بحث قانوني كبير عن السنديك كأحد أجهزة معالجة صعوبات المقاولة

مقدمة

إن المشرع المغربي بإقرارهلمدونة التجارة بمقتضى القانون رقم 95-15(1)الذي أحدث لتطبيق وتفعيل مقتضياته محاكم متخصصة تحت اسم ” المحاكم التجارية ” بمقتضى القانون رقم95-53 بتاريخ 6 يناير 1997 (2) أكد على اختيار توجه جديد في التعامل مع مجال المال والأعمال ، والعاملين به.

ومن بين السمات الأساسية لهذا التوجه التي تشكل متكاملة حقيقة فلسفة المشرع في اختياره التأكيد على اعتبار المال والأعمال، والاستثمار عموما له غاية و أبعاد اجتماعية واقتصادية عامة تستهدف التنمية الاجتماعية، من خلال حماية النمو والتنمية الاقتصادية، وفرض ما يتطلبه ذلك من حماية، وضمانات ورقابة، وزجر عند الاقتضاء… مع إقراره مبدأ إشراك القضاء كسلطة للرقابة والتتبع لتنفيذ هذه السياسة.

وللوصول إلى تلك الغايات تم القيام بإعادة النظر في الترسانة القانونية التي كان العمل جاريا بها(3) من خلال الحرصعلى تحيينها لتكون مسايرة ومواكبة لما تفرضه الوضعية الداخلية والدولية العامة في هذا المجال خصوصا في مجال عولمة الاقتصاد، والتجارة، والاستثمار، وكان هذا التحيين في اتجاه إلغاء بعض الأنظمة القانونية من قبيل نظام الحراسة القضائية الذي لم يعد مسايرا للنظرة التي كانت سائدة تجاه المقاولة، والتاجر بصفة عامة مع إعادة النظر في الإجراءات والمساطر المتعلقة بحمايتها وحماية حقوق الدائنين بشكل عام.

وفي هذا الإطار تم إصدار عدة قوانين تهم الشركات التجارية والمالية ،بمختلف أنواعها(4) التقليدية، وأخرى فرضها واقع العصر، وأخيرا مواكبة ذلك بإصدار مدونة الشغل باعتبارها آلية أساسية تهم الإنسان ؛ ( العامل ) في حقوقه وواجباته والمشغل/المؤاجرفي حقوقه وواجباته…)(5)

ولأن تحقيق الغايات المثلى لهذه الترسانة القانونية الضخمة وما قد تخلقه من تناقضات وصدام للمصالح، وما قد يمكن أن يؤدي إليه الإستغلال السيئ لبعض الحماية والضمانات المقررة فإن المشرع أولى الموضوع عناية خاصة حين أقر إشراك القضاء المتخصص كجهة مستقلة أسند إليها عدة اختصاصات جوهرية ، يهمنا في هذا البحث تناول واحدة منها وفي إحدى جزئياتها ، ألا وهو موضوع “مؤسسة السنديك” كواحد من الأجهزة الأساسية لموضوع: صعوبات المقاولة، الذي خصص له بصفة أساسية مقتضيات الكتاب الخامس من قانون مدونة التجارة (المواد 545 إلى732 منه) –مع مراعاة الإحالات التي تتضمنها كل من هذه المواد-.

ومن خلال هذه المواد والمواد التي تحيل عليها سواء في إطار نفس القانون أوفى النصوص التشريعية المختلفة الأخرى، يتضح أن الأمر يستوجب حقيقة اعتماد التخصص الموجب للإلمام الواسع والدقيق بالعدد الكثير من النصوص المترابطة مع توزيع وتنظيم الأدوار والاختصاصات بشأنها بشكل متكامل، بين عدة مؤسسات قانونية وبقواعد إجرائية وصلاحيات وآثار موضوعية مختلفة، يتضح ذلك من خلال الهيكلة العامة لاختصاص القضاء التجاري ومساعديه بخصوص موضوع صعوبات المقاولة ( المحكمة ، غرفة المشورة لدى المحكمة، قضاء الرئيس، القاضي المنتدب ، كتابة الضبط ، السنديك، المراقبون …. –محكمة الإستئناف التجارية باختصاصاتها الأساسية… إلخ).

ولأن كل واحد من هذه الموضوعات وغيرها كان محل عرض ومناقشة في إطار برنامج الندوات التكوينية(6) الذي نعد في إطاره هذا العرض، فإنني أحصره في حدود مؤسسة السنديك، ( مفهومها وأهميتها ، صلاحياتها، التزاماتها ، آثار عملها على القضاء وموقف هذا الأخير من أعمالها …) وهو موضوع العرض الشفوي الذي ساهمت به في إطار وحدة قانون الأعمال …)، أخذا بعين الاعتبار الملاحظات التوجيهية للأستاذ المؤطر الدكتور امحمد الفروجي ومناقشات زملائي في الوحدة.

اعتبارا لأهمية الموضوع و تشعباته، ولكون دور السنديك حاسما في توجيه موقف القضاء للحسم في وضعية المقاولة سواء بالنسبة لمرحلة إخضاعها للتسوية القضائية أو للتصفية القضائية وهما الاجراءان اللذان قد تكون المقاولة هي الساعية لأحدهما ومكمن غايتها، وقد تكون رافضة لهما ومتمسكة باستقلالها .. وقد يكون الغير هو الراغب في ذلك بحسن نية أو بدونها أحيانا· الأمر الذي يضفي على دور السنديك أهمية قصوى، ويطرح على مستوى التطبيق الميداني إشكالات عديدة تساءل بقوة المشرع المغربي حول ما إذا كان قد وفق في اختياره واعتماده هذا النظام بالطريقة التي اعتمد بها وبالمقاييس والإجراءات المعتمدة في المصدر الأساسي المأخوذ عنه هذا الإختيار ألا وهو التشريع الفرنسي، الذي صيغ لمجتمع تحكمه منظومة قانونية وثقافة مختلفة عن واقع المغرب، سواء من حيث واقع وطبيعة الاقتصاد أو من حيث محدودية إمكانيات الإدارة القضائية عموما، وكذا محدودية عدد الأشخاص المؤهلين (الأغيار) لممارسة مهام السنديك، من حيث تكوينهم في مجال تدبير وإدارة المقاولات إداريا وماليا، وبمنطق الاستثمار أو في مجال الإجراءات القانونية الواجب التقيد بها خصوصا وقد أثبتت التجربة أن هذه المهمة تسند إلى جانب بعض أطر كتابة الضبط، بصفة أساسية للخبراء المقيدين في الجداول المعتمدة لدى مختلف المحاكم ليصبحوا بذلك يزاوجون بين مهمتين لكل منها قواعدها وآلياتها ومتطلباتها ( مهمةالخبير ، ومهمة السنديك…)، وهي إشكالية سنحاول إبراز معالمها ومقتضياتها وإطارها التشريعي وموقف العمل القضائي بشأن الموضوع عموما وحسب كل موضوع نتناوله في إطار هذه التقسيمات الأساسية وتفرعاتها التنظيمية منهجيا مع محاولة التركيز بصفة أساسية بشأن العمل القضائي للمحاكم التجارية ومواقف مختلف درجاته على الأحكام والقرارات القضائية غير المنشورة والمعممة-التي حاولنا الإشارة لبعض المنشور منها- والكل رغبة في الإسهام الإيجابي لإغناء التحسيس بأهمية الموضوع وإغناء المناقشة بشأنه اخترنا تناوله ومدارسته بشكل عام وفي حدود إطار تقديمه العمل على تقسيم عام له ما يلي:

الفصل الأول: السنديك واحد من الأجهزة الأساسية لمعالجة صعوبات المقاولة

الباب الأول: التعريف بمؤسسة السنديك( Syndic)(7).

المبحث الأول: المفهوم القانوني العام للسنديك، وطبيعة عمله:

باستحضار التطور التاريخي لمؤسسة السنديكSyndic بالمغرب والتوجه الحديث الذي كرسه قانون مدونة التجارة رقم 95-15 وفلسفته الجديدة خصوصا في مجال التركيز على الدور الاجتماعي والاقتصادي للمقاولة، يمكن القول إن السنديك وكيل يعينه القضاء لمساعدة كل من الدائنين للوصول إلى حقوقهم والمدين (المقاولة) المتعثرة في الوفاء بديونها، في إطار قواعد تراعي البعد الإجتماعي والاقتصادي لدور المقاولة عموما في التنمية، وبمنطق تشجيع روح المبادرة الجادة والاستثمار.

و بهذا المعنى العام، فإن السنديك يتقمص في نفس الآن دور الدفاع عن مصالح متعارضة يجب عليه الحرص على التوفيق فيما بينها بكثير من النزاهة والاستقلال ودون تحيز لأي طرف .

وإذا كان المشرع المغربي ارتأى أن ينيط بالقضاء مهمة المشاركة في التنمية ودعم وحماية الاستثمار من خلال ما تم إقراره في ترسانته القانونية الحديثة (مدونة التجارة، قانون إحداث المحاكم التجارية، قوانين الشركات، مدونة الشغل ….) وما تخوله مقتضيات هذه النصوص من صلاحيات كبيرة للقضاء في المجال الاجتماعي و الاقتصادي والمالي، فإنه تفعيلا لذلك ارتأى تعزيز عمل القضاء والمحاكم التجارية عموما في هذا المجال بمن يساعدهم فنيا وإداريا وبنوع من التخصص أو التفرع، وأسند ذلك لمؤسسة قانونية ألا وهو السنديك Syndic الذي بحكم مساعدته للقضاء هذه يجب أن يتحلى في عمله بالإضافة إلى كفاءة علمية متخصصة بالخصال الأساسية للقضاء المشار إليها أعلاه، والتي تؤهله لأن يكون وكيل القضاء في القيام بالمهمة المسندة إليه من طرفه، مترفعا عن أن يكون وكيلا -بالمعنى الضيق- أو مرافعا لأحد أطراف المنازعة أو بعضهم أو ضد أحدهم أو بعضهم… وأن تكون غاية مرماه وهدفه هو معالجة صعوبات المقاولة بشكل يضمن حسن استمرارها اقتصاديا وماليا واجتماعيا في إطار يسمح لكافة الدائنين لها بالوصول إلى حقوقهم (مسطرة التسوية) أو يضمن عند الضرورة حسن تصفيتها وتركتها بشكل منصف بين مختلف الدائنين والكل في إطار سبر أغوار وفلسفة المشرع المقررة للإجراءات المسطرية التي يلتزم بالعمل في إطارها ….وبذلك تستحق عبارة» سنديك: Syndic أن تسمى قانونيا وفي إطار مقتضيات مدونة التجارة بأنه: وكيل القضاء في معالجة صعوبات المقاولة«.

وبهذا المعنى، فإن دور السنديك كوكيل مساعد للقضاء في إطار نظام صعوبات المقاولة يختلف دوره والقواعد المنظمة لصلاحياته و مهامه عن بعض قواعد الوكالة الواردة في قانون الالتزامات والعقود (الفصول: من 879 إلى 958)، وقانون المسطرة المدنية لسنة 1974، كما أن هذا النظام يختلف جوهريا عن نظام الوكيل التجاري الذي تحكمه بدوره قواعد ومبادئ خاصة(8).

وإذا كان دور السنديك بالمعنى المشار إليه أعلاه يختلف عن بعض الأنظمة العامة أو الخاصة للوكالة أو لعبارة السنديك نفسها، فإن ما يميزه عنها هو احتفاظه ببعض المبادئ الجوهرية لقواعد الوكالة في عموميتها وأخلاقياتها، وأحيانا مسؤولياتها مع مراعاة خصوصية كونه يقوم بمهامه تحت إشراف ومراقبة القضاء، و مراعاة المزاوجة والتوفيق بين هذه المبادئ في توظيفها لفائدة أطراف متناقضة مصالحها أحيانا بكثير من الحياد الإيجابي والاستقلالية عن الارتباط والسعي للمصلحة الأساسية للموكل بمفهومه الضيق والمحدود.

وبخصوص التعريف بالطبيعة القانونية لعمل السنديك يؤكد الدكتور امحمد الفروجي ما يلي(9)

“…..إن السنديك المعين من بين كتاب الضبط لا يعتبر وكيلا عاديا خاضعا لأحكام الوكالة المنصوص عليها في القانون المدني فقط، وإنما يعتبر وكيلا قضائيا ، موظفا يخضع في ممارسة مهمته لأحكام القانون المدني، وأحكام القانون الإداري أيضا، وخاصة تلك المتعلقة بالمسؤولية والتأديب، لأن الدائنين لا يختارونه وإنما تعينه المحكمة من تلقاء نفسها ودون استشارة هؤلاء الدائنين “.

وبصفته وكيلا قضائيا فإن السنديك يعمل لفائدة كل من الدائنين والمقاولة المدينة، والمصلحة العامة باعتبار الدور الاقتصادي والاجتماعي للمقاولة المدينة الخاضعة لنظام المعالجة وبهذا المفهوم فإن السنديك يعتبر موظفا عموميا بمفهوم الفصل124 من ق.ج تطاله عند الإقتضاء الجزاءات الزجرية عند الإخلال العمدي بشكل سيء للأضرار بأحد أطراف المسطرة، ويطبق عليه كما يطبق على الموظف الرسمي بشأن جرائم الرشوة، أو الغدر أو استغلال النفوذ الواردة في الفصول (241 -247) (248 – 256 ) من القانون الجنائي كما تم تعديلها بمقتضى القانون رقم 79.03 بشأن حذف محكمة العدل الخاصة وتتميم بعض مقتضيات القانون الجنائي(10) .

المبحث الثاني: الخصائص الأساسية للسنديك:

الفرع الأول: الاستقلالية (م 568)

بمقتضى المادة568 من مدونة التجارة فإن مهام السنديك يمارسها كاتب الضبط بالمحكمة التجارية مصدرة الحكم القاضي بفتح المسطرة(11) ‘أو العامل في محكمة تجارية أخرى ، وبصفة خاصة ولما يقتضيه الأمر يمكن للمحكمة أن تعين شخصا آخر، للقيام بهذه المهمة، تحت إشراف القاضي المنتدب كذلك.

ورغم أنه عمليا يتم – بصفة أساسية – إسناد هذه المهمة إلى بعض الأطر العليا بكتابة الضبط خريجي الجامعات المصنفون في سلم “المنتدبين القضائيين” فما فوق ذوي التكوين أو التمرس القانوني ، الأمر الذي يؤدي إلى التحكم في سير الإجراءات المسطرية قانونا، فإن المشكل العام الذي تعيشه كتابة الضبط عموما من قلة الإمكانيات والوسائل المادية، ومحدودية عدد الأطر البشرية، يؤدي أمام كثرة الملفات وتراكمها إلى كثير من التعثر، مما استوجب الإستعانة بأشخاص من خارج المحكمة ويتم التركيز في هذا الإطار على بعض الخبراء المختصون في مجال المحاسبة العاملون في القطاع الخاص كمهن حرة تمارس في مكاتب خاصة وبعيدا عن أنظار القضاء…، مما يؤكد أن السنديك-خصوصا الخبراء الذين يمارسون مهنا حرة يتمتعون في إدارة وتسيير مهمتهم باستقلالية فعلية كبيرة، يجب أن تمارس كذلك في استقلالية تامة عن حقوق ومصالح أحد أطراف المسطرة وهو أمر يشهد واقع الممارسة أنه لا يتم خصوصا وأن كثيرا من الدعاوى والمنازعات تتم بتنسيق بين رئيس المقاولة و السنديك، ويتم تنصيب محام واحد للدفاع عنهما وبشكل يمزج بين دفاع المحامي ودفاع السنديك وبقواعد مهنية مختلفة لأن مهنة المحامي تلزم أساسا بالدفاع عن مصالح الموكل وحده عكس مهام السنديك كما أشير إليها أعلاه.

الفرع الثاني: الحياد

من المبادئ الأساسية التي أقرها القانون 15.95 في المادة 637 وأساسا الفقرة الثانية لهذه المادة أنه:

” يمنع إسناد مهمة القاضي المنتدب أو السنديك إلى رئيس المقاولة أو مسيرها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية”

من خلال هذه الصياغة ومراعاة لما أقره المشرع المغربي في عدة تشريعات خاصة بشأن تنظيم البت أو المؤازرة أو الدفاع في عدة مهن حرة أو وظائف رسمية يلاحظ-إيجابيا- أن المشرع المغربي أكد على قيد ومنع جوهري لايطال مهمة أو مهنة السنديك وحدها، وإنما يطال مهام ووظائف ومهن أخرى لا يجب أن تفسر سلبيا –في نظرنا- بأنها قيودا تعني المعني بها صراحة في النص، وإنما تعني ضمانات وحماية لحقوق أساسية للغير الخاضع لها شخصيا، ومنظمة بتقاليد وأعراف وفنون ممارستها في عدة مهن ومهام منها ما تم تكريسه تشريعيا أو عرفيا وتقاليد ثابتة لا تسمح للشخص المهني، الفني أو بحكم وظيفته ممارسة نفس المهمة لفائدته الشخصية أو لأقاربه –حماية لحسن أداء مهمته أو وظيفته، بهدوء فكري، وحيادا عن أي ضغط مصلحي أو عاطفي شخصي مباشر أو غير مباشر –إيجابا أو سلبا- (ومن الأمثلة على ذلك: ? القواعد والأنظمة العامة أو الخاصة للممارسة المهن الطبية ? القواعد القانونية والأنظمة الخاصة لممارسة مهنة المحاماة ? القواعد القانونية لممارسة قضاء الحكم ? القواعد القانونية الخاصة لممارسة مهنة العون القضائي ? القواعد النظامية الخاصة لممارسة المهام الشرطية والضبطية…إلخ).

وباستقراء هذه الأنظمة وثوابتها وأخلاقيتها وفلسفتها العامة هي وغيرها كثير، يتضح أن المشرع المغربي ورعيا للثقافة الأسرية والعائلية وربما القبلية أو الطبقية والفئوية التي تشكل واحدا من مكونات الخصوصيات الثقافية المحلية المتجدرة ارتأى أن يقرر صراحة في نصوص مواده التشريعية ما قد يحد من غلوا ذلك بالتنصيص صراحة في أكثر من قانون على قيود خاصة من قبيل ما أوردته الفقرة-2- من المادة: 637 موضوع هذا الفرع مع الإشارة إلى أن القضاء المغربي لا يتساهل –إيجابيا- في التعامل مع تطبيق هذه المقتضيات وبشكل تختلف تطبيقاته بشأنه حسب الحالات والنوازل المعروضة عليه (ملاحظة: تختلف الجزاءات القضائية حسب الفعل وخطورته وآثاره في المساس بحقوق الأغيار بين قواعد المسؤولية التقصيرية المدنية، والجزاءات التأديبية المهنية، و الجزاءات الزجرية الجنائية…).

الباب الثاني: صلاحيات ومهام وحقوق السنديك:

* تقديم عام:

من خلال محاولة لاستقراء وحصر صلاحيات وحقوق السنديك في قانون مدونة التجارة 95-15 اتضح أنها مضمنة في مواد مختلفة، وأحيانا في فقرات بعض المواد التي تجمع في طياتها هذه الحقوق والصلاحيات إضافة إلى الالتزامات، وقد ترد هذه الصلاحيات في إطار مقتضيات تهم أساسا بعض الأجهزة الأخرى لصعوبات المقاولة من قبيل الصلاحيات المخولة للقاضي المنتدب أو المحكمة أو غرفة المشورة أو رئيس المحكمة، وقد يرد في بعضها في مواد خارج التقسيم الأساسي لقانون مدونة التجارة إما صراحة أو تفهم عن طريق منطق الاستنتاج والتحليل.

ولأن هذه الصلاحيات كثيرة وغير محصورة في إطار تبويب خاص في إطار القانون الإطار أو في إطار نص تنظيمي خاص لهذه المهمة أو كمهنة أو كوظيفة، فإن الأحكام والقرارات القضائية التي تصدر بتعيين السنديك غالبا ما تقوم بتحديد وحصر صلاحيات ومهام السنديك الموكول له القيام بها مما يفرض بدوره التساؤل حول ما إذا كان السنديك ملزما بالتقيد بالمهام المحددة في القرار أو الحكم القضائي القاضي بتعيينه أم أن من حقه تجاوز ذلك وممارسة الصلاحيات المحدد في القانون، واعتبار إرادة المشرع/ القانون، أسمى من إرادة القاضي؟ وهو تساؤل يشكل الخوض في البحث عن جوابه إشكالية مؤكدة لأهمية الموضوع أمام اختلاف وجهات نظر العمل القضائي في تناوله، وبشكل يجسد اختلاف وجهات نظر الفقه المغربي في تناول ومعالجة الموضوع التي يلاحظ على بعضها تناول ودراسة الموضوع على ضوء العمل القضائي المقارن وأساسا -القضاء الفرنسي- الذي تناول الموضوع من خلال نصوص تشريعية فرنسية وما تقره من قواعد مبدئية أو تنظيمية لم تعتمد تشريعيا من طرف المشرع المغربي بشكل صريح.

هكذا يتضح أن تناولنا للموضوع يستوجب -لمحاولة حصره أوليا- تقسيمه إلى ثلاث مباحث أساسية: مبحث أول، يتم فيه جرد صلاحيات وحقوق السنديك الواردة في مواد المدونة، ومبحث ثان نعرض فيه للالتزامات السنديك، ومبحث ثالث نخصصه للحديث عن مراقبة عمل السنديك/ العقوبات التأديبية..

المبحث الأول: جرد عام لبعض صلاحيات وسلطات السنديك وحقوقه:

1 )حق طلب الاطلاع على كل العقود والوثائق المتعلقة بالمسطرة (م641).

2) للسنديك وحده الصفة للتصرف باسم الدائنين ولفائدتهم مع مراعاة الصلاحيات المعترف بها للمراقبين (م642)

3) للسنديك حق مساعدته من طرف المراقبين لتنفيذ مهمته لإدارة المقاولة (م645).

4) للسنديك حق اقتراح عزل المراقبين بطلب (معلل) يقدمه للمحكمة (م645).

5) للسنديك القيام باسم المقاولة بتقييد الرهون الرسمية أو الرهون، أو الرهون الحيازية ، أو الامتيازات التي أهمل رئيس المقاولة اتخاذها أو تجديدها (646).

6) للسنديك الحق في الحصول من رئيس المقاولة أو من الغير الحائز على الوثائق والدفاتر المحاسبية التي لديه قصد دراستها.(م646)، مع تحديد الموقف بشأنها في إطار القانون بحماية المقاولة أو رئيسها أو الدائنين أو المدينين من أي تجاوز خارج عن المبادئ الأساسية للمهمة).

7) للسنديك طلب رفع الأختام وجرد أموال المقاولة وممارسة دعاوي الاستحقاق أو الاسترجاع (م:649).

8) للسنديك أو عليه –حسب الحالات- فتح حساب خاص مجمد بالحصص أو الأسهم أو شهادات الإستثمار أو شهادات حق التصويت التي تمثل حقوقهم داخل الشركة – موضوع المسطرة- (م650).

9) للسنديك حق طلب الإشارة في سجلات الشركة إلى عدم قابلية تفويت حصص المسيرين ، مع تسليمهم شهادة تسمح لهم بالمشاركة في جمعيات الشركة.

10) للسنديك –رغما عن مبدأ شخصية المراسلات- حق تسلم الرسائل الموجهة لرئيس المقاولة بأمر من القاضي المنتدب مع حق رئيس المقاولة بعد إخباره أن يحضر فتحها.(م651) وينتهي هذا التدبير في تاريخ صدور الحكم بحصر مخطط الإستمرارية أو التفويت أو قفل التصفية القضائية.

11) استعمال الحسابات البنكية والبريدية للمقاولة لما فيه مصلحة المقاولة (م577).

12) للسنديك حق القيام- بترخيص من القاضي المنتدب – بتقديم رهن أو رهن رسمي أو إبرام صلح أو تراضى لفائدة المقاولة.

13) للسنديك أن يتلقى العروض بشأن استمرار المقاولة ويرشح أو يختار العرض الملائم، ليقترحه على المحكمة من أجل المصادقة عليه وتتبناه- في إطار سلطتها التقديرية-.

14) اقتراح مدة تنفيذ مخطط الإستمرارية في حد أقصى مدته عشر سنوات (م595).

15) اقتراح إعادة الهيكلة المالية والقانونية للمقاولة والزيادة في رأسمالها (م 598).

16) اقتراح فتح مسطرة التصفية القضائية في حق المقاولة التي لم تنفذ التزاماتها بمقتضى مخطط الإستمرارية.

17) للسنديك تلقي العروض من الأغيار في إطار مخطط التفويت لعناصر وممتلكات المقاولة كليا أو جزئيا ودراستها، وتقييمها واقتراح الأفضل منها ومدى جديته (م 603).

18) يحق للسنديك تولي إبرام العقود الضرورية لإنجاز التفويت تنفيذا للمخطط الذي تحصره المحكمة (م 604).

19) للسنديك حق التمثيل القانوني للمقاولة في إطار مسطرة التصفية القضائية (م 619) وفي هذا الإطار تغل يد صاحب المقاولة ويحق للسنديك برد أصول المقاولة، سواء المنقولة أو غيرها ووضع الأختام عليها.

20) طلب إجراء خبرة لتحديد الثمن الافتتاحي لبيع موجودات ومكونات التصفية، ويتم ذلك مراعا ة واحتراما للضمانات القانون لحماية حقوق المقاولة (الإشهار القانوني طبقا لمقتضيات ق.م.م)

المبحث الثاني: التزامات السنديك

بقدر ما أقر المشرع المغربي في القانون 95-15 بشأن مدونة التجارة صلاحيات وسلطات كبيرة وخطيرة للسنديك يمكنه ممارسة بعضها بشكل مستقل تحت رقابة ضميره وشرفه، وبعضها تحت إشراف القاضي المنتدب، وأخرى تحت إشراف المحكمة بمختلف مكوناتها وهيئاتها وحسب الاختصاص أو الصلاحيات القانونية، فإن المشرع فرض على هذه المؤسسة التزامات مرتبة لآثار قانونية مختلفة نورد من بينها:

1) ضرورة التقيد بالمبادئ العامة وروح وفلسفة المشرع المغربي في إقرار اعتباره واحدا من الأجهزة التشريعية الأساسية لمعالجة صعوبات المقاولة لفائدة المصلحة العامة ومراعاة لحقوق كل الدائنين والمقاولة المرغوب في استمرارها في أداء دورها الاقتصادي والاجتماعي، أو تصفيتها بأقل ما يمكن من خسارات بشأن الديون العامة أو الخاصة المترتبة عليها قانونا.

2) ضرورة احترام السنديك للالتزامات القانونية والتعاقدية المفروضة على رئيس المقاولة ي(م640).

3) إخبار القاضي المنتدب -بشكل دوري- بسير المسطرة (م641). (بالمفهوم الموضوعي وتنفيذا لقرار المحكمة)

4) على السنديك إخبار الدائنين واستشارتهم بشأن سير الإجراءات كأسلوب لضمان الشفافية وممارسة حق التتبع من طرفهم.

5) على السنديك إطلاع القاضي المنتدب على الملاحظات أو الاقتراحات التي يوجهها إليه المراقبون، لضمان حسن سير المقاولة وأداء دورها الإجتماعي و الإقتصادي أو الإنساني.

6) على السنديك تمكين المراقبين من كل الوثائق التي يتوصل بها (م645). (في حدود حسن سير المقاولة وفلسفة إقرار ذلك).

6) على السنديك أن يطلب – بمجرد الشروع في مهمته – من رئيس المقاولة القيام بنفسه بجميع الأعمال الضرورية لحماية حقوق المقاولة ضد مدينيها والحفاظ على قدراتها الإنتاجية تحت طائلة قيامه ( أي السنديك) بذلك .(م646).

7) على السنديك إعداد تقييم تفصيلي لوضعية المقاولة في حالة عدم إعداد الحسابات السنوية أو عدم وضعها رهن إشارته (م647).

8) على السنديك وضع الأختام على أموال المقاولة أو بعضها بأمر من القاضي المنتدب لحمايتها وحماية دائنيها ووضعيتها الاقتصادية والاجتماعية عموما (648).

9) على السنديك أن يعيد فورا إلى رئيس المقاولة الرسائل التي لها طابع شخصي التي يتوصل بها في إطار إذن القاضي المنتدب بالتوصل بالمراسلات الموجهة لرئيس المقاولة (م651).(مع احترام السر المهني فيما لم ترفع عنه النصوص التشريعية هذا الطابع/ أو المبدأ بنصوص تشريعية خاصة وأساسا ذات الطابع الجرمي(12)).

10) إعداد تقرير يتضمن الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة، بمشاركة رئيس المقاولة (أخذا باقتراحاته الإيجابية) وبالاستعانة – عند الاقتضاء – بخبير أو عدة خبراء (م579).( في المسائل التي تخرج عن مجال تخصصه)

11) اقتراح مخطط للتسوية يضمن استمرارية المقاولة أو تفويتها للغير أو التصفية القضائية لها .(م579)

12) عرض الإقتراحات المعدة في إطار المادة579 على القاضي المنتدب داخل أجل أقصاه أربعة أشهر من تاريخ صدور حكم فتح المسطرة مع إمكانية تجديد أو تمديد الأجل مرة واحدة بناء على طلب منه (م579).

المبحث الثالث: مراقبة عمل السنديك / العقوبات التأديبية

ن ظرا لأن مهمة السنديك تسند أساسا إلى أحد موظفي كتابة الضبط أو لأحد الخبراء المقيدين بجدول الخبراء أو لغيرهم في إطار الإجراءات المسطرية الجاري بها العمل، فإن العقوبات التأديبية التي قد يتعرض لها هذا السنديك تختلف حسب النظام القانوني الذي يخضع له أي نظام الوظيفة العمومية بالنسبة للموظف الرسمي والنظام الخاص بالخبراء.

وبخصوص فئة الخبراء تجدر الإشارة إلى المهام المسندة في هذا الإطار لرؤساء المحاكم ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية والرؤساء الأولين والوكلاء العامين لمحكمة الاستئناف التي يمكن ممارستها بواسطة رئيس المحكمة التجارية أو وكيل الملك بها أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية أو الوكيل العام للملك بها.

وبخصوص هذا الموضوع يرى الأستاذ أحمد نهيد أنه:(13)

« علاوة على التدابير المحددة سواء في قانون المسطرة المدنية أو الجنائية نص المشرع على عقوبات تأديبية تطال الخبراء الذين يتهاونون في القيام بمهامهم أو لا ينجزونها داخل الأجل وذلك ضمن القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء الذي اعتبر أن الخبير يكون قد ارتكبت خطأ مهنيا خطيرا على الخصوص إذ لم يقم بالمهمة المستندة إليه أو لم يؤدها داخل الآجال المقررة بعد توجيه إنذار إليه من طرف المحكمة المعينة وذلك دون عذر مقبول (المادة 35).

وعهد هذا القانون لكل من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف والوكيل العام للملك لديها بمهمة مراقبة الخبراء القضائيين المسجلين بجدولها وللرئيس الأول للمجلس الأعلى والوكيل العام للملك لديه بمراقبة الخبراء القضائيين المسجلين بالجدول الوطني.

ويتولى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف والوكيل العام لديها إجراء الأبحاث الضرورية في شأن الشكايات المقدمة ضد الخبراء، ويجوز لهما القيام بذلك تلقائيا أو بطلب من وزير العدل كما يمكنهما أن يكلفا بإجرائها رئيس المحكمة الابتدائية ووكيل الملك لديها.

وإذا ظهرت قرائن ضد خبير مسجل بالجدول تتم عن إخلالات مهنية أمر الرئيس الأول بالاستماع إليه في محضر يوجه لوزير العدل الذي يحيله على اللجنة المنصوص عليها في المادة الثامنة من هذا القانون.

وبعد الإطلاع على التقرير المشترك المنجز من طرف كل من الرئيس الأول والوكيل العام للملك المعزز بالوثائق وبوجهة النظر يمكن للجنة أن تتخذ في حق الخبير المحال إحدى العقوبات التأديبية التالية:

-الإنذار

– التوبيخ

– المنع المؤقت من مزاولة الخبرة القضائية لمدة تزيد عن سن ة

– التشطيب من الجدول »

الفصل الثاني: العمل القضائي/ بخصوص مهام السنديك.

الباب الأول: تنظيم مهمة السنديك

لم يهتم المشرع المغربي بتنظيم مهمة السنديك رغم أن هناك تشريعات عمدت الى تنظيم هذه المهمة في إطار مهنة، ومنها التشريع الفرنسي المستقاة منه مقتضيات معالجة صعوبات المقاولة الواردة في قانون مدونة التجارة المغربي.

ففي التشريع الفرنسي، هناك القانون رقم 99 – 85 الصادر في 25 يناير1985 بشأن المتصرفين القضائيين والوكلاء القضائيين المكلفون بتصفية المقاولات والخبراء المتخصصون في تشخيص أوضاع المقاولات . ولتطبيق هذا القانون صدر المرسوم1389 – 85 بتاريخ 27/12/1985(14).

و القيام بمهام السنديك يتطلب الإلمام بقواعد أحوال الإدارة والتسيير للمقاولات وسوق التجارة، ومبادئ التسويق، والمحاسبة إضافة إلى الإلمام بقواعد الإجراءات المسطرية المقررة في القانون سواء في قانون مدونة التجارة أو قانون المسطرة المدنية وكذا مختلف القوانين المالية والضريبية و الشغلية، وغيرها كثير، وهي موضوعات من الواضح أن الإلمام بها يستوجب تكوينا أكاديميا خاصا ومتخصصا لممارسة مهام السنديك بشكل سليم.

وفي غياب النص التشريعي، فإن العمل القضائي أضحى ملزما للتدخل في هذا التنظيم إما في إطار حصر وتحديد المهام المسندة للسنديك سواء في إطار مسطرة التسوية أو مسطرة التصفية القضائيتين، والتأكيد على إنجاز مهام (السنديك) تحت إشراف القاضي المنتدب، ومراقبة المحكمة، كما يتم تنظيم علاقته الإدارية بأجهزة المحكمة (كتابة الضبط، القاضي المنتدب، الرئيس، هيئة الحكم) وفي هذا الإطار يؤكد السيد محمد ايت بلحسين رئيس المحكمة التجارية بمراكش بصدد توضيح طريقة التعامل مع السنديك ما يلي:

« ….إن السنديك المعين من الأغيار يمارس عملا عهد به أصلا لكتابة الضبط، وبالتالي عليه التقيد بالضوابط القانونية بصفة عامة، والحضور إلى المحكمة من حين لآخر، مع التواصل المستمر مع القاضي المنتدب، وقسم صعوبات المقاولة، وكذا حرصه على الحياد في التوفيق بين مختلف المصالح المتواجد والمتناقضة أحيانا (مقاولة –دائنين –عمال) خصوصا وأنه يمثل المقاولة والدائنين (15) ».

المبحث الأول: تحديد وحصر مهام السنديك

لئن كانت مواد قانون مدونة التجارة 95-15 تشير إلى المهام الأساسية التي يحق للسنديك القيام بها في كل من مسطرة التسوية القضائية ومسطرة التصفية القضائية و بشكل يتضمن تمييزا نوعيا يفتح الباب واسعا في اختلاف وجهات النظر في مناقشتها و بشأن المهام الخاصة بكل منهما مع إيراد مقتضيات ومهام مشتركة عامة بينهما في المواد 640 إلى 644 من القانون 15.95، فإن ما يستوجب الإشارة إليه أن هذه المهام يجب تحديدها وحصرها من طرف القاضي المنتدب أو من طرف المحكمة ذات الإختصاص نوعيا في قرارها، أو حكمها القاضي بإخضاع المقاولة للتسوية أو التصفية القضائيتين أو أي إجراء بشأنهما أن تحرص على التحديد أو الحصر في إطار الإستعانة بالسنديك لإدارة صعوبات المقاولة- وحسب المرحلة التي تصل إليها صعوباتها وبمنطق يراعى أن يتم هذا الحصر والتحديد حسب طبيعة كل قضية وملابساتها ونوعية الصعوبات التي تواجه المقاولة.

والملاحظ من خلال الكثير من أحكام المحاكم التجارية أنها تعمل على التركيز في المهام المسندة للسنديك على مكامن الخلل التي تشوب سير المقاولة مع الحفاظ على صلاحيات رئيس المقاولة، أو الجهاز الإداري التسييري أو النظامي لطبيعتها أو مراعاة لبعض الأنظمة الإدارية الخاصة التي توجب إدارة المشروع أو المقاولة بترخيص شخصي خاص(16) أو بترخيص مرتبط بكفاءة علمية خاصة(17)

وتجدر الإشارة إلى أن عبارة ” يقوم السنديك وحدة بالإجراءات المتعلقة بالمسطرة” تستوجب نوعا من التدقيق والتوضيح لمفهوم “الإجراءات” وتحديدا توضيح ما إذا كانت هذه العبارة تشمل “الحق في مقاضاة أحد الأطراف أو المقاولة نفسها والحق في الطعن -بالاستئناف ضد أحكام المحكمة التجارية أو بالنقض- ضد أحكام محكمة الاستئناف التجارية أم أن عبارة “الإجراءات” تشمل فقط الإجراءات المحددة والمحصورة في الحكم أو القرار القاضي بتعيينه سنديكا يعمل تحت إشراف وتوجيه القاضي المنتدب، وماذا لو اختلفا في ضرورة اللجوء إلى القضاء؟ هل يتجاوز السنديك القاضي المنتدب ويقيم الدعوى دون إذنه أو رغما عن رفضه؟ وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى ما جاء في قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء –وغيره كثير- رقم 1516/99 و 1517/99 الصادر بتاريخ: 19/10/1999 الذي أكد ما يلي:

«…حيث إنه بالرجوع إلى المواد المنظمة لمسطرة معالجة صعوبات المقاولة يتضح أن المشرع أناط بالسنديك وحده مهمة القيام بالإجراءات المتعلقة بهذه المسطرة ولم يسندها لأي من الدائنين…»

وقد اعتمدت المحكمة لتعليل هذا الموقف -الذي لا نراه سليما كما سيأتي توضيحه فيما بعد- على المواد 576، 577، 579 إلى 591 وكذا المواد 604 / 618 من المدونة.

المبحث الثالث: تعديل أو تغيير مهام السنديك أو عزله:

الفرع الأول: توسيع مهام السنديك:

– جاء في بعض حيثيات قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء: رقم26/2001 بتاريخ30/01/2001 في الملف1517/99/11 مايلي:

– “…حيث بالرجوع إلى الفصلين أعلاه (576 و716) من مدونة التجارة نجد بأنه يعطي الإمكانية في تغيير مهام السنديك تلقائيا ، وكذا الوجوب بوضع اليد تلقائيا من طرف المحكمة للنظر في سقوط الأهلية التجارية كلما توافرت لديها المعطيات، إن ذلك يعني أن المحكمة لها الصلاحية المطلقة في اتخاذ الإجراءات اللازمة كلما أثيرت أمامها دفوعات أو مساطر من شأنها أن تفيد وجود عناصر تؤدي إلى تطبيق المقتضيات الواردة بهذا الشأن أيا كان مصدر العلم بتلك العناصر، وأيا كان الطرف المثير لها حتى ولو لم تكن له الصفة في إثارتها أو التنازل عن ذلك فإن صلاحية المحكمة تبقى قائمة.

– وحيث إن طلب توسيع مهام السنديك ….أثيرت أمام المحكمة من طرف أحد المساهمين في الشركة الخاضعة لمسطرة التسوية القضائية فإن طلباتهم تكون مقبولة، باعتبارها وسيلة للمحكمة كي تضع يدها تلقائيا على المسطرة للنظر في الطلبات….

– «….وحيث إنه اعتبارا لكون المقاولة هي شركة مساهمة ويتعين تسييرها من طرف الرئيس وأعضاء المجلس الإداري.

– «وحيث يتعين تبعا لذلك إلغاء الحكم المستأنف(18) فيما قضى به من عدم قبول الطلب والحكم من جديد…. بتوسيع مهام السنديك ، وذلك بتكليفه بمساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير المالية منها والإدارية والاجتماعية. … »

هكذا يتضح أنه قد تظهر أثناء ممارسة السنديك في تنفيذه للمأمورية المحددة له قضائيا بمقتضى الحكم القاضي بتكليفه وتحديد مهامه أنه تواجهه في إطار تنفيذ هذه المهمة واقعيا أو قانونيا صعوبات تستوجب طلب توسيع مهامه للقيام بإجراءات أو تصرفات غير واردة في الحكم القاضي بتعيينه إما بسبب نوعية وضعية المقاولة أو بسبب نزاع بينه وبين رئيس المقاولة، أو مجلسها الإداري أو الدائنين أو المدينين وهو أمر تتم مواجهته عن طريق عرض الموضوع على القاضي المنتدب قضائيا لاستجلاء موقفه أو طلب مشورته أو مبادرته لتفعيل صلاحياته القانونية أو لتنفيذ الأمر القضائي بتقديم مقال من طرف السنديك يرفع إلى رئيس المحكمة التجارية في مواجهة رئيس المقاولة وبحضور النيابة العامة، يتضمن عرض الوقائع والمهام الإضافية المطلوب القيام بها…. وبعد مناقشة الدعوى تواجهيا يتم البت في الطلب بحكم قد يستجيب للطلب كليا أو جزئيا وقد لا يستجاب له …، ويرى السنديك تنفيذا لمهمته –مبدئيا- أن يواجه الحكم الرافض لموقفه عن طريق الطعن القضائي المنظم قانونا وحسب الحالات؛ إما بالإستئناف أو النقض أو عن طريق مسطرة طرق الطعن غير العادية من قبيل إعادة النظر، أو تعرض الغير الخارج عن الخصومة.

الفرع الثاني: عزل أو استبدال السنديك ، (م644):

– للمحكمة التي عينت السنديك حق عزله أو استبداله بغيره ليتولى مهمته أو مواصلة ما قام به ويتم استبدال أو عزل السنديك إما :

أ‌- بطلب من القاضي المنتدب.

ب‌- بصفة تلقائية من طرف المحكمة.

ج – بطلب من الدائنين أو أحدهم.

د‌- بطلب من المدينين أو أحدهم.

هل يمكن الطعن في الحكم القاضي باستبدال أو عزل السنديك ؟

يرى الدكتور امحمد الفروجي(19):” أن المشرع المغربي لم يكن دقيقا بما فيه الكفاية بخصوص موضوع طرق الطعن ضد الأحكام الصادرة في مادة صعوبات المقاولة،….. وأن حسن سير المسطرة يقتضي أن لا يقبل الحكم القاضي باستبدال السنديك سوى الطعن بالاستئناف من طرف النيابة العامة سواء كانت طرفا رئيسيا في القضية أم لا –”.

الباب الثاني: نماذج من العمل القضائي بخصوص تحديد مهام السنديك :

من خلال الكثير من أحكام وقرارات المحاكم التجارية يتضح أنها حين الأمر بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائيتين تقوم بحصر وتحديد المهام التي على السنديك القيام بها، وذلك حسب الوضعية أو الحالة التي وصلت إليها المقاولة وحسب نظامها القانوني ونوعها، وهو ما نعرض بشأنه نماذج فيما يلي:

المبحث الأول: تحديد المهام في مسطرة التسوية القضائية.

1- حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 25/06/2001 في الملف عدد 122/2001/10 الذي قضى بما يلي: ? مراقبة عمليات التسيير. ?إعداد تقرير مفصل حول الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة. ? إعداد الحل المناسب في نطاق المادة 579 من المدونة خلال أجل أقصاه 4 أشهر من تاريخ الحكم.

2- حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 29/07/2002 في الملف عدد 222/2002/10 الذي قضى بما يلي: ? متابعة (مواصلة) السنديك إجراءات تنفيذ المقاولة لالتزاماتها المحددة في مخطط الاستمرارية المذكور.? تقديمه تقريرا كل أربعة أشهر إلى القاضي المنتدب، حول تطور المقاولة وبالخصوص دفع المستحقات في آجالها. ? إشعار المحكمة في حالة عدم أداء الاستحقاقات أو بأي حالة تدهور ممكنة الحدوث للشركة .

3- حكم محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 19/04/2004 في الملف عدد: 20/2002/11 الذي حدد مهام السنديك في : ?مراقبة عمليات التسيير، ?إعداد الحل طبقا للمادة 579 من المدونة ?عرض اقتراحاته على القاضي المنتدب في إطار المادة 579 من المدونة).

4- حكم المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 03/05/1999 في الملف عدد 2297/99: ? وضع تقرير مفصل حول الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للشركة. ? إعداد الحل الملائم.

5- حكم المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 26/06/2002 في الملف عدد 5/37/2001 الذي قضى بما يلي: ?مراقبة عملية التسيير. ? وضع تقرير مفصل حول الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية بالمقاولة… بمساعدة رئيسها أو من يقوم مقامه. ?إعداد حل مناسب لتصحيح الوضعية في نطاق المادة 579 من المدونة، داخل أجل أقصاه أربعة أشهر.? السماح له بالاستعانة بخبير آخر إن اقتضى الأمر.

6- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 06/02/2003 في الملف عدد 55/2002 الذي قضى بما يلي:?مراقبة عمليات التسيير . ? إعداد تقرير مفصل بشأن الموازنة المالية والإجتماعية و الإقتصادية للشركة. ?اقتراح الحل المناسب مع العمل على عرض تقريره على السيد القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ هذا الحكم.

7- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 27/03/2003 في الملف عدد: 06/2003 الذي قضى بما يلي:? مراقبة عمليات التسيير ? إعداد تقرير مفصل بشأن الوضعية المالية والاقتصادية والاجتماعية للشركة . ? اقتراح الحل المناسب وعرض تقريره على السيد القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ الحكم.

8- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 02/10/2003 في الملف عدد 25/2003 الذي قضى بما يلي: ?بإعداد التقرير المالي الاقتصادي للمقاولة ? اقتراح مخطط الاستمرارية أو التفويت أو التصفية القضائية و عرضه على القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ صدور هذا الحكم.

9- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 01/04/2004 في الملف عدد 6/2004 الذي قضى بما يلي: ? مراقبة عمليات التسيير .? مساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير . ? يتعين عليه (السنديك) بمجرد التوصل بهذا الحكم أن يعد تقريره بخصوص الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للشركة ?يقترح على ضوء تقريره ما يراه مناسباً طبقا للفصل 579 من مدونة التجارة. ? يعرض التقرير داخل أجل 4 أشهر ( أربعة أشهر) من تاريخ هذا الحكم على القاضي المنتدب.

10- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 03/04/2004 في الملف عدد 10/2004 الذي قضى بما يلي: ? مراقبة عمليات التسيير . ?إعداد تقرير مفصل بشأن الوضعية المالية والاقتصادية و الاجتماعية. ? اقتراح الحل المناسب. ? العمل على عرض تقرير على السيد القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ الحكم .

11- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 03/04/2004 في الملف عدد: 3/2004 الذي قضى بما يلي: ? مراقبة عمليات التسيير. ?إعداد تقرير مفصل بشأن الوضعية المالية والاقتصادية و الاجتماعية للشركة ? اقتراح الحل المناسب وعرض التقرير المنجز على السيد القاضي المنتدب داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ الحكم.

12- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 12/02/2004 في الملف عدد 79/2003 الذي قضى بما يلي: ?مراقبة التسيير. ? يدعو الدائنين إلى التصريح بديونهم لدى السنديك المعين. ? بتحديد 23/06/2003 بصفة مؤقتة تاريخاً لتوقف عن الدفع.

حول حق سنديك التسوية القضائية في التقاضي والطعن:

موضوع حق سنديك التسوية القضائية في ممارسة الطعن ضد أحكام القضاء من الموضوع التي لازالت مفتوحة للنقاش خصوصا عندما يتم حصر مهامه بشكل لا يغل كليا سلطة وصلاحيات رئيس المقاولة، ومن الأمثلة على ذلك المذكرة الجوابية التي أدلي بها أمام محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء في الملف 3920/2003 و التي جاء فيها:

« خرق مقتضيات الفصل 576 من مدونة التجارة:

حيث إنه بالرجوع إلى المقال المستأنف سيتضح بأن الدعوى مرفوعة من طرف سنديك التسوية القضائية.

ولأن المشرع المغربي وإن كان أسند للسنديك تولي مجموعة من الصلاحيات جاء النص عليها في المواد 640، 641، 642، 643، 646 فإن هذه الاختصاصات والصلاحيات إنما تمارس ضمن إطار نوعية المساطر التي تخضع لها المقاولة التي توجب في وضعية “صعوبة” وتحديدا ما إذا كان الأمر يتعلق بتسوية قضائية أو تصفية قضائية.

وحيث إن شركة كوبروتيل توجد في وضعية تسوية قضائية، فإن هذا لا يؤدي إلى غل يد مديرها ومسيرها في مباشرة جميع الإجراءات المتصلة لحماية حقوقها المالية.

وحيث إن الحكم الصادر بفتح مسطرة التسوية القضائية هو الذي يحدد صلاحيات السنديك طبقا لنص المادة 576 من مدونة التجارة.

وحيث إن الحكم بالتسوية القضائية الصادر عن المحكمة التجارية بالرباط في مواجهة شركة كوبروتيل بتاريخ 20/12/2000 في الملف عدد 5/14/2000 حدد صلاحيات السنديك السيد إدريس رواح في:

-مراقبة عملية التسيير.

– وضع تقرير مفصل حول الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية بالشركة المذكورة وذلك بمساعدة رئيسها ومن يقوم مقامه مع إعداد حل مناسب لتصحيح الوضعية في أجل أقصاه 4 أشهر من تاريخ التوصل بالحكم.

وحيث إن الصلاحيات الممنوحة بموجب الحكم أعلاه لا يتضمن أية فقرة أو أية إشارة إلى ممارسة الحق في التقاضي،فإن قيام السنديك بتولي إجراءات التقاضي عن شركة كوبروتيل دون الرجوع إلى الحكم الذي يحدد صلاحياته يجعل الدعوى مرفوعة من شخص غير ذي صفة مما يتعين ردها على حالتها والحكم تبعا لذلك بعدم القبول خصوصا وأن صاحب الشركة و مسؤولها القانوني لازال يتمتع بكامل أهليته للتقاضي علما أن الأهلية من النظام العام بمقتضى الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية».

المبحث الثاني: تحديد المهام في مسطرة التصفية القضائية.

1 – حكم المحكمة التجارية بالرباط رقم 14 بتاريخ 21/06/2000 في الملف 5/41/99 منشور ب: مجلة القصر العدد 8/ ما ي2004 ص: 210

§ تحديد مهمة السنديك فيما يلي: ? تسيير عمليات التصفية القضائية من تاريخ الحكم حتى قفل المسطرة. ? تحديد أتعابه (السنديك) في 5000,00 درهم. نأمر رئيس المقاولة بإيداع مبلغ 3000,00 درهم بصندوق المحكمة بالإضافة إلى أتعاب السنديك.

2- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 13/11/2003 في الملف عدد 22/2003 الذي قضى بما يلي: ? الإشراف على الاستغلال خلال فترة إنجاز المسطرة . ?مواصلة استغلال الشركة لنشاطها طيلة مدة ستة أشهر .

3- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 21/11/2002 في الملف 46/2002 الذي قضى بتعيين السيد الحسين ادحلي سنديكا للقيام بإجراءات التصفية.

4- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ17/07/2003 في الملف 23/2003 الذي قضى بتعيين السيد الحاج العلاوي إبراهيم سنديكا للتصفية يعهد إليه القيام بمهام التصفية إعمالا للفصل 619 وما بعده من مدونة التجارة.

5- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 13/11/2003 في الملف 02/2003 الذي قضى بتعيين السيد علي السعداوي سنديكا للقيام بإجراءات التصفية .

6- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 13/11/2003 في الملف 22/2003 الذي قضى بتعيين السيد إبراهيم العلاوي سنديكا ومشرفا على الاستغلال خلال هذه الفترة.

7- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 04/12/2003 في الملف 58/2003 الذي قضى بالإبقاء على السيد عمر عنبر سنديكا للقيام بإجراءات التصفية.

8- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 11/03/2004 في الملف 8/2004 الذي قضى بتعيين السيد الحسين ادحلي سنديكا توكل إليه مهام إجراءات التصفية من بدايتها إلى نهايتها.

المبحث الثالث: أتعاب السنديك/ موقف القضاء:

من الموضوعات الأساسية والمهمة التي لم تتم معالجتها تشريعيا من طرف المشرع المغربي موضوع: تحديد أتعاب السنديك في إطار ضمان الوضوح والشفافية والنزاهة في عمله مع كافة الأطراف المعنية وبشكل يكرس مبدأ الإستقلالية والحياد، الذي يؤهله لأن يكون معنويا وماديا مساعدا للقضاء في معالجة صعوبات المقاولة-كما أشير إليه أعلاه-

وإذا كان العمل القضائي –واقعيا وميدانيا- بشأن التعيين والتكليف بمهمة السنديك يميز بشأن موضوع أتعابه بين إسناد المهمة لأحد أطر كتابة الضبط التي لا يقرن مجهوداتهم بأي أتعاب أو تعويض بحكم وظيفتهم الإدارية، وقيود استخلاص أي أجر أو تعويض عنها خارج النظم الإدارية الجاري بها العمل، فإنه (أي العمل القضائي) حين إسناد المهمة للغير (خصوصا الخبراء) نجده يحدده لفائدتهم (أجورا أو تعويضات) تختلف في مبلغها تكثيرا أو تقتيرا يخضع أساسا للسلطة التقديرية للمحكمة، واعتمادا على عناصر مختلفة بدون تعليل أو عند التعليل –أحيانا- إما محددة مسبقا في الحكم أو القرار القاضي بالتعيين في المسطرة كجزء من مصاريف المسطرة بتحديد مبلغها وتمييزها أو بدون تحديد لذلك ودمجها مع مصاريف المسطرة (التسوية أو التصفية) مما يوجب على السنديك المعين –الممارس لمهنة حرة- تقديم طلب لتحديد أتعابه عن المسطرة وتعليله…إلخ.

ولأن المشرع المغربي –وبشكل سلبي في نظرنا- لم يحدد معايير ومقاييس موضوعية وعلمية في التعامل مع موضوع التحديد لهذه الأتعاب على غرار ما نهجه بشأن أتعاب بعض المهن الحرة التي أقرها لمساعدة الإدارة القضائية من قبيل مهنة الأعوان القضائيين (20) ، فإن العمل القضائي بشأن التعامل مع الموضوع سجل مفارقات تستوجب الكثير من علامات الإستفهام أو التساؤلات عن مجموع المبالغ السنوية الرسمية –قضائيا- التي يتوصل بها السنديك في إطار مسطرتي التسوية أو التصفية القضائيتين، من خلال عدد الملفات التي يعينون فيها في دائرة كل محكمة ويتم تحديد هذه الأتعاب عن كل مسطرة …إلخ، وهو موضوع لأن المقام/ بتناوله بتفصيل نرى أن نخصص فيه حيزا لنماذج العمل القضائي الذي ينضح بما يستحقه الموضوع من عناية واهتمام…، وعلى سبيل الأمثلة فقط نماذج من الأحكام والقرارات القضائية بشأن هذا التحديد:

1- حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 25/06/2001 في الملف 122/2001/10 الذي قضى بما يلي: 10.000,00 مصاريف المسطرة مؤقتا.

2- حكم محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 19/04/2004 في الملف 20/2002/11 الذي حدد أتعاب السنديك فيما يلي: 10.000,00 درهم.

3- حكم المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 26/06/2002 في الملف 5/37/2001 الذي قضى بما يلي: 20.000,00 مصاريف المسطرة زائد 2500,00 المحددة كمبلغ تكميلي المحدد بمقتضى الأمر الصادر بتاريخ 10/05/2002 لفائدة الخبير.

وبخصوص تعليل المبلغ المحدد كأتعاب السنديك والعناصر الموضوعية المعتمدة نورد مايلي:

1- حكم المحكمة التجارية بأكادير بتاريخ 17/10/2002 في الملف عدد 26/2002 الذي جاء في حيثياته ما يلي:

“حيث إن الطلب يهدف إلى تحديد أتعاب ومصاريف الخبير المعين من طرف المحكمة كسنديك في مسطرة التسوية المفتوحة في الملف عدد 03/1999.

و حيث إن المحكمة بعد دراستها لمحتوى الوثائق المرفقة بالطلب و المدرجة بالملف تبين لها أن السنديك كان معينا من طرف المحكمة بصفته مراقبا لتنفيذ مخطط الاستمرارية من 17/11/2000 إلى تاريخ التصفية .

و حيث إنه بالرجوع إلى تقريره المعد و المدرج بالملف والإجراءات المتخذة من طرفه وما تطلب منه ذلك من وقت وجهد والنتائج المحصل عليها حسب التقرير المعتمد من طرف المحكمة يتضح أنه بذل ما في وسعه لإنقاذ المقاولة وترتب عن ذلك المحافظة على مناصب الشغل إلى تاريخ النطق بالحكم بالتصفية واعتبارا لبقية المعطيات تحدد أتعابه ومصاريفه جملة في مبلغ 115.500,00 درهما بما فيه الضريبة على القيمة المضافة”.

الباب الثالث: إزداوجية مهام السنديك:

لوحظ من خلال دراسة مجموعة من الأحكام الصادرة عن بعض المحاكم التجارية أنها قبل إصدار الحكم بشأن إخضاع شركة أو مقاولة للتسوية أو التصفية القضائية تلجأ إلى إصدار حكم تمهيدي تعين بمقتضاه خبيرا مقيدا بجدول الخبراء قصد إعداد تقرير حول الوضعية المالية والاجتماعية لتلك المؤسسة ومدى ضرورة إخضاعها للمسطرة ، وغالبا ما يتم اعتماد تقرير وموقف الخبير المنتدب قبولا أو رفضا للإخضاع لهذه المسطرة ،….

وفي حالة الاستجابة للطلب يتم تعيين أحد زملائه الخبراء للقيام بمهمة السنديك أما هو فقد يعين في ملف آخر كسنديك أجرى فيه زميل له خبرة قضائية وهكذا يكون نفس الأشخاص المحدودون في عددهم في دائرة نفس المحكمة هم من ينتدبون كخبراء لاقتراح إخضاع المؤسسات الاقتصادية لنظام صعوبات المقاولة أم لا؟ وهم نفس الأشخاص الذين يعينون للقيام بدور ومهام السنادكة في تلك المؤسسات…؟؟.

وقد وقفنا على هذه الملاحظة التي تستوجب الكثير من التأمل والدراسة من عدة جوانب من خلال دراسة عينة من الأحكام والقرارات، عملا أن القيام بأي من المهمتين يتم بشأنها تحديد أتعاب قد تكون كثيرة و مستنزفة للوضعية المالية للمقاولة وقد يكون التحديد المسبق والإلزام بالإيداع لهذه الأتعاب بصندوق المحكمة محل تساؤلات حول مدى سلامة هذا الموقف وعلى ضوء قواعد الأجر مقابل العمل والتوصل بالأجر قبل القيام بأي عمل وقد لا يقوم به، لأي سبب من قبيل ظهور حالة التنافي أو الصلح بين المقاولة و دائنيها، ويمكن أن ترفض المقاولة إيداع المبلغ ومع ذلك تحتج بالحكم القاضي بإخضاعها للتسوية للإستفادة من امتيازاته دون أخذ الإجراءات مسارها العادي …

ولأن موضوع الأتعاب المحدد للسنديك أهميته، فإننا حرصنا على إيراد نماذج من العمل القضائي بشأنه في هذا الموضوع كما سلف…

خاتمة:

حاولنا في تناولنا لموضوع السنديك كواحد من الأجهزة الأساسية لمعالجة صعوبات المقاولة إبراز أهم معالم وخصوصيات هذه المؤسسة في إطار ما تنص عليه المقتضيات التشريعية مع التركيز على الواقع الميداني من خلال نماذج للعمل القضائي، الذي ركزنا بشأنه على أحكام وقرارات غير منشورة لإبراز اختلاف وجهات نظر المحاكم في تعاملها مع عدة موضوعات من قبيل تحديد وحصر المهام في كل مسطرتي التسوية والتصفية القضائية وفي طريقة تحديد أتعاب السنديك فيهما، في محاولة لإبراز مدى التعثر الذي يشهده تطبيق المقتضيات التشريعية على محك الواقع وما يتطلبه الأمر من ضرورة التدخل تشريعيا لإستدراك ما كشف عنه الواقع العملي من معوقات من خلال نصوص تنظيمية جوهرية من قبيل إصدار نص تنظيمي منظم لمهنة السنادكة والعمل على تقوية جهاز كتابة الضبط لتمارس هذه المهمة بصفة أساسية بدلا من التركيز على مهن أخرى وما يتسم به دورها من سلبيات تستوجب المعالجة في أفق تنفيذ الاختيارات الأساسية والفلسفية العامة للموضوع وما تستهدفه من تقوية المقاولة المواطنة والاستثمار عموما في أجواء تسودها الفعالية والشفافية وحسن المردودية على الجميع.