النيابة في التعاقد

النيابة في التعاقد هي حلول إرادة مكان إرادة أخرى في تصرف جائز معلوم ، وبالتالي فهي لا يمكن ان تكون في الأعمال المادية بل هي مقتصرة على التصرفات القانونية ما لم تتعارض طبيعتها مع فكرة النيابة كما هو الحال في اليمين إذ لا يجوز لأحد ما ينيب غيره أداء اليمين .

في بعض الاحيان قد لا يستطيع الشخص لسبب أو لآخر إبرام عقد معين أو التعبير عن إرادته فيه لكن هذا لا يعني سلب حقه في التعاقد فهو يستطيع ان ينيب غيره في إبرام ذلك العقد .
فالنيابة هي حلول إرادة شخص محل إرادة شخص آخر في تصرف جائز معلوم على ان ينصرف اثر التصرف الى ذمة الأصيل.

وتقسم النيابة من حيث جهة تعيين النائب الى ثلاثة أنواع هي :

النيابة القانونية وهي التي يعين فيها القانون النائب مثل حالة نيابة الأب عن ابنه كونه الولي ، وقد تكون النيابة قضائية وذلك عندما يعين القاضي النائب مثل حالة الوصي أو القيم .

وأخيرا قد تكون النيابة اتفاقية عندما يقدم الأصيل بتعيين النائب بنفسه كما هو الحال في الوكالة .

أما أنواع النيابة من حيث جهة تحديد صلاحيات النائب فهي

أما ان تكون قانونية يحدد القانون فيها صلاحيات النائب وأما اتفاقية يكون الاتفاق فيها هو مصدر تحديد صلاحيات النائب.
وقد تختلط فكرة النيابة مع فكرة الوكالة لكثرة اجتماعهما لكنهما يختلفان عن بعضهما فالنيابة هي حلول إرادة شخص محل إرادة شخص آخر في تصرف جائز معلوم على ان تنصرف أثار التصرف الى الأصيل ، أما الوكالة فهي عقد بين شخصين يحل بموجبه أحدها محل الآخر في إبرام تصرف قانوني .

وهي بهذا المعنى أحد مصادر النيابة ، والنيابة قد توجد من دون الوكالة كما هو الحال في الأب والوصي والقيم الذين يعتبرون نوابا من دون ان يكونوا وكلاء وقد توجد وكالة من دون ان تكون هناك نيابة كما هو في حالة الاسم المستعار إذ يتفق شخص مع آخر على إبرام تصرف لكن التصرف لا ينصرف أثره الى الأصيل بل الى الوكيل الذي يقوم بعد ذلك بنقل حقوق العقد إليه .

ومما تجدر الاشارة اليه ان القانون المدني العراقي لم يعالج الأحكام العامة للنيابة بل اكتفى بالكلام عنها عند تعرضه لعقد الوكالة وعند تعرضه لبيع الولي والوصي ماله للصغير.

ان هذا النقص في المعالجة القانونية موقف يؤاخذ عليه المشرع العراقي فمعالجة أحكام الوكالة لا تغني من التطرق الى النيابة بعد ان عرفنا انهما ليسا شيئا واحدا.

وعلى أية حال فإننا سوف نبحث شروط النيابة ثم نتطرق الى آثار النيابة .

ويشترط في النيابة ثلاثة شروط هي :

أن تحل إرادة النائب محل إرادة الأصيل
فبما ان النيابة هي حلول إرادة محل إرادة أخرى لذا لابد ان يعبر النائب عن إرادته هو لا عن إرادة الأصيل

ويترتب على ذلك : ان بحث عيوب الارادة يكون في النائب لا في الأصيل فإذا تم الادعاء بوجود غلط أو إكراه فان هذا الغلط أو الإكراه يجب بحثه عند النائب لا عند الأصيل.

و إذا تعلق الأمر بحسن النية أو سوئها فإننا ننظر الى نية النائب لا نية الأصيل ، أما إرادة الأصيل يجب أن لا تستبعد عندما يكون النائب قد سار في خط مرسوم له كما هو الحالة في النيابة الاتفاقية فمن ينيب غيره في شراء شيء يعلم ان فيه عيبا من دون ان يخبر النائب به لا يصح منه الادعاء بان هناك غلطا في العقد لان النائب لم يكن يعلم بالعيب.

أما بخصوص الأهلية فيجب ان نميز بين النيابة الاتفاقية والنيابة القانونية أوالقضائية
ففي الأولى يجب ان يكون الأصيل ممتلكا للأهلية اللازمة لإبرام التصرف الذي أناب فيه غيره أما النائب فلا يشترط فيه إلا أهلية التمييز وفي النيابة القضائية والقانونية فان الأصيل ليس له أهلية لإبرام التصرف.

وهذا هو سبب نصب نائب له وهذا الأخير يجب ان يكون ذا أهلية كاملة.

وأخيرا ينبغي الإشارة الى ان هذا الشرط هو أساس التمييز بين النائب والرسول فهذا الأخير لا يعبر عن إرادته بل يعبر عن إرادة الأصيل ويعتبر ناقلا لها ويترتب على هذا عدة أمور هي : أن التعاقد يكون بين غائبين في حالة التعاقد برسول وان جمع المتعاقد الآخر والرسول مكان واحد أما في النيابة فيكون التعاقد بين حاضرين إذا اجتمع النائب مع المتعاقد الآخر في مجلس واحد ، ولا يشترط في الرسول أية أهلية لأنه ناقل للتعبير فقط فيما يشترط في النائب أهلية التمييز أو الأهلية الكاملة ، وينظر عند بحث عيوب الارادة الى إرادة الأصيل في التعاقد برسول والى إرادة النائب في التعاقد بنائب ، غير ان الشخص قد يجمع بين صفة النائب والرسول في آن واحد عندما يكون معبرا عن إرادته في بعض الأمور وناقلا لإرادة الأصيل في أمور أخرى.

اما الشرط الثاني في النيابة فهو أن يتعاقد النائب باسم الأصيل لا باسمه هو ، فمادام اثر النيابة ينصرف الى الأصيل من دون النائب فيجب ان يفصح النائب عن صفته أي انه نائب لا أصيل وأنه يتعاقد باسم الأصيل لا باسمه فإذا لم يعلن ذلك كنا أمام حالة الاسم المستعار الذي تنصرف فيه آثار التصرف الى الوكيل من دون الموكل و بالتالي لا ينصرف اثر العقد الى الأخير .

وقد أشارت المادة ( 943 ) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 الى ذلك غير انها استثنت من حكمها حالتين : الحالة الاولى هي إذا كانت ظروف الحال تقضي بان المتعاقد إنما يتعاقد مع نائب لا مع أصيل كما في حالة الزبون الذي يدخل الى مركز تجاري ويجد فيه عدة عمال فالظروف تشير حتما الى ان هؤلاء هم نواب لا اصلاء ، اما الحالة الثانية إذا كان يستوي عند المتعاقد الآخر أن يتعاقد مع الأصيل أو مع النائب .

ويجب ان يتصرف النائب في حدود نيابته وهذه الحدود يبينها القانون في النيابة القانونية والقضائية ويحددها الاتفاق في النيابة الاتفاقية ، أما إذا تجاوز النائب حدود نيابته فلا ينصرف اثر التصرف الى ذمة الأصيل ويعتبر أجنبيا عن التصرف فمن أناب شخصا في بيع داره فقام النائب بإيجار الدار اعتبر الأصيل أجنبيا عن هذا العقد .

المحامية: ورود فخري