري المركزي المرونة، إذا يقتل الحياة السياسية العامة في الدولة و يحول دون تقدم و ارتفاع درجة الوعي السياسي لدى سكان الوحدات المحلية و يحول بينهم و بين المشاركة في الحياة العامة، إذ لم يعد لهم دور في إدارة شؤونهم المحلية، مما يؤدي إلى الإخلال بالتوازن السياسي للدولة و الحكومة معا(2)

– إرهاق السلطة المركزية بقضايا و مسائل غير ذات أهمية كان من الأفضل البت فيها محليا.

– عرقلة الأعمال بدلا من تسهيلها:

في حين أن التطور يقضي بالتبسيط بدلا من التعقيد(3)

– إن تبني نظام المركزية الإدارية يجعل من الإدارة غاية قائمة بذاتها:

بينما الإدارة في حقيقتها هي وسيلة تهدف إلى تحقيق متطلبات المصلحة العامة و التطورات الاجتماعية و الاقتصادية و هي أداة لانجاز البرامج و تطبيق الخطط القومية.

– إن اعتماد المركزية الإدارية كنظام يساهم في تعميق الانفصال بين الإدارة و المواطنين:

فعدم الثقة و عدم الارتياح، وما ينشأ عن ذلك من نفور عام هو الذي يميز في اغلب الأحيان العلاقات بين المواطنين و الإدارة، و بالمقابل نجد أن الاستبداد و احتكار السلطة سمة بارزة لهذه العلاقة التي تسود بين الإدارة و المواطنين، و ما يترتب على ذلك من تقييد للحريات الشخصية و تجاوزات واعتداءات على الحريات العامة نتيجة تعسف الإدارة.

– يتسم نظام المركزية الإدارية بالمغالاة في تطبيقه:

و يساهم في خلق نظام إداري مزدوج في البلدة الواحدة، بحيث نجد أن الإدارة الحديثة تسود وتنتشر في العاصمة بينما نجد أن هناك إدارة متأخرة تسود الأقاليم الأخرى هدفها النهائي هو حفظ النظام العام في الإقليم على حساب الخدمات العامة.(4)

– من شأن توحيد النمط الإداري في كل أنحاء البلاد، عدم استجابة بعض التنظيمات الإدارية للظروف الخاصة والمتميزة لبعض أقاليم الدولة:

و تبعا لذلك عجز هذه التنظيمات عن تحقيق أغراضها، ومن ثم ضياع الجهد و الوقت و المال، علاوة على تعارض ذلك مع مبدأ ديمقراطية الإدارة الذي بات من أهم مبادئ علم التنظيم الإداري الحديث(5)

– لا يشجع نظام المركزية على الابتكار:

انه يساهم في طمس معالم المسؤولية لدى المواطنين و بالتالي يحرم روح المثابرة و الابتكار لدى الموظفين لان هذا النظام لا يؤدي إلى تبني نظام الأفضلية من حيث إصدار القرار و تنفيذه(6)

– الهدر في الوقت و المال:

إن بعض المشاكل تتطلب الاستعجال في معالجتها و نظام المركزية الإدارية لا يتماشى مع السرعة، بل قد يؤدي إلى التأخر في انجاز المعاملات و ذلك لان سلطة اتخاذ القرار مركزية و هذا في حد ذاته يتطلب وقتا كبيرا من اجل الحصول على القرار، كما أن نظام المركزية يؤدي إلى هدر الطاقات و المجهودات و التنقل من الأقاليم إلى العاصمة للحصول على وثيقة، مما يكلف المواطن أعباء مالية إضافية ولا يتماشى أسلوب المركزية الإدارية مع نظرية ” تقريب الإدارة من المواطن”(7)

– المركزية لا تتلاءم إدارة بعض المرافق ذات الطبيعة الفنية:

التي تحتاج إلى تخصص، وإدارة مستقلة عن الأسلوب الحكومي(8)

– إن المبالغة في المركزية عادة ما تؤدي إلى ضعف التخطيط والتنسيق:

ذلك أن ارتفاع القرارات التفصيلية في السلم الإداري يعطل وقت الإداريين بقضايا تفصيلية ويؤدي إلى إغراقهم في الأعمال التنفيذية على حساب الإدارة الشاملة والتخطيط والتنسيق الكلي.

– إن المركزية المتشددة تؤدي إلى ضياع الفروع المختلفة للوزارات في السعي للحصول على الموافقات والموارد المالية اللازمة.

– إن تقوية السلطة المركزية يؤدي إلى تقوية الحكم وطغيان الاستبداد داخل الدولة.

– إن استئثار العاصمة والمدن الكبرى بمعظم المرافق والمقاولات العمومية يجعل المناطق النائية تعاني:

وخاصة من عدم تجانس النمو الاجتماعي والاقتصادي في الدولة الواحدة.(9)

– إنها تجهل كليا الحقائق المحلية والحاجات الملموسة للمواطنين.

– المركزية تؤدي لازدحام السلطات المركزية نتيجة تدفق كل الشؤون عليها لتقوم بمعالجتها(10)

– صعوبة التمييز بين العامل المنتج وغير المنتج في المنظمة.

– تبني الإدارات العليا ردود فعل وتصورات غير منطقية:

لما يحدث في المنظمة والعاملين فيها وذلك بناء على ما ينقل لها من معلومات غير المنظمة والعاملين فيها وذلك بناء على ما ينقل لها من معلومات غير دقيقة سوى كانت إيجابية أو سلبية مما يؤثر على أداء المنظمة(الإدارة) وعملية تقييم العاملين فيها بشكل سلبي.

– عدم تكوين صف ثاني أو تنمية طبقة بديلة من متخذي القرارات.

– التغييرات تتم بشكل بطيء.

– انخفاض الشعور بروح العمل لدى المستويات الإدارية المتوسطة والدنيا.

– تؤدي المركزية إلى نوع من الإتكالية والاعتماد عند أعضاء المستويات الإدارية الأدنى:

فلا يتصرفون في أي موقف انتظارا للقرار من الإدارة العليا الأمر الذي يضيع الأفكار الجديدة ويؤدي إلى التأخر في الاستجابة.

– عدم قدرة المركزية الإدارية على مواجهة بعض الأزمات والأخطار:

فعند حدوث مثل هذه الأزمات توجه الإدارة المركزية كل قدرتها لمواجهة هذه الأزمات مهملة في ذلك كافة الأجهزة الإدارية الأخرى، مما يؤدي إلى إخلال النظام الإداري.

– عدم إمكانية تجربة الخطط والسياسات في وحدات تنظيمية صغرى:

وذلك من أجل تطوير أنظمتها الإدارية وإتباع أفضلها، حيث أن في ذلك تأخير للأعمال وقد يسبب أضرار كثيرة في حالة فشل هذا النظام التجريبي.

– إن أسلوب المركزية لا يصلح في بعض الأحيان:

خاصة في حالة تعدد الخدمات والمهام التي تقوم بها الدولة، إلى جانب المساحة لبعض الدول الكبيرة مما يصعب من قيامها بهذه الخدمات والأعمال في هذه المناطق الواسعة .

___________________

1- الأستاذ محمد الصغير بعلي، ( القانون الإداري: التنظيم الإداري- النشاط الإداري)، دار العلوم للنشر والتوزيع، عنابة- الجزائر، 2004 ،ص 60

2- الأستاذ الدكتور: علي خطار شطناوي، (الوجيز في القانون الإداري). الطبعة الأولى، دار وائل للنشر والتوزيع عمان-الأردن، 2003،ص 112 و 113

3-الدكتور يوسف سعد الله الخوري، ( القانون الإداري العام تنظيم إداري- أعمال وعقود إدارية ) ،الجزء الأول،الطبعة الثانية،بيروت- لبنان، 1998 ، ص 88

4- الدكتور: محمد جمال مطلق الذنيبات، (الوجيز في القانون الإداري: ماهية القانون الإداري)، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2003 ، ، ص 81

5- الدكتور سامي جمال الدين،(أصول القانون الإداري: تنظيم السلطة الإدارية والإدارة المحلية- التنظيم القانوني للوظيفة العامة- نظرية العمل الإداري)، الجزء الأول، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية- مصر، 1996 ، ص 179

6- الدكتور: خالد خليل الظاهر، (القانون الإداري)، الكتاب الأول، الطبعة الأولى، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان- الأردن، 1998 ، ص 130 و 13

7- الأستاذ: حسين فريجه، (شرح القانون الإداري- دراسة مقارنة)، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون- الجزائر، 2010 ، ص 129

8- الدكتور: محمد رفعت عبد الوهاب، (مبادئ و أحكام القانون الإداري)، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت-لبنان، 2002 ، ص 132

9- الأستاذ: علاء الدين عشي، (مدخل القانون الإداري: المبادئ العامة للقانون الإداري وتطبيقاته في الجزائر)، الجزء

. الأول، (التنظيم الإداري)، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، عين ميلة- الجزائر، 2009 ، ، ص 55 و 56

10- الأستاذ: أحمد محيو،(محاضرات في المؤسسات الإدارية)، ترجمة للدكتور: محمد عرب صاصيلا، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون-الجزائر، 2006، ص 111>

المؤلف : زهراوي زهرة- رحماني نصيرة.
الكتاب أو المصدر : اساليب التنظيم الاداري ( المركزية واللامركزية الادارية )

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .