المفهوم القانوني للقرار السلبي و القرار الضمني حسب القضاء الإداري

مقال حول: المفهوم القانوني للقرار السلبي و القرار الضمني حسب القضاء الإداري

القرار السلبي والقرار الضمني

المؤلف : صعب ناجي عبود الدليمي
الكتاب أو المصدر : الدفوع الشكلية امام القضاء الاداري في العراق

نصت الفقرة (3) / هـ / ثانياً من المادة السابعة من قانون التعديل الثاني لمجلس شورى الدولة رقم 106 لسنة 1989 (.. يعتبر في حكم القرارات والامور التي يجوز الطعن فيها رفض أو امتناع الموظف أو الهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي عن اتخاذ قرار أو أمر كان من الواجب عليها اتخاذه قانونياً ).

ومن خلال هذه الفقرة يتضح بان مفهوم القرار السلبي، مرهون بان يكون من الواجب على جهة الإدارة اتخاذ مثل ذلك القرار الا إنها امتنعت عن اصداره، أما إذا كان المشرع يخولها ثمة سلطة تقديرية عن اصداره من عدمهِ، كرفض طلب الاستقالة، أو اوامر النقل.. الخ فهنا تخلف مقصد القرار السلبي وتصبح الدعوى التي توجه الى امتناع جهة الإدارة غير مقبولة وذلك لافتقارها القرار الإداري الذي هو محلها ومن التطبيقات القضائية لمحكمة القضاء الإداري قرارها المؤرخ في 18/2/1998اذ جاء فيه(من خلال الاطلاع على اوراق الدعوى تبين أن المدعي يعمل موظفاً في الشركة العامة للصناعات النسيجية بوظيفة م.

مهندس كهربائي وقد قدم طلباً للاستقالة من الوظيفة بتاريخ30/10/1997 الا أن المدعي عليه مدير عام الشركة إضافة لوظيفته قد رفض الطلب وذلك للحاجة الى خدماتهِ ولعدم قناعة المدعي بقرار المدعي عليه إضافة لوظيفته فقد طعن بقرار المدعي عليه بتاريخ 2/11/1997.وقد قررت المحكمة رد الدعوى اذ أن قبول الاستقالة ورفضها أمر متروك لسلطة الإدارة التقديرية استناداً الى أحكام المادة35/ فقرة 2 من قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة1960 المعدل)(1).

وبهذا الاتجاه أخذ مجلس شورى الدولة المصري اذ نصت الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972على انه (ويعتبر في حكم القرارات الادارية رفض السلطات الادارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح ) وقد قضت المحكمة الادارية العليا بهذا الشأن قرارها المؤرخ في 28/1/1995 اذ جاء فيه ( ومن حيث أن قضاء المحكمة الادارية العليا جرى على مناط وجود قرار سلبي بالامتناع أن ترفض الجهة الادارية اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح. أي أن سلطة جهة الإدارة في اتخاذ القرار تكون سلطة مقيدة تنفيذاً للقوانين واللوائح، ولما كان الأمر غير ذلك في مجال الترقية بالاختيار. حيث انه طبقاً لنصوص المواد 12، 13، 35 الترقية بالاختيار – وتتم بقرار من رئيس الجمعية العمومية للشركة بناءً على ترشيح مجلس الإدارة – وتعتبر نافذة من تاريخ صدور القرار بها(2).

أما بالنسبة للقرارات الضمنية فقد يحدد المشرع بنصوص صريحة لجهة الإدارة مدة زمنية معينة لكي تتخذ اجراء ما. مما يترتب على انقضاء تلك المدة دون صدور قرار صريح من جهة الإدارة – قرينة قانونية على صدور قرار من جهة الإدارة أما برفضها ما طلب منها أو بقبولها إياه، ومثال الحالة الأولى ما نصت عليه الفقرة / ثالثاً / المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة (ويشترط قبل تقديم الطعن الى محكمة القضاء الإداري أن يتظلم صاحب الطعن لدى الجهة الادارية المختصة التي عليها أن تبت بالتظلم وفقاً للقوانين خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسجيل التظلم، وعند عدم البت بالتظلم أو رفضه تقوم محكمة القضاء الإداري بتسجيل الطعن لديها قبل استيفاء الرسم القانوني.

أما مثال الحالة الثانية فمثالها الاستقالة اذ نصت الفقرة ب/ من المادة 35 من قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 على المرجع أن يبت في الاستقالة خلال مدة لا تتجاوز ثلاثون يوماً ويعتبر الموظف منفكاً بانتهائها الا إذا صدر أمر القبول قبل ذلك ). وتنص المادة الثالثة فقرة (1) من قانون التقاعد المدني رقم 33 لسنة 1966الذي جاء فيه (على أن للموظف الذي أكمل خمساً وعشرين سنة في خدمة تقاعدية أو اكمل خمسين سنة من عمره أن يطلب إحالته على التقاعد وعلى الوزير أو رئيس الدائرة المختصة أن يبت في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسجيله في دائرته وقراره في ذلك نهائي فان مضت المدة المذكورة ولم يبت في الطلب يعتبر الموظف محالاً على التقاعد بانتهائها ويتناول الحقوق التقاعدية التي يستحقها وفق أحكام هذا القانون ). ونص المادة 40 من قانونه الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 الذي جاء على النحو الآتي على الموظف الذي يطلب الاحالة على التقاعد أن يقدم الى المرجع المختص طلباً تحريرياً يبين فيه الأسباب القانونية التي استند اليها في طلب الاحالة واذا كانت الأسباب القانونية متوفرة فيجب قبول الطلب خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً.

ومن النصوص التي تقرر افتراض قرار ضمني بالرفض نص المادة (15) فقرة ثانيا من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 الذي جاء على النحو الآتي (يشترط قبل تقديم الطعن لدى مجلس الانضباط العام على القرار الصادر بفرض عقوبة التظلم من القرار لدى الجهة التي اصدرته، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تبليغ الموظف بقرار رفض العقوبة وعلى الجهة المذكورة البت بهذا التظلم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وعند عدم البت فيه رغم تاريخ انتهاء هذه المدة يعتبر ذلك رفضاً للتظلم) ولما كان سكوت الإدارة وعدم اصدارها قراراً معيناً بذاته من شأنه أن يرتب آثار قانونية معينة على سكوتها خلال مدة محددة حماية للأفراد من تعنتها أو اهمالها أو تباطئها فان الحالات التي يتم فيها ترتيب آثار قانونية تتطلب أن يقدم فرد أو مجموعة أفراد طلباً للحصول على حق أو رخصة أو اجازة أو التظلم من قرار أداري ولما كان للمدة أهميتها في هذا المجال لذا فان الطلب يجب أن يقدم الى الجهة الادارية المختصة والجهات الادارية هي الادارات العامة المركزية واللامركزية والاقليمية والمرفقية مثل الوزارات ودوائر الدولة المختلفة والمحافظات والاقضية والنواحي ومنشآت القطاع الاشتراكي والقاعدة أن المشرع هو الذي يحدد اختصاص كل ادارة وكل موظف فيها(3).

ومن قرارات مجلس الانضباط بهذا الشأن قراره المؤرخ في 19/8/1987 والذي جاء فيه (لدى التدقيق والمداولة وجد أن المدعي قدم طلباً الى امانة بغداد بواسطة مدير وحدة الاعظمية بعد وارد 15262 وتاريخ 7/6/1987وان مدير وحدة الاعظمية حفظ الطلب بهامشه المؤرخ 8/6/1987 ولم يحل الطلب الى المرجع المختص رئيس الدائرة امين بغداد للبت في الطلب استناداً الى الفقرة (1) من المادة الثالثة من قانون التقاعد المدني رقم 33 لسنة 1966 في ضوء أحكامها لذا ولعدم صدور قرار يستوجب التدقيق قرر المجلس رد دعوى المدعي وكذلك قرار مجلس الانضباط العام رقم 45/86/87 بتاريخ 29/10/ 1986 والذي جاء فيه (لدى التدقيق والمداولة المقدم من قبله والمسجل بعدد وارده 1871 والمؤرخ في 25/3/ 1986 وقد تبين من الشرح المعطى على المذكرة المقدمة الى المدير العام والمرفقة بالطلب أن المدير العام قد دون هامشاً بتاريخ 1986 يتضمن ما يلي ( يؤجل وحسب تعليمات المؤسسة الأخيرة) وان المدعي قد تبلغ بالهامش المذكور بتاريخ 1/4/1986 وحيث أن الهامش المذكور لا يتعبر قراراً بالموافقة أو الرفض كي يصلح أن يكون مداراً للاعتراض والتدقيق(4).

وبالنسبة لفكرة القرار الضمني المترتب على سكوت الإدارة في التشريع الفرنسي فمنذ المرسوم الصادر في 2 تشرين الثاني 1864 الذي عدت المادة السابعة منه عدم اتخاذ الإدارة قراراً خلال مدة 4 أشهر مساوياً لقرار رفض الطلب المقدم اليها. ثم جعل المشرع الفرنسي هذا الحكم قاعدة عامة يترتب آثار على سكوت الإدارة لمدة تتجاوز 4 أشهر في القانون الصادر في 17 تموز 1900 ولم يستثن من هذه القاعدة العامة الا ما يرد به نص خاص يقرر مدة لاتخاذ الإدارة قرار غير مدة الأربعة اشهر المحددة في تلك القاعدة. أما القضاء الإداري في فرنسا فانه بعد مرور أربعة أشهر بعد تقديم الطلب وعدم اظهار الإدارة ارادتها باتجاه معين ترتب آثار قرار سلبي مفترض بالرفض. وبهذا الاتجاه أخذ مجلس الدولة المصري اذ نصت المادة 24 من قانون مجلس الدولة (فقد اعتبر المشرع أنقضاء ستين يوماً على تقديم التظلم دون البت فيه بمثابة رفض من جهة الإدارة لهذا التظلم )(5).

كما نصت المادة السابعة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شان توجيه وتنظيم أعمال البناء – إذا إعتبر المشرع أن انقضاء المدة المحددة للبت في طلب الترخيص دون صدور قرار مسبب من الجهة الادارية المختصة بشؤون التنظيم برفضه أو بطلب استيفاء بعض البيانات المستندات والموافقات اللازمة بمثابة موافقة على الترخيص(6). من كل ما تقدم يتضح :
أن القرينة القانونية التي رتبها المشرع على اعتبار سكوت جهة الإدارة أو انقضاء المدة التي حددها للبت فيما يقدم اليها من طلبات بمثابة الموافقة عليه، على أن يكون الطلب المقدم قد جاء مستكملاً لكافة البيانات والشروط التي نص عليها القانون، والا فلا مجال لقيام القرينة القانونية التي مؤداها قراراً ضمنياً قد صدر من جهة الإدارة.
_______________
– قرار محكمة القضاء الإداري رقم 32 في 18/2/1998 غير منشور.
2- قرار المحكمة الادارية العليا رقم 479 ق في 28/1/1995. أشار اليه يوسف البهي، قضاء الالغاء، مرجع سابق، ص330.
3- استاذنا الدكتور ماهر الجبوري، سكوت الإدارة العامة في القانون العراقي، دراسة مقارنة بحث منشور في مجلة العلوم القانونية لسنة 1994، ص83.
4- المصدر اعلاه نفسه.
5- د. عبد الفتاح حسن، قضاء الالغاء، مرجع سابق، صص211.
6- د. محمد ماهر، اختصاص مجلس الدولة، مرجع سابق، ص57.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.