أحكام الإقرار وفقا لقانون الإثبات الاتحادي

المحامية / منال داود العكيدي
ورد الاقرار في قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 كاحد طرق الاثبات كما ان المشرع العراقي استعمل مصطلح الاقرار في قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل في المواد 127 و 213 وغيرها .

وقد اورد المشرع تعريفا للاقرار في قانون الاثبات العراقي في المادة 59 بوصفه اقرارا قضائيا بقوله : ( الإقرار القضائي هو إخبار الخصم أمام المحكمة بحق عليه لآخر والإقرار غير القضائي هو الذي يقع خارج المحكمة ) ويلاحظ على المادة (59) انها اقتصرت على تعريف الاقرار القضائي من دون ايراد تعريف شامل له لذلك فقد حاول بعض شراح القانون تعريف الاقرار تعريفا شاملا ومنهم الدكتور عبد المنعم فرج حيث قال : (بأنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج آثاراً قانونية مع قصده أن تعتبر هذه الواقعة صحيحة في حقه ) .

والاقرار هو عمل ارادي مقصود يصدر عن المقر لصالح المقر له امام القاضي لذلك لابد لصحة الاقرار ان تتوفر شروط معينة في المقر والمقر له وكذلك محل الاقرار او المقر به لضمان صحة الاقرار

فالشروط الواجب توفرها في المقر هي : الاهلية اذ تنص المادة (60 ) من قانون الاثبات على انه (يشترط في المقر أن يتمتع بالأهلية الكاملة فلا يصح إقرار الصغير والمجنون والمعتوه ولا يصح على هؤلاء إقرار أوليائهم أو أوصيائهم أو القوام عليهم ) ذلك لان الاقرار بالحق كالتصرف فيه لان كلاهما ينتجان ذات الاثار

وقد اجاز قانون الاثبات في المادة (61) اقرار الصغير في حدود ما اذن له به فنصت على: (يكون لإقرار الصغير المميز المأذون حكم إقرار كامل الأهلية في الأمور المأذون فيها ) ، اما الشرط الثاني الواجب توفره في المقر ليكون اقراره صحيحا ومنتجا لاثاره هو سلامة الرضا اي ان الاقرار يجب ان يصدر عن ارادة حرة سالمة من اي اكراه سواء كان ماديا ام معنويا ويقع عبء اثبات وقوع الاكراه على من يدعي به وكذلك في حالة كون ان ارادته مشوبة بعيب من عيوب الارادة . اما الشروط التي ينبغي ان تتوفر في المقر له فهي ان يكون شخصا موجودا حقيقة او حكما وقت صدور الاقرار ولذلك يصح الاقرار لطفل صغير سواء كان مميزا ام غير مميز كما يصح ايضا للشخص المعنوي لانه شخص موجود حكما وله صلاحية التملك .

ولا يشترط في المقر له العقل استنادا الى نص المادة ( 62/ ثانيا ) من قانون الإثبات (ثانياً / لا يشترط أن يكون المقر له عاقلا ً ).

وتنص المادة (63) من قانون الاثبات المعدلة بالقانون رقم 46 لسنة 2000 على اهم الشروط التي يجب ان تتوفر في المقر به وهو : الحق الذي جرى الاقرار به على انه (يصح الإقرار بالمعلوم كما يصح الإقرار بالمجهول إلا في العقود التي لا تصح مع الجهالة فإذا أقر الخصم في عقد يصح الإقرار فيه مع الجهالة ، فيلزم بتعيين ما أقر به ) كما نصت الفقرة اولا من المادة 64 من قانون الإثبات على ( يشترط في الإقرار ألا يكذبه واقع الحال ) واستنادا لذلك فان المقر به ينبغي ان يكون معلوما غير مجهول جهالة فاحشة كما يجب ان يرد الاقرار على تصرف مشروع اي ان لايكون التصرف مخالفا للنظام العام والاداب مثل الربا الفاحش او ان يرد المقر به على دين قمار او التصرف في شيء مملوك للدولة او في تركة انسان مازال على قيد الحياة .

اما نص الفقرة اولا من المادة 64 والتي تشترط في الاثبات ان لايكذبه ظاهر الحال فهذا يعني ان لا يقر الشخص بمبلغ كبير من المال لا يمكن ان يكون المقر قد امتلكه مطلقا او اقرار شخص ببنوة شخص اكبر منه في السن .

فاذا كان الاقرار مستوفيا للشروط التي ذكرناها انفا فانه يكون حجة قاطعة وقاصرة على المقر اي انه يعد حجة كاملة لايحتاج الى مايؤيده او يدعمه في الكشف عن الحق او الواقعة المقر بها وعندئذ يكون المقر به ثابتا وملزما لكل من المقر والقاضي وفي هذا تقول المادة ( 68 / الفقرة اولا ) ( يلتزم المقر بإقراره ) الا اذا كذب المقر اقراره او رجع عنه اذا كان مبنيا على عيب من عيوب الارادة كالغلط او التدليس او الاكراه او كان الاقرار صوريا او اذا صدر عن المقر عندما كان ناقصا للاهلية .

وبما ان الاقرار هو واقعة مادية وانه لا يجوز الاخذ به الا اذا كان مستوفيا لشروطه وعلى التفصيل الوارد في اعلاه فلا بد من خضوعه لسلطة المحكمة ولا بد من وجود رقابة قضائية تتولى التحقق من توافر تلك الشروط سواء كان ذلك في شخص المقر ام المقر له او الحق المقر به فاذا ما توفرت تلك الشروط صدر الاقرار صحيحا منتجا لاثاره ويكون على المحكمة ان تاخذ بهذا الاقرار ومن قبلها المقر الذي يصبح ملزما بالاقرار الذي صدر عنه .