بحث قانوني مفصل عن الجريمة العسكرية

مقال حول: بحث قانوني مفصل عن الجريمة العسكرية

بحث فى الجريمة العسكرية | Military crime research

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

خطة البحث

المبحث الاول
مفهوم الجريمة العسكرية

المطلب الاول

تعريف الجريمة العسكرية

المطلب الثانى

الصفة العسكرية

المطلب الثالث

الجريمة العسكرية والمخالفة الانضباطية

المبحث الثانى
تقسيم الجرائم العسكرية من حيث المصدر

المطلب الاول

الجرائم العسكرية البحته

المطلب الثانى

الجرائم العسكرية المخطلتة

المطلب الثالث

جرائم القانون العام

المبحث الأول

مفهوم الجريمة العسكرية
اختلف الفقهاء حول مفهوم الجريمة العسكرية ،حتى أنه أصبح لكل فقيه تعريف لمفهوم الجريمة العسكرية مختلف عن غيره. ومن هنا سنتناول فى هذا المبحث المعايير الرئيسية التى استند عليها الفقها للوصول إلى تعريف جامع مانع للجريمة العسكرية ،ثم سنتناول كيفية ثبوت الصفة العسكرية للشخص ليكون مخاطبا بأحكام قانون القضاء العسكرى ،وبعدها سنفرق بين الجريمة العسكرية والمخالفة
الإنضباطية على النحو التالى :

المطلب الأول : تعريف الجريمة العسكرية
المطلب الثانى : الصفة العسكرية
المطلب الثالث : الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية

المطلب الأول
تعريف الجريمة العسكرية
تمهيد وتقسيم :
التشريعات المختلفة لم تضع تعريفا محددا للجريمة العسكرية،وترك أمر التعريف للإجتهادات الفقهية،ويرجع صعوبة وضع تعريف جامع مانع للجريمة العسكرية إلى الأسباب الآتية :
1- إختلاف معيار تحديد الجريمة العسكرية عن غيرها من الجرائم .
2- إختلاف النظرة إلى الجريمة العسكرية من بلد إلى آخر ومن تشريع إلى آخر
3- صعوبة مفهوم الجريمة العسكرية.
وقد قرر المؤتمر الدولى الرابع لقانون العقوبات العسكرى ،أن مفهوم الجريمة العسكرية هو مفهوم صعب ،وأن معيار تعريفها يختلف بإختلاف مفهوم الجيش ومكانته التنظيمية والأدبية داخل الدولة.
إن نابليون لم يستطع أن يتوصل إلى تكوين فكرة دقيقة عن الجريمة العسكرية ،حيث قرر أن العدالة واحدة فى فرنسا ، فالشخص يكون مواطنا فرنسيا قبل أن يكون جنديا،فإذا قتل جنديا زميلا له ،فهو بلا شك قد ارتكب جريمة عسكرية،وفى الوقت نفسه يكون قد ارتكب جريمة مدنية،ويتعين إذن خضوع جميع الجرائم أولا إلى دائرة الإختصاص العام فى كل مرة تتمثل فيها.ومن ثم ينطبق على جريمة واحدة التكييف المدنى والعسكرى.
وقد اختلف الفقهاء فى تحديد مفهوم الجريمة العسكرية إلى ثلاثة معايير لتحديد مفهوم الجريمة العسكرية بالإضافة إلى معيار تكاملى يجمع بين هذه المعايير الثلاثة،وعليه سيتم تقسيم هذا المطلب على النحو التالى :

الفرع لأول: المعيار الشكلى
الفرع الثانى: المعيار الشخصى
الفرع الثالث: المعيار الموضوعى
الفرع الرابع: المعيار التكاملى

الفرع الأول
المعيار الشكلى

يطلق عليه المعيار القضائى، وهو من أسهل المعايير المحددة للجريمة العسكرية،ووفقا لهذا المعيار فإن الجريمة العسكرية هى: كل جريمة منصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى ،وهى التى تدخل فى إختصاص القضاء العسكرى.
وعليه فإن الجريمة العسكرية وفقا لهذا المعيار هى المنصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى ،أو التى يختص بنظرها القضاء العسكرى،حتى لو كانت تلك الجريمة من جرائم القانون العام.وهناك بعض التشريعات التى تنأخذ بهذا المعيار لتحديد الجريمة العسكرية ومنها التشريع الإنجليزى.
سبب سهولة هذا المعيار: لأنه وفقا لهذا المعيار لاى يكون مطلوبا سوى استعراض قانون القضاء العسكرى لمعرفة ما إذا كان الفعل مجرم فيه أو من عدمه،وكذا النظر فى إختصاص القضاء العسكرى لمعرفة ما إذا كان مختصا بنظر تلك الجريمة من عدمه.
وطبقا لذلك فإذا وجدنا أن الجريمة منصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى أو يختص بنظرها المحاكم العسكرية فإننا نكون أمام جريمة عسكرية.حتى ولو كان مرتكبها مدنى،وكذا إذا كان مرتكب الفعل عسكريا وكان الفعل يشكل جريمة جنائية عادية.وبذلك لا يوجد عناء لتحديد الجريمة العسكرية.
نقض المعيارالشكلى : رغم سهولة هذا المعيار ووضوحه فإنه منتقد لأنه يتسم بالسطحية،ولايفيد فى تحديد موضوع وجوهر الجريمة العسكرية،فطبقا لهذا المعيار فإن جميع الجرائم المنصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى ومنصوص عليها أيضا فى قانون العقوبات العام هى جرائم عسكرية.

الفرع الثانى
المعيار الشخصى

الأساس فى تحديد الجريمة العسكرية وفقا لهذا المعيار هو الصفة العسكرية،ومعنى الجريمة العسكرية وفق هذا المعيار أنها الجريمة التى يرتكبها شخص يتمتع بالصفة العسكرية ،أى أحد العسكريين أو الملحقين بهم،سواء كانت الجريمة من جرائم القانون العام أو من الجرائم العسكرية.
والعسكريون منصوص عليهم فى المادة4 من قانون القضاء العسكرى،وتتبنى بعض التشريعات هذا المعيار للتفرقة بين الجريمة العسكرية والجريمة العاديةومنها القانون الأردنى،والبحرينى،والتشريع الفرنسى الصادر فى 1790 .
نقد المعيار الشخصى: رغم ما يتميز به هذا المعيار من سهولة وبساطة ،إلا أنه لا يفيد أيضا فى تحديد جوهر الجريمة العسكرية.ويتسم بالسطحية،فإن كان هذا المعيار يصدق على بعض الجرائم وهى الجرائم العسكرية البحتة أو المختلطة التى لا يمكن وقوعها إلا من العسكريين أو من فى حكمهم ،إلا أنه لا يشمل جرائم القانون العام .
إضافة إلى ذلك فإن تطبيق هذا المعيار يؤدى إلى إدخال جرائم غير عسكرية فى طائفة الجرائم العسكرية ،ومن ذلك نص المادة السابعة فى فقرتها الثانية والتى تخرج الجرائم التى يكون أحد أطرافها من الأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون إذا كان معه شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكام قانون القضاء العسكرى.
وبناءا على ماسبق فإن المعيار الشخصى لا يعدو أن يكون معيارا كاشفا للمصلحة العسكرية ،ولا يصلح أن يكون معيارا حاسما.وبالتالى فهو غير كاف لتحديد جوهر الجريمة العسكرية وبيان مضمونها،هذا بالإضافة إلى أن الصفة العسكرية هى صفة مؤقتة بطبيعتها ،ولا يجوز أن نربط طبيعة الجريمة بمعيار مؤقت.

الفرع الثالث
المعيار الموضوعى

يكاد ينعقد الإجماع الفقهى على أن الجريمة العسكرية تتحد على أساس موضوعى،وهذا الأساس يعتمد فى تحديده للجريمة العسكرية على الأفعال التى تمس المصالح العسكرية.
وبناءا على هذا المعيار فإنه يجب ألا يتضمن قانون القضاء العسكرى إلا الجرائم التى تمس حالا ومباشرة المصلحة العسكرية،ويسبب ضررا ماديا وأدبيا بالقوات المسلحة.
ولكن يجب أن يتم فهم المصلحة العسكرية أو مصلحة القوات المسلحة بمعنى أضيق من مصلحة الدولة.
تعريف الجريمة العسكرية وفقا للمعيار الموضوعى: هو خروج أو اعتداء على مصالح الجماعة التى ينتمى إليها العسكرى. وبناءا على ذلك فإن نطاق الجريمة العسكرية بذلك يختلف عن نطاقها فى القانون الجنائى العام،لإختلاف دور كل منهما دون إختلاط بينهما.

الفرع الرابع
المعيار التكاملى

يرى الأستاذ الدكتور إبراهيم الشرقاوى مع الإجماع الفقهى على أن المعيار الموضوعى يصلح كأساس لتمييز الحرية العسكرية،لأن هذا المعياريركز على جوهر الجريمة العسكرية ،ويحدد طبيعة المصلحة المراد حمايتها بالنص عليها فى قانون القضاء العسكرى،لذلك فإنه يجب قصر الجريمة العسكرية على تلك التى تمس حالا ومباشرة النظام العسكرى وتسبب ضررا ماديا أوأدبيا له.
ولما كان مصطلح الجريمة العسكرية هو مصطلح قانونى وليس مصطلحا فقهيا،لوروده فى قانون القضاء العسكرى المصرى،وذلك على الرغم من أن هذا القانون يتضمن النص على جرائم منصوص عليها فى قانون العقوبات العام لكن يختص بنظرها القضاء العسكرى باعتبار شخص مرتكبها إذا كان خاضعا لهذا القانون،وهوما يؤكد استبعاد المعيارين الشكلى والشخصى منفردين.
تعريف الجريمة العسكرية وفقا للمعيار التكاملى:
سلوك غير مشروع ،منصوص عليه فى قانون القضاء العسكرى ،يرتكبه عسكرى،يمس حالا ومباشرة المصلحة العسكرية ويسبب ضررا لها أو يعرضها لخطر تكرار الضرر،ومقرر له جزاء جنائى .
عناصر التعريف :

1- الجريمة العسكرية هى سلوك : أى هى فعل أو امتناع عن فعل يأمر به قانون القضاء العسكرى ،أو ينهى عنه ،وهو مايشكل ماديات الجريمة ،ويحقق الركن المادى لها.
2- هذا السلوك غير مشروع: عدم المشروعية هنا يقرره قانون القضاء العسكرى استنادا إلى مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات،فلا جريمة عسكرية إذا كان الفعل غير منصوص على تجريمه فى قانون القضاء العسكرى.
3- سلوك صادر عن إرادة إجرامية: وهى إرادة الإنسان ،ولكى يعتد بالإرادة فيجب أن تكون مميزة ومدركة وحرة ومختارة.وإلا فإنها لا تصلح لإنتساب الجريمة إليها معنويا ،والفعل الإجرامى قد يكون عمديا أو غير عمدى أو متجاوزا لقصد فاعله.
4- أن يكون مرتكب السلوك عسكريا : وقد حددت المادة 4 من قانون القضاء العسكرى الأشخاص المتصفون بالصفة العسكرية،وهذه الصفة هى شرط لخضوع الشخص لقانون القضاء العسكرى .
5- هذا السلوك مقرر له جزاء جنائى: لابد أن يكون هذا الجزاء متسما بالطابع الجنائى ،وهو الأثر المترتب على إرتكاب الجريمة .ولا يكون السلوك جريمة إلا إذا كان مقررا له جزاء منصوص عليه فى قانون القضاء العسكرى المصرى .

المطلب الثانى
الصفة العسكرية
تمهيد وتقسيم :
لما كانت الصفة العسكرية هى الأساس فى مخاطبة قانون القضاء العسكرى لمن يتصف به أصلا أو حكما ،لقد اختلف الفقه بشأن متى تثبت الصفة العسكرية إلى ثلاثة اتجاهات سيتم تناولها من خلال المطالب التالية :
الفرع الأول : استلزام الخدمة الفعلية لثبوت الصفة العسكرية
الفرع الثانى : اكتساب الصفة العسكرية بصدور قرار التعيين
الفرع الثالث : الإتجاه التكاملى
الفرع الرابع : طبيعة الصفة العسكرية

الفرع الأول
استلزام الخدمة الفعلية لثبوت الصفة العسكرية

يرى أنصار هذا الرأى أنه يشترط لثبوت هذه الصفة أن يزاول الخدمة فعليا فى القوات المسلحة،ويستند أنصار هذا الرأى إلى النقاط التالية :
لو تم الإكتفاء فقط بثبوت الصفة العسكرية دون اشتراط المزاولة الفعلية للخدمة العسكرية ،سيؤدى إلى الخروج عن الغاية من النص فيما يلى
· اتساع نطاق تطبيق قانون القضاء العسكرى بما لا يتفق والحكمة من هذا القانون.
· عدم الإتفاق مع هدف المشرع ذاته،الذى حاول تنظيم الأفعال الإجرامية التى تقع من أفراد يتصلون اتصالا مباشرا بالمصلحة العسكرية.
· سيؤدى ذلك إلى امتداد النصوص التجريمية فى هذا القانون ليخاطب العسكريين الذين يعملون بجهات مدنية ولا يمتون بصلة بالمصلحة العسكرية للدولة .
حالة الاجازات بأنواعها:
ان ربط الخضوع لقانون القضاء العسكرى بالخدمة الفعلية،ليس معناه ان العسكرى لا يخضع لهذا القانون فى حالة قيامه باجازة اعتيادية أومرضية أو دراسية ،وذلك لأن العسكرى فى هذه الحالات يعتبر أيضا فى الخدمة العسكرية،لأن تنظيم قواعد الخدمة العسكرية تقتضى أيضا تنظيم الاجازات بأنواعها .
حالة الإحتياط:
وهى حالات التسريح من الخدمة ،سواء المطلقة التى يجوز فيها استدعاء الشخص للخدمة فى حالات معينة ،أو حالات التسريح غير المحددة التى يجوز فيها الأستدعاء للخدمة فى أى وقت ،فإن الصلة بالقوات المسلحة فى تلك الحالتين تنقطع بصدور أمر التسريح من الخدمة ،ولا تعود الصفة العسكرية من جديد إلا فى حالة الإستدعاء،حتى ولو لم يتم تنفيذ أمر الإستدعاء من قبل المستدعى طالما انتهت المهلة المحددة لتنفيذ أمر الإستدعاء.
حالة التجنيد الإجبارى :
تثبت الصفة العسكرية بصدور أمر الإستدعاء ،فى حالات التجنيد الإجبارى والتكليف العسكرى ،فإذا تم تحديد مدة زمنية كمهلة لتنفيذ أمر الإستدعاء لفإن الصفة العسكرية تثبت للمستدعى بعد إنتهاء هذه المدة .

الفرع الثانى
اكتساب الصفة العسكرية بصدور قرار التعيين

يرى أنصار هذا الإتجاه أن الصفة العسكرية تثبت من التاريخ الذى يحدده قرار التعيين أو التولية. لأن هذا التاريخ يكسب الشخص مركزا قانونيا فى الجيش ويخضعه لكافة الأنظمة والقوانين المعمول بها فى القوات المسلحة ،ولايشترط – وفقا لهذا الرأى- مزاولة الخدمة فعليا لثبوت الصفة العسكرية،وتظل هذه الصفة ملازمة للشخص حتى انتهاء خدمته بالقوات المسلحة وفقا للطرق التى حددها القانون.
حالة الفرار من الخدمة العسكرية:
يرى أنصار هذا الرأى أنه على الرغم من أن العلاقة الفعلية بين القوات المسلحة،والفار من الخدمة قد انقطعت ،إلا أن العلاقة التنظيمية تظل قائمة حتى تنهيها جهة الإدارة .
أما عن مدى خضوع الفار من الخدمة العسكرية لقانون القضاء العسكرى عن الجرائم التى يرتكبها فى مدة فراره، فإنهم يرون أن انتهاء المهلة المحددة لعودة الشخص الفار يعتبر قطعا للعلاقة الوظيفية، ومنهيا لمركزه القانونى الذى يشغله،وبذلك تنحسر عنه كافة قوانين وأنظمة القوات المسلحة ،ويتم ملاحقته فقط عن جريمة الفرار التى ارتكبها أثناء خدمته العسكرية.
حالة انهاء خدمة العسرى لأى سبب دون علمه:
إذا صدر قرار إنهاء خدمة العسكرى لأى سبب سواء بالتسريح أو الإحالة للتقاعد،ولكن دون علم العسكرى بالقرار لمدة قد تطول أو تقصر ،حيث أنه من الناحية القانونية فإن خدمته قد انتهت وبالتالى تنتفى عنه الصفة العسكرية،لكن من الناحية الواقعية فهو يمارس خدمة فعلية فى القوات المسلحة . يرى أصحاب هذا الرأى أنه طبقا للقواعد العامة يخضع للقانون العسكرى حتى ابلاغه بقرار انهاء خدمته،أخذا بنظرية الموظف الفعلى فى القانون الإدارى .

الفرع الثالث
الإتجاه التكاملى
يرى الأستاذ الدكتور إبراهيم الشرقاوى أن الصفة العسكرية تثبت للشخص بصدور قرار التعين،ومزاولته الفعلية للخدمة فى القوات المسلحة.
لأن صدور قرار التعيين يكسب الشخص مركزا قانونيا فى القوات المسلحة ومزاولته الخدمة الفعلية هى المبرر لصدور قانون القضاء العسكرى ،لتنظيم الأعمال الإجرامية التى تقع من الأفراد الذين يتصلون اتصالا مباشرا بمصلحة النظام داخل القوات المسلحة.
نقد الرأى الأول : إن ثبوت الصفة العسكرية بمجرد صدور قرار التعيين دون اشتراط الخدمة الفعلية ،يؤدى إلى اتساع نطاق تطبيق قانون القضاء العسكرى ،وكذا يؤدى إلى خروج النص عن غايته التى يرمى لها ،مما يؤدى إلى تطبيق قانون القضاء العسكرى على العسكريين الذين يعملون بجهات مدنية لا تمت للقوات المسلحة بصلة،كالذين يعينون سفراء أو محافظين.
ووفقا لهذا الرأى فإن مجرد الإستدعاء للخدمة العسكرية لا يكسب المطلوب الصفة العسكرية ،إلا بعد الإنخراط فى القوات المسلحة،وإن كان هذا لا يمنع من محاكمته أمام القضاء العسكرى عن جريمة التخلف عن أداء الخدمة العسكرية،وكذا جريمة التخلف عن الإستدعاء للإحتياط بدون عذر.

الفرع الرابع
طبيعة الصفة العسكرية

من المجمع عليه أن الصفة العسكرية شرط فى الجريمة العسكرية ،وعليه فإنخ يجب توافر هذه الصفة وقت ارتكاب الجريمة وليس وقت المحاكمة .فثبوت الصفة العسكرية أصلا أو حكما هى من مفترضات ارتكاب الجريمة العسكرية المنصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى.
وقد قضت محكمة النقض بأن المستفاد من نص المادة السابعة من قانون القضاء العسكرى أن المشرع جعل الإختصاص للقضاء العسكرى منوطا بتوافر صفة معينة لدى الجانى وقت ارتكاب الجريمة،وهى الصفة العسكرية.
لهذا يرى بعض الفقه أن مجرد الإستدعاء للخدمة العسكرية لا يسبغ على الشخص الصفة العسكرية ،إلا إذا انخرط فى الخدمة العسكرية بالفعل ،حتى يتشبع بروح الطاعة والإنضباط،والتدريب على إطاعة الأوامر ،حتى تثبت له الصفة العسكرية من الناحية الشكلية والموضوعية.
إلا أن بعض الفقه يرى أن الصفة العسكرية ركن فى الجريمة العسكرية ،على أساس أن أركان الجريمة هى جميع العناصر الأساسية اللازمة لوجود جريمة معينة والتى بدونها لاتقوم الجريمة.
ومما لاشك فيه أن الصفة العسكرية تلعب دورا محددا وضابطا بالنسبة للأفعال التى يرتكبها من يتصفون بها.بالإضافة إلى أ، هذه الصفة هى أهم مايميز قانون القضاء العسكرى عن غيره لأنه يخاطب هذه الفئة،التى حددتها المادة الرابعة من قانون القضاء العسكرى،وان كان قد استعار معظم نظرياته ومنها أركان الجريمة من القانون العام.
ويرى هذا الرأى أن الصفة العسكرية تتحدد على أساس قواعد لا يتضمنها قانون القضاء العسكرى ،أو لا تمت بصلة لقواعد التجريم ،لأنها تتحدد على أساس لوائح منبثقة من طبيعة المجتمع العسكرى،وأن هذه الصفة بتحديدها السابق تحدد الأفعال الداخلة فى نطاق القانون العسكرى الذى تتميز أفراده عن أفراد المجتمع المدنى،وهى ليست مجرمة بنصوص القانون العام.
وبناءا على ما تقدم فإن الغلط فى هذه الصفة من شأنه أن ينفى القصد الجنائى ،وبالتالى تمتنع المسئولية الجنائية عن مرتكبها ،وهنا لايمكن التحدث عن إمكانية توافر جريمة أخرى لأن الأصل ألا يتضمن القانون العسكرى إلا الأفعال التى دعت الضرورة إلى تجريمها وإلا فقد القانون العسكرى مبرر وجوده.

المطلب الثالث
الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية
تمهيد وتقسيم :
العلاقة بين الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية بينهما الكثير من أوجه الشبه،كما يوجد العديد من أوجه الإختلاف وعليه سنقسم هذا المطلب كما يلى:
الفرع الأول : أوجه التشابه بين الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية
الفرع الثانى: أوجه الإختلاف بين الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية

الفرع الأول
أوجه التشابه بين الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية

أولا:من حيث الجانى
الجانى فى كل من الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية هو الشخص الذى يتمتع بالصفة العسكرية ،وهم الأشخاص المذكورون فى نص المادة الرابعة من قانون القضاء العسكرى.
ثانيا: من حيث تعريف كل منهما:
لم تعرف التشريعات العسكرية الجريمة العسكرية ،كما أنه لم يرد تعريف للمخالفة الإنضباطية ،لذلك نجد أن الفقه يتبارى لوضع التعريفات لكل من الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية.
ثالثا: من حيث أساس المسئولية:
أساس المسئولية بصفة عامة هو إخلال بواجب يفرضه القانون والهدف منها مكافحة الجريمة ،والوسيلة فى ذلك تقرير عقاب يوقع باسم المجتمع تنفيذا لحكم قضائى ،وهذا هو الحال بالنسبة للجريمة العسكرية .
أما بالنسبة للمخالفة الإنضباطيه فأساس المسئولية فيها هو الإخلال بواجبات الوظيفة سواء السلبية أو الإيجابية،والهدف ضمان حسن سير المرفق بانتظام واطراد،والوسيلة فى ذلك جزاء الموظف الذى أخل بواجبه تأديبيا .
وبناءا على ماسبق فإن أساس المسئولية ،فى كل من الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية هو الخطأ المحدد الذى يسند إلى المتهم ويثبت فى حقه.
رابعا: من حيث تأثر أحكام كل مسئولية بالأخرى:
إذا كون الفعل أكثر من جريمة ،وبالتالى أكثر من مسئولية ،فإن أحكام المسئوليات تتأثر ببعضهما.
ومعنى ذلك إذا ارتكب العسكرى فعلا بالمخالفة لأحكام قانون القضاء العسكرى وكان نفس هذا الفعل يشكل مخالفة انضباطية ،فى هذه الحالة يتم الإنتظار لحين فصل القضاء العسكرى فى الموضوع،لأن الحكم هو عنوان الحقيقة من ناحية اسناد الفعل أو عدم اسناده للمتهم ،وهنا تلتزم سلطة التأديب بالحكم. لكن هذا لا يحول دون توقيع الجزاء التأديبى عن ذات الواقعة بوصفها تشكل خطا إذا كان سبب البراءة مثلا بطلان فى الإجراءات،أو تخلف أحد أرجان الجريمة.
وفى هذه الحالة نلاحظ مدى تأثر نظام التجريم فى الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية العسكرية بأفكار قانون العقوبات العام.
خامسا: من حيث العفو:
تخضع الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية العسكرية لنظام العفو، والعفو نوعان:
النوع الأول: العفو الشامل
ويقصد به نزول الدولة عن حقها فى عقاب الجانى ،وهذا العفو يزيل الجريمة ذاتها،وأداة العفو الشامل صدور قانون بذلك، ويمتد سريان مفعول العفو الشامل فى الجريمة العسكرية على الجريمة التأديبية ولكن بنص خاص. وفى هذه الحالة لاتستطيع الجهة الرئاسية أن تعاقب بعقوبة تأديبية على الجريمة العسكرية التى صدر بشأنها العفو .
النوع الثانى :العفو عن العقوبة
ويقصد به التنازل عن الحق فى توقيع العقوبة فقط،بمعنى إزالة آثار العقوبة بعد مرور مدة معينة إذا حسنت أخلاق مرتكب الجريمة ،ولم يرتكب ما يعرضه للعقاب.
سادسا: من حيث الآثار العقابية:
هناك تشابه فى الآثار العقابية لكل من الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية العسكرية ،فكلاهما يؤثر على حياة ومستقبل مرتكبهما باعتباره عسكريا،وفى جميع الأحوال فهى تؤثر على الشخص بصفته الشخصية.
سابعا:من حيث الإثبات وإجراءات التحقيق:
يجب أ يتم اثبات الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية على أساس اليقين ، والتأكد من ارتكاب الفعل المكون لماديات الجريمة العسكرية أو المخالفة الإنضباطية.
وتتفقان كذلك من حيث اجراءات التحقيق ،فيجب أن يكون التحقيق قانونى،ويتوافر فيه كافة الضمانات القانونية من كفالة حق الدفاع،وسماع الشهود…الخ

الفرع الثانى
أوجه الإختلاف بين الجريمة العسكرية والمخالفة الإنضباطية

أولا:من حيث المصدر:
قانون القضاء العسكرىرقم 25لسنة1966 وتعديلاته هو المصدر الوحيد للجريمة العسكرية ،إلا أن المخالفة الإنضباطيه لها أكثر من مصدر ،منها قانون القضاء العسكرىو قوانين الخدمة المتعلقة بالقوات المسلحة على تعددها.
ثانيا:من حيث الطبيعة:
الجريمة العسكرية قوامها أفعال يرتكبها العسكرى بالمخالفة لأحكام قانون القضاء العسكرى ،وتقوم محاكم القضاء العسكرى بالفصل فى تلك الجرائم وفقالإجراءات المنصوص عليها ،أو وفق قانون الإجراءات الجنائية حسب الأحوال.
لكننا نجد أن المخالفة الإنضباطية العسكرية تخضع لتقدير الرئيس العسكرى فى توقيع الجزاء التأديبى.
من ناحية العقوبة نجد أن قانون القضاء العسكرى قد حدد الجرائم ،وأركانها وكذ العقوبة المقررة عن كل فعل على حدة،ولم يترك للقاضى حرية التقدير إلا فى العقوبات المحددة بحد أقصى وأدنى .
أما بالنسبة للمخالفات الإنضباطية العسكرية ، فقد استخدم المشرع أوصافا واسعة فى واجبات العسكريين ،والأفعال المحظورة عليهم ،ولم يحدد الجزاء التأديبى لكل فعل على حدة ،باستثناء لوائح الجزاءات العسكرية.
ثالثا:من حيث مبدأالقانونية:
الجرائم العسكرية تخضع لمبدأ قانونية الجريمة والعقوبة ،أى أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص .
أما المخالفة الإنضباطية فهى تخضع للإطار العام الذى لا يجوز أن تتعداه سلطة التأديب فى اعتبار أفعال بذاتها مخالفة انضباطية ،فالمخالفات الإنضباطية غير محددة على سبيل الحصر،وعلة ذلك أن المخالفات الإنضباطية هى مما يمس المعنويات التى لا يمكن حصرها.
رابعا:من حيث الإختصاص بتوقيع الجزاء:
تختص محاكم القضاء العسكرى بتوقيع العقوبات فى الجرائم العسكرية ،فى حين تختص السلطات الرئاسية العسكرية- على اختلافها- بتوقيع الجزاء التأديبى على العسكريين
وهذا لايمنع المحاكم العسكرية من توقيع جزاءات تأديبية على مرتكبى الجرائم العسكرية،لأن القاضى العسكرى يتمتع بصلاحيات واسعة فى قانون القضاء العسكرى.
خامسا: من حيث العقوبات المقررة:
حدد قانون القضاء العسكرى العقوبات التى توقعها المحاكم العسكرية على سبيل الحصر ،وهى الإعدام والسجن المشدد والمؤقت و السجن والحبس والغرامة ،كما أجاز توقيع العقوبات الأصلية الآتيه على الضباط وهى الطرد من الخدمة عموما وتنزيل الرتبة والحرمان من الأقدمية والتكدير.
أما الجزاءات التأديبية التى توقعها السلطة الرئاسية العسكرية فهى غير محددة لكل فعل ،وتنص عليها لوائح الجزاءات العسكرية وللرئيس العسكرى سلطة واسعة من حيث تطبيقها على المخالفات الإنضباطية.
سادسا: من حيث المسئولية عن عمل الغير:
العقوبة فى الجريمة العسكرية شخصية بحتة تقع على مرتكبها،أما المخالفة الإنضباطية فتمتد فى كثير من الأحيان لتشمل الغير وخصوصا وإن كان له سلطة رئاسية أو إشرافية على مرتكبها.
سابعا:من حيث الإجراءات:
الجريمة العسكرية تخضع أثناء المحاكمة للإجراءات المنصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى ،أو قانون الإجراءات الجنائية العام،أما المخالفة الإنضباطية العسكرية فلا يخضع مرتكبها لتلك الإجراءات.

المبحث الثانى
تقسيم الجرائم العسكرية من حيث المصدر

يقسم الفقهاء الجريمة العسكرية من حيث النص المقرر لجريمة العسكرية إلى جرائم عسكرية بحتة،وجرائم عسكرية مختلطة ،وجرائم قانون عام.
وسيتم توضيح كل نوع فى مطلب مستقل على النحو التالى :

المطلب الأول : الجرائم العسكرية البحتة

المطلب الثانى: الجرائم العسكرية المختلطة

المطلب الثالث: جرائم القانون العام

المطلب الأول
الجرائم العسكرية البحتة
هى الجرائم المنصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى،وليس لها مثيل فى القانون الجنائى العام ،أو القوانين الملحقة به،بل انها قد تكون مباحة فى نظر هذه القوانين،وهى جرائم لا يتصور ارتكابها من غير العسكريين.
ومن أهم الجرائم العسكرية البحتة فى قانون القضاء العسكرى المصرى:
1-جرائم عدم إطاعة الأوامر: حيث ينص قانون القضاء العسكرى المصرى فى المادة 151 منه على أن يعاقب بالإعدام أو بأى جزاء أقل منه منصوص عليه فى هذا القانون ،كل شخص خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب الجريمة الآتية :عدم إطاعته أمرا قانونيا صدادرا له من شخص ضابطه الأعلى ،فى وقت تأدية خدمته بطريقة يظهر منها رفض السلطة عمدا،سواء صدر له هذا الأمر شفهيا ،أو كتابة،أو بالإشارة ،أو بغير ذلك ،أو تحريض الآخرين على ذلك. وكذلك نص القانون العسكرى على عقاب العسكرى الذى لا يطيع أمر ضابطه الأعلى فى غير وقت تأدية الخدمة ،كما نص قانون القضاء العسكرى على عقاب من يهمل فى تنفيذ أمر ضابطه الأعلى فى المادة 153منه.
2- جرائم مخالفة واجبات الخدمة والحراسة : وقد عددت المادة 139 من قانون القضاء العسكرى سبعة صور لجريمة مخالفة واجبات الخدمة والحراسة،وقد ميزت بين حالة ارتكابها فى خدمة الميدان فيعاقب عليها بالإعدام أو بجزاء أقل منه منصوص عليه فى هذا القانون،وبين حالة ارتكابها فى غير خدمة الميدان فإن كان ضابطا عوقب بالطرد أو جزاء أقل منه،وإن كان عسكريا كانت العقوبة الحبس أو جزاء أقل منه،وقد تم تشديد العقوبة فى حالة خدمة الميدان لحمة أوردتها المذكرة الإيضاحية وهى الحرص على عدم التهاون أثناء خدمة الميدان للآثار الخطيرة التى قد تترتب على مخالفة واجبات الخدمة والحراسة.
3- الجرائم النتعلقة بالخدمة العسكرية: وهى جرائم الهروب والغياب والتمارض والتشويهوجرائم دخول الخدمة بطريق الغش.
ومعيار التفرقة بين جرائم الهروب والغياب وفقا للمذكرة الإيضاحية يرجع إلى مناقشة قصد الفاعل ،وظروف تغيبه فى ضوء الوقائع الفعلية.

وأخيرا يجب التنويه إلى أن قانون القضاء العسكرى يحوى غير ذلك من الجرائم العسكرية البحتة،مثل جرائم السلوك المضربالضبط والربط العسكرى، ومنها أيضا جرائم إلقاء السلاح أمام العدو،أو تسليمه موقعا،والوقوع فى الأسر لعدم اتخاذ مايلزم من الإحتياطات أو لسبب مخالفة الأوامر.
وكل هذه الجرائم يصدر بها حكم جنائى من المحاكم العسكرية ،ووفقا للإجراءات الجنائية المنصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى فى خصومة عامة طرفيها المجتمع العسكرى الذى تمثله النيابة العسكرية،والمتهم .ويحوز الحكم البات الصادر فيها حجية الشئ المقضى به فى مواجهة الكافة .

المطلب الثانى
الجرائم العسكرية المختلطة
هى الجرائم المنصوص عليها فى قانون القضاء العسكرى ،ومنصوص عليها فى ذات الوقت فى قانون العقوبات العام ، أو القوانين الملحقة به.بمعنى أن الواقعة محل التجريم تكون جريمة عسكرية ،وفى نفس الوقت جريمة عادية،إلا أنه وتطبقا لقاعدة الخاص يقيد العام ،فإن النص الذى يطبق هو نص قانون القضاء العسكرى ،فإذا لم يكن ممكنا تطبيق النص العسكرى فيطبق على الواقعة النص الوارد فى قانون العقوبات العام.
ويوجد فى قانون القضاء العسكرى العديد من الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات العام،وعلة تجريمها فى القانون العسكرى هى حماية المصلحة العسكرية ،التى تتميز بشخص مرتكبها أو بالمصلحة المحمية.
وقد نجد أن النصين متشابهين فى بعض مواد القانون الجنائى العسكرى وقانون العقوبات العام ،إلا أننا نجد أن العقوبة المقررة فى قانون القضاء العسكرى مختلفة نظرا لأن من يرتكبها له الصفة العسكرية ،ومثال ذلك جريمة تسهيل دخول العدو أراضى الجمهورية ،أو تسليمه مدنا أو حصونا،عقوبة هذه الجريمة فى القانون العسكرى هى الإعدام أو جزاء أقل منه منصوص عليه فى هذا القانون ،بينما فى قانون العقوبات العام فالعقوبة الإعدام.
وقد اختلف الفقه حول طبيعة هذه الجرائم التى اصطلح على وصفها بالجرائم العسكرية المختلطة إلى اتجاهين:-
الإتجاه الأول:
يرى فقهاء هذا الإتجاه ،أ، هذه الجرائم لا تعد جرائم عسكرية،حتى ولو وقعت من العسكريين،لأن أساس تجريم تلك الجرائم هو قانون العقوبات العام ، وفى رأيهم أنه كان على المشرع العسكرى عدم تضمين قانون القضاء العسكرى أية جريمة لها نظير فى القانون العام.وأن يعيد فقط صياغة الجرائم التى يريد تشديد عقوبتها حماية للمصالح العسكرية،مع اعتبار ارتكابها من عسكريين ظرفا مشددا،وذلك دون إعادة النص عليها فى قانون القضاء العسكرى.
الإتجاه الثانى:
يرى أنصار هذا الإتجاه أنها جرائم عسكرية ،ولا مانع من النص عليها فى كلا القانونين،لأن النص الوارد فى قانون القضاء العسكرى قد أدخل إلى الواقعة الأصلية عناصر أخرى تميزها وتخصصها فى ذات الوقت.
رأى الأستاذ الدكتور إبراهيم الشرقاوى:
يؤيد الرأى الأول فيما ذهب إليه من أن الجرائم المختلطة هى جرائم قانون عقوبات عام عادية،ويجب تنقية قانون القضاء العسكرى من المواد التى لا تمس القوات المسلحة بطريقة مباشرة.

المطلب الثالث
جرائم القانون العام
هى تلك الجرائم التى ورد النص عليها فى قانون العقوبات العام والقوانين المكملة له،ولم يرد بشأنها نص فى قانون القضاء العسكرى،ولكن ورد النص على إختصاص القضاء العسكرى بها،فهى الوجه العكسى للجرائم العسكرية البحتة.
وقد ورد النص على اختصاص القضاء العسكرى بهذه الجرائم فى المواد5،7من قانون القضاء العسكرى ،وهذه الجرائم لا تعد اعتداءا على النظام العسكرى ،ومن ثم يتساوى فيها العسكريون وغيرهم.
المادة 5 من قانون القضاء العسكرى :
تنص على أن تسرى أحكام هذا القانون على كل من يرتكب إحدى الجرائم الآتية :
أ‌- الجرائم التى تقع فى المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن أو الطائرات أو المركبات أو المحلات التى يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة أينما وجدت.
ب‌- الجرائم التى تقع على معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة وكافة متعلقاتها.
هذه الجرائم من المتصور أن يرتكبها العسكريون والمدنيون ،وإذا كان التشريع المصرى قد أخضعها لإختصاص القضاء العسكرى إلا أنها لا تعد جرائم عسكرية.
وسبب إخضاع هذه الجرائم للقضاء العسكرى كما جاء بالمذكرة الإيضاحية :
· لأن هذه الجرائم تمس أمن وسلامة ومصالح القوات المسلحة أيا كان مرتكبها
· القوات المسلحة أولى بمحاسبة من يتعدى على أمنها وسلامتها
· سرعة الإجراءات المتبعة فى المحاكم العسكرية مما يحقق الردع العام
· يتطلب نظر هذه القضايا ضرورة توافر الخبرة العسكرية فيمن ينظرها،لتعلقها بشئون عسكرية
· استلزام سؤال شهود عسكريين
ويجب أن نوضح أن الأماكن الوارد ذكرها فى الفقرة (أ) هى إما أماكن عسكرية بطبيعتها ،أو أماكن عسكرية بالتخصيص.
ويتبين من نص الفقرة أنه يتعين للإقرار باختصاص القضاء العسكرى ،أن يكون شغل العسكريين لهذه الأماكن لصالح القوات المسلحة،لأن الغاية المخصصة له هذه الأماكن هو المصلحة العامة العسكرية.
وهدف المشرع فى الفقرة(ب) من تلك المادة ،هو مد اختصاص القضاء العسكرى ليشمل الجرائم التى يكون محلها شيئا ماديا مملوكا للقوات المسلحة،كما يشمل الجرائم التى تقع على أسرار القوات المسلحة ولو لم تتضمنها وثائق.
وباءا على ذلك فقد قضت محكمة النقض باختصاص القضاء العسكرى بنظر واقعة المنصة الشهيرة ،تأسيسا على أن الجرائم التى وقعت وارتكبت ورتبت آثارها الجنائية فى منصة العرض والتى لا تستخدم إلا بمعرفة القوات المسلحة ،ولصالحها فى المناسبات العسكرية،هذا فضلا عن أن البدء فى تنفيذ جرائم قتل المجنى عليهم والشروع فيها قد تم ابان ركوب المتهمين سيارة عسكرية،أى أنها وقعت فى إحدى المركبات التى تملكها القوات المسلحة.
المادة 7 من قانون القضاء العسكرى :
تنص على أن تسرى أحكام هذا القانون أيضا على ما يأتى
1- كافة الجرائم التى ترتكب من أو ضد الأشخاص الخاضعين لأحكامه متى وقعت بسبب تأديتهم أعمال وظائفهم.
2- كافة الجرائم التى ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه مالم يكن فيها شريك أو مساهم من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون.
ومن المفهوم أن المقصود بكافة الجرائم فى النص السابق هو جرائم القانون العام العادى ،إذ لو كانت جرائم عسكرية لما استلزم المشرع النص عليها فى هذه المادة .
والعلة من نص الفقرة الأولى من المادة السابقة كما جاء بالمذكرة الإيضاحية هى :
· وقوع الجريمة بسبب تأدية أعمال الوظيفة أمر يرتبط بالنظام العسكرى
· بحث وتحقيق هذه الجرائم يتطلب البحث فى اختصاصات الأجهزة العسكرية،وهو ما يجب أن يكون بمنأى عن البحث من أجهزة غير مختصة،حفاظا على سرية وأمن وسلامة القوات المسلحة.
· الإجراءات السريعة والحاسمة للقضاء العسكرى تحفظ للأفراد حقوقهم كما تحفظ للقوات المسلحة أمنها وسلامتها.
أما الفقرة الثانية فهى تتعلق باختصاص القضاء العسكرى بكافة الجرائم التى يرتكبها العسكريون ،إذا لم يكن فيها شريك أو مساهم من غيرهم،وزهى كافة الجرائم التى تقع على الحق العام مثل المشاجرات والسرقات وغيرها من الجرائم التى تقع خارج الثكنات والمعسكرات ولا تتعلق بأعمال الوظيفة .
أما عن علة اختصاص القضاء العسكرى فى هذه الحالة ،هى أن القوات المسلحة أولى بإصلاح المخطئ من أفرادها ،على الوجه الذى تستوجبه النظم العسكرية،ويحفظ لها الضبط والربط بين أفرادها.ولأن تصرفات أفراد القوات المسلحة يجب أن تكون بمنأى عن التداول بين عامة المواطنين.

تم الحصول على البحث من | http://aboel3oreef.blogspot.com/p/blog-page_7432.html

شارك المقالة

2 تعليق

  1. معلش لو أردنا التطرق التفرقة بين الجريمه العسكرية والجريمه الارهابيه

  2. هل التخلف عن الاستدعاء يؤثر عند استخراج الفيش الجنائي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.