قانون الطفل العماني – عرض ونقد

أحمد العبري

يأتي قانون الطفل العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (22/2014م) ليجمع شتات ما تناثر من أحكام قانونية تخص الطفل، والتي كانت متوزعة بين مجموعة من القوانين كقانون الجزاء وقانون الإجراءات الجزائية وقانوني الأحوال الشخصية والاحوال المدنية وقانون مساءلة الأحداث وقانون المعاملات المدنية وغيرها.

فهذه القوانين وإن كانت قد غطّت الجوانب المالية والمدنية والشرعية للطفل إضافة إلى الجانب الجزائي، إلا أنها ظلت قاصرة إلى حد كبير عن توفير التدابير اللازمة لحماية الطفل مما يتعرض إليه من عنف أو ما يحتاجه من تأهيل ومرافق بسبب ظروفه الاجتماعية أو الجسدية.

والإضافة المهمة التي يحققها القانون في رسمه للمبادئ العامة المتعلقة بحقوق الطفل، لتشكّل الإطار فيما يتعلق بحماية الطفل إذ تمثل هذه المبادئ النسبة الأكبر من مواد القانون، والتي من المفترض أن تكون بمثابة النظام الأساسي لحقوق الطفل العماني ينبغي على المشرّع – في أي جانب يمس الطفل – أن لا يتجاوزها.

والإضافة الثانية التي لا تقل أهمية، وهي ما يحقق للقانون فاعليته، إعطاء الضبطية القضائية لمن أسماهم القانون بمندوبي حماية الطفل، الذين يقع على عاتقهم حماية الطفل من العنف والاستغلال والإساءة وذلك ضمن لجان حماية الطفل التي تشكل بقرار من وزير التنمية الاجتماعية.

واستعراضًا للقانون؛ فإنه تضمن تسعة وسبعين (79) مادة موزعة على ثلاثة عشر (13) فصلاً، اختص الفصل الأول بالتعريفات والأحكام العامة، ثم الفصول من الثاني وحتى السابع قررت حقوق الطفل في المجالات المدنية والصحية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والاقتصادية على التوالي، بينما الفصل الثامن أفرد لحقوق الطفل المعاق، في حين اختص الفصل التاسع بالمساءلة الجزائية، أما الفصل العاشر فجاء في تدابير الحماية، والحادي عشر في آليات الحماية، بينما الثاني عشر في العقوبات والتعويضات المدنية، والثالث عشر والأخير تضمن أحكامًا ختامية.

القانون أخذ مسارًا طويلاً حتى صدر بصيغته الحالية، ابتداءً من التصديق على اتفاقية حقوق الطفل في 1996م ثم التصديق على تعديلها في 2002م، وانتهاءً بالتصديق على البروتوكولين الملحقين بها في 2004م، وقد تم عرض القانون على مجلس عمان في 2012م ليصدر بموجب المرسوم السلطاني رقم 22/2014م في 19 مايو 2014م.

محليًا ودوليًا يمكن اعتبار صدور القانون إنجازًا يضاف إلى رصيد المنظومة القانونية للسلطنة، باعتبار حقوق الطفل من أهم ركائز حقوق الإنسان المعلنة بالمواثيق الدولية، كما أن صدور القانون في هذا التوقيت يتدارك أو قد يستبق مرحلة قادمة من توسّع النشاط الاجتماعي داخل السلطنة وما يفرزه من تعقيدات تتطلب تقرير حماية خاصة للطفل وبناء المؤسسات المختصة برعايته وتأهيله والعناية به.

كما أن قانون الطفل يأخذ طبيعة خاصة في كونه قانونًا يرسم المبادئ العامة لحقوق الطفل وسبل حمايته ويترك الكثير من التفاصيل الإجرائية للائحة التنفيذية المنتظر صدورها، كما يحيل في كثير من الأحوال إلى القوانين السارية، بخلاف القوانين الأخرى التي تتضمن جانبًا إجرائيًا وتقريريًا واسعًا، وهو وضع طبيعي لهذا القانون ليكون عمليًا ومحققًا لقصد المشرّع، إلى جانب معالجة كثير من مواضيعه ضمن قوانين سارية سابقة في صدورها.

يتمحور القانون في أربعة بنود رئيسية:

تقرير الحقوق العامة للطفل.
حماية الطفل من العنف والاستغلال والإساءة.
توفير الرعاية للطفل المحروم من أسرته الطبيعية والطفل المعاق.
إنشاء اللجان وإعطاء صفة الضبطية القضائية من أجل تحقيق المطلبين السابقين.
وفي مجال الحقوق فقد ابتدأ القانون في المادة الثانية بعد التعريفات برسم الحقوق العامة العليا التي يكفلها للطفل وهي أربعة حقوق:

-الحق في الحياة، والبقاء، والنمو.
-الحق في عدم التمييز بسبب اللون، أو الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين، أو المركز الاجتماعي، أو غير ذلك من الأسباب.
-الحق في إيلاء مصالحه الفضلى الأولوية في كافة القرارات والإجراءات التي تتخذ بشأنه، سواء من قبل وحدات الجهاز الإداري للدولة، أم الجهات القضائية، أم الجهات المنوط بها رعايته.
-الحق في المشاركة، وإبداء الرأي، والتعبير في إطار يتفق وحقوق الغير والنظام العام والآداب العامة والأمن الوطني، وإتاحة الفرصة الكاملة له للإفصاح عن آرائه.
وهذه الحقوق وإن كانت عامة في صياغتها، إلا أنها متقدمة جدًا وحساسة فيما تقرره لصالح الطفل، ويكون على عاتق القضاء ومجلس عمان والجهات المعنية والمختصة دور الرقابة في تحقيقها وعدم انتهاكها من أي جهة كانت.

ينبغي الإشارة أنه ضمن هذه الحقوق العامة والحقوق الأخرى المقررة في القانون فإن المشرع لم يلغ دور ولي الأمر في التوجيه والإرشاد عند ممارسة الطفل لهذه الحقوق، وذلك في إطار المعتقدات والعرف الاجتماعي السائد (المادة 3).

غير أن هذا النص لا ينبغي أن يكون بابًا مشرعًا للتفلت مما يقضي به القانون لصالح معتقدات أو أعراف سائدة، فالأمر لابد أن يكون محل تقدير وضبط من الجهات المنوط بها تنفيذ القانون ومن القضاء في رقابته على تطبيقه؛ إذ قد تكون بعض الأعراف مما يعيق تمتع الطفل بحقوقه ومانعًا له من المشاركة الفاعلة في مجتمعه، وهو ما يتعارض من مبتغى المشرع من إصدار هذا القانون.

مما ابتدأ به القانون التعريف بالمصطلحات المهمة والتي تمثل مفاتيح في قراءة نصوصه، وأهمها تعريفه للطفل، حيث وضع القانون محددًا عامًا مبنيًا على العمر، إذ يعتبر “طفلا” كل إنسان لم يكمل الثامنة عشرة من العمر بالتقويم الميلادي (م/1-د)، وذلك يشمل الطفل في كل حالاته.

وتتكرر في القانون ثلاثة مصطلحات هي مدار الحماية التي قررها للطفل؛ وهي “العنف” و”الاستغلال” و”الإساءة”، ولم يغفل القانون تعريفها في المادة الأولى، حيث وضحها في البنود (ط/ي/ك) كالتالي:

العنف: الاستخدام المتعمد للقوة أو القدرة البدنية من قبل فرد أو جماعة ضد طفل أو تهديده باستعمالها، ويكون من شأن ذلك إلحاق ضرر فعلي أو محتمل به.
الاستغلال: الاستفادة من الطفل أو أعضائه في أغراض أو بطرق غير مشروعة كالدعارة وغيرها من أشكال الاستغلال الجنسي والسخرة والعمل قسرًا والاسترقاق والممارسات الشبيهة بالرق والاستعباد ونزع أعضائه.
الإساءة: تعذيب الطفل أو استغلاله جسديًا أو نفسيًا أو جنسيًا بشكل مقصود بفعل مباشر، أو إهمال ولي الأمر للطفل على نحو يؤدي إلى خلق ظروف ومعطيات من شأنها إعاقة نموه الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي.
فالعناصر الثلاثة هي محل الحماية، كما أن وقوعها على أي طفل هو سبب المساءلة، وعليه يمكن اعتبار أي فعل يستهدف الطفل بأحد الصور الثلاثة المذكورة فعلاً مجرمًا يعرّض فاعله للمساءلة والعقاب.

من جانب آخر فقد استحدث القانون نموذجين من الرعاية، وهي الرعاية البديلة والرعاية المؤقتة، والأولى قد تكون مطبقة ضمن برامج ومؤسسات وزارة التنمية الاجتماعية.

فالرعاية البديلة – وفقا للمادة 1 بند ز من القانون – هي الخدمات التي تقدم للطفل المحروم بصفة مؤقتة أو دائمة من أسرته الطبيعية كاليتيم أو مجهول الأب أو الأبوين من خلال دار الرعاية أو نظام الكفالة أو الأسر الحاضنة.

أما الرعاية المؤقتة فهي شكل مستحدث كما يبدو جاء في إطار حماية الطفل من العناصر الثلاثة التي سبقت الإشارة إليها، وقصد بها المشرع – وفق المادة 1 بند ل – خدمات الرعاية والتأهيل التي تقدم للأطفال المعرضين للعنف أو الاستغلال أو الإساءة. ونص القانون على أن تنشأ دار خاصة بتقديم هذا النوع من الرعاية والتأهيل تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية.

وتوفير هذا النوع من الرعاية يشكل تطورًا كبيرًا في مفهوم الرعاية التي كانت مقتصرة على النوع الأول، وبغير وجود هذه الرعاية يصعب وضع القانون موضع التطبيق العملي، فهي بمثابة مراكز تأهيل وعلاج للحالات التي تقع ضحية عنف أو إساءة أو استغلال، فلا يمكن أن تقتصر المعالجة على جوانب المسؤولية الجزائية دون تحقيق الرعاية اللازمة للطفل ذاته محل الاعتداء أو الاستغلال، وبذلك تتكامل المعالجة التشريعية وتحقق فاعليتها الاجتماعية.

في مجال الحقوق المدنية (المواد 6-13) يقرر القانون مجموعة من الحقوق والإجراءات المتعلقة بحق الطفل في الحياة والحماية من العنف والاستغلال والإساءة وحقه في اسم لائق يميزه والحق في الجنسية وفي النسبة إلى والديه، كما تضمنت المادتان (12 و13) حق الطفل في التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو الفعل أو الطباعة أو الفن أو بأي وسيلة أخرى يختارها، وكذلك حق الطفل في المعرفة واستخدام وسائل الابتكار والإبداع والمشاركة في البرامج الترفيهية والثقافية والفنية والعلمية.

أما في مجال الحقوق الصحية (المواد 14-24) فقد تضمنت المواد مجموعة من الحقوق والتدابير والإجراءات التي تكفل توفير الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية للطفل، وأولها تقرير حق الطفل في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الرعاية الصحية المجانية (م 14).

ومن ضمن الحقوق في هذا المجال حق مقرر لصالح الطفل سابق على ولادته، قرره القانون في قيام الدولة بإجراء الكشف الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوهم من الأمراض الوراثية والمعدية والمزمنة والتأكد من مدى تأثيرها في قدرتهم على إنجاب أطفال أصحاء (م 16).

كذلك لم يغفل القانون التصدي للممارسات التقليدية في المجال الصحي، حيث حظر في المادة (20) على كل شخص وخاصة الأطباء والممرضين وولي الأمر القيام بتلك الممارسات التي من شأنها الإضرار بصحة الطفل أو حتى مجرد الترويج لها أو المساعدة فيها، إضافة إلى حظره تداول الأغذية والمستحضرات والألعاب الضارة بالطفل (م 22-24).

في الحقوق الاجتماعية (25-35) يكرّس القانون دور الأسرة وواجب ولي الأمر في رعاية الطفل، فمن حق الطفل البقاء والنمو والتربية في كنف أسرة متماسكة ومتضامنة، وتكفل له الدولة التمتع بهذا الحق بكل الوسائل المتاحة (م 25، 27).

حتى في ظل انفصال الطفل عن أسرته قرر القانون له الحق في الاحتفاظ بعلاقات شخصية واتصالات مباشرة بصورة منتظمة مع والديه (م 26).

يضيف القانون ضمن الحقوق الاجتماعية التصريح بإنشاء دور الحضانة في الجهات الحكومية والقطاع الخاص والسجون المركزية كذلك (م 30-32)، وذلك للأطفال دون سن التعليم ما قبل الأساسي، الأمر الذي سوف يساعد بشكل فاعل في خفض مشكلات رعاية الأطفال في هذا السن وما يتعلق به من وجود مربيات أو عاملات منازل تتولى بشكل أساسي رعاية الطفل في غياب والديه، حيث يكون متاحًا للوالدين رعاية طفلهما على مقربة منهما في دور حضانة بمواصفات معينة وتحت إشراف ورقابة وزارة التنمية الاجتماعية.

وفي الحقوق التعليمية (المواد 36-38) يؤكد المشرع على حق الطفل في تعليم مجاني في المدارس الحكومية حتى إتمام مرحلة التعليم ما بعد الأساسي، لكنه يقصر إلزامية التعليم حتى إتمام مرحلة التعليم الأساسي، وكان الأولى جعل مرحلة التعليم المدرسي إلزامية بالكامل، خصوصًا إذا ما نظرنا إلى الأهداف التي أراد المشرع تحقيقها في المادة (38) ضمن الحقوق التعليمية للطفل.

في الحقوق الثقافية (المواد 39-42) تكفل الدولة بكل السبل المتاحة إشباع حاجات الطفل الثقافية في شتى مجالاتها من أدب وفنون ومعرفة وتراث إنساني وتقدم علمي حديث وربطها بقيم المجتمع، وفي سبيل ذلك تتولى إنشاء المكتبات والأندية الخاصة بالطفل.

كما يضبط القانون ضمن الحقوق الثقافية ما يعرض على الأطفال في دور السينما والقنوات التلفزيونية ويضع اشتراطات صارمة على المسؤولين عن دور العرض أو القنوات التلفزيونية في هذا الشأن (م 40، 41).

أما الحقوق الاقتصادية (المواد 43-50) فقد أحال القانون المسؤولية على ولي الأمر في رعاية أموال الطفل وتنميتها وفقا لما يقضي به قانون الأحوال الشخصية.

ويضع القانون منعًا واضحًا وصريحًا في استغلال الطفل أو تسليمه للغير بقصد التسول، ونص على بعض الأعمال وألحقها به كعرض سلعة تافهة أو القيام بألعاب استعراضية والتي لا تصلح موردًا للعيش بذاتها (م 44)، فضلاً عن حظر تشغيل الطفل في أعمال أو صناعات يمكن أن تضر بصحته أو سلامته أو حتى سلوكه الأخلاقي (م 45).

ووضع القانون سن الخامسة عشرة كحد أدنى لمزاولة بعض الأعمال، وهو ما سبق النص عليه كذلك في المادة (75) من قانون العمل لكنه يضيف استثناء غير منصوص عليه في قانون العمل؛ وهو تشغيل الطفل في الأعمال الزراعية والصيد البحري والأعمال الصناعية والحرفية والإدارية في الحالة التي يكون العمل مقصورًا على أفراد الأسرة، بشرط أن لا يتسبب في إعاقة تعليم الطفل أو الإضرار بصحته أو نموه (م 46).

كما أجاز القانون إلحاق الطفل الذي أكمل سن الخامسة عشرة بالمعاهد ومراكز التعليم والتدريب المهني وغيرها من الجهات المشابهة، وذلك في إطار نص القانون ذاته على عدم إلزامية التعليم ما بعد الأساسي للطفل، وهو ما نرى أنه يحتاج لمراجعة المشرع.

فيما يتعلق بالمساءلة الجزائية، وهو أحد المواضيع الأساسية المتعلقة بالطفل، أحال القانون إلى أحكام قانون مساءلة الأحداث والذي كان قد صدر بالمرسوم السلطاني رقم 30/2008.

الفصلين العاشر والحادي عشر من القانون اختصا بتدابير الحماية وآلياتها، ركزت التدابير على مجموعة من المحظورات كحظر تجنيد الطفل في القوات المسلحة أو في جماعات مسلحة، مع جواز من أكمل السادسة عشرة “التطوع” في القوات المسلحة (م 55)، وإن كان التطوع المشار إليه يبدو مجهولاً في طبيعته وطريقته.

في المادة (56) يضع القانون ثمانية محظورات في أكثر الصور حضورًا فيما يتعلق باستغلال الطفل أو الإساءة إليه كالاختطاف والاغتصاب واستغلاله في الدعارة أو التهريب، ويعتبرها جناية لا تقل عقوبتها عن السجن 5 سنوات (م 72).

وتضع الدولة على نفسها مسؤولية تأهيل الطفل الذي يقع ضحية لأي شكل من أشكال العنف أو الاستغلال أو الإساءة وإعادة دمج الطفل اجتماعيا (م 59).

أما آليات الحماية، وهي الجانب العملي في تقرير الحماية للطفل، نص المشرع على تشكيل لجان تسمى “لجان حماية الطفل” وتكون لأعضائها صفة الضبطية القضائية في سبيل تطبيق أحكام هذا القانون.

وتختص هذه اللجان حسب المادة (61) بتلقي الشكاوى والبلاغات عن أي انتهاكات لحقوق الطفل، وعن حالات تعرضه للعنف أو الاستغلال أو الإساءة، كما يكون من حق الأشخاص الإبلاغ عن أي واقعة في هذا الشأن، خصوصًا الأطباء والمعلمين الذين قد تصل إليهم هذه الوقائع بحكم مهنهم (م 63).

أما الأطفال الذين يقعون ضحية عنف أو إساءة أو استغلال فيتم إيداعهم بدار الرعاية المؤقتة – التي سبق الإشارة إليها – وذلك بقرار من الادعاء العام بناء على توصية مندوب حماية الطفل، ويُعاد كذلك إلى ولي أمره بذات الطريقة بعد زوال أسباب الإيداع وآثاره، وبعد تعهد ولي الأمر كتابة برعايته.

أما عن التشكيل الإداري لهذه اللجان وآليات عملها وكافة الإجراءات المتعلقة بعملية الضبط والتعامل مع الوقائع وغيرها من الجوانب فهي محل تفصيل في اللائحة التنظيمية المرتقب صدورها.

وذلك فيما يتعلق بتدابير الحماية المقررة للطفل، أما عند وقوع الضرر – وحماية لحق الطفل في المطالبات المدنية – فقد قررت المادة (67) من القانون حق الطفل في المطالبة بالتعويض المدني عن كافة الأضرار التي تكون لحقته من مرتكب الفعل، وله في ذلك اتخاذ الإجراءات القضائية حسبما تقضي به القوانين النافذة.

القانون في المجمل محقق لحاجة المرحلة، وجاء متماسكًا في بنائه وفاعلاً في الجوانب التنظيمية والإجرائية التي قررها للطفل، وتقع المسؤولية الكبيرة بعد صدوره على الجهات المعنية والمختصة، وبالأخص وزارة التنمية الاجتماعية، في رسم الخطط واتخاذ الوسائل التي من شأنها تحقيق فاعلية القانون وإنزاله على أرض الواقع من خلال عمل اللجان ووضع البرامج وإنشاء المؤسسات ونشر الوعي.

مآخذ بسيطة على القانون يمكن أن نشير إليها في التالي:

1-عدم تقرير إلزامية التعليم المدرسي إلا إلى مرحلة التعليم الأساسي، في حين أن البناء السليم للمجتمع يقتضي جعل مرحلة التعليم المدرسي – على الأقل – إلزامية. وفي ذات الإطار قَصَر القانون مسؤولية انتظام الطفل في المدرسة على ولي الأمر ولم يقرر عقوبة على ولي الأمر عند تقصيره في أداء هذه المسؤولية، وهو ما يعتبر إضرارًا بالطفل. كذلك إجازة القانون لمن أكمل الخامسة عشرة الدراسة في المعاهد ومراكز التعليم المهني وغيرها، في حين أن انتظامه في مقاعد الدراسة أولى بنظرنا.

2-لا نرى داعيًا لنص المادة (5) الذي قرر أن تكون التزامات الدولة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للطفل أينما وردت في هذا القانون في حدود الإمكانات المتاحة، فهو – مع كونه بديهيا ولا حاجة لتقريره – يعطي انطباعًا بالعجز عن توفير تلك المتطلبات على بساطتها.

3-عدم كفاية المادة (65) في معالجة موضوع إعادة الطفل من دار الرعاية المؤقتة إلى ولي أمره، لعدم تقرير ضمانات أو تدابير تكفل حماية الطفل عند عودته إلى ولي أمره، والتكرار الذي قد يقع.