تعريف القبول في الكمبيالة :

القبول هو توقيع من المسحوب عليه على الكمبيالة يفيد تعهده بالوفاء بقيمتها في ميعاد الاستحقاق. ويعتبر القبول بمثابة إفصاح من المسحوب عليه عن رضائه تنفيذ الأمر الصادر إليه من الساحب بالوفاء بقيمة الكمبيالة عند حلول ميعاد الاستحقاق. بهذا القبول تتواجد علاقة مباشرة صرفية بين المسحوب عليه والحامل تجعل لهذا الأخير ملكية مقابل الوفاء وحقه في الرجوع على المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق بوصفه مديناً خاضعاً لأحكام الالتزام الصرفي. وقبول الكمبيالة من، المسحوب عليه يعتبر أمراً نهائياً لا رجعة فيه طالما أنه سلم الكمبيالة إلى الحامل(1) أما إذا شطب المسحوب عليه قبوله المكتوب على الكمبيالة قبل ردها اعتبر القبول مرفوضاً، ويعتبر الشطب حاصلاً قبل رد الكمبيالة ما لم يثبت الحامل غير ذلك، ولكن إذا أخطر المسحوب عليه الحامل أو أي موقع آخر كتابة بقبوله التزم قبلهم في حدود هذا القبول، وقد نصت المادة ٤١٧ من قانون التجارة الجديد على ذلك بقولها أنه “إذا شطب المسحوب عليه قبوله المكتوب على الكمبيالة قبل ردها اعتبر القبول مرفوضاً ويعتبر الشطب حاصلاً قبل رد الكمبيالة ما لم يثبت العكس. ومع ذلك إذا أخطر المسحوب عليه الحامل أو أي موقع آخر كتابة بقبوله التزم قبلهم في حدود هذا القبول”.

_________________

1- علي حسن يونس – الأوراق التجارية طبعة ١٩٩٨ م، المكتبة القانونية ص، ١٨٨.

شروط القبول في الكمبيالة :

يجب أن تتوافر في القبول الشروط الموضوعية التي يتطلبها المشرع في كل التزام، بالإضافة لشروط موضوعية خاصة بالقبول، وقد تطلب المشرع شروطاً شكلية أخرى يجب توافرها.

– شروط القبول في الكمبيالة :

أولاً: الشروط الموضوعية :

١- الرضا :

يجب أن يصدر القبول عن رضا صحيح خالي من عيوب الإرادة كالغلط أو الإكراه الذي لا يعدم الإرادة أو التدليس أو الاستغلال ومع ذلك لا يجوز للقابل التمسك في مواجهة الحامل حسن النية بالدفوع الناشئة عن هذه العيوب تطبيقاً لمبدأ استقلال التوقيعات وقاعدة تطهير الورقة من الدفوع.

٢- المحل :

محل التزام القابل المسحوب عليه هو مبلغ الكمبيالة.

٣- السبب :

سبب التزام القابل هو غالباً مقابل الوفاء، وقد يكون سبب التزام القابل الإرادة المنفردة (1)

٤- الأهلية :

يجب أن يصدر القبول عن شخص يتمتع بأهلية الالتزام الصرفي، شأنه في ذلك شأن محرر الكمبيالة، والأهلية المقصودة هي أهلية القيام بالتصرفات التجارية، فلا يجوز لعديم وناقص الأهلية قبول الكمبيالة المسحوبة عليه، أما القاصر المأذون له بالاتجار لبلوغه من العمر ثمانية عشر سنة فيجوز له قبول الكمبيالة.

٥- القبول يجب ان يكون باتاً :

هذا شرط موضوعي خاص بالقبول، حيث يجب أن يكون القبول منجزاً وباتاً غير معلق على شرط واقف أو فاسخ، وفي ذلك تنص المادة ٤١٤ من قانون التجارة على أنه “يجب أن يكون القبول غير معلق على شرط”. ومما لا شك فيه أن الشرط يجعل التزام القابل معلقاً على واقعة مستقبلة غير محققة الوقوع، كما أن القبول المعلق على شرط يعرقل تداول الكمبيالة، ولا يعتبر ضمانة جديدة للحامل، ويعتبر القبول المعلق على شرط في حكم عدم القبول، مما يعطي الحامل الحق في سقوط الأجل بعد عمل احتجاج عدم القبول والرجوع على الضامنين ومطالبتهم أما بالوفاء بقيمة الكمبيالة أو تقديم كفيل موسر)2) ويجوز للمسحوب عليه ذكر تحفظات في صيغة القبول ولا يعتبر ذلك من قبيل تعليق على شرط طالما كان الغرض منها المحافظة على حقوقه قبل الساحب. فيجوز مثلاً أن يقول مقبول على المكشوف أو مقبول مع عدم تسليم مقابل الوفاء. ولكن هذا التحفظ لا يؤثر في التزامه قبل الحامل، وإنما أثره ينحصر في علاقته بالساحب.

٦- القبول المؤجل :

ذهب رأي(3) إلى أنه لا يجوز أن يقترن القبول بأجل يتجاوز ميعاد الاستحقاق لعدم جدوى القبول في هذه الحالة، ولا يجوز أن يكون القبول مؤجل لوقت غير معلوم –كوفاة شخص مثلاً – لاحتمال ان يكون هذا الأجل بعد ميعاد الاستحقاق.وذهب رأي آخر(4) إلى أنه عندما يشترط المسحوب عليه عند قبوله أن يدفع قيمة الكمبيالة في ميعاد لاحق على الميعاد المحدد بها وهو ما يسمى بالقبول المؤجل، فإن المسحوب عليه لا يلتزم إلا في حدود ما اشترطه. وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن الحامل في هذه الحالة لا يفقد حقه في الرجوع على الضامنين حتى ولو لم يخطرهم بالقبول المؤجل ونحن نؤيد هذا الرأي الأخير.

٧- يشترط في القبول ألا يكون معدلاً لبيانات الكمبيالة :

يشترط في القبول ألا يكون معدلاً لبيانات الكمبيالة التي تحدد مضمون الالتزام الثابت بها، أو وصف من أوصافه، كتغير ميعاد الاستحقاق، أو التعهد بدفع قيمة الكمبيالة بضائع بدلاً من النقود. وقد أجاز المشرع للمسحوب عليه تعديل المحل المختار لدفع قيمة الكمبيالة إذا كان الساحب قد قام بتحديده، حيث نصت المادة ٤١٥/٢ من قانون التجارة على انه “إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء في موطن المسحوب عليه جاز له عند القبول أن يعين عنواناً في نفس الجهة التي بها موطنه ليقع فيه الوفاء”. وقد كان العمل يجري على أن الساحب يعين في الكمبيالة محلاً للوفاء غير موطن المسحوب عليه دون أن يعين اسم الشخص الذي يجب الوفاء عنده، وكان هذا الوضع في ظل المجموعة التجارية الملغاة يثير خلاف حول هذا الشخص، من الذي يعينه وإذا لم يتم تعيينه من الملتزم بالدفع في مكان الوفاء ولم تتضمن المجموعة التجارية الملغاة حلاً لهذا الوضع، إلا أن المشرع في القانون التجاري رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ تدارك هذا ووضع حلاً حيث نصت المادة ٤١٥/١ على أنه “إذا عين الساحب في الكمبيالة محلاً للوفاء غير موطن المسحوب عليه دون أن يعين اسم الشخص الذي يجب الوفاء عنده جاز للمسحوب عليه تعينه عند القبول. فإذا لم يعينه اعتبر المسحوب عليه القابل ملزماً بالدفع في مكان الوفاء”. يتضح من ذلك أن المشرع في القانون التجاري أعطى للمسحوب عليه حق تعيين هذا الشخص وإذا لم يقم بتعيينه عند القبول، أصبح هو الملتزم بالدفع في مكان الوفاء. وقد أجاز المشرع أيضاً القبول الجزئي لمبلغ الكمبيالة، رغم أن الأصل أن يشتمل القبول مبلغ الكمبيالة، إلا أن المشرع أجاز للمسحوب عليه أن يقصر قبوله على جزء من مبلغ الكمبيالة، وفي هذه الحالة لا يجبر الحامل على عمل احتجاج عدم القبول عن الجزء الباقي والرجوع على الضامنين، وكانت المجموعة التجارية الملغاة تجبر الحامل في هذه الحالة على عمل بروتستو )احتجاج( عن الباقي الزائد عن القدر المقبول، وكان هذا الوضع محل انتقاد من جانب الفقه لأن الحامل غير مجبر وغير ملزم على عمل الاحتجاج في حالة رفض القبول كلياً – لأنه قد يفضل الانتظار حتى حلول ميعاد الاستحقاق – فكان من الواجب من باب أولى أن يكون الوضع كذلك في حالة القبول الجزئي. وقد تدارك المشرع ذلك في قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ ونص في المادة ٤١٤/١ على أنه ” يجب أن يكون القبول غير معلق على شرط. ومع ذلك يجوز للمسحوب عليه قصره على جزء من مبلغ الكمبيالة” بدون أن يضيف المشرع إلزام الحامل بعمل بروتستو)الاحتجاج( عدم القبول عن الجزء الباقي مثلما كانت تنص المادة ١٢٣ من المجموعة التجارية الملغاة. لكن هذا لا يمنع الحامل في حالة القبول الجزئي من عمل احتجاج عدم القبول والرجوع على الموقعين على الكمبيالة. أما في غير الحالات السابق ذكرها فإن كل تعديل لبيانات الكمبيالة يقع في صيغة القبول يعتبر رفضاً للقبول، ويحق للحامل اتخاذ الإجراءات القانونية التي نص عليها قانون الصرف لحامية حقوقه في مواجهة الموقعين على الكمبيالة، ومع ذلك إذا تضمنت صيغة القبول، المتضمنة تعديل لبيانات الكمبيالة، التزام المسحوب عليه بأية التزامات لصالح الحامل أو الموقعين على الكمبيالة فإنه يظل ملتزماً في حدود ما تضمنه صيغة القبول، وقد أشارت إلى هذه الأحكام المادة ٤١٤/٢ حيث نصت على أنه ” وكل تعديل آخر لبيانات الكمبيالة يقع في صيغة القبول يعتبر رفضاً للقبول، ومع ذلك يبقى القابل ملزماً بما تضمنته صيغة القبول”.

ثانياً: الشروط الشكلية :

تنص المادة ٤١٣ من قانون التجارة على أن “يكتب القبول على الكمبيالة نفسها، ويؤدي بلفظ مقبول أو بأية عبارة أخرى تفيد معناه ويوقعه المسحوب عليه، ويعتبر قبولاً مجرد وضع المسحوب عليه توقيعه على صدر الكمبيالة. فإذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء بعد مدة معينة من الإطلاع عليها أو كانت واجبة التقديم للقبول في مدة معينة بناء على شرط خاص، وجب بيان تاريخ القبول باليوم الذي وقع فيه إلا إذا أوجب الحامل بيان تاريخ القبول بيوم تقديم الكمبيالة، فإذا خلا القبول من التاريخ جاز للحامل – حفاظاً على حقوقه في الرجوع على المظهرين وعلى الساحب – إثبات عدم وجود التاريخ باحتجاج يعمل في وقت يكون فيه مجدياً”. من هذا النص يتضح أن يلزم للقبول الشروط الشكلية الآتية :

١- يجب أن يكون القبول مكتوباً :

وهذا هو الحكم الساري في كل الالتزامات الصرفية، فقبول المسحوب عليه يجب أن يتم كتابة وعلى الكمبيالة نفسها، ولا يشترط المشرع صيغة معينة للقبول حيث يؤدي بلفظ مقبول أو بأية عبارة أخرى تفيد معناه. أما إذا كان القبول شفوياً فإنه لا يلزم إلا طرفيه فقط، ويجوز إثباته بكافة طرق الإثبات. وقد نص المشرع في المادة ٤١٣/١ من قانون التجارة على أن “يكتب القبول على الكمبيالة نفسها، ويؤدي بلفظ مقبول أو بأية عبارة أخرى تفيد معناه ويوقعه المسحوب عليه”.

٢- البيانات التي يجب أن يتضمنها القبول :

يجب أن يوضع على صيغة القبول توقيع المسحوب عليه أو إمضاءه أو ختمه، ويجب أن تكون الصيغة بلفظ مقبول أو بأية عبارة أخرى تفيد ذلك مثل أتعهد بالدفع أو موافق على الدفع. ويجب على المسحوب عليه أن يذكر تاريخ القبول إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء بعد مدة معينة من الإطلاع عليها أو كانت واجبة التقديم للقبول في مدة معينة بناء على شرط خاص، وإذا لم يؤرخ القبول كان للحامل حفاظاً على حقوقه عند رجوعه على المظهرين أو غيرهم إثبات عدم وجود تاريخ للقبول باحتجاج يثبت فيه عدم وجود تاريخ للقبول ويجب أن يتم هذا الاحتجاج في وقت مناسب ليكون منتجاً لأثاره، أي يجب عمل هذا الاحتجاج قبل مضي المواعيد الواجب تقديم الكمبيالة فيها للقبول حتى ينتج أثاره (5) وقد أشارت إلى هذه الحكام المادة ٤١٤ تجاري. ومما لا شك فيه أنه إذا أراد أحد بطلان التزام المسحوب عليه نظراً لانعدام أو نقص أهليته فإن تاريخ القبول تكون له قيمة في هذه الحالة وعلى من يدعي ذلك يقع عليه عبء إثبات تاريخ القبول. ولا يشترط ذكر مبلغ القبول لأنه من المفروض أن يشمل مبلغ الكمبيالة بالكامل إلا في حالة القبول الجزئي. والمشرع في قانون التجارة يكتفي في القبول بمجرد توقيع المسحوب عليه على صدر الكمبيالة بدون ذكر بيانات أخرى، حيث نصت المادة ٤١٣/٢ على أنه ” ويعتبر قبولاً مجرد وضع المسحوب عليه توقيعه على صدر الكمبيالة”.

٣- أن يرد القبول على الكمبيالة ذاتها :

يجب أن يرد القبول على الكمبيالة نفسها، تطبيقاً لمبدأ الكفاية الذاتية الذي يتطلب أن تكون بيانات الكمبيالة معبرة عن طبيعة الالتزام الصرفي ومضمونه ولا يعتمد في ذلك على وقائع خارجية(6)، وهذا هو ما نصت عليه المادة ٤١٣/١من قانون التجارة. وقد ثار الخلاف في ظل المجموعة التجارية الملغاة حول مدى صحة القبول الصادر على ورقة مستقلة عن الكمبيالة، حيث كان البعض يرى(7)أن القبول الذي يقع على ورقة منفصلة لا يخضع لأحكام قانون الصرف ولا يعتبر المسحوب عليه مديناً صرفياً، وإنما يخضع قبوله هذا للقواعد العامة حيث أنه في حالة عدم الوفاء يجوز للحامل الرجوع على المسحوب عليه بالتعويض إذا كان هناك ضرر.

بينما كان يرى البعض الآخر(8) أنه يجوز إعطاء القبول على ورقة مستقلة، وإنما يتعين أن ترفق هذه الورقة بالكمبيالة ذاتها حتى تتداول معها، وإلا فلا يفيد من القبول إلا من علم به، فلا يلتزم المسحوب عليه إلا أمامه. ويبدو أن المشرع في قانون التجارة يميل إلى الرأي الأخير، فبعد أن ذكر في المادة ٤١٣ أن يكتب القبول على الكمبيالة نفسها، عاد وقال في المادة ٤١٧/٢ أنه ” وقع ذلك إذا أخطر المسحوب عليه الحامل أو أي موقع آخر كتابة بقبوله التزم قبلهم في حدود هذا القبول” ، ويفيد هذا النص أنه إذا حدث وأرسل المسحوب عليه كتاباً مستقلاً إلى أي من الموقعين على الكمبيالة يفيد قبوله، فإن أثر ذلك هو التزامه قبل من أخطره وفي حدود هذا الإخطار بالقبول.

__________________

1-د/ محسن شفيق : المطول في الأوراق التجارية ، ص345.

2- د/ محسن شفيق، المرجع السابق، ص ٣٤٦.

3- محمود سمير الشرقاوي – الأوراق التجارية – طبعة ١٩٩٣ م، دار النهضة العربية ص ١٧٠ ، د/ كمال محمد أبو سريع ، الأوراق التجارية في القانون التجاري، طبعة ١٩٨٣ م، دار النهضة العربية ص ، ص ١٤٢.

4- سميحة القليوبي، الأوراق التجارية، الطبعة الثالثة ٢٠٠٠ ، دار النهضة العربية ، ص ١١9.

5- راجع المادة ٤١١ من قانون التجارة التي تنص على أن الكمبيالة .

6- الطعن رقم ٨٤٨٧ لسنة ٥٦ ق جلسة ٢٣ .

7- د/ علي البارودي القانون التجاري، طبعة ١٩٧٥ م، ص ١٠٣.

8- محسن شفيق، المرجع السابق، ص ٣٤٨

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .