_ أولاً :الجهل بالاباحة :

يعني الجهل بالاباحة أن يرتكب شخص جريمة وقد توافر في حقه بالفعل سبب من أسباب اباحتها لكنه كان يجهل ذلك . ومثالها رجل الضبط الذي يقوم بالقاء القبض على متهم أو تفتيش منزله بمقتضى أمر صحيح كان يعتقد هو أنه باطل . وكالطبيب الذي يجري عملية جراحية خطيرة يموت على اثرها المريض معتقداً أن الأخير لم يقبل باجراء العملية الجراحية بينما كان المريض قد وافق بالفعل على ذلك .

والرأي السائد فقهاً هو أن الجهل بالاباحة لا ينفي توافرها وبالتالي يتحقق أثرها من حيث اباحة الفعل نظراً لطبيعتها الموضوعية . وقد خالف هذا الرأي الفقهي ما كانت محكمة النقض قد قررته من أن الجهل بسبب الاباحة يحول دون استفاد المتهم به ، ولا يستثنى من هذا الحكم الا أسباب الاباحة التي تقوم على عناصر شخصية فيتعين العلم بهذه العناصر حتى تحقق الاباحة أثرها .

والجهل بالاباحة لا يحول دون استفادة المتهم بها ، هذا الحكم يتعين الأخذ به على اطلاقه حتى ولو استندت أسباب الاباحة الى عناصر شخصية . فلئن كانت الجريمة الظنية تلك التي لا تقوم الا في ذهن صاحبها يجب أن تبقى على صحيحها حالة اباحة . ثم ما الجدوى من عقاب جريمة قامت في ” خيال ” فاعلها بينما وجدت في ” الواقع ” مشمولة بأحد أسباب الاباحة ؟

_ ثانياً : الغلط بالاباحة : 

الغلط في الاباحة هو صورة مقابلة للجهل بالاباحة ، والمقصود به وقوع الفاعل في غلط بشأن أحد العناصر الواقعية للاباحة مما جعله يعتقد توافر الاباحة بينما في الحقيقة انتفاء هذه الاباحة . ومثالها تسرع شخص بالدفاع الشرعي عن نفسه ضد خطر وهمي قام في اعتقاده فقط ، فيرتكب جريمة قتل بينما لم يكن لهذا الخطر وجود في الحقيقة . والأصل أن الغلط في الاباحة على هذا النحو ينتفي معه قيام الاباحة ويحول دون الاستفادة بها . وبالتالي يبقى الفعل بحسب الأصل جريمة . ويرد على هذا الأصل استثناء مؤداه الاعتراف بالغلط في الاباحة واستفادة الشخص بها بالرغم مما وقع فيه من غلط . ولم يمانع القضاء في الأخذ بالغلط في الاباحة والقول بمشروعية الفعل متى كان الفاعل وقع في الغلط الذي يرقى الى حد انتفاء القصد الجنائي لديه .