دراسة وبحث قانوني عن حق المستأجر فى الإيجار من الباطن

إن عقد الإيجار من العقود المهمة والتي نتداولها في حياتنا اليومية كثيراً ونتبادل فيها الأدوار فتارة نكون مستأجرين وأخرى مؤجرين وبصور شتى، فهذه العقود أولتها التشريعات أهمية خاصة لأنها تتعلق إما بمحل عمل المستأجر أو محل سكناه وكلاهما من الأمور التي لا يستغني عنها أي فرد،و يعد عقد
الإيجار قوام الطبقة الوسطى و الطبقة الفقيرة إضافة للطبقة الغنية من حيث طرق الاستغلال للأموال؛ وحسب رأي الأستاذ “دي هيلتس”:” عقد الإيجار من أكثر العقود تداولا” وهو كثير التداول بنوع خاص في بلد تقدمت فيه العلوم و الفنون و التجارة والملاحة إلى حد لم يدع لكثير من الملاك وقتا لاستغلال أموالهم بأنفسهم ولم يوفر لهم الوسائل؛ ولذلك في بلد ليس كل سكانه من ذوي الثروة العقارية و تقتضي فيه المعاملات التجارية أن يبقى جزء كبير من رؤوس الأموال مخصصا للتجارة، فالإيجار له علاقة وثيقة بالشيئين المرتبطان بالنظام العام أشد ارتباطا و هما الملكية والصناعة ولذلك كان من الضروري أن يكون للإيجار أحكام من شأنها المحافظة على الأملاك .
و قد يختلط البيع بالإيجار في حالة ما إذا تنازل المستأجر لشخص آخر عن عقد الإيجار (التأجير من الباطن)؛ فالعقد إيجار تقمص فيه المستأجر الأصلي دور المؤجر، وتقمص فيه المستأجر من الباطن دور المستأجر(التنازل عن الحق الشخصي عن طريق الحوالة) وهذا هو موضوع بحثنا اليوم الذي سنتطرق فيه بإذن الله للأحكام العامة لعقد الإيجار وكذلك الطبيعة القانونية للتأجير والتنازل من الباطن

المبحث الأول: مفهوم عقد الإيجار وأطرافه وخصائصه وأركانه

أولاً : مفهوم عقد الإيجار
يعرف عقد الإيجار في القانون بأنه (تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم لمدة معلومة وبه يلتزم المؤجر أن يمكن المستأجر من الانتفاع بالمأجور ، وقد عرفه الفقه الإسلامي بالإجارة ،وهو عقد يرد علي العمل أو المنافع بعوض, ويسمى هذا العوض أجرا إذا كان نظير العمل كاستئجار شخص للبناء و أجرة إذا تعلق بالمنافع كاستئجار الأراضي والدور.

ثانياً : أطراف عقد الإيجار
يبرم عقد الإيجار بين طرفين: أحدهما يسمى المؤجر والأخر يسمى المستأجر, و يتعين أن تكون إرادتهما صحيحة خالية من العيوب كافة(الغلط والتدليس والإكراه.) وان تتوفر لديهما أهلية التأجير والاستئجار(الأهلية اللازمة للقيام بأعمال الإدارة(

أولا: المؤجر ومن في حكمه
قد يكون المؤجر هو مالك الشيء الذي يقوم بتأجيره , ولكن ذلك لا يمنع من قيام غير مالك الشيء بتأجيره , كما في حالة الإيجار الذي يتم من قبل النائب أو ممن له الحق في الإدارة, أو ممن له حق الانتفاع , ولعل إمكانية قيام غير مالك الشيء بتأجيره ترجع إلى أن عقد الإيجار يخول المستأجر مجرد الانتفاع بالعين المؤجرة خلال مدة الإيجار , وبالتالي لا ينقل ملكية الشيء إلى المستأجر كما هو الحال في عقد البيع , فان حق الإيجار إذا كان يثبت لمن له الملكية التامة على الشيء المأجور , فانه يثبت كذلك لغيره ممن لهم حق الانتفاع به .

ثانيا: المستأجر
الأصل أن كل شخص تتوافر لديه الأهلية اللازمة للاستئجار(الأهلية اللازمة للقيام بأعمال الإدارة) له أن يستأجر طالما كان باستطاعته الالتزام بدفع الأجرة, ما لم يوجد نص خاص يمنع من ذلك , فإن لم تتوافر في الشخص أهلية الاستئجار أمكن أن يكون مستأجرا عن طريق نائبه مع مراعاة الإجراءات المنصوص عليها قانونا في هذه الحالة.

ثالثاً : خصائص عقد الإيجار

1- عقد رضائي حيث يتم بمجرد اتفاق الطرفين ولايحتاج لإجراء شكلي معين.
2- عقد معاوضة حيث يأخذ كل من الطرفين مقابل لما يعطي.
3- عقد ملزم لجانبين لأنه يرتب التزامات متبادلة على طرفيه فهو ينشئ التزامات في ذمة المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر كما ينشئ التزامات في ذمة المستأجر بدفع الأجرة للمؤجر.
4- من العقود الزمنية حيث يلعب الزمن عنصرا جوهريا فيه.
5- من عقود الإدارة ,وليس من أعمال التصرف فهو ينشئ التزامات شخصية في جانب كل من المؤجر والمستأجر.
6- من العقود التي ترد على منفعة الشيء دون ملكيته حيث يخول المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة فترة زمنية معينة

رابعاً :أركان عقد الإيجار

يتحقق التراضي في عقد الإيجار كما هو الحال في سائر العقود الرضائية وذلك بارتباط الإيجاب بالقبول وتطابقه، ويشترط أن يحصل التراضي على العناصر الجوهرية في عقد الإيجار، وهي: طبيعة العقد، طبيعة العين المؤجرة، والأجرة وكذلك مدة الانتفاع. ولا ننسى أن التعبير الإرادي يتم كتابة و بما أن عقد الإيجار من العقود الرضائية فلابد لانعقاده من توافر الأركان التالية ( الرضا والمحل والسبب) والتي يترتب على تخلف احدها بطلان العقد بطلان مطلق.

الركن الأول: الرضا
عقد الإيجار ينعقد بمجرد توافق إرادتي المتعاقدين أي أن يصدر إيجاب من احد المتعاقدين وقبول من الآخر ويجوز التعبير عن كل من الإيجاب والقبول باللفظ أو الكتابة أو بالإشارة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود . ويجب أن تكون إرادتهما خالية من عيوب الإرادة كالإكراه والغلط والغبن والتدليس وان يكون كل من الطرفين متمتعا بالأهلية اللازمة لإبرام عقد الإيجار.

الركن الثاني: المحل
عقد الإيجار يرد على انتفاع المستأجر بعين معينة مقابل التزامه بدفع الأجرة وطبقاً لذلك فالمحل يتمثل في ما يلي: أولا : المنفعة (المأجور ) المنفعة التي تمثل محل عقد الإيجار , والتي يلتزم المؤجر بتمكين المؤجر منها , تقتضي العلم بشروط المنفعة وبالشيء المنتفع به ونوع الانتفاع ومدة الانتفاع .

الشروط الواجب توافرها في المنفعة هي :
1- أن تكون المنفعة (الشيء المؤجر ) موجودة وقت العقد أو قابلة للوجود وإذا لم يكن كذلك وقع العقد باطلا لانعدام محل التزام المؤجر.
2- أن تكون المنفعة مشروعة, أي غير مخالفة للنظام العام والآداب العامة
3- أن تكون المنفعة (الشيء المؤجر ) واردة على شيء غير قابل للاستهلاك حتى يستطيع المستأجر تحصيل المنفعة منه طوال مدة الإيجار ورده إلى المؤجر عند انتهاء عقد الإيجار
4- أن تكون المنفعة صالحة للتعامل فيها, أي داخلة دائرة التعامل, بمعنى أن لا تكون خارجة عن التعامل فيها بطبيعتها أو بحكم القانون وإلا وقع العقد باطلا.
5- أن تكون المنفعة معينة تعيينا كافيا مانعا للجهالة أو قابلة للتعيين.

ثانيا : الأجرة التي يلتزم بها المستأجر هي المقابل النقدي للمنفعة التي يحصل عليها من عقد الإيجار والأجرة تعد ركنا أساسيا لا ينعقد الإيجار بدونه, والأصل أن تكون الأجرة مبلغا من النقود , ولكنها خلافا للثمن في عقد البيع يجوز أن تكون أي مال آخر والأصل أن يتم تعيين الأجرة من قبل الطرفين فقد يعين المتعاقدان الأجرة مباشرة وقد يكتفيان ببيان أسس تعيينه فللمتعاقدين حرية تحديد الأجرة ببيان ماهيتها وقدرها وطريقة الوفاء بها كما يكون لهما الاتفاق على مقدار معين لها .

الركن الثالث: السبب
السبب هو الباعث الدافع الذي يدفع بالمتعاقد إلى تحميل ذمته بالالتزام وهو يختلف باختلاف الأشخاص فقد يكون الباعث لمن يستأجر دارا أن يتخذه مسكنا أو مكتبا وما إلى ذلك من البواعث .

خامساً : القواعد العامة التي تحكم عقد الإيجار في النظام السعودي

(العقد شريعة المتعاقدين) هي القاعدة المعول عليها في بيان العلاقة التعاقدية بين الطرفين في المملكة، فإذا ما أخل أي من الطرفين بالتزاماته. ولم يوف بها بتفاهم ودي فان من حق الطرف الآخر رفع دعواه أمام المحكمة المختصة لإجباره بالوفاء بالتزامه المنصوص عليه بالعقد والذي يفترض أنه متوازن وعادل ولا يوجد فيه نصوص إذعانية مفروضة على أحد الطرفين فان كان يوجد مثل هذه النصوص وكانت تخالف أحكام الشريعة ومبادئ العدل والإنصاف فان القاضي يحكم بعدم الأخذ بهذه النصوص، وعادة يتم إبرام عقود الإيجار بنموذج معد من قبل المكتب العقاري، وبمجرد توقيع العقد يكون هو الذي يحكم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، كما أن عقد الإيجار يصاغ بمعرفة كل من الطرفين ويحدد فيه كل الحقوق والالتزامات التي يتفق عليها فيما بينهما، وهذه العقود ليست متماثلة وقد يختلف عقد عن آخر في الصياغة والشمول على حسب المستوى العلمي والخبرة لمن قام بكتابة العقد سواء كان من قبل المؤجر أو المستأجر أو منهما معاً، أو من قبل مكتب عقاري أو من قبل مكتب محاماة وليس هناك عقد موحد إلزامي يلتزم به كل من المؤجر والمستأجر وقد تطرق قرار مجلس الوزراء رقم وتاريخ 14/1/1994 الصادر بخصوص تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر لمسألة التنازل عن العقد والتأجير من الباطن والتي تمثل إشكالية البحث فقد جاء فى المادة الثانية من القرار أنه لا يجوز للمستأجر التنازل بغير رضا المالك عن عقد الإيجار أو التأجير من الباطن وفى حالة مخالفته يحق للمؤجر أن يطلب إخلاء العقار واستثناء من ذلك:
أ -يجوز للمستأجر التنازل عن باقي مدة العقد لمستأجر آخر ويحق للمؤجر عن انقضاء المدة طلب إخلائها من المستأجر الأخير.
ب -يجوز للمستأجر التأجير من الباطن على القادمين بغرض الحج أو العمرة في مكة والمدينة.

المبحث الثاني : حق المستأجر فى التنازل عن عقد الإيجار والإيجار من الباطن

أولاً: المفهوم القانوني للتأجير من الباطن ( التنازل عن الإيجار )

المقصود بالتأجير من الباطن في هذا الصدد هو قيام المستأجر الأصلي بتأجير حقه كاملاً أو بعضة في الانتفاع بالعين المؤجرة إليه إلى آخر في مقابل أجرة يتفق عليها بينهما.

و الإيجار من الباطن هو إيجار جديد يعقد بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن ويرد على حق الأول في الانتفاع بالعين وهو الذي يحكم العلاقة بين طرفية وحتى ولو تم هذا العقد خلافاً لنص مانع متفق عليه في الإجارة الأصلية المبرمة بين المؤجر والمستأجر الأصلي حتى ولو كانت شروطه مغايرة لشروطها ، ويتعين على المستأجر من الباطن تبعاً لذلك ان يوفي بالتزاماته ولا يحق للأول أن يتمسك قبله بأنه ممنوع من التأجير من الباطن .

وفي هذا الشأن أيضا قضت محكمة النقض المصرية بأن : التنازل عن الإيجار يتم بنقل المستأجر جميع حقوقه والتزاماته المترتبة على عقد الإيجار إلى شخص آخر يحل محله فيها ويكون بهذه المثابة بيعاً أو هبة لحق المستأجر تبعاً لما إذا كان هذا التنازل بمقابل أو بدون مقابل أما التأخير من الباطن فلا يعدو أن يكون عقد إيجار يقع على حق المستأجر ذاته .

ولكي يكون التنازل عن الإيجار صحيحاً ومنتجاً لأثاره يجب أن يكون صادراً من شخص يملك الإيجار فالإيجار الصادر من شخص لا يملك الشيء المؤجر وليس له الحق في التعامل في منفعته وان وقع صحيحاً بين طرفية فانه لا ينفذ في حق مالكه أو من له الحق في الانتفاع به ، إلا بإجازة هذا الأخير له ، بحيث لا يجوز له أن يتعرض للمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة طوال مدة الإيجار .

ثانياً: الأساس القانوني لحق المستأجر في التأجير من الباطن والتنازل عن عقد الإيجار في ظل أحكام القانون المدني

نصت المادة 593 من القانون المدني المصري على أنه للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وذلك عن كل ما أستأجره أو بعضه ما لم يقضى الاتفاق بغير.

وعليه فإنه يحق للمستأجر التنازل عن الإيجار من الباطن ، إلا أن هذا الحق مقيد بعدم الاتفاق على ما يخالفه ، فلو اتفق المتعاقدان ( المؤجر والمستأجر ) على منع المستأجر من حق التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن سري هذا الاتفاق باعتبار الاتفاق هو قانون المتعاقدين وشريعتهم ، وأن ظل الأصل هو حق المستأجر في التنازل عن الإجارة والتأجير من الباطن ما لم يقيد في عقد الإيجار بما يناقض ذلك.
مسئولية المستأجر الأصلي عن تنفيذ التزامات المتنازل له والمستأجر من الباطن متى انعقد عقد الإيجار فالأصل أنه يجيز للمستأجر حق التنازل عنه والتأجير من الباطن ، وإذا رغب المؤجر فى تقيد هذا الحق لزم تضمين عقد الإيجار نص صريح بعدم جواز التنازل أو الإيجار من الباطن ، وفى حالتي التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن – متى لم ينص عقد الإيجار على حرمان المستأجر من ذلك – فإن المستأجر يكون ضامنا للمتنازل له فى تنفيذ التزاماته

ثانياً الفرق بين التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار

كان الشراح فيما مضى يخلطون بين التنازل عن الإيجار والإيجار من الباطن فكانوا يطلقون الإيجار من الباطن على إيجار حزء فقط من الأمكنة المؤجرة والنزول عن الإيجار على ترك الأمكنة المؤجرة للمتنازل له ولكن اليوم قرر الشرح أن الإيجار من الباطن كالإيجار الأصلي والنزول عن الإيجار هو حوالة الحق فى الإجارة ببيعه أو هبته .

والإيجار من الباطن هو إيجار ولذلك يوجد عقدان عقد الإيجار فيما بين المؤجر والمستأجر الأصلي وعقد الإيجار فيما بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن أما النزول عن الإيجار فهو إسقاط حق المستأجرة لغيره فلا يوجد في النهاية إلا عقد واحد هو عقد الإيجار من المؤجر إلى المستأجر مع تغيير شخص المستأجر ويترتب على اختلاف العمليتين النتائج الآتية :

1- ينقل النزول عن الإيجار إلى المتنازل له ذات الحق الذي للمستأجر بمقتضي عقد الإيجار بشروطه وأوصافه فهو حوالة حق وتتبع فيه أحكام حوالة الحق أما الإيجار من الباطن فهو إيجار جديد يتفق عليه فيما بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن فلا تسري على هذا الأخير شروط التعاقد الأصلي وأوصافه وإذا أجبر المؤجر على احترامها فإنه يكون له الحق في الرجوع بالضمان على المستأجر الأصلي وليس للمستأجر من الباطن أن يتمسك بشروط العقد الأصلي بل له التمسك فقط بشروط عقده .

2- يكون للمؤجر من الباطن اى المستأجر الأصلي لضمان الوفاء بالأجرة حق امتياز على منقولات المستأجر من الباطن التي توجد في العين المؤجرة وذلك لأن الإيجار من الباطن هو إيجار كما تقدم ولكن لا يكون للمستأجر الذي نزل عن حقه في الإيجار هذا الامتياز بالنسبة إلى ثمن النزول عن الإيجار ولكن يكون له امتياز البائع .

3- لا ينفذ النزول عن الإيجار في حق الغير إلا بإتباع الإجراءات الخاصة بنفاذ الحوالة تجاه الغير فيلزم إعلان المؤجر بها أو قبوله إياها في ورقة ثابتة التاريخ وهذا الإجراء غير لازم في الإيجار من الباطن ويكفي نفاذه في حق المؤجر أن يكون ثبات التاريخ

4- للمستأجر من الباطن أن يلزم المستأجر الأصلي الذي آجر له أن يسلمه العين المؤجرة فى حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة ولكن المتنازل له عن الإجارة ليس له هذا الحق فككل مشتر ليس له إلا أن يكون الشيء بالحالة التي كان عليها وقت النزول عن الإيجار .

ثالثاً : الفرق بين التأجير من الباطن والإيواء بطريق الاستضافة

المقصود بالإيواء بطريق الاستضافة : الإيواء بطريق الاستضافة يقوم علي انتفاء العلاقة التعاقدية بين المستأجر وبين ضيفة أو بين الأخير وبين المؤجر فلا يعتبر الضيف من ثم مستأجرا مع المستأجر الذي ابرم العقد باسمه وليس له من ثم حق في الانتفاع بالعين المؤجرة يجابه به المستأجر إذ أن إقامته لديه إنما هي علي سبيل التسامح منه إن شاء أبقى عليها وان شاء أنهاها بغير التزام عليه فهي متفرعة عن انتفاع المستأجر ومرتبطة باستمراره في هذا الانتفاع بنفسه ولا تنقلب هذه الإقامة مهما طال أمدها إلى مساكنه تعطيه الحق في الاحتفاظ بالشقة بعد موت مستأجرها دون أولاد هذا الأخير .

شروط صحة الاستضافة :
1 – وجوب أن تكون إقامته بصفة عارضة مع المستأجر
2- عدم بقاء الغير بعد ترك المستأجر للعين حتى لا يعتبر تأجير من الباطن او نزول عن الإيجار .

في هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه : يفترض في فعل الإيواء والاستضافة بما لا يعتبر تنازلاً عن الإيجار أو تأجيراً من الباطن أن يكون بصفة عارضة ومن خلال إقامة المستأجر الأصلي وانتفاعه بالعين واستمراره في شغلها بنفسه ، بحيث إذا انقطعت هذه الإقامة نهائياً وبقى فيها من بعده من استضافة أو أوراه عد ذلك تأجيراً من الباطن أو نزولاً عن الإيجار
أما عن توقيت إيواء الضيف ببقاء المستأجر بالعين المؤجرة ففي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأن : إذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن قيام علاقة إيجاريه بينه وبين مالك العقار الكائنة به شقة النزاع وأنكر عليه هذا الحق على سند من أن إقامة الطاعن بالعين وقد كانت من قبيل الاستضافة فإنها لا تنقلب مهما طال أمدها إلى مساكنه تعطيه الحق في الاحتفاظ بالشقة لنفسه بعد موت مستأجرها دون أولاد هذا الأخير ، وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه يتفق وصحيح القانون ذلك انه وقد ثبت بمدونات الحكم أن إقامة الطاعن بالعين كانت على سيبل الاستضافة من جانب خاله المستأجر الأصلي لها وان مالك العقار قد أذن بهذه الإقامة وذلك على سبيل التسامح الذي لا يكسب الضيف حقاً مهما طال الأمد فانه لا يجوز للطاعن وهو يقيم بالعين على هذا النحو أن يدعي لنفسه حقاً عليها في مواجهة أولاد المستأجر مفترضاً قيام علاقة إيجاريه .

رابعاً القيود القانونية الواردة على التأجير من الباطن

1- للمؤجر منع المستأجر أن يؤجر من الباطن وبالتالي يكون ممنوع من التنازل عن الإيجار والعكس المادة 594 فقرة 1 من القانون المدني .

إذا كان الأصل وفق قواعد وأحكام القانون المدني هو حق المستأجر في التأجير من الباطن والتنازل عن الإجارة فإن اتفاق المتعاقدان على عكس ذلك يقيده ، فلا يجوز لمستأجر التأجير من الباطن أو التنازل عن عقد الإيجار .

وقد ساوى المشرع في الأثر بين التأجير من الباطن والتنازل عن الإجارة وبالأدق جعل حظر أحدهما حظرا للأخر فإذا أشترط المؤجر عدم جواز التأجير من الباطن امتد هذا الخطر إلى التنازل عن الإجارة فيصبح التأجير من الباطن والتنازل عن الإجارة كلاهما ممنوع.

الاستثناء الوراد على حق المؤجر في منع المستأجر في التأجير من الباطن

أورد المشرع بالفقرة الثانية من المادة 594 استثناء خاص بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر مصنعه أو متجره ، واشترط المشرع لبقاء العلاقة الإيجارية رغم مخالفة شرط منع التنازل عن الإجارة أو الإيجار من الباطن أن يقدم المشترى ضمانا كافيا وإلا يلحق بالمؤجر ضرر ومع ذلك إذا كان الأمر خاصا بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضى بنقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضمانا كافيا ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق ( المادة 594 فقرة 2 من القانون المدني ) .
ويشترط توافر الشروط الآتية :
1- أن تقتضي الضرورة بيع المصنع أو المتجر بأن يضطر المستأجر للبيع لظروف قهرية
2- أن يقدم المستأجر ضماناً كافياً
3- ألا يلحق المؤجر من حلول المشتري محل المستأجر ضرر محقق
و المقرر في قضاء محكمة النقض أن ما نصت عليه المادة 594 / 2 من القانون المدني من أنه ” إذا كان الأمر خاصا بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقتضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضمانا كافيا ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق ” . إنما هو استثناء من الأصل المقرر وهو التزام المستأجر باحترام عقد الإيجار فيما نص عليه من حظر التنازل عن الإيجار ، اقتضاه حرص المشرع على استبقاء الرواج التجاري في حالة اضطرار صاحبه إلى التوقف عنه ، ويشترط لتطبيقه أن يكون المكان المؤجر مستعملا لممارسة الأعمال ذات الصفة التجارية والتي ينطبق عليها وصف المصنع أو المتجر دون سواها من الأماكن التي لا يمارس فيها هذا النوع من النشاط ، ومن المقرر أن الاستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه.

وقد قضت محكمة النقض في هذا أيضاً بأنه ” لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني من أنه ” إذا كان الأمر خاصا بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر ، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار 000 ” إنما هو استثناء من الأصل المقرر وهو التزام المستأجر باحترام الحظر من التنازل عن الإيجار ، كان الدافع إلى تقريره حرص المشرع على استبقاء الرواج التجاري متمثلا في عدم توقف الاستثمار الصناعي أو التجاري في حالة اضطرار صاحبه للتوقف عنه ، فأباح المشرع للمستأجر التجاوز عن الشرط المانع والتنازل عن الإيجار على خلافه متي كان الشيء المؤجر عقارا وأنشأ فيه المستأجر محلا تجاريا سواء كان متجرا أو مصنعا ، يشرط أن تثبت الصفة التجارية للنشاط الذي كان يزاوله المتنازل وقت إتمام بيع المتجر أو المصنع ، ومؤدي ذلك أنه إذا كان المحل مستغلا في نشاط قوامه الاعتماد – وبصفة رئيسية – على استغلال المواهب الشخصية والخبرات العملية والمهارات الفنية لصاحبه ، دون أن يستخدم عمالا يضارب على عملهم ، أو آلات يضارب على إنتاجها ، فإنه لا يعتبر متجرا ، إذ تقوم صلته بعملائه في هذه الحالة على ثقتهم في شخصه وخيرته بخلاف المحل التجاري الذي يتردد عليه العملاء لثقتهم فيه كمنشأة مستقلة عن شخص مالكها ، وإذ كان من المقرر عدم جواز التوسع في تفسير الاستثناء أو القياس عليه ، فإن الاستثناء المقرر بالفقرة الثانية من المادة 594 مدني يظل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة مقصورا على الأماكن التي يمارس فيها الأعمال ذات الصفة التجارية والتي ينطبق عليها وصف المصنع أو المتجر دون سواها ، لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، وأقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على ما أورده بأسبابه من أن ” عبارة المحل التجاري تشمل كل مكان يباشر فيه المستأجر حرفة أو مهنة تدر عليه ربحا 000 كمكاتب السمسرة ومكتب المحامي وعيادات الأطباء 000 فلا تقتصر على المكان الذي تباشر فيه التجارة بمعناها الضيق 000″ فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، وقد حجية هذا الخطأ عن بحث ما إذا كان المستأجر الأصلي كان يستغل عين النزاع في استقبال العملاء الذين يقصدونه كخبير مثمن ، كقول الطاعن والذي اعتنقه الحكم المستأنف ، أو كصالة مزادات كما يقول المطعون ضدهم ، مما يعيبه – فضلا عن الخطأ في تطبيق القانون – بالقصور في التسبيب ، مما يتعين معه نقض الحكم لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

2- شرط المنع المعلق على رضا المؤجر

إذا كان الشرط الوراد في الإيجار ينص على أن المستأجر لا يجوز له النزول عن إيجاره أو الإيجار من الباطن من غير رضاء المؤجر أو موافقته على شخص المستأجر الجديد فإن القضاء الفرنسي هنا يفرق بين حالتين :
أ‌- الحالة الأولى هي الحالة التي يكون النزول عن الإيجار أو الإيجار من الباطن معلق على رضاء المؤجر ففي هذه الحالة إن رفض المؤجر لا يمكن مخالفته.

ب‌- الحالة الثانية وهى الحالة التي يتوقف رضاء المؤجر فيها على شخص المستأجر فهنا تكون المحاكم لها سلطة تقديرية فيما يختص بعدم موافقة المؤجر على الشخص المراد الإيجار إليه أو النزول له وانه يجوز لها الترخيص بالتأجير إذا كانت تتوافر في هذا الشخص كافة الضمانات التي تتوافر في المستأجر الأصلي من حيث الأمانة واليسار معتبرة أن رفض المؤجر التحكمى إساءة لاستعمال حقه الناتج عن الشرط

3- الآثار المترتبة على الإيجار من الباطن للمؤجر والمستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن

في الإيجار من الباطن تبقي العلاقة بين المؤجر والمستأجر الأصلي خاضعة لأحكام عقد الإيجار الأصلي فيطالب كل منهما بحقوقه بمقتضي العقد أما العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن فتسرى عليها أحكام الإيجار من الباطن ويكون المستأجر الأصلي بالنسبة للمستأجر من الباطن مؤجرا والمستأجر من الباطن بالنسبة للمستأجر الأصلي مستأجرا .

1- علاقة المؤجر بالمستأجر الأصلي

يجب التفرقة بين التزامات المستأجر الأصلي وحقوقه فبالنسبة للالتزامات لا يعفى الإيجار من الباطن أو التنازل عن الإيجار المستأجر من التزاماته وهذا ثابت فيما يختص بالإيجار من الباطن ذلك أن المستأجر من الباطن يصبح مستأجرا من المستأجر الأول لا من المؤجر ويجب أن يكون الحكم كذلك فيما يختص بالنزول عن الإيجار لأنه من المقرر أنه لا يجوز للمدين التخلص من التزاماته من غير رضاء دائنه ولا يهم إذا كان المؤجر قد تدخل في عملية النزول أو رضي بالإيجار من الباطن .

فللمؤجر أن يطالب المستأجر الأصلي بالأجرة وله أن يطلب منه حساباً عن كل المخالفات التي ارتكبها المستأجر من الباطن أو المتنازل له كما إذا حدث تلف بخطئهما أو لم يقوما بإجراء الترميمات الإيجارية أو حصل تغيير في شكل الشيء المؤجر أو في طريقة الانتفاع المشترطة ويكون جزاء المخالفات إما تعويضات يقضى بها على المستأجر الأصلي أو فسخ الإيجار .

وبصفة عامة يتحمل المستأجر الأصلي المسؤولية عن كل إخلال بالالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار بل إن هذه المسؤولية قد تزداد في حالة الإيجار من الباطن أو النزول عن الإيجار فإن المستأجر يكون مسؤلا عن حريق العين المؤجرة ولو حصل الحريق بسبب خطأ أو عمل جنائي من المستأجر من الباطن أو من المتنازل له .
على أنه يجوز للمؤجر أن يعفى المستأجر من التزاماته ويقبل أن يكون المستأجر من الباطن أو المتنازل له مسؤلا وحده ويجوز له أن يوافق على أن يكون المستأجر كفيلا للمتنازل له .

وقال بعض الشراح أن نزول المؤجر عن حقوقه تجاه المستأجر هو تجديد للدين بتغيير المدين ولكن الظاهر أنه يوجد هنا إبراء من الدين لا تجديد لأن المؤجر بإبراء مدينه ( المستأجر ) لا يستبدل به مدينا جديدا ( المستأجر من الباطن أو المتنازل له ) ذلك أن المستأجر من الباطن أو المتنازل له أصبح بناء على الإيجار من الباطن أو النزول عن الإيجار مدينا للمؤجر فهو يحتفظ به كمدين ويجب أن تكون إرادة المؤجر غبراء المستأجر من التزاماته واضحة تماما فلا يجوز افتراضها .

أما فيما يختص بحقوق المستأجر الأصلي فيفرق بين حالة الإيجار من الباطن والنزول عن الإيجار فبالنسبة للإيجار من الباطن يحتفظ المستأجر بجميع حقوقه تجاه المؤجر فله أن يلزمه بإجراء الترميمات أما بالنسبة للنزول عن الإيجار فخلافا لحالة الإيجار من الباطن يفقد المستأجر حقوقه تجاه المؤجر لأنه قد نزل عنها فليس له أن يقيم أية دعوى على المؤجر بناء على عقد الإيجار

2- علاقة المستأجر الأصلي بالمستأجر من الباطن أو المتنازل له

يترتب على الإيجار من الباطن نفس الآثار التي تترتب على الإيجار ويترتب على النزول عن الإيجار ما يترتب على حوالة الحق ويلتزم المستأجر من الباطن أمام المستأجر الأصلي بالالتزامات الناتجة عن عقد الإيجار وللمستأجر علاوة على ذلك أن يتمسك بضمان حقه فئ الأجرة بامتياز على منقولات المستأجر من الباطن ولكن يجب أن يلاحظ أن الالتزامات التي تقع على عاتق المستأجر من الباطن تجاه المستأجر هي الالتزامات المتعلقة بتنفيذ الإيجار من الباطن وهو إيجار مستقل عن الإيجار الأصلي إلا إذا كان الإيجار من الباطن قد ألقاها على عاتقه .

وعليه فإنه يجب على المستأجر من الباطن أن يقوم بعمل الترميمات الايجارية وان يستعمل العين على حسب ما أعدت له وكل ترخيص مخالف من المؤجر الأصلي لا يتمسك به ضد المؤجر من الباطن ويجب على المستأجر الأصلي الضمان تجاه المستأجر من الباطن وقد يكون عقد الإيجار من الباطن مختلفا في شروطه عن عقد الإيجار الأصلي فقد تكون الأجرة مختلفة فيلتزم المستأجر من الباطن بأن يدفع إلى المستأجر الأصلي الأجرة المشترطة في عقده لا الأجرة الواردة في عقد الإيجار الأصلي وقد تكون مدة الإيجار مختلفة فقد تكون أطول من مدة الإيجار الأصلي أو اقصر منها وينتهي الإيجار من الباطن بانتهاء مدته فإذا كانت مدة الإيجار من الباطن أطول من مدة الإيجار الأصلي انقضي الإيجار من الباطن بانقضاء الإيجار الأصلي مهما كان سبب الانقضاء كانتهاء مدته أو فسخه .

ولكن مركز المتنازل له تجاه المستأجر يختلف فالحق الناشئ عن الإيجار لمصلحة المستأجر ينتقل إلى المتنازل له مع الالتزامات المقابلة وهذه الالتزامات هي تلك التي تنشأ عن الإيجار ألأصلي ويجب على المتنازل له القيام بتنفيذها والمستأجر من جهته لا يكون ملزم تجاه المتنازل له بالتزام الصيانة ولا يكون له امتياز المؤجر لضمان حقه في المقابل فلا يعتبر المستأجر الأصلي مؤجرا للمتنازل له ولكن له أن يطالبه بثمن النزول أن كان ثمة ثمن ويكون له امتياز البائع لا امتياز المؤجر ولا يضمن للمتنازل له التعرض المادي ولا يلزم إلا بتسليم الشئ بالحالة التي يكون عليها فعلاقة المستأجر بالمتنازل له علاقة بائع مع المشترى منه فشروط الإجارة يتمسك بها على المتنازل له ولكن هناك التزام من التزاماته الإيجار الأصلي يلتزم بها المستأجر من الباطن كما يلتزم به المتنازل له وهذا الالتزام هو أن يستعمل الشئ المؤجر بحسب ما اعد له فإن العملية سواء كانت إيجارا جديدا أم كانت بيعا للحق محلها الانتفاع بالشيء المؤجر وهذا الانتفاع يجب استعماله وفقا لما أعد له الشيء .

3- العلاقة فيما بين المؤجر والمتنازل له أو المستأجر من الباطن

لا يستطيع المستأجر أن ينقل إلى المتنازل له عن الإيجار أو إلى المستأجر من الباطن حقوقا أكثر مما له هو نفسه فليس للمستأجر أن يخول المستأجر من باطنه حقوقاً غير التي تكون له هو على المباني التي يقيمها المستأجر من الباطن كذلك ليس للمستأجر أن يمنح المتنازل ل أو المستأجر من الباطن الحق فى مباشرة مهنة ليس له الحق في مباشرتها .
فالمتنازل له والمستأجر من الباطن يخضعان تجاه المؤجر لكل التزامات المستأجر الأصلي سواء أكانت ناشئه من عقد الإيجار الأصلي أم من الاتفاقيات المعدلة له .
والنزول عن الإيجار هو حوالة للحق فيكون للمتنازل له تجاه المؤجر كل الحقوق التي كانت للمستأجر في الإيجار الأصلي فيجوز له أن يرجع مباشرة على المؤجر بحقوقه و لكن هل للمستأجر من الباطن الحق في هذا ؟
لقد اختلف الرأي في فرنسا فمعظم الشراح والمحاكم لا يرون تخويل المستأجر من الباطن هذا الحق اى رفع دعوى مباشرة على المؤجر بل رأيهم أن له الدعوى غير المباشرة وهى دعوى المستأجر الأصلي وعلى ذلك فالمستأجر من الباطن عند وجود عيب في الشئ مثلا يجب أن يشترك مع سائر دائني المؤجر ف التعويض الذي يقضى به .
وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن الإيجار من الباطن لا ينشئ بذاته بين المؤجر والمستأجر من الباطن رابطة قانونية مباشرة تخول ثانيهما الرجوع بالضمان على الأول .
ومن رأي بعض الشراح في فرنسا أن الإجارة من الباطن تنشئ رابطة قانونية بين المؤجر والمستأجر من الباطن فالمؤجر قد مثله في عقد الإيجار من الباطن المستأجر الأصلي الذي يفترض أنه خوله بناء على كونه آجره الشيء من غير أن يمنعه من الإيجار من الباطن توكيلاً باختيار من يحل محله اى باختيار المستأجر من الباطن .
وهناك حالة متفق فيها على أن يكون للمستأجر من الباطن أن يقاضي مباشرة وذلك عندما تكون الدعوى مبنية لا على عقد الإيجار من الباطن وإنما على مسؤولية المؤجر التقصيرية اى الفعل الضار كما إذا طلب تعويضه عن الضرر الناشئ بسبب خطأ المؤجر أو عمل الأشخاص الذي يكون مسئولا عنهم .

خاتمة البحث:

من خلال ما تقدم أوضحنا أركان وشروط عقد الإيجار ورؤية فقه القانون تجاهه بشكل عام وتجاه مسألة التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار ووضحنا الأساس القانوني للتأجير من ولاحظنا إن الأصل في الفقه القانوني فيما يتعلق بالتأجير من الباطن أنه أمر مباح ما لم يعلق على شرط رضاء المؤجر ( المالك ) ولا يجبر المالك على القبول بما لم يتفق عليه وليس للمستأجر أن يبقى في المأجور أطول من المدة المتفق عليها ولا يجوز له التأجير من الباطن بمدة أطول من المدة المسموح له بها وان العقد ملزم للطرفين وبموجب إحكامه وشروطه المتفق عليها ، لكن طبيعة التحولات الاجتماعية وتعثر السياسة الإسكانية وطبيعة الأنظمة وما رافقه من زيادة في نفوس السكان وأخطاء التنفيذ في المعالجة بالاعتماد على البناء الأفقي دون العمودي وهذه الظروف وغيرها على المشرع أو المتصدي لأي بحث لهذه المشكلة أن يراعيها ويأخذها بنظر الاعتبار ، وحيث إن الغاية من الإيجار الحصول على منفعة معينة تتمثل بالمردود المادي لمالك العقار أي بمنفعة العقار بالنسبة للمستأجر .