إجراءات تأييد الحضانة لمن يستحقها في محاكم الأحوال الشخصية العراقية

لم يعرف قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم (188) لسنة 1958 النافذ (الحضانة) وإنما ورده اصطلاحه ‏في مقدمة التعديل الثاني لهذا القانون بأنه ((تربية الطفل وتدبير شؤونه من قبل مَنْ له حق في ذلك قانوناً، ‏والمحافظة على من لا يستطيع تدبير أموره بنفسه، وتربيته بما يصلحه يقيه مما يضره)).‏

ويرى الفقهاء المسلمون أن في الحضانة حقوقا ثلاثة هـي، حق الصغير، حق الأم، حق الأب، وان ‏التوفيق بين هذه الحقوق واجب إذا أمكن، أما إذا تعذر ذلك، فيذهب البعض منهم، إلى القول بأن الحضانة ‏حق للصغير على أمه وليس حقاً للأم فيه، ويترتب على ذلك أن الأم تجبر على حضانته ولأخيار لها في التنازل ‏أو الامتناع عن ذلك، بينما ذهب فريق آخر، إلى أن الحضانة حق للأم ويترتب على هذا، إنها لا تجبر على ‏حضانة الصغير ولها أن تمتنع عن ذلك بالتنازل عن حقها، ويرى فريق ثالث منهم، إلى أنها حق للأم ‏والصغير، فأن وجد من يقوم به لا تجبر الأم، وان تعين عليهـا فليس لها الامتناع، لان حق الصغير فيها ‏أقوى، في حين ذهب المشرع العراقي في قانون الأحوال الشخصية انف الذكر بالفقرة الأولى من المادة السابعة ‏والخمسين منه علــــــى إن (الام أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ما لم يتضرر المحضون ‏من ذلك ). ‏

من خلال تتبع العمل في محاكم الأحوال الشخصية وتحديدا موضوع تأييد الحضانة فقد تبين لنا إن قسما من ‏محاكم الأحوال الشخصية في البلد تعتمد كأساس لإثبات تأييد الحضانة أن تقام بشأنها دعوى سواء كان هناك ‏نزاع قائم بين الطرفين أم لا ويصدر بشأنها حكم فاصل في دعوى وعلى وفق الأحكام القانونية التي تنظم إصدار ‏الحكم في قانون المرافعات المدنية العراقي في الفصل الأول من الباب الأول من الكتاب الثاني المواد (154 – ‏‏160) مرافعات، في حين أن القسم الآخر من تلك المحاكم ذهبت إلى أن طلب تأييد الحضانة بالإمكان ‏استصداره بحجة شرعيه، بدلا عن إقامة دعوى وما يترتب عليها من إجراءات ومن وقت وجهد كبيرين، وفي ‏خضم هذا الأمر لابد أن يكون لمحكمة التمييز الاتحادية الرأي الفصل بهذه التوجهات فهل يشترط طلب تأييد ‏الحضانة أن تقام به دعوى ويشترط إن يكون هناك نزاع قائم أم انه بالإمكان أن يخرج عن نطاق الدعوى ‏ويكون من الأوامر على العرائض أو يكون من الحجج الشرعية التي أجيز لمحكمة الأحوال الشخصية إصدارها ‏حيث وجدنا تطبيقات قضائية متناقضة بشان الموضوع منها على سبيل المثال، ما جاء في قرار لمحكمة ‏التمييز الاتحادية العدد 240/هيئة الأحوال الشخصية والمواد المدنية/2012 في 13/2/2012 الذي نقضت ‏بموجبه قرار محكمة الأحوال الشخصية في الديوانية العدد 4378/ش/2011 في 22/11/2011 والذي كان قد ‏قضى بتأييد حضانة المدعية لأطفالها الذين هم أصلاً في حضانتها وجاء في حيثيات قرار النقض كان على ‏المحكمة التحقق من غاية الطلب في تأييد الحضانة لأنها استنكرت على المحكمة إصدار حكم في دعوى دون ‏أن تكون هناك خصومة ونزاع قائم، وهذا الاتجاه سائد في بعض محاكم الأحوال الشخصية أو المواد الشخصية ‏التي تعنى بغير المسلمين بمعنى يجب ان تكون هناك خصومة ونزاع لاستصدار قرار بتأييد الحضانة ومن ‏تطبيقات ذلك أيضا قرار لمحكمة المواد الشخصية في الكرادة العدد 26/مواد/2014 في 9/6/2014 قضى فيه ‏برد طلب الدعوى بتأييد الحضانة لعدم وجود نزاع قائم بين الطرفين، بينما نجد عدد من المحاكم أصدرت ‏أحكاماً بدعاوى طلب تأييد الحضانة وقد صدقت من محكمة التمييز الاتحادية دون إن تكون هناك خصومة ‏حقيقية في هذا الأمر، إلا إن الرأي الراجح والمستقر عليه حاليا هو :- ‏

‏1 – إذا حصل نزاع أو خصومة بين من كانت الحضانة لدية لإثبات أو تأييد حضانته لأولاده الذين هم في ‏حضانته أصلاً (( الأم )) لابد من أقامة دعوى أمام المحكمة المختصة (محكمة أحوال شخصية أو محكمة مواد ‏شخصية) لاستحصال حكم بتأييد الحضانة.‏

‏2 – أما أذا لم يكن طلب تأييد الحضانة محلاً للنزاع بين الطرفين وإنما تسعى المدعية ( الأم ) إلى إصدار ‏حكم بتأييد حضانتها لأطفالها مع إن ذلك الأمر ثابت بحكم القانون على وفق حكم الفقرة (1) من المادة (57) ‏أحوال شخصية وحضر الطرفان أمام القاضي فلا مانع من إصدار حجة شرعية بتأييد الحضانة دون اللجؤ إلى ‏إقامة دعوى بذلك، من المحكمة المختصة( محكمة أحوال شخصية أو محكمة مواد شخصيه ) لان طلب تأييد ‏الحضانة هو تثبيت واقع حال قائم وفي ذلك تقليل للنفقات واختصار للوقت والجهد وتخفيف عن معاناة ‏المتخاصمين، ولان طلب تأييد الحضانة يتعلق بالحضانة التي هي لمصلحة المحضون وليس الحاضنة على ‏وفق حكم الفقرة (2) المادة (57) أحوال شخصية. ‏

إعادة نشر بواسطة  محاماة نت