المفهوم القانوني للشخصية المعنوية

يمكن تعريف الشخص الاعتباري بأنه (مجموعة الأشخاص والأموال التي تهدف الى تحقيق غرض معين ويعترف القانون لها بالشخصية القانونية بالقدر اللازم لتحقيق ذلك الغرض. وفي الحقيقة أن اصطلاح الأشخاص الاعتبارية يعني صراحة أنها تكتسب الشخصية القانونية حكما أي بنص القانون الذي اعتبرها كذلك وفي نفس الوقت يعني ضمنا انها ليست أشخاصا طبيعية وإنما يمنحها المشرع تلك الصفة القانونية الاعتبارية لكي تتمكن من أن تمارس حقوقا وتلتزم بواجبات في سبيل تحقيق أغراض اجتماعية معتبرة سواء للمجتمع كله او لطائفة من طوائفه .

واستنادا لذلك فان الشخصية المعنوية تقوم على ثلاثة عناصر هي :

-أن الشخص الاعتباري يتكون من مجموعة أشخاص أو أموال أو مجموعة من الأشخاص والأموال معا .

-كما أنه يتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن المجموعات المكونة له بناء على نص في القانون.

-واخيرا فانه لابد أن يكون قيام الشخص الاعتباري لتحقيق هدف اجتماعي يتحدد في قانون إنشائه.

وطالما أن الشخص الاعتباري يتمتع بالشخصية القانونية كالشخص الطبيعي فإنه لابد أن يتمتع كذلك بأهلية وجوب أي صلاحيته لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات، ونظرا لاختلاف الشخصية الطبيعية عن الشخصية المعنوية فتكون حقوق الشخص المعنوي والتزاماته مختلفة عن الحقوق والالتزامات الخاصة بالشخص الطبيعي، فلا تثبيت للشخص المعنوي الحقوق والالتزامات الملازمة لطبيعة الإنسان، فلا تكون له حقوق الأسرة، كما لا تثبت له حقوق الشخصية التي تهدف إلى حماية الكيان المادي للشخص كالحق في سلامة الجسم، كما أنه لا يرث، باستثناء الدولة إذ تؤول إليها أموال من لا وارث له أو التي تخلى عنها الورثة .

اما من ناحية اهلية الاداء التي تعني : صلاحية الشخص لمباشرة الأعمال والتصرفات القانونية بنفسه، فالشخص الاعتباري ليس له تمييز بحكم طبيعته إذ ليست له بذاته إرادة، لهذا ذهب رأي في الفقه إلى القول بأن الشخص المعنوي ليس منعدم الأهلية، بل له أهلية ولكن لا يستطيع العمل إلا بواسطة ممثله كما هو الأمر بالنسبة للشخص الطبيعي عديم التمييز .لكن يجب ألا يفهم من عدم إمكانية الشخص المعنوي القيام بعمله إلا بواسطة ممثله، انعدام الأهلية لديه، إذ القانون يعتبر الإدارة التي يعبر عنها ممثل الشخص المعنوي، والأعمال التي يقوم بها، بمثابة إرادة وعمل الشخص المعنوي .

ولابد للشخص المعنوي إسم يميزه عن غيره، فقد يكون إسم الشركاء أو أحدهم أو إسما منبثقا من غرض الشخص المعنوي، وإذا كان الشخص الاعتباري يمارس التجارة، فيمكن أن يتخذ إسما تجاريا ويعد حقه في هذا الجانب ماليا، ويجوز له التصرف فيه، ولكن ليس بصفة مستقلة عن المحل التجاري ذاته ، وحق الشركة على اسمها حق مالي، أما حق الجمعية أو المؤسسة الخاصة على اسمها طالما لا تهدف إلى تحقيق الربح فيعد حقا أدبيا من حقوق الشخصية .

ويتمتع الشخص المعنوي بموطن مستقل عن موطن أعضائه، وهذا الموطن هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته، ويقصد بمركز الإدارة المركز الرئيسي وليس حتما أن يكون مركز الاستغلال .

والسائد هو أن تتحدد جنسية الشخص المعنوي بالدولة التي يوجد فيها مركز إدارته الفعلي فمتى اتخذ الشخص المعنوي بلدا معينا مركز لإدارته تثبت له جنسية هذا البلد، ويخضع نظامه القانوني، لقوانين الدولة التي يوجد فيها مركز إدارته الرئيس الفعلي، ولقد اعتبر بعض الفقهاء أن الجنسية بالنسبة للشركة أهم من الجنسية للشخص الطبيعي ذلك لأنه إذا كان من الممكن وجود شخص عديم الجنسية، فمن غير المتصور وجود شركة بدون جنسية .

وطالما ان الشخص المعنوي يتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن شخصية أعضائه او مؤسسيه فذمته المالية مستقلة عن ذمة أعضائه ومؤسسيه، وديون الشخص الإعتباري تضمنها حقوقه، ولا يجوز لدائني الأعضاء أو دائني المؤسسين التنفيذ بحقوقهم على اموال الشخص المعنوي، ولا يجوز لدائني الشخص المعنوي التنفيذ على الأموال الخاصة للأعضاء والمؤسسين لأن أموالهم لا تدخل في ذمة الشخص المعنوي، فلا تعد ضمانا عاما .

إن طبيعة الشخص المعنوي الخاصة والتي جعلته لا يستطيع القيام بالتصرفات القانونية بنفسه بل بواسطة نائبه أو ممثله ، تثير أيضا تحديد مسؤولية الشخص المعنوي عندما يترتب على هذه التصرفات أو عن أعمال ممثله أو نائبه ضررا يلحق الغير .

فبخصوص المسؤولية المدنية ، فالشخص الاعتباري يكون مسئولا عن عمل ممثله ما دام هذا الأخير يكون قد سبب ضررا للغير بسبب النشاط الذي يقوم به لحساب الشخص الاعتباري و يكون مسؤولا مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه .

أما فيما يتعلق بالمسؤولية الجنائية ، فإنه إذا كان من المستحيل تطبيق العقوبات الجسمانية على الشخص المعنوي فانه من الممكن أن تطبق عليه العقوبات التي تتلاءم مع طبيعته كالمصادرة و الغرامة المالية والحل .

المحامية: ورود فخري