بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس القضاء الأعلى
رئاسة محكمة استئناف الرصافة الاتحادية
محكمة الأحوال الشخصية في حي الشعب

طالب حجة الإذن بزواج من زوجة ثانية / ص .ج .ن
القرار
قدم طالب حجة الإذن بزواج من ثانية (ص .ج .ن) طلبا إلى هذه المحكمة بتاريخ 3/8/2009 يطلب فيه الإذن بزوجة ثانية ، وأرفق مع الطلب صورة ضوئية لقيد العقار الواقع في مدينة الصدر العدد 4/37/45 مساحته 144م2 ، وصورة ضوئية لمقاولة شراء سيارة من معرض الإحسان ، وكتاب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العدد 3604 في 3/8/2009 الذي بين تفاصيل راتب طالب الحجة البالغ ( 1,150,000) مليون ومئة وخمسون ألف دينار دون ذكر مقدار الاستقطاعات أو التوقيفات التقاعدية وان ذلك المبلغ الإجمالي يتكون من راتب اسمي مقداره (250,000) مائتان وخمسون ألف دينار ومخصصات خطورة مقدارها (900,000) تسعمائة ألف دينار ، ثم اطلعت المحكمة على مطالعة مكتب البحث الاجتماعي في هذه المحكمة، الذي بين عدم ممانعته من إصدار الإذن، كذلك كتاب دائرة الادعاء العام في مجمع دار العدالة في حي الشعب العدد 86 في 4/8/2009 الذي أيد إصدار الحجة ،

كما استمعت المحكمة إلى الزوجة الأولى (ن .ج) التي أبدت عدم ممانعتها من زواج زوجها بامرأة ثانية وإنها تولد 1979 وأنجبت منه أربعة أولاد، وإنها مستعدة أن تسكن مع الزوجة الثانية في دار واحدة ، ثم بين طالب الحجة في طلبه المؤرخ في 4/8/2009 بان الغاية من الزواج بثانية تتجسد في عدة أمور وكما يلي ( 1ـ كثرة المشاغل المنزلية لان لديه أربعة أولاد 2ـ إن الزوجة الثانية المراد الزواج بها هي صديقة زوجته الأولى وإنهن متفقات تماما ومتفاهمات 3ـ إن الزوجة الثانية المراد الزواج بها مطلقة وان في ذلك الزواج رفع للظلم عن المطلقات والأرامل في البلد 4ـ الرغبة في إنجاب المزيد من الأولاد ) ، ومن خلال التحقيقات التي أجرتها المحكمة والإطلاع على أقوال الزوجة الأولى ومقدار راتب طالب الحجة ومبرراته لزواج بثانية وجدت المحكمة عدة نقاط تكون محل نظر عند إصدار القرار وعلى وفق ما يلي :ـ

1. ترى المحكمة إن تبرير طالب الحجة بوجود مشاغل منزلية لوجود أربعة أولاد لديه ، هو قولا فيه مسعى لان تكون الزوجة أداة للعمل في الأمور المنزلية وتشغيلها في إدارة شؤون الدار على خلاف الغاية الشرعية والقانونية من الزواج المتمثلة بالمودة والرحمة وتكوين الأسرة على وفق أحكام المادة (الثالثة) من قانون الأحوال الشخصية النافذ.

2. أشار طالب الحجة في تبريره الآخر إنهن صديقات ، وترى المحكمة ان هذا لا يشكل أي مسوغ شرعي لان يتزوج الرجل من صديقة زوجته لان الصداقة لها اعتبار إنساني بين الأصدقاء مبني على أساس الاحترام والود المتبادل، ولا يشكل مدخلا لزواجه من صديقة زوجته، لان التسليم بذلك القول سيكون مسعى لان يتزوج بصديقات أخر للزوجة الأولى، لان لديها صديقات متعددات ، مما يثير التساؤل التالي، هل سيسعى للزواج منهن جمعيا تحت وازع كونهن صديقات زوجته الأولى؟

3. وجدت المحكمة إن طالب الحجة لم يوفق في عرض غايته من الزواج حينما نص في طلبه المؤرخ في 3/8/2009 على ما يلي ( لعل ذلك يساهم في رفع الظلم عن المطلقات والأرامل في البلد العزيز ) حيث ذكر بان المراد الزواج بها مطلقة ، وتجد المحكمة في هذا القول تصغير لمقام المرأة عندما ينظر إليها بنظرة المشفق عليها، لان العبارة التي ذكرت في أعلاه تدل على إن طالب الحجة يسعى للزواج بالمطلقة ليرفع الظلم عنها وهو دافع لان يكون مشفقا عليها لحالتها الاجتماعية، وليس على أساس التكافؤ وكونها امرأة لها حضورها الإنساني، وإنها تمثل جزء مهم من المجتمع وتسهم في بنائه، وهي ليست كائن ضعيف يستجدي الشفقة من الرجل، وهذا يشكل تقاطع مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التمييز ضد المرأة، التي صادق عليها العراق وأصبحت قانون وطني واجب الإتباع، كما ان هذا التبرير لا ينسجم والمبادئ الدستورية التي تضمنها الدستور العراقي النافذ في مجال المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين .

4. وجدت المحكمة إن المقدرة المالية لطالب الحجة غير كافية لإعالة أكثر من زوجة، حيث أن راتبه الاسمي هو (250،000) مائتان وخمسون ألف دينار، وباقي المبلغ الإجمالي البالغ (900,000) تسعمائة ألف دينار هو مخصصات خطورة غير ثابتة، إذ إنها تنتهي عند انتهاء مبرر منحها فيبقى الراتب الاسمي، الذي لا يمكن معه تامين العيش المناسب للأسرة الأولى المكونة من زوجة وأربعة أطفال وأسرة ثانية يروم تكوينها تتكون من زوجة وأولاد آخرين يسعى لإنجابهم على وفق قوله المشار إليه أعلاه ، وفي هذا الأمر ترى المحكمة ان إمكانية العدل بين الزوجتين غير متحققة، على وفق ما أشارت الفقرة (5) من المادة (الثالثة) من قانون الأحوال الشخصية النافذ على ما يلي ( إذا خيف عدم العدل بين الزوجات فلا يجوز التعدد ويترك تقدير ذلك للقاضي) .

5. إن طالب الحجة أشار إلى أن الغاية من الزواج هو زيادة عدد الأولاد ، وهو أمر لم تجد له المحكمة أي مسوغ شرعي أو قانوني، حيث إن الزوجة الأولى تولد عام 1979 وإنها أنجبت أربعة أولاد ولا يوجد أي عائق يحد من قدرتها على الإنجاب ولم يقدم أي تقرير طبي يؤيد ذلك .
لذلك ومما تقدم تجد المحكمة إن طالب الحجة لم يقدم ما يؤيد توفر المصلحة المشروعة من الزواج بثانية التي أشارت إليها الفقرة ( 4/ب) من المادة ( الثالثة ) من قانون الأحوال الشخصية النافذ ، كما ترى بان الزوج سوف لن يتمكن من العدل بين الزوجتين في ضوء الموارد المالية التي تقدم بها , وحيث إن للمحكمة السلطة التقديرية في ذلك قررت رفض طلب طالب الإذن بالزواج بزوجة ثانية (ص .ج .ن) وعدم منحه الإذن بذلك، قرارا قابلا للتظلم والتمييز وافهم علنا في 5/8/2009 الموافق 15/ رجب / 1430 هـ

القاضي
سالم روضان الموسوي