الالتزام بأداء الأجرة المستحقة بعملة أجنبية – القانون المصري

الطعن 851 لسنة 58 ق جلسة 4 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 81 ص 482

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة، عبد الملك نصار وعلي شلتوت.
———-
– 1 التزام ” انقضاء الالتزام : انقضاء الالتزام بتنفيذه عينا . الوفاء”. إيجار ” تشريعات إيجار الأماكن : أسباب الإخلاء ، الإخلاء لعدم سداد الأجرة . التزام المستأجر بالوفاء بالأجرة بعملة أجنبية”.
الالتزام بأداء مبلغ من النقود . الأصل فيه أن يكون بالعملة الوطنية . التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية . صحيح . وجوب الوفاء به عن طريق أحد المصارف أو الجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي . ق 97 لسنة 1976مثال بشأن التزام المستأجر في عقد الإيجار بأداء الأجرة المستحقة عليه بالدولار .
الأصل في الالتزام بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات الأجنبية فإن هذا الالتزام لا يلحقه البطلان لما كان ذلك وكان النص في المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي يدل على أن المشرع أجاز التعامل في النقد الأجنبي سواء كان ذلك في داخل البلاد أو في خارجها، مما مفاده أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية معينة هو التزام صحيح وأنه ولئن كان النص قد وضع قيدا على كيفية إبراء المدين لذمته من هذا الدين بأن أوجب الوفاء به عن طريق أحد المصارف أو الجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي إلا أن هذا القيد لا أثر له على صحة التزام المدين ويقع عليه عبء تدبير العملة الأجنبية والحصول عليها من إحدى تلك الجهات للوفاء بالتزامه.
– 2 دعوى ” نظر الدعوى أمام المحكمة : الدفاع في الدعوى وتقديم المستندات والمذكرات . الدفاع الجوهري”.
محكمة الموضوع . عدم التزامها بالرد على دفاع غير جوهري لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى .
المقررـ في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه أو الرد عليه هو الدفاع الجوهري المنتج في الدعوى.
– 3 عقد ” عقد الإذعان “.
عقد الإذعان. خصائصه. تعلقه بسلع أو مرافق ضرورية واحتكار الموجب لها احتكارا قانونيا أو فعليا أو قيام منافسة محدودة النطاق بشأنها مع صدور الإيجاب للناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محددة. السلع الضرورية. ماهيتها.
المقررـ في قضاء هذه المحكمةـ أن من خصائص عقود الإذعان أنها تتعلق بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة للمستهلكين أو المنتفعين ويكون فيها احتكارا قانونيا أو فعليا أو تكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق وأن يكون صدور الإيجاب منه إلى الناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محدودة، والسلع الضرورية هي التي لا غنى للناس عنها والتي لا تستقيم مصالحهم بدونها بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلى التعاقد بشأنها، ولا يمكنهم رفض الشروط التي يصنعها الموجب ولو كانت جائرة وشديدة.
– 4 حكم ” عيوب التدليل: القصور . ما لا يعد قصورا”.
الدفاع الذى تلتزم المحكمة بالرد عليه . ماهيته . التفات الحكم عن دفاع عار عن الدليل ويدحضه واقع الدعوى . لا قصور .
المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أنه يشترط في الدفاع الجوهري الذى تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون جوهريا وأن يكون مع جوهريته يشهد له الواقع ويسانده فإذا كان عاريا عن دليله وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناول الرد عليه في حكمها ولا يعتبر سكوتها عن ذلك إخلالا بحق الدفاع ولا قصورا في حكمها.
– 5 نقض “أسباب الطعن . السبب الجديد “.
ورود النعي على أسباب الحكم الابتدائي. عدم تمسك الطاعن به أمام محكمة الاستئناف. اعتباره سببا جديدا. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يضيف إليها أسبابا أخرى وكان وجه النعي منصبا على أسباب الحكم الابتدائي وخلت الأوراق مما يدل على أن الطاعن قد عرض هذا الدفاع على محكمة الدرجة الثانية فإنه ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ يكون سببا جديدا لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
————-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 69 لسنة 1986 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بأحقيته في سداد القيمة الإيجارية الواردة في عقد الإيجار المبرم بينهما بتاريخ 1979/12/13 بالعملة الوطنية “الجنيه المصري” وفقاً لسعر الصرف المعلن عنه رسمياً عند إبرام العقد، وقال بياناً لذلك أنه استأجر من المطعون ضدها بموجب ذلك العقد مسطحاً مساحته 29.16 متراً مربعاً بالدور الأرضي من المبنى الإداري المملوك لها المبين بصحيفة الدعوى مقابل 300 دولار سنوياً للمتر الواحد، 12 دولاراً مقابل استهلاك المياه والصيانة والتشغيل والنظافة، وعلى أثر ما اتخذته الدولة من قرارات بسبب الظروف الاقتصادية فقد اضطر إلى سداد القيمة الإيجارية المستحقة عن عام 1984 بالعملة الوطنية وقبلت المطعون ضدها ذلك ولكنها قصرته على عام 1985 فقط، وإذ كان التزامه بسداد القيمة الإيجارية بالدولار يخالف النظام العام كما طرأت تغيرات على سوق النقد لم يكن في وسعه توقعها أصبح معه تنفيذ التزامه بسداد القيمة الإيجارية بالدولار مرهقاً له فقد أقام الدعوى. بتاريخ 1986/12/30 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1553 لسنة 104 ق وبتاريخ 1987/12/23 قضت بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه استند في دعواه إلى بطلان الشرط الوارد في عقد الإيجار بإلزامه بالوفاء بالأجرة بالعملة الأجنبية “الدولار الأمريكي”، وإذ خلص الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إلى أنه يستند في ذلك إلى بطلان العقد لمخالفته للنظام العام فإنه يكون قد أخطأ في فهم دفاعه ورتب على ذلك رفض دعواه مستنداً إلى أن القانون 43 سنة 1974 قد أباح تحصيل القيمة الإيجارية للمساكن المنشأة وفقاً لأحكامه بالعملة الأجنبية في حين أن إباحة تحصيل الأجرة بالعملة الأجنبية تبعاً لإباحة تداولها لا يعني بالضرورة إلزام المستأجر بالوفاء بها، إذ يظل له الحق في الوفاء بالأجرة بالعملة الوطنية إعمالاً لقوة الإبراء غير المحدودة لها والتي تعد من النظام العام إذ درجت كافة القوانين بما في ذلك القانون رقم 97 سنة 1976 بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي على تحريم شرط الوفاء بالعملة الأجنبية بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الأصل في الالتزام بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات الأجنبية فإن هذا الالتزام لا يلحقه البطلان وكان النص في المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي على أن “لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أن يحتفظ بما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي من غير عمليات التصدير السلعي والسياحة، وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقاً للفقرة السابقة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج – والتعامل داخلياً على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية “يدل على أن المشرع أجاز التعامل في النقد الأجنبي سواء كان ذلك في داخل البلاد أو في خارجها، مما مفاده أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية معينة هو التزام صحيح وأنه ولئن كان النص قد وضع قيداً على كيفية إبراء المدين لذمته من هذا الدين بأن أوجب الوفاء به عن طريق أحد المصارف أو الجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي إلا أن هذا القيد لا أثر له على صحة التزام المدين ويقع عليه عبء تدبير العملة الأجنبية والحصول عليها من إحدى تلك الجهات للوفاء بالتزامه”. لما كان ذلك فإن التزام الطاعن في عقد الإيجار المبرم مع الشركة المطعون ضدها بأداء الأجرة المستحقة عليه بالدولار الأمريكي هو التزام صحيح لا مخالفة فيه للقانون وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بأسباب الاستئناف بحدوث تعديل على شروط العقد بسداد القيمة الإيجارية المتعاقد عليها بالجنيه المصري واستدل على ذلك بموافقة الشركة المطعون ضدها على سداده للقيمة الإيجارية المستحقة عن عام 1985 بالعملة الوطنية، ولم تنكر الشركة هذا الاتفاق إلا أنها قصرته على ذلك العام فقط وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة “أن الدفاع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه أو الرد عليه هو الدفاع الجوهري المنتج في الدعوى” وكان الثابت بالأوراق أنه ولئن كانت الشركة المطعون ضدها قد وافقت بخطابها المؤرخ 1985/6/13 على قبول سداد الطاعن للقيمة الإيجارية ومصاريف الصيانة المستحقة عن عام 1985 بالعملة المحلية إلا أنها طلبت بخطابها المؤرخ 1985/12/19 بسداد هذه القيمة عن عام 1986 بالدولار الأمريكي بما مفاده أن موافقتها على سداد القيمة الإيجارية عن عام 1985 بالعملة المحلية قاصر على تلك السنة فقد ولا يدل على أن إرادة الطرفين قد اتجهت إلى تعديل الشرط الوارد في عقد الإيجار بالوفاء بالقيمة الإيجارية بالدولار الأمريكي وإذ كان دفاع الطاعن في هذا الشأن لا يعد دفاعاً جوهرياً فلا يعيب الحكم المطعون فيه إغفال الرد عليه ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه كان ضحية عقد إذعان وواقعاً تحت تأثير إكراه عند طلبه تجديد العقد بتاريخ 1984/7/28 إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من خصائص عقود الإذعان أنها تتعلق بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة للمستهلكين أو المنتفعين ويكون فيها احتكار الموجب هذه السلع أو المرافق احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو تكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق وأن – يكون صدور الإيجاب منه إلى الناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محدودة، والسلع الضرورية هي التي لا غنى للناس عنها، والتي لا تستقيم مصالحهم بدونها بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلى التعاقد بشأنها، ولا يمكنهم رفض الشروط التي يضعها الموجب ولو كانت جائرة وشديدة، وهذه الخصائص لا تنطبق على عقد الإيجار المؤرخ 1979/12/13 الذي يستأجر فيه الطاعن من الشركة المطعون ضدها مسطح النزاع ونص فيه على أن مدة العقد خمس سنوات تبدأ من 1980/1/1 وتنتهي في 1984/12/31 وأن للطاعن الحق في طلب امتداد العقد لمدة خمس سنوات أخرى إذا ما رأى ذلك وبذات الشروط السابقة ومن ثم فإن للطاعن حرية كاملة في طلب تجديد العقد أو عدم تجديده وإذ كان دفاع الطاعن في هذا الصدد لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فلا على الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد عليه، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط في الدفاع الجوهري الذي تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون جوهرياً وأن يكون مع جوهريته يشهد له الواقع ويسانده فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناول الرد عليه في حكمها ولا يعتبر سكوتها عن دفعه إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها وكان الطاعن لم يقدم لمحكمة الموضوع ما يدل على أن الشركة المطعون ضدها قد أكرهته على تجديد عقد الإيجار موضوع الدعوى، فإن التفات الحكم المطعون فيه عن تحقيق هذا الدفاع العار عن الدليل لا يعيبه بالقصور في التسبيب ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي انتهى إلى أن الظروف التي طرأت وأدت إلى رفع سعر الدولار الأمريكي كانت قائمة وقت تجديد العقد في نهاية عام 1984 دون أن يبين بأسباب سائغة حقيقة هذه الظروف وأبعادها، ومدى الارتفاع الذي طرأ على سعر صرف الدولار الأمريكي عند إبرام العقد وعند تجديده وما إذا كان في وسع الشخص العادي توقعها بما يرهقه ويسبب له خسارة فادحة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم المستأنف لأسبابه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يضيف إليها أسباب أخرى وكان وجه النعي منصباً على أسباب الحكم الابتدائي وخلت الأوراق مما يدل على أن الطاعن قد عرض هذا الدفاع على محكمة الدرجة الثانية فإنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .