قانون العمل العماني الجديد

ادت المتغيرات العالمية بابعادها الاقتصادية والاجتماعية التى شهدها العالم فى العقود الاخيرة من القرن العشرين الى احداث تاثير كبير على علاقات العمل واسواق العمل وعوامل الانتاج

وكان للتكنولوجيا دوما تاثير مباشر على اسواق العمل وعلاقات العمل كما كان تغير انماط الانتاج فى العالم مقترنا باستخدام التكنولوجيا الجديدة التى باتت تستلزم توفير نوعية معينة من اليد العاملة وتشترط تاهيلا عاليا ومستوى معينا من الموارد البشرية 

وان هذه التطورات العميقة فى طبيعة علاقات العمل والانتاج باتت تفرض مراجعة لقانون العمل فى السلطنة وصولا لصياغة جديدة لهذه العلاقات تسمح بالتعامل مع هذه التطورات والتكيف معها فقانون العمل هو قانون اجتماعى له غاية اقتصادية وهو بهذه المثابة يعتبر اداة فعالة للاسراع فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية

ومن اجل ذلك قامت الحاجة الى اصدار قانون عمل جديد يتفاعل مع هذه المتغيرات العالمية ويحقق الاستقرار فى مجال العمل ويبين حقوق والتزامات كل من اصحاب الاعمال والعمال وجاء قانون العمل العمانى مسايرا لمعايير العمل الدولية والعربية ومتفقا ومسلك تشريعات العمل المعاصرة

ومجسدا معالم النهضة التشريعية التى تشهدها السلطنة ومحققا التوازن بين اصحاب الاعمال والعمال وملبيا تطلعات اصحاب الاعمال ومستجيبا لطموحات العمال وموءديا الى تحقيق الاستقرار فى مجال علاقات العمل والتحفيز على زيادة الانتاج

ومن بين الملامح الاساسية في قانون العمل المحافظة على حقوق العمال ومستويات الاستخدام التي تحققت قبل تطبيق القانون /المادتان 3و4/

والتاكيد على تهيئة فرص العمل الكريمة للمواطنين من خلال ما نظمه من اجراءات لقيد الباحثين عن العمل في سجل القوى العاملة معززا مبدأ تعمين الوظائف والمهن والانشطة وتحديد نسبة العمال العمانيين الى الاجانب في القطاعات الاقتصادية المختلفة والزام اصحاب الاعمال باستخدام العمال العمانيين على اوسع نطاق ممكن وجعل ترشيحات دوائر التشغيل للعمال العمانيين ملزمة لاصحاب الاعمال

وجعل من بين شروط الترخيص لصاحب العمل باستخدام العمالة الاجنبية الا يوجد بين العمانيين من يشغل الوظائف والمهن والمطلوبة وان يلتزم صاحب بنسبة التعمين واضعا الضوابط على استقدام العمالة وساعيا لترشيد استخدامها مع كفالة حقوقها 

ولم يغفل المشرع في هذا المجال تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة بل اولاهم عنايته على ما نص عليه في المادة /17/ و المواد من /11 الى 17 / من قانون العمل وفي اطار توفير فرص العمل للمواطنين

فقد نص القانون على قيام اصحاب العمل باخطار وزارة القوى العاملة ببعض الاخطارات التي نصت عليها المواد /14 15 16/

ومن اهم خصائص هذه الاخطارات

الحصول على صورة واقعية لمعلومات سوق العمل بسرعة وبصورة دورية منتظمة وبدون اية تكلفة تذكر وتوفير معلومات واقعية عن سوق العمل قابلة للتطبيق المباشر

والفورى وعلى المدى القريب واظهار حالات الخلل وعدم التوازن في سوق العمل على المستويات المختلفة /الانشطة والمناطق والمهن ومستوى المهارة وغيرها / وكشف اسباب عدم التوازن في سوق العمل

كما تحقق هذه الاخطارات عدة فوائد من اهمها

تساعد على تجنب الهدر في الموارد المادية والبشرية وتوفير اساس سليم لبرامج وضمان فعاليتها وتساعد متخذ القرار على سد ثغرات التنبوء وتقديرالعرض والطلب باسرع ما يمكن وتوفير اساس واقعي لاعادة النظر في تطوير وتعديل السياسات وتقييم اثارها وانعكاساتها على سوق العمل اولا باول

وتساعد وزارة القوى العاملة في تحركها على كل المحاور لتنمية وتشغيل القوى العاملة الوطنية وخاصة في تحسين الوضع الحالي للتشغيل والتحديد الدقيق الكمي والنوعي للعرض والطلب في سوق العمل والتحديد الدقيق للاحتياجات التدريبية وتطوير نظم وامكانيات تنمية المهارات 

كما انه ملامح اخرى فى قانون العمل وهى تنظيم عقد العمل باعتباره اساس العلاقة بين اصحاب الاعمال والعمال حيث نص المشروع على البيانات التى يتضمنها العقد وحقوق والتزامات كل من العامل وصاحب العمل وحالات انتهاء العقد وانهائه وفصل العامل ومقررا الاثار التى تترتب فى كل هذه الحالات وموفرا الحماية الاجتماعية والرعاية الطيبة للعامل ومحققا الارتقاء بظروف وشروط العمل المواد من 21 الى 48 من قانون العمل

كما اولى المشرع عناية خاصة بالاجور وذلك بتفويضه مجلس الوزراء فى وضح حد ادنى للاجور من خلال تحديده لمواعيد دفعها سواء خلال سريان علاقة العمل او عند انتهائها ومانحا الاجور الاولية على سائر

الديون الواجبة على صاحب العمل باستثناء النفقة الشرعية المحكوم بها وواضعا الحدود القصوى للحجز عليها او الاقتطاع منها وموجبا على صاحب العمل واعادة العامل الاجنبى الى بلده فى حالة انتهاء علاقة العمل

كما نظم مشرع قانون العمل العمانى اجازات العامل

كافلا حقه فى الحصول عليها واستحقاق اجره عنها ومقررا حقه فى الحصول على بعض الاجازات الخاصة كذلك فقد حدد المشرع ساعات العمل بما يتفق

والمعايير الدولية للعمل كافلا حق العامل فى الحصول على مقابل لما يوءديه من ساعات عمل اضافية زائدة عن ساعات العمل الرئيسية

وفى اطار الاهتمام العالمى بالطفولة باعتبارها محل اهتمام الامم والشعوب واتساقا مع قيام السلطنة بالتصديق على بعض الاتفاقيات الدولية فى هذا الخصوص كاتفاقية حقوق الطفل الدولية واتفاقية حظر اسوأ اشكال عمل الاطفال

لذلك فقد اهتم المشروع بتشغيل الاحداث وكفل لهم الحماية اللازمة بتقريره حدا ادنى لسن التشغيل وهو خمسة عشر عاما متفقا فى ذلك مع اتفاقية العمل الدولية رقم 138/1973 بشان الحد الادنى لسن الاستخدام كما حظر المشرع تشغيلهم ليلا وفى الصناعات المضرة والخطرة وحدد ساعات عملهم واجازاتهم وظروف واحوال تشغيلهم 

كذلك فقد ادت المشاركات المتزايدة للمراة فى سوق العمل واقتحامها التدريجى لمجالاته العديدة التى تدخل المشرع لوضع قواعد خاصة تنظم عمل المراة وهو ما انعكس فى قانون العمل

حيث اهتم المشرع بالمراة العمانية مقررا لها كافة الحقوق بالمساواة مع الرجل ودون تمييز فى العمل الواحد بينهم فضلا عن القواعد الحمائية التى تستوجبها طبيعة المراة وحماية امومتها بما فى ذلك حظر تشغيلها ليلا فى بعض الحالات التى يحددها قرار وزارى يصدر من معالى وزير القوى العاملة وعدم تشغيلها فى الاعمال الضارة او الشاقة

ومقررا حقها فى اجازة الحمل او الوضع / المواد من 75 الى 86 من قانون العمل /

وحرصا على حماية المنشات والعمال فقد

عقد المشرع الباب السادس من القانون للامن الصناعي ملزما صاحب العمل باتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة لتوفير السلامة والصحة في اماكن العمل وملزما العمال بمراعاة تعليمات السلامة والصحة المهنية مع كفالة التنسيق بين الوزارات والجهات الحكومية المختصة لتوفير هذه التدابير / المواد من 87 الى 90 من قانون العمل /

وفضلا عن ذلك فقد استحدث المشرع بابا جديدا في قانون العمل يتعلق بتشغيل العمال في المناجم والمحاجر وذلك تقديرا منه لطبيعة وظروف العمل الشاقة لهذه الفئة مقررا الكثير من الضوابط والقيود التي توفر الحماية لهم بما يتفق والمخاطر التي تقتضيها طبيعة هذه الاعمال وملزما اصحاب الاعمال بتوفير مساكن لهم مستوفية الاشتراطات المقررة / المواد من 91 الى 103 من قانون العمل /

وسعيا من المشرع لتوفير الاستقرار في المجال العمالي فقد عقد الباب الثامن لمنازعات العمل والذي تضمن تنظيما لحسم المنازعات العمالية في اجال سريعة سواء من خلال التسوية الودية بالدائرة المختصة بوزارة القوى العاملة او من خلال حكم القضاء في حالة احالة المنازعة الى المحاكم العمالية / المواد 104 الى 107 من قانون العمل /

ولعل اهم الملامح الاساسية في قانون العمل الجديد

وهو تقريره حق العمال في كل منشاة في تشكيل لجنة تمثيلية تهدف الى رعاية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم المقررة قانونا وتمثيلهم في جميع الامور المتعلقة بشئونهم

كما نص القانون على حق هذه اللجان التمثيلية في المنشات على اختيار لجنة تمثيلية رئيسية تمثلهم في الاجتماعات والموءتمرات المحلية والاقليمية ..

وبذلك كفل القانون حق العمال في اختيار ممثليهم مسايرا في ذلك المعايير الدولية والعربية كما فوض معالي وزير القوى العاملة في اصدار القرارات المنظمة لعمل هذه اللجان 

ولا شك ان هذه اللجان التمثيلية تساهم بدور فاعل في تحقيق الاستقرار في مجال العمل والعمل على ترسيخ قيم العمل والارتقاء بالمستوى الثقافي للعمال والمساهمة في تعزيز مبدا تعمين الوظائف والمهن

ولعل من المحاور المهمة في قانون العمل اهتمامه بتنظيم ما يتعلق بالانهاء التعسفي لعقد العمل والتعويض عنه ..

ويرجع الاهتمام بهذا الموضوع الى الانهاء التعسفي لعقد العمل يعتبر من الموضوعات التي تثيرا كثيرا من الجدل والخلافات في واقع الممارسة لعلاقات بين العمال واصحاب الاعمال كما يحظى هذا الموضوع باهتمام المختصين في مجال تطبيق تشريعات العمل وتزخر المجموعات القضائية بالعديد من المباديء التي تفيد في استجلاء كثير من الامور في هذا الخصوص

واذا كان عقد العمل غير محدد المدة هو المجال الطبيعي لتطبيقات التعسف على ما تجري به تشريعات العمل واحكام القضاء فان التعسف باعتباره يرد على التصرف القانوني عامة يمكن ان يجد تطبيقا له في عقد العمل محدد المدة وذلك كما هو الشان في الانهاء المبتسر للعقد في بعض الحالات 

وتذهب تشريعات العمل موءيدة باحكام القضاء المقارن الى ضرورة مراعاة انهاء عقد العمل غير محدد المدة لقيدين احدهما شكلي وهو وجوب الاعلان قبل انهاء العقد والاخر موضوعي وهو توافر مبرر للانهاء أي عدم التعسف في الانهاء

ونظرا لاهمية القيد الموضوعي وما يثيره من مشاكل علمية مما يقتضي بيان متى يكون الانهاء تعسفيا ومتى يكون الانهاء مبررا وما هو المعيار المعتمد به لتقدير التعسف وما هي تطبيقاته التشريعية والقضائية ومن هو المكلف بعبء اثباته

ونظرا لاهمية التعويض كجزءا يترتب على ثبوت التعسف في انهاء عقد العمل وما يثيره من مشاكل قانونية فان تناوله يكون امرا ضروريا ومكملا لموضوع الانهاء التعسفي ويستوجب تعويض مفهوم التعويض عن

الانهاء التعسفي وتمييزه عن التعويضات الاخرى كالتعويض عن مهلة الاعلان ومكافاة نهاية الخدمة وطبيعة المسئولية عن التعويض ومقوماته وعناصره وشروط القضاء به وسلطة المحكمة في تقديره ومدى جواز الاتفاق عليه بين العامل وصاحب العمل

والاهتمام بدور التفتيش العمالي باعتباره الجهاز المنوط به رقابة تنفيذ احكام قانون العمل واللوائح والقرارات الصادرة يعد من الاولويات ف ي مشروع القانون لتفعيل دوره وتاهيل كوادره تقديرا من المشرع للدور الفاعل الذي يقوم به المفتشون في تطبيق القانون وتقديم النصح والارشاد لاصحاب الاعمل والعمال فضلا عن اتساع مجالات التفتيش في مختلف الانشطة الاقتصادية بالاضافة الى مسائل السلامة والصحة المهنية وتسحين شروط وظروف العمل 

ويجدر بالذكر ان وزارة القوى العاملة سوف تنظم ابتداء من اليوم وطوال شهر مايو الجاري ندوة تعريفية حول قانون العمل العماني ونظام اخطارات سوق العمل تتنقل بين محافظات ومناطق السلطنة حيث سيرعى سعادة الشيخ عبدالله بن مستهيل شماس والي عبري اليوم هذه الندوات في غرفة تجارة وصناعة عمان بعبري كما سيرعى سعادة الشيخ الدكتور خليفة بن حمد السعدي والي صحار بعد غد الندوة ذاتها في غرفة تجارة وصناعة عمان فرع صحار وبعد ذلك تقام بمحافظة مسندم بولاية خصب تحت رعاية سعادة الشيخ سعيد بن محمد البريكى محافظ مسندم تليها المنطقة الشرقية بولاية صور ثم فى محافظة ظفار وأخيرا فى الدقم بالمنطقة الوسطى

الجدير بالذكر ان الندوات التعريفية لقانون العمل العماني واخطارات سوق العمل قد دشنت في مسقط بغرفة تجارة وصناعة عمان تحت رعاية معالي محمد بن علي بن ناصر العلوي وزير الشوءون القانونية 

واوضح التقرير السنوي التاسع الصادر من الهيئة العامة للتامينات الاجتماعية بان عدد الموءمن عليهم حتى نهاية عام 2002 بلغ /116510/ منهم /96938/ ذكور و/19572/ اناث تشمل /65878/ نشطون

منهم /53786/ ذكور و/12093/ اناث 0 اما عدد المنشات المسجلة حتى نهاية عام 2003 فكانت /11657/ منشاة تشمل /6712/ منشاة نشطة والباقي غير نشطة