الاشتراط لمصلحة الغير في التعاقد – القانون المصري

الطعن 1389 لسنة 56 ق جلسة 30 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ج 1 ق 147 ص 749

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وخيري فخري نواب رئيس المحكمة.
———-
– 1 اختصاص ” الاختصاص المحلي. المحكمة المختصة محليا عند تعدد المدعى عليهم”. دعوى ” نظر الدعوى أمام المحكمة – الخصوم في الدعوى . أشخاص الخصومة”.
تحديد المدعى عليه في الدعوى. مناطه. أن تكون وجهت إليه طلبات فيها. تعدد المدعى عليهم في الدعوى تعددا حقيقيا على اختلاف مراكزهم القانونية فيها. أثره. للمدعي رفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم سواء كان مسئولا بصفه أصلية أو ضامنا.
لما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات على أن “وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم” قد ورد في عبارة عامة مطلقة بحيث يتسع لكافة المدعى عليهم المتعددين في الخصومة تعددا حقيقيا، والمقصود بهم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هؤلاء الذين وجهت إليهم طلبات في الدعوى لا أولئك الذين اختصموا ليصدر الحكم في مواجهتهم أو لمجرد المثول فيها فمن ثم يجوز للمدعي طبقا لهذا النص رفع الدعوى على المدعى عليهم المتعددين تعددا حقيقيا على اختلاف مراكزهم القانونية فيها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم سواء كان مسئولا بصفة أصلية أو ضامنا دون قيد أو تخصيص.
– 2 التزام ” أنواع من الالتزام . الاشتراط لمصلحة الغير”.
المنتفع في الاشتراط لمصلحة الغير يكسب حقا مباشرا من العقد ذاته المبرم بين المشترط والمتعهد. تعيين المنتفع يكون بشخصه أو بوصفه شخصا مستقبلا أو من الممكن تعيينه وقت أن ينتج العقد أثره.
مفاد نص المادة 1/154 من القانون المدني أنه في الاشتراط لمصلحة الغير يتعاقد المشترط مع المتعهد باسمه لمصلحة شخصية في تنفيذ المتعهد الالتزامات المتعاقد عليها نحو المنتفع دون أن يدخل المنتفع طرفاً في العقد، وأن المنتفع إنما يكتسب حقه مباشرة من العقد ذاته المبرم بين المشترط والمتعهد بأن تشترط الالتزامات لصالحه باعتباره منتفعاً فيه ويجري تعيينه بشخصه أو بوصفه شخصاً مستقبلا أو يكون مستطاعاً تعيينه وقت أن ينتج العقد أثره.
– 3 التزام ” أنواع من الالتزام . الاشتراط لمصلحة الغير”. تأمين ” الزام شركة التأمين بتعويض المضرور . شروطه”.
عدم تقرير المشرع ـ فيما عدا ما وردت به أحكام خاصة – حقا مباشرا للمضرور في مطالبة المؤمن بالتعويض عن الضرر الذي أصابه والذي يسأل عنه قبل المؤمن له. وجوب الرجوع إلى القواعد العامة وبحث وثيقة التأمين لمعرفة الحق الذي اشترطه المؤمن له وهل اشترطه لنفسه أم لمصلحة الغير.
لما كان المشرع – فيما عدا ما وردت به أحكام خاصة – لم يقرر للمضرور حقاً مباشراً في مطالبة المؤمن بالتعويض عن الضرر الذي أصابه والذي يسأل عنه قبل المؤمن له فوجب الرجوع إلى القواعد العامة لتعرف ما إذا كانت وثيقة التأمين على مسئولية المؤمن له قصد بها اشتراط لمصلحة الغير أم قصد بها اتفاق خاص بين الطرفين المتعاقدين فإذا كان الحق الذي اشترطه المؤمن له إنما اشترطه لنفسه فلا يكون هناك اشتراط لمصلحة الغير حتى لو كانت تعود منه منفعة على الغير، أما إذا تبين من مشارطة التأمين أن العاقدين قصداً تخويل المضرور الحق المباشر في منافع العقد فإن القواعد الخاصة بالاشتراط لمصلحة الغير هي التي تطبق.
– 4 تأمين ” الزام شركة التأمين بتعويض المضرور . شروطه”. محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة لمسائل التأمين”. نقض ” سلطة محكمة النقض”.
محكمة الموضوع. سلطتها في بيان اشتمال وثيقة التأمين على اشتراط لمصلحة المضرور دون رقابة عليها من محكمة النقض متى استندت إلى أسباب سائغة.
بيان ما إذا كانت وثيقة التأمين تتضمن اشتراطا لمصلحة المضرور يستمد منه حقا مباشرا يستطيع على أساسها رفع الدعوى قبل الشركة المؤمنة هو ما يخضع لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
– 5 حكم ” تسبيب الأحكام . ضوابط التسبيب “. محكمة الموضوع “سلطتها في الاستناد إلى أوراق دعوى أخرى”.
استناد المحكمة إلى أوراق دعوى أخرى كانت مرددة بين نفس الخصوم. شرطه. ضم تلك الدعوى إلى ملف النزاع كعنصر من عناصر الإثبات.
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا تثريب على محكمة الموضوع أن تستند في قضائها إلى أوراق دعوى أخرى كانت مردده بين نفس الخصوم ولو اختلف موضوعها عن النزاع المطروح عليها طالما أن تلك الدعوى كانت مضمومة لملف النزاع وتحت بصر الخصوم فيها كعنصر من عناصر الإثبات يتناضلون في دلالته.
————
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليهم العشرين الأول أقاموا الدعوى رقم 1905 سنة 1984 مدني أسيوط الابتدائية ضد الشركة الطاعنة والشركتين المطعون عليهما الأخيرتين بطلب الحكم بإلزامها متضامنة بأن تدفع لهم مبلغ مائة ألف جنيه، وقالوا بيانا لذلك إن شركة الشرق للتأمين المطعون عليها الحادية والعشرين شرعت في إقامة عمارة على أرضها المجاورة لمنزليهم وأعدت مساكن لإيوائهم مؤقتا خشية سقوط مساكنهم الكائنة في هذين المنزلين من جراء عمليات الحفر ووضع أساسات المبنى الجديد التي أسندت القيام بها إلى المطعون عليها الأخيرة والتي حررت مع الطاعنة وثيقة تأمين من مسئوليتها المدنية التي قد تنشأ عن هذه الأعمال، وإذ أدت أعمال الحفر وإنشاء الأساسات إلى انهيار المنزلين وبالتالي فقدانهم لمساكنهم فقد أقاموا الدعوى بتاريخ 1985/4/24 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليهما الأخيرتين متضامنتين والطاعنة بالتضامم مع المطعون عليها الأخيرة بأن تؤدي لباقي المطعون عليهم مبلغ أربعين ألف جنيه. استأنف المطعون عليهم العشرين الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 131 سنة 60 ق كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 140 سنة 60 ق واستأنفته المطعون عليها الحادية والعشرون برقم 141 سنة 60 ق وأيضا المطعون عليها الأخيرة برقم 142 سنة 60 ق أسيوط، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة حكمت بتاريخ 1986/3/4 في موضوع الاستئناف الأول بزيادة التعويض المقضي به إلى مبلغ خمسين ألف جنيه ورفضت باقي الاستئنافات. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ رفض الدفع المبدي منها أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم اختصاص محكمة أسيوط الابتدائية محليا بنظر الدعوى على ما ذهب إليه من جواز رفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة المدعى عليها إذ ما تعلق النزاع بالمسائل المتعلقة بهذا الفرع الناشئة عن أعماله وذلك على خلاف ما استوجبه القانون رقم 47 لسنة 1973 من وجوب اختصام الشركة في شخص رئيس مجلس إدارتها وأن يوجه إليها الإعلان بالدعوى على المركز الرئيسي لها، هذا إلى أن وثيقة التأمين أبرمت في القاهرة وغير متعلقة بفرع الشركة بأسيوط ولم تكن الطاعنة طرفا في الاتفاق المبرم بين المطعون عليهم العشرين الأول وبين الشركة المطعون عليها الأخيرة وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات على أن “وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم” قد ورد في عبارة عامة مطلقة بحيث يتسع لكافة المدعى عليهم المتعددين في الخصومة تعددا حقيقيا، والمقصود بهم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هؤلاء الذين وجهت إليهم طلبات في الدعوى لا أولئك الذين اختصموا ليصدر الحكم في مواجهتهم أو لمجرد المثول فيها فمن ثم يجوز للمدعي طبقا لهذا النص رفع الدعوى على المدعى عليهم المتعددين تعددا حقيقيا على اختلاف مراكزهم القانونية فيها أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم سواء كان مسئولا بصفة أصلية أو ضامنا دون قيد أو تخصيص لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون عليهم العشرين الأول اختصموا في دعواهم الشركتين المطعون عليهما الأخيرتين وأولهما مالكة المبنى الذي عهدت للأخيرة بإرساء أساساته كما اختصموا معهما الشركة الطاعنة المؤمن لديها من المسئولية المدنية الناشئة عن هذه الأعمال باعتبار ثلاثتهم مسئولين أصليين – بطلب الحكم عليهم بالتعويض عن الأضرار المترتبة عن هدم مساكنهم، فيعتبر تعددهم في الخصومة تعددا حقيقيا بتوجيه هذا الطلب إليهم، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته ردا على الدفع الذي أبدته الطاعنة بعدم اختصاص محكمة أسيوط الابتدائية محليا بنظر الدعوى أن هذه المحكمة – محكمة أسيوط الابتدائية – هي المحكمة المختصة إذ أنها هي المتفق عليها ما بين المدعين (المطعون عليهم العشرين الأول) … وبين شركة ….. (المطعون عليها الأخيرة) الأمر الذي يكون معه الدفع بعدم اختصاص محكمة أول درجة محليا غير قائم على أساس …) فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد باتفاق المطعون عليهم العشرين الأول مع المطعون عليها الأخيرة – وهي خصم حقيقي في المنازعة موضوع التداعي – واعتبره كافيا لعقد الاختصاص لمحكمة أسيوط الابتدائية بنظر الدعوى يكون قد وافق صحيح القانون، ولا يقدح في ذلك ما استطرد إليه الحكم تزيدا تأييدا لوجهة نظره – أيا كان وجه الرأي فيه – لوروده على أسباب نافلة يصح الحكم بدونها ومن ثم يكون هذا النعي قائما على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفعين المبديين منها بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وعلى غير ذي صفة رغم أنها لا تربطها بالمطعون عليهم عدا الأخيرة ثمة علاقة تعاقدية تجيز للمضرورين استعمال الدعوى المباشرة قبلها فضلا عن أن وثيقة التأمين المحررة بينها وبين المطعون عليها الأخيرة تنتهي في 1982/12/10 وقبل انهيار منزلي المطعون عليهم العشرين الأول بتاريخ 1982/12/14 وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود، ذلك أن مفاد نص المادة 1/154 من القانون المدني أنه في الاشتراط لمصلحة الغير يتعاقد المشترط مع المتعهد باسمه لمصلحة شخصية في تنفيذ المتعهد الالتزامات المتعاقد عليها نحو المنتفع دون أن يدخل المنتفع طرفا في العقد، وأن المنتفع إنما يكتسب حقه مباشرة من العقد ذاته المبرم بين المشترط والمتعهد بأن تشترط الالتزامات لصالحه باعتباره منتفعا فيه ويجري تعيينه بشخصه أو بوصفه شخصا مستقبلا أو يكون مستطاعا تعيينه وقت أن ينتج العقد أثره، ولما كان المشرع – فيما عدا ما وردت به أحكام خاصة – لم يقرر للمضرور حقا مباشرا في مطالبة المؤمن بالتعويض عن الضرر الذي أصابه والذي يسأل عنه قبل المؤمن له فوجب الرجوع إلى القواعد العامة لتعرف ما إذا كانت وثيقة التأمين على مسئولية المؤمن له قصد بها اشتراط لمصلحة الغير أم قصد بها اتفاق خاص بين الطرفين المتعاقدين فإذا كان الحق الذي اشترطه المؤمن له إنما اشترطه لنفسه فلا يكون هناك اشتراط لمصلحة الغير حتى لو كانت تعود منه منفعة على الغير، أما إذا تبين من مشارطة التأمين أن العاقدين قصدا تخويل المضرور الحق المباشر في منافع العقد فإن القواعد الخاصة بالاشتراط لمصلحة الغير هي التي تطبق، وبيان ما إذا كانت وثيقة التأمين تتضمن اشتراطا لمصلحة المضرور يستمد منه حقا مباشرا يستطيع على أساسها رفع الدعوى قبل الشركة المؤمنة هو ما يخضع لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، لما كان ما تقدم وكانت محكمة الاستئناف في حدود سلطتها التقديرية في فهم الواقع في الدعوى وتفسير صيغ العقود واستظهار نية العاقدين واستخلاص المعنى الذي قصداه خلصت إلى أن (الشركة المنفذة – المطعون عليها الأخيرة – عندما تعاقدت مع شركة التأمين الأهلية – الطاعنة – اشترطت لمصلحة المضرور (المستأنفون في الاستئناف رقم 131 لسنة 60 ق) – المطعون عليهم العشرين الأول – ومن ثم يعتبر لهم حق مباشر قبل المؤمن) وكان هذا الاستخلاص يقوم على أسباب سائغة ولها معينها من الأوراق وتكفي لحمل النتيجة التي انتهت إليها، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا تثريب على محكمة الموضوع أن تستند في قضائها إلى أوراق دعوى أخرى كانت مرددة بين نفس الخصوم ولو اختلف موضوعها عن النزاع المطروح عليها طالما أن تلك الدعوى كانت مضمومة لملف النزاع وتحت بصر الخصوم فيها كعنصر من عناصر الإثبات يتناضلون في دلالته، وكان الحكم الابتدائي – المؤيد بالحكم المطعون فيه – قد استخلص من تقرير خبير دعوى إثبات الحالة بين نفس خصوم الدعوى الماثلة أن انهيار منزلي المطعون عليهم العشرين الأول وقع بتاريخ 1982/12/7 قبل انتهاء مدة وثيقة التأمين المحدد له يوم 1982/12/10 وكانت الطاعنة لم تطعن على ما تضمنه ذلك التقرير في هذا الخصوص بثمة مطعن فإن النعي على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي في جملته قائما على غير أساس.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .