أبحاث قانونية حول التبليغ في العمل القضائي الأسري

مقال حول: أبحاث قانونية حول التبليغ في العمل القضائي الأسري

“التبليغ في العمل القضائي الأسري”

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

إعداد :

الدكتور موحى اسيدي اعمر

متصرف لوزارة الداخلية

رئيس قسم الجماعات المحلية بباشوية أبي الجعد

عمالة إقليم خريبكة.

مقدمة

لقد حظيت الأسرة بحماية تشريعية واسعة إن على مستوى قواعد الشكل، على اعتبار أن هذه الأخيرة لا توضع من حيث الأصل لذاتها، بل توضع لخدمة القواعد الموضوعية، وهذا ما حذى بالمشرع إلى تنظيم العديد من القواعد المسطرية داخل مدونة الأسرة لتحقيق الحماية الشاملة لجميع مكوناتها.

ويعتبر التبليغ من أهم هذه القواعد التي تحقق مبدأ التواجهية في الخصومة وتصون حقوق الأطراف في الدفاع عن مصالحهم.

فالتبليغ عبارة عن “وثيقة توجه إلى الأطراف لإخبارهم بالحضور إلى جلسة معينة بالمحكمة قصد الإدلاء بأوجه دفاعهم والعمل على حماية مصالحهم”[1]، وبعبارة أخرى “إعلام الشخص بما يتخذ ضده من إجراءات”[2]، والأصل في التبليغ أن يتم بصفة شخصية إلى المبلغ إليه، إلا أن هذا الاصل لديه استثناءات نص عليه الفصل 38 من قانون المسطرة المدنية[3] والمتمثل في التبليغ القانوني أو الافتراضي.

والمشرع المغربي من خلال مدونة الأسرة[4] عمل على تنظيم مقتضيات التبليغ في المواد 43 و81 من المدونة، واشترط فيهما التوصل الشخصي لأطراف العلاقة الزوجية مخالفا بذلك المقتضيات الإجرائية المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، وهو ما شكل ازدواجية مسطرية بين قانون الموضوع وقانون الشكل.

انطلاقا مما سبق يمكن طرح التساؤلات التالية:

كيف يتعامل القضاء المغربي مع مقتضيات التبليغ في الحالات التي لم ينص فيها المشرع على ضرورة التوصل الشخصي في مدونة الأسرة، هل يطبق القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية أم يلجأ إلى تطبيق الاستثناء المنصوص عليه في المادة 43 و81 من المدونة؟
ما هي الوسائل المعتمدة في إثبات التبليغ في المادة الأسرية وما هي الطرق المتبعة للطعن فيه؟
للإجابة على هذه التساؤلات سنقسم هذا الموضوع إلى فصلين:

المبحث الأول :التبليغ الشخصي والقانوني في قضايا الأسرة

المبحث الثاني : الطعن في التبليغ وإثباته

المبحث الأول

التبليغ الشخصي والقانوني في قضايا الأسرة

يكتسي التبليغ أهمية قصوى بالنسبة للمتقاضين، فهو يرتبط بالدعوى ارتباطا وثيقا منذ بدايتها حتى نهايتها، ويعتبر التبليغ إلى الشخص نفسه من أهم الضمانات التي تتحقق بمقتضاها مسطرة التواجهية في الخصومة، وقد نظم المشرع المغربي المقتضيات المتعلقة بالتبليغ في ق.م.م باعتباره قانونا إجرائيا من خلال الفصول 37، 38، 39 من ق.م.م، وبالرجوع إلى مدونة الاسرة وبالرغم من اعتبارها قانون موضوع، إلا أن المشرع المغربي وتجسيدا لمبدأ حماية الاسرة عمل على تنظيم مسطرة التبليغ في قضايا الإشهاد على الطلاق وقضايا التعدد، حيث نص على مقتضيات مخالفة للنصوص الإجرائية المنظمة في ق.م.م ونص على ضرورة التوصل الشخصي للأطراف في هذه القضايا، وتعزيزا لهذه الحماية رتب المشرع على المتحايل مقتضيات زجرية لردع المتمرد على النصوص القانونية، ولمعالجة هذه الإشكاليات سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين نتناول فيهما: التبليغ الشخصي من خلال العمل القضائي الأسري (مطلب أول)، والتبليغ القانوني من خلال العمل القضائي الأسري (مطلب ثاني)

المطلب الأول : التبليغ الشخصي من خلال العمل القضائي الأسري

يعتبر تسليم الاستدعاء إلى الشخص نفسه الأصل الذي تنبني عليه القواعد الإجرائية المتعلقة بالتبليغ، فهو يعتبر ضمانة حقيقية لتحقيق عناصر الدعوى كما هي متعارف عليها مسطريا، وهذا هو الطريق الذي سلكته مدونة الأسرة من خلال المواد 43 و81 منها ضمانا لحقوق الدفاع وحماية لأفراد الأسرة من ذوي النيات السيئة في التحايل على القانون وتضليل العدالة، ومن ثم سنقوم بدارسة الإشكاليات التي يطرحها التبليغ الشخصي في المدونة في فقرتين نتناول في فقرة أولى التوصل الشخصي للزوجين في مسطرة الإشهاد على الطلاق وفي فقرة ثانية استدعاء الزوجة في مسطرة التعدد.

الفقرة الأولى : التوصل الشخصي للزوجين في مسطرة الإشهاد على الطلاق

لقد نظم المشرع المغربي المقتضيات المتعلقة بالتبليغ في المواد 37 – 38-39 من ق.م.م إذ جاء في مطلع المادة 38 ما يلي:” ويكون التبليغ في هذه الحالة صحيحا إذا سلم للشخص في موطنه، أو حتى خارجه متى تم التحقق من هويته، وتم تسليم الطي[5] إليه شخصيا بغض النظر عن المكان الذي تم فيه.[6]

إلا أن مدونة الأسرة ورغم اعتبارها قانون موضوع بالدرجة الأولى فقد جاءت بمجموعة من المقتضيات الإجرائية لحماية الأسرة، ومن بين هذه المقتضيات ما جاء في المادة 81 منها والتي تنص على ضرورة التوصل الشخصي للزوجين بالاستدعاء لحضور جلسة الصلح قبل القيام بالإشهاد على الطلاق، الشيء الذي أحدث تضاربا بين مقتضيات المدونة والمقتضيات المنظمة لمسطرة التبليغ في ق.م.م، وهو ما سيؤثر سلبا على سرعة البت في القضايا الأسرية.[7]

ويطرح التبليغ العديد من الإشكاليات تؤثر سلبا في مسطرة الصلح في الميدان المدني بصفة عامة، تتجلى في عدم وجود نص قانوني يلزم الأطراف عند تغيير عناوينهم بإخبار جهة إدارية معنية بذلك للرجوع إليها عند الحاجة تحت طائلة اعتبار أي تبليغ تم في العنوان السابق صحيحا مع إيداع الإجراءات لدى الجهة المذكورة أو لدى النيابة العامة، بالإضافة إلى غياب الجزاءات المادية والزجرية على مدار نصوص ق.م.م تعاقب على المتحايل بالإدلاء بعنوان غير صحيح للمدعى عليه.[8]

هذه المشاكل حاولت مدونة الأسرة تفاديها من خلال ترتيبها لمجموعة من الآثار على التبليغ الشخصي، هذه الآثار تختلف بحسب ما إذا كان الأمر يتعلق بالزوج أو الزوجة، ففي حالة توصل الزوج شخصيا بالاستدعاء ولم يحضر فإن المحكمة تعتبر ذلك بمثابة تراجع منه عن طلب الإشهاد على الطلاق، على خلاف ما إذا توصلت الزوجة بالاستدعاء وتخلفت عن الحضور ولم تدل بملاحظات مكتوبة، فإن المحكمة في هذه الحالة تخطرها بواسطة النيابة العامة بأنها إذا لم تحضر فسيتم البت في طلب الزوج بالإشهاد على الطلاق، وهو ما يفتح المجال واسعا أمام الزوجة الغير الراغبة في الطلاق للتحايل على النص بعدم تسلم الاستدعاء الموجه إليها شخصيا من المحكمة، مما سيضطر هذه الأخيرة إلى استدعائها أكثر من مرة، والمشكل يطرح بحدة بالنسبة لجاليتنا المغربية المقيمة بالخارج.

وفيما يخص الزوجة المجهولة العنوان فإن الفقرة الثالثة من المادة 81 من المدونة أسندت للنيابة العامة باعتبارها طرفا أصليا في تطبيق بنود المدونة مهمة البحث عن عنوانها في سبيل استدعائها بصفة قانونية.

وتأكيدا من المشرع على أهمية التبليغ في تسريع المسطرة وتفعيل النصوص القانونية على أرض الواقع، فقد أحاطه بمقتضيات زجرية في حالة تحايل الزوج وإدلائه بعنوان غير صحيح قصد تمويه العدالة، إذ تقوم النيابة العامة في هذه الحالة بتحريك المتابعة وتطبيق المقتضيات القانونية المنصوص عليها في المادة 361 من القانون الجنائي،[9] بناء على شكاية من الزوجة.[10]

أما تبليغ الاستدعاءات خارج أرض الوطن، فإنها تتم بالطريقة الدبلوماسية من خلال جهازي العدل والخارجية، ماعدا إذا وجدت اتفاقية ثنائية تسمح بإنابة قضائية بين المحاكم دون سلوك الطريق الدبلوماسي،[11] كما هو الشأن بالنسبة للاتفاقية المغربية البلجيكية التي تسمح بالتبليغ مباشرة من وزارة العدل المغربية إلى وزارة العدل البلجيكية، وهو ما يحتم على المحاكم الوطنية مراعاة التراتبية الإدارية في تويجه التبليغات، وهي إجراءات تزداد تعقيدا كلما اتجهنا نحو المحاكم الأدنى درجة، كمركز القاضي المقيم، الذي سيضطر لبعث التبليغ للمحكمة الابتدائية، ومن هاته الأخيرة إلى محكمة الاستئناف، ثم لوزارة العدل ومنها إلى وزارة الخارجية،[12] وبالرجوع إلى القانون المقارن نجد أن المشرع المصري قد تفادى هذه التعقيدات المسطرية، حيث أناط بالنيابة العامة تولي هذه المهمة، إذ تقوم بتبليغ الاستدعاء مباشرة إلى وزارة الخارجية، حيث جاء في الفقرة التاسعة من المادة 13 من قانون المرافعات المصري على أن ما يتعلق بالأشخاص الذين لهم موطن معلوم بالخارج يسلم للنيابة العامة وعلى هذه الأخيرة إرسالها لوزارة الخارجية لتوصلها بالطرق الدبلوماسية…”،[13] إلا أن هذا النص بدوره تعترضه صعوبات على مستوى التطبيق العملي في الحالة التي لا يتوفر فيها المعني بالأمر على موطن بالخارج، فكيف سيتم التعامل مع هذه الحالة، هل ستكلف النيابة العامة بالبحث عن هذا الشخص لتسليمه الاستدعاء؟ أم سيتم اعتماد الطريقة البدلوماسية؟

وهناك بعض المشاكل يطرحها الاستدعاء للزوجة خارج الوطن على مستوى بعض المحاكم، حيث ذهب قسم قضاء الأسرة بفاس إلى أن القنصلية المغربية لا تعمل على تبليغ الاستدعاء وإرجاع شهادة التسليم إلى المحكمة[14]، وإنما تكتفي فقط بالإخبار بأنها قامت بإرسال الطي المذكور إلى المعنيين بالأمر عن طريق البريد المضمون فضلا عن قيامها بالاتصال الهاتفي قصد ابلاغها بمضمون المراسلة، وهذا الإشهاد المرسل من القنصلية إلى المحكمة يكون عرضة للطعن فيه مادام لا يحمل ما يفيد توصل الزوج بالاستدعاء بكيفية شخصية.[15]

هذه إذن بعض الإشكاليات التي يطرحها التبليغ الشخصي للأطراف من خلال المادة 81 من مدونة الأسرة، وللإشارة فإن المقتضيات الواردة في هذه المادة هي نفسها المطبقة في مسطرة التمليك المنصوص عليها في المادة 89 من المدونة حيث تنص في فقرتها الثانية على ما يلي: “..تتأكد المحكمة من توفر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين وتحاول الإصلاح بينهما طبقا لأحكام المادتين 81 و82 أعلاه…”.

إلا أن المادة 81 من المدونة تشكل نوعا من التناقض مع الفلسفة العامة للمشرع، والرامية بالأساس إلى تجسيد مبدأ المساواة بين الزوجين إن على المستوى الموضوعي او الإجرائي، وكرست مبدأ التمييز فيما يتعلق بالآثار المترتبة عن التوصل الشخصي، خاصة ما يتعلق بالتحايل في التصريح بعنوان الزوجة، إذ قد تقدم هذه الأخيرة على الإدلاء بعنوان غير صحيح للزوج قصد تضليل العدالة، ففي هذه الحالة لم ينص المشرع على نفس الجزاء الذي رتبه على الزوج المتحايل، فلماذا إذن هذا التمييز، والحال أن المادة 78 من المدونة جعلت حل ميثاق الزوجية حقا يمارسه الزوجين كل بحسب شروطه وتحت مراقبة القضاء، وحق الإجراءات الشكلية والموضوعية كل لا يتجزأ.

هذا بالنسبة لمسطرة التبليغ لمحاضر الصلح في مسطرة الطلاق، فما هي الإشكاليات المطروحة على مستوى مسطرة التبليغ في التعدد؟

الفقرة الثانية : استدعاء الزوجة في مسطرة التعدد

لقد نظم المشرع المغربي أحكام التعدد والإجراءات المتعلقة به في الباب الثاني من القسم الثالث والمتعلق بموانع الزواج المؤقتة وبالضبط في المواد من 40 إلى 46 من مدونة الأسرة، وتبتدئ الإجراءات المرتبطة بالإذن بالتعدد باستدعاء الزوجة المراد التزوج عليها للحضور إلى المحكمة وفقا للمسطرة المنصوص عليها في المادة 43 من المدونة.

وبالقراءة المتأنية لهذه المادة يمكن أن نستنتج بأن الاستدعاء المنصوص عليه يجب أن يكون شخصيا حيادا عن القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل 38 من ق.م.م فإذا توصلت الزوجة شخصيا ولم تحضر أو امتنعت عن الحضور يوجه إليها إنذار عن طريق عون كتابة الضبط يشعرها فيه بأنه في حالة تغيبها عن الحضور فسيتم البت في طلب الزوج بإعطاء الإذن له بالتعدد، وفي هذا الاتجاه ذهبت المحكمة الابتدائية بفاس ـ قسم قضاء الأسرة في حكم متعلق بالتعدد جاء فيه “…وبناء على إدارة الملف بعدة جلسات للصلح أهمها جلسة 13-06-2006حضرها المدعي وتخلفت المدعى عليها رغم سابق توصلها… وحيث تخلفت المدعى عليها عن الحضور رغم استدعائها… وحيث إن الملف خال مما يفيد كون المدعي لا يقوم بواجباته إزاء زوجته وحيث إن المدعى عليها بإخلالها بواجب المساكنة الشرعية تكون قد أثبتت للمدعي المبرر الموضوعي والاستثنائي للتعدد… وفي غياب ما يثبت أن المدعي غير قادر على إعالة الأسرتين يبقى طلبه للتعدد مؤسسا ويتعين الاستجابة له”.[16]

وقد لا تتوصل الزوجة المراد التزوج عليها بالاستدعاء في حال غيابها وفي هذه الحالة تبت المحكمة في طلب الإذن بالتعدد إذا ما أفادت النيابة العامة أنه يتعذر الحصول على موطن أو محل إقامة الزوجة في المكان المستدعاة فيه، وفي هذا الاتجاه ذهبت المحكمة الابتدائية ـ قسم قضاء الأسرة ـ بالناظور في أحد أحكامها جاء في حيثياته: “…بناء على مستنتجات النيابة العامة الرامية إلى تطبيق القانون شكلا وموضوعا، وبناء على إدارة القضية في عدة جلسات كان آخرها جلسة 29/11/2006 تخلف عنها الدفاع رغم سابق التوصل، والزوجين لعدم التوصل رغم الاستدعاءات المتكررة الموجهة لهما، ونظرا لطول أقدمية القضية اقتضى نظر المحكمة البت في الطلب على حالته وحجزه للمداولة ليوم 13/12/2006”.[17]

غير أن المحكمة في هذه الحالة لا تلجأ إلى بحث النيابة العامة إلا بعد استجواب المدعي الحاضر عن مكان وجود زوجته وعن ظروف اختفائها، خاصة وأن المحكمة تتوفر على عنوانها بعقد زواجها.

وإذا كان عدم توصل الزوجة بالاستدعاء ناتجا عن تحايل الزوج في إعطاء عنوانها أو اسمها، ففي هذه الحالة تقوم النيابة العامة بتحريك المتابعة ضد الزوج المتحايل وتطبيق المقتضيات الواردة في الفصل 361 من القانون الجنائي بناء على طلب من الزوجة المتضررة.

ومن الناحية العملية هناك من يرى بأن الفقرة الأخيرة من المادة 43 ستعرف تطبيقا لها فيما يتعلق بالإدلاء بعنوان غير صحيح للزوجة، بينما يبقى تحريف اسمها أمرا مستبعدا، إذ يكفي أن تلزم المحكمة طالب التعدد بإرفاق طلبه بنسخة من رسم الزوجية الذي يربطه بزوجته الأولى حتى يتبين للمحكمة اسم الزوجة المذكورة، وعلى النباية العامة في هذه الحالة مراقبة مدى تطابق اسم الزوجة المراد تبليغها مع الاسم الوارد برسم الزوجية،[18] إلا أن الواقع قد يفرز لنا وضعا آخر مقلوبا يتعلق بالحالة التي يطلب فيها الزوج من المحكمة الإذن له بالتعدد ولا يتوفر على رسم الزوجية، ففي هذه الحالة هل ستطلب منه المحكمة سلوك مسطرة ثبوت الزوجية المنصوص عليها في المادة 16 من المدونة؟ أم أن الزوج سينكر زواجه الأول ويفتح ملفا أمام المحكمة لإبرام عقد الزواج وفقا للمقتضيات الواردة في المواد من 65 وما بعدها من المدونة منكرا أية علاقة تربطه بزوجته الأولى؟ وما هي الإجراءات التي ستتخذها المحكمة في حق هذا الزوج المتحايل في حالة رفع دعوى من زوجته التي يريد الزواج عليها أمام المحكمة؟

المطلب الثاني : التبليغ القانوني من خلال العمل القضائي الأسري

المقصود بالتبليغ القانوني ذلك التسليم الذي يكون لغير المعني به شخصيا، ويكون هذا التبليغ صحيحا متى سلم الاستدعاء لمن لهم صفة التوصل نيابة عن المبلغ إليه، وإذا كان المشرع المغربي قد نص صراحة على ضرورة التوصل الشخصي في قضايا الطلاق والتعدد، فإنه قد التزم الصمت فيما يتعلق بدعاوى التطليق والدعاوى الأخرى المرتبطة بالأسرة، مما يجعلنا نتساءل عن الحل في هذه الحالة، هل سيعمل القضاء على اللجوء إلى تطبيق القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل 38 ق.م.م؟ أم سيلجأ إلى تطبيق المادة 81 من المدونة لما فيها من حفاظ على كيان الأسرة وضمان لحقوق الدفاع؟

لمقاربة هذه الإشكاليات سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين نتناول في الأولى بالتبليغ الاستدعاءات لذي الصفة في التوصل، في حين نخصص الثانية للحديث عن التبليغ في دعاوى التطليق والنفقة.

الفقرة الأولى : تبليغ الاستدعاءات لذوي الصفة في التوصل

لقد حدد المشرع من خلال الفصل 38 من ق.م.م أصحاب الصفة في التوصل بالتبليغ نيابة عن المعنى بالأمر بنصه على ما يلي: “يسلم الاستدعاء تسليما صحيحا إلى الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه…”.[19]

هذا الفصل يطرح العديد من التساؤلات حول مفهوم الأقارب والخدم وكل شخص يسكن مع المعني بالتبليغ في موطنه؟ وهل يكتفي العون المكلف بالتبليغ أثناء قيامه بمهامه بالاستفسار عن اسم صاحب الصفة والإسم الكامل؟ أم يكتفي فقط بذكر الصفة؟ أم هما معا؟

أمام غياب التحديد المفاهيمي للأشخاص المنصوص عليهم في الفصل 38 ق.م.م تشريعيا، حاول الفقه والقضاء في إعطاء تعاريف لهذه المصطلحات من أجل تسهيل المأمورية على المكلفين بالتبليغ وتجاوزا لما تطرحه هذه المسألة من صعوبات.

فالقرابة تعني تلك الرابطة التي تجمع بين الفرد وغيره من الأفراد المكونين لجماعة تجمعها وحدة الدم سواء تعلق الأمر بالقرابة المباشرة التي تربط بين الأصول والفروع، أو القرابة غير المباشرة، أو قرابة الحواشي[20] والإشكالية المطروحة على مستوى الفصل 38 من ق.م.م أنه لم يحدد درجة القرابة وهل تدخل فيها كل من رابطتي الزوجية والمصاهرة؟

بالنسبة لرابطة الزوجية فإن الأمر يتعلق بعقد تبرمه إدارتان حرتان ولا يتعلق برابطة تجمعها وحدة الدم، اللهم إذا كانت هناك علاقة قرابة بين الزوجين، ففي هذه الحالة تجتمع كل من رابطتي القرابة والزوجية في شخص واحد، ومن ثم تستثنى علاقة الزوجية من عناصر القرابة.[21]

أما بالنسبة لرابطة المصاهرة فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى “…لكن حيث إن المحكمة مصدرة القرار بناء عل ما يدعيه الطاعن مع وجود خلاف مع زوجته، وأنها أخفت عنه موضوع الإنذار الذي توصلت به أختها…”[22]، هذا التوجه للمجلس الأعلى يأخذ بمفهوم المصاهرة ويقحمه ضمن عناصر القرابة، وهو نفس التوجه الذي يتبناه أحد الفقه المغربي[23] الذي يعتبر المصاهرة نوعا من القرابة، حيث ذهب إلى تعريف الأقارب بكل من تربطهم علاقة نسب أو مصاهرة مع المعني بالأمر…”.

إلا أننا لا نساير هذا الاتجاه اعتمادا على التحليل الفقهي والقانوني الذي يذهب إلى اعتبار المصاهرة قرابة تنشأ بسبب الزواج وليست نتاج وحدة الدم،[24] كما أن المشرع ميز بدوره بين كل من القرابة والمصاهرة في الفصل 33 من ق.م.م، ومن ثم يجب استثناء رابطة المصاهرة من العناصر المكونة للقرابة.

وفيما يتعلق بالخدم فإن المجلس الأعلى ذهب إلى الأخذ بالمفهوم الواسع لهذا المصطلح معتمدا في ذلك على عنصر التبعية في تحديده حيث جاء في أحد قراراته: “…فإنه بمقتضى نص الفصل 38 من ق.م.م يشترط لكي يكون هذا التبليغ صحيحا أن يتم تسليم الطي في حالة غيبة المعني به إلى شخص يكون في حالة تبعية له في عمله…”،[25] وجاء في قرار آخر للمجلس الأعلى “…حيث إن سير المحل التجاري يرتبط مع مالك الأصل التجاري بعقد التسيير الحر لهذا الأصل، تنتفي معه علاقة التبعية، وبالتالي لا يعتبر من خدم مالك الأصل التجاري…”.[26]

إلا أننا لا نسير في نفس اتجاه المجلس الأعلى ونذهب مع أحد الفقه[27] الذي يقر بوجوب تفسير مقتضيات الفصل 38 ق.م.م تفسيرا ضيقا وفقا لمبدأ “الإستثناء لا يتوسع في تفسيره” على اعتبار أن الأصل هو التبليغ للمبلغ إليه، أما التبليغ للخدم فهو استثناء من الأصل، مستندين في ذلك على أساس قانوني مفاده أن الخدم ليسوا بأجراء ولا مستخدمين بمفهوم المادة الأولى من مدونة الشغل[28] التي تحدد مجال تطبيق هذا القانون.

أما بالنسبة للفئة الأخيرة من ذوي الصفة في التبليغ فالعبارة التي استعملها الفصل 38 “…كل شخص آخر يسكن معه..” فضفاضة وتعني كل شخص من غير الأقارب بشرط السكن مع المعني بالأمر في موطنه.

هناك إشكالية أخرى ترتبط بالتبليغ القانوني تتعلق أساسا بمدى اشتراط المشرع بيان هوية مستلم الطي بالنيابة عن المبلغ إليه شخصيا، وما إذا كان يشترط بيان هويته كاملة بالإضافة إلى صفته؟ أم يكتفي فقط بذكر الصفة؟

ذهب المجلس الأعلى فيما يخص هذه المسألة إلى اتجاهين[29]: اتجاه يلزم بيان الاسم الكامل لمتسلم الطي، واتجاه آخر يكتفي فقط ببيان صفته دونما حاجة إلى ذكر اسمه كاملا، وبالرغم مما في هذا الاتجاه الأخير من رفع للعنت وضرب مصالح ذوي النيات السيئة في الحيلولة دون توصل ذوي الحقوق إلى الدفاع عن حقوقهم، إلا أنه لا يكفي الإدلاء بالصفة فقط، إذ بدون ذكر الاسم لا يمكن التثبت من الصفة إلا في حالات خاصة كالأم والأخ والزوجة في الحالة التي يكون فيها للشخص زوجة واحدة.

وفي حالة ما إذا رفض الطرف أو الشخص الذي له الصفة في تسلم الاستدعاء يشير العون المكلف بالتبليغ لذلك في الشهادة، ويعتبر الاستدعاء مسلما تسليما صحيحا في اليوم العاشر الموالي للرفض الصادر من الطرف أو الشخص صاحب الصفة في تسلم الاستدعاء.[30]

الفقرة الثانية : التبليغ في قضايا التطليق والنفقة

إذا كان المشرع المغربي قد نص صراحة علىضرورة التبليغ الشخصي للأطراف في قضايا الطلاق والتعدد، فإنه لم يحل فيما يخص القضايا الأخرى المتعلقة بالأسرة على المادة 81 من مدونة الأسرة، خاصة الدعاوى المرتبطة بالتطليق، مما يعني ضرورة الرجوع إلى القواعد العامة في ق.م.م وسنحاول مناقشة هذه الإشكالية اعتمادا على التوجه القضائي والفقهي في قضايا التطليق للشقاق والنفقة.

إذ بالرجوع إلى المادة 94 من المدونة نجدها تنص على أنه “إذا طلب الزوجان أو أحدهما من المحكمة حل نزاع بينهما يخاف منه الشقاق، وجب عليها أن تقوم بكل المحاولات لإصلاح ذات البين طبقا لأحكام المادة 82 أعلاه”، انطلاقا من هذه المادة يتبين لنا بأن المشرع لم يحل فيما يخص تطبيق مسطرة الصلح في قضايا الشقاق على المادة 81 من مدونة الأسرة ونفس النهج سلكته المشرع في جميع دعاوى التطليق بناء على الأسباب الأخرى المقررة في المدونة، ومن ثم وجب الاقتصار على تطبيق الفصل 38 من ق.م.م في هذا المجال،[31] إلا أن الواقع العملي يبين عكس ذلك، حيث درجت كثير من أقسام قضاء الأسرة بالمملكة على اعتماد التبليغ الشخصي في دعاوى الشقاق، إذ جاء في حكم صادر عن قسم قضاء الأسرة ببني ملال :” وحيث تبت من وقائع القضية استحالة استمرار العلاقة الزوجية بينهما وبعد استدعاء الزوجين بصفة شخصية وحضورهما بجلسة … أصدرت المحكمة القرار الآتي تعليله ومنطوقه…”[32]

وفي حكم آخر صادر عن نفس المحكمة جاء في حيثياته: “بناء على الطلب الذي تقدمت به الزوجة من أجل التطليق للشقاق بتاريخ 09/01/2006 وصل 381405…..وبناء على استدعاء الزوجين شخصيا وحضورهما بجلسة 28/02/2006 و 14/03/2006 …”[33]

انطلاقا من هذين الحكمين يتبين لنا بأن توجه المحكمة يسير في اتجاه تطبيق القواعد المسطرية المنصوص عليها في المادة 81 من المدونة، بالرغم من عدم الإحالةالصريحة عليها في المواد من 93 إلى 97، هذا على عكس الاتجاه القضائي للمحكمة الابتدائية ـ قسم قضاء الأسرة ـ بالناظور إذ يكتفي فقط بالتبليغ القانوني في دعاوى التطليق للشقاق، إذ جاء في حكم صادر عن قسم قضاء الأسرة بهذه المدينة، “…وبناء على قرار المحكمة باستدعاء الزوجين للصلح…. حضرت الزوجة ومحاميها، وتخلف الزوج وسبق أن أفيد أنه يوجد بالخارج بفرنسا وعين في حقه قيم…”،[34] وفي حكم آخر صدر عن نفس المحكمة جاء فيه:”وبناء على إدراج الملف بجلسة 15/03/06 التي حضرتها الزوجة ودفاعها وتخلف الزوج رغم توصله بصفة قانونية…”.[35]

هذا الاتجاه هو الذي نميل إليه بدورنا اعتمادا على المنطق القانوني السليم الذي يقضي بالرجوع إلى القواعد العامة في كل ما لم يرد فيه نص خاص، هذا على عكس ما يذهب إليه أحد الباحثين[36] الذي يتبنى الاتجاه الأول الذي يقضي بتطبيق مقتضيات المادة 81 من المدونة فيما يتعلق بدعاوى التطليق للشقاق.

ويكون التبليغ صحيحا متى سلم لأحد الأشخاص ذوي الصفة في التسلم المنصوص عليهم في الفصل 35 ق.م.م، مع استثناء أصهار المدعي عليه من أقارب الزوج المدعي، على اعتبار أن الدعوى في هذه الحالة تعتبر قرينة على وجود النزاع بين العائلتين، مما يتعين معه عدم الاعتداد بهذا التبليغ حفاظا على حقوق الدفاع وصونا لكيان الأسرة.[37]

وفيما يخص الدعاوى المتعلقة بالنفقة فإن التبليغ يتم بالطريقة القانونية المنصوص عليها في ق.م.م والتبليغ في مادة النفقة يطرح مجموعة من الصعوبات تتعلق تطبيق واحترام الآجال المنصوص عليها في المدونة، وهذا راجع بالأساس إلى قلة الأطر الساهرة على عملية التبليغ خصوصا بالنسبة للقضايا التي يكون فيها موطن المدعى عليه إما بالخارج أو خارج الدائرة القضائية، وما يطرحه ذلك من ضرورة مراعاة آجال الاستدعاء المحددة قانونا في 15 يوما بالنسبة للمدعى عليه المقيم خارج الدائرة القضائية وشهران بالنسبة للمقيم بالخارج[38]، ومن ثم عدم احترام الأجل المنصوص عليه في المادة 190 من المدونة والمحدد في أجل أقصاه شهر واحد،[39] والصورة الوحيدة التي يتم فيها مراعاة هذا الأجل هي الحالة التي يمتنع فيها المدعى عليه من تسلم الاستدعاء بمجرد ما تحال عليه شهادة التسليم وتلحق بالملف، وتكون الإفادة فيها بأن المدعى عليه رفض أو امتنع عن التوصل بالاستدعاء فالقاضي في هذه الحالة ينتظر مدة 10 أيام ويجهز الملف ويبت في الدعوى.

هذه إذن بعض الإشكاليات العملية المطروحة على مستوى التبليغ في مدونة الأسرة، فما هي وسائل إثباته؟ وما هي طرق الطعن فيه؟

المبحث الثاني:

الطعن في التبليغ وإثباته

يعتبر التبليغ من أهم الضمانات التي تتحقق معها علة الإجراء، بحيث يشكل الآلية الوحيدة التي تمكن المبلغ إليه من اتخاذ المبادرة لمناقشة مطالب ودفوعات الطرف المقابل سواء كان هذا الأخير مدعي أو مدعى عليه، مادام التبليغ عملية مستمرة وتداولية تنطلق منذ وضع مقال الدعوى إلى حين صدور الحكم، ومن ثم يكون التبليغ بمثابة تفعيل لمبدأ التواجهية في الخصومة.[40]

ومن ثم فإن أي خلل يلحق بإجراءات التبليغ يعطي الحق للمتضرر بالطعن في هذه الإجراءات بالبطلان، وفي هذه الحالة تثار أيضا مشكلة إثبات العمل التبليغي.

فما هي الوسائل المعتمدة لإثبات عملية التبليغ؟ وكيف يتم الطعن في إجراءاته وفق قانون المسطرة المدنية المغربي؟

المطلب الأول : الوسائل المعتمدة في إثبات التبليغ

تجد فكرة التبليغ اساسها في “مبدأ المواجهة” والذي مفاده عدم اتخاذ أي إجراء ضد أي شخص دون تمكينه من العلم به وإعطائه الفرصة للدفاع عن نفسه، وهذا المبدأ يعد مجرد تطبيق من تطبيقات حق الدفاع[41]، ومن تم فإن المنازعة في التبليغ سواء من طرف المدعي أو المدعى عليه وحصوله بالشكل القانوني، يطرح عدة إشكاليات عملية خاصة في مجال إثبات العمل التبليغي.

ويقصد بالإثبات في المجال القانوني “إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتبت آثارها”[42]

وفيما يخص إثبات التبليغ فقد نصت مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 39 من ق.م.م على ما يلي: “ترفق بالاستدعاءات شهادة يبين فيها من سلم له الاستدعاء وفي أي تاريخ، ويجب أن توقع هذه الشهادة من الطرف أو من الشخص الذي تسلمها في موطنه، وإذا عجز من تسلم الاستدعاء عن التوقيع أو رفضه أشار إلى ذلك العون أو السلطة المكلفة بالتبليغ، ويوقع العون أو السلطة على هذه الشهادة في جميع الأحوال ويرسلها إلى كتابة ضبط المحكمة”.

انطلاقا من هذا الفصل يتضح بأن شهادة التسليم تعتبر الوثيقة الأساسية لإثبات التبليغ على اعتبار أنها تحمل توقيع المبلغ إليه، بالإضافة إلى توقيع المبلغ، وقد أكد المجلس الأعلى في أحد قراراته على ما يلي: “حيث إنه بناء على هذا الفصل ـ الفصل 39 من ق.م.م ـ فإن التبليغ يثبت بشهادة التسليم ولا تكفي أية شهادة أخرى بحصول التبليغ غير شهادة التسليم القانونية…

وحيث يتجلى من القرار المطعون فيه أنه اعتمد فيما قضى به من عدم قبول الاستئناف شكلا على شهادة تبليغ مسلمة من طرف رئيس مصلحة كتابة الضبط تفيد أن الحكم المستأنف بتاريخ 28/12/1994 مع أن الشهادة المعتبرة قانونا لإثبات التبليغات القضائية هي شهادة التسليم المنصوص عليها في الفصل 39 من ق.م.م، وعليه فإن المحكمة لما أصدرت قرارها على النحو المذكور استنادا إلى شهادة التسليم التي هي وحدها المثبتة لتبيلغ المدعى عليه أم لا، تكون قد خرقت مقتضيات الفصل 39 المذكور وعرضت بسبب ذلك قرارها للنقض والإبطال”.[43]

يستشف من هذا التوجه القضائي الذي كرسه اجتهاد المجلس الأعلى أن شهادة التسليم تعتبر ذات حجية ثبوتية لا يجوز إثبات عكسها إلا عن طريق الطعن فيها بالزور، غير أن الحجية في هذه الحالة تثبت فقط لما رآه وسمعه وقام به المبلغ بنفسه، دون الوقائع والمعلومات التي تسجل على مسؤولية أصحابها كالتصريحات التي يدلي بها الأشخاص المتواجدون بموطن المبلغ إليه.[44]

والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو إلى أي حد صادف المجلس الأعلى الصواب، بنفيه اعتماد شهادة كتابة الضبط بحصول التبليغ؟

من المسلم به أن شهادة كتابة الضبط بوقوع التبليغ تعتبر ورقة رسمية كونها صادرة عن موظف عمومي ومن تم فهي حجة مثبتة للوقائع المضمنة بها وذلك مسايرة لمنطوق الفصل 420 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن: “الورقة الرسمية حجة على الاتفاقات والشروط الواقعية بين المتعاقدين وفي الأسباب المذكورة فيها وفي غير ذلك من الوقائع التي لها اتصال مباشر بجوهر العقد، وهي أيضا حجة في الأمور التي يثبت الموظف العمومي وقوعها إذا ذكر كيفية وصولها لمعرفته، وكل ما عدا ذلك من البيانات لا يكون له أثر”، إلا أن شهادة كتابة الضبط وبالرغم من كونها ورقة رسمية، فإنها لا تفيد بوقوع التبليغ بناء على المعاينة الشخصية الأمر الذي يجعل قوتها الاثباتية تتلاشى أمام شهادة التسليم التي تفيد بياناتها المعاينة الشخصية لواقعة التبليغ، ومن تم نضم صوتنا لأحد الباحثين[45] في كون الاعتداد بشهادة التسليم عند إثبات التبليغ في حالة النزاع بدل شهادة كتابة الضبط بوقوع التبليغ توجه صادف فيه المجلس الأعلى الصواب، اعتبارا لأهمية الأولى كطريق أصلي في إثبات التبليغ بالنظر للضمانات القانونية المهمة التي أحاطها بها المشرع.

وتجدر الإشارة إلى أنه وفي حالة عدم المنازعة في التبليغ يمكن الاعتماد على شهادة عدم التعرض والاستئناف أو تأشيرة كتابة الضبط التي تفيد التبليغ والمسجلة على النسخة التنفيذية للحكم مع إمكانية الرجوع إلى الملف المتعلق بالتبليغ كلما ظهر للمحكمة ريبة في الوثائق المذكورة.[46]

ويعد التبليغ عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل من بين الطرق التي نص عليها المشرع ضمن مقتضيات الفصل 37 من ق.م.م، غير أن هذه الطريقة تطرح إشكالية تحقق العلم بإجراءات التبليغ خاصة في الحالة التي يرجع فيها الإشعار بالتوصل متضمنا لعبارة “غير مطلوب”، فهل يعتد القضاء بهذا التبليغ في حالة المنازعة فيه من طرف المبلغ إليه؟

نجد غالبية التوجهات القضائية تذهب في هذه الحالة إلى عدم الإعتداد بوقوع التبليغ، ذلك أنه لا يمكن تأسيس الأحكام بناء على الإفتراض حيث ذهبت استئنافية الرباط إلى ما يلي: “وحيث إنه لأجل أن يكون الإشعار قانونيا فلا بد من توصل المدعى عليه أو رفضه، وحيث إن الغلاف عندما كتب على ظهره غير مطلوب ولم يسجل عليه الرفض وأن المحكمة لا بد من أن تتحقق من توصل المدعى عليه أو رفضه”[47]، كما قضى المجلس الأعلى في أحد قراراته بما يلي: “حقا حيث إن القرار المطعون فيه صادق على تقرير الخبير واكتفى للإجابة عن الدفع المثار من طرف الطالب بعدم استدعائه لحضور الخبرة بأن الخبير وجه إشعارا مضمونا للطالب الذي لم ينكر توصله به، مع أنه من الثابت أن الاستدعاء الذي وجهه الخبير رجع وعليه عبارة “غير مطلوب” التي لا يمكن اعتبارها بمثابة توصل، كما هو الحال بالنسبة لرفض تسلم الاستدعاء أو الرسالة المضمونة، وأن القرار المطعون فيه بإعطائه عبارة “غير مطلوب” صبغة رفض تسلم الاستدعاء يكون قد ارتكز على تعليل خاطئ ينزل منزلة انعدام التعليل مما يستوجب النقض”.[48]

أما فيما يخص غلاف التبليغ كوسيلة لإثبات العملية التبليغية، فقد ذهب المجلس الأعلى إلى اعتماده من أجل التحقق من أن الطعن قد قدم داخل الآجال القانونية التي تعتبر من النظام العام،[49] وقد اعتبر المجلس الأعلى أن عدم الإدلاء بغلاف التبليغ يحرم هذا الأخير من بسط رقابته على تقديم أو عدم تقديم المقال داخل الأجل القانوني.[50]

وبعد أن استعرضنا أهم الإشكاليات المتعلقة بإثبات التبليغ وتوجهات محاكم الموضوع والمجلس الأعلى بشأنها، تبقى الإشارة إلى أن المشرع المغربي وإن لم يتطرق لمسألة من يقع عليه إثبات العمل التبليغي في حالة المنازعة، فإن اجتهاد المجلس الأعلى قد عمل على سد هذا الفراغ التشريعي، وذلك باعتباره طالب التبليغ هو المتحمل لعبء إثبات الواقعة للمبلغ إليه، وهو مبدأ يساير التوجه العام وخاصة الفصل 399 من قانون الالتزامات والعقود المغربي الذي ينص على أن: “إثبات الالتزام على مدعيه”.[51]

المطلب الثاني : الطعن في إجراءات التبليغ

وتتجه التشريعات الإجرائية الحديثة في غالبيتها إلى عدم التشدد في الإجراءات الشكلية، بحيث تربط الطعن في بطلان إجراءات التبليغ بتحقق الغاية والهدف من الإجراء، فإذا تحققت الغاية كان الإجراء صحيحا ولو نص القانون على البطلان، ومن شأن إعمال هذا المبدأ لا محالة إضفاء طابع المرونة والابتعاد عن التعقيد في القواعد الإجرائية، هذا بالإضافة إلى الرفع من سرعة البت في القضايا.[52]

ويذهب المشرع المغربي في نفس الاتجاه وذلك عندما نص في الفقرة الثانية من المادة 49 من ق.م.م على ما يلي: “يسري نفس الحكم بالنسبة لحالات البطلان والإخلالات الشكلية والمسطرية التي لا يقبلها القاضي إلا إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعلا”، فشرط الضرر يوضح بجلاء اتجاه المشرع نحو الأخذ بعين الاعتبار جوهر الإجراء الذي هو حصول التبليغ دون الالتفات إلى احترام الشكلية المنصوص عليها قانونا، كما نعتقد بأنه يمكن التأصيل لهذا المبدأ في قانون المسطرة المدنية المغربي انطلاقا من الفصل 359 الذي يحصر أسباب الطعن بالنقض وذلك عندما نص في البند الثاني منه على ما يلي: “2- خرق قاعدة مسطرية أضر بأحد الأطراف”، فشرط إلحاق الضرر يجعل الطعن ينصرف إلى جوهر الإجراء أي الغاية التي لم تتحقق، وليس إلى الشكلية في حد ذاتها.

والتبليغ من أجل ممارسة الطعن يقصد به “إعلان الحكم إلى المحكوم عليه لتحريك أجل الطعن الذي يبدأ من تاريخ التبليغ، ويترتب عن فوات الأجل دون ممارسة الطعن أو ممارسته خارج هذا الأجل سقوط الحق أو عدم قبول الطعن وصيرورة الحكم قابلا للتنفيذ”.[53]

وفي هذا الصدد يثار التساؤل حول ما إذا كان أي تبليغ محركا لأجل الطعن؟ وخصوصا التبليغ إلى مكتب المحامي فهل هذا التبليغ يعد محركا لأجل الطعن؟

لقد تباين موقف المجلس الأعلى في مدى اعتبار التبليغ الحاصل إلى مكتب المحامي محركا لأجل الطعن، فقد قضى المجلس في أحد قراراته بما يلي: “إن المحكمة المصدرة للقرار باعتبارها التبليغ الواقع بمكتب المحامي تبليغا للموطن المختار قد خرقت الإجراءات المسطرية الخاصة بتبليغ الأحكام خرقا أضر بحقوقها -أي الطاعنة- وطبقت تطبيقا خاطئا مقتضيات الفصلين 524 و134 من قانون المسطرة المدنية وعرضت بذلك قضاءها للنقض”[54].

وفي نفس الاتجاه ذهب قرار محكمة الاستئناف بالجديدة إلى كون التبليغ القانوني للأحكام هو الذي يتم بالكيفية المنصوص عليها في الفصل 54 و38 و39 من ق.م.م وليس منها تبليغ الحكم إلى مكتب المحامي[55]، غير أن المجلس الأعلى وعكس هذا التوجه ذهب إلى كون تبليغ الحكم إلى مكتب المحامي يحرك أجل الاستئناف في الحالة التي لا يجرد فيها الشخص محاميه من التوكيل قبل حصول التبليغ، وما لم يتخل المحامي عن مهمته[56].

ويوجه الطعن في التبليغ أمام المحكمة الابتدائية غالبا ضد إجراءات تبليغ الإنذارات والأوامر والأحكام الغيابية أو القرارات كقرار عدم نجاح مسطرة الصلح عندما لا يبلغ هذا القرار تبليغا صحيحا، وللفصل في هذا النزاع المتعلق بالتبليغ والذي يقدم على شكل دفع أمام المحكمة الابتدائية تعتمد هذه الأخيرة على محضر التبليغ، وتبحث فيما إذا كان المبلغ اليه قد وقع في الإشعار بالتوصل البريدي أو في شهادة التسليم.[57]

وإذا كانت المحكمة الابتدائية في حالة الحكم الغيابي الغير قابل للاستئناف بل فقط إلى التعرض أمام نفس المحكمة تعتبر مختصة للبت في دعوى إبطال التبليغ، فإن التساؤل يطرح حول الحكم الابتدائي القابل للاستئناف؟ وما المعمول في الحالة التي تبث فيها محكمة الاستئناف ويعمد أحد المتقاضين إلى تقديم دعوى أصلية أمام المحكمة الابتدائية من أجل إبطال تبليغ الحكم القضائي؟

بالنسبة للإشكال الأول فإن قضاء المجلس الأعلى قد استقر على اعتبار محكمة الاستئناف هي المختصة في البت في دعوى إبطال التبليغ، ومما قضى به في أحد قراراته: “عندما ينازع المستأنف في تبليغ الحكم الابتدائي فإن محكمة الاستئناف هي التي لها صلاحية البت في هذا الدفع على ضوء شهادة التسليم التي يقع الإدلاء بها أو يقع الرجوع بشأنها إلى ملف التبليغ”[58].

وفيما يخص الإشكال الثاني والذي يعمد فيه أحد المتقاضين إلى تقديم دعوى أصلية أمام المحكمة الابتدائية من أجل إبطال تبليغ حكم قضائي صادر عن نفس المحكمة، وذلك بعد بت محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف، فقد ذهبت ابتدائية مراكش في أحد أحكامها إلى التصريح برفض الطلب بعلة أن هذه الدعوى ترمي بصفة غير مباشرة إلى الطعن في قرار محكمة الاستئناف لأن إبطال التبليغ يعني إبطال قرار هده الأخيرة،[59] ونعتقد بأن هذا التوجه الذي سارت عليه ابتدائية مراكش صائب وسليم من الناحية القانونية على اعتبار أن المحكمة الابتدائية لا يمكنها في أي حال من الأحوال أن تبطل قرارا لمحكمة الاستئناف كدرجة ثانية من درجات التقاضي.

أما الطعن في التبليغ أمام محكمة الاستئناف فيكون على شكل عريضة طعن، وذلك قبل الكلام في الموضوع، فبما أن الاستئناف له أثر ناشر للدعوى، فإن المحكمة يحق لها بعض الإطلاع على ملف التبليغ الموجود بالمحكمة الابتدائية التصريح ببطلان التبليغ وقبول الاستئناف ولو قدم خارج الآجال القانونية لأنها محكمة الأصل ومحكمة الأصل هي محكمة الفرع.[60]

وفي هذا الصدد فإننا نتساءل حول السلطة المخولة لمحكمة الاستئناف في إثارة بطلان إجراءات التبليغ من تلقاء نفسها إذا ما تبين لها ذلك، عندما لا يثير هذا الدفع من له المصلحة؟ وبصيغة أخرى هل تعتبر إجراءات التبليغ من النظام العام؟

إذا ما أردنا جرد الحصيلة الموضوعية لعمل المجلس الأعلى في الجواب على هذه النقطة سنجده تارة يذهب إلى اعتبار التبليغ من النظام العام، حيث قضى في أحد قراراته بما يلي: “التبليغ يعتبر من النظام العام، وأن شهادة التسليم يجب أن تحمل البيانات المنصوص عليها وتاريخ التبليغ بالأحرف والأرقام وإلا كان باطلا”[61]، وقد سايرت محاكم الموضوع هذا التوجه حيث قضت محكمة الاستئناف بالبيضاء بما يلي: “إن عدم تضمين غلاف التبليغ لتاريخ التبليغ أو عدم توقيعه من قبل المبلغ يجعل التبليغ باطلا، وأن هذه النقطة من النظام العام”.[62] غير أن المجلس الأعلى وفي قرار آخر ذهب إلى ما يلي: “إن محكمة الاستئناف كدرجة ثانية للتقاضي يقتصر نظرها على أسباب الاستئناف فقط، ولا يجوز لها أن تفصل في طلبات لم تطرح عليها إلا ما كان له مساس بالنظام العام، وأن المحكمة حينما بنت قرارها المطعون فيه على أن التبليغ غير قانوني تكون قد بتت خارج ما طرح عليها من خلال مقال الاستئناف وخرقت مقتضيات الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية الأمر الذي يعرض قرارها للنقض”.[63]

وفي اعتقادنا فإن محكمة الاستئناف يحق لها أن تثير من تلقاء نفسها بطلان إجراءات التبليغ، وذلك في الحالة التي يتبين لها أنه لم يكن قانونيا شرط أن تكون مصالح الأطراف قد تضررت، أما الإخلالات الشكلية التي لم تضر بمصلحتهم فلا يحق لها إثارتها بحجة خرق إجراءات مسطرية من النظام العام، ومن شأن الأخذ بهذا الموقف ضمان مصالح المتقاضين في بعض القضايا التي تكون أكثر حساسية كالنزاعات الأسرية، خاصة في مادة الحضانة والنفقة والتي من شأن، الإخلالات المسطرية أن تضر بمصالح هؤلاء وخاصة إجراءات التبليغ مادامت مدونة الأسرة لم تشترط في هذه النزاعات التبليغ الشخصي كما فعلت في مسطرتي الصلح والتعدد، بحيث تبقى خاضعة للقواعد العامة للتبيغ والتي ينظمها قانون المسطرة المدنية.

وأخيرا فاننا نتساءل عن امكانية الطعن في التبليغ عن طريق دعوى أصلية؟

إن تقديم الطعن في التبليغ كدعوى أصلية ترمي إلى بطلان التبليغ الذي استند إليه حكم قضائي أثار نقاشا فقهيا واسعا في أوساط الفقه المهتم بالقانون الإجرائي.

مبدئيا فالمشرع المغربي لم ينص على عدم جواز تقديم دعوى بطلان حكم قضائي استنادا إلى اختلال الإجراءات المسطرية المتعلقة بالتبليغ[64]، وهذا عكس ما ذهبت إليه بعض التشريعات المقارنة كما هو الشأن بالنسبة للمشرع الفرنسي والذي نص بشكل صريح على عدم إمكانية الطعن في إجراءات التبليغ عن طريق اللجوء إلى رفع دعوى أصلية وذلك بمقتضى الفصل 460 من قانون المرافعات الفرنسي.

وذهب اتجاه فقهي[65] إلى اعتماد تفرقة بين نوعين من الأحكام، وهما الأحكام الباطلة والأحكام المعدومة، بحيث إن هذه الأخيرة لا يلزم رفع دعوى ببطلانها، بل يكفي إنكارها والتمسك بعدم وجودها، وذلك لكونها تفتقد لأحد الأركان الأساسية التي يقوم عليها أي حكم قضائي كانعدام التبليغ مثلا.

فيما ذهب اتجاه فقهي آخر[66] إلى عدم إمكانية الطعن في التبليغ بواسطة دعوى أصلية على اعتبار أن استقرار الحقوق يتطلب احترام حجية الأحكام، ومن ثم لا يمكن الطعن فيها إلا بالطرق المحددة قانونا، فبمجرد انقضاء آجال الطعن تكتسب قوة الأمر المقضي به وتصبح غير قابلة لأي طعن.

ومن التطبيقات القضائية التي تناولت هذه النقطة بالمعالجة هناك حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط قضى بما يلي: “حيث إن الطعن في تبليغ الحكم يجب أن يقدم على شكل دفع أمام محكمة الاستئناف التي يبقى لها صلاحية البت فيه، فإذا ثبت لها بطلان التبليغ أمكنها قبول الاستئناف ولو خارج الأجل، وحيث إن ما دفع به المدعون من كون وجود ملف التبليغ بالمحكمة الابتدائية لا يرتكز على أساس من الصحة لأنه لا يوجد ما يمنع محكمة الاستئناف من الإطلاع على ملف التبليغ إذا كان موجودا بالمحكمة الابتدائية.[67]

خاتمة

إن مشرع مدونة الأسرة بتنظيمه لما هو موضوعي وما هو إجرائي تحكم فيه هاجس تخطي الثغرات التي من شأنها أن تعترض تفعيل المقتضيات المنصوص عليها في مدونة الأسرة والرفع من سرعة البت في القضايا.

غير أن الإزدواجية بين ما هو موضوعي وما هو إجرائي في المدونة أفرزت إشكاليات اعترضت القضاء عند تطبيقه لهذه النصوص، كما أن إلزام القضاء بالبت في بعض القضايا داخل أجل معين اصطدم بضرورة مراعاة الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في ق.م.م، هذه الأخيرة التي لا تسعف غالبا في احترام الآجال المنصوص عليها في م.س، ولتجاوز هذه الإشكاليات نقترح ما يلي:

– التزام القضاء بتفعيل قواعد التبليغ الشخصي المنصوص عليها في المادتين 43 و81 من م.س.

– ضرورة التدخل التشريعي بنص صريح يبين قواعد التبليغ التي تخضع لها مساطر التطليق بهدف توحيد التوجهات القضائية بهذا الصدد.

– إعادة النظر في مؤسسة المفوض القضائي وتكوينهم بما يساهم وتحقيق الغاية من مسطرة التبليغ

– إحداث محاكم الأسرة حتى يصبح رئيس القسم رئيسا للمحكمة، ويكون بذلك مختصا بالنظر في الأمور المستعجلة الخاصة بالأسرة.

[1] – حبيبة التايس، التبليغ القضائي وأثره على سلامة الإجراءات المسطرية، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد 5 ماي 2005، ص 41.

[2] – أستاذنا عبد العزيز حضري، القانون القضائي الخاص، الطبعة الثالثة 2003، مطبعة الجسور، وجدة، ص 302.

[3] – ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية المغير والمتمم بالقانون 03-72 المحرر بالرباط في 12 ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004).

[4] – ظهير شريف رقم 22-4-1 صادر في 3 فبراير 2004 بتنفيذ القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة منشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 1 فبراير 2004.

[5] – الطي، غلاف يسلم مختوما للمعني بالأمر يحتوي على عدة بيانات ترقم الملف وطابع المحكمة وتاريخ تسليم الطي وتوقيع عون التبليغ.

[6] – عبد الحميد أخريف، محاضرات في القانون القضائي الخاص، طبعة 2001-2002 مطبعة المعارف الليدوفاس، ص 217

[7] – التهامي القائدي، قراءة نقدية لبعض فصول مدونة الأسرة، مجلة البحوث، العدد الخامس، دجنبر 2006، ص 43.

[8] – الحسن بويقين، أسباب عدم نجاح مسطرة الصلح في النظام القضائي المغربي والمسائل الكفيلة بتفعيل هذه المسطرة أمام القضاء المدني، مجلة القضاء والقانون عدد 149 السنة الواحد والثلاثون، ص 62 وما بعدها.

[9] – ظهير شريف رقم 413-59-1 بتاريخ 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر، ص 46-51

ينص الفصل 362 على ما يلي: “من توصل بغير حق إلى تسلم إحدى الوثائق المنصوص عليها في الفصل السابق (ف 360) ….يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من مائتين إلى ثلاثمائة درهم….”.

[10] – سفيان ادريوش، دور النيابة العامة في مدونة الأسرة، مجلة القضاء والقانون، العدد 150 السنة الثانية والثلاثون، ص 159

[11] – الفقرة الثانية من الفصل 37 من ق.م.م.

[12] – رشيد حوبابي، أحكام التبليغ في القانون المغربي والمقارن، مكان التبليغ، مجلة الإشعاع، العدد 29 غشت 2004، ص 178

[13] – نفسه، ص 178 و179

[14] – شهادة التسليم وثيقة ترفق بالاستدعاء تتضمن وجوبا اسم وعنوان وتوقيع الطرف الذي سلم إليه الاستدعاء إلى جانب تاريخ وقوعه، ورقم ملف التبليغ، ويجب على عون التبليغ ملئ هذه الوثيقة بدقة وإعادتها إلى المحكمة حيث تعد الوثيقة الاساس لمراقبة صحة التبليغات.

[15] – رشيدة حليمي، إشكاليتي مسطرة الطلاق والتطليق في مدونة الأسرة، إشكالية تطبيق مدونة الأسرة بعد مرور سنتين على دخولها حيز التنفيذ، البرنامج الثقافي للودادية الحسنية الجهوية لقضاة فاس، تازة 2006، مقالة غير منشورة ص 9.

[16] – حكم صادر عن المحكمة الابتدائية قسم قضاء الأسرة بفاس عدد 3146 في الملف رقم 58/03/2005 بتاريخ 17-07-2007، (غير منشور).

[17] – حكم صادر عن المحكمة الابتدائية ـ قسم قضاء الأسرة ـ بالناظور عدد 1645-06 في الملف رقم 914-05 بتاريخ 13/12/2006، (غير منشور).

[18] – سفيان دريوش، مرجع سابق، ص 151.

[19] – عرف المشرع المغربي الموطن في الفصل 519 من ق.م.م بما يلي: “يكون موطن كل شخص ذاتي هو محل سكناه العادي ومركز أعماله ومصالحه.

إذا كان للشخص موطن بمحل ومركز أعماله بمحل آخر اعتبر مستوطنا بالنسبة لحقوقه العائلية وأمواله الشخصية بمحل سكناه العادي، وبالنسبة لحقوقه الراجعة لنشاطه المهني بالمحل الذي يوجد به مركز أعماله ومصالحه دون أن يتعرض للبطلان أي إجراء سلم لهذا العنوان أو ذاك”.

[20] – رشيد حوبابي، التبليغ الافتراضي وبعض عوارض التبليغ كمحددات لمدى تأثير إجراءاته على سير الدعوى المدنية والفصل فيها، مجلة القصر، العدد 13، يناير 2006، ص 100.

[21] – نفسه، ص 101.

[22] – قرار عدد 1503 في الملف رقم 2894 / 1 /06/02 أورده رشيد حوبابي، مرجع سابق، ص 101

[23] – إبراهيم بحماني، تنفيذ الأحكام العقارية، الطبعة الرابعة 2001، مطبعة النجاح الجديدة، ص 59.

[24] – محمد الشافعي، أحكام الاسرة في م.ح.ش الطبعة الرابعة 2001 المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش ص 102

– محمد بن معجوز، أحكام الاسرة في الشريعة الإسلامية وفق م.ح.ش الجزء الأول، طبعة 1994 مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ص 58.

[25] – قرار المجلس الأعلى عدد 2738 في الملف المدني 389/89 بتاريخ 18 مارس 1992 أشار إليه محمد بفقير مبادئ التبليغ على ضوء قضاء المجلس الأعلى، بدون ذكر سنة الطبع، مكتبة الرشاد، سطات، ص 72

[26] – قرار المجلس الأعلى عدد 1206 في الملف التجاري عدد 1416/3/1/2002، منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العد 3، ص 105.

[27] – محمد بفقير، مرجع سابق، ص 74

[28] – ظهير شريف رقم 194-103 صادر في 11 شتنبر 2003 بتنفيذ القانون رقم 99-65 المتعلق بمدونة الشغل منشور بالجريدة الرسمية عدد 5167بتاريخ 8 دجنبر 2003،ص3969

[29] – انظر هذه الاتجاهات عند محمد بفقير، مرجع سابق، ص 84 وما بعدها

[30] – انظر الفقرتين الثالثة والرابعة من الفصل 39 ق.م.م

[31] – محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، الجزء الثاني، انحلال ميثاق الزوجية، الطبعة الأولى 2006، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص 109.

[32] – حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية قسم قضاء الأسرة ببني ملال رقم 1616/2006 في الملف رقم 719/2006 بتاريخ 21/12/2006، (غير منشور)

[33] – حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية قسم قضاء الأسرة ببني ملال في الملف عدد 06/06 بتاريخ 25/04/2006، (غير منشور)

[34] – حكم صادر عن ابتدائية الناظور قسم قضاء الأسرة عدد 349 في الملف رقم 1578-06 بتاريخ 13/06/2007، (غير منشور)

[35] – حكم صادر عن المحكمة الابتدائية قسم قضاء الأسرة بالناظور عدد 1106 في الملف رقم 223-06 بتاريخ 21/06/2006، (غير منشور.)

[36] – عبد الواحد الرحماني، مسطرة الشقاق في ضوء مدونة الأسرة والعمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث، الأسرة والطفولة، كليةالحقوق بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، السنة الجامعية 2005-2006، ص 43.

[37] – محمد الكشبور، يونس الزهري، حسن فتوح، التطليق بسبب الشقاق في مدونة الأسرة، الطبعة الأولى 2006 مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، ص 101.

[38] – ينص الفصل 41 من ق.م.م على ما يلي: “إذا لم يكن للطرف الذي وقع استدعاؤه لا موطن ولا محل إقامة في دوائر نفوذ محاكم المملكة فإن أجل الحضور يحدد فيما يلي:

– إذا كان يسكن بالجزائر أو تونس أو إحدى الدول الأوربية: شهران

– إذا كان يسكن بدولة إفريقية أخرى أو آسيا أو أمريكا: ثلاثة اشهر.

– إذا كان يسكن بالاقيانوس: أربعة أشهر….”.

[39] – تنص المادة 190 من مدونة الأسرة “…يتعين البت في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل أقصاه شهر واحد”.

[40] – .رشيد حوباجي، أحكام التبليغ في القانون المغربي والمقارن، مكان التبليغ، مرجع سابق، ص 145.

[41] – .عبد الله العبدوني،مسطرة بطلان إجراءات التبليغ في ضوء العمل القضائي المغربي، مجلة كتابة الضبط، عدد مزدوج 4/5، ص 10.

[42] – عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الثاني، دار النهضة العربية، القاهرة 1962، ص 807.

[43] – قرار عدد 301، في الملف المدني عدد 1067/96 بتاريخ 15/01/1997 منشور لدى حسن البكري، إشكالات قانونية في التبليغ من خلال العمل القضائي، جمع وعرض لأهم الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية، الطبعة الأولى 2003، مكتبة الرشاد، سطات، ص 206.

[44] – أحمد أبو الوفا، نظرية الدفاع في قانون المرافعات، طبعة 1991، منشأة المعارف، ص 346.

[45] – .محمد بفقير، مرجع سابق، ص 21.

[46] – .عبيد الله العبدوني، مرجع سابق، ص 11.

[47] – قرار بتاريخ 30/10/1969 أورده رشيد حوبابي، التبليغ الافتراضي وبعض عوارض التبليغ كمحددات لمدى تأثير إجراءاته على سير الدعوى المدنية والفصل فيها، مرجع سابق،ص 132.

[48] – قرار رقم 32، في الملف المدني عدد 701/67 بتاريخ 27/12/78، منشور لدى .حسن البكري، مرجع سابق، ص 59.

[49] – .محمد بفقير، مرجع سابق، ص 24.

[50] – قرار عدد 692، في الملف المدني عدد 7201/87، بتاريخ 25/03/1992، منشور بمجلة رسالة المحاماة عدد 9، ص 78.

[51] – محمد بفقير، مرجع سابق، ص 33.

[52] – عبيد الله العبدوني، مرجع سابق، ص 19.

[53] – .أحمد جدوي، تبليغ الأحكام من أجل ممارسة الطعن وتبليغها من أجل التنفيذ وجزاء الإخلال بذلك، مجلة المحامي، العدد 46، ص 128.

[54] – قرار عدد 92، في الملف المدني عدد 3631/86 بتاريخ 14/1/1992، منشور لدى .حسن البكري، مرجع سابق، ص 170.

[55] – قرار صادر عن غرفة الأحوال الشخصية والميراث بمحكمة الاستئناف بالجديدة، في الملف رقم 223/80، بتاريخ 7/3/1983، نشره حسن البكري، مرجع سابق، ص 94.

[56] – قرار المجلس الأعلى عدد 1057 في الملف رقم

[57] – .أحمد جدوي، مرجع سابق، ص 128.

[58] – قرار عدد 1556، في الملف المدني 97475، بتاريخ 25 يونيو 1986، منشور لدى .حسن البكري، مرجع سابق، ص 118.

[59] – حكم عدد 1536 في الملف عدد 1897/99، أورده أحمد بدوي، مرجع سابق، ص 145

[60] – .عبد العالي الحضراوي، مرجع سابق، ص 27.

[61] – قرار عدد 413، في الملف عدد 94623 بتاريخ 1994/05/01 أورده عبد الله العبدوني، مرجع سابق، ص 21

[62] – قرار محكمة الاستئناف بالبيضاء، عدد 683، ملف 85/412 بتاريخ 10/09/85، منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 46، ص 853.

[63] – قرار عدد 1345، ملف مدني 92404، بتاريخ 27/07/1983، منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 37، ص 51.

[64] – عبيد الله العبدوني، مرجع سابق، ص 23

[65] – ذأحمد أبو الوفا، مرجع سابق، ص 567

[66] – ذ.عبيد الله العبدوني، مرجع سابق، ص 23.

[67] – حكم رقم 144 في الملف عدد 7/293/97 بتاريخ 86/05/98، أورده عبيد الله العبدوني، مرجع سابق، ص 24.

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.