الطعن 2790 لسنة 60 ق جلسة 27 / 11 / 1994 مكتب فني 45 ج 2 ق 281 ص 1492

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة وأحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وخيري فخري نواب رئيس المحكمة.
————-
– 1 محكمة الموضوع. مسئولية.
استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية . خضوعه لتقدير محكمة الموضوع مادام كان سائغا .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ما دام كان هذا الاستخلاص سائغا ومستمدا من عناصر تؤدي إليه.
– 2 خبرة “مباشرة الخبير المأمورية”. محكمة الموضوع. مسئولية “مسئولية تقصيرية”. قانون.
ليس في القانون ما يلزم الخبير بأداء عمله على وجه محدد . جواز استعانته في مهمته بما يراه ضروريا من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها . شرط ذلك . عدم الخروج عن المهمة التي رسمتها المحكمة له والا كان مسئولا عن خطئه متى سبب ضررا للغير .
لا إلزام في القانون على الخبير بأداء عمله على وجه محدد ولا حرج عليه في أن يستعين في القيام بمهمته بما يرى ضرورة له من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها – متى كان الرأي الذي انتهى إليه في تقريره نتيجة أبحاثه الشخصية وكان على هذا الأساس محل مناقشة بين الخصوم ومحل تقدير موضوعي من المحكمة وبحسبه أن تقوم بما ندب له على النحو الذي يراه محققا للغاية من ندبه دون خروج عن حدود المأمورية الموكولة إليه أو انحراف بها أو في أدائها عن الغاية منها وإلا كان مسئولا عن خطئه متى سبب ضررا للغير.
– 3 خبرة “مباشرة الخبير المأمورية”. محكمة الموضوع. مسئولية “مسئولية تقصيرية”. قانون.
تمسك الخصم بوقوع خطأ في جانب الخبير تمثل في تطرقه إلى فحص صلب الورقة المدعى بتزويرها حال أن المنوط به مجرد إجراء المضاهاة على التوقيع . نفي الحكم هذا الخطأ لأسباب سائغة . الجدل في ذلك موضوعي . عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض .
إذ كانت محكمة الموضوع في حدود ما لها من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها خلصت إلى أن المطعون عليها الأولى في تقرير الخبرة الفنية المقدم منها قامت بأداء المأمورية التي نيطت بها في القضية رقم 1975 سنة 1986 جنح العجوزة في نطاق الحدود التي رسمها لها الحكم القاضي بندبها على النحو الذي ارتأته للغاية من ندبها دون مجاوزة أو انحراف وأنها اتبعت في عملها ما تمليه عليها الأصول الفنية من وجوب اتباع أسلوب الفحص الشامل لورقة الشيك من الجانبين الخطي والمادي إذ لا يمكن الفصل بينهما في جريمة التزوير، وانتهت إلى انتفاء أي خطأ في جانبها يستوجب مسئوليتها عنه ورتبت على ذلك قضاءها برفض دعوى الطاعن، وكان هذا الذي استخلصته المحكمة سائغا ومستمدا من أصوله الثابتة بأوراق الدعوى ويؤدي إلى النتيجة إليها ويكفي لحمل قضاءها فإن تعييب الحكم المطعون فيه بما ورد بسبب الطعن لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 13449 سنة 1987 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا له وفقا لطلباته الختامية مبلغ 30000 جنيه، وقال بيانا لذلك إنه أقام الدعوى رقم 1975 سنة 1986 جنح العجوزة ضد المدعو/ ……. بطريق الادعاء المباشر لإصداره له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وإذ طعن المذكور بتزوير توقيعه على ذلك الشيك ندبت محكمة الجنح المطعون عليها الأولى خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي التابعة للمطعون عليه الثاني لإجراء المضاهاة الفنية اللازمة إلا أنها خرجت عن حدود المهمة الموكولة إليها ولم تؤد المأمورية التي نيطت بها على نحو ما حدده لها الحكم الصادر بندبها إذ لم تقصر بحثها على إجراء المضاهاة على التوقيع وإنما تطرقت إلى فحص الورقة المحرر عليها الشيك فأوردت بتقريرها ما يوحي بأن التوقيع أخذ عليها على بياض مما شكك المحكمة في صحته، وإذ لحقته من جراء ذلك أضرار يقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى، بتاريخ 28 /2/ 1989 حكمت المحكمة برفض الدعوى.
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4549 سنة 106 ق وبتاريخ 18/ 4/ 1990 م حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من انتفاء الخطأ في جانب – الخبير – المطعون عليها الأولى بقالة إن ما قامت به في فحصها للشيك موضوع الاتهام هو من صميم عملها بما يستلزمه ذلك العمل من إتباع أسلوب الفحص الشامل للمستند المدعى تزويره وإبداء الملاحظات عليه فضلاً عن أن عملها يخضع في النهاية لتقدير محكمة الموضوع، في حين أنها خرجت عن حدود المأمورية التي أوكلت إليها وتطرقت إلى فحص صلب الورقة وصاغت تقريرها بكيفية توحي إلى المحكمة التي ندبتها بأن ورقة الشيك موقعة على بياض قبل تحريره وأنه مزور على ساحبه – حال أن المنوط بها مجرد إجراء المضاهاة على التوقيع الموقع به الشيك فحسب وهو ما يتوافر به الخطأ في جانبها الذي يرتب مسئوليتها والمطعون عليه الثاني عن تعويض الضرر الذي لحقه، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – إن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ما دام كان هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه، وإنه لا إلزام في القانون على الخبير بأداء عمله على وجه محدد ولا حرج عليه في أن يستعين في القيام بمهمته بما يرى ضرورة له من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها – متى كان الرأي الذي انتهى إليه في تقريره نتيجة أبحاثه الشخصية وكان على هذا الأساس محل مناقشة بين الخصوم ومحل تقدير موضوعي من المحكمة وبحسبه أن يقوم بما ندب له على النحو الذي يراه محققاً للغاية من ندبه دون خروج عن حدود المأمورية الموكولة إليه أو انحراف بها أو في أدائها عن الغاية منها وإلا كان مسئولاً عن خطئه متى سبب ضرراً للغير.
لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع في حدود ما لها من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها خلصت إلى أن المطعون عليها الأولى في تقرير الخبرة الفنية المقدم منها قامت بأداء المأمورية التي نيطت بها في القضية رقم 1975 سنة 1986 جنح العجوزة في نطاق الحدود التي رسمها له الحكم القاضي بندبها على النحو الذي ارتأته محققاً للغاية من ندبها دون مجاوزة أو انحراف وأنها اتبعت في عملها ما تمليه عليها الأصول الفنية من وجوب إتباع أسلوب الفحص الشامل لورقة الشيك من الجانبين الخطي والمادي إذ لا يمكن الفصل بينهما في جريمة التزوير، وانتهت إلى انتفاء أي خطأ في جانبها يستوجب مسئوليتها عنه ورتبت على ذلك قضاءها برفض دعوى الطاعن، وكان هذا الذي استخلصته المحكمة سائغاً ومستمداً من أصوله الثابتة بأوراق الدعوى ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ويكفي لحمل قضائها فإن تعييب الحكم المطعون فيه بما ورد بسبب الطعن لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير محل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .