مقال يوضح حق الأولوية في الشراء لفائدة الدولة والمؤسسات العمومية المخولة قانوناً بتونس.

بقلم السيد : عماد حميد متفقد بإدارة الملكية العقارية

هو حق قانوني إستثنائي موظف على العقارات دون المنقولات مفاده إستفادة صاحبــه بأسبقية قانونية على غيره في شراء العقار المزمع بيعه من طرف مالكه بما يفرض على هـــذا الأخيـر عرض مشروع بيعه للعقار المذكور لزاما على المنتفع بذلك الحق قبل غيره .

و نظرا لما عرفته البلاد التونسية في مستهل الحيز الثاني من القرن الماضي من توسع سكني

و تغيير نوعي في إقتصاد البلاد ميزه تراجع القطاع التعاضدي لفائدة القــطاع الخــاص مما أمـــلى علــــى المشرع التونسي سنوات السبعين التدخل لبعث سياسة تعميرية تتفاعل مع نسق النمو الديمغرافي و تحديث المادة القانونية المنظمة لقطاع التعمير و الإسكان بغاية تمكين الدولة من توفير الــرقعة العقــارية لمساعدة باعثي المشاريع القانونية على تحقيق مشاريعهم المندرجــة ضمن مخططـــات التنمية و كذلك النهوض بالقطاع الفلاحي .

في هذا الإطارالعام ، سن حق الأولوية في الشراء كمنظومة قانونية تمكن المستفيد منها حق أفضلية إقتناء الأراضي التي تكون موضوع تفويتات للغير بحيث يكون المفوت للملكية العقارية التي تســرى عليها مقتضيات حق الأسبقية ملزما تحت طائلة بطلان البيع بإعلام ( المستفيد بحق الأولوية ) بإعتزامه التفويت في العقار و النظر في موقفه في أجل معين .

و نظـــرا لأهمية هذا المبدأ القانوني يجدر بنا أن نحدد المستفيدين به و إجـــراءات ممــــارسـاته .

فلغاية النهوض بالقطاع الإقتصادي خص المشروع التونسي الدولة و بعض المؤسسات العمومية الإستفادة بهذا الحق ، غير أنه لمجابهة أزمة السكن آنذاك و تخلي المستعمر عن عديـــد العقارات السكنية مكن المشرع كذلك الأشخاص الطبيعيين و الشركات المدنية ممن تــوفر فيهم الشــــروط القانونية من الإنتفاع بحق الأولوية في الشراء .

لكن مادمنا قد آلينا بهذا العدد تخصيص بحثنا حق الأولوية في الشراء لفائدة الدولة و المؤسسات العمومية المخولة قانونا نلتــزم بحدود الموضـــوع على أن نتعـــرض في عدد لاحق لغيرها من المستفيدين .

و على كل حال فإن الإستفادة من حق الأولوية في الشراء لفائدة الدولة و المؤسسات العموميــة المخولة قانونا إما أن يكون لأسباب إقتصادية ذات مصلحة عامة أو عمرانية .

مما يدعونا و الحالة تلك إلى تحديث المستفيدين القانونيين من حق الأولوية في الشراء و الوقوف على إجراءات ممارسة هذا الحق.

المستفيدين من حق الأولوية في الشراء لأسباب إقتصادية

لغاية تحرير الإقتصاد و التشجيع على المبادرة الخاصة و طمس شبح التعاضد أحدث المشرع التونسي وكالات من صنف المؤسسات العمــومية ذات الصبغة التجـــارية و الصنـــاعية متمتعة بالإستقلال المادي و الإداري ترجع بالنظر إلى وزارات الإشراف ألا وهي :

أ ) الوكالة العقارية للسكنى و السياحية و الصناعية :

في هذا الإطار صدر القانون عدد 21 لسنة 1973 المؤرخ في 14 أفريل 1973 المتعلق بإحداث ثلاث وكالات عقارية و هي الوكالة العقارية للسكنى و الوكالة العقــــــارية السيــــاحية و الوكالة العقارية الصناعية لغاية إقتناء قطع من أراض و تهيئتها ثم التفويت فيها للمستثمــــرين في قطاع السكن و السياحة و الصناعة بحيث خول القانون المذكــور إحــداث محيطات ( لحق الأولوية في الشراء ) لفائدة هذه الوكالات يتم تحديدها بموجب أمـــر و ممـــارسة حقها بالنسبة لكل عــقار يقع داخل هذه المحيطات يكون مووضع تفويت إختياري محددا أجل القيـام بهذا الحق بأربع سنـــوات بتداءا من تاريخ نشر أمر إحداث محيط حق الأولوية في الشــــــراء مع إمكانية التجـــديد فيه لمدة سنتين ( 02 ) مما يفرض على كل مالك يروم التفويت في عقار له كائن داخل محيــــط ممــارسة الحق أن يوجه تصريحا في ذلك إلى والي الجهة الكائن بها العقار يذكر فيـــه خصوصا شــــروط التفويت و ثمنه على أن يتولى الوالي في ظرف 08 أيام توجيه نسخــــة من ذلك التصـــريح إلى الوكالة المعنية التي تتولي بدورها في أجل شهرين إعلام المالك بقرارها إما بشراء العقار بالثمن و الشروط المقترحة و إما بعرضها عليه ثمنا مقدرا من طرفها .

ب ) وكالة التهذيب و التجديد العمراني

أحدث بموجب القانون عدد 69 لسنة 1981 المؤرخ في غرة أوت 1981 حيــث ينص الفصـــل الأول أنها مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري تسمى وكالة التهذيب و التجديد العمراني يعهد لها القيام بالأشغال اللازمة لتحسين ظروف السكن في بعص الأحياء و التمكين من إستعمال أحسن لبعض المقاسم العمرانية و يكون عليها إنجاز لبرنمــاج تجهيــــزات أساسيــــة و تجهيزات جماعية و برنامج بناء و ذلك طبقا لمثال تهيئة تفصيلي مصادق عليه .

و ينص الفصل الثاني : من القانون المذكور أنه تحدد مناطق تدخل الوكالة بأمر بعد أخــذ رأي وزراء الداخلية و التخطيط و المالية و التجهيز و الإسكان و الجمـــاعات العموميـــة المحلـــية .

أما الفصل الثالث و الرابع منه : فيخول للوكالة إقتناء الأراضي و العقارات الــــلازمة لإنجــــاز مهمتها إما بالتراضي أو بإستعمال حق الأولوية في الشراء أو بالإنتزاع كما يمكن لها بطلب من المالكين القيام بتعويض هذه القطع و العقارات في حدود المكاسب العقارية التي على ملـــكــــها .

على أن تمارس الوكالة حقها في بحر 4 سنوات إبتداءا من تاريخ إحداث دائرة التدخل العقاري و ذلك حسب نفس الشروط المضبوطة بالقانون عدد 21 لسنة 1973 المؤرخ في 14 أفريل 1973 المتعلق بتهيئة المناطق السكنية و السياحية و الصناعيةو يمكن التمديد في تلك المدة لعامين(02 )

ج ) وكالة الإصلاح الزراعي

أحدثت بموجب القانون عدد 17 لسنة 1977 المؤرخ في : 16 مارس 1977 المنقح بالقانون عدد 29 لسنة 2000 المؤرخ في 06 مارس 2000 بهــــــدف إعادة التنظيــــم العقاري داخل المناطق العمومية السقوية مما يجعل مردودها متماشيا مع أهميتـــها و ذلك في إطار السياسة الإقتصاديـــة للدولة وسعيها على النهوض بالقطالع الفلاحي .

حيث تنص النقطة السابعة ( جديدة ) من الفصل الثاني على أن الوكالة المذكورة تعنـــــى بتطبيق الإصلاح الزراعي بالأراضي الكائنة داخل منطقة الري التابعة للمنطقة السفلى من وادي مجــردة و إنجاز عمليات التهيئة العقارية في المناطق السقوية المجهزة من طرف الخواص و المناطــــــق البعلية ذات الطاقات الفلاحية الهامة و كذلك متابعة الإحياء بالمناطق العمومية السقوية و إنجـاز كل مهمة تهدف إلى دعم الهياكل العقارية الفلاحية التي يمكن أن تكلفها بها الدولة .

أما الفصل الثاني مكرر فينص على أنه تخضع كل إحالة بعوض أو بدونه لعقارات كائنة بدوائر تدخل الوكالة العقارية الفلاحية إلى ترخيص مسبق من والي الجهة التي يوجد بدائرتها العــــقار موضوع الإحالة طبقا للشروط المنصوص عليها بأمر 04 جوان 1957 المتعلق بالعمليـــــــات العقارية .

في حين ينص الفصل 14 مكرر على أنه يتم إنجاز عمليات التهيئة العقارية المــــنصوص عليها بالفصل 2 ثامنا و تاسعا من هذا القانون ضمن دوائر تدخل عقاري فــــلاحي تحدث بقــــرار من الوزير المكلف بالفلاحة بعد الإطلاع على رأي اللجنة الوطنية الإستشـــــارية للتهيئة العقـــــارية الفلاحية و ذلك بطلب أغلبية المالكين لمساحات تمثل نصف مساحة المناطق السقوية المجهزة من طرف الخواص على الأقل و 75 % من مساحة المناطق البعلية ذات الطاقات الفلاحية الهامة إذا كانت هذه المناطق موضوع مشاريع عمومية للتنمية .

كما خول القانون لتلك الوكالة حق إقتناء الأراضي اللازمة لإنجاو مهامها و الداخلة في المناطق العمومية السقوية إما بالتراضي أو بإستعمال حق الشفعة في أجل سنة واحدة إبتداءا من تـــاريخ التعاقد بكتب ثابت التاريخ أوبممارسة .

حق الأولوية في الشراء بناء على تصريح يوجهه المالك إلى والي الجهة الذي يتـــــولى توجيهه بدوره في طرف (08 ) أيام إلى الوكالة .

د) المستفيدون من حق الأولوية لأسباب عمرانية

حيث خول الفصل 30 من مجلة التهيئة الترابية و التعمير الصادرة بموجب القانون عدد 22 لسنة 1994 المؤرخ في 28 أفريل 1994 لفائدة الدولة و الجماعات العمومية المحلية و الـــــــوكالات العقارية للسكنى و السياحة و الصناعة إحداث دوائر للتدخل العقاري لغاية التهذيب و التجـــديد العمراني لإنجاز برامج تهيئة طبقا لمثال التهيئة العمراني و الأمثلة التوجيهية .

كما خول لها الفصل 40 من نفس المجلة إحداث دوائر للمخدرات العقارية لغاية إنجاز عمليات تعمير في المستقبل خارج المناطق المغطاة بمثال التهيئة العمرانية و طبقا للأمثلة التوجيهية إن وجدث و يتم تحديد هذه الدوائر بأمر بناء على إقتراح من الوزير المكلف بالتعمير بعد أخذ رأي الوزير المكلف بالتهيئة الترابية و الجماعات العمومية المحلية المعنية و وزير أملاك الـــدولة و الفلاحة و لغاية تحقيق المطلوب خولت مجلة التهيئة الترابية و التعمير هذه الذوات المعنويــــة ممارسة حق الأولوية في الشراء مدة 4 سنوات بداية من تاريخ صدور الأمر المحدث لــــدائرة التدخل من إمكانية التمديد بـ( 02 ) سنين آخرين .

و مدة 4 سنوات بخصوص منطقة المدخرات العقارية منذ تاريخ صدور الأمر بخصوص دائرة المدخرات العقارية مع إمكانية تجديد كامل المدة لمرة واحدة .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت